حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ١

باقر شريف القرشي

حياة الإمام الحسين عليه السلام - ج ١

المؤلف:

باقر شريف القرشي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مدرسة العلمية الايرواني
المطبعة: باقري
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٤٤
الجزء ١ الجزء ٣

في سواد ذلك الليل ، فأبت تلك الاُسرة العظيمة مفارقته ، وأصرّت على الشهادة بين يديه.

تدول الدول ، وتزول الممالك ، وهذه الأخلاق الرفيعة أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من كل كائن حي ؛ لأنها تمثّل القِيَم العليا التي لا كرامة للإنسان بدونها.

٥ ـ الصلابة في الحقِّ :

أمّا الصلابة في الحق فهي من مقوّمات أبي الشهداء ومن أبرز ذاتيّاته ، فقد شقّ الطريق في صعوبة مذهلة لإقامة الحق ، ودكّ حصون الباطل ، وتدمير خلايا الجور.

لقد تبنّى الإمام (عليه السّلام) الحقّ بجميع رحابه ومفاهيمه ، واندفع إلى ساحات النضال ليقيم الحقّ في ربوع الوطن الإسلامي ، وينقذ الاُمّة من التيّارات العنيفة التي خلقت في أجوائها قواعد للباطل وخلايا للظلم ، وأوكاراً للطغيان ، تركتها تتردّى في مجاهل سحيقة من هذه الحياة.

رأى الإمام (عليه السّلام) الاُمّة قد غمرتها الأباطيل والأضاليل ، ولم يعد ماثلاً في حياتها أيّ مفهوم من مفاهيم الحق ، فانبرى (عليه السّلام) إلى ميادين التضحية والفداء ليرفع راية الحق ، وقد أعلن (عليه السّلام) هذا الهدف المشرق في خطابه الذي ألقاه أمام أصحابه قائلاً : «ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله».

لقد كان الحقّ من العناصر الوضّاءة في شخصية أبي الأحرار ، وقد استشفّ النبي (صلّى الله عليه وآله) فيه هذه الظاهرة الكريمة فكان ـ فيما يقول المؤرّخون ـ

١٢١

يرشف دوماً ثغره الكريم ، ذلك الثغر الذي قال كلمة الله وفجّر ينابيع العدل والحقّ في الأرض.

٦ ـ الصبر :

من النزعات الفذّة التي تفرّد بها سيّد الشهداء الصبر على نوائب الدنيا ومحن الأيّام ، فقد تجرّع مرارة الصبر منذ أن كان طفلاً ، فرزئ بجدّه واُمّه ، وشاهد الأحداث الرهيبة التي جرت على أبيه ، وما عاناه من المحن والخطوب ، وتجرّع مرارة الصبر في عهد أخيه ، وهو ينظر إلى خذلان جيشه له وغدرهم به ، حتّى اُرغم على الصلح ، وبقي معه يشاركه في محنه وآلامه ، حتّى اغتاله معاوية بالسمّ ، ورام أن يوارى جثمانه بجوار جدّه فمنعته بنو اُميّة فكان ذلك من أشقّ المحن عليه.

ومن أعظم الرزايا التي صبر عليها أنّه كان يرى انتقاض مبادئ الإسلام ، وما يوضع على لسان جدّه من الأحاديث المنكرة التي تغيّر وتبدّل شريعة الله ، ومن الدواهي التي عاناها أنّه كان يسمع سبّ أبيه وانتقاصه على المنابر ، وقيام الطاغية زياد بإبادة شيعتهم واستأصل محبّيهم ، فصبر على كلّ هذه الرزايا والمصائب.

وتواكبت عليه المحن الشاقّة التي تميد بالصبر في يوم العاشر من المحرم ، فلم يكد ينتهي من محنة حتّى تطوف به مجموعة من الرزايا والآلام ، فكان يقف على الكواكب المشرقة من أبنائه وأهل بيته ، وقد تناهبت السيوف والرماح أشلاءهم فيخاطبهم بكل طمأنينة وثبات : «صبراً يا أهل بيتي ، صبراً يا بني عمومتي ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم».

١٢٢

وقد بصر شقيقته عقيلة بني هاشم ، وقد أذهلها الخطب ، ومزّق الأسى قلبها ، فسارع إليها ، وأمرها بالخلود إلى الصبر والرضى بما قسم الله.

ومن أهوال تلك الكوارث التي صبر الإمام عليها ، أنّه كان يرى أطفاله وعياله ، وهم يضجّون من ألم الظمأ القاتل ، ويستغيثون به من أليم العطش ، فكان يأمرهم بالصبر والاستقامة ، ويخبرهم بالعاقبة المشرقة التي يؤول إليها أمرهم بعد هذه المحن الحازبة.

وقد صبر على ملاقاة الأعداء الذين ملأت الأرض جموعهم المتدفّقة ، وهو وحده يتلقّى الضرب والطعن من جميع الجهات ، قد تفتّت كبده من العطش وهو غير حافل بذلك كلّه. لقد كان صبره وموقفه الصلب يوم الطفِّ من أندر ما عرفته الإنسانية ، يقول الأربلي : شجاعة الحسين (عليه السّلام) يُضرب بها المثل ، وصبره في الحرب أعجز الأوائل والأواخر (١).

إنّ أيّ واحدة من رزاياه لو ابتلى بها أيّ إنسان مهما تدرّع بالصبر والعزم وقوّة النفس ، لأوهنت قواه واستسلم للضعف النفسي ، ولكنه (عليه السّلام) لم يعنِ بما ابتلي به في سبيل الغاية الشريفة التي سمت بروحه أن تستسلم للجزع أو تضرع للخطوب.

يقول المؤرّخون : إنّه تفرّد بهذه الظاهرة ، فلم توهِ عزمه الأحداث مهما كانت ، وقد توفّى له ولد في حياته فلم يرَ عليه أثر للكآبه ، فقيل له في ذلك ، فقال (عليه السّلام) : «إنّا أهل بيت نسأل الله فيعطينا ، فإذا أراد ما نكره فيما نحب رضينا» (٢).

__________________

(١) كشف الغمة.

(٢) الإصابة ٢ / ٢٢٢.

١٢٣

لقد رضى بقضاء الله واستسلم لأمره ، وهذا هو جوهر الإسلام ومنتهى الإيمان.

٧ ـ الحلم :

أمّا الحلم فهو من أسمى صفات أبي شهداء (عليه السّلام) ومن أبرز خصائصه ، فقد كان ـ فيما أجمع عليه الرواة ـ لا يقابل مسيئاً بإساءته ، ولا مذنباً بذنبه ، وإنّما كان يغدق عليهم ببرّه ومعروفه ، شأنه في ذلك شأن جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي وسع الناس جميعاً بأخلاقه وفضائله. وقد عُرف بهذه الظاهرة وشاعت عنه ، وقد استغلّها بعض مواليه ؛ فكان يعمد إلى اقتراف الإساءة إليه لينعم بصلته وإحسانه.

ويقول المؤرّخون : إنّ بعض مواليه قد جنى عليه جناية توجب التأديب ، فأمر (عليه السّلام) بتأديبه ، فانبرى العبد قائلاً : يا مولاي ، إنّ الله تعالى يقول : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ).

فقابله الإمام ببسماته الفيّاضة وقال له : «خلوا عنه ، فقد كظمت غيظي».

وسارع العبد قائلاً : (وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ).

ـ «قد عفوت عنك».

وانبرى العبد يطلب المزيد من الإحسان قائلاً : (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

ـ «أنت حرٌّ لوجه الله».

ثمّ أمر له بجائزة سنية (١) تغنيه عن الحاجة ومسألة الناس.

__________________

(١) الحسين (عليه السّلام) ١ / ١١٧.

١٢٤

لقد كان هذا الخلق العظيم من مقوّماته التي لم تنفكّ عنه ، وظلّت ملازمة له طوال حياته.

٨ ـ التواضع :

وجُبِل الإمام الحسين (عليه السّلام) على التواضع ومجافاة الأنانية والكبرياء ، وقد ورث هذه الظاهرة من جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي أقام اُصول الفضائل ومعالي الأخلاق في الأرض ، وقد نقل الرواة بوادر كثيرة من سموّ أخلاقه وتواضعه نلمع إلى بعضها :

١ ـ إنّه اجتاز على مساكين يأكلون في (الصفة) فدعوه إلى الغداء فنزل عن راحلته ، وتغدّى معهم ، ثمّ قال لهم : «قد أجبتكم فأجيبوني». فلبّوا كلامه وخفوا معه إلى منزله ، فقال (عليه السّلام) لزوجه الرباب : «أخرجي ما كنتِ تدّخرين». فأخرجت ما عندها من نقود فناولها لهم (١).

٢ ـ مرّ على فقراء يأكلون كسراً من أموال الصدقة ، فسلّم عليهم فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال : «لولا أنّه صدقة لأكلت معهم». ثمّ دعاهم إلى منزله فأطعمهم وكساهم ، وأمر لهم بدراهم (٢).

لقد اقتدى (عليه السّلام) في ذلك بجدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وسار على هديه ، فقد كان ـ فيما يقول المؤرّخون ـ يخالط الفقراء ويجالسهم ، ويفيض عليهم ببرّه وإحسانه ، حتّى لا يتبيغ بالفقير فقره ، ولا يبطر الغني ثراؤه.

٣ ـ وجرت مشادّة بين الحسين وأخيه محمد بن الحنفيّة ، فانصرف محمد إلى داره وكتب إليه رسالة جاء فيها : أمّا بعد ، فإنّ لك شرفاً

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٤.

(٢) أعيان الشيعة ٤ / ١١٠.

١٢٥

لا أبلغه ، وفضلاً لا أدركه ، أبونا علي لا أفضلك فيه ولا تفضلني ، واُمّي امرأة من بني حنيفة ، واُمّك فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولو كان ملء الأرض مثل اُمّي ما وفين باُمّك ، فإذا قرأت رقعتي هذه فالبس رداءك ونعليك وسِر إليّ وترضّيني ، وإيّاك أن أكون سابقك إلى الفضل الذي أنت أولى به منّي.

ولمّا قرأ الحسين رسالة أخيه سارع إليه وترضّاه (١) ، وكان ذلك من معالي أخلاقه وسموّ ذاته.

٩ ـ الرأفة والعطف :

ومن صفات أبي الأحرار أنّه كان شديد الرأفة بالناس ، يمدّ يده لكل ذي حاجة ، ويسعف كل ذي لهفة ، ويجير كل مَن استجار به ، وقد فزع مروان إليه وإلى أخيه وهو من ألدّ أعدائهم بعد فشل واقعة الجمل ، وطلب منهما أن يشفعا له عند أبيهما ، فخفّا إليه وكلّماه في شأنه ، وقالا له : «يبايعك يا أمير المؤمنين».

فقال (عليه السّلام) : «أوَلم يبايعني قبل قتل عثمان ، لا حاجة لي في بيعته ؛ إنها كف يهودية ، لو بايعني بيده لغدر بسبابته. أما أنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الاُمّة من ولده يوماً أحمر».

وما زالا يلطفان به حتّى عفا عنه ، إلاّ أنّ هذا الوغد قد تنكّر لهذا المعروف وقابل السّبطين بكل ما يملك من وسائل الشرّ والمكروه ، فهو الذي منع جنازة الإمام الحسن أن تدفن بجواز جدّه ، وهو الذي أشار على

__________________

(١) نهاية الأرب ٣ / ٢٦٠ ، ألف باء ١ / ٤٦٧.

١٢٦

الوليد بقتل الإمام الحسين إن امتنع من البيعة ليزيد ، كما أظهر السرور والفرح بمقتل الإمام (عليه السّلام) ، وحسب مروان أنّه من تلك الشجرة التي لم تثمر إلاّ الخبيث الدنس وما يضرّ الناس.

ومن ألوان تلك الصور الخالدة لعطف الإمام ورأفته بالناس أنّه لمّا استقبله الحر بجيشه البالغ ألف فارس ، وكان قد اُرسل لمناجزته وقتاله ، فرآه الإمام وقد أشرف على الهلاك من شدّة العطش ، فلم تدعه أريحيته ولا سموّ ذاته أن لا يقوم بإنقاذهم ؛ فأمر (عليه السّلام) غلمانه وأهل بيته أن يسقوا القوم عن آخرهم ، ويسقوا خيولهم فسقوهم عن آخرهم ، وكان فيهم علي بن الطعان المحاربي الذي اشتدّ به العطش فلم يدرِ كيف يشرب ، فقام (عليه السّلام) بنفسه فسقاه ، وكانت هذه البادرة من أروع ما سجّل في قاموس الإنسانية من الشرف والنبل.

١٠ ـ الجود والسخاء :

من مزايا الإمام أبي الأحرار (عليه السّلام) الجود والسخاء ، فقد كان ملاذاً للفقراء والمحرومين ، وملجأ لمَن جارت عليه الأيّام ، وكان يثلج قلوب الوافدين إليه بهباته وعطاياه ، يقول كمال الدين بن طلحة : وقد اشتهر النقل عنه أنّه كان يكرم الضيف ، ويمنح الطالب ، ويصل الرحم ، ويسعف السائل ، ويكسو العاري ، ويشبع الجائع ، ويعطي الغارم ويشدّ من الضعيف ، ويشفق على اليتيم ، ويغني ذا الحاجة ، وقلّ أن وصله مال إلاّ فرّقه ، وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم ، وسمة ذي السماحة ، وصفة مَن قد حوى مكارم الأخلاق. فأفعاله المتلوّة شاهدة له

١٢٧

بصنعة الكرم ، ناطقة بأنّه متّصف بمحاسن الشيم (١).

ويقول المؤرّخون : إنّه كان يحمل في دجى الليل السهم الجراب يملؤه طعاماً ونقوداً إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين حتّى أثر ذلك في ظهره (٢).

وكان يحمل إليه المتاع الكثير فلا يقوم حتّى يَهَبَ عامّته ، وقد عرف معاوية فيه هذه الظاهرة فأرسل إليه بهدايا وألطاف ، كما أرسل إلى غيره من شخصيات يثرب ، وأخذ يحدّث جلساءه بما يفعله كل واحد منهم بتلك الألطاف فقال في الحسين : أمّا الحسين فيبدأ بأيتام مَن قُتل مع أبيه بصفّين ، فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن.

وبعث رقيباً يرى ما يفعله القوم فكان كما أخبر ، فقال معاوية : أنا ابن هند ، أنا أعلم بقريش من قريش (٣).

وعلى أيّ حال فقد نقل المؤرّخون بوادر كثيرة من جود الإمام وسخائه نلمع إلى بعضها :

١ ـ مع أسامة بن زيد.

ومرض أسامة بن زيد مرضه الذي توفّي فيه فدخل عليه الإمام عائداً ، فلمّا استقرّ به المجلس قال أسامة : وا غمّاه!

ـ «ما غمّك؟».

ـ دَيني وهو ستون ألفاً.

ـ «هو عليّ».

__________________

(١) مطالب السؤول / ٧٣.

(٢) ريحانة الرسول / ٧١.

(٣) عيون الأخبار ٣ / ٤٠.

١٢٨

ـ أخشى أن أموت قبل أن يُقضى.

ـ «لن تموت حتّى أقضيها عنك».

وبادر الإمام (عليه السّلام) فقضاها عنه قبل موته (١) ، وقد غضّ طرفه عن أسامة فقد كان من المتخلّفين عن بيعة أبيه ، فلم يجازيه بالمثل ، وإنّما أغدق عليه بالإحسان.

٢ ـ مع جارية له.

روى أنس قال : كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحانة فحيّته بها ، فقال لها : «أنت حرّة لوجه الله تعالى». وبهر أنس فانصرف يقول : جارية تجيئك بطاقة ريحان ، فتعتقها؟!

ـ «كذا أدّبنا الله ، قال تبارك وتعالى : وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا. وكان أحسن منها عتقها» (٢). وبهذا السخاء والخلق الرفيع ملك قلوب المسلمين وهاموا بحبّه وولائه.

٣ ـ مع غارم.

كان الإمام الحسين (عليه السّلام) جالساً في مسجد جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وذلك بعد وفاة أخيه الحسن (عليه السّلام) ، وكان عبد الله بن الزبير جالساً في ناحية منه كما كان عتبة بن أبي سفيان جالساً في ناحية اُخرى منه ، فجاء أعرابي على ناقة فعقلها ودخل المسجد ، فوقف على عتبة بن أبي سفيان فسلّم عليه فردّ عليه السلام ، فقال له الأعرابي :

إنّي قتلت ابن عمّ لي وطُولبت بالديّة ، فهل لك أن تعطيني شيئاً؟

__________________

(١) أعيان الشيعة ٤ / ١٠٤.

(٢) الفصول المهمة لابن الصباغ / ١٨٤.

١٢٩

فرفع عتبة إليه رأسه وقال لغلامه : ادفع إليه مئة درهم. فقال له الأعرابي : ما أريد إلاّ الديّة تامة.

فلم يعنَ به عتبة ، فانصرف الأعرابي آيساً منه ، فالتقى بابن الزبير فعرض عليه قصّته ، فأمر له بمئتي درهم فردّها عليه ، وأقبل نحو الإمام الحسين (عليه السّلام) فرفع إليه حاجته ، فأمر له بعشرة آلاف درهم ، وقال له : «هذه لقضاء ديونك». وأمر له بعشرة آلاف درهم اُخرى وقال له : «هذه تلمّ بها شعثك ، وتحسن بها حالك ، وتنفق بها على عيالك». فاستولت على الأعرابي موجات من السرور ، واندفع يقول :

طربتُ وما هاج لي معبقُ

ولا لي مُقامٌ ولا معشَقُ

ولكنْ طربتُ لآل الرسو

لْ فلذّ ليَ الشعرُ والمنطقُ

هُمُ الأكرمونَ هُمُ الأنجبون

نجومُ السماء بهم تُشرقُ

سبقتَ الأنام إلى المكرماتِ

وأنت الجوادُ فلا تُلحَقُ

أبوك الذي ساد بالمكرماتْ

فقصّر عن سبقه السُّبّقُ

به فتح اللهُ باب الرشادِ

وبابُ الفساد بكم مُغلَقُ (١)

٤ ـ مع أعرابي :

وقصده أعرابي فسلّم عليه وسأله حاجته ، وقال : سمعت جدّك يقول : «إذا سألتم حاجة فاسألوها من أربعة ؛ إمّا عربي شريف ، أو مولى كريم ، أو حامل القرآن ، أو صاحب وجه صبيح». فأمّا العرب فشرفت بجدّك ؛ وأمّا الكرم فدأبكم وسيرتكم ؛ وأمّا القرآن ففي بيوتكم نزل ؛ وأمّا الوجه الصبيح فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : «إذا أردتم أن تنظروا إليّ فانظروا إلى الحسن والحسين».

__________________

(١) عقد الآل في مناقب الآل للبحراني.

١٣٠

فقال له الحسين (عليه السّلام) : «ما حاجتك؟». فكتبها الأعرابي على الأرض ، فقال له الحسين (عليه السّلام) : «سمعت أبي علياً يقول : المعروف بقدر المعرفة ، فأسألك عن ثلاث مسائل ؛ إن أجبت عن واحدة فلك ثلث ما عندي ، وإن أجبت عن اثنين فلك ثلثا ما عندي ، وإن أجبت عن الثلاث فلك كل ما عندي ، وقد حملت إليّ صرّة من العراق».

ـ الأعرابي : سل ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

ـ الإمام الحسين : «أيّ الأعمال أفضل؟».

ـ الإيمان بالله.

ـ «ما نجاة العبد من الهلكة؟».

ـ الثقة بالله.

ـ «ما يزيّن المرء؟».

ـ علم معه حلم.

ـ «فإن أخطأه ذلك؟».

ـ مال معه كرم.

ـ «فإن أخطأه ذلك؟».

ـ فقر معه صبر.

ـ «فإن أخطأه ذلك؟».

ـ صاعقة تنزل من السماء فتحرقه. فضحك الإمام (عليه السّلام) ورمى إليه بالصرّة (١).

٥ ـ مع سائل.

ووفد عليه سائل ، فقرع الباب وأنشأ يقول :

لم يخبِ اليوم مَن رجاك ومَن

حرّك من خلفِ بابك الحلقهْ

__________________

(١) فضائل الخمسة من الصحاح الستة ٣ / ٢٦٨.

١٣١

أنت ذو الجودِ أنت معدنهُ

أبوك قد كان قاتلَ الفسقهْ

وكان الإمام واقفاً يصلّي فخفّ من صلاته ، وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر الفاقة ، فرجع ونادى بقنبر ، فلمّا مَثل عنده قال له : «ما تبقّى من نفقتنا؟». قال : مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك. فقال : «هاتها فقد أتى مَن هو أحقّ بها منهم». فأخذها ودفعها إلى الأعرابي معتذراً منه ، وهو ينشد هذه الأبيات :

خذها فإنّي إليك معتذرٌ

واعلم بأني عليك ذو شفقهْ

لو كان في سيرنا عصاً تُمدّ إذاً

كانت سمانا عليك مندفقهْ

لكنّ ريبَ المنونِ ذو نكدٍ

والكفّ منّا قليلة النفقهْ

فأخذها الأعرابي شاكراً وداعياً له بالخير ، وانبرى مادحاً له :

مطهّرون نقياتٌ جيوبهمُ

تجري الصلاةُ عليهم أينما ذُكروا

وأنتمُ أنتمُ الأعلونَ عندكُمُ

علمُ الكتابِ وما جاءت بهِ السُّورُ

مَن لم يكن علوياً حين تنسبهُ

فما له في جميع الناسِ مفتخرُ (١)

هذه بعض بوادر كرمه وسخائه وهي تكشف عن مدى تعاطفه وحنوه على الفقراء ، وأنه لم يبغِ أي مكسب سوى ابتغاء مرضاة الله والتماس الأجر في الدار الآخرة. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعاته وصفاته التي بلغ بها ذروة الكمال المطلق ، واحتلّ بها قلوب المسلمين فهاموا بحبّه والولاء له.

عبادته وتقواه :

واتّجه الإمام الحسين (عليه السّلام) بعواطفه ومشاعره نحو الله ، فقد تفاعلت

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

١٣٢

جميع ذاتيّاته بحبّ الله والخوف منه ، ويقول المؤرّخون : إنّه عمل كل ما يقرّبه إلى الله ، فكان كثير الصلاة والصوم والحجّ والصدقة وأفعال الخير (١). ونعرض لبعض ما أثر عنه من عبادته واتّجاهه نحو الله :

أ ـ خوفه من الله :

كان الإمام (عليه السّلام) في طليعة العارفين بالله ، وكان عظيم الخوف منه شديد الحذر من مخالفته ، حتّى قال له بعض أصحابه :

ما أعظم خوفك من ربّك؟!

فقال (عليه السّلام) : «لا يأمن يوم القيامة إلاّ مَن خاف الله في الدنيا» (٢). وكانت هذه سيرة المتّقين الذين أضاؤوا الطريق ، وفتحوا آفاق المعرفة ، ودلّلوا على خالق الكون وواهب الحياة.

ب ـ كثرة صلاته وصومه :

كان (عليه السّلام) أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم (٣) ، وكان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة كما حدّث بذلك ولده زين العابدين (ع) (٤). وكان يختم القرآن الكريم في شهر رمضان (٥).

وتحدّث ابن الزبير عن عبادة الإمام (عليه السّلام) فقال : أما والله ، لقد قتلوه ؛ طويلاً بالليل قيامه ، كثيراً في النهار صومه (٦).

__________________

(١) تهذيب الأسماء ١ / ١٦٣.

(٢) أعيان الشيعة ٤ / ١٠٤ ، ريحانة الرسول / ٨٥.

(٣) تهذيب الأسماء ١ / ١٦٣ ، خطط المقريزي ٢ / ٢٨٥.

(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٩ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ١٧٣.

(٥) سير أعلام النبلاء ٣ / ١٩٣.

(٦) تاريخ الطبري ٦ / ٢٧٣.

١٣٣

ج ـ حجّه :

كان الإمام (عليه السّلام) كثير الحجّ ، وقد حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً على قدميه (١) ، وكانت نجائبه تقاد بين يديه (٢) ، وكان يمسك الركن الأسود ويناجي الله ويدعو قائلاً :

«إلهي ، أنعمتني فلم تجدني شاكراً ، وابتليتني فلم تجدني صابراً ؛ فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أدمت الشدّة بترك الصبر. إلهي ما يكون من الكريم إلاّ الكرم» (٣).

وخرج (عليه السّلام) معتمراً لبيت الله فمرض في الطريق ، فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وكان في يثرب ، فخرج في طلبه فأدركه في (السقيا) وهو مريض ، فقال له :

«يا بني ، ما تشتكي؟».

«أشتكي رأسي».

فدعا أمير المؤمنين (عليه السّلام) ببدنة فنحرها ، وحلق رأسه وردّه إلى المدينة ، فلمّا أبل من مرضه قفل راجعاً إلى مكة واعتمر (٤) ، هذا بعض ما أثر من طاعته وعبادته.

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٢٥٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٩٣ مجمع الزوائد ٩ / ٢٠١ ، تهذيب الأسماء ١ / ١٦٣ ، مناقب ابن المغازلي رقم الحديث ٦٤ ، مختصر صفوة الصفوة / ٦٢.

(٢) صفوة الصفوة ١ / ٣٢١ ، طبقات الشعراني ١ / ٢٣ ، تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٤.

(٣) الكواكب الدرّية ١ / ٥٨.

(٤) دعائم الإسلام ١ / ٣٩٥.

١٣٤

د ـ صدقاته :

كان (عليه السّلام) كثير البر والصدقة ، وقد ورث أرضاً وأشياء فتصدّق بها قبل أن يقبضها (١) ، وكان يحمل الطعام في غلس الليل إلى مساكين أهل المدينة (٢) ، لم يبتغِ بذلك إلاّ الأجر من الله ، والتقرّب إليه ، وقد ألمعنا ـ فيما سبق ـ إلى كثير من ألوان برّه وإحسانه.

مواهبه العلميّة :

ولم يدان الإمام الحسين (عليه السّلام) أحد في فضله وعلمه ، فقد فاق غيره بملكاته ومواهبه العلمية ، وقد انتهل وهو في سنّه المبكّر من نمير علوم جدّه التي أضاءت آفاق هذا الكون ، كما تتلمذ على يد أبيه الإمام أمير المؤمنين باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) وأعلم الاُمّة ، وأفقهها بشؤون الدين ، وورد في الحديث : «كان الحسن والحسين يغرّان العلم غراً» (٣).

وقال حبر الاُمّة عبد الله بن عباس : الحسين من بيت النبوّة وهم ورثة العلم (٤).

وقال بعض مَن ترجمه : كان الحسن أفضل أهل زمانه في العلم والمعرفة بالكتاب والسنّة (٥) ، ونعرض بإيجاز لبعض شؤونه العلمية.

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ / ٣٣٧.

(٢) تذكرة الخواص / ٢٦٤.

(٣) النهاية لابن الأثير ـ مادة : غر.

(٤) الثائر الأوّل في الإسلام / ١٠.

(٥) الكواكب الدرّية ١ / ٥٨.

١٣٥

الرجوع إليه في الفُتيا :

كان الإمام الحسين (عليه السّلام) من مراجع الفتيا في العالم الإسلامي ، وقد رجع إليه أكابر الصحابة في مسائل الدين ، وكان ممّن سأله عبد الله بن الزبير ، فقد استفتاه قائلاً : يا أبا عبد الله ، ما تقول في فكاك الأسير ، على مَن هو؟ فأجابه (عليه السّلام) : «على القوم الذين أعانهم أو قاتل معهم».

وسأله ثانياً : يا أبا عبد الله ، متى يجب عطاء الصبي؟ فأجابه (عليه السّلام) : «إذا استهلّ وجب له عطاؤه ورزقه».

وسأله ثالثاً : عن الشرب قائماً ، فدعا (عليه السّلام) بلقحة ـ أي ناقة ـ له فحُلبت ، فشرب قائماً وناوله (١).

قال ابن القيم الجوزي : إنّ الباقي من الصحابة من رجال الفتيا هم : أبو الدرداء ، وأبو عبيدة الجراح ، والحسن والحسين (٢).

لقد كان المسلمون يرجعون إليه في مسائل الحلال والحرام ويأخذون من أحكام الإسلام وآداب الشريعة كما كانوا يرجعون إلى أبيه.

مجلسه :

كان مجلسه مجلس علم ووقار قد ازدان بأهل العلم من الصحابة ، وهم يأخذون عنه ما يلقيه عليهم من الأدب والحكمة ، ويسجّلون ما يروون عنه من أحاديث جدّه (صلّى الله عليه وآله) ، ويقول المؤرّخون : إنّ الناس كانوا يجتمعون إليه

__________________

(١) الاستيعاب المطبوع على هامش الإصابة ٢ / ٢٨٣.

(٢) الأعلام.

١٣٦

ويحتفون به ، وكأنّ على رؤوسهم الطير ، يسمعون منه العلم الواسع والحديث الصادق (١). وكان مجلسه في جامع جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وله حلقة خاصّة به ، وسأل رجل من قريش معاوية أين يجد الحسين ، فقال له : إذا دخلت مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير فتلك حلقة أبي عبد الله (٢).

ويقول العلائلي : كان مجلسه مهوى الأفئدة ، ومتراوح الأملاك ، يشعر الجالس بين يديه أنه ليس في حضرة إنسان من عمل الدنيا ، وصنيعة الدنيا ، تمتدّ أسبابها برهبته وجلاله وروعته ، بل في حضرة طفاح بالسكينة ، كأنّ الملائكة تروح فيها وتغدو (٣).

لقد جذبت شخصية الإمام ، وسموّ مكانته الروحية قلوب المسلمين ومشاعرهم فراحوا يتهافتون على مجلسه ، ويستمعون لأحاديثه ، وهم في منتهى الإجلال والخضوع.

مَن روى عنه :

كان الإمام (عليه السّلام) من أعلام النهضة الفكرية والعلمية في عصره ، وقد ساهم مساهمة إيجابية في نشر العلوم الإسلامية ، وإشاعة المعارف والآداب بين الناس ، وقد انتهل من نمير علومه حشد كبير من الصحابة وأبنائهم وهم : ولده الإمام زين العابدين ، وبنته فاطمة (٤) وسكينة ، وحفيده

__________________

(١) الحقائق في الجوامع والفوارق / ١٠٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٢٢٢.

(٣) أشعة من حياة الحسين ٩٣.

(٤) الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأوّل / ٥٥.

١٣٧

الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السّلام) والشعبي ، وعكرمة ، وكرز التميمي ، وسنان ابن أبي سنان الدؤلي ، وعبد الله بن عمر ، وابن عثمان ، والفرزدق (١) ، وابن أخيه زيد بن الحسن (٢) ، وطلحة العقيلي ، وعبيد بن حنين (٣) ، وأبو هريرة ، وعبيد الله بن أبي يزيد ، والمطلب بن عبيد الله بن حنطب ، وأبو حازم الأشجعي ، وشعيب بن خالد ، ويوسف الصباغ ، وأبو هشام (٤) ، وغيرهم. وقد ألّف أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني كتاباً في أسماء مَن روى عن الحسن والحسين (٥).

لقد اتّخذ الإمام الجامع النبوي مدرسة له فكان به يلقي محاضراته في علم الفقه والتفسير ، ورواية الحديث ، وقواعد الأخلاق وآداب السلوك ، وكان المسلمون يفدون عليه من كل فجّ للانتهال من نمير علومه المستمدّة من علوم النبي (صلّى الله عليه وآله) ومعارفه.

رواياته عن جدّه :

وروى الإمام الحسين (عليه السّلام) مجموعة كبيرة من الأحاديث عن جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وقد ذكر الزهري في كتاب (المغازي) أنّ البخاري روى عن الحسين أحاديث كثيرة ، وفيها باب تحريض النبي (صلّى الله عليه وآله) على قيام الليل ، كما روى عنه الترمذي في كتاب (الشمائل النبوية) أحاديث

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٤٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣١١.

(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ١٨٨.

(٤) تاريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٠.

(٥) النجاشي / ٧٣.

١٣٨

كثيرة ، وقد نقلها عنه سفيان بن وكيع (١) ، ونلمع إلى بعض رواياته عن جدّه :

١ ـ قال (عليه السّلام) : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من حسن إسلام المرء قلّة الكلام فيما لا يعنيه» (٢).

٢ ـ قال (عليه السّلام) : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (٣).

٣ ـ قال (عليه السّلام) : «سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة ـ أو قال : تصيبه مصيبة ـ وإن قدم عهدها ، فيحدث لها استرجاعاً إلاّ أحدث الله عنه ذلك ، وأعطاه ثواب ما وعده عليها يوم اُصيب بها» (٤).

٤ ـ قال (عليه السّلام) : «سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول : إنّ الله يحبّ معالي الاُمور ، ويكره سفاسفها» (٥).

٥ ـ قال (عليه السّلام) : «سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله) يقول : مَن يطع الله يرفعه ، ومَن يعص الله يضعه ، ومَن يخلص نيّته لله يزينه ، ومَن يثق بما عند الله يُغنيه ، ومَن يتعزّز على الله يذلّه» (٦).

٦ ـ قال (عليه السّلام) : «كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا استقى قال : اللّهمّ اسقنا سقياً واسعة وادعة عامة نافعة غير ضارّة ، تعمّ بها حاضرنا وبادينا ، وتزيد بها في رزقنا وشكرنا. اللّهمّ اجعله رزق إيمان وعطاء ايمان ، إنّ عطاءك لم

__________________

(١) الثائر الأوّل في الإسلام / ١٠.

(٢) و (٣) مسند الإمام أحمد بن حنبل ١ / ٢٠١.

(٤) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣١٢ ، اُسد الغابة ٢ / ١٩ ، الإصابة ١ / ٢٢٢.

(٥) و (٦) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٩.

١٣٩

يكن محظوراً. اللّهمّ انزل علينا في أرضنا سكنها (١) ، وانبت فيها زينتها ومرعاها» (٢).

٧ ـ قال (عليه السّلام) : «حدّثني أبي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه قال : المغبون لا محمود ولا مأجور» (٣).

٨ ـ روى (عليه السّلام) عن أبيه قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التحبب إلى الناس» (٤).

٩ ـ روى (عليه السّلام) عن أبيه قال : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حُبّنا أهل البيت» (٥).

مسنده :

ألّف هذا المسند أبو بشير محمد بن أحمد الدولابي المتوفّى سنة (٣٢٠ هـ) ، وقد أدرجه في غضون كتابه الذرّية الطاهرة (٦) ، وهذه بعض بنوده :

__________________

(١) سكنها : بفتح السين والكاف ، غياث أهلها الذين تسكن أنفسهم إليه.

(٢) عيون الأخبار ٢ / ٢٧٣.

(٣) تاريخ ابن عساكر ٤ / ٣١٢.

(٤) الخصال / ١٧.

(٥) الخصال / ٢٣.

(٦) من مخطوطات المكتبة الأحمدية بجامع الزيتونة في تونس ، توجد منه نسخة مصورة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، استنسخها العلاّمة السّيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي.

١٤٠