وقعة الطّف

لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي [ أبي مخنف ]

وقعة الطّف

المؤلف:

لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي [ أبي مخنف ]


المحقق: الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٠

[عليّ بن الحسين الأكبر]

وكان أوّل قتيل من بني أبي طالب يومئذٍ : علي الأكبر (١) بن الحسين بن علي (عليه السّلام).

واُمّه : ليلى ، ابنة أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي (٢).

_________________

(١) ويصف أبو مِخْنَف في روايته ، عن سليمان بن أبي راشيد عن حميد بن زياد ، يصف الإمام السّجاد (عليه السّلام) بقوله : «علي بن الحسين (ع) الأصغر». ٥ / ٤٥٤. ويُسمّي ولداً آخر للإمام (عليه السّلام) ، قُتل في حجره : «عبد الله بن الحسين (عليه السّلام)». بنفس السّند ٥ / ٤٤٨. وقال الطبري في كتابه ذيل المذيّل : وأمّا علي بن الحسين الأكبر (ع) ، فقُتل مع أبيه بنهر كربلاء ، وليس له عقب. وشهد علي بن الحسين الأصغر (ع) مع أبيه كربلاء ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان مريضاً نائماً على فراش. قال عليّ (ع) : «فلمّا أُدخلت على ابن زياد ، قال : ما اسمك؟ قلت : علي بن حسين (ع). قال : أوَلمْ يقتل الله عليّاً؟ قلت : كان لي أخ أكبر منّي يُقال له : علي ، قتله النّاس. قال : بل الله قتله. قلت : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) [سورة الزمر / ٤٢] / ٦٣٠ ، ط دار المعارف. ورواه أبو الفرج / ٨٠ ـ ط النّجف ـ ، وكذلك وصفّه اليعقوبي : بالأكبر. ووصفه الإمام السّجاد (عليه السّلام) : «بالأصغر». ٢ / ٢٣٣ ، ط النّجف ، وكذلك المسعودي ٣ / ٧١ ، وسبط ابن الجوزي / ٢٢٥. وذكره المفيد في الإرشاد / ٢٣٨ بدون لقب : الأكبر.

(٢) في سنة ٦ للهجرة ، كان قد نَفَر من قومه ـ من ثقيف ـ في الطائف إلى مكّة ، وحالف قريشاً بأهله وولده ومَن أطاعه. فلمّا أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأصحابه في عام الحديبيّة معتمراً وأبلغهم بُديل بن ورقاء الخزاعي ، ما يقول الرسول (ص). قام عروة ، فقال لذوي الرأي من قريش : إنّ هذا الرجل قد عرض عليكم خُطة رشد ، فقبلوها ودعوني آته. فقالوا : ائته. فأتاه فجعل يكلّم النّبيّ (صلّى الله عليه وآله). فقال له النّبيّ نحواً من مقالته لبُديل : «إنّا لمْ نأتِ لقتال أحد ، ولكنّا جئنا معتمرين ، وإنّ قريشاً قد نهكتهم الحرّب وأضرّت بهم ، فإنْ شاؤوا أنْ يدخلوا فيما دخل فيه النّاس فعلوا ، وإلاّ فقد جمّوا ، وإنْ هم أبوا فوالذي نفسي بيده ، لأقاتلنّهم على أمري هذا حتّى تنفرد سالفتي ، أو لينفذنّ الله أمره».

٢٤١

أخذ يشدّ على النّاس ، وهو يقول :

أنا عليّ بن حسين بن علي

نحن وربّ البيت أولى بالنّبيّ

تا لله لا يحكم فينا ابن الدّعي (١)

ففعل ذلك مِراراً ، فبصر به مرّة بن مُنقذ بن النعمان العبدي (٢) فقال : عليّ

_________________

فقال عروة عند ذلك : أي محمّد (ص) ، أرأيت إنْ أستأصلت قومك؟ فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإنْ تكن الأخرى! فوالله ، إنّي لأرى وجوهاً وأوشاباً ـ أي : أخلاطاً ـ من النّاس خلقاً أنْ يفرّوا ويدعوك. وجعل يرمق أصحاب النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) بعينه. ثمّ رجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أيّ قوم والله ، لقد وفدت على الملوك ووفدت على : كسرى وقيصر والنّجاشي ، والله ، إنْ رأيت ملكاً قط يعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّداً (ص)! والله ، إنْ يتنخّم نخامته إلاَ وقعت في كفّ رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجَلده. وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلّموا عنده خفظوا أصواتهم ، وما يحدوّن ، النظر إليه تعظيماً له! وإنّه قد عرض عليكم خُطة رشد فأقبلوها ٢ / ٦٢٧.

وفي سنة (٨ هـ) في حرب حُنين كان في جِرش ، يتعلّم صنعة الدّبابات والمجانيق ولمْ يشهد حرب حُنين ٣ / ٨٢.

وكان قد صاهر أبا سفيان على ابنته آمنة ، فلمّا كان يوم حُنين تقدّم أبو سفيان مع المغيرة بن شعبة إلى الطائف ، فناديا ثقيفاً : أنْ آمنونا حتّى نكلّمكم. فآمنوهما ، فدعوا نساء قريش يخافون عليهم السّبي ، فأبين عليهم ٣ / ٨٤.

وحينما انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن أهل الطائف أتبع عروة بن مسعود أثره حتّى أدركه قبل أنْ يصل إلى المدينة فأسلم ، وسأله أنْ يرجع إلى قومه بالإسلام. وكان عروة محبوباً في ثقيف مطاعاً ، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام ورجا أنْ لا يخالفوه لمنزلته فيهم ، ولكنّهم رموه بالنّبل من كلّ وجه فقُتل. فقيل له : ما ترى في دمك؟ قال : كرامة أكرمني الله بها ، وشهادة ساقها الله إليّ ، فليس فيّ إلاّ ما في الشهداء الذين قُتلوا مع رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) قبل أنْ يرتحل عنكم ، فادفنوني معهم. فدفنوه معهم. فروي ، أنّ رسول الله (ص) قال فيه : «إنّ مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه». ٣ / ٩٧ ، كما في سيرة ابن هشام ٢ / ٣٢٥. وقضى رسول الله (ص) دَينه ودَين أخيه الأسود بن مسعود من حلى اللاّت ، وثن ثقيف. ٣ / ١٠٠.

(١) وروى أبو الفرج : أنّه جعل يشدّ عليهم ، ثمّ يرجع إلى أبيه ، فيقول : يا أبة العطش! فيقول له الحسين (ع) : «اصبر حبيبى ؛ فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول الله (ص) بكأسه». فجعل يكرُّ كرّةً بعد كرّةٍ / ٧٧.

(٢) نسبته إلى بني عبد القيس. كان مع أبيه مُنقذ بن النّعمان في صفّين مع أميرالمؤمنين (عليه السّلام)

٢٤٢

آثام العرب إنْ مرّ بي بفعل مثل ما كان يفعل ، إنْ لمْ أثكله أباه. فمرّ يشدّ على النّاس بسيفه ، فاعترضه مرّة بن مُنقذ ، فطعنه فصرع ، واحتواه النّاس فقطّعوه بأسيافهم (١) و (٢).

[فجاءه] الحسين (عليه السّلام) يقول : «قتل الله قوماً قتلوك يا بنيّ ، ما أجرأهم على الرّحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدّنيا بعدك العفاء».

وخرجت امرأة مسرعة تنادي : يا أُخيّاه! ويابن أُخيّاه! فجاءت حتّى كبّت عليه. فجاءها الحسين (عليه السّلام) فأخذ بيدها فرّدها إلى الفسطاط ، وأقبل [على] فتيانه ، فقال : «احملوا أخاكم». فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يُقاتلون أمامه (٣).

[القاسم بن الحسن (عليه السّلام)]

قال حميد بن مسلم : خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقه قمر ، في يده السّيف عليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شِسع أحدهما ـ ما أنسى أنّها اليسرى ـ.

_________________

وأخذ راية عبد القيس من أبيه فكانت معه ٤ / ٥٢٢. وفي سنة (٦٦ هـ) ، بعث المختار إليه عبد الله بن كامل الشاكري فأحاط بداره ، فخرج وبيده الرمح وهو على فرس جواد ، فضربه ابن كامل بالسّيف فاتّقاه بيده اليسرى فأصابها وأفلت ، ولحق بمصعب بن الزبير وقد شلّت يده ٦ / ٦٤.

(١) حدّثني هير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي ، قال ٥ / ٤٤٦. وأبو الفرج عن أبي مِخْنَف عن زهير بن عبد الله الخثعمي / ٧٦. وروى بسند آخر : لمّا برز علي بن الحسين إليهم أرخى الحسين (صلوات الله عليه) عينيه فبكى ، ثمّ قال : «اللهمّ ، كن أنت الشهيد عليهم ، فقد برز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله (صلّى الله عليه وآله)».

(٢) وروى أبو الفرج ، أنّه نادى : يا أبتاه! عليك السّلام ، هذا جدّى رسول الله يقرئك السّلام ، ويقول : عجّل القدوم إلينا. ثمّ شهق شهقةً وفارق الدنيا / ٧٧.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم الأزدي ، قال ٥ / ٤٤٦. وأبو الفرج بنفس السّند / ٧٦ ـ ٧٧.

٢٤٣

فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي (١) : والله ، لأشدنّ عليه. فقلت له : سبحان الله! وما تريد إلى ذلك ، يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احتووه. فقال : والله ، لأشدّن عليه.

فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسّيف ، فوقع الغلام لوجهه ، فقال : يا عمّاه!

فجلّى الحسين (عليه السّلام) كما يجلّى الصّقر ، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب فضرب عمرواً بالسّيف فاتّقاه بالسّاعد ، فأطنّها من لدن المرفق ، وجالت الخيل فوطئته حتّى مات.

وانجلت الغبرة ، فإذا بالحسين (عليه السّلام) قائم على رأس الغلام والغلام يفحص برجليه ، وحسين (عليه السّلام) يقول :

«بُعداً لقوم قتلوك ، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك. عزّ والله ، على عمّك أنْ تدعوه فلا يُجيبك ، أو يُجيبك ثمّ لا ينفعك ، صوت والله ، كثُر واتره وقلّ ناصره».

ثمّ احتمله ، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض ، وقد وضع الحسين (ع) صدره على صدره ، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين (ع) ، وحوله قتلى من أهل بيته.

فسألت عن الغلام. فقِيل : هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (٢) (عليه السّلام).

* * *

_________________

(١) وجاء اسمه في ٥ / ٤٦٨ : سعد بن عمرو بن نفيل الأزدي ، وكلاهما برواية أبي مِخْنَف.

(٢) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٤٧. والمفيد في الإرشاد / ٢٣٩.

٢٤٤

[العبّاس بن علي وأخوته]

[ثمّ] إنّ العبّاس بن علي (عليه السّلام) ، قال لأخوته من اُمّه ، عبد الله وجعفر وعثمان : يا بني أمّي ، تقدّموا حتّى [أرثيكم] ؛ فإنّه لا وِلد لكم.

ففعلوا [وتقدّموا ، فقاتلوا قتالاً شديداً حتّى] قُتلوا [رحمهم الله] (١) و (٢).

[رضيع الحسين (عليه السّلام)]

وقعد الحسين (عليه السّلام) [فـ] ـأُتي بصبيّ له ، [هو : الرضيع ، أو أكبر منه]

_________________

(١) قال أبو مِخْنَف : وزعموا ... ٥ / ٤٤٨.

(٢) ثمّ لمْ يذكر مقتل العبّاس بن علي (عليه السّلام) ، فننقله عن الإرشاد ، للشيخ المفيد (قده). قال :

واشتدّ العطش بالحسين (عليه السّلام) فركب المسنّاة يُريد الفرات ، وبين يديه العبّاس أخوه ، فاعترضه خيل ابن سعد (لعنه الله!) وفيهم رجل من بني دارم ، فقال لهم : ويلكم! حولوا بينه وبين الفرات ، ولا تمكّنوه من الماء.

فقال الحسين (عليه السّلام) : «اللهمّ ، أظمئه!». فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه ، فانتزع الحسين (عليه السّلام) السّهم وبسط يده تحت حنكه ، فامتلأت راحتاه من الدم فرمى به ، ثمّ قال (ع) : «اللهمّ ، إنّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك».

ثمّ رجع إلى مكانه ، وقد اشتدّ به العطش.

وأحاط القوم بالعبّاس فاقتطعوه عنه ، فجعل يُقاتلهم وحده حتّى قُتل (رحمة الله عليه). وكان المتولّي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي (*) وحكيم بن الطفّيل السّنبسي ، بعد أنْ أُثخن بالجراح فلمْ يستطع حِراكاً. الإرشاد / ٢٤٠ ، ط النّجف الأشرف.

_________________

(*) وذكره الطبري : زيد بن رقاد الجني ٥ / ٤٦٨. وفي ٦ / ٦٤ : أنّه رجل من جنب ، وهو قاتل عبد الله بن مسلم بن عقيل وسويد بن عمرو الخثعمي ، من أصحاب الحسين (عليه السّلام). وقد مضت ترجمته في مقتل سويد.

٢٤٥

عبدالله بن الحسين (ع) (١) ، فأجلسه في حجره (٢) ـ فهو في حجره ـ إذ رماه أحد بني أسد [حرملة بن كأهل أو هانئ بن ثبيت الحضرمي] بسهم فذبحه ، فتلقيّ الحسين (عليه السّلام) دمه ، فلمّا ملأ كفّه صبّه في الأرض ، ثمّ قال :

«ربّ ، إنْ تَكُ حبست عنّا النّصر من السّماء ، فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين». (٣) و (٤).

[ابنا عبد الله بن جعفر]

فاعتورهم النّاس من كلّ جانب :

فحمل عبد الله بن قطبة النّبهاني الطائي على : عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فقتله (٥).

_________________

(١) واُمّه : الرباب ابنة امرئ القيس الكلبي ٥ / ٤٦٨. وذكره المفيد في الإرشاد / ٢٤٠ وقال : وهو طفل.

(٢) قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين ٥ / ٤٤٨.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٤٨.

(٤) وروى الطبري : عن عمّار الدهني ، عن الباقر (عليه السّلام) أنّه قال (ع) : «وجاء سهم فأصاب ابناً له معه في حجره ، فجعل يمسح الدم عنه ، ويقول : اللهمّ ، احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا ، فقتلونا». ٥ / ٣٨٩. وقال اليعقوبي : ثمّ تقدموا رجلاً رجلاً حتّى بقى وحده ، ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه ، فإنّه لواقف على فرسه إذ أُتي بمولود قد وُلد في تلك السّاعة ، فأذّن في أُذنه وجعل يحنّكه ، إذ أتاه سهم فوقع في حلق الصبيّ فذبحه ، فنزع الحسين (عليه السّلام) السّهم من حلقه وجعل يلطّخه بدمه ، ويقول (ع) : «والله ، لأنت أكرم على الله من النّاقة ، ولمحمّد أكرم على الله من صالح». ثمّ أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه ٢ / ٢٣٢ ، ط النّجف. وقال السّبط : فالتفت الحسين (ع) فإذا طفل له يبكى عطشاً ، فأخذه على يده ، وقال (ع) : «يا قوم إنْ لمْ ترحموني ، فارحموا هذا الطفّل». فرماه رجل منهم بسهم فذبحه ، فجعل الحسين (ع) يبكي ، ويقول : «اللهمّ ، احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا ، فقتلونا». فنُودي من الهواء : دعه يا حسين ، فإنّ له مرضعاً في الجنّة / ٢٥٢ ، ط النّجف.

(٥) واُمّه : جُمانة ابنة المسيّب بن نجبة الغزاري ٥ / ٤٦٩ ، من زعماء التوّابين من شيعة الكوفة. وقال أبو الفرج : اُمّه زينب العقيلة بنت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) / ٦٠ ، ط النّجف.

٢٤٦

وحمل عامر بن نهشل التّيمي على : محمّد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فقتله (١).

[آل عقيل]

وشدّ عثمان بن خالد بن أسير الجهني وبشرّ بن حوط القابضي المداني ، على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب (ع) ، فقتلاه (٢) واشتركا في سلبه.

ورمى عبد الله بن عزرة الخثعمي (٣) جعفر بن عقيل بن أبي طالب (ع) ، فقتله.

ثمّ إنّ عمرو بن صبيح الصدّائي (٤) رمى عبد الله بن مسلم ابن

_________________

(١) واُمّه : الخوصاء ابنة خصفة بن ثقيف التّيمي من بكر بن وائل ٥ / ٤٦٩. وكذا أبو الفرج / ٦٠ ، ط النّجف. وذكرها سبط ابن الجوزي : حوط بنت حفصة التيمي / ٢٥٥ ، ط النّجف.

(٢) فبعث المختار إليهما عبد الله بن كامل ، وكانا يُريدان أنْ يخرجا إلى الجزيرة ـ أي : الموصل ـ فخرجوا في طلبهما فوجدوهما في الجبّانة ، فأُتى بهما فخُرج بهما إلى بئر الجعد فضُرب أعناقهما بالنّار. ورثيهما أعشى همدان ٦ / ٥٩. وفي ٥ / ٤٦٩ : قتله عثمان بن خالد الجهني فقط ، ولمْ يشترك معه بشر بن حوط الهمداني. وذكرهما أبو الفرج بنفس السّند / ٦١ ، ط النّجف.

(٣) وقال في ٥ / ٤٦٩ : قتله بشر بن حوط الهمداني. وذكر الخثعمي في ٦ / ٦٥ : عبد الله بن عروة الخثعمي ، طلبه المختار ففاته ولحق بمصعب. وذكره أبو الفرج : عبد الله بن عروة الخثعمي ، بنفس السّند / ٦١ ، ط النّجف.

(٤) طلبه المختار ، فأُتى ليلاً بعد ما هدأت العيون ، وهو على سطحه لا يشعر فأُخذ وسيفه تحت رأسه. فقال : قبّحك الله سيفاً! ما أقربك وأبعدك! وكان يقول : لقد طعنت فيهم وجرحت وما قتلت أحداً. فجيء به إلى المختار فحبسه معه في القصر.

فلمّا أنْ أصبح أذن للنّاس فدخلوا ، وجيء به مقيّداً. فقال : أمَا والله ، يا معشر الكفرة الفجرة أنْ لو بيدي سيفي ، لعلمتم أنّي بنصل السّيف غير رعش ولا رعديد ، ما يسرّني ـ إذ كانت منيّتي قتلاً ـ أنّه قتلنى من الخلق أحد غيركم. لقد علمت أنّكم شرّار خلق الله! غير أنّي وددت أنْ بيدي سيفاً أضرب به فيكم ساعةً. ثمّ رفع يده فلطم عين ابن كامل ، وهو إلى جنبه فضحك ابن كامل ، ثمّ أخذ يده وأمسكها ، ثمّ قال :

٢٤٧

عقيل (١) بسهم فوضع كفّه على جبهته ، فأخذ لا يستطيع أنْ يحرك كفّيه ، ثمّ بسهم آخر ففلق قلبه (٢).

وقتل لبيط بن ياسر الجهني : محمّد بن أبي سعيد ابن عقيل (٣).

[أبناء الحسن بن علي (عليهما السّلام)]

ورمى عبد الله بن عقبة الغنوى (٤) أبا بكر بن الحسن (٥) بن علي بسهم

_________________

إنّه يزعم أنّه قد جرح في آل محمّد وطعن ، فمرنا بأمرك فيه.

فقال المختار : عليّ بالرّماح. فأُتي بها ، فقال : اطعنوه حتّى يموت. فطُعن بالرماح حتّى مات ٦ / ٦٥.

وروى في ٥ / ٤٦٩ ، عن أبي مِخْنَف : أنّه قتل عبد الله بن عقيل بن أبي طالب (عليه السّلام).

وروى في ٦ / ٦٤ : أنّ الذي رمى عبد الله بن مسلم بن عقيل ، هو : زيد بن رقاد الجَنَبي. وأنّه كان يقول : لقد رميت فتى منهم بسهم ، وإنّه لواضح كفّه على جبهته يتّقي النّبل فأثبت كفّه في جبهته ، فما استطاع أنْ يزيل كفه عن جبهته ، وأنّه حيث أثبت كفّه في جبهته ، قال : اللهمّ ، إنّهم استقلّونا واستذلّونا ؛ اللهمّ ، فاقتلهم كما قتلونا وأذلّهم كما استذلّونا. ثمّ إنّه رمى الغلام بسهم آخر فقتله. فكان يقول : جئته ميّتاً ، فلمْ أزل انضنض السّهم من جبهته حتّى نزعته ، وبقى النّصل مثبتاً في جبهته ما قدرت على نزعه.

فبعث المختار خلفه عبد الله بن كامل الشاكري ، فلمّا أتى داره أحاط بها ، واقتحم الرجال عليه ، فخرج مصلتاً سيفه ، فقال ابن كامل : ارموه بالنّبل وارجموه بالحجارة. ففعلوا به ذلك حتّى سقط وبه رمق ، فدعا بنار فأحرقه وهو حيّ لمْ تخرج روحه ٦ / ٦٤.

(١) واُمّه رقيّة بنت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ٥ / ٤٦٩. وأبو الفرج / ٦٢ ، ط النّجف.

(٢) قال أبو مِخْنَف ٥ / ٤٦٩. وأبو الفرج / ٦٢ ط النّجف.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم الأزدي ، قال ٥ / ٤٤٧.

(٤) كان ممّن خرج مع المستورد بن علفة سنة (٤٣ هـ) في إمارة المغيرة بن شعبة بالكوفة. وكان كاتباً فأمره المستورد أنْ يكتب له ، ثمّ يحمل الكتاب إلى سمّاك بن عبيد والي المدائن ، يدعوه إليه ففعل ورجع إليه ٥ / ١٩٠.

ولمّا أُصيب أصحاب المستورد ، فرّ الغنوي حتّى دخل الكوفة على شريك بن نملة ، وسأله أن يلقى المغيرة بن شعبة فيأخذ له منه أماناً ، ففعل. فقال المغيرة : قد آمنته ٥ / ٢٠٦. وبعد كربلاء فرّ من المختار فلحق بمصعب بن الزبير ، ثمّ صار مع عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ٥ / ٢٠٥. وطلبه المختار فوحده قد هرب ، فهدم داره ٦ / ٦٥.

(٥) كما في ٥ / ٤٦٨. وطُبع في / ٤٤٨ : أبو بكر بن الحسين بن علي (عليهما السّلام) ، وهو خطأ.

٢٤٨

فقتله (١).

وقُتل عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) ، رماه حرملة بن كأهل (٢) بسهم فقتله (٣).

_________________

(١) قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين (ع) ٥ / ٤٤٨. وأبو الفرج رواه ، عن المدائنى من أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، وعن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر الباقر (عليه السّلام). مقاتل الطالبيّين / ٥٧ ، ط النّجف.

(٢) كما في ٦ / ٦٥. وذكره هنا في ٥ / ٤٦٨ : حرملة بن كاهن وهو خطأ ، ولمْ يذكر طلب المختار له وكيفيّة قتلة.

قال هشام : حدّثني أبو الهذيل رجل من السّكون ، قال : رأيت هانئ بن ثبيت الحضرمي في مجلس الحضرميّين في زمان خالد بن عبد الله وهو شيخ كبير ، فسمعته يقول :

كنت ممن شهد قتل الحسين فوالله إني لواقف عاشر عشرة ليس من رجل إلا علي فرس وقد جالت الخيل وتصعصعت ، اذ خرج غلام من آل الحسين من تلك الابنية وهو ممسك بعمود ، عليه ازار وقميص وهو مذعور يتلفّت يميناً وشمالاً ، وكأنّي انظر الي درتّين في اُذنه تذبذبان كلمّا التفت.

إذ أقبل رجل يركض ، حتّى إذا دنا منه مال عن فرسه ، ثمّ اقتصد الغلام بالسّيف فقطّعه. ورواه أبو الفرج عن المدائني / ٧٩ ، ط النّجف.

قال أبو مِخْنَف : وواستصغر الحسن بن الحسن وعمر بن الحسن (ع) ، فلمْ يُقتلا ٥ / ٤٤٩.

وقتل من الموالي سليمان مولى الحسين ، ومنجح مولى الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٦٩.

(٣) كما في ٤٦٨. وأبو الفرج / ٥٨ ، ط النّجف : عن المدائني. والمشهور أنّه هو الذي فرّ من المخيم إلى مصرع عمّه ، فقُتل عنده ، كما سيأتي حديثه. ونصّ عليه المفيد في الإرشاد / ٢٤١ ، ط النّجف.

٢٤٩

[الحسين (عليه السّلام)]

ولمّا بقي الحسين (عليه السّلام) في ثلاثة رهط أو أربعة ، دعا بسراويل يمانيّة محقّقة يلمع فيها البصر ، ففرزه ونكثه ؛ لكيلا يسلبه (١) و (٢).

ومكث طويلاً من النّهار كلّما انتهى إليه رجل من النّاس انصرف عنه ، وكره أنْ يتولّى قتله وعظيم إثمه عليه.

وأتاه مالك بن النّسير [البَدّي الكنديّ (٣)] فضربه على رأسه بالسّيف ، فقطع البرنس [الذي] عليه وأصاب رأسه ، فأدما [ه و] امتلأ البرنس دماً ، فقال له الحسين (ع) : «لا أكلت بها ولا شربت ، وحشرك الله مع الظالمين»!

[ثمّ] ألقى ذلك البرنس [و] دعا بقلنسوة ـ فلبسها واعتمّ [عليه] (٤) و (٥).

_________________

(١) فقال له بعض أصحابه : لو لبست تحته تبّاناً [والكلمة فارسية ، بمعنى : اللباس القصير.] قال (ع) : «ذلك ثوب مذلّة ، ولا ينبغي لي أنْ ألبسه». فلمّا قُتل سلبه إيّاه بحر بن كعب ٥ / ٤٥١.

قال أبو مِخْنَف : فحدّثني عمرو بن شعيب عن محمّد بن عبد الرحمن : أنّ يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كالعود ٥ / ٤٥١.

(٢) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥١. والمفيد في الإرشاد / ٢٤١.

(٣) هو رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ ، في الطريق بإنزال الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٠٨. ومضت ترجمته في نزول الإمام (عليه السّلام).

(٤) و (٥) وكان البرنس من خزّ ، فجاء الكندي حتّى أخذ البرنس. فلمّا قدم به بعد ذلك على أهله أقبل يغسل البرنس من الدّم ، فرأت ذلك امرأته وعلمت به ، فقالت : أسَلَب ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) تُدخلُ بيتي؟! أخرجه عنّي. وذكر أصحابه أنّه لمْ يزل فقيراً به حتّى مات ٥ / ٤٤٨. والبرنس : قلنسوة طويلة من قطن كان يلبسها عبّاد النّصاري ، فلبسها عبّاد المسلمين في صدر الإسلام ،

٢٥٠

[فـ] ـكان معتمّاً [على القَلنسوة بالخزّ الأسود] ، وعليه قميص (١) [و] جبّة من خزّ. وكان مخضوباً بالوسمة ، وهو يُقاتل قتال الفارس الشجاع ، يتّقي الرّمية ويفترص العورة ، ويشدّ على الخيل (٢).

وأقبل شمر بن ذي الجوشن في نفر ، نحومن عشرة من رجّالة أهل الكوفة قبل منزل الحسين (ع) الذي فيه ثقله وعياله ، فمشى نحوه فحالوا بينه وبين رحله

_________________

كما في مجمع البحرين ـ وذكر الخبر المفيد في الإرشاد / ٢٤١ باسم : مالك بن اليسر.

قال هشام : عن أبيه محمّد بن السّائب ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباته ، قال : حدثني من شهد الحسين (عليه السّلام) في عسكره : أنّ حسيناً (عليه السّلام) حين غلب على عسكره ركب المسنّاة يُريد الفرات ، وضرب فرسه.

فقال رجل من بني ابن بن دارم : ويلكم! حولوا بينه وبين الماء.

فاتبعه النّاس حتّى حالوا بينه وبين الفرات.

وانتزع الأُباتي سهماً فأثبته في حنك الحسين (عليه السّلام) ، فانتزع الحسين (ع) السّهم وبسط كفيّه فامتلأت دماً ، فقال :

«اللهمّ ، انّي أشكو إليك ما يُفعل بابن بنت نبيّك ، اللهمّ ، أظمه».

قال القاسم بن الأصبغ : لقد رأيت [ـه] وعنده عساس فيها اللّبن ، وقلال فيها الماء ؛ والماء يُبرّد له فيه السكّر [فـ] ـيقول : ويلكم ، اسقوني! قتلني الظمأ! فيُعطى الفلّة أو العُسّ فيشرّبه ، فإذا نزعه من فيه ، اضطجع الهنيهة ثمّ يقول : ويلكم ، اسقوني! قتلني الظمأ! فوالله ، ما لبث إلاّ يسيراً ، حتّى انقدّ بطنه انقداد بطن البعير. ورواه أبو الفرج عن أبي مِخْنَف / ٧٨ ، ط النّجف.

قال هشام : حدّثني عمرو بن شمر ، عن جابر الجُعفي ، قال : عطش الحسين (عليه السّلام) حتّى اشتدّ عليه العطش ، فدنا ليشرب من الماء فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه ، فجعل يتلقّى الدّم من فمه ويرمي به إلى السّماء ، فقال : «اللهمّ ، أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تذر على الأرض منهم أحداً». ٥ / ٤٤٩ ـ ٤٥٠.

حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨.

(١) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٢.

(٢) عن الحجّاج ، عن عبد الله بن عمّار البارقي ، قال ٥ / ٤٥٢.

٢٥١

فقال الحسين (عليه السّلام) : «ويلكم! إنْ لمْ يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا في أمر دنياكم أحراراً ذوي أحساب ، امنعوا رحلي وأهلي من طغامكم وجهالكم».

فقال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يابن فاطمة. وأقدم عليه بالرجّالة فأخذ الحسين (عليه السّلام) يشدّ عليهم ، فينكشفون عنه (١).

قال عبد الله بن عمّار البارقي : (٢) شدّت عليه رجّالة ممّن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتّى ذعروا ، وعلى من عن شماله حتّى ذعروا ، فوالله ، ما رأيت مكسوراً قط ـ وقد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه ـ أربط جأشاً ولا أمضى جناناً ولا أجرأ مقدماً منه ، والله ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، إن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب.

وقد دنا عمر بن سعد من حسين (عليه السّلام) إذ خرجت زينب ابنة فاطمة أخته ، فقالت : يا عمر بن سعد ، أيُقتل أبوعبد الله ، وأنت تنظر إليه؟! [فـ] ـصرف بوجهه عنها (٣). [و] كأنّي أنظر إلى دموع عمر ، وهي تسيل على خدّيه ولحيته (٤).

وهو (عليه السّلام) يشدّ على الخيل ، ويقول :

«أعلى قتلي تحاثّون : أمَا والله ، لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله أسخط

_________________

(١) قال أبومِخْنَف في حديثه ٥ / ٤٥٠. ورواه أبو الفرج / ٧٩.

(٢) هوراوي خبر أمر أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعمل الجسر على الفرات ، حين مضيّه إلى صفّين سنة (٢٦ هـ) ٤ / ٥٦٥.

(٣) ورواه المفيد في الإرشاد / ٢٤٢ ، ط النّجف.

(٤) عن الحجّاج عن عبد الله بن عمّار البارقي ٥ / ٤٥١. ورواه المفيد في الإرشاد ، عن حميد بن مسلم / ٢٤١.

٢٥٢

عليكم لقتله منّي! وأيم الله ، إني لأرجوأنْ يُكرمني الله بهوانكم ، ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون (١) أمَا والله ، لوقد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم ، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يُضاعف لكم العذاب الأليم» (٢).

ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن أقبل في الرجّالة نحوالحسين [(عليه السّلام) ، وفيهم] سنان بن أنس النّخعي وخوْليّ بن يزيد الأصبحي (٣) ، وصالح بن وهب اليزني والقشعم بن عمروالجُعفي ، وعبد الرحمن الجُعفي (٤) ، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرّضهم [فـ] ـأحاطوا [بالحسين (عليه السّلام)] أحاطةً.

وأقبل إلى الحسين (عليه السّلام) غلام من أهله (٥) ، فقال الحسين [(عليه السّلام) لـ] أخته زينب ، ابنة علي (ع) : «احبسيه». فأخذته أخته زينب ابنة علي (ع) لتحبّسه ، فأبى الغلام وجاء يشتدّ إلى الحسين (عليه السّلام).

_________________

(١) ولقد أُجيبت دعوة الإمام (عليه السّلام). فأصبح المختار وبعث أبا عمرة إلى عمر بن سعد وأمره أنْ يأتيه به ، فجاءه حتّى دخل عليه. فقال : أجبْ الأمير. فقام عمر فعثر في جبّة له ، فضربه أبوعمرة بسيفه فقتله. وجاء برأسه في أسفل قبائه حتّى وضعه بين يدي المختار.

وكان حفص بن عمر بن سعد جالسّا عند المختار ، فقال له المختار : أتعرف هذا الرأس؟! فاسترجع ، وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال المختار : فإنّك لا تعيش بعده. وأمر به فقتل ، وجعل رأسه مع رأس أبيه ٦ / ٦١.

(٢) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٢.

(٣) بعث المختار إليه معاذ بن هانئ بن عدي الكندي ، ابن أخى حجر ، ومعه أبا عمرة صاحب حرسه ، فاختبأ خوْليّ في مخرجه ، فأمر معاذ أبا عمرة أنْ يطلبه في الدار فدخلوا فخرجت إليهم امرأته. فقالوا لها : أين زوجك؟ قالت : لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج. فدخلوا فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة التمر فأخرجوه ، فأحرقوه ٦ / ٥٩.

(٤) كان من الشهود على حجر بن عدي الكندي ٥ / ٢٧٠. وكان يوم عاشوراء على ربع مذحج وأسد لعسكر عمر بن سعد ٥ / ٤٢٢ ، كما سبق.

(٥) ذكره المفيد في الإرشاد / ٢٤١ أنّه : عبد الله بن الحسن ، وموارد الإشارة تُشير إلى ذلك. وقد سبق عن أبي مِخْنَف : أنّه رماه حرملة بن كأهل بسهم ، فقتله. وروى هذه الرواية ـ هنا ـ أبو الفرج ، عن أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال / ٧٧ ، ط النّجف.

٢٥٣

وقد أهوى بحر بن كعب إلى الحسين (عليه السّلام) بالسّيف ، فقال الغلام : يابن الخبيثة! أتقتل عمّي (١)! فضربه بالسّيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها إلى الجلدة ، فإذا يده معلّقة ، فنادى الغلام : يا ُامّتاه!

فأخذه الحسين (عليه السّلام) فضمه إلى صدره ، وقال (ع) : «يابن أخي (٢) اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ؛ فإنّ الله يُلحقك بآبائك الصالحين ، برسول الله وعلي بن أبي طالب وحمزة ، والحسن بن علي (٣) ، (٤) صلّى الله عليهم أجمعين.

اللهمّ ، أمسك عنهم قطر السّماء وأمنعهم بركات الأرض ، اللهمّ ، فإنْ متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم فرقاً وأجعلهم طرائق قدداً ، ولا تُرضي عنهم الولاة أبداً ؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ، فعدوا علينا فقتلونا» (٥).

ولقد مكث طويلاً من النّهار ولوشاء النّاس أنْ يقتلوه لفعلوا ، ولكنّهم كان يتّقي بعضهم ببعض ويُحبّ هؤلاء أنْ يكفيهم هؤلاء.

فنادى شمر في النّاس : ويحكم! ماذا تنظرون بالرجل؟ أقتلوه ، ثكلتكم اُمّهاتكم! فحُمِل عليه من كلّ جانب.

[مصرع الحسين (عليه السّلام)]

فضرب زُرعة بن شرّيك التميمي ضربة [على] كفّه اليسرى (٦) ، وضرب [ضربة أخرى] على عاتقه ، [فأخذ] ينوء ويكبو [على وجهه الشريف]. وفي تلك الحال حمل عليه سنان بن أنس النّخعي فطعنه بالرمح ، فوقع (عليه السّلام)

_________________

(١) و (٢) و (٣) راجع : هامش رقم / ٥ من الصفحة السّابقة.

(٤) قال أبومِخْنَف في حديثه ٥ / ٤٥٠. ورواها أبو الفرج ، عن أبي مِخْنَف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم / ٧٧ ، ط النّجف.

(٥) حدّثنى ، سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥١. وفي الإرشاد / ٢٤١.

(٦) وفي الإرشاد : كتفه اليسرى / ٢٤٢ ، وفي الخواص : كتفه الأيسر / ٢٥٣. ونقله المقرّم عن الإتحاف

٢٥٤

فجعل لا يدنوأحد من الحسين (عليه السّلام) ، إلاّ شدّ عليه سنان بن أنس مخافة أنْ يغلب على رأس [الحسين (عليه السّلام) حتّى] نزل إليه ، فذبحه واحتزّ رأسه (١) ودفعه إلى خوْليّ بن يزيد [الأصبحي].

وسُلب ما كان على الحسين (عليه السّلام) ؛ فأخذ فيس ابن الأشعث (٢) : قطيفته (٣) ، وسلب إسحاق بن حَيْوة الحضرمي : قميص الحسين (ع) (٤). وأخذ سيفه رجل من بني نهشل ، وأخذ نعله الأسود [الأودي] ، وأخذ بحر بن كعب سراويله (٥) وتركه مجرداً (٦).

_________________

بحبّ الأشراف / ١٦.

(١) ونقل السّبط : خمسة أقوال في قاتله (عليه السّلام) ، ورجّح أنّه سنان. ثمّ روى أنّه دخل على الحجّاج فقال له : أنت قاتل الحسين (ع)؟ قال : نعم. قال : أبشر ، فإنّك أنت وإيّاه لا تجتمعان في دار أبداً. قالوا : فما سُمع من الحجّاج كلمة خيراً منها. قال : ثمّ عدّوا ما في جسده ، فوجدوه : ثلاثاً وثلاثين طعنة برمح ، وأربعاً وثلاثين ضربة بسيف. ووجدوا في ثيابه : مئة وعشرين رمية بسهم.

(٢) مضت ترجمته في حوادث ليلة العشر.

(٣) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٣.

(٤) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٥.

(٥) حدّثني الصقعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٢.

(٦) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥١. وكذلك صرح به السّبط : سلبوه جميع ما كان عليه حتّى سرواله أخذه بحر بن كعب التميمي / ٢٥٣. والمفيد في الإرشاد ، وزاد : وكانت يدا بحر بن كعب (لعنه الله!) بعد ذلك تيبسان في الصيف حتّى كأنّهما عودان ، وتترطّبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً إلى أنْ أهلكه الله / ٢٤١ ـ ٢٤٢.

٢٥٥

[نهب الخيام]

ومال النّاس على نساء الحسين (عليه السّلام) وثقله ومتاعه ، [و] الورس (١) والحلل والإبل فانتهبوها ، [و] إنْ كانت المرأة تنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه ، فيُذهب به منها (٢).

[و] قال النّاس لسنان بن أنس : قتلت حسين (ع) بن علي وابن فاطمة ابنة رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) ، قتلت أعظم العرب خطراً جاء إلى هؤلاء يُريد أنْ يُزيلهم عن ملكهم ، فأتِ امرءك فاطلب ثوابك منهم! لوأعطوك بيوت أموالهم في قتل الحسين (ع) كان قليلاً.

وكانت به لوُثة (٣) ، فأقبل على فرسه حتّى وقف على باب فسطاط عمر بن سعد ، ثمّ نادى بأعلى صوته :

أوقر ركأبي فضّة وذهبا

أنا قتلت الملك المحجّبا

_________________

(١) هو : ورد أصفر مثل الزعفران ، طيب الرائحة ، كان يُؤتى به من اليمن. وقد أخذها الإمام (عليه السّلام) من الركب الذين كانوا يحملونها إلى يزيد ، في منزل التنعيم مبتدأ خروجه من مكّة. وكان ممّن أصاب من هذا الورس يوم عاشوراء : زياد بن مالك الضبيعي وعمران بن خالد العنزي ، وعبد الرحمن البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني. فدلّ عليهم المختار فطلبهم فجاؤوا بهم إليه ، فقال لهم : يا قتلة الصالحين ، وقتلة سيّد شباب أهل الجنّة ، ألاَ تَرون الله قد أقاد منكم اليوم! لقد جاءكم الورس بيوم نحس. فأخرجهم إلى السّوق فضرب رقابهم ٦ / ٥٨.

(٢) حدّثني القعب بن زهير ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٣. وقال اليعقوبي : وانتهبوا مضاربه وابتزوا حرمه ٢ / ٢٣٢. وروى المفيد الخبر / ٢٤٢. وقال السّبط : وعرّوا نساءه وبناته من ثيابهن / ٢٥٤.

(٣) بالضّم : البطْء والاسترخاه ، مجمع البحرين.

٢٥٦

قتلت خير النّاس أمّاً وأبا

وخيرهم اذ ينسبون نسبا (١)

فقال عمر بن سعد : أدخلوه عليّ. فلمّا أدخل خذفه بالقضيب ، ثمّ قال :

يا مجنون ، أشهد أنّك لمجنون ما صححت قط ، أتتكلم بهذا الكلام! أمَا والله ، لوسمعك ابن زياد لضرب عنقك.

[وحمل] شمر بن ذي الجوشن في رجّالة معه [على ثقل الحسين (عليه السّلام) ، فانتهو] إلى علي بن الحسين الأصغر (ع) ، وهومريض منبسط على فراش له ، [والـ] ـرجّالة معه يقولون : ألاَ نقتل هذا؟

قال حميد بن مسلم ، فقلت : سبحان الله! أنقتل الصبيان؟ إنّما هذا صبيّ (٢).

حتّى جاء عمر بن سعد ، فقال : ألاَ ، لا يعرضنّ لهذا الغلام المريض أحد ، ولا يدخلنّ بيت هؤلاء النّسوة ، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم ، فما ردّ أحد شيئاً. وأخذ عمر بن سعد : عقبة بن سمعان ، فقال له : ما أنت؟

قال : أنا عبد مملوك ، فخلّى سبيله ، فلمْ ينجُ أحد منهم غيره (٣).

_________________

(١) ورواها أبو الفرج / ٨٠ ط النّجف ، وسبط ابن الجوزي / ٢٥٤ ط النّجف ، والمسعودي ٣ / ٧٠.

(٢) وقال الطبري في كتابه ذيل المذيل : وشهد علي بن الحسين الأصغر (ع) معه أبيه كربلاء ، وهوابن ثلاث وعشرين سنة ، وكان مريضاً نائماً على فراش ، فلمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) ، قال شمر بن ذي الجوشن : اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه : سبحان الله! أتقتل فتىً حدًثاً مريضاً لمْ يُقاتل؟! وجاء عمر بن سعد ، فقال : لا تعرّضوا لهؤلاء النّسوة ، ولا لهذا المريض / ٦٣٠ ، ط دار المعارف ، بتحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم. وقريباً منه المفيد / ٢٤٢ ، والسّبط / ٢٥٦ ـ ٢٥٨ ، ط النّجف.

(٣) إلاّ أنّ المرقع بن ثُمامة الأسدي كان قد نثر نبله وجثا على ركبتيه فقاتل ، فجاءه نفر من قومه ، فقالوا له : أنت آمن ، أخرج إلينا. فخرج إليهم. فلمّا قدم بهم عمر بن سعد على ابن زياد وأخبره خبره ، سيّره إلى الزارة ٥ / ٤٥٤ ، والزارة : موضع حار بعمّان الخليج ، كان منفىً ينفون إليها المحكومين عليهم بالنّفي. وقد سبق قبل هذا خبر خروج الضحاك بن عبد الله المشرّقي الهمداني بإذن الإمام (عليه السّلام) حسب شرطه على الإمام. وأما النّجاة من القتل ، فلفظ أبي مِخْنَف : استُصغر علي بن الحسين (ع) ، فلمْ يُقتل ٥ / ٤٦٨. واستُصغر الحسن بن الحسن بن علي ، وعمر بن الحسن بن علي (عليهم السّلام) فتركا ، ولمْ يُقتلا ٥ / ٤٦٩ ؛ وأما عبد الله بن الحسن ، فقد قُتل أيضاً ٥ / ٤٦٨. وقال أبو الفرج : وكان الحسن بن الحسن بن علي (عليهما السّلام) قد أرتث جريحاً ، فحمل / ٧٩ ، ط النّجف.

٢٥٧

[وطئ الخيل]

ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى في أصحابه : مَن ينتدب للحسين (ع) ويوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة ، منهم : إسحاق بن حَيْوة الحضرمي وأحبش بن مرثد الحضرمي ، فأتوا فداسوا الحسين (عليه السّلام) بخيولهم حتّى رضّوا ظهره وصدره (١).

وصلّى عمر بن سعد على [مَن] قُتل من أصحاب [ـه] ودفنهم.

وسرّح برأس [الإمام (عليه السّلام)] من يومه ذلك مع خوْليّ بن يزيد إلى عبيد الله بن زياد ، فأقبل خوْليّ دار القصر فوجد باب القصر مغلقاً ، فأتى منزله فوضعه تحت إجانة في منزله (٢). فلمّا أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد.

_________________

(١) فبرص إسحاق بن حيوة الحضرمي. وبلغني أنّ أحبش بن مرثد الحضرمي كان واقفاً في قتال بعد ذلك ، فأتاه سهم غرب [لا يُعرف راميه] ففلق قلبه فمات. وروى وطئ الخيل أبو الفرج / ٧٩ ، والمسعودى ٣ / ٧٢ ، والمفيد في الإرشاد / ٢٤٢ ـ ط النّجف ـ ، وسبط ابن الجوزي / ٢٥٤ ، ثمّ قال : ووجدوا في ظهره آثاراً سوداً فسألوا عنها ، فقِيل : كان ينقل الطعام على ظهره في اللّيل إلى مساكين أهل المدينة ... وإنّما ارتكب بن سعد هذا الشقاء لقول ابن زياد في كتابه إليه : فإنّ قُتل حسين (ع) فأوطئ الخيل صدره وظهره ؛ فإنّه عاقّ شاقّ ، قاطع ظلوم ؛ وليس دهري في هذا أن يضرّ بغد الموت شيئاً ، ولكن عليّ قول لوقد قتلته فعلت به هذا ٥ / ٤١٥.

(٢) قال هشام : فحدّثني أبي ، عن النّوار بنت مالك بن عقرب من الحضرميّين [، وهي امرأة خوْلّى] ، قالت : أقبل خوْلّى برأس الحسين (عليه السّلام) فوضعه تحت إجانة في الدار ، ثمّ دخل البيت فأوى إلى فراشه. فقلت له : ما الخبر؟ ما عندك؟ قال : جئتك بغنى الدّهر ، هذا رأس الحسين (ع) معكِ في الدار.

فقلت : ويلك! جاء النّاس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن رسول الله (صلّى الله عليه [وآله]) ، لا والله ، لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبداً.

فهممت من فراشي فخرجت إلى الدار ، وجلست أنظر ، فوالله ، مازلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السّماء إلى الإجانة ، ورأيت طيراً أبيضَ ترفرف حولها ٥ / ٤٥٥.

٢٥٨

[حمل عيال الإمام (ع) إلى الكوفة]

وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغداة (١).

وقطف رؤوس الباقين فسرّح باثنين وسبعين رأساً (٢) ، مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث ، وعمروبن الحجّاج وعزرة بن قيس ، فأقبلوا حتّى قدموا بها على عبيد الله بن زياد.

ثمّ أمر حُميد بن بُكير الأحمري (٣) فأذّن في النّاس بالرّحيل إلى الكوفة.

وحُمل معه بنات الحسين (ع) وأخواته ومن كان من الصبيان ، وعلي بن الحسين (ع) مريضاً (٤).

قال قرّة بن قيس التميمي : لا أنسى زينب ابنة فاطمة (ع) حين مرّت بأخيها الحسين (عليه السّلام) صريعاً ، وهي تقول : يا محمّداه! يا محمّداه! صلّى عليك ملائكة السّماء ، هذا الحسين بالعراء ، مرمّل بالدماء مقطّع الأعضاء ، يا محمّداه! وبناتك سبايا ، وذرّيّتك مقتلة تسغى عليها الصبا. فأبكت والله ، كلّ

_________________

(١) وكذلك في الإرشاد / ٢٤٣.

(٢) والإرشاد / ٢٤٣. وقال السّبط : اثنان وتسعون رأساً / ٢٥٦. ولعله مصحّف عن : سبعين. ويدلّ عليه أنّه بنفسه ، قال : وكانت زيادة على سبعين رأساً / ٢٥٩ ، ط النّجف.

(٣) كان من شرطة ابن زياد ممّن يقوم على رأسه ، وقد بعثه ابن زياد مع شريح القاضي ناظراً مراقباً له مشرفاً عليه ، حينما أرسله ليشاهد هانئاً ويُخبر قومه بسلامته ، فكان شريح يقول : أيم الله ، لولا مكانه معى لكنت أبلغت أصحاب هانئ بما أمرني هانئ به ٥ / ٣٦٨.

(٤) ٥ / ٤٥٣ ـ ٤٥٥. حدثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم قال.

٢٥٩

عدوّ وصديق (١) وصحن النّسوة ولطمن وجوههنّ (٢).

ودفن الحسين (ع) وأصحابه أهل الغاضريّة من بني أسد ، بعد ما قُتلوا بيوم (٣) و (٤).

[رأس الامام عند ابن زياد]

قال حميد بن مسلم : دعاني عمر بن سعد فسرّحني إلى أهله لأبشرّهم بفتح الله عليه وبعافيته.

فأقبلت حتّى أتيت أهله فأعلمتهم بذلك.

[ثمّ وجدت] ابن زياد قد جلس ، وقد قدم الوفد [بالرؤوس] عليه.

فجاءت كندة : بثلاثة عشر رأساً ، وصاحبهم قيس بن الأشعث ، وجاءت هوازن : بعشرين رأساً ، وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ، وجاءت تميم : بسبعة عشر رأساً ، وجاءت بنوأسد : بستّة أرؤس ، وجاءت مذحج : بسبعة أرؤس ، وجاء سائر الجيش : بسبعة أرؤس فذلك سبعون رأساً.

فأدخلهم وأذن للنّاس فدخلت فيمَن دخل ، فإذا رأس الحسين (عليه السّلام) موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيّتيه.

فلمّا رآه زيد بن أرقم (٥) لا ينجم عن نكته بالقضيب ، قال له : أعْلُ بهذا

_________________

(١) ورواه السّبط / ٢٥٦.

(٢) فحدّثني أبو زهير العبسي ، عن قرّة بن قيس التميمي ٥ / ٤٥٥.

(٣) حدّثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم ، قال ٥ / ٤٥٣ ـ ٤٥٥.

(٤) والمفيد في الإرشاد / ٢٤٣ ـ ٢٤٩ ، والمسعودي في مروج الذهب ٣ / ٧٢. والمشهور : أنّه كان بعد ما قُتلوا بثلاثة أيّام ، وذلك مع الإمام السجّاد (عليه السّلام) ، كما تشهد به مناظرة علي بن حمزة مع الرضا (عليه السّلام) ، فراجع مقتل الحسين للمقرّم / ٤١٥.

(٥) مضت ترجمته في خطبة الحسين (عليه السّلام) على أهل الكوفة يوم عاشوراء. وروى السّبط عن البخارى عن ابن سيرين ، أنّه قال : لمّا وُضع رأس الحسين (ع) بين يدي ابن زياد ، جُعل في طست وجعل يضرب ثناياه بالقضيب ، وكان عنده أنس بن مالك ، فبكى وقال : أشبههم برسول الله / ٢٥٧.

٢٦٠