موسوعة الإمام الخوئي

السيّد محمّد تقي الخوئي

خصوصاً (*) (١) في صورة كون الشبهة من طرفه والزِّنا من طرفها ، من جهة الخبر (**) (٢) الوارد في تدليس الأُخت التي نامت في فراش أُختها بعد لبسها لباسها.

[٣٧٨٦] مسألة ٥٠ : الأقوى جواز الجمع بين فاطميتين ، على كراهة (٣). وذهب جماعة من الإخبارية إلى الحرمة

______________________________________________________

وصحيحة زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة بالعراق ثم خرج إلى الشام فتزوّج امرأة أُخرى فإذا هي أُخت امرأته التي بالعراق ، قال : «يفرّق بينه وبين المرأة التي تزوجها بالشام ، ولا يقرب المرأة العراقية حتى تنقضي عدّة الشامية» (١).

إلّا أنّ هاتين المعتبرتين أجنبيتان عن محلّ الكلام ، إذ أنّهما إنّما تدلّان على عدم جواز وطء الأُخت الأُولى حتى تنقضي عدّة الثانية ، وهو أجنبي عن جواز التزوّج بالأُخت الثانية في فترة عدّة الاولى وعدمه.

وعلى هذا فحيث لا دليل على المنع ، فمقتضى القاعدة هو الجواز وإن لم يجز له مقاربتها ؛ نظير ما هو ثابت في الحائض والنفساء حيث يجوز التزوّج منهن في حين لا يجوز وطؤهن.

(١) الظاهر أنّ وجه الخصوصية هو تخيّل انحصار الدليل بصحيحة بريد العجلي فإنّ موردها كون الشبهة من طرف الرجل خاصة. لكنك قد عرفت أنّ الدليل غير منحصر فيها ، ومن هنا فلا وجه للخصوصية لو سلّمنا أصل الحكم.

(٢) وهو صحيح بريد العجلي المتقدم.

(٣) لرواية محمد بن أبي عمير عن رجل من أصحابنا ، قال : سمعته يقول : «لا يحلّ لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) ، إنّ ذلك يبلغها فيشقّ

__________________

(*) لم يظهر وجه للخصوصية.

(**) الخبر صحيح ، ومثله صحيح زرارة بن أعين في الدلالة على هذا الحكم وإن كان مورده غير صورة التدليس.

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢٦ ح ١.

٣٦١

.................................................................................................

______________________________________________________

عليها» ، قلت : يبلغها؟ قال : «إي والله» (١).

وهذه الرواية مروية بطريقين : فقد رواها الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن ، عن السندي بن ربيع ، عن محمد بن أبي عمير ، عن رجل من أصحابنا (٢). ورواها الصدوق عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن حماد ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ... الحديث (٣).

والرواية على كلا الطريقين ضعيفة سنداً.

أما الطريق الأول فلأن فيه السندي بن الربيع ، وهو ممن لم يرد فيه توثيق إلّا في بعض نسخ رجال الشيخ (قدس سره) غير أنّه من غلط النساخ جزماً ، فإنّ أكثر نسخ الرجال خالية من التوثيق له. ويشهد لذلك أنّ العلّامة وابن داود قد ذكرا أنّه مهمل (٤) والحال أنّ رجال الشيخ (قدس سره) بخطه كان عند ابن داود ، على ما صرح به غير مرّة في كتابه (٥). وعلى تقدير الالتزام بوثاقة الرجل ، فالرواية مرسلة لا مجال للاعتماد عليها وإن كان مرسلها ابن أبي عمير.

وأما الطريق الثاني فكلّ من في السند من الثقات باستثناء محمد بن علي ماجيلويه ، فإنّه لم تثبت وثاقته. نعم ، هو من مشايخ الصدوق (قدس سره) ، غير أننا قد ذكرنا غير مرة أنّه لا ملازمة بين كون الشخص شيخاً للصدوق وبين وثاقته ، فإنّه (قدس سره) يروي عن النواصب أيضاً كالضبي. ومن هنا فالطريق الثاني ضعيف أيضاً.

وعليه فلا تصلح الرواية دليلاً للكراهة فضلاً عن البطلان والحرمة. نعم ، بناء على التسامح في أدلّة السنن لا بأس بجعلها دليلاً للكراهة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤٠ ح ١.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٦٣ / ١٨٥٥.

(٣) علل الشرائع : ٥٩٠.

(٤) رجال العلّامة ، لم نعثر على ترجمته في رجال العلّامة. رجال ابن داود : ١٠٧ رقم ٧٣٦.

(٥) رجال ابن داود : ١٠٧ رقم ٧٣٦.

٣٦٢

والبطلان بالنسبة إلى الثانية (١) ومنهم من قال بالحرمة دون البطلان ، فالأحوط الترك. ولو جمع بينهما فالأحوط طلاق الثانية أو طلاق الاولى وتجديد العقد على الثانية بعد خروج الاولى عن العدّة ، وإن كان الأظهر على القول بالحرمة عدم البطلان ، لأنّها تكليفية ، فلا تدلّ على الفساد (٢).

ثم الظاهر عدم الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطمياً أو لا (٣). كما أنّ الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطمية من طرف الأبوين أو الأب ، فلا تجري في المنتسب إليها صلوات الله عليها من طرف الام (٤) خصوصاً إذا كان انتسابها إليها بإحدى الجدّات العاليات.

______________________________________________________

ومما يؤيد ما ذكرناه أنّه لم يتعرّض لهذه المسألة أحد من أصحابنا قبل صاحب الحدائق (قدس سره) ، على ما ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) (١) فإنّ ذلك إنّما يكشف عن كون المسألة مغفولة عنها ومسلّمة الجواز. كما تقتضيه السيرة أيضاً فإنّ أكثر من يتزوج بأكثر من زوجة واحدة إنّما يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة ، ولا أقلّ من جهة الأُم في نفسها أو في أجدادها وجدّاتها ، فإنّ عنوان ولد فاطمة (عليها السلام) شامل لمثل هذه أيضاً وإن كان عنوان الفاطميتين لا يشملها ، إلّا أنّ ذلك لا يضر شيئاً لأنّ المذكور في الرواية إنّما هو الأوّل دون الثاني.

(١) اختاره صاحب الحدائق (قدس سره) (٢).

(٢) كما يظهر من التعليل المذكور في النص أيضاً ، إذ إنّ وقوع سيدة النساء (عليها السلام) في المشقة فرع صحة العقدين معاً ، وإلّا فلو كان العقد الثاني باطلاً لكانت الثانية أجنبية ولحرمت عليه مقاربتها ، فلا يتحقق الجمع كي تتأذى (عليها السلام) ، والحال إنّه خلاف مفروض الرواية.

(٣) لإطلاق الدليل.

(٤) وقد تقدم ما فيه من الإشكال بل المنع ، فإنّه إنّما يتم فيما إذا كان المذكور في

__________________

(١) الجواهر ٢٩ : ٣٩٢.

(٢) الحدائق ٢٣ : ٥٥٩.

٣٦٣

وكيف كان ، فالأقوى عدم الحرمة وإن كان النص الوارد في المنع صحيحاً (*) (١) على ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن حماد ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «لا يحلّ لأحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) إنّ ذلك يبلغها فيشقّ عليها». قلت : يبلغها؟ قال (عليه السلام) : «إي والله» وذلك لإعراض المشهور عنه ، مع أن تعليله ظاهر في الكراهة (٢). إذ لا نسلم أنّ مطلق كون ذلك شاقّاً عليها إيذاءً لها (٣) حتى يدخل في قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «من آذاها فقد آذاني».

______________________________________________________

النص هو المنع عن الفاطميتين ، فإنّه ظاهر في المنتسبة بالأبوين أو الأب خاصة. إلّا أنّ المذكور في النص ليس ذلك ، وإنّما هو المنع عن الجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (عليها السلام) ، وهو شامل للمنتسبة من جهة الأُم على حدّ شموله للمنتسبة من جهة الأبوين ، كما هو أوضح من أن يخفى.

(١) قد عرفت ضعفه بمحمّد بن علي ماجيلويه شيخ الصدوق (قدس سره).

(٢) إذ لو كان دالّاً على التحريم لكان لازمه القول بحرمة كل ما يلزم منه إيذاء سيدة النساء (عليها السلام) كطلاق الفاطمية ، أو الجمع بين الفاطمية وغيرها إذا كان نكاح غير العلوية متأخراً والحال إنّه لا يمكن لفقيه الالتزام به.

(٣) بل حتى ولو فرض كونه إيذاءً لها ، فإنّه لا دليل على حرمة الفعل المباح المقتضي لإيذاء المؤمن قهراً ، على ما ذكرنا في محلّه. وحيث إنّ المقام من هذا القبيل لأنّ التزوّج بالثانية أمر مباح في حدّ نفسه ، فمجرد تأذي فاطمة (عليها السلام) لا يقتضي حرمته.

ومما يدلّ عليه أنّه لو كان حراماً لظهر وبان لابتلاء الناس به كثيراً ، فكيف ولم يتعرض له فقيه إلى زمان صاحب الحدائق (قدس سره) أو قبله بقليل!! على أنّ مقتضى قوله (عليه السلام) : «من ولد فاطمة» هو حرمة الجمع بين

__________________

(*) النص غير صحيح لأنّ في سنده محمّد بن علي ماجيلويه وهو لم يوثّق ، ومجرّد كونه شيخاً للصدوق لا يدلّ على وثاقته ، وعليه فالحكم بالكراهة مبنيّ على قاعدة التسامح.

٣٦٤

[٣٧٨٧] مسألة ٥١ : الأحوط ترك تزويج الأَمة دواماً مع عدم الشرطين (١) :

______________________________________________________

الاثنتين من المنتسبات إلى فاطمة (عليها السلام) ولو من جهة الأُم خاصة ، وهو مما لم يلتزم به حتى الأخباريين فإنّهم قد خصّوا الحكم بالجمع بين الفاطميتين. فإنّ هذه الأُمور مما يدلّ على كون الحكم لو تمّ سند الرواية هو الكراهة دون الحرمة.

(١) ذهب إليه أكثر المتقدمين وجمع من المتأخرين ، في حين نسب المحقق (قدس سره) إلى الأشهر القول بالجواز مطلقاً مع الكراهة (١).

وكيف كان فليس الحكم متسالماً عليه بين الأصحاب ، لكن الظاهر أنّ الصحيح هو ما اختاره الماتن (قدس سره) ، وذلك لقوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢). فإنّ هذه الآية الكريمة بصدرها تدلّ على اعتبار عدم الطول ، وبذيلها على خشية العنت ، فتكون مقيدة لقوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) المذكور بعد ذكر المحرمات.

ولجملة من النصوص المعتبرة سنداً ، كصحيحة زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج الأَمة ، قال : «لا ، إلّا أن يضطر إلى ذلك» (٣).

ومعتبرة يونس بن عبد الرّحمن عنهم (عليهم السلام) ، قال : «لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الأَمة إلّا أن لا يجد حرّة» (٤).

__________________

(١) الشرائع ١ : ٣٣٩.

(٢) سورة النساء ٤ : ٢٥.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤٥ ح ١.

(٤) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤٥ ح ٢.

٣٦٥

من عدم التمكّن من المهر للحرّة (١) وخوف العنت

______________________________________________________

ومعتبرة أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الحر يتزوج الأَمة ، قال : «لا بأس إذا اضطرّ إليها» (١) وغيرها من الأخبار.

والحاصل أنّ مقتضى الآية الكريمة وهذه النصوص المعتبرة هو عدم جواز التزوّج من الأَمة إلّا مع عدم الطَّول وخشية العنت. وما ذكر من الإشكالات على دلالة الآية الكريمة والنصوص ، واضحة الدفع فلا حاجة للتعرض إليها.

(١) وهذا التفسير وإن ورد في رواية ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم ، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزّ وجلّ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) والطَّول المهر ، ومهر الحرّة اليوم مثل مهر الأَمة أو أقل» (٢).

إلّا أنّه لا دليل عليه ، فإنّ هذه الرواية ضعيفة السند فلا يلتفت إليها ، وليس في غيرها ما يدلّ على ذلك. فلا بدّ من الرجوع إلى معناه العرفي ، وهو السعة والقدرة والمكنة على ما يشهد له استعماله في هذه المعاني في قوله تعالى (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) (٣). فإنّه ليس المراد به الأثرياء وأصحاب الأموال خاصة ، وإنّما المراد المتمكنون من الجهاد والقادرون عليه.

وقوله تعالى (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٤).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤٥ ح ٣.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤٥ ح ٥.

وفي الهامش ما نصه : في نسخة «لا بأس» وفي التهذيب وبعض نسخ الكافي «لا ينبغي» وفي بعضها «لا بأس» ....

(٣) سورة التوبة ٩ : ٨٦.

(٤) سورة غافر ٤٠ : ٣.

٣٦٦

بمعنى : المشقة أو الوقوع في الزنا (١) بل الأحوط تركه

______________________________________________________

ومن هنا فلا خصوصية للمهر ، وإنّما العبرة بعدم القدرة على التزوّج بالحرة على الإطلاق. وعليه فلو فرضنا كون الحر قادراً من جهة المال وعاجزاً من جهة أُخرى لأجل الضعة في النسب أو العمل أو الخلق وما شاكلها ، جاز له التزوّج بالأَمة ، لصدق عدم التمكّن من التزوّج بالمحصنة.

والحاصل أنّ تقييد الطول بالمهر كما في كلام الماتن (قدس سره) وغيره لم يعرف له وجه ، والصحيح اعتبار عدم القدرة والمكنة مطلقاً ، من حيث المهر كان أم من غيره.

(١) وهذا التفسير بظاهره واضح الفساد ، فإنّ خوف العنت من الأُمور النفسانية فلا يمكن تفسيره بما هو من الأُمور الخارجية ، كالمشقة والوقوع في الزنا. إلّا أنّ الظاهر أنّ عبارته (قدس سره) لا تخلو من المسامحة ، وأنّه إنّما يريد تعريف العنت نفسه لا خوف العنت الذي هو من الأُمور النفسانية.

وكيف كان ، فإنْ كان مراده (قدس سره) أنّ العنت عبارة عن الجامع بين المشقة والوقوع في الزنا ، بحيث يصدق العنت على كل واحدة منهما ، فهو مما لم يثبت بدليل بل هو مخالف للمذكور في كتب اللغة وظاهر قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) (١) وغيره من الآيات الكريمة. فإنّ الظاهر من هذه اللفظة إنّما هو الشدّة والمشقّة ، ومن هنا فلا يشمل خوف الوقوع في الزنا اختياراً ، فإنّ الفعل لما كان حراماً عليه كان من الواجب عليه تركه ، فلا يكون ذلك مسوغاً للتزوج من الأَمة.

فما ذكره (قدس سره) من تفسير العنت بخوف الوقوع في الزنا خلاف الظاهر وبعيد جدّاً ، وأبعد من ذلك ما صنعه صاحب مجمع البيان (قدس سره) من تخصيص العنت بخوف الوقوع في الزنا ، ناسباً إيّاه إلى أكثر المفسرين (٢) ، فإنّه مما لم يدلّ عليه

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٢٠.

(٢) مجمع البيان.

٣٦٧

.................................................................................................

______________________________________________________

دليل ، وخلاف ما هو ثابت في اللغة.

فالصحيح أنّ العنت ليس اسماً للجامع بين المشقة والوقوع في الزنا ، ولا لخصوص الثاني ، وإنّما هو اسم للمشقة والشدّة ، كما يشهد له ذيل الآية المباركة أعني قوله تعالى (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فإنّه مما يؤيد كون المراد بالعنت هو الشدّة ، إذ الصبر إنّما هو تحمّل الشدّة والمشقة. هذا مضافاً إلى أنّ الحمل على الجامع يحتاج إلى الدليل لأنّه معنى مجازي ، إذ اللفظ غير موضوع له حتى بناء على تسليم اشتراك لفظ العنت بين الوقوع في الزنا والشدّة.

ومن هنا فمن غير البعيد أن يكون مراد الماتن (قدس سره) والعلّامة (قدس سره) من ذكر الوقوع في الزنا بعد المشقّة ، بياناً لمرتبة الشدّة والمشقّة. فيكون المعنى على هذا أنّ الشدّة إنّما تسوغ التزوّج من الأَمة فيما إذا بلغت به حداً يقع معه في الزنا وما شاكله من المحرمات كاللواط والاستمناء ما لم يتزوج من الأَمة ، حيث لا طريق له غير ذلك يمكنه دفع شهوته به.

وعلى هذا فلو تمكن من دفع شهوته بطريق محلل غير التزويج من الأَمة كما لو تمكن من وطئها بالملك أو التحليل لم يجز له التزوّج منها ، نظراً لعدم صدق خشية العنت حينئذ.

ثم لو سلمنا اشتراك العنت بين الشدّة والوقوع في الزنا كما ادعاه الماتن (قدس سره) لم يخل ذلك بما ذكرناه ، إذ الآية حينئذ تكون مجملة باعتبار أنّ حمل المشترك على أحد معنييه يحتاج إلى القرينة ، فيتعيّن الرجوع إلى النصوص لتفسيرها ، وقد عرفت أنّ مقتضاها عدم مسوغية مجرد خوف الوقوع في الزنا للتزوج بالأَمة ، بل لا بدّ من تحقق الاضطرار ، فتكون النتيجة ما اخترناه.

والحاصل أنّ العنت بمعنى الشدّة والمشقة ، غير أنّ دفع هذه الشدّة والمشقّة قد ينحصر في الحرام كالزنا وما شاكله ، وقد لا ينحصر به كما لو تمكن من وطئها بالملك أو التحليل. ففي الأول يجوز له التزوّج من الأَمة نظراً لصدق خشية العنت عليه ، في حين لا يجوز له في الثاني لعدم صدق العنوان.

ثم اعلم أنّ موضوع الحكم في النصوص لما كان هو خشية العنت لا العنت نفسه ، لم

٣٦٨

متعة أيضاً (١) وإن كان القول بالجواز فيها غير بعيد (*) (٢).

______________________________________________________

يكن من الواجب على الرجل الصبر حتى يتحقق العنت والمشقة الشديدة خارجاً ، بل يجوز له التزوّج منها متى ما خاف الوقوع في هذه المرتبة من المشقة والاضطرار. ومن هنا يكون مفاد الآية الكريمة متحداً مع مفاد النصوص ، فإنّ بخوف بلوغ هذه المرتبة يتحقق خوف العنت والاضطرار معاً.

وكيف كان ، فقد قيل بالجواز مطلقاً ، بدعوى معارضة هذه الآية المباركة والنصوص الشريفة بجملة من النصوص المعتبرة التي يظهر منها المفروغية عن الجواز ، كالتي دلت على اعتبار إذن مالك الأَمة في التزوّج من الأَمة ، أو إذن الزوجة الحرّة إذا أراد إدخال الأَمة عليها. وحينئذ فلا بدّ من حمل أدلة المنع على الكراهة ولازم ذلك القول بالجواز مطلقاً.

إلّا أنّها كما تراها واضحة الدفع ، فإنّ مجرد إناطة الجواز فيها بشي‌ء لا يقتضي عدم اعتبار شي‌ء آخر فيه ، فلا تكون هذه النصوص معارضة لما تقدم.

إذن فالصحيح هو القول بعدم الجواز مع عدم الشرطين.

هذا وقد نسب صاحب الحدائق (قدس سره) إلى المفيد وابن البراج (قدس سره) القول بأنّ الحرمة في المقام تكليفية محضة ، فلا تنافي صحة العقد ، نظير النهي عن البيع وقت النداء. لكنه أورد عليه بأنّه بعيد جدّاً ، إذ الظاهر من النهي المتعلق بما هو ركن في العقد هو الحرمة الوضعية (١). وما أفاده (قدس سره) هو الصحيح ، فإنّ هذا النهي كالنهي عن تزويج الأُمهات والبنات والأخوات وغيرهن من المحارم ظاهر في الوضعي ، ولا مجال لحملة على التكليفي.

(١) وهو الأقوى ، لإطلاق الأدلة.

(٢) وكأنه لانصراف الآية الكريمة والنصوص إلى الدائمة. إلّا أنّه واضح الفساد فإنّ لفظ النكاح مستعمل في أصل التزوّج ، نظير استعماله في غير هذا المورد من

__________________

(*) فيه إشكال بل منع.

(١) الحدائق الناضرة ٢٣ : ٥٦٥.

٣٦٩

وأمّا مع الشرطين فلا إشكال في الجواز ، لقوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) ... إلى آخر الآية. ومع ذلك الصبر أفضل (١) في صورة عدم خوف الوقوع في الزِّنا.

______________________________________________________

القرآن الكريم ، كقوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) فإنّه لا يحتمل أن يكون المراد به حرمة التزوّج منها دواماً خاصة ، ومن هنا فلا مبرر لدعوى انصراف النكاح في الآية إلى التزوّج الدائم.

ومنه يظهر ما في دعوى انصراف الآية الكريمة إلى النكاح المنقطع ، لظهور قوله تعالى (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) في ذلك ، باعتبار قوله (عليه السلام) في بعض الروايات : «هن مستأجرات».

فإنّ هذه الدعوى باطلة ، إذ المراد بلفظ الأجر في القرآن الكريم إنّما هو المهر لا الأُجرة المصطلحة ، كما يشهد له قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) (١).

إذن فلا وجه للدعويين معاً ، بل الآية المباركة مطلقة وشاملة لكلا القسمين الدائم والمنقطع على حدّ واحد.

وممّا يؤيده خبر محمد بن صدقة ، قال : سألته عن المتعة ، أليس هي بمنزلة الإماء؟ قال : «نعم ، أما تقرأ قول الله (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) إلى قوله (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) فكما لا يسع الرجل أن يتزوج الأَمة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة ، فكذلك لا يسع الرجل أن يتمتع بالأَمة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة» (٢).

(١) لقوله تعالى (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ).

__________________

(١) سورة الممتحنة ٦٠ :

(٢) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب ٤٦ ح ١.

٣٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد أورد عليه في المسالك بما حاصله : إنّه لا يمكن أن يكون ترك التزويج أفضل والحال أنّه مقدمة للزنا المحرم (١).

وقد أجاب عنه صاحب الجواهر (قدس سره) بأنّ ترك التزويج ليس مقدّمة الزنا ، فإنّه فعل اختياري للرجل من دون أن يكون بينهما أي نوع من أنواع المقدمية فقد يتزوج الرجل من الأَمة ويزني ، وقد لا يتزوج ولا يزني (٢).

ومن هنا فقد يقال : إنّ ترك التزويج وإن لم يكن مقدمة للزنا إلّا أنّه ملازم له ، ومن الواضح أنّ المتلازمين لا يختلفان في الحكم الفعلي ، فلا يمكن أن يكون أحدهما مستحباً والآخر حراماً. وعلى هذا الأساس خصّ الماتن (قدس سره) وغيره الحكم باستحباب الصبر بغير فرض خوف الوقوع في الزنا.

إلّا أنّه لا يمكن المساعدة عليه أيضاً ، إذ لا تلازم بين الأمرين أصلاً ، فإنّ من الممكن أن يتزوج الرجل ويزني ، وأن لا يتزوج ولا يزني ، وأن يتزوج ولا يزني ، وأن لا يتزوّج ويزني. وحينئذ فلا مانع من إطلاق الحكم بأفضلية ترك التزوّج من الأَمة.

غير أنّ ما يوجب الإشكال هو أنّ الآية الكريمة إنّما دلت على أفضلية الصبر ، ولم تدلّ على أفضلية ترك التزوّج ، وبينهما بون بعيد. فإنّ استحباب الصبر لا يلازم أن يكون التزويج مكروهاً كي يقال بأنّ تركه أفضل ، وذلك لأنّ الصبر والتزويج ليسا من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، فإنّ هناك ضدّاً ثالثاً لهما هو الزنا. ومن هنا فلا يلزم من كون أحد الأضداد مستحباً كون الآخر مكروهاً كي يكون تركه مستحبّاً أيضاً فمن الممكن أن يكون أحدها مستحباً والآخر مباحاً والثالث حراماً ، كالنافلة والجلوس من دون عمل والزنا.

والحاصل أنّ المستحب إنّما هو الصبر وتحمّل المشقّة الحاصلة بترك التزوّج لا ترك التزوّج نفسه ، كي يرد عليه ما ذكر.

__________________

(١) مسالك الافهام ٧ : ٣٢٦.

(٢) الجواهر ٢٩ : ٣٩٣.

٣٧١

كما لا إشكال في جواز وطئها بالملك (١) بل وكذا بالتحليل (٢) ولا فرق بين القن وغيره (٣).

نعم ، الظاهر جوازه في المبعضة ، لعدم صدق الأَمة عليها (٤) وإن لم يصدق الحرّة أيضاً.

[٣٧٨٨] مسألة ٥٢ : لو تزوجها مع عدم الشرطين ، فالأحوط طلاقها (٥). ولو حصلا بعد التزويج ، جدّد نكاحها إن أراد على الأحوط (٦).

[٣٧٨٩] مسألة ٥٣ : لو تحقق الشرطان فتزوجها ، ثم زالا أو زال أحدهما ، لم يبطل (٧) ولا يجب الطلاق.

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه بين المسلمين ، وتقتضيه جملة من النصوص المعتبرة.

(٢) وهو الصحيح ، بناء على المختار من كونه من مصاديق ملك اليمين.

(٣) لإطلاق الأدلة.

(٤) لكونها مركبة منهما معاً ، فلا يشملها الأحكام الثابتة للحرة بعنوانها أو الأَمة كذلك ، على ما تقدم الكلام فيه مفصلاً في بعض الفروع السابقة. ومن هنا فمقتضى عمومات الحل هو جواز التزوّج منها حتى مع عدم الشرطين ، نظراً لعدم شمول دليل المنع لها.

(٥) وهو إنّما يتم بناء على ما اختاره (قدس سره) من أنّ الأحوط ترك التزويج بالأَمة عند عدم الشرطين ، إذ إنّه حينئذ يحتمل صحة النكاح فلا يجوز تركها معطلة كما يحتمل الفساد فلا يجوز له مقاربتها ، فالأحوط هو الطلاق تخلصاً من المحاذير. وأما بناء على ما اخترناه من فساد العقد ، فلا حاجة في الانفصال إلى الطلاق.

(٦) والوجه فيه ما تقدم ، إذ إنّ الرجل يحتمل فساد العقد وعدم تأثيره فلا يجوز له مجامعتها بعد تحقق الشرطين ، بل لا بدّ له من تجديد النكاح بعد ذلك دفعاً للاحتمال. وأما على ما ذكرناه فتجديد النكاح متعيّن ، للعلم بفساد العقد السابق.

(٧) وقد ذكر في وجهه أنّ الشرطين إنّما هما شرطان في الحدوث خاصة دون الاستمرار. وعليه فإذا تحققا وصحّ العقد في ظرفه ، ثم زالا فشكّ في صحته ، جرى

٣٧٢

[٣٧٩٠] مسألة ٥٤ : لو لم يجد الطول أو خاف العنت ، ولكن أمكنه الوطء بالتحليل أو بملك اليمين ، يشكل جواز التزويج (١).

______________________________________________________

استصحاب الصحة فيه.

وقد أورد عليه في الحدائق بأنّ الفرض خال من النص نفياً أو إثباتاً ، والاستصحاب ليس بحجّة (١).

وكيف كان ، فما أفاده الماتن (قدس سره) هو الصحيح ، لكن لا لاستصحاب الصحة ، بل لدليل نفوذ العقد ، حيث أنّ مقتضاه على ما عرفت غيرة مرّة هو استمرار تأثيره وعدم ارتفاعه ، ما لم يطرأ رافع من موت أو فسخ أو طلاق وما شاكلها.

ثم إنّ ما ذكره صاحب الحدائق (قدس سره) من عدم النص في المقام ، لا يمكن المساعدة عليه بل هو غريب منه (قدس سره) ، فإنّ مقتضى جملة كثيرة من النصوص هو صحة العقد وعدم لزوم الطلاق.

كالنصوص الواردة في جواز نكاح الحرّة على الأَمة من دون حاجة إلى إذنها ومن الواضح أنّ من يتمكن من نكاح الحرّة ، لا يتوفر فيه شرط عدم الطول.

والنصوص الواردة في القسمة ، وأنّ للأَمة قسمة واحدة وللحرّة قسمتان ، فإنّها ظاهرة في وجود الطول والقدرة على نكاح الحرّة.

بل في صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : قضى في رجل نكح أَمة ثم وجد طولاً يعني استغنى ولم يشته أن يطلق الأَمة نفس فيها ، فقضى : «أنّ الحرّة تنكح على الأَمة ، ولا تنكح الأَمة على الحرّة إذا كانت الحرّة أُولاهما عنده وإذا كانت الأَمة عنده قبل نكاح الحرّة على الأَمة ، قسم للحرّة الثلثين من ماله ونفسه يعني نفقته والأَمة الثلث من ماله ونفسه» (٢) التصريح بذلك.

(١) وقد تقدّم الكلام في هذا الفرع في ضمن المسألة الواحدة والخمسين ، وقد عرفت أنّ الأقوى عدم الجواز ، نظراً لعدم صدق خشية العنت.

__________________

(١) الحدائق ٢٣ : ٥٧٦.

(٢) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب القسم والنشوز ، ب ٨ ح ٢.

٣٧٣

[٣٧٩١] مسألة ٥٥ : إذا تمكن من تزويج حرّة لا يقدر على مقاربتها ، لمرض أو رتق ، أو قرن ، أو صغر ، أو نحو ذلك ، فكما لم يتمكّن (١). وكذا لو كانت عنده واحدة من هذه (٢) أو كانت زوجته الحرّة غائبة.

[٣٧٩٢] مسألة ٥٦ : إذا لم تكفه في صورة تحقق الشرطين أَمة واحدة ، يجوز الاثنتين (٣). أما الأزيد فلا يجوز ، كما سيأتي (٤).

[٣٧٩٣] مسألة ٥٧ : إذا كان قادراً على مهر الحرّة ، لكنها تريد أزيد من مهر أمثالها بمقدار يعدّ ضرراً عليه ، فكصورة عدم القدرة (*) ، لقاعدة نفي الضرر (٥) نظير سائر المقامات. كمسألة وجوب الحج إذا كان مستطيعاً ، ولكن يتوقّف

______________________________________________________

(١) لأنّه لا يستطيع طولاً أن ينكح الحرائر ، إذ الشرط ليس هو النكاح بما هو نكاح ، وإنّما الشرط هو النكاح بما فيه من قضاء الشهوة والاستمتاع بها ، كما يظهر ذلك من الآية الكريمة. وحيث إنّ هذا الشرط غير متحقق في الفروض المذكورة ، فلا مانع من التزوّج بالأَمة.

نعم ، لو أمكنه الاستمتاع بها على نحو تندفع شهوته كالتفخيذ وغيره لم يجز له أن يتزوّج من الأَمة.

(٢) لأنّها حينئذٍ بمنزلة العدم فلا تمنع من التزوّج بالأَمة ، لصدق عدم الطول على نكاح الحرّة.

(٣) لإطلاق الدليل ، حيث لم يقيّد بالأَمة الاولى ، فيشمل من كان متزوجاً بالأَمة أيضاً.

(٤) وقد تقدم الكلام فيه أيضاً.

(٥) وفيه ما قد عرفت غير مرة من أنّ دليل «لا ضرر» ناظر إلى الأحكام الإلزامية التي يترتب عليها الضرر ، فلا يشمل مثل المقام الذي ليس فيه حكم إلزامي يترتّب عليه الضرر ، إذ الزوج مخيّر بين الصبر وتحمل الضرر بالتزويج من الحرّة.

__________________

(*) فيه منع ، فإنّ قاعدة نفي الضّرر إنما توجب نفي الإلزام لا صحّة العقد ، والعبرة في عدم جواز العقد على الأمة إنّما هي القدرة على عقد الحرّة ، وهي موجودة هنا.

٣٧٤

تحصيل الزاد والراحلة على بيع بعض أملاكه بأقلّ من ثمن المثل ، أو على شراء الراحلة بأزيد من ثمن المثل فإنّ الظاهر سقوط الوجوب (١) وإن كان قادراً على ذلك. والأحوط في الجميع اعتبار كون الزيادة مما يضرّ بحاله (٢) لا مطلقاً.

______________________________________________________

وبعبارة اخرى : إنّ دليل «لا ضرر» لا يمكنه نفي اشتراط عدم الطول على تزويج الحرّة ، نظراً إلى أنّه إنّما يختص بالأحكام الإلزامية التي يترتب عليها الضرر ، والمقام ليس منه.

ومن هنا فما أفاده الماتن (قدس سره) من جواز التزوّج من الأَمة حينئذٍ مشكل بل ممنوع.

(١) وهو مناقض لما أفاده (قدس سره) في محلّه ، فإنّه (قدس سره) قد تعرض إلى هذه المسألة في المسألة الثامنة من مسائل الاستطاعة في كتاب الحج ، واختار صريحاً عدم سقوط الوجوب بتوقفه على شراء الزاد أو الراحلة بأزيد من ثمن المثل ، أو بيع بعض أملاكه بأقلّ منه ، وذكر أنّ ما عن الشيخ من سقوط الوجوب ضعيف.

وقد ذكرنا هناك أنّ من المحتمل أن يكون وجه ما أفاده (قدس سره) هو أنّ وجوب الحج في نفسه ضرري فلا تشمله قاعدة «نفي الضرر» وإلّا فلما كان مقتضى أدلة وجوب الحج هو الوجوب في صورة الاستطاعة على ما هو المتعارف فلا مانع من شمول قاعدة «نفي الضرر» له ، إذ أنّ طبيعة الحج لا تقتضي الزائد.

(٢) بحيث يبلغ حدّ الحرج ولا يتحمل عادة ، كما لو طلبت جميع ما يملكه ، فإنّه حينئذٍ يجوز له التزوّج من الأَمة ، نظراً لعدم صدق السعة والقدرة على التزوّج من الحرّة ، كما هو واضح.

إلى هنا ينتهي الجزء الأوّل من كتاب النكاح ، وسيتلوه الجزء الثاني إن شاء الله تعالى مُبتدأً بـ (فصل : الأقوى جواز نكاح الأَمة على الحرّة مع إذنها).

وكان الفراغ من تسويده في اليوم العشرين من شهر ربيع الأوّل سنة ألف وأربعمائة واثنين من الهجرة النبوية على مهاجرها آلاف التحية والسلام.

والحمد لله أوّلاً وآخراً

٣٧٥
٣٧٦

الفهرس الموضوعات

٣٧٧
٣٧٨

الفهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

النِّكاح

أدلّة استحباب النكاح........................................................ ٣

أقسام النكاح المحرم وغير المحرم................................................ ٥

الأمور المستحبة عند إرادة التزويج............................................. ٦

الأمور المكروهة عند إرادة التزويج............................................. ٧

صفات المرأة التي يراد التزويج بها.............................................. ٧

الأمور المستحبة عند الدخول على الزوجة...................................... ٨

ما يستحب عند الجماع...................................................... ٩

ما يكره عند الجماع........................................................ ١٠

ما يجوز للرجل النظر إليه من المرأة التي يريد التزوّج بها......................... ١١

مسوغات النظر إلى جسدها................................................. ١٥

جواز نظر المرأة إلى الرجل................................................... ٢٠

جواز النظر إلى الجارية التي يراد شراءها....................................... ٢١

جواز النظر إلى نساء أهل الذمّة.............................................. ٢٣

٣٧٩

جواز النظر إلى نساء الكفّار................................................. ٢٥

ما يُراد من قوله تعالى : (ولا يُبدينَ زِينتَهُنَّ ... أو ما مَلَكَتْ أَيْمانُهنَّ).......... ٣٠

جواز نظر الزوج والزوجة إلى جسد الآخر حتى العورة......................... ٣٤

ما يجوز للخنثى النظر إليه من الرجل والمرأة................................... ٣٥

ما يجوز النظر إليه من الأجنبية............................................... ٣٦

ما يجوز النظر إليه من الأجنبي................................................ ٣٧

جواز النظر إلى وجه المرأة ويداها وعدمه...................................... ٤٠

جواز النظر إلى المحارم النسبية................................................ ٥١

جواز النظر إلى المحارم الرضاعية.............................................. ٥٣

جواز النظر إلى المحارم الرضاعية.............................................. ٥٣

جواز النظر إلى المحارم السببيّة................................................ ٥٤

جواز نظر المحارم إلى المحرم................................................... ٥٥

في جواز وطئ المملوكة وعدمه............................................... ٥٥

في جواز النظر إلى الزّوجة المعتدّة بوطء الشبهة................................. ٥٩

في جواز النظر إلى الأمة المعتدّة بوطء الشبهة................................... ٦٠

في جواز النظر إلى المطلقة الرجعيّة في حال العدّة................................ ٦٠

فيها يستثنى من عدم جواز النظر من الأجنبي والأجنبية.......................... ٦١

منها : مقام المعالجة......................................................... ٦٢

منها : مقام الضرورة....................................................... ٦٣

منها : معارضة الأهم للمهم................................................. ٦٣

منها : مقام الشهادة........................................................ ٦٤

منها : مقام القواعد من النساء............................................... ٦٥

منها : غير المميز من الصبي والصبيّة.......................................... ٦٧

جواز تقبيل الصبيّة ووضعها في الحجر وعدمه.................................. ٧١

عدم جواز نظر المملوك إلى مالكته............................................ ٧٤

عدم جواز نظر الصبي إلى مالكته............................................. ٧٥

٣٨٠