موسوعة الإمام الخوئي

السيّد محمّد تقي الخوئي

والأُم الرضاعية كالنسبية ، وكذلك الأُخت والبنت (١).

والظاهر (*) عدم الفرق في الوطء (٢) بين أن يكون عن علم وعمد واختيار أو مع

______________________________________________________

فعلاً ، وأما بعد ذلك فلا بدّ من حلية جديدة وهي غير ثابتة ، لحرمة المرأة عليه نظراً لإطلاق الدليل ، حيث لم يفرض فيه أنّ المرأة لم تكن له حلالاً في السابق.

والظاهر أنّ الحكم مما لا خلاف فيه ، فيكون هذا الإطلاق مخصصاً لقولهم (عليهم السلام) : «الحرام لا يحرم الحلال».

(١) بلا خلاف في ذلك إلّا ما نسب إلى العلّامة (قدس سره) في القواعد من الاستشكال فيه (١) بدعوى ظهور الروايات في النسبية.

غير أنّه غريب منه (قدس سره) ، إذ لا ينبغي الإشكال في إرادة النسبية من النصوص ، وإنّما الحكم بحرمة الرضاعية لأجل ما دلّ على أنّه «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فإنّ هذه الأدلة حاكمة على ما تقدمت ، حيث تنزل الام الرضاعية بمنزلة الأُم النسبية ، فيثبت لها ما ثبت للنسبية.

والحاصل أنّ الحكم بحرمة الرضاعية ليس من جهة شمول أدلة التحريم لها مباشرة كي يرد ما ذكره (قدس سره) ، وإنّما هو من جهة التنزيل الثابت بأدلته.

(٢) وكأنّ الوجه في ذلك هو التمسك بإطلاق دليل الحرمة ، حيث لم يقيد بالعلم والعمد والاختيار.

إلّا أنّ للمناقشة فيه مجالاً واسعاً ، وذلك فإنّ ظاهر التعبير بـ «اللعب» و «العبث» المذكور في النصوص هو صدور الفعل عن علم منه ، بحيث يكون على علم بأنّ من يلعب به غلام ومع ذلك يرتكب الفعل الشنيع ، وإلّا فلا يصدق عليه اللعب بالغلام.

على أنّا لو تنزلنا عن ذلك وقلنا بصدق اللعب حتى مع الجهل والاشتباه ، يكفينا حديث الرفع في عدم ثبوت الحرمة الأبدية بالنسبة إلى الخاطئ.

__________________

(*) فيه إشكال بل منع.

(١) قواعد الأحكام ٢ : ١٥.

٢٤١

الاشتباه ، كما إذا تخيله امرأته ، أو كان مكرهاً ، أو كان المباشر للفعل هو المفعول (١).

ولو كان الموطوء ميتاً ، ففي التحريم إشكال (*) (٢).

ولو شكّ في تحقق الإيقاب وعدمه ، بنى على العدم (٣).

______________________________________________________

فعلاً ، وأما بعد ذلك فلا بدّ من حلية جديدة وهي غير ثابتة ، لحرمة المرأة عليه نظراً لإطلاق الدليل ، حيث لم يفرض فيه أنّ المرأة لم تكن له حلالاً في السابق.

ومن هنا يظهر الحال في الإكراه ، فإنّه وإن صدق على المكره أنّه لعب بالغلام وعبث به ، إلّا أنّ الحرمة الثابتة للعابث بالغلام ترتفع عن المكره بمقتضى حديث الرفع.

فالحاصل أنّ الحكم بثبوت الحرمة في صورة الجهل أو الخطأ أو الإكراه مشكل جدّاً ، بل مقتضى الأدلة هو عدم ثبوتها.

(١) فيه إشكال بل منع ، باعتبار أنّ ظاهر النصوص الواردة في المقام إنّما هو استناد الفعل إلى الفاعل ، فإنّ موضوعها هو الرجل اللّاعب بالغلام أو العابث به ، ولا يصدق هذا العنوان إلّا إذا كان المباشر للفعل هو الفاعل ، وأما في غير ذلك بأن كان المفعول هو المباشر بحيث لم يستند الفعل إلى الفاعل فلا تشمله النصوص ، ومن هنا فلا مجال للحكم بالحرمة الأبدية فيه أيضاً.

(٢) أظهره عدم التحريم ، لأنّ الحكم بالحرمة على خلاف القاعدة ، حيث إنّ مقتضاها هو الحل والجواز مطلقاً ، وإنّما خرجنا عنها فيما إذا كان المفعول غلاماً للدليل ، وأما في غيره فالمرجع هو عمومات الحل. ومن هنا فحيث إنّ الغلام حقيقة في الحي خاصة ولا يطلق على الميت إلّا مجازاً ، فلا موجب للالتزام بثبوت الحرمة بوطئه.

(٣) لاستصحاب عدم تحقّقه.

__________________

(*) أظهر عدم التحريم.

٢٤٢

ولا تحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة (١). فلا بأس بنكاح ولد الواطئ ابنة الموطوء أو أُخته أو امه ، وإن كان الأولى (*) الترك في ابنته (٢).

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه بين الأصحاب ، نظراً لعدم الدليل على حرمتهنّ على غير الواطئ.

(٢) لرواية موسى بن سعدان عن بعض رجاله ، قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل : ما ترى في شابّين كانا مصطحبين فولد لهذا غلام وللآخر جارية ، أيتزوّج ابن هذا ابنة هذا؟ قال : فقال : «نعم ، سبحان الله لِمَ لا يحل». فقال : إنه كان صديقاً له ، قال : فقال : «وإن كان فلا بأس». قال : فإنه كان يكون بينهما ما يكون بين الشباب فإنه كان يفعل به ، قال : فأعرض بوجهه ثم أجابه وهو مستتر بذراعه فقال : «إن كان الذي كان منه دون الإيقاب فلا بأس أن يتزوّج ، وإن كان قد أوقب فلا يحل له أن يتزوّج» (١).

إلّا أنّها ضعيفة السند بالإرسال ، وعدم ثبوت وثاقة موسى بن سعدان ، ووجود محمد بن علي الضعيف في الطريق.

كما أنّ في دلالتها تأمّلاً أيضاً ، حيث إنّ من المحتمل أن يكون مرجع الضمير في قوله (عليه السلام) : «وإن كان قد أوقب فلا يحلّ له أن يتزوّج» هو الواطئ دون ابنه ، فإنّه أقرب إليه من الابن. على أنّه لم يفرض في هذا النص أنّ الذي يريد التزوّج من ابنة الآخر إنّما هو ابن الواطئ ، حيث لم يذكر فيه إلّا أنّ ابن هذا يريد التزوّج من ابنة هذا من دون تحديد لذلك.

ومن هنا فالاعتماد على هذا النص للحكم بالحرمة أو التوقف مشكل جدّاً.

__________________

(*) ليس للأولويّة وجه يعتدّ به.

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٥ ح ٣.

٢٤٣

فصل

من المحرّمات الأبديّة التزويج حال الإحرام

لا يجوز للمحرم أن يتزوّج (١)

______________________________________________________

فصل

من المحرّمات الأبديّة التزويج حال الإحرام

(١) بلا خلاف فيه بينهم. فقد دلّت عليه جملة من النصوص ، ففي معتبرة محمد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، جميعاً ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المثنى ، عن زرارة بن أعين وداود ابن سرحان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام).

وعن عبد الله بن بكير ، عن أديم بياع الهروي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال : «والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أنّه حرام عليه لم تحلّ له أبداً» (١).

وهذه الرواية بطريقيها معتبرة ، وذلك فلأن الطريق الأوّل وإن كان في أحد طريقيه سهل بن زياد ، إلّا أنّه لا يقدح شيئاً بعد أن كان الطريق الآخر له صحيحاً ، فإنّ المثنى المذكور فيه إما هو ابن الوليد وإما هو ابن عبد السلام ، فإنّ البزنطي قد روى عنهما عن زرارة في غير هذا الموضع أيضاً ، وكلاهما ثقة ولا بأس بهما على ما ذكره الكشي عن ابن مسعود عن ابن فضال (٢).

وأما الطريق الثاني فهو معتبر أيضاً ، فإنّ أديم بياع الهروي إنّما هو أديم بن الحر المعروف بالحذاء وهو ثقة.

فالنتيجة أنّ هذه الرواية على الطريقين معتبرة ، على أنّ الشيخ (قدس سره) قد روى هذا النص بطريقه المعتبر عن أديم بن الحر الخزاعي (٣).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣١ ح ١.

(٢) رجال الكشي : ٣٣٨ رقم ٦٢٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٩ ح ١١٣٢.

٢٤٤

امرأة محرمة أو محلّة (١) سواء كان بالمباشرة ، أو بالتوكيل مع إجراء الوكيل العقد حال الإحرام (٢) سواء كان الوكيل محرماً أو محلّاً (٣) وكانت الوكالة قبل الإحرام أو حاله (٤). وكذا لو كان بإجازة عقد الفضولي الواقع حال الإحرام ، أو قبله مع كونها حاله بناء على النقل ، بل على الكشف الحكمي ، بل الأحوط مطلقاً (٥).

______________________________________________________

ومن هنا فلا حاجة لتصحيح الاعتماد على هذه الرواية بدعوى انجبارها بعمل المشهور على ما نسب إلى بعضهم فإنّ الرواية بحد ذاتها معتبرة ولا حاجة لها إلى الانجبار.

وفي معتبرة يونس بن يعقوب ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المحرم يتزوج ، قال : «لا ، ولا يزوج المحرم المحل» (١).

وفي معتبرة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «ليس ينبغي للمحرم أن يتزوج ولا يزوج محلّاً» (٢).

فإنّ هذه النصوص المعتبرة وغيرها دالّة على عدم جواز التزوج حال الإحرام.

(١) لإطلاق النصوص المتقدمة ، حيث لم يرد في شي‌ء منها تقييد عدم الجواز بما إذا كانت المرأة محرمة أيضاً.

(٢) وذلك لاستناد العمل إليه ، وحيث إنّه في حال الإحرام فيصدق عليه أنّه قد تزوج في ذلك الحال.

(٣) فإنّ العبرة إنّما هي بالموكل حيث يستند الفعل إليه.

(٤) إذ لا أثر لزمان الوكالة ، بعد أن كان العقد الصادر من الوكيل والمستند إلى الموكل واقعاً في زمان إحرامه.

(٥) سواء أقلنا بالنقل ، أم قلنا بالكشف الحكمي ، أم قلنا بالكشف الحقيقي ، أم قلنا بالانقلاب ، وإن كان الأخير غير معقول ، إذ الذي لم يكن موجوداً في ظرفه لا ينقلب ولا يكون موجوداً في ذلك الظرف. وهذا القول أعني ثبوت الحكم مطلقاً هو

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣١ ح ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٤ ح ٦.

٢٤٥

ولا إشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة (١).

وإن كان مع العلم بالحرمة حرمت الزوجة عليه أبداً (٢)

______________________________________________________

الصحيح ، وذلك لاستناد الفعل بالإجازة إليه ، فيصدق عليه أنّه قد تزوج حال الإحرام فيشمله النصوص المتقدمة.

وهذا الحكم بناءً على الأولين واضح ، فإنّ الكشف الحكمي نقل في الحقيقة يقتضي ثبوت الحكم من حين الإجازة ، غاية الأمر أنّه يختلف عنه في ثبوت مضمون العقد إذ أنّه على النقل يثبت من حين الإجازة ، وأما على الكشف الحكمي فيثبت من حين وقوع العقد ، ويحكم بترتيب الأثر من حين العقد. وأما بناءً على الكشف الحقيقي فلأن الزوجية وإن فرضت كونها من السابق ، إلّا أنّ استنادها إلى المجيز بحيث يقال إنّه تزوج بها إنّما يكون من حين الإجازة. وأما بناءً على الانقلاب فالأمر فيه كالأمر في الكشف الحقيقي ، حيث يكون استناد الزوجية إليه من حين الإجازة.

والحاصل أنّ استناد الزوجية إلى المجيز لما كان من حين الإمضاء والإجازة ، حكم بالبطلان وثبوت الحرمة الأبدية على التقادير الأربعة كلّها.

(١) كما تقتضيه جملة من النصوص المعتبرة ، على ما سيأتي بيانها.

(٢) الروايات الواردة في المقام على طوائف ثلاث :

الاولى : ما دلّ على الحرمة الأبدية مطلقاً.

الثانية : ما دلّ على عدمها مطلقاً.

الثالثة : ما تضمن التفصيل بين صورتي العلم والجهل.

أما الطائفة الأُولى ، فكمعتبرة أديم بن الحر الخزاعي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «إنّ المحرم إذا تزوج وهو محرم فرّق بينهما ولا يتعاودان» (١).

ومثلها رواية إبراهيم بن الحسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إنّ المحرم إذا تزوج وهو محرم فرّق بينهما ثم لا يتعاودان أبداً» (٢).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٥ ح ٢.

(٢) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٥ ح ١.

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

إلّا أن إبراهيم بن الحسن لما كان مجهولاً ، فلا مجال للاعتماد على روايته.

وأما الطائفة الثانية ، فكمعتبرة محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحلّ فقضى أن يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئاً حتى يحلّ ، فإذا أحلّ خطبها إن شاء ، وإن شاء أهلها زوّجوه وإن شاؤوا لم يزوّجوه» (١). ودلالتها على جواز التزوّج منها ثانياً واضحة.

وأما الطائفة الثالثة ، فكمعتبرة أديم بن الحر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال : «والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أنّه حرام عليه لم تحلّ له أبداً» (٢).

ومن الواضح أنّ النسبة بين الطائفة الأُولى والطائفة الثانية إنّما هي التباين ، إلّا أن نسبة الطائفة الثالثة إلى الطائفة الثانية هي نسبة الخاص إلى العام ، فتكون مخصصة لعمومها لا محالة ، وبذلك فتنقلب النسبة بينهما وبين الطائفة الأُولى فيخصص الحكم بالحرمة الأبدية في الأُولى بصورة العلم ، نظراً لدلالة الطائفة الثانية بعد تخصيصها بالطائفة الثالثة على جواز التزوج منها ثانياً في صورة الجهل.

على أنّا لو فرضنا عدم وجود الطائفة الثانية ، كان القول باختصاص الحرمة الأبدية بصورة العلم متعيناً أيضاً وذلك لوجود الطائفة الثالثة ، فإنّ تقييد الحرمة في معتبرة أديم بصورة العلم يقتضي ذلك حتى وإن لم نقل بمفهوم القيد. والوجه فيه ما ذكرناه غير مرة من أن ذكر القيد إنّما يكشف عن عدم ثبوت الحكم مطلقاً ، وإلّا لكان ذكره لغواً محضاً.

بل لو فرضنا عدم وجود هذه الطائفة أيضاً ، لكان الحكم بالحرمة مختصاً بصورة العلم أيضاً ، وذلك لصحيحة عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله (عليه السلام) حيث ورد فيها : «أي رجل ركب أمراً بجهالة فلا شي‌ء عليه» (٣).

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٥ ح ٣.

(٢) تقدّمت في ص ٢٤٦ ه‍ ١.

(٣) الوسائل ، ح ١٣ كتاب الحج ، أبواب بقية كفارات الإحرام ، ب ٨ ح ٣.

٢٤٧

سواء دخل بها أو لا (١). وإن كان مع الجهل بها لم تحرم عليه على الأقوى (٢) دخل بها أو لم يدخل (٣) لكن العقد باطل على أي حال (٤) بل لو كان المباشر للعقد محرماً بطل وإن كان من له العقد محلّاً (٥).

ولو كان الزوج محلّاً ، وكانت الزوجة محرمة ، فلا إشكال في بطلان العقد (٦). لكن هل يوجب الحرمة الأبدية؟ فيه قولان ، الأحوط الحرمة بل لا يخلو عن قوة (٧).

ولا فرق في البطلان والتحريم الأبدي بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو

______________________________________________________

فالنتيجة أنّ القول بالتفصيل بين صورة العلم والجهل على ما ذهب إليه المشهور ويقتضيه الجمع بين الأخبار هو الصحيح وإن خالف فيه المرتضى وسلار على ما في الجواهر (١).

(١) لإطلاق الأدلة ، حيث لم يرد في شي‌ء منها التقييد بالدخول.

ولا يقاس ما نحن فيه بالتزويج بذات البعل أو ذات العدّة ، فإنّ كلّاً منهما موضوع خاص ومستقلّ عن الآخر ، فلا موجب لتعدي الحكم الثابت لأحد الموضوعين إلى الآخر.

(٢) لما عرفت.

(٣) لإطلاق صحيحة محمد بن قيس.

(٤) لإطلاق ما دلّ على البطلان.

(٥) لصحيحة يونس بن يعقوب ومعتبرة عبد الله بن سنان المتقدمتين.

(٦) نظراً لبطلان عقد المحرم ، من غير فرق بين كونه رجلاً أو امرأة.

(٧) وذلك فلأن الروايات الواردة في المقام وإن كان بعضها وارداً في قضية شخصية ، إلّا أنّ أكثرها يتضمن إثبات الحكم للعنوان الوصفي أعني المحرم وأنّه لا يتزوج ولا يزوج. ومن هنا فلا يفرق في الحكم بين كون المتصف بذلك العنوان رجلاً أو امرأة ، إذ الحكم لما كان ثابتاً لموضوع معيّن هو العنوان الوصفي ، كان الحكم

__________________

(١) الجواهر ٢٩ : ٤٥٠.

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ثابتاً لجميع الأفراد المتصفة بذلك العنوان ، نظير القصر والإفطار الثابتين للمسافر أو الإتمام الثابت للحاضر ، فإنّه لا يفرق في الفرد المتصف بذلك العنوان بين أن يكون رجلاً أو امرأة ، على ما هو واضح.

ولذا حكم الأصحاب ببطلان عقد المحرمة ، والحال أنّه لم يرد فيه بخصوصه ولا نص ضعيف ، فإنّه ليس ذلك إلّا لشمول لفظ المحرم لهما على حد سواء ، فإذا ثبت هذا في الحكم بالبطلان ثبتت الحرمة الأبدية أيضاً لا محالة. فإنّ موضوعهما واحد وهو عنوان المحرم ، فإن كان هو أعمّ من الرجل والمرأة لزم الحكم بثبوت الحرمة كما ثبت البطلان ، وإن كان هو مختصاً بالرجل فلا موجب للحكم ببطلان عقدها إذا كانت محرمة ، وحيث إنّ الأصحاب قد التزموا ببطلان عقدها كشف ذلك عن عموم الموضوع لهما.

ويؤيد ما ذكرناه بقاعدة الاشتراك بين الرجل والمرأة في التكليف ، فإنّ نسبة التزويج إليهما واحدة إذ أنّه من العناوين المتضايفة لا يصدق إلّا بالطرفين كالاخوة وعليه فإذا كان التزويج محرماً بالنسبة إلى الزوج كان محرماً بالنسبة إلى المرأة أيضاً.

وممّا ذكرناه يظهر فساد دعوى أنّ المحرّم على الرجل لما كان هو التزوج بالمرأة وكان هذا الأمر غير ممكن في جانب المرأة حيث إنّها لا تتزوج بالمرأة ، ونتيجة لذلك لم يتحد الموضوع ، لم يمكن التمسك فيه بقاعدة الاشتراك.

ووجه الفساد هو أنّ التزويج معنى واحد ، ونسبته إليهما على حد سواء. نعم ، هما يختلفان فيه بحسب الخصوصيات الخارجية ، فإنّ تزويج الرجل إنّما يكون بتزوجه من المرأة ، في حين إنّ تزويج المرأة إنّما يكون بتزوجها من الرجل ، إلّا أن ذلك لا يعني اختلاف معنى التزويج وكون نسبته إليهما مختلفاً.

والحاصل إنّ نسبة التزوج إلى كل من الرجل والمرأة لما كانت واحدة ، لم يكن هناك مانع من التمسك بقاعدة الاشتراك. على أنّا بعد إثبات الحكم ببيان أنّ الحكم وارد على العنوان الوصفي وهو يصدق على كل من الرجل والمرأة في غنى من التمسك بقاعدة الاشتراك.

٢٤٩

مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة (١). ولا في النكاح بين الدوام والمتعة (٢).

[٣٧٢٩] مسألة ١ : لو تزوج في حال الإحرام مع العلم بالحكم ، لكن كان غافلاً عن كونه محرماً أو ناسياً له ، فلا إشكال في بطلانه (٣) لكن في كونه محرماً أبداً إشكال (٤) والأحوط ذلك (*).

[٣٧٣٠] مسألة ٢ : لا يلحق وطء زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الإحرام بالتزويج في التحريم الأبدي (٥) فلا يوجبه وإن كان مع العلم بالحرمة والعمد.

[٣٧٣١] مسألة ٣ : لو تزوج في حال الإحرام ، ولكن كان باطلاً من غير

______________________________________________________

(١) لإطلاق الدليل ، حيث يتحقق الإحرام بكل ذلك.

(٢) إذ يصدق التزوج في حال الإحرام بكل منهما.

(٣) لإطلاق الدليل ، حيث لم يعتبر فيه العلم.

(٤) والظاهر أنّه لا وجه له. والسرّ فيه أنّ موضوع الحكم بالتحريم في الأخبار ليس هو العلم بالكبرى الكلية ، وإنّما الموضوع هو العلم بالحرمة بالإضافة إليه بحيث يعلم أنّه حرام عليه ، ولما كان هذا العنوان غير متحقق في حق الغافل والناسي باعتبار أنّه يتوقف على العلم بكونه محرماً والمفروض عدمه ، فلا وجه للقول بثبوت الحرمة الأبدية عليه.

(٥) لعدم الدليل عليه ، مضافاً إلى عموم ما ورد من أنّ «الحرام لا يحرم الحلال». على أنّ ما دلّ على وجوب الكفارة وفساد الحج أو العمرة ووجوبه في القابل (١) يقتضي عدم ثبوت الحرمة الأبدية ، إذ إنّها لما كانت واردة في مقام بيان وظيفة

المكلف عند صدور هذا الفعل حال الإحرام ، كان عدم تعرضها إلى بيان الحرمة دليلاً على عدم ثبوتها. بل إنّ مقتضى ما ورد في بعض الأخبار من وجوب التفريق بين الزوجين عند إتيانهما بالحج من القابل في مكان صدور الفعل منهما (٢) هو بقاء الزوجية وعدم حرمة الزوجة على الزوج بما صدر منهما.

__________________

(*) لا بأس بتركه.

(١) ، (٢) الوسائل ، ج ١٣ كتاب الحج ، أبواب كفارات الاستمتاع ، ب ٣ ، ٤.

٢٥٠

جهة الإحرام كتزويج أُخت الزوجة أو الخامسة هل يوجب التحريم أو لا؟ الظاهر ذلك (*) (١) لصدق التزويج ، فيشمله الأخبار.

______________________________________________________

(١) تقدّم الكلام في نظير هذه المسألة في المسألة الاولى من الفصل السابق ، وقد تقدّم منه (قدس سره) التوقف فيها كما تقدم منّا الحكم بعدم ثبوتها ، حيث استظهرنا من الأخبار كون البطلان والتحريم ناشئين من تلك الجهة المذكورة في النص أعني الإحرام في المقام بحيث لولاها لحكم بصحة العقد وثبوت الزوجية ، وإلّا فلو كان البطلان ناشئاً من جهة أُخرى غير وقوع العقد في حال الإحرام لما كان لوقوعه في تلك الحالة أثر.

إذن فلا بدّ في الحكم بالبطلان وثبوت الحرمة الأبدية من كون العقد صحيحاً من جميع الجهات عدا وقوعه في ذلك الحال ، ولا منافاة بين هذا الذي ذكرناه وبين الالتزام بوضع الألفاظ للأعمّ من الصحيح والفاسد ، فإنّ ما ذكرناه هنا إنّما هو للانصراف العرفي.

نعم ، لو كان الفساد مستنداً إلى أمرين كلّ منهما محرم أبدي في حدّ ذاته كما لو تزوج بالمعتدّة حال الإحرام أوجب ذلك الحرمة الأبدية قطعاً وبلا إشكال نظراً للأولوية القطعية ، فإنّ كلّاً منهما إذا كان موجباً لها مستقلا عن الآخر ، فإيجابه لها منضماً إلى الآخر يكون بطريق أولى.

ويؤيدها رواية الحكم بن عتيبة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن محرم تزوج امرأة في عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً» (١). فإنّها وإن كانت واضحة الدلالة ، إلّا أنّ سندها لما كان ضعيفاً فلا يمكن الاعتماد عليها. نعم ، لا بأس بجعلها مؤيدة للحكم.

__________________

(*) فيه إشكال ، والأظهر عدم التحريم ، وقد مرّ منه (قدس سره) الإشكال في نظيره في الفصل السابق.

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١٥.

٢٥١

نعم ، لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان ، بحيث لا يصدق عليه التزويج ، لم يوجب (١).

[٣٧٣٢] مسألة ٤ : لو شكّ في أنّ تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله ، بنى على عدم كونه فيه (٢) بل وكذا لو شكّ في أنّه كان في حال الإحرام أو بعده ،

______________________________________________________

ثم لا يخفى أنّ في هذا الفرض أيضاً لا بدّ من فرض صحة العقد من غير هاتين الجهتين ، وإلّا فلا يوجب العقد ثبوت الحرمة الأبدية.

(١) جزماً ، لما تقدم.

(٢) لاستصحاب عدم الإحرام إلى حين العقد الواقع في الخارج ، حيث ذكرنا في محلّه من المباحث الأُصولية أنّ جريانه لا يختص بما إذا كان تاريخ أحدهما معلوماً وتاريخ الآخر مجهولاً ، بل يجري حتى ولو كان تاريخهما معاً مجهولين أيضاً ، ومقتضاه الحكم بالصحة وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه في المقام.

ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم وقوع العقد قبل الإحرام إذ لا أثر للثاني ، باعتبار أنّه لا يثبت تأخر التزويج عن الإحرام ووقوعه حاله إلّا بالملازمة العقلية ، فيكون من الأُصول المثبتة ولا نقول بحجيتها.

على أنّه لا أثر للاستصحاب نفياً أو إثباتاً ، فلا أثر لإثبات المعارض له وعدمه وذلك لوجود دليل حاكم عليه هو أصالة الصحة الثابتة بالسيرة القطعية ، وما ورد في بعض النصوص المعتبرة من قوله (عليه السلام) : «كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» (١) فإنّ مقتضاها الحكم بالصحة فيما إذا كان الشكّ في افتقاد العقد لشرط شرعي أو اقترانه بمانع كذلك بعد إحراز تمامية أركانه.

ومن هنا فالمتعيّن في المقام هو الحكم بالصحة وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه سواء أقلنا بجريان الاستصحاب مطلقاً أو في بعض الصور ، أم قلنا بعدم جريانه كذلك ، ثبت له معارض أم لم يثبت.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٨ كتاب الصلاة ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ح ٣.

٢٥٢

على إشكال (*) (١). وحينئذٍ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله ، أو حال الإحلال سابقاً أو لاحقاً ، قدّم قول من يدعي الصحة (٢) من غير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما (٣).

نعم ، لو كان محرماً ، وشكّ في أنّه أحلّ من إحرامه أم لا ، لا يجوز له التزويج فإن تزوّج مع ذلك بطل وحرمت عليه أبداً ، كما هو مقتضى استصحاب بقاء الإحرام (٤).

______________________________________________________

(١) لكنه ضعيف جدّاً ، فإنّ مقتضى استصحاب بقائه محرماً إلى حين العقد مطلقاً سواء أعلم بتاريخ أحدهما أو جهل بالتاريخين معاً ، وإن كان هو الحكم بفساد العقد وترتب الحرمة الأبدية عليه باعتبار أنّه لا يعارض بأصالة عدم وقوع العقد حال الإحرام لكونه من الأُصول المثبتة ، حيث لا تثبت كون العقد في غير حال الإحرام إلّا بالملازمة العقلية ولا نقول بحجيتها إلّا أنّ هذا الاستصحاب لا أثر له ، نظراً لكونه محكوماً لأصالة الصحة ، فإنّ مقتضاها الحكم بالصحة في المقام وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه ، سواء أجرى الاستصحاب أم لم يجر.

والحاصل أنّه لا فرق في الحكم بين هذه الصورة والصورة السابقة ، حيث إنّ مقتضى الاستصحاب فضلاً عن أصالة الصحة فيهما هو الحكم بالصحة وعدم ترتّب الحرمة الأبدية على العقد الواقع في الخارج.

(٢) لما تقدم.

(٣) حيث عرفت أنّ ذلك لا يؤثر في جريان الاستصحاب ، فضلاً عن أصالة الصحة.

(٤) فإنّ به يحرز موضوع الحكم أعني كون التزوج حال الإحرام فيترتب عليه الحكم لا محالة. ومن هنا يتضح أنّه لو شكّ في كونه محرماً أو محلّاً بالفعل ، جاز له التزوّج ويحكم على ذلك العقد بالصحّة ، لاستصحاب عدم كونه محرماً.

__________________

(*) لكنّه ضعيف.

٢٥٣

[٣٧٣٣] مسألة ٥ : إذا تزوّج حال الإحرام عالماً بالحكم والموضوع ، ثم انكشف فساد إحرامه ، صحّ العقد ولم يوجب الحرمة (١). نعم ، لو كان إحرامه صحيحاً ، فأفسده ثم تزوج ، ففيه وجهان (*) (٢) : من أنّه قد فسد ، ومن معاملته معاملة الصحيح في جميع أحكامه.

[٣٧٣٤] مسألة ٦ : يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدّة الرجعية (٣).

______________________________________________________

(١) لأنّ الحكم مترتب على الإحرام لا على اعتقاده ذلك.

(٢) أظهرهما الثاني إذا كان الإفساد بالجماع أو نحوه على ما ذهب إليه المشهور لأنّه لما كان مأموراً بإتمام الحج ، كان معنى ذلك بقاءه على إحرامه وعدم جواز ارتكاب أي محرم من محرماته إلى أن يفرغ من أعمال الحج ، وعليه فإذا تزوج في ذلك الحين حكم على العقد بالفساد وترتبت عليه الحرمة الأبدية ، لصدق التزوج في حال الإحرام عليه.

وهذا بخلاف ما إذا كان الإفساد بغير الجماع كما لو ترك بعض أركان الحج عمداً كالطواف والسعي فإنّ الأظهر فيه هو الحكم بالصحة وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه ، وذلك لكشفه عن بطلان الإحرام من الأوّل نظراً إلى كون الحج واجباً ارتباطياً ، فإذا لم يتعقب الإحرام سائر الأفعال حكم ببطلانه واعتبر كالعدم. ومن هنا فلا يكون التزويج الواقع في الخارج في علم الله سبحانه وتعالى تزويجاً في حال الإحرام وإن تخيل الزوج ذلك.

والحاصل أنّ الفساد في مورد الجماع يغاير الفساد في غيره ، إذ في الثاني ينتفي موضوع الحكم أعني وقوع العقد في حال الإحرام بخلاف الأوّل.

(٣) لما عرفت غير مرة من أنّ المرأة في أيام العدّة الرجعية زوجة حقيقية وأنّ الزوجية لا ترتفع إلّا بانقضاء العدّة ، وعليه فلا يكون الرجوع إلّا إبطالاً للطلاق المنشأ وإلغاءه عن الأثر بحيث تستمر الزوجية الاولى بعينها ، ومن هنا فلا تشمله

__________________

(*) أظهرهما الثاني فيما إذا كان الإفساد بجماع أو نحوه ، وأمّا إذا كان بترك أعمال الحج أو العمرة بحيث لا يتمكّن من الإتيان بها بعد ذلك فالأظهر هو الأولّ.

٢٥٤

وكذا تملك الإماء (١).

[٣٧٣٥] مسألة ٧ : يجوز للمحرم أن يوكل محِلّاً في أن يزوجه بعد إحلاله (٢).

______________________________________________________

أخبار المنع لعدم صدق عنوان التزويج عليه.

ومن هنا يتضح الحال في المقام بناءً على ما ذهب إليه المشهور من أنّ المرأة في أيام العدّة إنّما هي بحكم الزوجة ، فإنّ الرجوع لا يقتضي إلّا فسخ الطلاق المقتضي لارتفاع الزوجية وإعادة الزوجية السابقة ، فلا يصدق عليه عنوان التزوج نظير ما هو الحال في فسخ البيع حيث لا يقتضي إلّا أعاده الملكية السابقة من دون أن يصدق عليه عنوان الشراء فلا تشمله أخبار المنع.

وهذا الحكم لا يختص بما إذا كان الرجوع في العدّة الرجعية ، بل يجري بعينه في العدّة البائنة أيضاً فيما إذا جاز له الرجوع ، كما لو رجعت المرأة في البذل في الطلاق الخلعي فإنّه يجوز له حينئذ الرجوع ، فإذا رجع وهو محرم حكم بصحته من دون أن تترتب عليه الحرمة الأبدية ، نظراً إلى عدم صدق التزويج عليه باعتبار أنّه كالفسخ إعادة للزوجية السابقة.

(١) لأنّ الممنوع في النصوص إنّما هو التزويج ، وحيث إنّ التملك بكلا قسميه الاختياري والقهري أمر مغاير له ومختلف عنه ، فلا وجه لإثبات حكمه له. هذا مضافاً إلى دلالة صحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) صريحاً عليه ، قال : سألته عن المحرم يشتري الجواري ويبيعها ، قال : «نعم» (١).

(٢) إذ الممنوع إنّما هو التزويج حال الإحرام ، وأما التوكيل فيه حاله فلم يدل دليل على المنع.

نعم ، قد يتوهّم بطلان مثل هذه الوكالة نظراً لاعتبار سلطنة الموكل على العمل بالفعل ، وحيث إنّه ليس له ذلك لكونه ممنوعاً منه شرعاً وقعت الوكالة باطلة ، لأن من ليس له السلطنة على شي‌ء ليس له تسليط الغير عليه.

إلّا أنّه مندفع بعدم الدليل على اعتبار سلطنة الموكل على العمل بالفعل أعني

__________________

(١) الوسائل ، ج ١٢ كتاب الحج ، أبواب تروك الإحرام ، ب ١٦ ح ١.

٢٥٥

وكذا يجوز له أن يوكل محرماً في أن يزوجه بعد إحلالهما (١).

[٣٧٣٦] مسألة ٨ : لو زوجه فضولي في حال إحرامه ، لم يجز له إجازته في حال إحرامه (٢). وهل له ذلك بعد إحلاله؟ الأحوط العدم (*) (٣) ولو على القول بالنقل. هذا إذا كان الفضولي محِلّاً ، وإلّا فعقده باطل (٤) لا يقبل الإجازة ولو كان

______________________________________________________

ظرف الإنشاء وإنّما المعتبر هو سلطنته على الفعل في ظرفه ، ولما كان ذلك متحققاً في المقام حيث إنّ للموكل أن يتزوج بعد إحلاله من الإحرام ، وقعت الوكالة صحيحة كما عليه سيرة العقلاء.

وبعبارة اخرى : إنّ المعتبر في الوكالة لما كان هو إمكان استناد الفعل الصادر من الوكيل إلى الموكل ، وهو يتحقق بما إذا كانت للموكل سلطنة عليه في ظرف العمل ، فلا وجه لاعتبار سلطنته حين الإنشاء.

ومما يؤيد ذلك أنّه لم يقع الإشكال بينهم على الإطلاق فيما نعلم في صحة التوكيل في الأُمور المترتبة كالشراء ثم الإيجار ، والحال أنّ الموكل غير قادر على الجزء الثاني بالفعل وحين الإنشاء.

(١) لما تقدّم.

(٢) لاستناد الفعل إليه حينئذ ، فتشمله أخبار المنع على ما تقدم تفصيله في أوّل هذا الباب.

(٣) إلّا أنّه ضعيف جدّاً ، فالصحيح هو القول بصحة العقد حتى بناء على الكشف والانقلاب ، فضلاً عن القول بالنقل. والوجه في ذلك هو أنّ الوارد في الأخبار إنّما هو النهي عن التزوج ، ومن الواضح أنّه عبارة عن جعل الرجل المرأة زوجة له في حال الإحرام ، فلا موجب للقول بالبطلان حتى ولو كانت الزوجية ثابتة حال الإحرام أيضاً ، إذ لا عبرة بالزوجية وإنّما العبرة بالتزوج ، وهو لا يكون إلّا عند الإمضاء وبعد الإحلال.

(٤) لما ورد في غير واحد من النصوص المعتبرة من أنّ المحرم لا يتزوج ولا يزوج.

__________________

(*) لا بأس بتركه.

٢٥٦

المعقود له محِلّاً (١).

فصل

في المحرّمات بالمصاهرة

وهي علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجية ، أو الملك عيناً أو انتفاعاً ، بالتحليل ، أو الوطء شبهة أو زنا ، أو النظر واللمس في صورة مخصوصة.

[٣٧٣٧] مسألة ١ : تحرم زوجة كل من الأب والابن على الآخر (٢)

______________________________________________________

فصل

في المحرّمات بالمصاهرة

(١) على ما صرحت به الأخبار.

(٢) بلا خلاف فيه ، بل لا يبعد أن يكون من ضروريات الدين ، فإنّه لم ينسب إلى أحد من المسلمين القول بجوازه ، بل لم ينسب جوازه إلى غير المسلمين عدا ما نسب إلى المجوس. نعم ، كان الرجل يستحل زوجة أبيه في الجاهلية إلّا أنّه لم يكن بعنوان الدين.

وعلى كلٍّ فالحكم لوضوحه لا يحتاج إلى الدليل ، على أنّ الأدلة من الكتاب والسنّة وافرة جدّاً.

أما من الكتاب فيدلّ على حرمة تزوج الابن من زوجة الأب قوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) (١). فإنّ الظاهر من النكاح لا سيما إذا كان متعلقاً للنهي هو مطلق التزويج الشامل لمجرد العقد أيضاً ، فدعوى اختصاصه بالوطء خلاف الظاهر وبعيد جدّاً.

كما أنّ قوله تعالى (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) (٢) يدلّ على حرمة

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٢٢.

(٢) سورة النساء ٤ : ٢٣.

٢٥٧

فصاعداً في الأوّل (١) ونازلاً في الثاني (٢) نسباً أو رضاعاً (٣) دواماً أو متعة (٤)

______________________________________________________

تزوج الأب من زوجة الابن ، فإنّ الحليلة إن لم تكن ظاهرة فيها فلا أقلّ من كونها شاملة لها بالعموم.

وأما من السنة فالنصوص الواردة في المقام إن لم تكن متضافرة فلا أقلّ من أنّها كثيرة جدّاً.

ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) ، أنّه قال : «لو لم تحرم على الناس أزواج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لقول الله عزّ وجلّ (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) حرمن على الحسن والحسين بقول الله عزّ وجلّ (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جدّه» (١).

وفي معتبرة زرارة ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث ـ : «وإذا تزوج الرجل امرأة تزويجاً حلالاً ، فلا تحلّ تلك المرأة لأبيه ولا لابنه» (٢).

وفي معتبرة عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال (الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) ما ظهر نكاح امرأة الأب ، وما بطن الزنا» (٣).

إلى غيرها من النصوص الدالة صريحاً على عدم الجواز.

والحاصل أنّ الحكم مما لا إشكال فيه إجماعاً وضرورة ، كتاباً وسنة.

(١) على ما نصّت عليه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة.

(٢) إجماعاً ، ولصدق الابن على الحفيد.

(٣) لعموم أدلّة تنزيل من ينتسب بالرضاع منزلة من ينتسب بالنسب.

(٤) لإطلاق الأدلة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢ ح ١.

والآية الكريمة في سورة النساء ٣٣ : ٥٣.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢ ح ٢.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٢ ح ٨.

والآية الكريمة في سورة الأعراف ٧ : ٣٣.

٢٥٨

بمجرّد العقد وإن لم يكن دخل (١). ولا فرق في الزوجين والأب والابن بين الحر والمملوك (٢).

[٣٧٣٨] مسألة ٢ : لا تحرم مملوكة الأب على الابن وبالعكس مع عدم الدخول (٣) وعدم اللّمس والنظر (٤).

______________________________________________________

(١) على ما تقتضيه الآية الكريمة وإطلاقات النصوص.

(٢) لإطلاق الأدلة.

(٣) لدلالة جملة من النصوص المعتبرة عليه صريحاً.

ففي صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين ، قالوا : سمعنا أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في الرجل تكون له الجارية ، أفتحلّ لابنه؟ فقال : «ما لم يكن جماع أو مباشرة كالجماع فلا بأس» (١).

وقد رواها الصدوق بإسناده عن عبد الرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري إلّا أنّه زاد : قال : «وكان لأبي جعفر (عليه السلام) جاريتان تقومان عليه فوهب لي إحداهما» (٢). فإنّ ظاهر قوله (عليه السلام) : «تقومان عليه» أنهما تخدمانه.

وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : «في كتاب علي (عليه السلام) : إنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً ، ويأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها» (٣). إلى غير ذلك من النصوص.

(٤) وتدلّ على اعتبار عدمهما في الجواز مضافاً إلى صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين المتقدمة معتبرة عيص بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «أدنى ما تحرم به الوليدة تكون عند الرجل على ولده إذا مسّها أو جرّدها» (٤).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٥ ح ٣.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٥ ح ٤.

(٣) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٤٠ ح ٦.

(٤) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٧٧ ح ١.

٢٥٩

وتحرم مع الدخول (١) أو أحد الأمرين إذا كان بشهوة (٢).

______________________________________________________

(١) وتدلّ عليها مضافاً إلى مفهوم صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج وحفص بن البختري وعلي بن يقطين وصحيحة محمد بن مسلم المتقدمتين صحيحة زرارة قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث ـ : «إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» (١).

(٢) لصحيحة محمد بن إسماعيل ، قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها ، هل تحلّ لولده؟ قال : «بشهوة»؟ قلت : نعم. قال : «ما ترك شيئاً إذا قبلها بشهوة» ، ثم قال ابتداء منه : «إن جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه» (٢).

وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إذا جرّد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحلّ لابنه» (٣).

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسمها نظر شهوة ، هل تحلّ لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال : «إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحلّ لابنه وإن فعل ذلك الابن لم تحلّ للأب» (٤).

نعم ، قد وردت بإزاء هذه الصحاح روايتان معتبرتان قد يتوهّم معارضتهما لها وهما :

أوّلاً : معتبرة عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال : سألته عن رجل تكون له جارية فيضع أبوه يده عليها من شهوة ، أو ينظر منها إلى محرم من شهوة ، فكره أن يمسّها ابنه (٥).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٤ ح ١.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣ ح ١.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣ ح ٤.

(٤) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣ ح ٦.

(٥) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ٣ ح ٢.

٢٦٠