مصابيح الظلام - ج ١

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ١

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-1-9
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٤٦٢

والأدعية مثل : «مصباح المتهجّد» ـ أنّ حكمهما واحد إلّا في الأقلّ (١).

وربّما استثنوا أيضا أنّ الحيض دليل للبلوغ بخلاف النفاس (٢) ، ولعلّه لا حاجة إلى التنبيه عليه ، مع أنّ المانع أمر خارجي إذا تحقّق في الحيض أيضا لا يصير دليلا على البلوغ ، فهذا ليس من جهة أنّه ليس بحكم الحيض ، فتأمّل!

وربّما استثنوا انقضاء العدّة (٣) ، فإنّه يكون بالحيض.

وفيه ؛ أنّه مثل الحيض في هذا أيضا إلّا أنّه قلّما يتّفق المصداق بسبب المانع الخارجي ، ولذا لو حملت من زنا ، ورأت قرءين في الحمل ، حسب النفاس قرءا آخر ، وانقضت العدّة به.

واستثني فيه أيضا أنّه لا يرجع فيه إلى عادتها في النفاس ، لو اتّفق حصولها مخالفة لعادتها في الحيض (٤).

وفيه ، أنّه مجرّد فرض لعلّه لا يتحقّق أصلا ، مع أنّ تحقّق العادة أمر شرعي لا مجرّد فرض ، فلو لم يرد من الشرع في الحيض بالمرّتين لما كنّا ندري ، فتأمّل!

واستثني أيضا أنّها لا ترجع في النفاس إلى عادة نسائها أو إلى الروايات (٥).

وفيه ؛ أنّ العلّامة رحمه‌الله احتمل رجوعها إلى الروايات فيما إذا تجاوز عن العشرة (٦).

والحاصل ؛ أنّ أكثر الأصحاب قالوا : حكمه حكم الحيض ، وربّما استثنوا

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ١٢.

(٢) روض الجنان : ٩٠.

(٣) منتهى المطلب : ٢ / ٤٤٧ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٥٠ ، لاحظ! مستند الشيعة : ٣ / ٤٥.

(٤) روض الجنان : ٩٠.

(٥) مدارك الأحكام : ٢ / ٥١.

(٦) منتهى المطلب : ٢ / ٤٤٣ و ٤٤٤.

٢٨١

خصوص الأقلّ لا غير (١) ، وربّما استثنوا الثلاثة الاول ، فلا بدّ في الاستثناء من دليل ، من إجماع أو نصّ أو عقل ، مثل الحامل في التوأمين إذا وضعتهما متفرّقين في الزمان ، فإنّه لا يشترط مضي العشرة التي هي أقلّ الطهر في الحيض بينهما ، وأمثال ذلك.

وإذا تراخى ولادة أحد التوأمين فعدد أيّام النفاس من وضع التوأم الثاني ، وابتداء نفاسها من التوأم الأوّل ، وغسلها كغسل الحائض.

والحمد لله أوّلا وآخرا ، تمّت مباحث الحيض والنفاس والاستحاضة.

__________________

(١) لم ترد في (ز ١) و (ز ٣) من قوله : وربّما استثنوا. إلى قوله : لا غير.

٢٨٢

٥ ـ مفتاح

[تقسيم الطهور]

الطهور قسمان : اختياري واضطراري بنصّ الكتاب (١).

وإنّما اعتبر وجدانه لإطلاق شرطيّة الطهارة ، واستلزام المشروط الشرط ، وامتناع تكليف ما لا يطاق.

ولا أعرف مخالفا إلّا في وجوب القضاء ويأتي.

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

٢٨٣
٢٨٤

قوله : (بنصّ الكتاب).

وهو قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ). إلى قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) (١).

وقوله : (إنّما اعتبر وجدانه). إلى آخره.

وهو الذي ذكره سابقا من قوله : واجد للطهور ، ومرّ الكلام منّا مستوفى (٢).

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) راجع! الصفحة : ٨٠ ـ ٨٨ من هذا الكتاب.

٢٨٥
٢٨٦

٦ ـ مفتاح

[وجوب صلاة الجمعة وأحكامها]

تجب صلاة الجمعة على كلّ مكلّف ، ذكر ، حرّ ، حاضر ، سالم من العمى والمرض ، والهمّ ، وكلّ ما يؤدّي مع التكليف بها إلى الحرج ، بشرط وجود إمام ذكر بالغ مؤمن ، عادل قادر على الإتيان بالخطبة ، طاهر المولد ، سالم من الجنون والجذام والبرص والحدّ الشرعي ، والأعرابيّة والرقيّة والسفر ، ووجود أربعة نفر ذكور غيره من المسلمين المكلّفين الحاضرين الأحرار ، غير بعيدين جميعا بفرسخين لا غير.

وتجزي حينئذ عن فرض الظهر بشروط ثلاثة هي شروط صحّتها : الخطبتان والجماعة ، وعدم جمعة اخرى بينهما أقلّ من فرسخ.

ولا يجزي الظهر عنها إلّا إذا كانوا أقلّ من سبعة ، أو يكون هناك تقيّة أو فتنة.

أمّا وجوبها ؛ فمن الضروريّات بالكتاب والسنّة المتواترة ، وأمّا الشروط على الوجه المذكور فأكثرها مجمع عليه منصوص به في الصحاح ، وإنّما الخلاف في موضعين :

٢٨٧

أحدهما : عدم اشتراط شي‌ء غير ما ذكر ، وهو للديلمي والحلّي ، حيث اشترطا حضور إمام الأصل عليه‌السلام ، أو نائبه المأذون من قبله بالإذن الخاص (١) ، زعما منهما أنّه مجمع عليه عندنا ، وأنّ فرض الظهر ثابتة في الذمّة بيقين ، فلا يبرأ المكلّف إلّا بفعله ، وكلاهما مقلوب عليهما ، كما بينّاه في الكتاب الكبير (٢).

والثاني : عدم إجزاء الظهر عنها ، وهو لجماعة من المتأخّرين ، حيث ذهبوا إلى إجزائه عنها في زمان الغيبة مطلقا (٣) ، وأنّ وجوبها حينئذ تخييري وإن كانت أفضل ، لاشتراطهم الإمام عليه‌السلام أو نائبه الخاصّ في الوجوب العيني زعما منهم أنّه مجمع عليه عندنا ، وأنّ بعض الآثار والأخبار يدلّ عليه ، وكلاهما مقدوح كما بيّناه.

ومنهم من زعم إجماع أصحابنا على اشتراط النائب العام (٤) ، وهو الفقيه الجامع لشرائط الفتوى في أصل الوجوب فإن اريد اشتراط الاستفتاء منه في فعلها إن لم يكن هو هو لشبهة الخلاف فله وجه ، وإلّا فلا مأخذ له ولا برهان عليه.

__________________

(١) المراسم : ٧٧ ، المعتبر : ٢ / ٢٧٩.

(٢) الوافي : ٨ / ١١٢٥ ـ ١١٢٨.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ١٠٤ ، جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٤ و ٣٧٥ ، مدارك الأحكام : ٤ / ١٥ و ٢٤.

(٤) المعتبر : ٢ / ٢٧٩.

٢٨٨

قوله : (تجب [صلاة] الجمعة). إلى آخره.

وجوبها على جميع المكلّفين من ضروريّات الدين ، كما صرّح به سابقا ، وكذا كون الوجوب عينيّا ، وكذا كونها مشروطة بشرائط ، ولا نزاع إلّا في شرط واحد ، وهو الإذن الخاص من الإمام عليه‌السلام إن لم يكن إمامها الإمام عليه‌السلام.

ومع عدمه قيل بالحرمة (١) ، لفقدان أحد شروطها ، وقيل بالوجوب التخييري وهو المشهور بين علمائنا (٢).

وهل كان من جملتهم من يقول بعينيّة الوجوب في ذلك الزمان (٣)؟

قيل : نعم ، ونسبوه إلى المفيد وغيره (٤). وقيل : لا (٥) ، بل لم يكن هذا المذهب عند قدمائنا والمتأخّرين منهم ، سوى صاحب الرسالة المعهودة التي ستعرفها ، وبعده تبعه صاحب «المدارك» (٦) ، وبعض من تأخّر عنه ، مثل المصنّف ، وسنذكر ذلك مشروحا.

وعرفت أنّ محلّ النزاع ليس نفس وجوب الجمعة ، بل هو من بديهيّات الدين كما اعترف به المصنّف ، وأنّه الوجوب العيني بالنسبة إلى جميع المكلّفين ، وأنّ النزاع في امور اشترطها المصنّف ، فلا بدّ من بسط الكلام عند ما يتعرّض لها.

فنقول : لا نزاع في اشتراطه بجميع ما هو شرط في التكليف ، ولا يمكن

__________________

(١) انظر! جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٤ ، الروضة البهيّة : ١ / ٣٠٠.

(٢) التنقيح الرائع : ١ / ٢٣١ ، الروضة البهيّة : ١ / ٣٠٠ و ٣٠١ ، ذخيرة المعاد : ٣٠٧.

(٣) لم ترد في (د ٢) و (ز ٣) : في ذلك الزمان.

(٤) الحدائق الناضرة : ٩ / ٣٧٨ ـ ٣٩٠.

(٥) قاله الشهيد في ذكرى الشيعة : ٤ / ١٠٤.

(٦) مدارك الأحكام : ٤ / ٨٠.

٢٨٩

النزاع كما عرفت عند ذكر شرائط التكليف ، فلا يجب على المجنون ، ولا الصبي.

نعم ؛ يصحّ من المميّز تمرينا أو شرعيّا ـ ومرّ الكلام فيهما ـ وأنّ الأظهر أنّه شرعي وتجزيه عن الظهر ، ولو أفاق المجنون في وقت الصلاة دخل في المخاطبين بالوجوب ، مراعى باستمراره على الإفاقة إلى آخر الصلاة ، وإذا بلغ الصبي في وقتها دخل في المخاطبين به.

وأمّا اشتراط الذكورة ؛ ففي «التذكرة» : أنّه مذهب علمائنا أجمع ، وبه قال عامّة العلماء (١).

ويدلّ عليه ما في صحيحة زرارة من قوله عليه‌السلام : «ووضعها عن تسعة» وعدّ منها «المرأة» (٢).

وصحيحة أبي بصير ، وابن مسلم : «منها صلاة واجبة على كلّ مسلم أن يشهدها إلّا خمسة» وعدّ منها «المرأة» (٣). إلى غير ذلك ، ولا تعارض بين الصحيحتين ، لأنّ المقام في الثانية اقتضى ذكر الخمسة ، مع إمكان إدخال بعض الأربعة الباقية في الخمسة.

وأمّا الخنثى المشكل ؛ فالمعروف من الأصحاب عدم وجوبها عليه أيضا ، لاحتمال كونه امرأة ، والأصل براءة الذمّة وعدم التكليف حتّى يثبت ، ولا ثبوت مع الاحتمال.

وشمول «كلّ مسلم» للخنثى محلّ تأمّل ، لعدم تبادره من إطلاق لفظ «المسلم» ، وإن قلنا بأنّ العام اللغوي يشمل الأفراد النادرة أيضا ـ كما هو

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٨٦ مع اختلاف يسير.

(٢) الكافي : ٣ / ٤١٩ الحديث ٦ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٦ الحديث ١٢١٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢١ الحديث ٧٧ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٩٥ الحديث ٩٣٨٢.

(٣) الكافي : ٣ / ٤١٨ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٩ الحديث ٦٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٩٩ الحديث ٩٣٩٥.

٢٩٠

المعروف من جلّ الفقهاء ، ولو لم نقل كلّهم ـ لأنّه يشمل ما علم أنّه فرد لا ما يحتمل.

هذا ؛ وإن كان يقتضي عدم وجوب الظهر أيضا ، لاحتمال كونه رجلا إلّا أنّ الظهر هو الأصل ، لأنّ الجمعة مشروطة بالذكورة وغيرها ، والشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط ، والظهر واجب على المكلّفين إلّا من اجتمع فيه شرائط الجمعة ، ولأنّ الواجب أوّلا كان الظهر ، ثمّ تغيّر إلى الجمعة بالنسبة إلى من اجتمع فيه شرائطها ، كما سيجي‌ء مشروحا.

والظاهر أنّ الممسوح مثل الخنثى المشكل ، والممسوح من ليس له فرج الرجل ولا فرج المرأة ، فتأمّل!

وأمّا اشتراط الحرّية ؛ فلعين ما ذكرنا في المرأة من الإجماع ، والصحيحتين وغيرهما (١) فالمبعّض مثل الخنثى دليلا وقولا ، لعدم تبادره من لفظ «المسلم غير المملوك» وأصالة البراءة والعدم.

والشيخ في «المبسوط» حكم بوجوبها على من هاياه مولاه إذا اتّفقت في نوبته (٢) ، وفي «المدارك» استحسنه ، معلّلا بظهور شمول «كلّ مسلم» له ، وعدم ظهور شمول العبد والمملوك له ، لعدم تبادره منهما (٣).

وفيه ؛ أنّه على هذا يكون واجبة عليه مطلقا ، لا على خصوص المهاياة في نوبته ، فظهر أنّ دليل الشيخ غير ما ذكره ، بل دليله ـ على ما في «المختلف» ـ : أنّه ملك المنافع ، وزال عذر الحضور وحقّ المولى في ذلك اليوم (٤).

والجواب ؛ المنع عن المقدّمة الاولى والثانية جميعا ، أمّا الاولى ؛ فلعدم ثبوت

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٠ الحديث ٩٣٩٧.

(٢) المبسوط : ١ / ١٤٥.

(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٩.

(٤) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٣١ و ٢٣٢.

٢٩١

القسمة الشرعيّة من (١) المهاياة وزوال حقّ كلّ واحد منهما في نوبة الآخر ، والانتقال والتملّك في نوبة نفسه ، سيّما على ما هو المشهور من «أنّ العبد لا يملك».

وأمّا الثانية ؛ ـ وهي أنّ حقّ المولى إذا سقط وجب الحضور ـ فلعدم ثبوت كون المانع ثبوت حقّ المولى ، ولذا لو رخّص عبده القنّ لم يجب عليه الحضور ، مع أنّه على هذا لا يكون منحصرا فيما ذكره ، بل يكون دائرا مع إسقاط المولى كيف كان ، مع أنّ حقّ المولى لا يقدّم على حقّ الله تعالى في الفرائض.

وبالجملة ؛ لعلّ المسألة مشكلة لما ذكره في «المدارك» (٢) وما ذكرناه ، فتأمّل!

وأمّا الحضر ؛ ـ أي عدم السفر ـ فبإجماع العلماء ، بل الظاهر كونه من ضروريّات الدين ، ويدلّ عليه الأخبار أيضا ، مثل الصحيحتين السابقتين وغيرهما (٣).

والمتبادر السفر الذي يجب القصر فيه ، فخرج كثير السفر والعاصي وناوي إقامة العشرة ، وغير قاصد السفر ، وغير المسافة الشرعيّة.

وأمّا المسافر الوارد في المواطن الأربعة ؛ فالظاهر دخوله في المسافر ، وتخييره في القصر والإتمام على تقديره لا يخرجه عنه بلا تأمّل ، وإلّا لكان المعيّن عليه الإتمام ، ونسب إلى «التذكرة» الجزم بالوجوب (٤) ، وإلى آخر التخيير (٥) وفي «الدروس» حكم به (٦) ، وليسا بشي‌ء.

__________________

(١) في (ط) و (ز ١) : في.

(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٩.

(٣) المحاسن : ٢ / ١٢٢ الحديث ١٣٣٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٢ الحديث ٩٤١٠.

(٤) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٩ ، لاحظ! تذكرة الفقهاء : ٤ / ٩١ و ٩٢.

(٥) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٩ ، لاحظ! الدروس الشرعيّة : ١ / ١٩٠.

(٦) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٩٠.

٢٩٢

وأمّا السلامة من العمى والمرض ؛ فباتّفاق الأصحاب والأخبار ، منها صحيحة زرارة المذكورة ، لكن العمى مستندة تلك الصحيحة.

وإطلاق النصّ وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين ما تيسّر معه الحضور (١) منهما وغيره ، وبه صرّح في «التذكرة» (٢) ، وقيّد الشهيد الثاني بتعذّر الحضور أو المشقّة التي لا تتحمّل مثلها عادة ، أو خوف زيادة المرض (٣).

والظاهر أنّ منشأ تقييده دعوى التبادر ، وهو محلّ التأمّل!

وأمّا الهمّ ؛ فبالإجماع أيضا ، وصحيحة زرارة المذكورة ، فإنّ الكبير هو الهمّ ، مع أنّ الهمّ كبير جزما ، لأنّه الشيخ الفاني ، ولعلّ المراد من الكبير من يشقّ عليه السعي فإنّه المتبادر ، إذ من البديهيّات عدم كون الوجوب مقصورا على غير من هو كثير السنّ.

وأمّا كلّ من يؤدّي معه إلى الحرج ، فلعدم الحرج.

ومن الشرائط أيضا ارتفاع المطر ، قال في «التذكرة» : لا خلاف فيه بين العلماء (٤) ، ويدلّ عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ـ وإن كان في طريقها أبان ـ عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «لا بأس أن تدع الجمعة في المطر» (٥).

وألحق العلّامة ومن تأخّر عنه بالمطر الوحل والحرّ والبرد الشديدين إذا خاف معهما الضرر (٦) ، ولا بأس به لعدم الحرج والضرر.

__________________

(١) في (د ٢) : ما لا تيسّر معه ، في (ز ١ ، ز ٢) : ما يتعذّر منه ، في (د ١) : ما يتعذّر معه.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٨٨ و ٨٩.

(٣) مسالك الأفهام : ١ / ٢٤١.

(٤) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٩٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٧ الحديث ١٢٢١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤١ الحديث ٦٤٥ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٤١ الحديث ٩٥٢٥.

(٦) تذكرة الفقهاء : ٤ / ٩٠ ، مسالك الأفهام : ١ / ٢٤١ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ١٢١ ، كشف اللثام : ٤ / ٢٧٢.

٢٩٣

وألحق به الشهيد الثاني خائف احتراق القرص أو فساد الطعام (١) ، وأمثال ذلك.

والظاهر أنّ مراده ما يضرّ فوته ، ويحتمل أن يكون مراده الأعمّ ، لأنّ تضييع المال منهيّ عنه ، فتأمّل!

وبالجملة ؛ كلّ ما هو ضرر أو حرج يسقط بسببه التكليف ، والمناسب للمصنّف أن يتعرّض (٢) للمطر أيضا ، لأنّه مثل بعض ما تقدّم ، ولأنّه غير ظاهر تقييده بحدّ الحرج ، ويشهد له ، بل يدلّ ما روي عنه عليه‌السلام : «إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال» (٣).

ولأنّه ربّما يكون المصلحة صيانة المسجد عمّا يشينه أو ينجّسه ، إذ كثيرا ما يظهر أنّ المسجد تنجّس في يوم المطر من دخول من لا يبالي عن النجاسات ، أو لا يتحفّظ حقّ التحفّظ ، وإن كان الأحوط فعل الجمعة إلّا في صورة الحرج أو الضرر ، وسيجي‌ء بعض شرائط اخر.

قوله : (بشرط وجود إمام ذكر بالغ مؤمن عادل). إلى آخره.

أمّا اشتراط الإمام ؛ فللإجماع ، بل ضرورة الدين والأخبار المتواترة (٤).

أمّا اشتراط الذكورة ؛ فللإجماع ، وللإجماع على عدم انعقاد الجمعة بالمرأة كما سيجي‌ء ، والإمام ممّن ينعقد به ، ولأنّ العبادات توقيفيّة ، والقدر الذي ثبت من الشرع هو الجمعة التي إمامها ذكر.

__________________

(١) مسالك الأفهام : ١ / ٢٤١.

(٢) في (ز ٣) و (د ٢) : كان التعرّض.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٦ الحديث ١٠٩٩ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٢٩٢ الحديث ١٠٦٩٨.

(٤) وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٣ الباب ٢ من أبواب صلاة الجمعة.

٢٩٤

وسيجي‌ء تمام الكلام فيه في مسألة اشتراط الإذن الخاص.

ومن هذا ظهر اشتراط العقل ، وإن كان اشتراط الإيمان والعدالة يقتضي اشتراطه أيضا ؛ مضافا إلى الأخبار الآتية.

فظهر أنّ المجنون الأدواري أيضا لا يصحّ إمامته ، وإن كان وقت إفاقته وعلم من عادته بقاء الإفاقة إلى آخر صلاته ، بل هذا أظهر أفراد ما ورد في الروايات ، إذ غيره لغاية ظهور عدم تأتي إمامته من وجوه كثيرة من جهة عدم التكليف والقراءة والطهارة وقصد القربة وفعل ما ينافي الصلاة ، وغير ذلك من أجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها ، لا يحتاج للتعرّض لذكر عدم جواز الصلاة خلفه.

ومن التأمّل فيما ذكرنا ظهر اشتراط البلوغ أيضا ، مضافا إلى الإجماع الذي ادّعاه في «المنتهى» (١) ، ورواية إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن علي عليه‌السلام : إنّه قال : «لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتّى يحتلم» (٢).

وذهب في «المبسوط» و «الخلاف» إلى جواز إمامة المراهق المميّز العاقل في الفرائض (٣) ، ومستنده حسنة ابن المغيرة ب ـ إبراهيم ـ عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق عليه‌السلام : «لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤمّ القوم ، وأن يؤذّن» (٤).

ورواية طلحة ، عنه عليه‌السلام بهذا المضمون (٥) ، ورواية سماعة ، عنه عليه‌السلام : «يجوز

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ٣٨١.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٥٨ الحديث ١١٦٩ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٣ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٣ الحديث ١٦٣٢ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٩ مع اختلاف يسير.

(٣) المبسوط : ١ / ١٥٤ ، الخلاف : ١ / ٥٥٣ المسألة ٢٩٥.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٧٦ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢١ الحديث ١٠٧٨٥.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٩ الحديث ١٠٤ ، الاستبصار : ١ / ٤٢٤ الحديث ١٦٣٣ ، وسائل الشيعة :

٢٩٥

صدقة الغلام وعتقه ، ويؤمّ الناس إذا كان له عشر سنين» (١).

والروايات مع عدم صحّتها شاذّة ، لعدم القائل بظواهرها ، وندرة القائل بمؤدّاها ، ومعارضتها بما هو المشتهر بين الأصحاب هنا ، وما مرّ في بيان حدّ البلوغ والمعتضد بالاصول ، ومع ذلك لا يظهر منها إمامته الفرائض ، فضلا عن أن يظهر منها إمامة الجمعة ، بل لم يظهر أنّ الشيخ قائل بإمامته للجمعة أيضا ، بل وربّما يظهر لك فيما سيأتي أنّ شأن إمام الجمعة أعلى من أن يصير صبيّا ، فلاحظ.

وأمّا الإيمان ؛ وهو كونه من الشيعة الاثنا عشرية المقرّ لأصول الدين الخمسة المعروفة على وجه يكون إماميّا ، فلا خلاف بين الشيعة في ذلك ، لعموم الأدلّة الدالّة على بطلان عبادات مخالف الفرقة المحقّة ، وقد مرّت الإشارة إلى ذلك في صدر الكتاب عند القول بأنّ الناس لا بدّ إمّا أن يكونوا مجتهدين أو مقلّدين ، وبطلان عبادة الجاهل ، وغير ذلك.

ولصحيحة البرقي قال : كتبت إلى أبي جعفر [الثاني] عليه‌السلام : جعلت فداك ، أيجزي الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدّك عليهما‌السلام؟ فكتب : «لا تصلّ وراءهم» (٢) ، وغير ذلك من الأخبار الكثيرة.

وأمّا العدالة ؛ فقد نقل جمع من الأصحاب الإجماع على اشتراطها في الإمام (٣) ، بل هو شعار الشيعة كانوا معروفين به في الأعصار والأمصار عند المسلمين والكفّار.

__________________

٨ / ٣٢٣ الحديث ١٠٧٩٠.

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٥٨ الحديث ١٥٧١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٢ الحديث ١٠٧٨٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١١٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٨ الحديث ٩٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٠ الحديث ١٠٧٥٣ مع اختلاف يسير.

(٣) الخلاف : ١ / ٥٦٠ المسألة ٣١٠ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ١٠١ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٦٦.

٢٩٦

وفي «العيون» وغيره ، عن علل الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه‌السلام في علّة قصر الجمعة ومنها : «أنّ الصلاة مع الإمام أتمّ وأكمل لعلمه وفقهه [وفضله] وعدله» (١) الحديث.

وفي «الكافي» ـ في باب ما يردّ من الشهود ـ عن الباقر عليه‌السلام : «لو أنّ أربعة شهدوا على رجل بالزنا وفيهم ولد الزنا يحدّونهم جميعا ، لأنّه لا يجوز شهادته ولا يؤمّ الناس» (٢).

إذ يظهر منها اتّحاد حال الشهادة وإمامة الناس ، كما يظهر من غيرها من الأخبار (٣) أيضا.

وفي «التهذيب» ـ في باب أحكام الجماعة في الموثّق كالصحيح ـ عن حمران. إلى أن قال : فقال زرارة : هذا يعني الصلاة خلف المخالف ـ لا يكون عدوّ الله فاسق ، لا ينبغي لنا أن نقتدي به (٤) الحديث.

وفي الموثّق عن سماعة قال : سألته عن رجل كان يصلّي فخرج الإمام وقد صلّى ركعة من الفريضة؟ قال : «إن كان إماما عدلا فليصلّ ركعة اخرى فينصرف ، ويجعلهما تطوّعا وليدخل مع الإمام في صلاته ، فإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو يصلّي مع الإمام». إلى أن قال : «التقيّة واسعة» (٥).

وفي باب الأذان عن يونس الشيباني ، عن الصادق عليه‌السلام : «إذا دخلت [من

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١١٨ ، علل الشرائع : ١ / ٢٦٥ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٢ الحديث ٩٤٤٠.

(٢) الكافي : ٧ / ٣٩٦ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ٣٧٦ الحديث ٣٣٩٨٦ مع اختلاف يسير.

(٣) وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٣ الحديث ١٠٧٦٢.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٨ الحديث ٩٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٤٩ الحديث ٩٥٤٧.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٨٠ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٥١ الحديث ١٧٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٤٠٥ الحديث ١١٠٢٧ ، مع اختلاف.

٢٩٧

باب] المسجد فكبّرت وأنت مع إمام عادل ثمّ مشيت إلى الصلاة أجزأك» (١).

وفي «العيون» عن الرضا عليه‌السلام كتب للمأمون من محض الإسلام أنّه : «لا صلاة خلف الفاجر ، ولا يقتدى إلّا بأهل الولاية» (٢).

وفي رواية أبي ذر ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إمامك شفيعك إلى الله تعالى فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا» (٣).

وفي رواية زيد ، عن أبيه ، عن علي عليه‌السلام : «الأغلف لا يؤمّ القوم وإن كان أقرأهم ، لأنّه ضيّع من السنّة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلّى عليه إلّا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه» (٤).

وفي الصحيح عن أحمد بن محمّد أنّه قال للرضا عليه‌السلام : رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر اصلّي خلفه؟ قال : «لا» (٥).

وفي الصحيح عن زرارة أنّه قال للباقر عليه‌السلام : إنّ اناسا. إلى أن قال : فقال : «يا زرارة! إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام صلّى خلف فاسق فلمّا سلّم» (٦) الحديث. وسيجي‌ء تتمّة الكلام في المفتاح الآتي.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٢ الحديث ١١٢٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٣ الحديث ٦٩٣٠.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ٢ / ١٣١ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٢ الحديث ١٠٧٥٩ ، ٣١٥ الحديث ١٠٧٦٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٧ الحديث ١١٠٣ ، علل الشرائع : ٢ / ٣٢٦ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٠ الحديث ١٠٧ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٤ الحديث ١٠٧٦٥.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٨ الحديث ١١٠٧ ، علل الشرائع : ٢ / ٣٢٧ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٣٠ الحديث ١٠٨ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣٢٠ الحديث ١٠٧٨٢.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٤٩ الحديث ١١١٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٣١ الحديث ١١٠ ، وسائل الشيعة : ٨ / ٣١٦ الحديث ١٠٧٧٣.

(٦) الكافي : ٣ / ٣٧٤ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٦٦ الحديث ٧٥٦ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٥٠ الحديث ٩٥٥٠.

٢٩٨

وأمّا القدرة على الخطبة ؛ فلأنّ الخطبتين شرط فيها ، وشرط أن يكون الخطيب هو الإمام على أصحّ القولين ، والقائل به : الراوندي (١) ، والعلّامة في «المنتهى» (٢) ، والشهيد في «الذكرى» (٣) ، لأنّ العبادات توقيفيّة يستفاد من الشرع ، والمنقول من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، كون الخطيب هو الإمام ، وهو الظاهر من طريقة المسلمين في الأعصار والأمصار.

مع أنّ ذلك هو الظاهر من الأخبار ، لصراحتها في أنّ الإمام يخطب بالناس لا غيره ، مع أنّها من الكثرة بمكان ، بل في رواية سماعة : «يعني إذا كان إمام يخطب ، فإن لم يكن إمام يخطب فهي أربع» (٤).

ويؤيّده ما في رواية ابن مسلم في تفسير السبعة : «الإمام وقاضيه» (٥) الحديث.

فلو جاز أن يكون الخطيب غير الإمام ، لكان هو أولى بالذكر من القاضي ومن بعده.

وعن الباقر عليه‌السلام : «إنّما وضعت الركعتان» ـ يعني الأخيرتين ـ «لمكان الخطبتين مع الإمام» (٦).

وفي «علل» الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام في علّة القصر في الجمعة : إنّ الإمام

__________________

(١) فقه القرآن : ١ / ١٣٥.

(٢) منتهى المطلب : ٥ / ٣٨٥.

(٣) ذكرى الشيعة : ٤ / ١٢٤.

(٤) الكافي : ٣ / ٤٢١ الحديث ٤ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٩ الحديث ٧٠ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٠ الحديث ٩٤٣٥.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٧ الحديث ١٢٢٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٠ الحديث ٧٥ ، الاستبصار : ١ / ٤١٨ الحديث ١٦٠٨ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣٠٥ الحديث ٩٤٢٠.

(٦) الكافي : ٣ / ٢٧١ الحديث ١ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٧ الحديث ١٢١٩ ، علل الشرائع : ٢ / ٣٥٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٤١ الحديث ٩٥٤ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٢ الحديث ٩٤٣٨.

٢٩٩

يخبرهم بكذا وكذا يعني ما في الخطبة (١). إلى غير ذلك من الأخبار.

واختار العلّامة في «النهاية» جواز اختلافهما ، لانفصال كلّ من العبادتين عن الاخرى ، ولأنّ غاية الخطبتين أن تكون كالركعتين ، ويجوز الاقتداء بإمامين في صلاة واحدة (٢).

وفيه ؛ أنّ ما ذكر لا يقتضي جواز الاختلاف ، لما عرفت من توقيفيّة العبادات ، ولا دليل على أنّ كلّ منفصل يجوز حصول كلّ منهما عن شخص على حدة في العبادات ، وجواز الاقتداء المذكور أيضا غير ظاهر من دليل ، وبعد التسليم ، لا نسلّم استلزامه بجواز الاختلاف ، إلّا أن يتمسّك بقاعدة البدليّة ، وأنّ كلّ حكم للمبدل يكون للبدل إلّا ما أخرجه الدليل.

وفيه ؛ أنّه لم يثبت تلك القاعدة بنحو يعتمد عليه ، مع أنّ كون العموم المذكور يقتضي ذلك ، محلّ نظر ، فإنّ الاقتداء بالإمامين غير الاختلاف المذكور ، مع أنّ المتبادر من عبارة : «من يخطب» الوارد في الأخبار الدالّة على اشتراط الجمعة هو ما ذكرنا ، وعرفت وجه الظاهريّة.

والظاهر من كلام المصنّف أنّ المراد من القدرة ؛ القدرة على قراءة الخطبة.

وقيل باشتراط القدرة على إنشاء الخطبة (٣) ، وعن المفيد اشتراط إفصاح الخطبة والقرآن في الخطيب (٤) ، وعن الكراجكي إيراد الخطبة على وجهها (٥).

وقال المصنّف في «الوافي» : لعلّ المراد بمن يخطب من يقدر على الإتيان

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٧ / ٣١٢ الحديث ٩٤٤٠.

(٢) نهاية الإحكام : ٢ / ١٨.

(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٣٨.

(٤) نقل عنه العاملي في مدارك الأحكام : ٤ / ٢٣ ، مصنّفات الشيخ المفيد (الإشراف) : ٩ / ٢٥.

(٥) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٤ / ٢٤.

٣٠٠