نشأة الشيعة الامامية

نبيلة عبد المنعم داود

نشأة الشيعة الامامية

المؤلف:

نبيلة عبد المنعم داود


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: دار المؤرّخ العربي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

(١٠٥) وبحث في « الفهرست » مؤلفي الشيعة الإمامية وسار في ترتيب الفهرست على حروف فذكر الهجاء حوالي ٩٠٠ اسم من مصنفي الكتب.

(١٠٦) أما في كتابه « الرجال » فيسير على طريقه البرقي فيذكر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أصحاب علي والحسن والحسين ... إلى أصحاب الإمام المهدي ، ثم يذكر رجال الشيعة الذين لم يرووا عن الأئمة وهو أحد الكتب المعول عليها في كتب الرجال.

(١٠٧) ويتناول الطوسي في كتابه « الغيبة » بحث الغيبة فيذكر سببها كما يتكلم عن الإمامة وعصمة الإمام وآراء بعض فرق الشيعة امثال الكيسانية والواقفة والناووسية ثم يذكر أحكام الغيبة وأسبابها وإثبات إمامة الإمام الثاني عشر ثم يروي أخبار الخاصة والعامة في كون الأئمة ، إثنى عشر إماماً ، كما يؤكد كون المهدي من ولد الحسين ويذكر أيام الحسن العسكري وما حدث من الاختلاف في زمانه ثم الكلام عن أيام الغيبة.

(١٠٨) ويذكر الطوسي في « الأمالي » أخباراً متفرقة عن الأئمة وفضلهم وأخباراً عن الشيعة وأحداثاً تاريخية للأئمة مع الخلفاء العباسيين كما يبحث دلائل الإمامة مثل حديث الراية والمنزلة والغدير. وقد سار الطوسي في كتابه هذا على طريقة الشيخ الصدوق والمفيد حيث قسمه إلى مجالس أيضاً.

(١٠٩) وللطوسي « التبيان » وهو تفسير واسع للقرآن سار فيه على طريقة الشيعة الإمامية فتناول فيه عدداً من الآيات فسرها بولاية علي وبقية الأئمة من ولده. وهذا التفسير يعتبر من أهم وأوسع التفاسير الإمامية.

(١١٠) ويذكر الشيخ حسين بن عبد الوهاب ( من علماء القرن الخامس ) في كتابه : « عيون المعجزات » أخبار الإمام علي وما نسب إليه من المعجزات وأخبار إمامته كما يذكر أخبار بقية الأئمة كالباقر والصادق والرضا وأخبارهم مع الخلفاء العباسيين وذكر معجزاتهم والنص على إمامتهم كما يتكلم عن المهدي ووقت ولادته ومعجزاته وأموراً أخرى في أحواله.

٤١

(١١١) أما الشيخ محمد بن الفتال النيسابوري ( ت ٥٠٨ هـ ) فيتحدث في كتابه : « روضة الواعظين » عن الإمامة ويبدأ بذكر إمامة علي وفضائله ثم إمامة الحسن والحسين ومقتل الحسين وأخبار إمامة علي بن الحسين والباقر والصادق...ثم ذكر أخبار المهدي وأيام الغيبة كما يتكلم عن الشيعة وذكر فضائلهم وأخباره تتشابه مع من سبقه.

(١١٢) أما محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني ( ت ٥٨٨ هـ ) فيزودنا بمعلومات وافية عن الإمامية وعن حياة الأئمة الاثني عشر في كتابه : « مناقب آل أبي طالب » فيبدأ بأخبار الرسول ثم ينتقل إلى الامامة وشروطها والرد على الغلاة والخوارج ثم يتناول إمامة الأئمة الاثني عشر من طرق الشيعة وغير الشيعة.

وقد تحدث عن علي بن أبي طالب وأخباره ومعجزاته وإمامته والنصوص عليها وفعل مثل ذلك عن بقية الأئمة الاثنى عشر.

(١١٣) ويبحث ابن شهر آشوب في كتابه « معالم العلماء » مصنفي رجال الشيعة وأسماء كتبهم ، وسار فيه على نهج الشيخ الطوسي ويمكن أن يعتبر الكتاب تتمة لكتاب الشيخ الطوسي هو فهرست لكتب الشيعة.

(١١٤) وتحدث أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ( ت ٥٤٨ هـ ) عن الأئمة الاثنى عشر ودلائل إمامتهم في كتابه « أعلام الورى بأعلام الهدى » وقد سار فيه على طريقة الشيخ المفيد وابن شهر آشوب إذ تناول أخبار كل إمام وأحواله ومعجزاته ودلائل إمامته.

(١١٥) أما في كتابه « الاحتجاج » فيذكر أخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقعة الغدير وأخبار علي واحتجاجه على أبي بكر في حقه بالخلافة ثم مسائل أخرى ويذكر كذلك أخبار بقية الأئمة واحتجاجاتهم في مسائل مختلفة كالإمامة وغيرها.

(١١٦) وللطبرسي أيضاً تفسير « مجمع البيان في تفسير القرآن » سار فيه على طريقة المفسرين الإمامية الذين سبقوه امثال علي بن إبراهيم القمي وعياشي والطوسي والتفسير موسع فسر بعض الايات الواردة فيه بالإمامة كما ذكر نزول بعض الآيات في حق آل البيت.

٤٢

(١١٧) ويتكلم أبو جعفر بن أبي القاسم محمد بن علي الطبري ( من القرن السادس ) عن إمامة علي وذكر أولاده وأخباره ودلائل إمامته ويبحثها بالتفصيل في كتابه « بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ».

(١١٨) ويتناول أبو الحسين ورام بن أبي فراس المالكي الأشتري ( ت ٦٠٥ هـ ) في كتابه « تنبيه الخواطر ونزهة النواظر » ويعرف بمجموعة ورام ، أحاديث متفرقة عن الإئمة وإمامتهم وأخبارهم مع الخلفاء من أمويين وعباسيين.

(١١٩) ويبحث نجم الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي ( ت ٦٤٥ هـ ) في كتابه « مثير الأحزان » قصة مقتل الحسين ويأخذ أخباراً تاريخية عن أبي مخنف والبلاذري.

ولعلي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسيني ( ت ٦٦٤ هـ ) عدة مؤلفات يبحث فيها مسائل ومتعددة.

(١٢٠) ففي كتابه « اللهوف في قتلى الطفوف » يبحث قصة مقتل الحسين ويأخذ عمن سبقة كالكليني والمفيد.

(١٢١) أما في « الطرف » فيذكر ٣٣ طرفة وكلها مناقب لعلي بن أبي طالب وأخباراً في إمامته.

(١٢٢) ويبحث ابن طاووس الإمامة بصورة مفصلة في « اليقين في إمرة أمير المؤمنين » فيبدأ بأخبار علي زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى توليه الخلافة ويذكر أدلة إمامته. ويمتاز ابن طاووس بأنه يذكر في كتبه مصادر متعددة وهو دقيق في أخذه عن هذه المصادر إذ يذكر اسمها واسم مؤلفها.

(١٢٣) ويتكلم في كتابه « كشف المحجة لثمرة المهجة » عن مسائل متعددة تتعلق بأخبار الأئمة والإمامة وشروطها وعصمة الإمام وقد جعل الكتاب على شكل أجوبة لابنه محمد.

(١٢٤) أما في كتاب « الملاحم والفتن » فيذكر ابن طاووس أنه أخذ معلوماته عن كتاب الفتن لنعيم بن حماد الخزاعي ، وكتاب الفتن لأبي

٤٣

صالح السليلي ، وكتاب الفتن لأبي يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث البزاز.

ويورد في الكتاب أخباراً عن النبي وعن أهل بيته وما أصابهم بعده كما يتكلم عن شيعة بني أمية وبني العباس ويذكر خبر السفياني ثم أخبار الإمام المهدي وزمن الغيبة ودلائل إمامة المهدي وذكر ما يحدث من الفتن.

(١٢٥) وفي « مهج الدعوات ومنهج العبادات » يتناول مجموعة من الادعية للرسول والأئمة ومع هذا يذكر خلال كلامه أحداثاً تاريخية.

(١٢٦) وهو في كتابه « الإقبال » يذكر مجموعة من الأدعية ويروي خلال ذلك أحداثاً تاريخية كعلاقة الصادق بالمنصور العباسي.

(١٢٧) ويبحث في كتابه « سعد السعود » تفسير آيات من القرآن يأخذها من تفاسير مختلفة ويعرض في خلالها لقضايا الإمامة ودلائلها كما يتكلم عن الأئمة وعن أحداث تاريخية كالمباهلة والغدير.

وقد اتبع ابن طاووس في كتابه طريقة دقيقة في النقل عن المصادر فهو لا يكتفي بذكر اسم من أخذ عنه وإنما يذكر اسم الكتاب ومؤلفه والجزء ورقم الصفحة (١). وحينما ينقل لا يكتفي بالنقل عن المصادر الإمامية وإنما ينقل من مصادر المعتزلة ومصادر السنة.

(١٢٨) ويذكر أبو الفضل علي الطبرسي ( المتوفى في أوائل القرن السابع ) في كتابه « مشكاة الأنوار في غرر الأخبار » أخباراً متفرقة من فقه وحديث ويتكلم عن التقية والرجعة والشيعة وصفاتهم وفضائلهم.

(١٢٩) ولمحمد بن محمد بن نصير الملة الطوسي ( ت ٦٧٢ هـ ) كتاب صغير باسم : « فصول العقائد » يبحث في عقائد الشيعة وفيه باب عن الإمامة.

(١٣٠) ويذكر جمال الدين أحمد آل طاووس ( ٦٧٧ هـ ) في كتابه

__________________

(١) انظر سعد السعود : ابن طاووس ص ٧٣ ، ٨١ ، ٨٣.

٤٤

« عين العبرة في غبن العترة » أخباراً متفرقة عن الأئمة ويذكر آيات مختلفة ويفسرها في ولاية علي والأئمة.

(١٣١) أما أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي ( ت ٦٩٣ هـ ) فقد ترجم للأئمة في كتابه « كشف الغمة في معرفة الأئمة » وذكر أخبارهم وابتدأ كتابه بذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بيان فضل بني هاشم ويذكر في هذا الصدد رسالتين للجاحظ في فضل بني هاشم غير موجودة ضمن رسائل الجاحظ المطبوعة (١).

وقد سار في حديثه عن حياة الأئمة على طريقة المفيد في الإرشاد والطبرسي في أعلام الورى ونقل عنهما كما نقل عن الكليني وعن الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا.

ولجمال الدين الحسن بن يوسف المعروف بالعلامة الحلي ( ت ٧٢٦ هـ ) بحوث في الإمامة عند الشيعة الإمامية يتناول فيها نظرية الإمامة كما يبحث دلائلها.

(١٣٢) وله في هذا الباب كتاب « منهاج الكرامة في معرفة الإمامة » يبدأ فيه بذكر مزايا الإمامة وشروطها ووجوبها ثم يبحث أدلة الإمامة وتقسيمها إلى عدة أصناف منها العقلية ومنها المستمدة من حياة علي ومنها ما نص عليه القرآن والحديث النبوي ثم يذكر إمامة باقي الئمة باختصار.

(١٣٣) أما في « الألفين في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب » فيبحث الحلي ألفي دليل على إمامة علي وهو يتناول هنا نظرية الإمامية فيذكر أن الإمامية لطف من الله ثم يذكر وجوبها وكيفية نصب الإمام ثم يناقش من خالف الإمامية الرأي في الإمامة ثم يتكلم عن إمامة الأئمة وعصمتهم ويناقش الإمامة عن طريق عصمة الأئمة.

(١٣٤) أما في « إحقاق الحق » فهو كتاب في الكلام عن مسائل عدة للرد على النواصب كما يذكر الحلي وفيه باب عن الإمامة وصفات الإمام وعصمته وطريق تعيينه.

__________________

(١) انظر الأربلي : كشف الغمة جـ ١ ص ٣٢.

٤٥

(١٣٥) ويبحث في كتابه « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » الإمامة فيتناول إمامة علي ودلائلها ثم إمامة بقية الأئمة ثم يتكلم عن العصمة وصفات الإمام.

(١٣٦) وللعلامة الحلي أيضاً كتاب « كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين » بحث في فضائل علي بن أبي طالب ومناقبه معتمداً على كتب المناقب غير الإمامية وخاصة كتاب المناقب للخوارزمي.

(١٣٧) وله كتاب في الرجال « رجال العلامة الحلي » وقد قسم هذا الكتاب إلى أبواب في ذكر رجال الشيعة وذكر أخباراً متفرقة عن الشيعة وسار على النسق الهجائي ، كما أكثر من الرواية عن النجاشي والكشي.

(١٣٨) وقد كتب الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي كتاب « الإرشاد » وقد عاصر الديلمي ابن المطهر الحلي وكتابه يبحث عن فضائل ومناقب علي وإمامته.

(١٣٩) وكتب رجب البرسي ( من القرن الثامن ) كتاب « مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين » ، والكتاب إضافة إلى أنه يشمل فضائل علي فإنه يتناول مسائل متعددة عن الإمامة واختلاف الفرق حولها كما تكلم عن الغلاة وبراءة الأئمة منهم كما ذكر أخبار الأئمة الاثني عشر.

(١٤٠) وهناك كتاب في الأنساب لجمال الدين احمد بن علي الحسيني المعروف بابن عنبه ( ت ٨٢٨ هـ ) يتناول أنساب آل أبي طالب مبتدئاً بنسب أبي طالب وأخباره كما يتكلم عن نسب عقيل بن أبي طالب ثم يذكر أنساب أولاد الحسن وأخبارهم ، ثم يذكر أولاد الإمام زين العابدين وأولاد الباقر والصادق وبقية الأئمة.

(١٤١) وكذلك يبحث تاج الدين بن محمد بن حمزة بن زهرة الحسيني ( كان حياً سنة ٧٥٣ هـ ) الأنساب في كتابه « غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار » فيبدأ بذكر أنساب أبناء الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كما يذكر اعقاب بقية الأئمة.

(١٤٢) ويتناول الشيخ حسن بن سليمان الحلي (من علماء أوائل القرن التاسع ) في كتابه : « مختصر بصائر الدرجات » أموراً متفرقة عن الإمامة

٤٦

والرجعة والتقية واخبار الأئمة وذكر إمامتهم.

(١٤٣) ويخصص العلامة عبد النبي بن الشيخ سعد الدين الأسدي الجزائري ( ت ١٠٢٠ هـ ) كتاباً للإمامة يسميه « المبسوط في إثبات إمامة أمير المؤمنين » يبحث فيه نظرية الإمامة ودلائلها والعصمة.

(١٤٤) وقد اختصر الشيخ عبد الله محمد السيوري الحلي ( من القرن العاشر ) كتاب « مصباح المتهجد » للطوسي وسماه « الكتاب النافع يوم الحشر في شرح باب الحادي عشر. تكلم فيه عن نظرية الإمامة ودلائلها والعصمة.

(١٤٥) وكتب علي بن الحسين بن شدقم الحسيني النسابة ( ت ١٠٣٣ هـ ) كتاباً في الأنساب سماه « زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول » بحث منه أنساب آل الرسول كما أن له كتاباً آخر في الأنساب « نخبة الزهرة الثمينة في نسب أشراف المدينة » بحث فيه أنساب أولاد الأئمة ايضاً.

وهكذا نلاحظ أن المصادر الإمامية قد وجهت اهتمامها إلى مسألة الإمامة وأعطتها القسط الكبير من بحوثها فلا يخلو كتاب أياً كان نوعه من كتب الإمامية من بحث الإمامة كما أنها اهتمت بأخبار وتواريخ الأئمة.

وهناك مصادر إمامية متأخرة تنقل عن المصادر السابقة وتبحث في مواضيع مختلفة كالإمامة وأخبار الأئمة وتراجم رجال الحديث عند الشيعة.

(١٤٦) ومنها كتاب « إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات » للحر العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) ذكر فيه إمامة الأئمة الاثني عشر ، كما ذكر مصادره التي أخذ منها.

(١٤٧) كما كتب « الفصول المهمة لمعرفة أحوال الأئمة » ذكر فيه أخباراً عن الأئمة وإمامتهم.

(١٤٨) وترجم لرجال الشيعة في كتابه « أمل الآمل ».

(١٤٩) وذكر هاشم البحراني ( ت ١١٠٧ هـ ) في كتابه « علي والسنة » أو « مناقب أمير المؤمنين » أخباراً عن علي ودلائل إمامته كما أورد بعض

٤٧

الآيات وفسرها بالإمامة وقد اخذ أكثر معلوماته عن مصادر أهل السنة.

(١٥٠) كما كتب المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) كتاب « بحار النوار » ويعد هذا الكتاب موسوعة جمع فيه مؤلفه أخباراً وأحاديث من مصادر متعددة وتمتاز مصادره بقدم عهدها ، ويبدو أن بعض المصادر التي أخذ منها قد ضاعت بعض أخبارها فلا نجدها في النسخ المطبوعة.

(١٥١) أما نعمة الله الجزائري ( ت ١١١٢ هـ ) فقد ذكر أخبار الأئمة في كتابه « الأنوار النعمانية » كما بحث الإمامة والعصمة والتقية.

(١٥٢) وكذلك جعل الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) كتابه « روضات الجنات » فهرساً لرجال الشيعة وأخبارهم.

ثم هناك مجموعة أخرى من المصادر الإمامية أقرب عهداً من سابقتها ومنها ما كتبه الشيخ جعفر النقدي فقد تناول الإمامة وأخبار الأئمة ومن أشهر كتبه :

(١٥٣) « ذخائر القيامة » تحدث فيه عن نظرية الإمامة ودلائلها.

(١٥٤) كما أن له كتاب « نزهة المحبين في فضائل أمير المؤمنين » ذكر فيه صفات ومناقب علي وإمامته.

(١٥٥) وكذا في كتابه « الأنوار العلوية والأسرار المرتضوية » أكثر فيه من الرواية عن الحنفي في ينابيع المودة والمتقي الهندي في كنز العمال.

(١٥٦) وذكر الشيخ عباس القمي في كتابه « الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية » أخبار الأئمة وصفاتهم.

(١٥٧) واقتصر الشيخ لطف الله على بحث أخبار الإمام الثاني عشر في كتابه : « منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر » جمع فيه الأخبار من المصادر القديمة.

(١٥٨) وكتب الأردبيلي « باب النجاة » ذكر فيه فرق الشيعة كما أورد عدداً من الآيات وفسرها بالإمامة وبحق آل البيت ويلاحظ أنه أخذها من طرق أهل السنة.

٤٨

(١٥٩) وذكر عبد المهدي المظفر في كتابه « إرشاد الأمة للتمسك بالأئمة » إمامة علي ودلائلها كما تكلم عن إمامة بقية الأئمة وقد سار على أسلوب ابن المطهر في منهاج الكرامة.

(١٦٠) وبحث محمد حسن المظفر في « دلائل الصدق » أموراً فقهية وخصص قسماً من كتابه لبحث الإمامة وشروطها وعصمة الإمام كما تناول دلائل الإمامة.

فهذه هي المصادر التي تزودنا بمعلومات عن دراسة الشيعة الإمامية وتعطينا صورة واضحة عن فكرة الإمامية في الإمامة وعن أشهر فرقهم وأهم مبادئهم ، لأن موضوع دراسة الشيعة الإمامية موضوع يحتاج إلى دقة في البحث بعد أن كثرت فيه الآراء واضطربت وبعد أن أضيفت إليه آراء ليست منه كما نسبت إليه فرق لا تعد من فرق الشيعة وخاصة الغلاة إذ أن نسبة هذه الفرق إلى الشيعة ألقت ظلالاً من الشك على مبادىء الشيعة مما جعلت البعض يخلط بين مبادىء الإمامية ومبادىء الغلاة الخارجين عن فرق الشيعة.

٤٩
٥٠

الفصل الثاني

أصل التشيع وتطوره

١ ـ أصل التشيع

٢ ـ تطور التشيع في ضوء ما مر به من أحداث.

أ ـ مقتل علي بن أبي طالب

ب ـ تنازل الحسن بن علي

جـ ـ حركة حجر بن عدي الكندي

د ـ مقتل الحسين بن علي

هـ ـ حركة التوابين

و ـ المختار بن أبي عبيد الثقفي

ز ـ ثورة زيد بن علي

٥١

٥٢

أصل التشيع :

قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنة ١١ هـ فاجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة « وكان للمهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل ومجاذبة في الإمامة » (١).

فالظاهر أن أول اختلاف حصل بين المسلمين بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان حول مسألة الإمامة ومن يتولاها بعد الرسول.

وكان في المدينة في تلك الفترة ثلاث جماعات ، فالأنصار قد أعدوا أنفسهم لها وفكروا بترشيح سعد بن عبادة ، وهم ممن آووا ونصروا وغيرهم حاربوا وخذلوا ، يدل على ذلك قول الحباب بن المنذر في اجتماع السقيفة :

« يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ... فأنتم أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان » (٢).

أما المهاجرون فادعوا أن الخلافة لا تصلح إلا في قريش لأنهم عشيرة النبي ويمثلهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ، واحتجوا على الأنصار بأن قريشاً أولى بمحمد منهم (٣).

وجماعة بني هاشم وفيهم العباس عم النبي وعلي بن أبي طالب ابن

__________________

(١) المسعودي : مروج الذهب ج ٣ ص ٣٠٧.

(٢) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٣ ص ٢٢٠.

(٣) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٢.

٥٣

عمه والفضل بن العباس ومعهم الزبير بن العوام فقد ظهرت آراؤهم بعد السقيفة ورأوا أن علياً أحق بالخلافة من غيره وفي ذلك يقول الفضل بن العباس : « يا معشر قريش ما حقت لكم الخلافة بالتموية ونحن أهلها وصاحبنا أولى بها منكم » (١) كما أن علياً يؤكد أن له في هذا الأمر نصيباً لكنه لم يستشر (٢). وتذكر بعض المصادر التاريخية أنه بعد بيعة أبي بكر ، اتفق أبو بكر وعمر بن الخطاب على أن يجعلا للعباس بن عبد المطلب « نصيباً في الخلافة » ليأمنا جانبه وليتركا علياً بمفرده فكلما العباس في ذلك فرفض لأن هذا الأمر حق لآل الرسول ، وقال لعمر : « إن الله بعث محمداً كما وصفت نبياً وللمؤمنين ولياً فمن على أمته به حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده فخلى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحق لا مائلين بزيغ الهوى فإن كنت برسول الله فحقاً أخذت وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم فما تقدمنا في أمرك فرطاً ولا حللنا وسطاً ولا برحنا سخطاً وإن كان هذا الأمر إنما وجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين ... فأما قلت إنك تجعله لي فإن كان حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض وعلى رسلك فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها (٣).

ويذكر اليعقوبي إن من تخلف عن البيعة قوم من المهاجرين والأنصار « ومالوا مع علي بن أبي طالب منهم العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس والزبير بن العوام وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب » (٤).

أما الطبري فيذكر : « فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع إلا

__________________

(١) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٣.

(٢) البلاذري : أنساب الأشراف ج ١ ص ٤٨٢ ، الطبري ج ٣ ص ٥٨٢.

(٣) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٤ وانظر ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ج ١ ص ١٥ ، وانظر سليم بن قيس الكوفي ( ت ٩٠ هـ ) صاحب علي بن أبي طالب وله كتاب « السقيفة » ص ٦٨.

(٤) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٣.

٥٤

علياً » (١). وبضوء الروايات السابقة يتبين أن بعض من امتنع عن البيعة هم أقرباء لعلي ، أما القسم الآخر فقد وقفوا بجانب علي وفضلوه وأهلوه للخلافة يدل على ذلك قول خالد بن سعيد وقد كان غائباً وقت السقيفة فأتى علياً فقال : « هلم أبايعك فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك » (٢).

وقول سلمان حين بويع أبو بكر « لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم » (٣).

ويذكر سليم أن جماعة من المهاجرين والأنصار وعددهم أربعون رجلاً أتوا إلى علي بن أبي طالب فبايعوه فطلب منهم أن يصبحوا عند بابه محلقين رؤوسهم عليهم السلاح فما أجاب منهم غير أربعة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام (٤). ويؤكد ذلك اليعقوبي ولا يذكر عدد من اجتمع إلى علي إلا أنه يقول أنه لم يأته منهم غير ثلاثة نفر (٥).

وهذا دليل على قلة أنصار علي في هذه الفترة.

إلا أن جميع من امتنع عن بيعة أبي بكر بايعه بعد أن بايع عليُّ. وقد كان علي بن أبي طالب في هذه الفترة يشكو قلة الأنصار قال : « فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى... » (٦). فهذا رأي علي بن أبي طالب بالخلافة في تلك الفترة.

وفي الفترة التي تلت السقيفة لم نسمع صوتاً لعلي بن أبي طالب ولا

__________________

(١) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٣ ص ٢٠٢.

(٢) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٥.

(٣) البلاذري : أنساب الأشراف ج ١ ص ٥٩١ ، ويذكر أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله البرقي ( ت٢٨٤ هـ ) من أصحاب الإمام محمد الجواد صاحب كتب الرجال أن هناك جماعة اعتزلت البيعة ويذكر أن عددهم ١٢ رجلاً ستة من المهاجرين وستة من الأنصار. انظر البرقي : الرجال ص ٦٣.

(٤) سليم بن قيس : السقيفة ص ١١٥.

(٥) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٠٥.

(٦) ابن أبي حديد : شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٥٠.

٥٥

للذين وقفوا بجانبه لأنهم آثروا العزلة والسكوت كما آثرها علي بن أبي طالب.

ولما طعن عمر بن الخطاب صير الأمر شورى بين ستة نفر من أصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص (١).

ثم طلب عمر منهم إن اجتمع رأي ثلاثة وثلاثة كانوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف إذ كان الثقة في دينه ورأيه المأمون على الاختيار للمسلمين (٢).

ولما سمع علي بن أبي طالب بهذا الشرط أيقن بضياع الأمر منه لأن سعداً لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن نظير عثمان وصهره فأحدهما لا يخالف الآخر ، وأن علياً بن أبي طالب لا ينتفع بكون طلحة والزبير معه (٣).

ثم طلب عبد الرحمن من علي إذا ولي الخلافة أن يسير بسيرة أبي بكر وعمر وأن لا يحمل بني عبد المطلب على رقاب الناس فامتنع علي وقال علي الاجتهاد. وبويع عثمان وخرج علي مغضباً فلم يتركوه حتى أخذوا بيعته (٤).

وقد أيد علي نفس الجماعة التي أيدته وقت السقيفة ومالوا معه وتحاملوا في القول على عثمان.

فروى بعضهم أنه دخل مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلمبعد تولية عثمان فرأى رجلاً يقول : « واعجباً لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم وفيهم أول المؤمنين وابن عم رسول الله أعلم الناس وأفقههم .... والله لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي ... فقلت من أنت ومن هذا

__________________

(١) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ١٦ ، اليعقوبي ج ٢ ص ١٣٧.

(٢) ن. م : ج ٥ ص ١٩.

(٣) ن. م : ج ٥ ص ١٩.

(٤) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٢.

٥٦

الرجل فقال أنا المقداد وهذا الرجل علي بن أبي طالب فقال فقلت ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه فقال يا ابن أخي إن هذا الأمر لا يجزي فيه الرجل والرجلان. وكان أبو ذر وعبد الله بن مسعود على رأي المقداد أيضاً » (١).

وأستمر أنصار علي على السكوت أيضاً في هذه الفترة ثم حدثت في أواخر أيام عثمان أمر كثيرة أنكرها الناس عليه ومنها قضية التصرف ببيت المال فانتقد لذلك من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

وكان ممن انتقد عثمان أبو ذر حيث كان يعقد المجالس ويجمع إليه الناس ويحدثهم بفضل علي بن أبي طالب ويقول : وعلي بن أبي طالب وصي محمد ووارث علمه أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها أما لو قدمتم من قدم الله واخرتم من أخر الله واقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم » (٣).

ولما اشتد انتقاد أبي ذر لعثمان وسياسته ، سيره إلى الشام (٤). إلا أن أبا ذر استمر في نقد سياسة عثمان وتصرفاته ، فكتب معاوية إلى عثمان « إنك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر » فاستقدمه إلى المدينة ثم سيره إلى الربذة (٥). ومنع الناس من تشييعه فلم يشيعه أحد غير علي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر (٦).

ولكن الطبري يذكر عن ابن سيرين « أن أبا ذر خرج إلى الزبدة من قبل نفسه لما رأى عثمان لا ينزع له وأخرج معاوية أهله من بعده » (٧).

أما عمار بن ياسر فقد تولى الصدقات أيام عثمان ثم حدث خلاف

__________________

(١) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٤٠.

(٢) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٥ ـ ٥٩ ، اليعقوبي ج ٢ ص ١٥٠. الطبري ج ٤ ص ٣٣٠ ، المسعودي : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٤٧.

(٣) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٤٨.

(٤) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ٢٥٤ ، اليعقوبي ج ٢ ص ١٤٨.

(٥) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ٥٥ ، اليعقوبي ج ٢ ص ١٤٨.

(٦) ن. م ج ٥ ص ٥٤ ، اليعقوبي ج ٢ ص ١٤٩ ، والتشيع : التوديع.

(٧) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٤ ص ٢٨٤.

٥٧

بينه وبين عثمان وأجهر بانتقاد عثمان ، فضرب حتى غشي عليه وكان شيخاً كبيراً ، وقيل أن سبب ذلك لأنه أخفى عنه قبر عبد الله بن مسعود إذ كان المتولي عليه والقائم بشأنه (١).

وكذلك فعل عمار عندما مات المقداد فقد صلى عليه ودفنه ولم يؤذن عثمان به ، فاشتد غضب عثمان على عمار وقال : ويلي على ابن السوداء أما لقد كنت به عليماً » (٢). والمقداد من أنصار علي ايام السقيفة والشورى كما مرّ.

وقد بلغ عمار حين بويع عثمان قول أبي سفيان في دار عثمان عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان وقد دخل داره ومعه بنو أمية ، قال أبو سفيان : « أفيكم أحد من غيركم؟ ـ وقد كان عمي ـ قالوا : لا ، فقال : يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة ». ونما هذا القول بين المهاجرين والأنصار فقام عمار في المسجد فقال : يا معشر قريش ، أما إذا صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ههنا مرة وههنا مرة فما أنا بآمن من أن ينتزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتوه في غير أهله (٣).

ثم قتل عثمان وبقي الناس ثلاثة أيام بلا امام حتى بويع علي (٤). ويذكر الطبري عن جعفر بن عبد الله المحمدي ... عن محمد بن الحنفية قال : « كنت مع أبي حين قتل عثمان ... فأتاه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا ان هذا الرجل قد قتل ولا بد للناس من إمام ولا نجد اليوم أحق بهذا الأمر منك ولا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله فقال لا تفعلوا فإني أكون وزيراً خيراً من أكون أميراً ، فقالوا لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك قال ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفياً ولا تكون إلا عن رضا المسلمين ... فلما دخل المسجد دخل الهاجرون والأنصار فبايعوه ، ثم

__________________

(١) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٥ ص ٤٩.

(٢) اليعقوبي : التاريخ جـ ٢ ص ١٤٧.

(٣) المسعودي : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٥١.

(٤) الدينوري : الأخبار الطوال ص ١٤٠.

٥٨

بايعه الناس » (١).

وقد واجه علي في فترة توليه الخلافة مشاكل عديدة فأول هذه المشاكل ظهور جماعة تطالب بدم عثمان وقتل قتلته ، ويسمي الطبري طائفة منهم مثل حسان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد ... ويذكر أنهم كانوا عثمانية (٢). وخرج طلحة والزبير على علي مطالبين بدم عثمان ومالت معهم عائشة وكانت من أشد المنكرين على عثمان كما كان طلحة والزبير ، إلا أنها بعد أن سمعت بتولية علي قالت : « والله ما أبالي أن تقع هذه على هذه » (٣).

والزبير كان من أنصار علي في الفترة التي سبقت توليه الخلافة لكنه خرج مع طلحة وعائشة أم المؤمنين وقالوا أنهم إنما خرجوا غضباً لعثمان وتوبة مما صنعوا من خذلانه (٤).

واتفق أمرهم على قتال علي واجتمعوا عند عائشة وقالوا : « نسير إلى المدينة ونقاتل علياً فقال بعضهم ليست لكم بأهل المدينة طاقة ، قالوا نسير إلى الشام شيعة لعثمان فنطلب بدمه فقال قائل : هناك معاوية وهو والي الشام والمطاع به ولن تنالوا ما تريدون وهو أولى منكم بما تحاولون ابن عم الرجل ، فقال بعضهم : نسير إلى العراق فلطلحة بالكوفة شيعة وللزبير بالبصرة من يهواه فأجمعوا على المسير إلى البصرة » (٥). فكلمة شيعة هنا يرا بها الأنصار فأطلقت على أنصار عثمان كما أطلقت على أنصار طلحة.

وتلاقى الطرفان وكانت وقعة الجمل. وتذكر المصادر أن علياً أرسل الحسن وعمار إلى أهل الكوفة لدعوتهم إلى أنجاده والنهوض إليه « فتداعى

__________________

(١) الطبري : الرسل والملوك ج ٤ ص ٤٢٧.

(٢) ن. م ج ٤ ص ٤٢٩ ، المسعودي : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٦٢ ، وللجاحظ رسالة عن العثمانية ، وقد رد عليه أبو جعفر الإسكافي في ( مناقضات أبي جعفر لبعض ما أورده الجاحظ في العثمانية ).

(٣) اليعقوبي : التاريخ ج ٢ ص ١٥٦.

(٤) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ج ٤ ص ٤٩٠.

(٥) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٢ الورقة ٧١ ب.

٥٩

إليه عشرة آلاف على راياتهم ويقال اثنا عشر ألفاً ». ومن القبائل التي وقفت إلى جانب علي ، همدان ، وقضاعة ومذحج وطي وكنده وحضرموت وعليها حُجر بن عدي (١).

ويذكر البلاذري أن الحسن حينما سار إلى البصرة لدعوة الناس إلى القتال في الجمل « خرج إليه شيعته من أهل البصرة من ربيعة وهم ثلاثة آلاف » (٢).

فربيعة شيعة لعلي بن أبي طالب وتعني الشيعة هنا الأنصار. ثم يذكر المسعودي أن همدان من شيعة علي ويقول « وشيعته من همدان » (٣).

فالشيعة هنا تعني الأنصار أيضاً.

وكان من أنصار علي أيضاً حجر بن عدي الكندي وحجر معه كنده وقضاعة وحضرموت ، وهو ممن دعا إلى نصرة علي فيمكن عده من شيعة علي وانصاره ، وحجر شيخ قبيلته فلا بد ان يتبعه جميع أفراد القبيلة أو قسم منهم.

ويذكر المسعودي الأشراط الخمسين وهم الذين بايعوا علياً على الموت ويدخل عمار بن ياسر ضمنهم (٤).

وقد شاع في هذه الفترة إطلاق كلمة الوصي على علي وقد جمع ابن أبي الحديد عدداً من الأشعار والأراجيز التي تتضمن هذه اللفظة نقلاً عن كتاب وقعة الجمل لأبي مخنف منها قول أبي الهيثم بن التهيان :

ان الـوصي امـامُنا وولينا

برح الخفاءُ وباحت الأسـرار

وقول رجل من الأزد :

__________________

(١) البلاذري : أنساب الأشراف ج ٢ الورقة ٧٢ أ.

(٢) ن. م ج ٢ الورقة ٧٢ آ.

(٣) المسعودي : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٧٧.

(٤) المسعودي : مروج الذهب ج ٢ ص ٣٩٢ ( معنى الإشراط مأخوذ من شرطة الخميس والمقصود به الجيش وإنما سمي كذلك لأنه مقسم إلى خمسة أقسام : المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساقة.

٦٠