حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ١

باقر شريف القرشي

حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ١

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مدرسة العلمية الايرواني
المطبعة: باقري
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٤٤
الجزء ١ الجزء ٣

أن تُمنح إلاّ للمتحرّجين في دينهم ، الذين لا يخضعون للرغبات والأهواء ، ويجب أن تستغل لتحقيق ما ينفع الناس ، فلا يجوز أن تُمنح إثرة أو محاباة. يقول (عليه السلام) في رسالته لقاضيه رفاعة بن شداد : «واعلم يا رفاعة ، أنّ هذه الإمارة أمانة ؛ فمَنْ جعلها خيانة فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة ، ومَنْ استعمل خائناً فإنّ محمداً (صلّى الله عليه وآله) بريء منه في الدنيا والآخرة» (١).

وكان (عليه السلام) إذا شعر من أحد أن له ميلاً أو هوى في الإمارة فلا يرشحه لها ؛ لأنه يتّخذ الحكم وسيلة لتحقيق مآربه وأطماعه. ولمّا أعلن طلحه والزبير عن رغبتهما الملحّة في الولاية امتنع عن إجابتهما ، واستدعى عبد الله بن عباس فقال له : «بلغك قول الرجلين؟» ـ يعني طلحة والزبير ـ.

ـ نعم ، أرى أنّهما أحبّا الولاية ؛ فولِّ البصرة الزبير ، وولِّ طلحة الكوفة.

فأنكر عليه الإمام رأيه ، وقال له : «ويحك! إنّ العراقَين ـ أي البصرة والكوفة ـ بهما الرجال والأموال ، ومتى تملّكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع ، ويضربا الضعيف بالبلاء ، ويقويا على القوي بالسلطان. ولو كنتُ مستعملاً أحداً لضرّه ونفعه لاستعملت معاوية على الشام ، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي» (٢). من أجل هذه النقاط الحساسة امتنع أن يوليهما على العراقَين.

إنّ الإمارة وسائر المناصب في جهاز الدولة لا يجوز عند الإمام أن تمنح إلاّ

__________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ٥ / ٣٣.

(٢) الإمامة والسياسة ١ / ٥٢.

٤٢١

للذوات الزكية التي تعمل لصالح الاُمّة ولا تتخذ الحكم مغنماً وسلماً للثراء وسائر المنافع الشخصية.

الصراحة والصدق :

والشيء البارز في سياسة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو التزام الصراحة والصدق في جميع شؤونه السياسية فلم يوارب ولم يخادع ، وإنما سلك الطريق الواضح الذي لا التواء فيه وسار على منهاج ابن عمه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولزم سمته وهديه ، ومضى على طريقته وواكب جميع خطواته.

ولو أنه التزم بالأعراف السياسية التي تبيح وسائل الغدر والنفاق في سبيل الوصول إلى الحكم لما آلت الخلافة إلى عثمان ، فقد ألحّ عليه عبد الرحمان بن عوف أن يبايعه شريطة أن يسير على سيرة الشيخين فامتنع من إجابته وصارحه أنه يسوس الاُمّة على ضوء كتاب الله الذي وعاه ، وعلى ضوء سنة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وليس غيرهما رصيد يعتمد عليه في عالم التشريع والسياسة في الإسلام. ويقول (عليه السلام) : «لولا أن المكر والخداع في المنار لكنت أمكر الناس».

لقد أبى ضميره الحي المترع بتقوى الله وطاعته أن يخادع أو يمكر في سبيل الوصول إلى الحكم الذي كان من أزهد الناس فيه ، وكان كثيراً ما تنفّس الصعداء من الآلام المرهقة التي كان يعانيها من خصومه ، وهو يقول : «وا ويلاه! يمكرون بي ويعلمون أني بمكرهم عالم ، وأعرف منهم بوجوه المكر ، ولكني أعلم أنّ المكر والخديعة في النار ، فأصبر على مكرهم ولا أرتكب مثل ما ارتكبوا» (١).

__________________

(١) جامع السعادات ١ / ٢٠٢.

٤٢٢

وأنكر على مَنْ قال فيه : إنّه لا دراية له بالشؤون السياسية ، وإنّ معاوية خبير بها ، فقال (عليه السلام) : «والله ، ما معاوية بأدهى منّي ، ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس» (١).

وتحدّث (عليه السلام) عن الرسائل المنكرة التي يعتمد عليها بعض الناس في سبيل الوصول إلى أهدافهم من الغدر وما شاكله من المكر والنفاق ، وأنكر على الذين يبررون هذه الرسائل ويصفونها بحسن الحيلة ، فقال (عليه السلام) : «... وَلا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ ، وَلَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً ، وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِ ، مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ! قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ ، فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ، وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لا حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ».

على هذا الخلق بنى الإمام سياسته التي أضاءت في دنيا الإسلام ، وكانت السبب في خلوده ، واعتزاز الإنسانية به في جميع الأجيال والآباد.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض المثل العليا في سياسة الإمام ، وهي من دون شك تنشد الأهداف الأصيلة التي رفع شعارها الإسلام ، ولكن لم يفقها ذلك الجيل الذي تعوّد على الإثرة ، وتعوّد على الاستغلال فلذلك لم يكتب لها النجاح.

مع الإمام الحسين (عليه السّلام) :

وامتزجت عواطف الإمام أمير المؤمنين بعواطف ولده الحسين ،

__________________

(١) نهج البلاغة ٢٠ / ٢٠٦.

٤٢٣

وتفاعلت روحه مع روحه حتّى صار صورة فذّة عنه تحكي واقعه وهديه.

لقد أفاض الإمام جميع ذاتياته في نفس ولده الحسين ، ومنحه حبّه وإخلاصه ، وزوّده بأروع حكمه وآدابه ، وقد بلغ من عظيم حبّه أنّه لم يسمح له بالدخول في علميات الحروب أيام صفين كما لم يسمح لأخيه الحسن بذلك ؛ لئلا ينقطع بموتهما نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد انطبعت مثل الإمام وسائر اتجاهاته الفكرية في نفس الحسين فكان كأبيه في ثورته على الظلم والباطل ، ومناهضته للبغي والجور وتفانيه في سبيل الحق والعدل ، وتبنّيه لجميع وسائل الإصلاح والخير.

لقد كان كأبيه في بسالته وصموده ، وعزة نفسه وإبائه وشممه ، وقد اعترف بهذه الظاهرة أعداؤه يوم الطفِّ ؛ فإنهم لما عرضوا عليه الاستسلام لابن مرجانة والخضوع لإرادته ، قال بعضهم : إنّه لا يستجيب لكم ؛ فإنّ نفس أبيه بين جنبيه.

لقد كانت نفس أبيه عملاق هذه الاُمّة ورائدها الأعلى إلى العزّة والكرامة ماثلة بجميع مظاهرها ومقوماتها في نفس الإمام الحسين حتّى كأنه لم يعد هناك تعدد في الوجود بين الأب وولده ، فكانا معاً من ألمع مَنْ تعتز بهما الإنسانية في جميع الأجيال.

إخبار الإمام بمقتل الحسين (عليه السّلام) :

وأشاع الإمام بين الناس مقتل ولده الحسين ، كما أشاع ذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد أدلى الإمام بذلك في كثير من المناسبات ، وهذه بعضها :

١ ـ روى عبد الله بن يحيى (١) عن أبيه أنّه سافر مع علي إلى

__________________

(١) وفي الطبري روى عبد الله بن نجي.

٤٢٤

صفين ، وكان صاحب مطهرته ، فلما حاذوا نينوى تأثر الإمام ورفع صوته قائلاً : «صبراً أبا عبد الله ، صبراً أبا عبد الله ، بشط الفرات».

فذهل يحيى ، وانبرى يقول : مَنْ ذا أبو عبد الله؟!

فأجابه الإمام (عليه السّلام) وقلبه يتقطّع ألماً وحزناً ، قائلاً : «دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعيناه تفيضان ، فقلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال : قام من عندي جبرئيل فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشط الفرات ، وقال : هل لك أن أشمك من ترتبه؟ قال : قلتُ : نعم. فقبض قبضة فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا» (١).

٢ ـ حدّث هرثمة بن سليم قال : عزونا مع علي بن أبي طالب عزوة صفين ، فلما نزلنا بكربلاء صلّى بنا صلاة ، فلما سلم رُفع إليه من تربتها فشمها ثم قال : «واهاً لكِ أيتها التربة! ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب».

وبهر هرثمة وظلّ حديث الإمام يراوده في كل فترة ، وكان منكراً له فلما رجع إلى زوجته جرداء بنت سمير ، وكانت شيعة لعلي حدّثها بما سمعه من الإمام ، فقالت له : دعنا منك أيها الرجل ، فإنّ أمير المؤمنين لم يقل إلاّ حقاً.

ولم تمضِ الأيام حتّى بعث ابن زياد بجيوشه لحرب ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وكان فيهم هرثمة ، فلما انتهى إلى كربلاء ورأى الحسين وأصحابه تذكّر قول الإمام أمير المؤمنين فكره حربه ، وأقبل على الإمام الحسين وأخبره بما

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٧ ـ ٥٨ ، المعجم الكبير للطبراني رواه في ترجمته للإمام الحسين (عليه السّلام).

٤٢٥

سمعه من أبيه ، فقال له الإمام : «معنا أنت أو علينا؟».

ـ لا معك ولا عليك ؛ تركتُ أهلي وولدي وأخاف عليهم من ابن زياد.

فنصحه الإمام ، وقال له : «فولِّ هارباً حتّى لا ترى لنا مقتلاً ؛ فوالذي نفس محمّد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار».

وانهزم هرثمة من كربلاء ولم يشهد مقتل الإمام الحسين (ع) (١).

٣ ـ وروى أبو جعفة قال : جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب فسأله وأنا أسمع ، فقال : حديث حدّثتنيه عن علي بن أبي طالب قال : نعم ، بعثني مخنف بن سليم إلى علي فأتيته بكربلاء فوجدته يشير بيده ويقول : «ها هنا ، ها هنا». فبدر إليه رجل فقال له : ما ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال (عليه السلام) : «ثقلٌ لآل محمد ينزل ها هنا ، فويل لهم منكم ، وويل لكم منهم!».

ولم يعرف الرجل معنى كلامه ، فقال : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين؟

فقال (عليه السّلام) : «ويل لهم منكم تقتلونهم ، وويل لكم منهم يدخلكم الله بقتلهم النار» (٢).

٤ ـ روى الحسن بن كثير ، عن أبيه : أنّ علياً أتى كربلاء فوقف بها ، فقيل له :

__________________

(١) وقعة صفّين / ١٥٧ ، نهج البلاغة ٣ / ١٧٠.

(٢) وقعة صفّين / ١٥٨.

٤٢٦

يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء.

فأجاب والألم يحزّ في نفسه قائلاً : «ذات كرب وبلاء». ثمّ أومأ بيده إلى مكان فقال : «هاهنا موضع رحالهم ومناخ ركابهم». وأومأ بيده إلى موضع آخر فقال : «هاهنا مهراق دمائهم» (١).

٥ ـ روى أبو هريمة قال : كنت مع علي بنهر كربلاء ، فمرّ بشجرة تحتها بعر غزلان ، فأخذ من التراب قبضة فشمّها ، ثمّ قال : «يُحشر من هذا الظهر سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب» (٢).

٦ ـ روى أبو خيرة قال : صحبت علياً حتّى أتى الكوفة ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «كيف أنتم إذا نزل بذرّية نبيّكم بين ظهرانيكم؟».

ـ إذاً نبلي الله فيهم بلاءً حسناً.

فأجابهم الإمام : «والذي نفسي بيده ، لينزلنّ بين ظهرانيكم ، ولتخرجنّ إليهم فلتقتلنّهم». ثمّ أقبل يقول :

همْ أوردوهُ بالغرورِ وغرّدوا أجيبوا دعاهُ لا نجاة ولا عذرا (٣)

٧ ـ روى الطبراني بسنده عن علي أنه قال : «ليقتلنّ الحسين ، وإنّي لأعرف التربة التي يُقتل فيها بين النهرين» (٤).

٨ ـ روى ثابت عن سويد بن غفلة : أنّ علياً (عليه السّلام) خطب ذات يوم فقام رجل من تحت منبره ، فقال :

__________________

(١) وقعة صفّين / ١٥٨ ، نهج البلاغة ٣ / ١٦٩.

(٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٩١.

(٣) مجمع الزوائد ٩ / ١٩١ ، المعجم الكبير للطبراني.

(٤) مجمع الزوائد ٩ / ١٩٠ ، المعجم الكبير للطبراني.

٤٢٧

يا أمير المؤمنين ، إنّي مررت بوادي القرى فوجدت خالد بن عرفطة قد مات ، فاستغفر له. فقال (عليه السّلام) : «والله ، ما مات ولا يموت حتّى يقود جيش ضلالة ، صاحب لوائه حبيب بن حمار».

فقام إليه رجل ورفع عقيرته قائلاً : يا أمير المؤمنين ، أنا حبيب بن حمار ، وإنّي لك شيعة ومحب.

فقال الإمام : «أنت حبيب بن حمار؟».

ـ نعم.

وكرّر الإمام قوله : «أنت حبيب؟». وهو يقول : نعم ، فقال (عليه السّلام) : «أي والله ، إنّك لحاملها ولتحملنّها ، ولتدخلنّ من هذا الباب». وأشار إلى باب الفيل بمسجد الكوفة.

قال ثابت : والله ، ما متُّ حتّى رأيت ابن زياد ، وقد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي ، وجعل خالد بن عرفطة على مقدّمته ، وحبيب بن حمار صاحب رايته فدخل بها من باب الفيل (١).

٩ ـ وخطب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فكان من جملة خطابه : «سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مئة أو تهدي مئة إلاّ نبّأتكم بناعقها وسائقها ، ولو شئت لأخبرت كل واحد منكم بمخرجه ومدخله ، وجميع شأنه».

فانبرى إليه الوغد الخبيث تميم بن اُسامة التميمي ، فقال ساخراً ومستهزئاً : كم في رأسي طاقة شعر؟

فرمقه الإمام (عليه السّلام) بطرفه وقال له :

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٨٦.

٤٢٨

«أما والله إنّي لأعلم ذلك ، ولكن أين برهانه لو أخبرتك به ، ولقد أخبرتك بقيامك ومقالك ، وقيل لي : إنّ على كل شعرة من شعر رأسك ملكاً يلعنك ، وشيطاناً يستفزّك ، وآية ذلك أنّ في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ويحضّ على قتله».

يقول ابن أبي الحديد : فكان الأمر بموجب ما أخبر به (عليه السّلام) ، كان ابنه حصين ـ بالصاد المهملة ـ يومئذ طفلاً صغيراً يرضع اللبن ، ثمّ عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد ، وأخرجه عبيد الله إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين ويتوعّده على لسانه إن أرجأ ذلك ، فقتل (عليه السّلام) صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته (١).

١٠ ـ قال (عليه السّلام) للبراء بن عازب : «يا براء ، أيقتل الحسين وأنت حيّ فلا تنصره؟!».

فقال البراء : لا كان ذلك يا أمير المؤمنين. ولمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) ندم البراء وتذكّر مقالة الإمام أمير المؤمنين ، فكان يقول : أعظم بها حسرة إذ لم أشهده واُقتل دونه (٢).

١١ ـ قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : «كأنّي بالقصور وقد شيّدت حول قبر الحسين ، وكأنّي بالأسواق وقد حفّت حول قبره ، ولا تذهب الأيّام والليالي حتّى يسار إليه من الآفاق ، وذلك بعد انقطاع بني مروان» (٣).

وتحقق ما أخبر به الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، الذي هو باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ومستودع أسراره وحكمته ؛ فإنه لم تكد تنقرض الدولة الاُموية حتّى ظهر مرقد ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأصبح حرم الله الأكبر الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين ، وتتلهّف على زيارته ملايين المسلمين ، وتشدّ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٤.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٠ / ١٥.

(٣) مسند الإمام زيد / ٤٧.

٤٢٩

إليه الرحال من كل فجّ عميق ، فالسعيد السعيد الذي يحظى بالتبرّك بزيارته ، ويلثم أعتاب مرقده.

لقد أصبح مرقده العظيم عند المسلمين وغيرهم رمزاً للكرامة الإنسانية ، ومناراً مشرقاً لكل تضحية تقوم على الحق والعدل ، وعنواناً فذّاً لأقدس ما يشرف به هذا الحي من بين سائر الأحياء في جميع الأعصار والآباد.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن الحلقة الاُولى من هذا الكتاب ، ونستقبل الإمام الحسين (عليه السّلام) في الحلقة الثانية ، وهي تعرض للأحداث الرهيبة التي مُنيت بها الخلافة الإسلاميّة في عهد الإمام علي (عليه السّلام) ، والتي امتحن بها المسلمون امتحاناً عسيراً ، فقد أدّت إلى خذلانه ، وإجبار الإمام الحسن على التنازل عن الخلافة ، وتسلّط الطغمة الاُمويّة على رقاب المسلمين ، وإخضاعهم للذلّ ، وإرغامهم على ما يكرهون ، وتدميرهم للقِيَم العليا التي جاء هذا الدين ليقيمها في ربوع الأرض.

٤٣٠

محتويات الكتاب

٤٣١
٤٣٢

محتويات الكتاب

البسملة مع آي من الذكر الحكيم............................................... ٥

الإهداء...................................................................... ٦

بين يديك يا اُنشودة الأحرار................................................... ٧

المقدّمة..................................................................... ١٠

غرس الرسالة

الاُمّ........................................................................ ٢٣

الأب....................................................................... ٢٤

الوليد الأوّل................................................................ ٢٥

رؤيا اُمّ الفضل.............................................................. ٢٥

الوليد المبارك................................................................ ٢٧

وجوم النبي وبكاؤه........................................................... ٢٧

سنة ولادته................................................................. ٢٨

مراسيم ولادته.............................................................. ٢٩

(١) الأذان والإقامة ، (٢) التسمية أقوال شاذة ، (٣) العقيقة ، (٤) حلق رأسه ، (٥) الختان ٣٤

رعاية النبي (صلّى الله عليه وآله) للحسين (عليه السّلام)......................... ٣٤

تعويذ النبي (صلّى الله عليه وآله) للحسنين (عليهما السّلام)...................... ٣٥

٤٣٣

ملامحه (عليه السّلام)........................................................ ٣٥

هيبته....................................................................... ٣٧

ألقابه...................................................................... ٣٨

كنيتُه...................................................................... ٣٩

نقش خاتمه.................................................................. ٣٩

استعماله الطيب............................................................. ٤٠

دار سكناه.................................................................. ٤٠

المكوّنات التربويّة

الوراثة..................................................................... ٤٣

الاُسرة..................................................................... ٤٦

التربية النبويّة للحسين........................................................ ٤٧

تربية الإمام للحسين (عليه السّلام)............................................ ٤٨

تربيةُ فاطمة (عليها السّلام) له................................................ ٥١

البيئة....................................................................... ٥٣

في ظلال القرآن والسنّة

في ظلال القرآن............................................................. ٥٧

آية التطهير.................................................................. ٥٧

(أ) مَنْ هُم أهل البيت؟ (ب) خروج نساء النبي (ص)

٤٣٤

(ج) مزاعم عكرمة ، عكرمة في الميزان ، مقاتل بن سليمان ، بيان حاله ، وَهْن استدلالهما

آية المودّة................................................................... ٦٦

آية المباهلة.................................................................. ٧٠

آية الأبرار.................................................................. ٧٥

في ظلال السنّة.............................................................. ٧٧

الطائفة الاُولى............................................................... ٧٧

عرض للاخبار التي اثرت عن النبي (ص) في أهل البيت

الطائفة الثانية............................................................... ٨٥

الأخبار التي وردت عن النبي (ص) في فضل الحسن والحسين

الولاء العميق................................................................ ٩٢

الطائفة الثالثة............................................................... ٩٣

الأخبار التي أدلى بها النبي (ص) في فضل الحسين

إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله) بمقتله......................................... ٩٧

احتفاء الصحابة بالحسين (عليه السّلام)...................................... ١٠٦

لمحات من مُثل الإمام الحسين (عليه السّلام)

إمامته.................................................................... ١١١

مظاهر شخصيّته........................................................... ١١٢

٤٣٥

١ ـ قوّة الإرادة.......................................................... ١١٢

٢ ـ الإباء عن الضيم...................................................... ١١٣

٣ ـ الشجاعة............................................................ ١١٧

٤ ـ الصراحة............................................................ ١١٩

٥ ـ الصلابة في الحقِّ...................................................... ١٢١

٦ ـ الصبر............................................................... ١٢٢

٧ ـ الحلم................................................................ ١٢٤

٨ ـ التواضع............................................................. ١٢٥

٩ ـ الرأفة والعطف....................................................... ١٢٦

١٠ ـ الجود والسخاء..................................................... ١٢٧

عبادته وتقواه.............................................................. ١٣٢

(أ) خوفه من الله (ب) كثرة صلاته وصومه (ج) حجّه (د) صدقاته

مواهبه العلميّة............................................................. ١٣٥

الرجوع إليه في الفُتيا....................................................... ١٣٦

مجلسه.................................................................... ١٣٦

مَن روى عنه.............................................................. ١٣٧

رواياته عن جدّه........................................................... ١٣٨

مسنده.................................................................... ١٤٠

رواياته عن اُمّه فاطمة (عليها السّلام)........................................ ١٤٣

رواياته عن أبيه (عليه السّلام)............................................... ١٤٤

٤٣٦

من تراثه الرائع............................................................ ١٤٧

البحوث الكلامية ، القدر ، الصمد ، التوحيد.............................. ١٤٧

الأمر بالمعروف............................................................ ١٥٢

أنواع الجهاد.............................................................. ١٥٤

تشريع الصوم............................................................. ١٥٥

أنواع العبادة.............................................................. ١٥٥

مودّة أهل البيت (عليهم السّلام)............................................ ١٥٦

مكارم الأخلاق............................................................ ١٥٧

تشريع الأذان.............................................................. ١٥٩

الإخوان.................................................................. ١٥٩

العلم والتجارب........................................................... ١٦٠

حقيقة الصدقة............................................................. ١٦٠

الوعظ والإرشاد........................................................... ١٦١

من خُطبه................................................................. ١٦٤

أدعيته.................................................................... ١٦٥

(١) دعاؤه من وقاية الأعداء ، (٢) دعاؤه للاستسقاء (٣) دعاؤه يوم عرفة

جوامع الكلم.............................................................. ١٨٠

في حلبات الشعر........................................................... ١٨٤

مأساة الإسلام الكبرى

طلائع الرحيل للرسول الأعظم.............................................. ١٩٣

٤٣٧

حجّة الوداع.............................................................. ١٩٤

مؤتمر غدير خم............................................................ ١٩٨

مرض النبي (صلّى الله عليه وآله)............................................. ٢٠٢

استغفاره لأهل البقيع....................................................... ٢٠٣

سريّة اُسامة............................................................... ٢٠٤

إعطاء القصاص من نفسه................................................... ٢٠٧

التصدّق بما عنده........................................................... ٢١٠

رزية يوم الخميس.......................................................... ٢١١

فجيعة الزهراء (عليها السّلام)............................................... ٢١٤

ميراث النبي (صلّى الله عليه وآله) لسبطيه (عليهما السّلام)...................... ٢١٦

وصيّة النبي (صلّى الله عليه وآله) بالسّبطين (عليهما السّلام).................... ٢١٧

لوعة النبي (صلّى الله عليه وآله) على الحسين (عليه السّلام)..................... ٢١٨

إلى جنّة المأوى............................................................. ٢١٨

تجهيز الجثمان المقدس....................................................... ٢٢٢

الصلاة عليه............................................................... ٢٢٣

دفنه (صلّى الله عليه وآله).................................................. ٢٢٤

فزع العترة الطاهرة (عليهم السّلام).......................................... ٢٢٤

حكومة الشيخين

مؤتمر السقيفة............................................................. ٢٣٣

بواعث المؤتمر.............................................................. ٢٣٤

٤٣٨

الخطاب السياسي لسعد.................................................... ٢٣٧

المؤاخذة على سعد......................................................... ٢٣٨

وهن الأنصار.............................................................. ٢٣٩

أحقاد وأضغان............................................................ ٢٤٠

فذلكة عمر............................................................... ٢٤١

نقاط مهمّة................................................................ ٢٤٢

مباغتة الأنصار............................................................ ٢٤٤

خطاب أبي بكر............................................................ ٢٤٥

دراسة وتحليل............................................................. ٢٤٥

بيعة أبي بكر.............................................................. ٢٤٨

سرور القرشيِّين............................................................ ٢٥١

موقف أبي سفيان.......................................................... ٢٥٢

اندحار الأنصار............................................................ ٢٥٤

موقف آل البيت (عليهم السّلام)............................................ ٢٥٤

امتناع الإمام (عليه السّلام) عن البيعة........................................ ٢٥٥

إرغامه على البيعة.......................................................... ٢٥٦

الإجراءات الصارمة........................................................ ٢٥٨

الحصار الاقتصادي ، إسقاط الخمس ، الاستيلاء على تَركَة النبي

حجّته.................................................................... ٢٦٠

حوار الزهراء (عليها السّلام) مع أبي بكر..................................... ٢٦١

حجّة الزهراء (عليها السّلام)................................................ ٢٦٦

٤٣٩

تأميم فدك................................................................ ٢٦٦

مآسي الزهراء (عليها السّلام)............................................... ٢٦٧

إلى جنّة المأوى :........................................................... ٢٧٠

ولاة أبي بكر.............................................................. ٢٧٦

سياسته المالية.............................................................. ٢٧٨

عهده لعمر................................................................ ٢٧٩

حكومة عمر.............................................................. ٢٨٣

سياسته المالية.............................................................. ٢٨٤

الناقدون لسياسته المالية..................................................... ٢٨٥

(١) الدكتور عبد الله سلام (٢) الدكتور محمد مصطفى (٣) العلائلي

حجّة عمر................................................................ ٢٨٧

ندم عمر.................................................................. ٢٨٧

سياسته الداخلية........................................................... ٢٨٨

الحصار على الصحابة...................................................... ٢٩٠

دفاع طه حسين........................................................... ٢٩١

ولاته وعماله.............................................................. ٢٩٢

مراقبة الولاة............................................................... ٢٩٢

اعتزال الإمام (عليه السّلام)................................................. ٢٩٦

عمر والحسين (عليه السّلام)................................................ ٢٩٨

الحسين (عليه السّلام) وآل عمر............................................. ٣٠٠

اغتيال عمر............................................................... ٣٠١

٤٤٠