موسوعة الإمام الخوئي

السيّد محمّد رضا الموسوي الخلخالي

مسألة ٤٤٩ : إذا أُحصر وبعث بهديه وبعد ذلك خف المرض ، فان ظن أو احتمل إدراك الحج وجب عليه الالتحاق ، وحينئذ فإن أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر خاصّة حسب ما تقدّم فقد أدرك الحج ، وإلّا فان لم يذبح أو ينحر عنه انقلب حجّه إلى العمرة المفردة ، وإن ذبح عنه تحلل من غير النِّساء ووجب عليه الإتيان بالطّواف وصلاته والسّعي وطواف النِّساء وصلاته للتحلّل من النِّساء أيضاً على الأحوط (١).

______________________________________________________

واستثني من ذلك المحصور في العمرة المفردة فإن له أن يذبح في مكانه ويتحلل كما فعل الحسين (عليه السلام) وله أن يرسل إلى محله.

(١) هذه المسألة تنحل إلى ثلاث صور :

الاولى : ما إذا أُحصر ومرض بعد تلبسه بالإحرام وبعث بهديه ثم أفاق وخف مرضه وظن أو احتمل إدراك الحج ، وجب عليه الالتحاق ، فان فرض أنه أدرك الوقوفين أو أدرك الوقوف بالمشعر فقد أدرك الحج ، ويكشف ذلك عن عدم كونه محصوراً فيأتي بوظيفته كسائر الحجاج ، ويذبح هديه في يوم النحر ويأتي ببقيّة المناسك وهذا ممّا تقتضيه القاعدة ولا حاجة إلى النص. على أنه قد دل على ذلك أيضاً صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «إذا أُحصر الرجل بعث بهديه فإذا أفاق ووجد في نفسه خفة فليمض إن ظن أنه يدرك الناس ، فان قدم مكة قبل أن ينحر الهدي فليقم على إحرامه حتى يفرغ من جميع المناسك ولينحر هديه ولا شي‌ء عليه» (١).

ولكن المفروض في الصحيحة أنه أدرك الناس قبل أن ينحر هديه ، والظاهر أنه لا خصوصية للذبح وعدمه ، فان الميزان في الإجزاء وعدمه بدرك المناسك ، ولعل الصحيحة محمولة على الغالب لوصول الحاج غالباً قبل تحقق الذبح ، وإلّا فلا ريب في أن مجرّد حصول المرض لا يوجب إجراء أحكام الحصر ولا يكون مانعاً وإنما المانع

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ١٨٣ / أبواب الإحصار والصد ب ٣ ح ١.

٤٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

استمرار المرض.

الصورة الثانية : ما إذا لم يدرك الموقفين ويصل بعد فوات الموقفين ولكن يصل وقد ذبح هديه ، فيجري عليه أحكام المحصور ويتحلل بنحر هديه من كل شي‌ء إلّا من النساء حسب ما تقدم ، ويدلُّ على ذلك ما في صحيح زرارة المتقدم «وإن قدم مكة وقد نحر هديه فان عليه الحج من قابل والعمرة».

وهذا مما لا كلام فيه ، وإنما وقع الكلام في المراد بقوله (عليه السلام) : «فان عليه الحج من قابل والعمرة» ففي الكافي العطف بأو دون الواو (١) وفي التهذيب العطف بالواو (٢) وفي الوافي ذكر العطف بالواو ولكن يظهر من بيانه وتفسيره أن الثابت هو العطف بأو (٣) والظاهر أن نسخة التهذيب هي الصحيحة ، فإن الكافي وإن كان أضبط ولكن لا يمكن المصير إلى ما في الكافي ، لأن العطف بأو يقتضي التخيير ولا معنى للتخيير بين الحج والعمرة ، سواء كان قوله : «من قابل» قيداً للعمرة أيضاً أم لا.

وكيف كان لا معنى للتخيير بين الحج والعمرة ، لأن من كانت وظيفته التمتع في السنة القادمة فاللازم عليه إتيان العمرة والحج معاً ولا معنى للتخيير بينهما ، ويمكن أن يكون المراد من هذه الجملة إتيان العمرة بالفعل للتحلل من النساء ، إذ لا يتحلل من النساء إلّا بالعمرة المفردة والحج من قابل ، هذا إذا كان قوله «من قابل» قيداً للحج خاصة ، فالمعنى أن عليه الحج من قابل والعمرة فعلاً.

وأمّا إذا كان القيد وهو قوله : «من قابل» قيداً للحج والعمرة فالمعنى أن عليه الحج والعمرة معاً في القابل وليس له الاكتفاء بالحج ، فان الحصر كما يوجب إلغاء حجّه يوجب إلغاء عمرته المتمتع بها ، فمن كانت وظيفته حج التمتّع وأُحصر عن مناسك الحج كالوقوف يجب عليه الإتيان بالعمرة المتمتع بها والحج في السنة القادمة ، وعلى

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٠ / ٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٢ / ١٤٦٦.

(٣) الوافي ١٣ : ٧٨١ / ٦.

٤٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا التفسير لا يمكن الاستدلال بالصحيحة على عدم التحلل من النساء إلّا بالعمرة المفردة ، لما عرفت من أن المراد بالعمرة عمرة حج التمتّع التي لا تصح إلّا مع الحج المتعقب به.

الصورة الثالثة : ما إذا سار ولم يدرك الموقفين معاً ولكن لم يذبح هديه ، ولم يرد في هذه الصورة نص بالخصوص ، فلا بدّ فيها من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، والظاهر أن القاعدة تقتضي عدم جريان أحكام المحصور ، لأن الظاهر من أدلّة المحصور عدم الوصول إلى الموقفين لأجل المرض وكان المرض يمنعه من الإدراك ، وأمّا لو منعه عنه غير المرض كالبطء في المشي أو ضيق الوقت أو الإهمال في المشي أو الاشتباه في التاريخ من الحوادث والطوارئ المانعة فلا تشمله أدلّة الإحصار ، بل يشمله ما دل على تبدّل حجّه إلى العمرة المفردة.

فرع : المحصور إذا أرسل هديه وواعد أصحابه وأحل في الميعاد ثم انكشف أنه لم يذبحوا عنه فليس عليه شي‌ء ، للروايات العامة المتقدمة (١) في تروك الإحرام الدالة على أنه لو ارتكب شيئاً من المحرمات جهلاً أو نسياناً فليس عليه شي‌ء ، وخصوص صحيح معاوية بن عمار الوارد في المقام «فان ردوا الدراهم عليه ولم يجدوا هدياً ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه شي‌ء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا» (٢).

ولصحيح زرارة «والمحصور يبعث بهديه فيعدهم يوماً ، فاذا بلغ الهدي أحل هذا في مكانه ، قلت : أرأيت إن ردوا عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه وقد أحل فأتى النساء ، قال : فليعد وليس عليه شي‌ء وليمسك الآن عن النساء إذا بعث» (٣) وقد وقع التصريح في هذه الصحيحة بإتيان النساء بعد التحلل ، ويظهر منها التحلل من النساء بالبعث في العمرة المفردة والحج ولكن بقرينة تعين البعث عليه يظهر أن مورد الصحيحة هو الحج ، لما تقدم منّا أن المحصور في عمرة مفردة يتخير بين بعث الهدي والذبح في

__________________

(١) في شرح العروة ٢٨ : ذيل المسألة ٢٢٥.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٨١ / أبواب الإحصار والصد ب ٢ ح ١.

(٣) الوسائل ١٣ : ١٨٠ / أبواب الإحصار والصد ب ١ ح ٥.

٤٤٣

مسألة ٤٥٠ : إذا أُحصر عن مناسك مني أو أُحصر من الطواف والسّعي بعد الوقوفين ، فالحكم فيه كما تقدم في المصدود ، نعم إذا كان الحصر من الطواف والسّعي بعد دخول مكة ، فلا إشكال ولا خلاف في أن وظيفته الاستنابة (١).

______________________________________________________

مكانه ، فلا تنافي بين الصحيحة وبين ما تقدّم (١) من أن في العمرة المفردة لا تحل له النساء حتى يأتي بعمرة أُخرى كما في قضية حصر الحسين (عليه السلام) فتكون هذه الصحيحة حالها حال صحيحة البزنطي المتقدمة (٢) الدالة على أن المحرم إذا أُحصر حل له كل شي‌ء حتى النساء ، بل أحسن منها ، لدلالة صحيحة زرارة هذه على التحلل من النساء بالبعث في خصوص مورد الحج ، فلا منافاة بينها وبين ما دل على التخيير بين البعث والذبح في مكانه في مورد العمرة المفردة.

وأمّا السند فالمذكور في الوسائل أحمد بن الحسن الميثمي كما في الكافي المطبوع حديثاً (٣) ولكن في بعض نسخ الكافي المطبوع بالطبع الحجري أحمد بن الحسن عن المثنى ، فيكون الخبر ضعيفاً لجهالة أحمد بن الحسن وتردد المثنى بين الثقة وغيره ولكن الظاهر صحة ما في الوسائل وما في الكافي ، لعدم وجود هذا السند في جميع الكتب الأربعة حتى لو قلنا بأن المثنى هو مثنى الحناط. ويؤيد ذلك كثرة رواية الحسن ابن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي.

(١) إذا أُحصر عن مناسك مني أو عن دخول مكة فحكمه حكم المصدود عنها غاية الأمر في الصد ذكرنا أن الأحوط في الصد عن الطواف والسعي بعد الموقفين هو الجمع بين الاستنابة وذبح الهدي في محله ، وأمّا في المحصور فلا مورد لهذا الاحتياط بل المتعين عليه الاستنابة ، للأخبار الكثيرة الدالّة على أنه يطاف به أو عنه ويرمى عنه وإلّا فلا يبقى مورد لهذه الأخبار.

__________________

(١) في ص ٤٣٧.

(٢) في ص ٤٣٨.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧١ / ٩.

٤٤٤

مسألة ٤٥١ : إذا أُحصر الرجل فبعث بهديه ثمّ آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله ، جاز له أن يذبح شاة في محله أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدان ، ويحلق (١).

مسألة ٤٥٢ : لا يسقط الحج عن المحصور بتحلّله بالهدي ، فعليه الإتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان مستقرّاً في ذمّته (٢).

______________________________________________________

(١) إنما تجب عليه الكفارة لبقائه على الإحرام ، فإن التحلل يحصل له بعد بلوغ الهدي ، وأمّا قبل أن يبلغ الهدي محله فهو محرم لا يجوز له الحلق ، وأمّا إذا اضطر إلى ذلك جاز له الحلق ، ولكن تثبت عليه الكفارة المذكورة في المتن ، وتدل على ذلك الآية الكريمة (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ، فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (١) المفسرة في النصوص من صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان ، أو التضحية بشاة. وكذلك يدل على ثبوت الكفارة النصوص الواردة في المقام (٢).

وهذه الكفارة ثابتة في غير المحصور أيضاً كما تقدم في البحث عن التروك (٣).

(٢) لا فرق في هذه المسألة بين المصدود والمحصور إلّا بذبح المصدود في مكانه وتخيير المحصور بين الذبح في مكانه والبعث إلى محله ، ولا يرتبط ذلك بسقوط الحج عن ذمّته ، بل ذمته تبقى مشغولة بالحج إذا كان مستقراً عليه ، وإذا كان الصد أو الحصر في أوّل سنة الاستطاعة وبقيت استطاعته إلى السنة القابلة يجب عليه الحج وإلّا فلا.

وبالجملة : يترتب على الصد والحصر سقوط الحج بالفعل لا سقوطه عن ذمته بالمرّة وقد صرّح بذلك في النص أيضاً (٤).

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٩٦.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٨٥ / أبواب الإحصار والصد ب ٥.

(٣) تقدم في المسألة ٢٦٠.

(٤) الوسائل ١٣ : ١٨١ / أبواب الإحصار والصد ب ٢ ح ٢.

٤٤٥

مسألة ٤٥٣ : المحصور إذا لم يجد هدياً ولا ثمنه صام عشرة أيام على ما تقدم (١).

مسألة ٤٥٤ : يستحب للمحرم عند عقد الإحرام أن يشترط على ربه تعالى أن يحله حيث حبسه وإن كان حله لا يتوقف على ذلك ، فإنه يحل عند الحبس اشترط أو لم يشترط (٢) إلى هنا فرغنا من واجبات الحج.

______________________________________________________

نعم إذا كان الحج تطوعاً فصد أو أُحصر لا يجب عليه قضاؤه كما وقع التصريح بذلك في بعض الروايات (١).

(١) فقد ورد في صحيحة معاوية بن عمار «فان لم يجد هدياً ، قال : يصوم» وورد في صحيحة أُخرى له «فان لم يجد ثمن هدي صام» (٢) والظاهر من الخبرين أنه إنما ينتقل الأمر إلى الصيام فيما إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه ، والصيام المذكور إنما هو الصوم الثابت لمن لم يجد هدي الأُضحية ، فيجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلاده كما في الآية المباركة.

(٢) قد ذكرنا في بحث الإحرام أنه يستحب أن يشترط عند إحرامه على الله أن يحله إذا عرض مانع من إتمام مناسكه من حج أو عمرة كما في جملة من النصوص المعتبرة ، وذكره الفقهاء أيضاً ، إنما اختلفوا في فائدة هذا الاشتراط ، وقد تقدم تفصيل ذلك في شرحنا على كتاب الحج من العروة الوثقى (٣).

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا وحبيب قلوبنا محمد وآله الطاهرين هذا تمام الكلام في كتاب الحج.

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ١٨٠ / أبواب الإحصار والصد ب ١ ح ٦.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٨٧ / أبواب الإحصار والصد ب ٧ ح ١ ، ٢.

(٣) شرح العروة ٢٧ ذيل المسألة [٣٢٤٢].

٤٤٦

مستحبّات الإحرام

يستحبّ في الإحرام أُمور :

١ تنظيف الجسد ، وتقليم الأظفار ، وأخذ الشارب وإزالة الشعر من الإبطين والعانة ، كل ذلك قبل الإحرام (١).

٢ تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن أراد الحج ، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة (٢).

______________________________________________________

(١) يدل على ذلك روايات كثيرة :

منها : صحيحة معاوية بن عمار «إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى الوقت من هذه المواقيت وأنت تريد الإحرام إن شاء الله فانتف إبطك وقلّم أظفارك وأطل عانتك وخذ من شاربك» (١).

ومنها : صحيحة حريز «السنة في الإحرام تقليم الأظفار وأخذ الشارب وحلق العانة» (٢).

ومنها : صحيحة معاوية بن وهب قال «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ونحن بالمدينة عن التهيؤ للإحرام ، فقال : أطلِ بالمدينة ...» (٣).

وغير ذلك من الروايات ، وهي ظاهرة في إتيان هذه الأفعال قبل الإحرام عند إرادة الإحرام والتهيؤ له.

(٢) لا ريب في استحباب توفير شعر الرأس من أول ذي القعدة لمن يريد الحج وقبل شهر واحد لمن يريد العمرة المفردة ، لجملة من الأخبار المعتبرة :

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٢٣ / أبواب الإحرام ب ٦ ح ٤.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٢٣ / أبواب الإحرام ب ٦ ح ٥.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٢٤ / أبواب الإحرام ب ٧ ح ١.

٤٤٧

وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك (١) وهذا القول وإن كان ضعيفاً إلّا أنه أحوط.

______________________________________________________

منها : صحيح معاوية بن عمار «فمن أراد الحج وفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ، ومن أراد العمرة وفّر شعره شهراً» (١).

وإنما وقع الكلام في تعميم ذلك لشعر اللحية ، ربما يقال بالتعميم ، لإطلاق النهي عن أخذ الشعر في عدة من النصوص ، ولكن الظاهر من الروايات أن التوفير إنما هو بالنسبة إلى شعر الرأس ، لكون ذلك مقدمة للحلق ، ومن المعلوم اختصاص الحلق بالرأس ، أو أن ذلك لأجل التحفظ على الرأس عن إشراق الشمس ونحوه ، وذلك أيضاً مما يختص بالرأس.

وبالجملة : لا ينبغي الريب في انصراف الروايات إلى شعر الرأس ، ولذا لم يلتزموا بالتعميم إلى شعر سائر مواضع الجسد.

واستدل للتعميم أيضاً بخبرين (٢) فيهما التصريح باللحية ولكنهما ضعيفان سنداً. والأمر سهل بعد ما كان التوفير مستحباً.

(١) اعتماداً على جملة من الروايات الناهية عن أخذ الشعر والآمرة بالتوفير (٣) إلّا أن مقتضى الجمع بينها وبين بعض الروايات المصرحة بالجواز هو الاستحباب كصحيحة علي بن جعفر قال : «سألته عن الرجل إذا همّ بالحج يأخذ من شعر رأسه ولحيته وشاربه ما لم يحرم ، قال : لا بأس» (٤).

هذا مضافاً إلى أن القول بالوجوب مما لا يمكن الالتزام به ، إذ لو كان واجباً لظهر وبان ، لأنه مما يكثر الابتلاء به. مع أنه لم يقل أحد بالوجوب إلّا الشاذ.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣١٦ / أبواب الإحرام ب ٢ ح ٤.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣١٧ / أبواب الإحرام ب ٢ ح ٦ وص ٣٢٠ / ب ٤ من أبواب الإحرام ح ٤.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣١٥ / أبواب الإحرام ب ٢ ، ٣.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٢٠ / أبواب الإحرام ب ٤ ح ٦.

٤٤٨

٣ ـ الغسل للإحرام (١) في الميقات (٢)

______________________________________________________

(١) للنصوص الكثيرة المتضافرة الآمرة به ، وفي بعضها عدّه من الغسل الواجب وفي بعض آخر أُطلق عليه الفرض (١) وظاهرها وإن كان هو الوجوب كما حكي القول به من بعض القدماء ولكنها محمولة على الاستحباب إجماعاً كما في الجواهر (٢) والعمدة في المنع عن القول بالوجوب أنه لو كان واجباً لظهر وشاع ، لأنه مما يكثر الابتلاء به فكيف يخفى وجوبه على الأصحاب. مع اتفاقهم على الاستحباب وقيام السيرة على الخلاف.

(٢) يشهد له جملة من الروايات :

منها : صحيح معاوية بن عمار «إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى الوقت من هذه المواقيت وأنت تريد الإحرام إن شاء الله فانتف إبطك إلى أن قال واغتسل والبس ثوبيك» (٣).

ومنها : معتبرة معاوية بن وهب «عن التهيؤ للإحرام ، فقال : أطلِ بالمدينة فإنه طهور ، وتجهز بكل ما تريد ، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي الشجرة فتفيض عليك من الماء وتلبس ثوبيك إن شاء الله» (٤).

ويستفاد ذلك أيضاً من جواز التقديم على الميقات عند خوف عوز الماء فيه كما في النص (٥).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٢٢ / أبواب الإحرام ب ٦ ، ٨ ، ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ، ٢ : ١٧٣ / أبواب الجنابة ب ١.

(٢) الجواهر ١٨ : ١٧٨.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٢٣ / أبواب الإحرام ب ٦ ح ٤.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٢٥ / أبواب الإحرام ب ٧ ح ٣.

(٥) الوسائل ١٢ : ٣٢٦ / أبواب الإحرام ب ٨ ح ١ وغيره.

٤٤٩

ويصح من الحائض والنفساء أيضاً على الأظهر (١) وإذا خاف عوز الماء في الميقات قدّمه عليه ، فان وجد الماء في الميقات أعاده (٢). وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم أعاد غسله (٣). ويجزئ الغسل نهاراً إلى آخر الليلة الآتية ويجزئ الغسل ليلاً إلى آخر النهار الآتي (٤).

٤ ـ أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق ويقول :

بسم الله وبالله اللهمّ اجعله لي نوراً وطهوراً وحرزاً وأمناً من كل خوف ، وشفاء من كل داء وسقم. اللهمّ طهّرني وطهّر قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبّتك ومدحتك والثناء عليك ، فإنه لا قوّة لي إلّا بك ، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك ، والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله.

٥ أن يدعو عند لبس ثوبي الإحرام ويقول : الحمد لله الذي رزقني ما أُواري به عورتي وأُؤدى فيه فرضي ، وأعبد فيه ربي ، وأنتهي فيه إلى ما أمرني ، الحمد لله الذي قصدته فبلغني ، وأردته فأعانني وقبلني ولم يقطع بي ، ووجهَه أردت فسلمني فهو حصني وكهفي وحرزي وظهري وملاذي ورجائي ومنجاي وذخري وعدّتي

______________________________________________________

(١) للأمر به في الحائض والنفساء في جملة من الصحاح (١).

(٢) كما في صحيح هشام بن سالم وغيره (٢).

(٣) للروايات الآمرة بالإعادة إذا نام بعد الغسل ، أو لبس ما لا ينبغي لبسه ، أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله (٣).

(٤) كما في الصحاح (٤).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٩٩ / أبواب الإحرام ب ٤٨ ، ٤٩.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٢٦ / أبواب الإحرام ب ٨ ح ١ ، ٢ ، ٤.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٢٩ / أبواب الإحرام ب ١٠ ، ١٣.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٢٨ / أبواب الإحرام ب ٩.

٤٥٠

في شدّتي ورخائي (١).

٦ ـ أن يكون ثوباه للإحرام من القطن (٢).

٧ ـ أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر (٣).

______________________________________________________

(١) ذكره الصدوق في الفقيه ج ٢ ص ٣١٢ في باب سياق مناسك الحج.

(٢) يدل عليه ما رواه الكليني في الكافي عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن بعضهم (عليهم السلام) قال : «أحرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في ثوبي كرسف» (١) والكرسف كقنفذ هو القطن.

(٣) على المشهور ، بل في الحدائق (٢) نسبه إلى الأصحاب واستندوا إلى جملة من النصوص :

منها : صحيح عبيد الله الحلبي قال : «لا يضرك بليل أحرمت أو نهار إلّا أن أفضل ذلك عند زوال الشمس» (٣).

ومنها : صحيح الحلبي قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) ليلاً أحرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أم نهاراً؟ فقال : نهاراً ، قلت فأية ساعة؟ قال : صلاة الظهر» (٤) ونحوهما صحيحة أُخرى للحلبي (٥).

ومنها : صحيح معاوية بن عمار «واغتسل والبس ثوبيك وليكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس ، وإن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرك ذلك غير أني أحب أن يكون ذلك عند زوال الشمس» (٦).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٥٩ / أبواب الإحرام ب ٢٧ ح ٣ ، الكافي ٤ : ٣٣٩ / ١.

(٢) الحدائق ١٥ : ٢١.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٣٨ / أبواب الإحرام ب ١٥ ح ١.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٣٨ / أبواب الإحرام ب ١٥ ح ٣.

(٥) الوسائل ١٢ : ٣٣٩ / أبواب الإحرام ب ١٥ ح ٥.

(٦) الوسائل ١٢ : ٣٣٩ / أبواب الإحرام ب ١٥ ح ٦.

٤٥١

فان لم يتمكن فبعد فريضة أُخرى (١). وإلّا فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل والست أفضل (٢) يقرأ في الركعة الأُولى الفاتحة وسورة التوحيد وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد (٣) فاذا فرغ حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله ثم يقول :

اللهمّ إنِّي أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك ، وآمن بوعدك ، واتبع أمرك فإني عبدك وفي قبضتك ، لا أو في إلّا ما وفيت ، ولا آخذ إلّا ما أعطيت ، وقد ذكرت الحج ، فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنّة نبيّك صلواتك عليه وآله ، وتقويني على ما ضعفت ، وتسلّم لي مناسكي في يسر منك وعافية ، واجعلني من وفدك الذي رضيت وارتضيت وسمّيت وكتبت ، اللهمّ إنِّي خرجت من شقة بعيدة وأنفقت مالي

______________________________________________________

(١) كما في صحيح معاوية بن عمار «صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة» (١).

(٢) لصحيح معاوية بن عمار «إذا أردت الإحرام في غير وقت صلاة الفريضة فصل ركعتين ثم أحرم في دبرها» (٢) وفي موثقة أبي بصير «واغتسل والبس ثوبيك ، ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم» (٣).

(٣) اختلفت كلمات الفقهاء في كيفية القراءة قال في الجواهر (٤) وأمّا كيفية القراءة فلم أقف فيها إلّا على خبر معاذ بن مسلم وهو الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : «لا تدع أن تقرأ بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون في سبع مواطن : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، والركعتين بعد المغرب ، وركعتين من أوّل صلاة الليل ، وركعتي الإحرام ،

والفجر إذا أصبحت بها ، وركعتي الطواف» لكن في التهذيب بعد أن أورد ذلك قال : وفي رواية اخرى أنه يقرأ في هذا كله بقل هو الله أحد

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٤٤ / أبواب الإحرام ب ١٨ ح ١.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٤٥ / أبواب الإحرام ب ١٨ ح ٥.

(٣) الوسائل ١٢ : ٤٠٩ / أبواب الإحرام ب ٥٢ ح ٢.

(٤) الجواهر ١٨ : ١٩٦.

٤٥٢

ابتغاء مرضاتك ، اللهمّ فتمِّم لي حجّتي وعمرتي اللهمّ إنِّي أُريد التمتّع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله ، فان عرض لي عارض يحبسني فخلني حيث حبستني بقدرك الذي قدرت عليَّ. اللهمّ إن لم تكن حجّة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخِّي وعصبي من النِّساء والثياب والطيب ، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة (١).

٨ ـ التلفظ بنية الإحرام مقارناً للتلبية (٢).

٩ ـ رفع الصوت بالتلبية للرجال (٣).

______________________________________________________

وفي الثانية بقل يا أيّها الكافرون إلّا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو الله أحد (١).

(١) كما في صحيح معاوية بن عمار (٢).

(٢) يدل عليه صحيح حماد بن عثمان وغيره (٣) وفي بعض الأخبار «أصحاب الإضمار أحب إلى» (٤) ولعله محمول على التقية وخوف الإظهار.

(٣) المشهور بين الأصحاب استحباب الجهر بالتلبية ، ويدلُّ عليه عدّة من النصوص كصحيحة عمر بن يزيد وصحيحة حريز المروية بطرق عديدة (٥).

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٦٥ / أبواب القراءة في الصلاة ح ١ ، ٢. التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٤.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٤٠ / أبواب الإحرام ب ١٦ ح ١.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٤٢ / أبواب الإحرام ب ١٧ ح ١ ، ٥ وغيرهما وص ٣٤٩ / ب ٢١ ح ٤.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٤٢ / أبواب الإحرام ب ١٧ ح ١ ، ٥ وغيرهما وص ٣٤٩ / ب ٢١ ح ٤.

(٥) الوسائل ١٢ : ٣٦٩ / أبواب الإحرام ب ٣٤ ح ١ ، وص ٣٧٨ / ب ٣٧ ح ١.

٤٥٣

١٠ ـ أن يقول في تلبيته : لبّيك ذا المعارج لبّيك لبّيك داعياً إلى دار السّلام لبّيك غفّار الذنوب ، لبيك لبيك أهل التلبية ، لبّيك لبّيك ذا الجلال والإكرام ، لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك ، لبّيك لبّيك تستغني ويفتقر إليك ، لبّيك لبّيك مرعوباً إليك ، لبّيك لبّيك إله الحق ، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل ، لبّيك كشاف الكرب العظام ، لبّيك لبّيك عبدك وابن عبديك لبّيك لبّيك يا كريم لبيك ، ثم يقول :

لبيك أتقرّب إليك بمحمّد وآل محمّد ، لبّيك لبّيك بحجة أو عمرة لبّيك لبّيك وهذه عمرة متعة إلى الحج ، لبيك لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك (١).

١١ ـ تكرار التلبية حال الإحرام في وقت اليقظة من النوم وبعد كل صلاة ، وعند الركوب على البعير والنزول منها ، وعند كل علو وهبوط ، وعند ملاقاة الراكب ، وفي الأسحار يستحب إكثارها (٢). ولو كان جنباً أو حائضاً (٣) ولا يقطعها في عمرة التمتّع إلى أن يشاهد بيوت مكة (٤).

______________________________________________________

(١) هذه الكيفية إلى قوله : «يا كريم لبيك» مذكورة في صحيح معاوية بن عمار (١) وأمّا قوله : «لبيك أتقرّب إليك بمحمد وآل محمد لبيك» إلى الآخر ، فذكره الصدوق في المقنع في ذيل هذا الدعاء (٢).

(٢) جميع ذلك مذكورة في صحيح معاوية بن عمار وصحيح عمر بن يزيد (٣).

(٣) يدل على الأول صحيح الحلبي وغيره ، وعلى الثاني صحيح معاوية بن عمار (٤).

(٤) وإذا شاهد بيوت مكة يقطعها على سبيل الوجوب كما تقتضيه النصوص (٥).

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٨٢ / أبواب الإحرام ب ٤٠ ح ٢.

(٢) المستدرك ٩ : ١٨٢ / أبواب الإحرام ب ٢٧ ح ٨ ، المقنع : ٢٢٠.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٨٢ / أبواب الإحرام ب ٤٠ ح ٢ ، ٣.

(٤) الوسائل ١٢ : ٣٨٧ / أبواب الإحرام ب ٤٢ ، وفي ص ٤٠٠ / ب ٤٨.

(٥) الوسائل ١٢ : ٣٨٨ / أبواب الإحرام ب ٤٣.

٤٥٤

وفي حج التمتّع إلى زوال يوم عرفة (١).

مكروهات الإحرام

يكره في الإحرام أُمور :

١ ـ الإحرام في ثوب أسود ، بل الأحوط ترك ذلك (٢). والأفضل الإحرام في ثوب أبيض (٣).

٢ ـ النوم على الفراش الأصفر ، وعلى الوسادة الصفراء (٤).

٣ ـ الإحرام في الثياب الوسخة ، ولو وسخت حال الإحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرماً (٥) ولا بأس بتبديلها.

______________________________________________________

(١) ويشهد له جملة من الأخبار وظاهرها وجوب القطع حينئذ (١).

(٢) للنهي عنه في موثق الحسين بن المختار (٢) المحمول على الكراهة بقرينة التكفين فيه ، وبذهاب المشهور على الخلاف ، ولو كان حراماً لظهر وبان في أمثال هذه المسائل التي يكثر الابتلاء بها.

(٣) قد تضافرت الأخبار بالأمر بلبس الثياب البيض وكونها خير الثياب وأحسنها وأطيبها وأطهرها (٣).

(٤) يدل على ذلك خبر المعلى بن خنيس وخبر أبي بصير (٤).

(٥) يدل على ذلك صحيح محمد بن مسلم (٥) وأمّا التبديل فلا يشمله النهي.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٩١ / أبواب الإحرام ب ٤٤.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٥٨ / أبواب الإحرام ب ٢٦.

(٣) الوسائل ٥ : ٢٦ / أبواب أحكام الملابس ب ١٤.

(٤) الوسائل ١٢ : ٤٥٧ / أبواب تروك الإحرام ب ٢٨.

(٥) الوسائل ١٢ : ٤٧٦ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٨ ح ١.

٤٥٥

٤ ـ الإحرام في ثياب مخططة (١).

٥ ـ استعمال الحناء قبل الإحرام إذا كان أثره باقياً إلى وقت الإحرام (٢).

٦ ـ دخول الحمام (٣) والأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده (٤).

٧ ـ تلبية من يناديه ، بل الأحوط ترك ذلك (٥).

______________________________________________________

(١) أي المعلمة ، ففي صحيح معاوية بن عمار «لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم ، وتركه أحب إليَّ إذا قدر على غيره» (١).

(٢) يشهد له خبر أبي الصباح الكناني قال «سألته عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك؟ قال : ما يعجبني أن تفعل ذلك» (٢) بناء على مساواة الرجل والمرأة في أكثر الأحكام ، وظاهر النص النهي عنه فيما إذا بقي أثره إلى وقت الإحرام ، وأمّا إذا لم يبق منه أثر فلا بأس به أصلاً.

(٣) للنهي عنه في خبر عقبة بن خالد (٣) المحمول على الكراهة بقرينة صحيحة معاوية بن عمار الدالة على جواز دخول المحرم الحمام (٤).

(٤) للنهي عنه في النصوص (٥).

(٥) يدل عليه صحيح حماد «ليس للمحرم أن يلبِّي مَن دعاه حتى يقضي إحرامه» (٦) المحمول على الكراهة بعد الإجماع أو الشهرة على الجواز.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٤٧٩ / أبواب تروك الإحرام ب ٣٩ ح ٣.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٥١ / أبواب تروك الإحرام ب ٢٣ ح ٢ ، ١.

(٣) الوسائل ١٢ : ٥٣٧ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٦ ح ٢.

(٤) الوسائل ١٢ : ٥٣٧ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٦ ح ١.

(٥) الوسائل ١٢ : ٥٣٧ / أبواب تروك الإحرام ب ٧٦.

(٦) الوسائل ١٢ : ٥٦١ / أبواب تروك الإحرام ب ٩١ ح ١.

٤٥٦

دخول الحرم ومستحبّاته

يستحب في دخول الحرم أُمور :

١ ـ النزول من المركوب عند وصوله الحرم (١). والاغتسال لدخوله (٢).

٢ ـ خلع نعليه عند دخوله الحرم وأخذهما بيده تواضعاً وخشوعاً لله سبحانه (٣).

٣ ـ أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم : اللهمّ إنّك قلت في كتابك وقولك الحق (وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) اللهمّ إنِّي أرجو أن أكون ممّن أجاب دعوتك ، وقد جئت من شقّة بعيدة وفجّ عميق سامعاً لندائك ومستجيباً لك مطيعاً لأمرك ، وكل ذلك بفضلك عليَّ وإحسانك إليّ فلك الحمد على ما وفقتني له ، أبتغي بذلك الزلفة عندك والقربة إليك والمنزلة لديك والمغفرة لذنوبي والتوبة عليَّ منها بمنك ، اللهمّ صلّى على محمد وآل محمّد وحرّم بدني على النّار وآمني من عذابك برحمتك يا أرحم الراحمين (٤).

٤ ـ أن يمضغ شيئاً من الإذخر عند دخوله الحرم (٥).

______________________________________________________

(١) يشهد له جملة من النصوص (١).

(٢) يدل عليه أيضاً عدة من النصوص (٢).

(٣) كما في النصوص المتقدمة.

(٤) ذكره الصدوق في الفقيه (٣).

(٥) كما في صحيحة معاوية بن عمار (٤).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ١٩٥ / أبواب مقدمة الطواف ب ١.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٩٥ / أبواب مقدمة الطواف ب ١ ، ٢ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ / أبواب الأغسال المسنونة ب ١.

(٣) الفقيه ٢ : ٣١٤ / باب سياق مناسك الحج.

(٤) الوسائل ١٣ : ١٩٨ / أبواب مقدمة الطواف ب ٣ ح ١.

٤٥٧

آداب دخول مكّة المكرّمة

والمسجد الحرام

يستحب لمن أراد أن يدخل مكة أن يغتسل قبل دخولها (١) وأن يدخلها بسكينة ووقار (٢).

ويستحب لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ويخرج من أسفلها (٣).

ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافياً على سكينة ووقار وخشوع (٤) وأن يكون دخوله من باب بني شيبة (٥) وهذا الباب وإن جهل فعلاً من جهة توسعة المسجد إلّا أنه قال بعضهم : إنه كان بإزاء باب السلام ، فالأُولى الدخول من باب السلام.

ثم يأتي مستقيماً إلى أن يتجاوز الأسطوانات ، ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول :

______________________________________________________

(١) كما في صحيح الحلبي (١).

(٢) كما في عدة من الأخبار (٢).

(٣) يدل عليه صحيح معاوية بن عمار وصحيح يونس (٣).

(٤) كما في صحيح معاوية بن عمار (٤).

(٥) رواه الصدوق عن سليمان بن مهران (٥).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٢٠٠ / أبواب مقدمة الطواف ب ٥ ح ١.

(٢) الوسائل ١٣ : ٢٠٢ / أبواب مقدمة الطواف ب ٧.

(٣) الوسائل ١٣ : ١٩٨ / أبواب مقدمة الطواف ب ٤ ح ١ ، ٢.

(٤) الوسائل ١٣ : ٢٠٤ / أبواب مقدمة الطواف ب ٨ ح ١.

(٥) الوسائل ١٣ : ٢٠٦ / أبواب مقدمة الطواف ب ٩ ح ١ ، الفقيه ٢ : ١٥٤ / ٦٦٨.

٤٥٨

السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، بسم الله وبالله وما شاء الله السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على رسول الله ، السلام على إبراهيم خليل الله ، والحمد لله ربّ العالمين.

ثم يدخل المسجد متوجِّهاً إلى الكعبة رافعاً يديه إلى السماء ويقول :

اللهمّ إنِّي أسألك في مقامي هذا وفي أول مناسكي أن تقبل توبتي وأن تتجاوز عن خطيئتي وأن تضع عني وزري ، الحمد لله الذي بلّغني بيته الحرام. اللهمّ إني أشهدك أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمناً مباركاً وهدى للعالمين ، اللهمّ إنِّي عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك ، مطيعاً لأمرك بقدرك ، أسألك مسألة الفقير إليك الخائف لعقوبتك ، اللهمّ افتح لي أبواب رحمتك واستعملني بطاعتك ومرضاتك.

وفي رواية أُخرى يقف على باب المسجد ويقول :

بسم الله ومن الله وإلى الله ، وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وخير الأسماء لله والحمد لله ، والسلام على رسول الله ، السلام على محمّد بن عبد الله ، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله السلام على إبراهيم خليل الرحمن ، السلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، اللهمّ صل على محمّد وآل محمّد وبارك على محمّد وآل محمّد ، وارحم محمّداً وآل محمّد كما صلّيت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد عبدك ورسولك ، اللهمّ صلّى على إبراهيم خليلك ، وعلى أنبيائك ورسلك ، وسلم عليهم وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، اللهمّ افتح لي أبواب رحمتك ، واستعملني في طاعتك ومرضاتك ، واحفظني بحفظ الإيمان أبداً ما أبقيتني جل ثناء وجهك ، الحمد لله الذي جعلني من وفده وزوّاره ، وجعلني ممن يعمر مساجده وجعلني ممّن يناجيه اللهمّ إنِّي عبدك وزائرك في بيتك ، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره ، وأنت خير

٤٥٩

مأتي وأكرم مزور فأسألك يا الله يا رحمن وبأنك أنت الله لا إله إلّا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وبأنك واحد أحد صمد لم تلد ولم تولد ، ولم يكن له (لك) كفواً أحد ، وأن محمّداً عبدك ورسولك صلّى الله عليه وعلى أهل بيته ، يا جواد يا كريم يا ماجد يا جبار يا كريم ، أسألك أن تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أوّل شي‌ء تعطيني فكاك رقبتي من النار.

ثم يقول ثلاثاً : اللهمّ فك رقبتي من النار.

ثم يقول : وأوسع عليَّ من رزقك الحلال الطيب ، وادرأ عني شر شياطين الجن والإنس ، وشر فسقة العرب والعجم (١).

ويستحب عند ما يحاذي الحجر الأسود أن يقول :

أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأن محمّداً عبده ورسوله ، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت ، واللّات والعزّى وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ندّ يدعى من دون الله.

ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول :

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر من خلقه. والله أكبر ممّا أخشى وأحذر ، لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي ، وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير.

ويصلِّي على محمّد وآل محمّد ، ويسلِّم على الأنبياء كما كان يصلِّي ويسلِّم عند دخوله المسجد الحرام ، ثم يقول :

______________________________________________________

(١) جاء ذلك كله في صحيحة معاوية بن عمار ورواية أبي بصير (١).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٢٠٤ / أبواب مقدّمة الطواف ب ٨ ح ١ ، ٢.

٤٦٠