حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ٢

باقر شريف القرشي

حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مدرسة العلمية الايرواني
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

وداعه لقبر أُمّه وأخيه (عليهما السّلام) :

وتوجّه الحُسين في غلس الليل البهيم إلى قبر أُمّه وديعة النّبي (صلّى الله عليه وآله) وبضعته ، ووقف أمام قبرها الشريف مليّاً وهو يُلقي عليه نظرات الوداع الأخير ، وقد ثمثّلت أمامه عواطفها الفيّاضة وشدّة حنوّها عليه ، وقد ودّ أنْ تنشقّ الأرض لتواريه معها ، وانفجر بالبكاء وودّع القبر وداعاً حاراً ، ثمّ انصرف إلى قبر أخيه الزكي أبي محمّد ، فأخذ يروّي ثرى القبر مِنْ دموع عينيه وقد ألمّت به الآلام والأحزان ، ثمّ رجع إلى منزله وهو غارق بالأسى والشجون (١).

فزع الهاشميّات :

ولمّا عزم الإمام على مغادرة يثرب واللّجوء إلى مكّة اجتمعْنَ السيّدات مِنْ نساء بني عبد المطّلب ، وقد جاشت عواطفهنَّ بالأسى والحزن ، فقد تواترت عليهنَّ الأنباء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن مقتل ولده الحُسين ، وجعلْنَ ينحْنَ وتعالت أصواتهنَّ بالبكاء وكان منظراً مفزعاً ، وانبرى إليهنَّ الحُسين وهو رابط الجأش ، فقال لهنَّ : «أُنشدكنَّ الله أنْ تبدينَ هذا الأمر معصيةً لله ولرسوله».

فذابت نفوسهنَّ ، وصحنَ : لمَنْ نستبقي النياحة والبكاء؟ فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن ، جعلنا الله فداك يا حبيب الأبرار.

__________________

(١) الفتوح ٥ / ٢٩.

٢٦١

وأقبلت عليه بعض عمّاته وهي شاحبة اللون ، فقالت بنبرات منقطّعة بالبكاء : لقد سمعت هاتفاً يقول :

وإنّ قتيلَ الطفِّ مِنْ آلِ هاشمٍ

أذلّ رقاباً مِنْ قريشٍ فذلّتِ

وجعل الإمام (عليه السّلام) يُهدِّئ أعصابها ويأمرها بالخلود إلى الصبر ، كما أمر سائر السيّدات مِنْ بني عبد المطّلب بذلك (١).

مع أخيه ابن الحنفيّة :

وفزع محمّد بن الحنيفة إلى الحُسين ، فجاء يتعثّر في خطاه وهو لا يُبصر طريقه مِنْ شدّة الحزن والأسى ، ولمّا استقر به المجلس أقبل على الحُسين فقال له بنبرات مشفوعة بالإخلاص والحنوّ عليه : يا أخي ، فدتك نفسي ، أنت أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليّ ، ولست والله ، أدّخر النصيحة لأحد من الخلق ، وليس أحد أحقّ بها مِنك ؛ فإنّك كنفسي وروحي وكبير أهل بيتي ، ومَنْ عليه اعتمادي وطاعته في عنقي ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك مِنْ سادات أهل الجنّة ، وإنّي أُريد أنْ أُشير عليك برأيي فاقبله منّي.

لقد عبّر محمّد بهذا الحديث الرقيق عن عواطفه الفيّاضة المترعة بالولاء والإكبار لأخيه ، وأقبل عليه الإمام فقال له محمّد : أُشير عليك أن تتنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، ثمّ ابعث برسلك إلى الناس ، فإنْ بايعوك حمدت الله على ذلك ، وإنْ اجتمعوا على غيرك لمْ ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ، ولمْ تذهب مروءتك ولا فضلك ، وإنّي أخاف عليك أنْ تدخل مصراً مِنْ هذه

__________________

(١) مقتل الحسين ـ للمقرم / ١٤٨.

٢٦٢

الأمصار فيختلف الناس بينهم ، فطائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لأوّل الأسنّة غرضاً ، فإذا خير هذه الأُمّة كلّها نفساً وأباً وأُمّاَ أضيعها دماً وأذلّها أهلاً.

وبادر الإمام الحُسين فقال له : «أين أذهب؟».

ـ تنزل مكّة فإن اطمأنت بك الدار وإلاّ لحقت بالرمال وشعب الجبال ، وخرجت مِنْ بلد إلى آخر حتّى ننظر ما يصير إليه أمر الناس ، فإنّك أصوب ما تكون رأياً وأحزمهم عملاً حتّى تستقبل الأمور استقبالاً ، ولا تكون الأمور أبداً أشكل عليك منها حتّى تستدبرها استدباراً (١).

وانطلق الإمام وهو غير حافل بالأحداث ، فأخبره عن عزمه وتصميمه الكامل على رفض البيعة ليزيد قائلاً : «يا أخي ، لو لمْ يكن في الدنيا ملجأً ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية».

وانفچر ابن الحنفيّة بالبكاء ، فقد أيقن بالرزء القاصم ، واستشفّ ماذا سيجري على أخيه من الرزايا والخطوب ، وشكر الإمام نصيحته وقال له : «يا أخي ، جزاك الله خيراً ، لقد نصحت وأشرت بالصواب ، وأنا عازم على الخروج إلى مكّة ، وقد تهيّأتُ لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي ؛ أمرهم أمري ورأيهم رأيي. وأمّا أنت فلا عليك أنْ تُقيم بالمدينة فتكون لي عيناً لا تُخفِ عنّي شيئاً مِنْ اُمورهم» (٢).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ١٩١.

(٢) الفتوح ٥ / ٣٢.

٢٦٣

وصيته لابن الحنفيّة :

وعهد الإمام بوصيته الخالدة إلى أخيه ابن الحنفيّة ، وقد تحدّث فيها عن أسباب ثورته الكبرى على حكومة يزيد ، وقد جاء فيها بعد البسملة : «هذا ما أوصى به الحُسين بن علي إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة ، إنّ الحُسين يشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله جاء بالحقّ مِنْ عنده ، وأنّ الجنّة حقّ ، والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث مَنْ في القبور.

وإنّي لمْ أخرج أشِرَاً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي (صلّى الله عليه وآله) ؛ أُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين. وهذه وصيتي إليك يا أخي ، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أُنيب» (١).

من أجل هذه الأهداف النبيلة فجّر الإمام ثورته الخالدة ، فهو لمْ يخرج أشِرَاً ولا بطراً ، ولمْ يبغِ أيّ مصلحة مادية له أو لأُسرته ، وإنّما خرج على حكم الظلم والطغيان ، يريد أنْ يُقيمَ صروح العدل بين الناس ، وما أروع قوله : «فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين».

لقد حدّد الإمام خروجه بأنّه كان من أجل إحقاق الحقّ ، وإماتة الباطل

__________________

(١) الفتوح ٥ / ٣٣ ، مقتل الخوارزمي ١ / ١٨٨.

٢٦٤

ودعا الأُمّة باسم الحقّ إلى الالتفاف حوله ؛ لتحمي حقوقها وتصون كرامتها وعزّتها التي انهارت على أيدي الاُمويِّين ، وإذا لمْ تستجب لنصرته فسيواصل وحده مسيرته النضالية بصبر وثبات في مناجزة الظالمين والمعتدين حتّى يحكم الله بينه وبينهم بالحقّ وهو خير الحاكمين.

كما حدّد الإمام خروجه بأنّه يريد أنْ يسير على منهاج جدّه وأبيه ، وليس على منهاج أيّ أحدٍ من الخلفاء. وهذه الوصية من البنود التي نرجع إليها في دراستنا عن أسباب ثورته (عليه السّلام).

وتهيّأ الإمام بعد وصيته لأخيه محمّد إلى السفر إلى مكّة ؛ ليلتقي بحجّاج بيت الله الحرام وغيرهم ، ويعرض عليهم الأوضاع الراهنة في البلاد ، وما تعانيه الأُمّة من الأزمات والأخطار في عهد يزيد.

وقبل أنْ يغادر الإمام (عليه السّلام) يثرب متّجهاً إلى مكّة دخل مسجد جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهو غارق في الأسى والشجون ، فألقى عليه نظرة الوداع الأخير ، وقد نظر إلى محراب جدّه (صلّى الله عليه وآله) ومنبره فطافت به ذكريات ذلك العطف الذي كان يفيضه عليه جدّه (صلّى الله عليه وآله) حينما كان في غضون الصّبا ، فلمْ ينسَ الحسين في جميع فترات حياته ذلك الحنان الذي أغدقه عليه جدّه حينما يقول فيه : «حسين منّي وأنا مِنْ حسين ، أحبّ الله مَنْ أحبّ حُسيناً. حُسين سبط مِن الأسباط».

وتذكّر كيف كان النّبي (صلّى الله عليه وآله) يفرغ عليه ما انطوت عليه نفسه الكبيرة من المُثل العليا التي كان بها خاتم النبين وسيد المرسلين ، وأيقن أنّه لمْ يكن يشيع ذلك في نفسه بمحض العاطفة ، بل بشعور آخر هو الإبقاء على رسالته ومبادئه ، ورأى أنّه لا بد أنْ يقدّم التضحية الرهيبة التي تصون

٢٦٥

رسالة الإسلام مِنْ عبث الناقمين عليه. ويقول المؤرّخون : إنّه دخل المسجد بين أهل بيته ، وهو يعتمد في مشيه على رَجُلَين ، ويتمثّل بقول يزيد بن مفرغ :

لا ذُعرتُ السَّوام في فلق الصبحِ

مغيراً ولا دُعيت يزيدا

يوم اُعطي مِن المهانةِ ضيماً

والمنايا ترصدنني أنْ أحيدا (١)

ويقول أبو سعيد : لمّا سمعت هذين البيتين قلت في نفسي : إنّه ما تمثّل بهما إلاّ لشيء يريده ، فما مكثت إلاّ قليلاً حتّى بلغني أنّه سار إلى مكة (٢). لقد صمّم على التضحية والفداء ليغيّر مجرى الحياة ، ويرفع كلمة الله وفكرة الخير في الأرض.

أمّا يثرب مهد النّبوة فإنّه حينما أُذيع فيها مغادرة الحُسين عنها علتها الكآبة ، وخيّم على أهلها الحزن والذعر ، فقد أيقنوا بالخسارة الفادحة التي ستحلّ بهم ، فسيغيب عنهم قبس من نور الرسالة الذي كان يضيء لهم الحياة ، وحزنت البقية الباقية مِنْ صحابة النّبي (صلّى الله عليه وآله) كأعظم ما يكون الحزن ، فقد كانوا يرون في الحُسين امتداداً لجدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي أنقذهم من حياة التّيْه في الصحراء.

__________________

(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٦٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٢٩ ، تاريخ الطبري.

٢٦٦

الثورة الحسينيّة

أسبابها ومخططاتها

٢٦٧
٢٦٨

ولمْ يفجّر الإمام الحُسين (عليه السّلام) ثورته الكبرى أشِرَاً ولا بطرَاً ، ولا ظالماً ولا مفسداً ـ حسب ما يقول ـ وإنّما انطلق ليؤسس معالم الإصلاح في البلاد ، ويحقّق العدل الاجتماعي بين الناس ، ويقضي على أسباب النكسة الأليمة التي مُنِي بها المسلمون في ظلّ الحكم الأموي الذي ألحق بهم الهزيمة والعار.

لقد انطلق الإمام ليصحّح الأوضاع الراهنة في البلاد ، ويُعيد للأُمّة ما فقدته من مقوّماتها وذاتياتها ، ويُعيد لشراينها الحياة الكريمة التي تملك بها إرادتها وحريتها في مسيرتها النضالية لقيادة أُمم العالم في ظلّ حكم متوازن تُذاب فيه الفوارق الاجتماعية ، وتُقام الحياة على أسس صلبة من المحبّة والإخاء ، إنّه حكم الله خالق الكون وواهب الحياة ، لا حكم معاوية الذي قاد مركبة حكومته على إماتة وعي الإنسان وشلّ حركاته الفكرية والاجتماعية.

لقد فجّر الإمام (عليه السّلام) ثورته الكبرى التي أوضح الله بها الكتاب ، وجعلها عبرة لأولي الألباب ، فأضاء بها الطريق وأوضح بها القصد وأنار بها الفكر ، فانهارت بها السّدود والحواجز التي وضعها الحكم الاُموي أمام التطوّر الشامل الذي يريده الإسلام لأبنائه ، فلمْ يعد بعد الثورة أيّ ظلّ للسلبيات الرهيبة التي أقامها الحكم الاُموي على مسرح الحياة الإسلاميّة ، فقد انتفضت الأُمّة ـ بعد مقتل الإمام ـ كالمارد الجبّار وهي تسخر مِن الحياة وتستهزأ بالموت ، وتزجّ بأبنائها في ثورات متلاحقة حتّى أطاحت بالحكم الاُموي واكتسحت معالم زهوه.

ولمْ يقدم الإمام على الثورة إلاّ بعد أنْ انسدّت أمامه جميع الوسائل ، وانقطع كلّ أمل له في إصلاح الأُمّة ، وإنقاذها مِن السلوك في المنعطفات ، فأيقن أنّه لا طريق للإصلاح إلاّ بالتضحية الحمراء ، فهي وحدها التي

٢٦٩

تتغيّر بها الحياة ، وترتفع راية الحقّ عالية في الأرض.

وفيما أعتقد أنّ أهم ما يتطلّبه القرّاء لأمثال هذه البحوث الوقوف على أسباب الثورة الحسينيّة ومخططاتها ، وفيما يلي ذلك :

أسباب الثورة :

وأحاطت بالإمام (عليه السّلام) عدّة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعية وغيرها ، فحفّزته إلى الثورة ودفعته إلى التضحية والفداء ، وهذه بعضها :

١ ـ المسؤولية الدينيّة :

وأعلن الإسلام المسؤولية الكبرى على كلّ مسلم عمّا يحدث في بلاد المسلمين من الأحداث والأزمات التي تتنافي مع دينهم ، وتتجافى مع مصالحهم ، فإنّه ليس من الإسلام في شيء أنْ يقف المسلم موقفاً يتّسم بالميوعة واللامبالات أمام الهزّات التي تدهم الأُمّة وتدمّر مصالحها.

وقد أعلن الرسول (صلّى الله عليه وآله) هذه المسؤولية ، يقول (صلّى الله عليه وآله) : «كلّكم راعٍ ، وكلّكم مسؤول عن رعيته». فالمسلم مسؤول أمام الله عن رعاية مجتمعه ، والسّهر على صالح بلاده والدفاع عن أُمّته.

وعلى ضوء هذه المسؤولية الكبرى ناهض الإمام جور الاُمويِّين ، وناجز مخططاتهم الهادفة إلى استعباد الأُمّة وإذلالها ونهب ثرواتها.

وقد أدلى (عليه السّلام) بما يحتّمه الإسلام عليه مِن الجهاد لحكم الطاغية يزيد ، أمام الحرّ وأصحابه قال (عليه السّلام) :

٢٧٠

«يا أيها الناس ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : مَنْ رأى سلطاناً جائراً ؛ مستحلاً لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بقول ولا فعل كان حقّاً على الله أنْ يُدخله مدخله».

لقد كان الواجب الديني يحتّم عليه القيام بوجه الحكم الاُموي الذي استحلّ حُرمات الله ، ونكث عهوده وخالف سنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد صرّح جماعة مِنْ علماء المسلمين بأنّ الواجب الديني كان يقضي على الإمام أنْ ينطلق في ميادين الجهاد دفاعاً عن الإسلام ، وفيما يلي بعضهم :

١ ـ الإمام محمّد عبده ، وألمع الإمام محمّد عبده في حديثه عن الحكومة العادلة والجائرة في الإسلام إلى خروج الإمام على حكومة يزيد ، ووصفه بأنّه كان واجباً شرعياً عليه ، قال : إذا وجد في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع وحكومة جائرة تعطّله ، وجب على كلّ مسلم نصر الأولى وخذل الثانية.

ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين (عليه السّلام) ، سبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) على إمام الجور والبغي الذي وَلِيَ أمرَ المسلمين بالقوّة والمنكر يزيد بن معاوية خذله الله ، وخذل مَنْ انتصر له من الكرامية والنواصب (١).

٢ ـ محمّد عبد الباقي ، وتحدّث الاُستاذ محمّد عبد الباقي سرور عن المسؤولية الدينية والاجتماعية اللّتين تحتّمان على الإمام القيام بمناهضة حكم يزيد ، قال :

__________________

(١) تفسير المنار ١ / ٣٦٧ ، و ١٢ / ١٨٣ و ١٨٥.

٢٧١

لو بايع الحُسينُ يزيد الفاسق المستهتر الذي أباح الخمر والزنا ، وحطّ بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات ، وعقد حلقات الشراب في مجلس الحكم ، والذي ألبس الكلاب والقرود خلاخل من ذهب ومئات الآلوف من المسلمين صرعى الجوع والحرمان.

لو بايع الحُسينُ يزيد أن يكون خليفة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) على هذا الوضع لكانت فتيا من الحُسين بإباحة هذا للمسلمين ، وكان سكوته هذا أيضاً رضى ، والرضا من ارتكاب المنكرات ولو بالسكوت إثم وجريمة في حكم الشريعة الإسلاميّة. والحُسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية المسؤولة في الجزيرة العربية ، بل في البلاد الإسلاميّة كافة عن حماية التراث الإسلامي لمكانته في المسلمين ، ولقرابته من رسول ربّ العالمين ، ولكونه بعد موت كبار المسلمين كان أعظم المسلمين في ذلك الوقت علماً وزهداً وحسباً ومكانة. فعلى هذا الوضع أحس بالمسؤولية تناديه وتطلبه لإيقاف المنكرات عند حدّها ، ولا سيّما إنّ الذي يضع هذه المنكرات ويشجّع عليها هو الجالس في مقعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذا أولاً.

وثانياً : أنّه (عليه السّلام) جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب ، وجاءه ثلاثون ألفاً من الخطابات من ثلاثين ألف من العراقيين من سكّان البصرة والكوفة يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة يزيد بن معاوية ، وألحّوا تكرار هذه الخطابات حتّى قال رئيسهم عبد الله بن الحصين الأزدي : يا حُسين سنشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة إذا لم تلبِّ طلبنا وتقوم بنجدة الإسلام ، وكيف والحُسين ذو حمية دينية ونخوة إسلامية ، والمفاسد تترى أمام عينيه ، كيف لا يقوم بتلبية النداء؟ وعلى هذا الوضع لبّى النداء كما تأمر به الشريعة الإسلاميّة ، وتوجّه نحو العراق (١).

__________________

(١) الثائر الأوّل في الإسلام / ٧٩.

٢٧٢

وهذا الرأي وثيق للغاية ؛ فقد شُفّع بالأدلة الشرعية التي حمّلت الإمام مسؤولية الجهاد ، والخروج على حكم طاغية زمانه.

٣ ـ عبد الحفيظ أبو السّعود ، يقول الاُستاذ عبد الحفيظ أبو السعود : ورأى الحُسين أنّه مطالب الآن ـ يعني بعد هلاك معاوية ـ أنْ يُعلن رفضه لهذه البيعة ، وأنْ يأخذ البيعة لنفسه من المسلمين ، وهذا أقلّ ما يجب ؛ حفاظاً لأمر الله ورفعاً للظلم ، وإبعاداً لهذا العابث ـ يعني يزيد ـ عن ذلك المنصب الجليل (١).

٤ ـ الدكتور أحمد محمود صبحي ، وممّن صرّح بهذه المسؤولية الدينية الدكتور أحمد محمود صبحي ، قال :

ففي إقدام الحُسين على بيعة يزيد انحراف عن أصلٍ من أصول الدين من حيث أنّ السياسة الدينية للمسلمين لا ترى في ولاية العهد وراثة الملك إلاّ بدعة هرقلية دخيلة على الإسلام ، ومن حيث أنّ اختيار شخض يزيد مع ما عرف عنه من سوء السّيرة ، وميله إلى اللّهو وشرب الخمر ومنادمة القرود ليتولّى منصب الخلافة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أكبر وزر يحلّ بالنظام السياسي للإسلام. يتحمّل وزره كلّ مَنْ شارك فيه ورضى عنه ، فما بالك إذا كان المُقْدِم على ذلك هو ابن بنت رسول الله؟!

كان خروج الحُسين إذاً أمراً يتّصل بالدعوة والعقيدة أكثر ممّا يتّصل بالسياسة والحرب (٢).

__________________

(١) سبط الرسول / ١٣٣.

(٢) نظرية الإمامة لدى الشيعة الإثنى عشرية / ٣٣٤.

٢٧٣

٥ ـ العلائلي

يقول العلائلي : وهناك واجب على الخليفة إذا تجاوزه وجب على الأُمّة إسقاطه ، ووجبت على الناس الثورة عليه ؛ وهو المبالغة باحترام القانون الذي يخضع له الناس عامّة ، وإلاّ فأيّ تظاهر بخلافه يكون تلاعباً وعبثاً ، ومن ثمّ وجب على رجل القانون أنْ يكون أكثر تظاهراً باحترام القانون من أي شخص آخر ، وأكبر مسؤولية من هذه الناحية ، فإذا فسق المَلِك ثمّ جاهر بفسقه وتحدّى الله ورسوله والمؤمنين لم يكن الخضوع له إلاّ خضوعاً للفسق وخضوعاً للفحشاء والمنكر ، ولم يكن الاطمئنان إليه إلاّ اطمئناناً للتلاعب والمعالنة الفاسقة.

هذا هو المعنى التحليلي لقوله (عليه السّلام) : «ويزيد رجل فاسق ، وشارب للخمر وقاتل النفس المحرّمة ، معلن بالفسق» (١).

هذه بعض الآراء التي أدلى بها جماعة من العلماء في إلزام الإمام شرعاً بالخروج على حكم الطاغية يزيد ، وإنّه ليس له أنْ يقفَ موقفاً سليباً أمام ما يقترفه يزيد من الظلم والجور.

٢ ـ المسؤولية الاجتماعيّة :

وكان الإمام (عليه السّلام) بحكم مركزه الاجتماعي مسؤولاً أمام الأُمّة عمّا مُنِيَتْ به من الظلم والاضطهاد من قبل الاُمويِّين. ومَنْ هو أولى بحمايتها وردّ الاعتداء عنها غيره؟ فهو سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وريحانته ، والدين دين جدّه ، والأُمّة أُمّة جدّه ، وهو المسؤول بالدرجة الأولى عن رعايتهما.

__________________

(١) الإمام الحسين / ٩٤.

٢٧٤

لقد رأى الإمام أنّه مسؤول عن هذه الأُمّة ، وأنّه لا يجدي بأيّ حالٍ في تغيير الأوضاع الاجتماعية التزام جانب الصمت ، وعدم الوثوب في وجه الحكم الاُموي المليء بالجور والآثام. فنهض (عليه السّلام) بأعباء هذه المسؤولية الكبرى ، وأدى رسالته بأمانة وإخلاص ، وضحّى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ؛ ليعيد على مسرح الحياة عدالة الإسلام وحكم القران.

٣ ـ إقامة الحجّة عليه :

وقامت الحجّة على الإمام لإعلان الجهاد ، ومناجزة قوى البغي والإلحاد ، فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أقوى حامية عسكرية في الإسلام وهي الكوفة ، فكانت رسائل أهلها تحمّله المسؤولية أمام الله إنْ لمْ يستجبْ لدعواتهم الملحّة لإنقاذهم من عسف الاُمويِّين وبغيهم.

ومن الطبيعي أنّه لو لمْ يجيبهم لكان مسؤولاً أمام الله ، وأمام الأُمّة في جميع مراحل التاريخ ، وتكون الحجّة قائمة عليه.

٤ ـ حماية الإسلام :

ومن أوكد الأسباب التي ثار من أجلها حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) حماية الإسلام من خطر الحكم الاُموي ، الذي جهد على محو سطوره وقلع جذوره وإقبار قِيَمِه ، فقد أعلن يزيد وهو على دست الخلافة الإسلاميّة الكفر والإلحاد بقوله :

لعبت هاشمُ بالملكِ فلا

خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ

٢٧٥

وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد ، فهو لمْ يؤمن بوحي ولا كتاب ولا جنّة ولا نار ، وقد رأى السّبط أنّه إنْ لمْ يثأر لحماية الدين فسوف يجهز عليه حفيد أبي سفيان ويجعله أثراً بعد عين ، فثار (عليه السّلام) ثورته الكبرى التي فدى بها دين الله ، فكان دمه الزاكي المعطر بشذى الرسالة هو البلسم لهذا الدين ، فإنّ من المؤكد أنّه لولا تضحيته لمْ يبقَ للإسلام اسم ولا رسم ، وصار الدين دين الجاهلية ودين الدعارة والفسوق ، ولذهبت سدى جميع جهود النّبي (صلّى الله عليه وآله) وما كان ينشده للناس من خير وهدى.

وقد نظر النّبي (صلّى الله عليه وآله) من وراء الغيب واستشفّ مستقبل أُمّته ، فرأى بعين اليقين ما تُمْنى به الأُمّة من الانحراف عن الدين ، وما يصيبها من الفتن والخطوب على أيدي أُغيلمة مِنْ قريش ، ورأى أنّ الذي يقوم بحماية الإسلام هو الحُسين (عليه السّلام) ، فقال (صلّى الله عليه وآله) كلمته الخالدة : «حُسين منّي وأنا مِنْ حُسين» ، فكان النّبي (صلّى الله عليه وآله) حقّاً من الحُسين ؛ لأنّ تضحيته كانت وقاية للقرآن ، وسيبقى دمه الزكي يروّي شجرة الإسلام على ممرّ الأحقاب والآباد.

٥ ـ صيانة الخلافة :

ومن ألمع الأسباب التي ثار من أجلها الإمام الحُسين (عليه السّلام) تطهير الخلافة الإسلاميّة من أرجاس الاُمويِّين الذين نزوا عليها بغير حقّ ، فلمْ تَعُدْ الخلافة في عهدهم كما يريدها الإسلام وسيلة لتحقيق العدل الاجتماعي بين الناس ، والقضاء على جميع أسباب التخلّف والفساد في الأرض.

لقد اهتم الإسلام اهتماماً بالغاً بشأن الخلافة ؛ باعتبارها القاعدة الصلبة لإشاعة الحقّ والعدل بين الناس ، فإذا صلحت نَعِمَتِ الأُمّة بأسرها ،

٢٧٦

وإذا انحرفت عن واجباتها فإنّ الأُمّة تصاب بتدهور سريع في جميع مقوّماتها الفكرية والاجتماعية ، ومِنْ ثمّ فقد عنى الإسلام في شأنها أشدّ ما تكون العناية ، فألزم مَنْ يتصدّى لها بأنْ تتوفّر فيه النزعات الخيّرة والصفات الشريفة من العدالة والأمانة ، والخبرة بما تحتاج إليه الأُمّة في مجالاتها الاقتصادية والإدارية والسياسية ، وحرّم على مَنْ فقد هذه الصفات أنْ يرشّح نفسه للخلافة ،

وقد تحدّث (عليه السّلام) في أولى رسائله إلى أهل الكوفة عن الصفات التي يجب أنْ تتوفّر فيمَنْ يُرشِّح نفسه إلى إمامة المسلمين وإدارة شؤونهم ، قال (عليه السّلام) : «فلعمري ، ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب ، والآخذ بالقسط ، والدائن بالحقّ ، والحابس نفسه على ذات الله» (١).

فمَنْ تحلّى بهذه الصفات كان له الحقّ في تقديم نفسه لإمامة المسلمين وخلافتهم ، ومَنْ لمْ يتّصف بها فلا حقّ له في التصدي لهذا المركز الخطير الذي كان يشغله الرسول (صلّى الله عليه وآله).

إنّ الخلافة الإسلاميّة ليست مجرّد سلطة زمنية على الأُمّة ، وإنّما هي نيابة عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) وامتداد ذاتي لحكومته المشرقة. وقد رأى الإمام الحُسين أنّ مركز جدّه قد صار إلى سكّير مستهتر لا يعي إلاّ شهواته ورغباته ، فثار (عليه السّلام) ليعيد للخلافة الإسلاميّة كيانها المشرق وماضيها الزاهر.

__________________

(١) الطبري ٦ / ١٩٧.

٢٧٧

٦ ـ تحرير إرادة الأُمّة :

ولم تملك الأُمّة في عهد معاوية ويزيد إرادتها واختيارها ، فقد كانت جثة هامدة لا وعي فيها ولا اختيار ، قد كُبّلت بقيود ثقيلة سدّت في وجهها منافذ النور والوعي ، وحيل بينها وبين إرادتها.

لقد عمل الحكم الاُموي على تخدير المسلمين وشلّ تفكيرهم ، وكانت قلوبهم مع الإمام الحُسين ، إلاّ إنّهم لا يتمكّنون من متابعة قلوبهم وضمائرهم ، فقد استولت عليها حكومة الاُمويِّين بالقهر ، فلمْ يملكوا من أمرهم شيئاً ، فلا إرادة لهم ولا اختيار ولا عزم ولا تصميم ، فأصبحوا كالأنصاب لا وعي فيهم ولا حراك ، قد قبعوا أذلاء صاغرين تحت وطأة سياط الاُمويِّين وبطشهم.

لقد هبّ الإمام إلى ساحات الجهاد والفداء ؛ ليطعم المسلمين بروح العزّة والكرامة ، فكان مقتله نقطة تحوّل في تاريخ المسلمين وحياتهم ، فانقلبوا رأساً على عقب ، فتسلّحوا بقوة العزم والتصميم ، وتحرروا من جميع السلبيات التي كانت ملمّة بهم ، وانقلبت مفاهيم الخوف والخنوع التي كانت جاثمة عليهم إلى مبادئ الثورة والنضال ، فهبّوا متضامنين في ثورات مكثّفة وكان شعارهم (يا لثارات الحُسين) ، فكان هذا الشعار هو الصرخة المدوّية التي دكّت عروش الاُمويِّين وأزالت سلطانهم.

٧ ـ تحرير اقتصاد الأُمّة :

وانهار اقتصاد الأُمّة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية والفردية ، فقد عمد الاُمويِّين بشكل سافر إلى نهب الخزينة المركزية ، والاستئثار بالفيء

٢٧٨

وسائر ثمرات الفتوح والغنائم ؛ فحازوا الثراء العريض ، وتكدّست في بيوتهم الأموال الهائلة التي حاروا في صرفها ، وقد أعلن معاوية أمام المسلمين أنّ المال مال الله وليس مال المسلمين فهو أحقّ به.

ويقول سعيد بن العاص : إنّما السّواد بستان قريش ، وقد أخذوا ينفقون الأموال على أغراضهم السياسية التي لا تمتّ بصلة لصالح الأُمّة.

أمّا موارد إنفاقهم البارزة فهي :

أ ـ شراء الضمائر والأديان : وقد تقدّمت الشواهد المؤيدة لذلك عند البحث عن سياسة معاوية الاقتصادية.

ب ـ الإنفاق على لجان الوضع : لافتعال الأخبار التي تدعم الكيان الاُموي وتحطّ من قيمة أهل البيت ، وقد ألمعنا إلى ذلك بصورة مفصلة.

ج ـ الهبات الهائلة ، والعطايا الوافرة للوجوه والأشراف : لِكَمِ أفواههم عمّا تقترفه السّلطة مِنْ الظلم للرعية.

د ـ الصرف على المجون والدعارة : فقد امتلأت بيوتهم بالمغنين والمغنيات ، وأدوات العزف وسائر المنكرات.

هذه بعض الموارد التي كان يُنفق عليها الأموال ، في حين أنّ الجوع قد نهش الأُمّة وعمّت فيها المجاعة ، وانتشر شبح الفقر في جميع الأقطار الإسلاميّة سوى الشام ، فقد رفّه عليها ؛ لأنّها الحصن المنيع الذي كان يحمي جور الاُمويِّين وظلمهم.

وقد ثار الإمام الحُسين (عليه السّلام) ليحمي اقتصاد الأُمّة ويعيد توازن حياتها المعاشية ، وقد صادر أموالاً من الخراج كانت قد أُرسلت لمعاوية ، كما صادر أموالاً أُخرى أُرسلت من اليمن إلى خزينة دمشق في أيّام يزيد ، وقد أنفقها على الفقراء والمعوزين ، وكان (عليه السّلام) أكثر ما يعاني من الآلام هو أنّه يرى الفقر قد أخذ بخناق المواطنين ، ولمْ ينفق شيء مِنْ بيت المال على إنعاش حياتهم.

٢٧٩

٨ ـ المظالم الاجتماعية :

وانتشرت المظالم الاجتماعية في أنحاء البلاد الإسلاميّة ، فلم يعُد قطر من الأقطار إلاّ وهو يعجّ بالظلم والاضطهاد مِنْ جورهم ، وكان مِنْ مظاهر ذلك الظلم ما يلي :

١ ـ فقد الأمن : وانعدم الأمن [وانعدامه] في جميع أنحاء البلاد ، وساد الخوف والإرهاب على جميع المواطنين ، فقد أسرفت السّلطة الاُمويّة بالظلم ، فجعلت تأخذ البريء بالسّقيم ، والمُقبل بالمُدبر ، وتعاقب على الظنّة والتهمة ، وتسوق الأبرياء بغير حساب إلى السجون والقبور ، وكان الناس في عهد زياد يقولون : انج سعد فقد هلك سعيد ، ولا يوجد أحد إلاّ وهو خائف على دمه وماله ، فثار الإمام الحُسين (عليه السّلام) لينقذ الناس مِنْ هذا الجور الهائل.

٢ ـ احتقار الأُمّة : وكان الخط السياسي الذي انتهجه الاُمويّون العمل على إذلال الأُمّة والاستهانة بها ، وكان مِنْ مظاهر ذلك الاحتقار أنّهم كانوا يختمون في أعناق المسلمين كما توسم الخيل ؛ علامة لاستعبادهم كما نقشوا على أكفّ المسلمين علامة لاسترقاقهم كما يصنع بالعلوج من الروم والحبشة (١).

وقد هبّ الإمام (عليه السّلام) في ميادين الجهاد ليفتح للمسلمين أبواب العزّة والكرامة ، ويحطّم عنهم ذلك الكابوس المظلم الذي أحال حياتهم إلى ظلام قاتم لا بصيص فيه من النور.

__________________

(١) تاريخ التمدّن الإسلامي.

٢٨٠