موسوعة الإمام الخوئي

السيّد محمّد تقي الخوئي

[٣٧١١] مسألة ٤ : هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط في الحرمة الأبدية في صورة الجهل أن يكون في العدّة ، أو يكفي كون التزويج في العدّة مع الدخول بعد انقضائها؟ قولان ، الأحوط الثاني بل لا يخلو عن قوة ، لإطلاق الأخبار (١) بعد منع الانصراف إلى الدخول في العدّة.

______________________________________________________

(١) الأخبار الواردة في المقام على طائفتين :

الأُولى : ما فرض فيها كون الدخول في العدّة وهي أكثر الأخبار ، إلّا أنّها لم تتكفل أخذ ذلك شرطاً للحكم ، وإنّما فرضت ذلك مورداً خاصاً ، كمعتبرة إسحاق بن عمار المتقدمة وغيرها.

الثانية : المطلقات من حيث الدخول ، وهي ليست إلّا روايتين معتبرتين وهما :

أ ـ صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إذا تزوج الرجل المرأة في عدّتها ودخل بها لم تحلّ له أبداً» (١).

فإنّها مطلقة من حيث الدخول ، إذ من البعيد جدّاً أن يقال : بأن قوله (عليه السلام) : «في عدّتها» قيد للتزوج والدخول كليهما ، بل ظاهره الرجوع إلى الأمر المتقدم عليه أعني التزوج خاصة وعليه فيبقى المتأخر أعني الدخول مطلقاً.

ودعوى عدم إمكان التمسك بالإطلاق ، لاقتران المطلق بما يصلح للقرينية من جهة المناسبات الكلامية.

غير مسموعة ، وذلك لأنّ الذي يوجب إجمال الدليل هو ما كان بحسب الفهم العرفي صالحاً للقرينية فلا يكفي فيه مجرد الاحتمال. ومن هنا فمجرد احتمال كون قوله (عليه السلام) : «في عدّتها» صالحاً للقرينية لا يكفي في رفع اليد عن إطلاق قوله : «ودخل بها».

ومما يؤيد الإطلاق في المقام ملاحظة أنّ العقد لو كان واقعاً في الجزء الأخير من العدّة مع علم الزوج بذلك ، كان ذلك موجباً لثبوت الحرمة الأبدية بلا كلام. فإنّ من الواضح أنّ هذا الموضوع بعينه هو الموضوع للحرمة في حال الجهل ، لكن بإضافة

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٣.

١٨١

[٣٧١٢] مسألة ٥ : لو شكّ في أنّها في العدّة أم لا ، مع عدم العلم سابقاً ، جاز التزويج (١) خصوصاً إذا أخبرت بالعدم (٢). وكذا إذا علم كونها في العدّة سابقاً وشكّ في بقائها إذا أخبرت بالانقضاء (٣). وأما مع عدم إخبارها بالانقضاء ، فمقتضى استصحاب بقائها عدم جواز تزويجها. وهل تحرم أبداً إذا تزوّجها مع ذلك؟

______________________________________________________

الدخول إليه بدلاً من العلم. وحيث أنّ من الواضح أيضاً أنّ الدخول في الفرض إنّما يكون بعد انقضاء العدّة قهراً ، كشف ذلك عن عدم وجود خصوصية لكون الدخول في أثناء العدّة ، بل الحكم ثابت سواء أدخل بها في أثنائها أم دخل بها بعد انقضائها.

ب ـ معتبرة سليمان بن خالد ، قال : سألته عن رجل تزوج امرأة في عدّتها ، قال : فقال : «يفرّق بينهما ، وإن كان دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فرجها ، ويفرّق بينهما فلا تحلّ له أبداً. وإن لم يكن دخل بها فلا شي‌ء لها من مهرها» (١).

فإنّها أظهر دلالة من سابقتها ، فإنّ موضوع الحكمين الحرمة والمهر فيها واحد وهو الدخول ، ومن الواضح أنّ الدخول الذي يوجب المهر لا يختصّ بما إذا كان في أثناء العدّة كما هو ظاهر.

(١) لأصالة عدم كونها في العدّة.

(٢) لدلالة الأخبار الصحيحة على تصديقها إذا ادعت ، على ما سيأتي بيانها.

(٣) وهو المشهور والمعروف ، بل لا خلاف فيه بينهم. وتدلّ عليه روايات مستفيضة وإن كان أكثرها لا يخلو من الخدشة في السند ، إلّا أنّ فيها المعتبرات أيضاً.

ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «العدّة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت» (٢).

فإنّ من الواضح أنّ المراد بها كون أمر العدّة والحيض لهن ، بمعنى الرجوع إليهن والأخذ بقولهنّ وجوداً وعدماً ، وإلّا فكون نفس عدّ الأيام المعبّر عنه بالعدّة ونفس

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٧.

(٢) الوسائل ، ج ٢ كتاب الطهارة ، أبواب الحيض ، ب ٤٧ ح ١.

١٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الدم لهنّ لا معنى له.

وفي معتبرة ميسر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ألقى المرأة في الفلاة التي ليس فيها أحد فأقول لها : ألك زوج؟ فتقول : لا ، فأتزوجها؟ قال : «نعم ، هي المصدقة على نفسها».

وهي معتبرة سنداً ، وإن رواها صاحب الوسائل تبعاً للكافي في موردين ، وردت في إحداهما وساطة عمر بن أبان (١) ولم يذكر في الأُخرى (٢) إلّا أنّه على ما صرح به الكافي هو الكلبي الثقة. كما لا يضر تردد اسم الراوي بين ميسر وميسرة ، فإنّه رجل واحد وهو ثقة.

وواضحة دلالة ، لظهور كون السؤال فيها عن وجود المانع من الزواج مطلقاً لا عن وجود الزوج خاصة ، وإلّا فعدم وجود الزوج فقط لا ينفع في جواز التزوج منها لو كانت ثيباً كما هو الغالب لاحتمال كونها في العدّة. ومن هنا فحيث كان السؤال عن الزوجية بتوابعها ، كانت دلالتها على قبول قولها في عدم كونها في العدّة واضحة ، إذ أنّها تدلّ على كونها مصدّقة في الزوجية وتوابعها.

وكذا معتبرة الحسين بن سعيد ، قال : كتبت إليه أسأله عن رجل تزوج امرأة في بلد من البلدان ، فسألها لكِ زوج؟ فقالت : لا ، فتزوجها ، ثم إنّ رجلاً أتاه فقال : هي امرأتي ، فأنكرت المرأة ذلك ما يلزم الزوج؟ فقال : «هي امرأته إلّا أن يقيم البينة» (٣).

فإنّ دلالتها على تصديقها في ادعاء عدم العدّة بالتقريب المتقدم في سابقتها واضحة ، فإنّها تدلّ على قبول قولها في عدم وجود الزوج بتوابعه.

والحاصل أنّه لا ينبغي الإشكال في هذا الحكم ، فإنّه بعد دلالة النصوص الصحيحة عليه لا مجال للتمسك باستصحاب بقاء العدّة.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٢٥ ح ٢. الكافي ٥ : ٣٩٢.

(٢) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب المتعة ، ب ١٠ ح ١. الكافي ٥ : ٤٦٢.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٢٣ ح ٣.

١٨٣

الظاهر ذلك (١). وإذا تزوّجها باعتقاد خروجها عن العدّة ، أو من غير التفات إليها ، ثم أخبرت بأنّها كانت في العدّة ، فالظاهر قبول قولها (*) وإجراء حكم التزويج في العدّة ، فمع الدخول بها تحرم أبداً (٢).

______________________________________________________

(١) لقيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي فيما إذا أُخذ العلم موضوعاً على نحو الطريقية فإنّه محرز للموضوع ، فيكون التزوج بها مع العلم أو الدخول موجباً لثبوت الحرمة الأبدية. نعم ، لو منعنا من قيام الأمارات والأُصول التنزيلية مقام العلم الموضوعي ، أشكل إثبات الحرمة الأبدية بالاستصحاب. إلّا أنّ التحقيق خلافه على ما ذكرنا مفصّلاً في محلّه من المباحث الأُصولية.

(٢) ولا بدّ من فرض الكلام فيما إذا احتمل الزوج صدق قولها ، بحيث كان قولها موجباً للشكّ الساري وزوال اعتقاده السابق ، وإلّا فلا وجه للحكم بالحرمة الأبدية جزماً ، إذ لا أثر لقولها بعد الجزم بكذبها وعدم وقوع العقد في العدّة.

وبعبارة اخرى : لا بدّ من فرض اعتقاد عدم كونها في العدّة حين العقد عليها بنحو ينسجم مع احتمال صدق قولها بعد العقد ، بحيث يكون الاحتمال موجباً لتزلزل ذلك الاعتقاد ، وإلّا فلا وجه لقبول قولها والحكم بالحرمة الأبدية.

كما أنّه لا بدّ من فرض الكلام فيما لو كان العقد في نفسه ومع قطع النظر عن إخبارها بكونه في العدّة محكوماً بالصحة ، وإلّا فلا أثر لقولها ، سواء التزمنا بحجيته أم لم نلتزم ، فإنّ العقد باطل وتتبعه الحرمة الأبدية إذا كان قد دخل بها. وذلك كما لو كانت المرأة مسبوقة بالعدة فعقد عليها مع الغفلة عن ذلك ، وبعد الدخول أخبرت المرأة بكونها في العدّة حين العقد ، فإنّ مقتضى استصحاب بقائها في العدّة هو الحكم ببطلان العقد ومن ثم ثبوت الحرمة الأبدية ، سواء أكان قولها حجه أم لم يكن.

ومما يؤيد ما ذكرناه فرض الماتن (قدس سره) للكلام في مورد الاعتقاد أو الغفلة خاصة ، فإنّه إنّما يكشف عن خروج فرض العلم السابق بكونها في العدّة عن محلّ الكلام ، وإلّا لما كان وجه لتخصيصه (قدس سره) بالذكر اعتقاد عدم كونها في العدّة

__________________

(*) فيه إشكال بل منع ، نعم إذا أخبرت قبل الدخول بها أنّها في العدّة لزم الفحص على ما دلّت عليه صحيحة أبي بصير.

١٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

أو الغفلة. فإنّ الكلام على هذا يجري حتى فيما لو كان التزويج منها مبنياً على إخبارها بعدم كونها في العدّة ، ثم أخبرت بعد العقد بكونها حينه في العدّة ، فإنّه إذا بنينا على حجية إخبارها بالنسبة إلى حالتها السابقة أيضاً كما اختاره الماتن ، فبعد تعارض الإخبارين وسقوطهما يرجع إلى استصحاب كونها في العدّة ، فيحكم بالبطلان وثبوت الحرمة الأبدية على تقدير الدخول ، فلا يكون الحكم مختصاً بحالة الاعتقاد بعدم كونها في العدّة أو الغفلة.

وكيف كان ، فقد توقف في الحكم جماعة منهم شيخنا الأُستاذ (قدس سره) حيث جعله مبنياً على الاحتياط. ومنشأ التوقف التردد في مدلول صحيحة زرارة المتقدمة ، وهل إنّها تدلّ على حجية قول المرأة وإخبارها مطلقاً ، سواء أخبرت عن حالتها الفعلية أم أخبرت عن حالتها السابقة ، أو أنّها إنّما تدل على حجية إخبارها عن الفعلية خاصة؟

فمن اختار الأوّل كالماتن (قدس سره) حكم بقبول قولها ، ومن تردّد حكم بالاحتياط.

غير أنّ من المظنون قريباً من المطمأَن به هو الثاني ، فإنّ الظاهر من قوله (عليه السلام) : «العدّة والحيض للنساء إذا ادعت صدقت» كونهما لهن بلحاظ الحالة الفعلية كما يشهد له عدم التزام الفقهاء بتصديق قولها لو ادعت كون الطلاق بعد وقوعه أو بعد موت الزوج حال الحيض ، بل حكموا بصحته عملاً بأصالة الصحة. وعلى هذا فلا أثر لأخبارها في المقام حيث لا يشمله الدليل ، فيحكم بصحة العقد لا محالة.

ولو تنزّلنا عن ذلك وسلمنا إطلاق صحيحة زرارة ، فلا نتنزّل عمّا ذكرناه من الحكم ، وذلك لصحيحة أبي بصير ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فقالت : أنا حبلى ، وأنا أُختك من الرضاعة ، وأنا على غير عدّة ، قال : فقال : «إن كان دخل بها وواقعها فلا يصدقها ، وإن كان لم يدخل بها ولم يواقعها فليختبر وليسأل إذا لم يكن عرفها قبل ذلك» (١).

فإنّها بتفصيلها بين الدخول وعدمه حيث يجب الاختبار والسؤال في الثاني دون

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ١٨ ح ١.

١٨٥

[٣٧١٣] مسألة ٦ : إذا علم أنّ التزويج كان في العدّة مع الجهل بها حكماً أو موضوعاً ، ولكن شكّ في أنّه دخل بها حتى تحرم أبداً أو لا؟ يبني على عدم الدخول (١). وكذا إذا علم بعدم الدخول بها ، وشكّ في أنّها كانت عالمة أو جاهلة فإنّه يبني على عدم علمها (٢) فلا يحكم بالحرمة الأبدية.

[٣٧١٤] مسألة ٧ : إذا علم إجمالاً بكون إحدى الامرأتين المعينتين في العدّة ولم يعلمها بعينها ، وجب عليه ترك تزويجهما. ولو تزوج إحداهما بطل (٣) ولكن لا يوجب الحرمة الأبدية ، لعدم إحراز كون هذا التزويج في العدّة (٤).

______________________________________________________

الأوّل ، دلّت على صحة العقد وعدم تصديقها في دعواها على كلا التقديرين ، فتكون مقيدة لإطلاق صحيحة زرارة لو تمّ فتدلّ على اختصاص قبول قولها بما إذا كان الإخبار عن الحالة الفعلية ، وأما إذا كان الإخبار عن الحالة السابقة فلا يسمع قولها.

(١) لاستصحاب عدمه.

(٢) لاستصحاب العدم أيضاً.

(٣) للشكّ في جواز العقد بعد أن كان مقتضى العلم الإجمالي تنجيز المعلوم ومقتضى الاستصحاب هو عدم ترتب الأثر على ذلك العقد.

(٤) ولا ينافي ذلك تنجيز العلم الإجمالي.

هذا والظاهر أنّ محلّ كلامه (قدس سره) ما إذا علم بحدوث العدّة في إحداهما ، ثم شكّ في كونها هي المعقودة أم غيرها ، فإنّه حينئذ لا يحكم بثبوت الحرمة الأبدية ، لعدم إحراز الموضوع أعني كون المعقودة بخصوصها ذات عدّة مع العلم بذلك أو الدخول بها.

وأما إذا كان الشكّ في البقاء ، كما لو علم إجمالاً بانقضاء عدّة إحداهما بعد العلم بكونهما معاً في العدّة ، ثم شكّ في كونها هي المعقودة أم غيرها ، فإنّه حينئذ يحكم مضافاً إلى البطلان بثبوت الحرمة الأبدية ، وذلك لاستصحاب بقاء كل منهما في العدّة إذ لا مانع من جريانه بعد أن لم تكن فيه مخالفة قطعية للعلم الإجمالي بانقضاء عدّة إحداهما.

١٨٦

نعم ، لو تزوّجهما معاً حرمتا عليه في الظاهر ، عملاً بالعلم الإجمالي (*) (١).

[٣٧١٥] مسألة ٨ : إذا علم أنّ هذه الامرأة المعيّنة في العدّة ، لكن لا يدري أنّها في عدّة نفسه أو في عدّة لغيره ، جاز له تزويجها ، لأصالة عدم كونها في عدّة

______________________________________________________

والسرّ فيه أنّ نقض اليقين إنّما يكون بيقين مثله خاصة ، وحيث أنّ اليقين السابق بكونهما معاً في العدّة كان يقيناً تفصيلياً ، فلا يجوز نقضه باليقين الإجمالي بانقضاء عدّة إحداهما.

وبالجملة : فالعلم الإجمالي لا يصلح لمنع جريان الاستصحاب ، ما لم تكن في جريانه مخالفة قطعية للمعلوم إجمالاً كما هو الحال في المقام فيحكم بمقتضاه بثبوت الحرمة الأبدية.

وعلى هذا الأساس كان التزامنا بنجاسة ملاقي أحد الإناءين اللذين كانا محكومين بالنجاسة ، ثم علمنا بطهارة أحدهما إجمالاً.

(١) بحدوث حرمة أبدية في إحداهما ، ومقتضاه حرمتهما معاً ظاهراً. إلّا أنّ هذا العلم الإجمالي معارض بعلم إجمالي آخر ، هو وجوب وطء إحداهما في فترة لا تزيد عن أربعة أشهر من حين العقد. ومن هنا يحصل للمكلف علم بثبوت حكم إلزامي في حقّه ، لكنه لما كان مردداً بين الوجوب والحرمة ، حيث يعلم إجمالاً إما بوجوب وطء كل منهما أو حرمتها عليه أبداً ، فلا يمكن الاحتياط فيه لدورانه بين محذورين ، فلا يمكنه وطؤهما معاً كما لا يمكنه ترك وطئهما معاً كما هو ظاهر المتن لاستلزامه المخالفة القطعية.

إذن فلا مناص إمّا من الرجوع إلى القرعة ، وإما طلاق كلتيهما ، أو الزوجة الواقعية منهما ، فإنّه بذلك يتخلص من المخالفة القطعية ، لأنّ طلاق إحداهما باطل في الواقع ، والثانية ترتفع زوجيتها بالطلاق ، فيترك حينئذٍ وطأهما معاً من دون أن يكون فيه أيّ محذور.

__________________

(*) إلّا أنّ هنا علماً إجماليّاً آخر وهو العلم الإجمالي بحرمة وطء كل واحدة منها أو وجوبه قبل مضي أربعة أشهر ، فيدور أمر كل منهما بين المحذورين فلا مناص عندئذ من الرجوع إلى القرعة في المقام أو إلى طلاق كلتيهما.

١٨٧

الغير (١) فحاله حال الشكّ البدوي.

[٣٧١٦] مسألة ٩ : يلحق بالتزويج في العدّة في إيجاب الحرمة الأبدية تزويج ذات البعل (٢). فلو تزوجها مع العلم بأنّها ذات بعل حرمت عليه أبداً

______________________________________________________

(١) ولا تعارضها أصالة عدم كونها في عدّة نفسه ، لأنّها لا تصلح لإثبات موضوع البطلان والحرمة ، أعني كونها في عدّة غيره.

(٢) لا يخفى ما في التعبير باللحوق من مسامحة واضحة ، فإنّ التزوج بذات البعل موضوع مستقل للحرمة له أدلّته الخاصّة من النصوص ، فلا وجه لجعله من لواحق التزوج في العدّة في إيجاب الحرمة الأبدية.

ولعلّ الأصل في هذا التعبير ما ورد في القواعد من أنّه : لو تزوج بذات البعل ففي إلحاقه بالمعتدة إشكال ، ينشأ من عدم التنصيص ، ومن أولوية التحريم (١) ، وتبعه على ذلك جماعة منهم الشهيد الثاني (قدس سره) في الروضة (٢) وولد العلّامة (قدس سره) في الإيضاح (٣).

إلّا أنّه من غير الخفي أنّه ناشئ من غفلتهم عن النصوص الواردة في المقام ، وإلّا فلا وجه للقول بعدم وجود النص ومحاولة إثبات الحكم عن طريق إلحاقه بالتزوج من المعتدة ، لكونه أوْلى بثبوت الحرمة ، نظراً لأقوائية العلقة الزوجية في ذات البعل.

وكيف كان ، فالحكم في المسألة كما أفاده (قدس سره) وذلك لأنّ النصوص الواردة في المقام على طوائف.

منها : ما دلّ على ثبوت الحرمة الأبدية مطلقاً ، كمعتبرة أديم بن الحر ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : «التي تتزوج ولها زوج يفرق بينهما ثم لا يتعاودان أبداً» (٤).

ومنها : ما دلّ على جواز الرجوع فيما إذا كان الزوج جاهلاً ، كصحيحة عبد الرّحمن ابن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة ولها زوج

__________________

(١) قواعد الأحكام ٢ : ١٥.

(٢) اللّمعة الدمشقية ٥ : ١٩٩.

(٣) إيضاح الفوائد ٣ : ٧٤.

(٤) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ١.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو لا يعلم ، فطلقها الأوّل أو مات عنها ثم علم الأخير ، أيراجعها؟ قال : «لا ، حتى تنقضي عدّتها» (١).

فإنّها واردة في الجاهل ، وقد دلّت على جواز رجوعه إليها بعد انقضاء عدتها ، من غير تفصيل بين الدخول وعدمه.

فلو كنّا نحن وهاتين المعتبرتين لكان تخصيص الاولى بما إذا كان الزوج عالماً متعيناً وبذلك كانت تنحلّ المشكلة ، إلّا أنّ بإزاء الثانية صحيحتين لزرارة دلّتا على ثبوت الحرمة الأبدية بالدخول بالمرأة حتى ولو كان الزوج جاهلاً ، وهاتان الصحيحتان هما :

أوّلاً : صحيحته عن أبي جعفر (عليه السلام) في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوجت ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلقها ، قال : «تعتد منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة ، وليس للآخر أن يتزوجها أبداً» (٢).

ثانياً : صحيحته عنه (عليه السلام) أيضاً ، قال : «إذا نعي الرجل إلى أهله أو أخبروها أنّه قد طلقها ، فاعتدّت ثم تزوّجت فجاء زوجها الأول ، فإنّ الأوّل أحقّ بها من هذا الأخير ، دخل بها الأوّل أو لم يدخل بها ، وليس للآخر أن يتزوجها أبداً ، ولها المهر بما استحلّ من فرجها» (٣).

فإنّهما واردتان في فرض الدخول بها ، كما يظهر من قوله (عليه السلام) في الأُولى : «تعتدّ منهما جميعاً» وقوله (عليه السلام) في الثانية : «ولها المهر بما استحلّ من فرجها». فإنّه لو لم يكن الدخول بها مفروضاً لم يكن وجه لاعتدادها منه أيضاً ، كما لم يكن وجه لاستحقاقها المهر بالنظر إلى ما استحلّ من فرجها ، وقد دلّتا على ثبوت الحرمة الأبدية في هذا الفرض وهو الدخول مطلقاً ، من غير تفصيل بين صورة علم الزوج بالحال وصورة جهله به.

إذن فلا بدّ من ملاحظة النسبة بين هاتين الصحيحتين وصحيحة عبد الرّحمن.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ٣.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ٢.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ٦.

١٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن هنا فإن استظهرنا من هاتين الصحيحتين جهل الزوج بأنّ للمرأة زوجاً على ما استظهره بعضهم فالنسبة بينهما إنّما هي عموم وخصوص مطلق. حيث دلّت صحيحة عبد الرّحمن على جواز التزوج منها في فرض الجهل سواء أكان قد دخل بها أم لم يكن ، في حين أنّ هاتين الصحيحتين تدلّان على ثبوت الحرمة في فرض الجهل والدخول بالمرأة. ومن هنا فتخرج هذه الصورة الجهل مع الدخول من إطلاق صحيحة عبد الرّحمن ، فتختصّ بصورة الجهل مع عدم الدخول لا محالة.

وأما إذا لم نستظهر ذلك لعدم وجود قرينة عليه ، فالنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه. فإنّ صحيحة عبد الرّحمن واردة في فرض الجهل لكنها مطلقة من حيث الدخول وعدمه ، في حين أنّ المفروض في صحيحتي زرارة هو الدخول ولكنهما مطلقتان من حيث الجهل وعدمه. فيكون التعارض بينهما في المجمع أعني صورة الدخول مع الجهل حيث تدلّ صحيحة عبد الرّحمن على جواز التزوج منها بعد انقضاء عدتها ، في حين أنّ هاتين الصحيحتين تدلّان على ثبوت الحرمة وعدم جواز التزوّج منها أبداً.

وحينئذ فقد يقال : بأنّ المرجع هو عمومات الحلّ ، وذلك لتساقط دليلي الجواز والحرمة بالمعارضة. إلّا أنّ إشكاله واضح ، فإنّه لا مجال للرجوع إلى عمومات الحلّ بعد أن دلّت معتبرة أديم بن الحر على الحرمة الأبدية مطلقاً ، بل مقتضى القواعد الرجوع إلى إطلاقها عند ابتلاء المخصّص بالمعارض.

ثم لا يخفى أنّ في المقام رواية أُخرى تدلّ على جواز الرجوع إليها في فرض الجهل وهي مرفوعة أحمد بن محمد : «إنّ الرجل إذا تزوج امرأة وعلم أنّ لها زوجاً فرّق بينهما ولم تحل له أبداً» (١). حيث تدلّ بمفهوم الشرط على عدم ثبوت الحرمة الأبدية ، وجواز الرجوع إليها في فرض الجهل. إلّا أنّها ضعيفة لا يمكن الاستدلال بها ، فإنّها مضافاً إلى كونها مرفوعة لم تنسب إلى المعصوم (عليه السلام).

إذن فالمتحصّل مما تقدّم أنّ الخارج من إطلاق معتبرة أديم الدالّة على عدم جواز التزوج بها ، إنّما هو فرض جهل الزوج مع عدم الدخول بها خاصة. وبذلك فيكون

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ١٠.

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الحال في ذات البعل كالحال في المعتدة ، حيث تحرم أبداً بالتزوج بها مع العلم أو الجهل مع الدخول.

نعم ، قد يتوهّم كون صحيحة عبد الرّحمن ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل تزوج امرأة ثم استبان له بعد ما دخل بها أنّ لها زوجاً غائباً فتركها ، ثم أنّ الزوج قدم فطلّقها أو مات عنها ، أيتزوجها بعد هذا الذي كان تزوّجها ولم يعلم أنّ لها زوجاً؟ قال : «ما أُحبّ له أن يتزوجها حتى تنكح زوجاً غيره» (١) معارضة لما دلّ على ثبوت الحرمة الأبدية بالتزوج بها جاهلاً مع الدخول.

وفي مقام حل المعارضة أفاد صاحب الوسائل (قدس سره) بأنّ كلمة (دخل بها) محمولة على إرادة مجرّد الخلوة بها ، وبذلك تنحلّ مشكلة التعارض حيث يكون مورد هذه الصحيحة فرض الجهل وعدم وطئه لها ، وقد عرفت أنّ مقتضى النصوص المتقدمة جواز الرجوع إليها في هذا الفرض أيضاً ، فلا يكون بينهما أي منافاة.

إلّا أنّ هذا التوجيه بعيد غايته ، فإنّه لا أثر لمجرد الخلوة بها كي يسأل عنه بخصوصه ، بل لا يحتمل أن يكون لذلك دخل في الحكم ، ومن هنا فحمل الصحيحة عليه لا يكون من الجمع العرفي.

ولكنّ الصحيح في المقام هو أن يقال : إنّه لا تعارض بينهما بالمرة ، وذلك لأنّ توهّم المعارضة إنّما ينشأ من إحدى جهتين :

الاولى : قوله (عليه السلام) : «ما أُحب» بدعوى ظهوره في الكراهة وهي تستلزم الجواز ، فتكون الرواية دالّة عليه.

وفيه : ما مرّ غير مرة من أنّه لا ظهور له في الكراهة الاصطلاحية ، بل إنّما يستعمل فيما هو أعمّ منها ومن الحرمة ، ومعه فلا يبقى لها ظهور في الجواز.

الثانية : قوله (عليه السلام) (حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) بدعوى ظهوره في جواز التزوج منها بعد ذلك.

وفيه : أنّه واضح الاندفاع ، وذلك لأنّ كلمة «حتى» فيها ليست للتحديد جزماً ، إذ كيف يمكن أن يكون تزوجها من الغير مجوزاً لتزوجه منها ، بل ذلك إنّما يوجب عظم

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٦ ح ٤.

١٩١

مطلقاً سواء دخل بها أم لا ، ولو تزوجها مع الجهل لم تحرم (*) (١) إلّا مع الدخول بها ، من غير فرق بين كونها حرّة أو أَمة مزوّجة ، وبين الدوام

______________________________________________________

حالها وشدّة أمرها به حيث تصبح به ذات بعل ، إذ لم يذكر فيها كون تزوجه منها ثانياً بعد طلاق الزوج الجديد لها وانقضاء عدّتها منه.

وإنّما هذه الكلمة حتى فيها مستعملة للغاية ، وبذلك فيكون معنى الرواية : أنّه لا يتزوجها كي يتزوجها غيره. فتكون الغاية من ترك تزوجه منها هي عدم جعلها معطّلة ، بل فتح الباب لغيره كي يتزوج منها.

إذن فلا تكون في هذه الصحيحة دلالة على جواز تزوجه منها ثانياً ، بعد أن تزوج منها ولها زوج ودخل بها وهو لا يعلم. ومن هنا فلا وجه لتوهّم كونها معارضة لما دلّ على ثبوت الحرمة الأبدية في تلك الحالة.

(١) حتى ولو كانت الزوجة عالمة بالحال ، لعدم الدليل على تأثير علمها في الحرمة ، بل مقتضى إطلاق الأخبار لا سيما صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج أنّ المدار في ثبوت الحرمة الأبدية إنّما هو علم الزوج من دون أن يكون لعلم الزوجة أو جهلها دخل فيه ، فما دام الزوج جاهلاً لا تثبت الحرمة الأبدية ، كانت الزوجة عالمة أم كانت جاهلة مثله ، وبهذا يظهر الفرق بين المعتدة وذات البعل.

نعم ، قد يستدل لثبوت الحرمة الأبدية عند علم الزوجة بالموضوع أو الحكم بالأولوية القطعية ، وذلك لأنّ العلقة الزوجية في المعتدّة على ضعفها إذا كانت توجب الحرمة الأبدية عند علمها ، فهي توجب ذلك في المقام بطريق أوْلى لأقوائيتها.

إلّا أنّه مردود بأنّ غاية ما يمكن أن يقال عن هذه الأولوية أنها مظنونة وليست بقطعية ، فإنّ هذه الأحكام تعبدية محضة ، ولا يمكن كشف الملاك منها وإحراز أنّه هو العلقة الزوجية ، بل يمكن دعوى العلم بعدم كونها هي الملاك في ثبوت الحرمة في التزوج من ذات العدّة ، وذلك لثبوت الحرمة الأبدية في موارد لا يوجد فيها أي نوع من العلقة الزوجية كالتزوج من المعتدّة عدّة وطء الشبهة ، أو المعتدّة عن الطلاق

__________________

(*) حتى مع علم الزّوجة بالحال على الأظهر ، وبذلك يظهر الفرق بين المعتدّة وذات البعل.

١٩٢

والمتعة في العقد السابق واللّاحق (١). وأما تزويج أَمة الغير بدون إذنه مع عدم

______________________________________________________

التاسع ، أو المعتدّة عن فسخ النكاح لرضاع ، أو ما شابهه مع العلم بالموضوع أو الحكم فإنّها تثبت مع أنّ العلقة الزوجية فيها مفقودة بالمرة ، فإنّ ذلك يكشف عن عدم كون وجود العلقة الزوجية ملاكاً لثبوت الحرمة الأبدية.

إذن فالصحيح هو الاقتصار على مورد النص وعدم التجاوز عنه.

ثم إنّ مقتضى الأخبار الواردة في المقام اختصاص الحرمة بصورة علم الزوج بالموضوع خاصة ، حيث لم يرد في شي‌ء منها التعرض لصورة علمه أو جهله بالحكم. إلّا أنّ الظاهر عدم اختصاصها بها وكون الملاك في المقام هو الملاك في المعتدّة ، أعني علم الزوج بالموضوع أو الحكم. ولعلّ الوجه في عدم التعرض إليه في النصوص كونه مما لا يخفى على أحد من المسلمين بل وغيرهم أيضاً ، فإنّ عدم الجواز واضح للكل إلى حدّ لا يظن خفاؤه على أحد.

وتدلّ عليه صحيحة عبد الرّحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة ، أهي ممن لا تحلّ له أبداً؟ فقال : «لا أمّا إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها ، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك». فقلت : بأيّ الجهالتين يعذر ، بجهالته أنّ ذلك محرّم عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟ فقال : «إحدى الجهالتين أهون من الأُخرى ، الجهالة بأنّ الله حرّم ذلك عليه وذلك لأنّه لا يقدر على الاحتياط معها». فقلت : وهو في الأُخرى معذور؟ قال : «نعم ، إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها». فقلت : فإن كان أحدهما متعمداً والآخر بجهل؟ فقال : «الذي تعمّد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبداً» (١).

فإنّها دالة بوضوح على أنّ الجهل بالموضوع وإن كان عذراً إلّا أنّ الجهل بالحكم أعظم ، وذلك لعدم إمكان الاحتياط معه.

ومن هنا يتحصل أنّ الملاك في المقام كالملاك في التزوج بالمعتدّة ، فيدور الحكم ثبوتاً وعدماً على علم الزوج وجهله بالموضوع أو الحكم.

(١) كل ذلك لإطلاق الأدلّة ، حيث لم يرد في شي‌ء منها التقييد بشي‌ء مما ذكر.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٤.

١٩٣

كونها مزوّجة ، فلا يوجب الحرمة الأبدية (١) وإن كان مع الدخول والعلم.

[٣٧١٧] مسألة ١٠ : إذا تزوج امرأة عليها عدّة ولم تشرع فيها كما إذا مات زوجها ولم يبلغها الخبر ، فإنّ عدّتها من حين بلوغ الخبر فهل يوجب الحرمة الأبديّة أم لا؟ قولان (٢) أحوطهما الأوّل ، بل لا يخلو عن قوّة.

______________________________________________________

(١) لعدم تحقق موضوعها ، فإنه ليس من التزوج بذات البعل أو التزوج بالمعتدّة.

(٢) ذهب جماعة منهم صاحب الجواهر (قدس سره) إلى عدم ثبوتها نظراً إلى عدم كون المرأة ذات بعل أو معتدّة (١) ، في حين ذهب آخرون منهم الماتن (قدس سره) إلى ثبوتها. والكلام في هذه المسألة ينبغي أن يكون في موردين :

الأوّل : في بطلان العقد وعدمه.

الثاني : في ثبوت التحريم الأبدي وعدمه.

أمّا الأول : فالحكم بالبطلان مما لا ينبغي الإشكال أو الخلاف فيه.

والوجه فيه أنّ المستفاد من الآية الكريمة والنصوص الواردة في لزوم الاعتداد أنّ التحليل إنّما يكون بعد انقضاء عدتها ، فما لم تعتدّ وتتربص بنفسها أربعة أشهر وعشراً أو ثلاثة قروء لم يجز للرجال للتزوج منها.

وأمّا الثاني : فالصحيح في المقام هو ما اختاره الماتن (قدس سره) ، وذلك لأحد وجهين :

الوجه الأوّل : دعوى كونها معتدّة بالفعل ، وذلك بتقريب وجوب العدّة على كل امرأة يموت عنها زوجها من حين وفاته ، فيجب عليها من ذلك الحين الاعتداد والتربص بنفسها ، غاية الأمر أنّ مبدأ التربص بحسب النصوص إنّما هو من حين بلوغها نبأ وفاته ، وعلى هذا فتكون من حين الوفاة محكومة بحرمة التزوج منها حتى تعدّ الأيام المعلومة.

وبعبارة اخرى : إنّ التربص واجب على المرأة من حين موت زوجها فهي ذات عدّة من تلك اللحظة ، إلّا أنّ مبدأ الأربعة أشهر وعشرة أيام إنّما يكون من حين بلوغها الخبر. ومن هنا يحكم بثبوت الحرمة الأبدية فيما إذا تزوجها رجل ، وهو يعلم

__________________

(١) الجواهر ٢٩ : ٤٣٦.

١٩٤

[٣٧١٨] مسألة ١١ : إذا تزوج امرأة في عدّتها ودخل بها مع الجهل ، فحملت مع كونها مدخولة للزوج الأول ، فجاءت بولد. فإن مضى من وطء الثاني أقل من ستة أشهر ، ولم يمض من وطء الزوج الأول أقصى مدّة الحمل ، لحق الولد بالأوّل (١). وإن مضى من وطء الأول أقصى المدّة ، ومن وطء الثاني ستة أشهر أو أزيد إلى ما قبل الأقصى ، فهو ملحق بالثاني (٢). وإن مضى من الأوّل أقصى المدّة ،

______________________________________________________

أو لا يعلم ولكن قد دخل بها ، وذلك لكونها معتدّة حقيقة.

الوجه الثاني : أنّ الموضوع للحرمة الأبدية في النصوص ليس هو التزوج من المعتدّة ، بل الموضوع فيها ما هو أوسع من ذلك ، وهو التزوج منها قبل انقضاء عدّتها على ما دلت عليه معتبرة إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الأَمة يموت سيدها ، قال : «تعتدّ عدّة المتوفى عنها زوجها». قلت : فإنّ رجلاً تزوجها قبل أن تنقضي عدّتها؟ قال : فقال : «يفارقها ثم يتزوجها نكاحاً جديداً بعد انقضاء عدّتها». قلت : فأين ما بلغنا عن أبيك في الرجل إذا تزوج المرأة في عدّتها لم تحلّ له أبداً؟ قال : «هذا جاهل» (١).

فإنها تدلّ على كون التزويج قبل انقضاء عدّة المرأة موجباً للحرمة الأبدية إذا كان ذلك عن علم ، ومن الواضح أنّ التزوج قبل انقضاء العدّة أعم من التزوج منها بعد شروعها في العدّة أو قبل ذلك. وبهذا فيشمل النص المقام ، ومقتضاه ثبوت الحرمة الأبدية ، كما هو واضح.

والحاصل أنّ الحرمة الأبدية ثابتة في المقام ، أما من جهة كونها معتدة بالفعل ، أو من جهة كون موضوعها أعمّ من التي شرعت في العدّة والتي لم تشرع فيها ، حيث يصدق على ذلك التزوج أنّه تزوج قبل انقضاء عدّتها.

(١) بلا خلاف فيه بينهم ، وتدلّ عليه قاعدة الفراش ، كما تؤيده مرسلة جميل بن صالح الآتية.

(٢) بلا إشكال. ويقتضيه مضافاً إلى مرسلة جميل أنّ المنفي بحسب النصوص إنّما هو الإلحاق بالزاني خاصة وهذا ليس منه ، حيث أنّ المفروض كون الوطء شبهة

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٥.

١٩٥

ومن الثاني أقلّ من ستة أشهر ، فليس ملحقاً بواحد منهما (١). وإن مضى من الأوّل ستة فما فوق ، وكذا من الثاني ، فهل يلحق بالأوّل أو الثاني ، أو يقرع؟ وجوه أو أقوال ، والأقوى لحوقه بالثاني (*) لجملة من الأخبار (٢). وكذا إذا تزوّجها الثاني بعد تمام العدّة للأوّل واشتبه حال الولد.

______________________________________________________

وهو في حكم الفراش ، فيلحق به الولد لا محالة.

(١) للعلم بانتفائه عنهما معاً ، ومعه فلا مجال لانتسابه إلى أحد منهما.

(٢) إلّا أنّها أمّا ضعيفة من حيث السند ، وإمّا لا دلالة فيها. وهذه الروايات هي :

أوّلاً : مرسلة جميل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) في المرأة تزوج في عدتها ، قال : «يفرّق بينهما ، وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً ، وإن جاءت بولد لستة أشهر أو أكثر فهو للأخير ، وإن جاءت بولد لأقلّ من ستة أشهر فهو للأوّل» (١).

ودلالتها واضحة ، فإنّ مقتضى إطلاقها هو لحوق الولد بالثاني فيما إذا ولد لستة أشهر أو أكثر ، سواء أمكن إلحاقه بالأول أيضاً أم لم يمكن.

إلّا أن الكلام في سندها ، فإنّ الشيخ (قدس سره) قد رواها في موضعين ، اقتصر في أحدهما على ذكر اسم جميل من دون أن ينسبه إلى صالح (٢) ، في حين نسبه في الموضع الثاني إليه (٣). وعلى كلا التقديرين فالرواية بهذا السند ضعيفة ، لأنّها مرسلة. على أنّ في طريقها علي بن حديد وهو لم يوثق.

لكنه قد يقال : بأنّها وإن كانت بهذا السند ضعيفة إلّا أن الشيخ الصدوق (قدس سره) قد روى هذا المتن بعينه عن جميل بن دراج (٤) ، وحيث أنّ طريق الصدوق (قدس سره) إليه صحيح تكون الرواية معتبرة سنداً.

__________________

(*) فيه إشكال ، ولا يبعد الرجوع إلى القرعة.

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١٤.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٠٩ / ١٢٨٣.

(٣) التهذيب ٨ : ١٦٨ / ٥٨٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٣٠١ / ١٤٤١.

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه : أنّ هذا السند لا يمكن الاعتماد عليه أيضاً ، وذلك لأنّ الصدوق (قدس سره) لم يذكر من يروي جميل بن دراج عنه ، فإنّه قال : وفي رواية جميل بن دراج ، ثم ذكر المتن المتقدِّم من دون أن يتعرّض إلى المرويّ عنه وهل هو الإمام (عليه السلام) أو غيره.

ومن هنا فمن المظنون قوياً وقوع السهو في قلم الشيخ (قدس سره) ، وأنّ الراوي لهذه الرواية إنّما هو جميل بن دراج لا جميل بن صالح. والوجه فيه أنّ علي بن حديد لم يرو ولا رواية واحدة في مجموع الكتب الأربعة عن جميل بن صالح ، في حين أنّ رواياته عن جميل بن دراج كثيرة جدّاً.

وليس وقوع هذا السهو منه (قدس سره) بغريب ، فقد روى الشيخ (قدس سره) في التهذيب (ج ٧ رقم ١٠٧٤) رواية عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن ضريس بن عبد الملك. إلّا أنّ الشيخ الصدوق (قدس سره) قد رواها بعينها ، ولكن ذكر فيها جميل بن دراج بدلاً عن جميل بن صالح (١) وهو الصحيح. إلّا أنّ الخطأ في هذا المورد ليس كالمورد الأوّل بقطعي ، حيث أن للحسن بن محبوب روايات عن جميل بن صالح وإن قلّت.

وعلى هذا فالمتحصّل أنّ الشيخ الصدوق (قدس سره) إنّما يشير بقوله : وفي رواية جميل بن درّاج ، إلى الرواية التي نسبها الشيخ (قدس سره) إلى جميل بن صالح ، ومن هنا فتكون هذه الرواية مرسلة أيضاً.

ولو تنزّلنا عن ذلك كلّه فطريق الصدوق (قدس سره) إلى جميل بن دراج ليس بصحيح كما قيل بل هو مجهول ، وذلك لأنه (قدس سره) يروي في كتابه (من لا يحضره الفقيه) عن محمد بن حمران في غير مورد ، كما يروي عن جميل بن دراج كثيراً ، ويروي عنهما معاً في غير مورد أيضاً. ولكنه في المشيخة اقتصر على ذكر طريقه إلى محمد بن حمران وإليهما معاً خاصة ، ولم يتعرض إلى ذكر طريقه إلى جميل ابن دراج فيما يروي عنه منفرداً ، حاله حال طريقه إلى عدّة من أرباب الكتب (٢).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٩٠ / ١٣٧٨.

(٢) راجع الفقيه ٤ : ١٧ ، ٨٩.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ومن هنا فلا يمكن الحكم بصحة الرواية ، نظراً إلى مجهولية طريق الصدوق (قدس سره) إلى جميل بن دراج.

ثانياً : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «إذا كان للرجل منكم الجارية يطأها فيعتقها فاعتدّت ونكحت ، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه لمولاها الذي أعتقها ، وإن وضعت بعد ما تزوجت لستة أشهر فإنه لزوجها الأخير» (١).

بدعوى أنّها كالمرسلة المتقدمة دالة بإطلاقها على أنّها لو وضعت لأكثر من ستة أشهر فهو ملحق بالثاني ، سواء أمكن إلحاقه بالأوّل أيضاً لعدم مضي أقصى مدّة الحمل أم لم يمكن.

إلّا أنّها واضحة الدفع ، فإنّها واردة في تزوّج الثاني منها بعد انقضاء عدّتها من الأول ، ومن الواضح أنّها بذلك تخرج عن فراش الأول بحكم الشارع وتصبح محللة للأزواج ، ومعه فكيف يمكن الحكم بلحوق الولد بالأول ، فإنه ليس إلّا إفساداً للعقد المحكوم عليه بالصحة.

وبعبارة اخرى : إنّ فراش مولاها قد زال بالاعتداد وبذلك فقد حلت للأزواج ظاهراً.

ومن هنا فإن كانت هناك قرينة على عدم خروجها من العدّة وعدم حلها للأزواج كما لو وضعت لدون ستة أشهر من زواج الثاني حكم ببطلان نكاحه ، وبذلك يكون وطؤه لها شبهة ويلحق الولد بالأول ، لظهور بقاء فراشه. وأمّا إذا لم تكن هناك قرينة على ذلك كان فراش الثاني وزواجه صحيحاً ، فيحكم بلحوق الولد به على القاعدة ومن دون حاجة إلى النص ، فإنّ علاقة الأوّل قد زالت بالاعتداد وقد أصبحت فراشاً للثاني. ولكن أين ذلك من المقام المفروض فيه كون التزوج باطلاً وكون الوطء في فراش الزوج الأول؟

ثالثاً : رواية البزنطي عمن رواه عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل إذا طلق امرأته ، ثم نكحت وقد اعتدّت ووضعت لخمسة أشهر؟ «فهو للأوّل ، وإن كان الولد أنقص من ستة أشهر فلأُمّه ولأبيه الأوّل ، وإنْ ولدت لستة

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب أحكام الأولاد ، ب ١٧ ح ١٤.

١٩٨

[٣٧١٩] مسألة ١٢ : إذا اجتمعت عدّة وطء الشبهة مع التزويج أو لا معه وعدّة الطّلاق أو الوفاة أو نحوهما ، فهل تتداخل العدّتان ، أو يجب التعدّد؟ قولان المشهور على الثاني وهو الأحوط ، وإن كان الأول لا يخلو عن قوّة (١)

______________________________________________________

أشهر فهو للأخير» (١).

إلّا أنّ الحال فيها كالحال في الصحيحة المتقدمة تماماً ، فإنها أجنبية عن محلّ الكلام ، مضافاً إلى ضعف سندها بالإرسال فلا مجال للاعتماد عليها.

رابعاً : مضمرة أبي العباس ، قال : قال : إذا جاءت بولد لستة أشهر فهو للأخير ، وإن كان لأقلّ من ستة أشهر فهو للأول (٢).

وهي مخدوشة سنداً ومتناً.

أمّا الأوّل : فلأنّ كلمة (قال) إنّما هي مكررة في نسخة الوسائل خاصة ، وأمّا في التهذيب فلم تذكر إلّا مرة واحدة (٣) ، ومن هنا فيكون متنها فتوى لأبي العباس نفسه ، وبذلك تخرج عن كونها رواية بالمرة.

وأمّا الثاني : فلمجهولية مرجع الضمير في قوله : (جاءت) وهل هو المعتدّة عن وفاة ، أو طلاق ، أو الوطء شبهة ، أم هو الأَمة التي أعتقها مولاها ثم تزوجت من غيره بعد انقضاء العدّة. ومن هنا فلا يمكن الاستدلال بها ، لاحتمال كون مرجعه هو الأخير ، فيكون حالها حال الروايتين الأخيرتين.

والحاصل أنّ بملاحظة هذه الأخبار يتّضح أنّه لا مجال لاستفادة لحوق الولد بالزوج الأوّل أو الثاني من شي‌ء منها. إذن ينحصر أمر تعيين لحوق الولد بأحدهما بالقرعة ، فإنها لكل أمر مشكل وهذا منه.

(١) الكلام في هذه المسألة ينبغي أن يكون في مقامين :

الأوّل : ما تقتضيه القاعدة مع غضّ النظر عن النصوص.

الثاني : ما تقتضيه النصوص الواردة في المقام.

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب أحكام الأولاد ، ب ١٧ ح ١١.

(٢) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب أحكام الأولاد ، ب ١٧ ح ١٢.

(٣) التهذيب ٨ : ١٦٧ / ٥٨٣.

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أمّا المقام الأوّل : فلا ينبغي الشكّ في كون مقتضاها هو التداخل.

والوجه في ذلك واضح ، فإنّ النصوص المتضافرة قد دلت على لزوم الاعتداد من الطلاق والوفاة ووطء الشبهة والفسخ ، كما دلّت هاتيك النصوص على أنّ مبدأ العدّة إنّما هو في غير الوفاة من حين وقوع السبب ، وأما فيها فإنّما هو من حين بلوغها الخبر ، وهذا واضح ولا خلاف فيه. وعلى هذا فلو اجتمع سببان للعدّة في زمان واحد كان القول بالتداخل مما لا بدّ منه ، نظراً لعدم قابلية الزمان الواحد لاجتماعهما فيه ، فإن الزمان الواحد لا يقبل إلّا عدّة واحدة. ومن هنا فحيث إنّ جعل مبدإ إحدى العدّتين وزمانها متأخراً عن زمان الأُخرى يحتاج إلى الدليل وهو مفقود ، فلا مناص من الالتزام بالتداخل.

وليس هذا الذي ذكرناه في المقام منافياً لما ذكرناه في المباحث الأُصولية من كون التداخل على خلاف الأصل ومحتاجاً إلى الدليل ، فإنّه إنّما هو في الموارد القابلة للتعدّد ، فلا يشمل مثل المقام حيث لا قابلية للزمان لوقوع العدّتين فيه.

وأمّا المقام الثاني : فالروايات الواردة فيه على طوائف ثلاث :

الطائفة الأُولى : ما دلّت على التداخل مطلقاً ، وهي عبارة عن روايتين معتبرتين :

أُولاهما : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما وتعتدّ عدّة واحدة منهما جميعاً» (١).

ثانيتهما : معتبرة أبي العباس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المرأة تزوج في عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما ، وتعتد عدّة واحدة منهما جميعاً» (٢).

وأما الطائفة الثانية : فهي ما دلّت على عدم التداخل مطلقاً ، وأنّه لا بدّ من الاعتداد ثانية بعد انقضاء عدتها الاولى ، وهي أيضاً روايتان معتبرتان :

الأُولى : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدّتها ، قال : «إن كان دخل بها فرّق بينهما ولن تحلّ له أبداً وأتمّت عدّتها من الأوّل وعدّة اخرى من الآخر» ، الحديث (٣).

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١١.

(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ١٢.

(٣) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب ١٧ ح ٩.

٢٠٠