وقعة الطّف

لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي [ أبي مخنف ]

وقعة الطّف

المؤلف:

لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي [ أبي مخنف ]


المحقق: الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٠

وأحسن ما قال فيه أصحابنا هو ما مدحه به النّجاشي ، إنّه : شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم ، وكان يسكن إلى ما يرويه. فهو مدح معتدّ به يثبت به حسنه ؛ ولذا عدّ أخباره في : الوجيزة والبلغة ، والحاوي وغيرها من الحسان.

هشام الكلبي :

ذكره الشيخ النّجاشي وسرد نسبه ، ثمّ قال : العالم بالأيّام ، المشهور بالفضل والعلم ، وكان يختصّ بمذهبنا وله الحديث المشهور ، قال : اعتللت علّة عظيمة نسيت علمي ، فجئت إلى جعفر بن محمّد (عليه السّلام) فسقاني العلم في كأس فعاد إليّ علمي. وكان أبو عبدالله يقرّبه ويدنيه وينشّطه ، وله كتب كثيرة (١) ، ثمّ عدّ كتبه ، وذكر طريقه إليه ، وعدّ من كتبه : مقتل الحسين (عليه السّلام) ، ولعلّه هو ما يرويه أو أكثره عن شيخه أبي مِخْنف.

ومن الغريب أنّ الشيخ الطوسي نقل في مختاره من رجال الكشّي ، أنّه يقول : الكلبي من رجال العامّة ، إلاّ أنّ له ميلاً ومحبّة شديدة ، وقد قِيل : إنّ الكلبي كان مستور ـ أي : في التقيّة ـ ولمْ يكن مخالف (٢).

_________________

(١) ص / ٣٠٥ ، ط الحجرية ـ الهند.

(٢) ص / ٣٩٠ ، ح : ٧٣٣ ، ط مشهد. ولا يُخفى أنّ بناء علمائنا الرجإليّين على تقديم قول النّجاشي عند المعارضة ، فقد قال الشهيد (قدّس سرّه) في المسالك : وظاهر حال النّجاشي ، إنّه أضبط الجماعة وأعرفهم بحال الرواة. وقال سبطه في شرح الاستبصار : والنّجاشي مقدّم على الشيخ في هذه المقامات كما يعلم بال ممّا ممّا رسة. وقال شيخه المحقق لأسترابادي في الرجال الكبير في ترجمة سليمان بن صالح : ولا يُخفى تخالف ما بين طريقي الشيخ والنّجاشي ، ولعلّ النّجاشي أثبت. وقال السيّد بحر العلوم في الفوائد الرجإليّة : أحمد بن علي النّجاشي أحد المشايخ الثبات ، والعدول الأثبات من أعظم أركان الجرح والتعديل وأعلم علماء هذا السبيل ، أجمع علماؤنا على الاعتماد عليه وأطبقوا على الاستناد في أحوال الرجال إليه ... وبتقديمه صرّح جماعة من الأصحاب ، نظراً إلى كتابه الذي لا نظير له في هذا

٢١

ثم لم يذكره الشيخ في الرجال ولا في الفهرست إلاّ طريقاً لمَا يرويه من كتب أبي مِخْنف (١) ، ولعلّ السبب في ذلك يرجع إلى أنّ كتبه التي كانت تخصّ تاريخ الشيعة هي ما يرويه عن شيخه أبي مِخْنف ، وأمّا سائر كتبه ، فليس فيها ما يخصّ تاريخ الشيعة.

وقد نصّ كثير من علماء السير والتراجم من العامّة على علمه وحفظه تشيّعه ، قال ابن خلكان : كان واسع الرواية لأيّام النّاس وأخبارهم ، وكان أعلم النّاس بعلم الأنساب ، وكان من الحفّاظ المشاهير ، توفّي (٢٠٦ هـ) (٢).

وقال أبو أحمد بن عدي في كتابه الكامل : للكلبي أحاديث صالحة ، ورضوه في التفسير ، وهو معروف به ، بل ليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشبع ، وهو يفضّل على مقاتل بن سليمان ؛ لمَا في مقاتل من المذاهب الرديئة ، وذكره ابن حبّان في الثقات (٣).

هذا المقتل المتداول :

تتداول الأيدي والمطابع في هذه العهود المتأخّرة كتاباً في مقتل الحسين

_________________

الباب ، والظاهر أنّه الصواب.

هذا وقد صرّح النّجاشي في كتابه في ترجمة الشيخ الكشّي يقول : كان ثقةً عيناً ... له كتاب الرجال ، كثير العلم ، وفيه أغلاط كثيرة ... صحب العيّاشي وأخذ عنه ، وروى عن الضعفاء / ٣٦٣. وقال في ترجمة العيّاشي : ثقة صدوق ، عين من عيون هذه الطائفة ، وكان في أوّل أمره عامّي المذهب ، ثمّ تبصّر وكان يروي عن الضعفاء كثيراً / ٢٤٧. فلعلّ الكشّي أخذ قوله هذا من العيّاشي ، وهو قال : بأنّ الكلبي من العامّة ؛ لكونه هو عاميّاً بادئ أمره ، وأنّ الكلبي كان مستوراً يعمل بالتقيّة كما ذكره الكشّي.

(١) ص / ١٥٥ ، ط النّجف.

(٢) وقد نقل الطبري ، عن الكلبي في تاريخه في ثلاثمئة وثلاثين مورداً ، ومع ذلك لمْ يتعرّض لترجمته في ذيل المذيّل ، وإنّما ذكر أباه / ١٠١ ، فقال : إنّ جدّه بشر بن عمرو الكلبي وبنيه السّائب ، وعبيد وعبد الرحمن شهدوا الجمل وصفّين مع علي (عليه السّلام).

(٣) لسان الميزان ٢ / ٣٥٩.

٢٢

(عليه السّلام) نسب إلى أبي مِخْنف ، ومن العلوم الواضح أنّه ليس لأبي مِخْنف ، وإنما هو من جمع جامع غير أبي مِخْنف ، ولا يُدرى بالضبط متى؟ وأين؟ وممّن وُجد هذا الكتاب؟ ومتى طُبع لأوّل مرّة؟.

يقول الإمام شرف الدين (قدّه) : ولا يُخفى أنّ الكتاب المتداول في مقتله (عليه السّلام) ، المنسوب إلى أبي مِخْنف ، قد اشتمل على كثير من الأحاديث التي لا علم لأبي مِخْنف به ، وإنّما هي مكذوبة على الرجل ، وقد كثرت عليه الكذّابة وهذا شاهد على جلالته (١).

وقال المحدّث القميّ : وليعلم إنّ لأبي مِخْنف كتباً كثيرةً في التاريخ والسير ، منها كتاب : مقتل الحسين (عليه السّلام) الذي نقل عنه أعاظم العلماء المتقدّمين واعتمدوا عليه ... ، ولكن للأسف أنّه فُقد ولا يوجد منه نسخة ، وأمّا المقتل الذي بأيدينا وينسب إليه ، فليس له ، بل ولا لأحد من المؤرخين المعتمدين ، ومن أراد تصديق ذلك ، فليقابل ما في هذا المقتل وما نقله الطبري وغيره عنه حتّى يعلم ذلك ، وقد بيّنت ذلك في نفس المهموم في : طرمّاح بن عدي ، والله ، العالم (٢).

فلمْ يكن لي بدّ ـ وأنّا أريد تحقيق الكتاب ـ أنْ أنظر ما في هذا المقتل الموضوع ، فمن المقطوع به أنّ الكتاب من جمع جامع غير أبي مِخْنف ، ولا يُدري مَن هو هذا الجامع ومتى جمعه؟ والذي يبدو لي أنّه كان من العرب المتأخّرين غير عارف بالتاريخ والحديث والرجال ، وحتّى الأدب العربي ؛ فإنّه يستعمل في الكتاب كلمات هي من استعمال العرب المتأخّرين باللغة الدارجة العاميّة.

والكتاب يشتمل على : مئة وخمسين حديثاً ، يتخلّلها ستّ أحاديث مرسلة

_________________

(١) مؤلّفو الشيعة في صدر الإسلام / ٤٢ ، ط النّجاح.

(٢) الكِنى والألقاب ١ / ١٤٨ ، ونفس المهموم / ١٩٥ ، ومقدمته / ٨ ، ط بصيرتي.

٢٣

فحديث عن الإمام علي بن الحسين (عليه السّلام) / ٤٩ ، وآخر عن عبد الله بن العبّاس / ٩٤ ، وثالث عن عمارة بن سليمان عن حميد بن مسلم / ٨٢ ، ورابع عمّن يُدعى عبد الله بن قيس / ٩٦ ، وخامس عمّن يُدعى عمّار ، ومرفوعة عن الكليني المتوفّى (ت ٣٢٩ هـ) لاتوجد في الكافي / ٧٠.

ويبتدئ من بعد الحديث ١٠٥ (١) بإكثار النّقل عمّن يُدعى : سهل الشهرزوري ، فيحشره مع (عليهم السّلام) من الكوفه إلى الشام وحتّى رجوعهم إلى المدينة ، وينقل عنه ٣١ حديثاً مرسلاً ، ويذكر منها : خبر سهل بن سعد السّاعدي ، باسم : سهل بن سعيد الشهرزوري (٢).

وتبقى سائر أحاديث الكتاب منسوبة إلى أبي مِخْنف نفسه ، وهي ١٣٨ حديثاً.

والكتاب يشتمل على عدّة أغلاط فاحشة ، هي كما يلي :

الأخطاء الفاحشة في هذا المقتل المتداول :

١ ـ يُفاجأ القارئ البصير في أوّل سطر من أوّل صفحة ـ من هذا المقتل المتداول ـ بهذه الغلطة الفاضحة ، قال أبو مِخْنف : حدّثنا أبو المنذر هشام عن محمّد بن سائب الكلبي! فترى أبا مِخْنف هنا ـ وهو شيخ هشام ـ ناقلاً عن هشام تلميذه ، وهو بدوره محدّثاً له عن أبيه محمّد بن السّائب الكلبي ، فيا تُرى كمْ كان جامع هذا الكتاب جاهلاً بتراجم الرجال حتّى خفي عليه هذا! (٣).

_________________

(١) ١٠٢ ، ط النّجف.

(٢) ١٢٣ ، ط النّجف.

(٣) وقد روى مثله السيّد المرتضى (رحمه الله) في تنزيه الأنبياء / ١٧١ ـ ط قم ـ عمّن أسماه ابن العبّاس بن هشام ، عن أبيه ، عن أبي مِخْنف ، عن أبي الكنود عبدالرحمن بن عبيد. فلعلّ جامع هذا الكتاب نقله عن كتاب السيّد ، أو غيره بتصحيف وتحريف وزيادات.

٢٤

٢ ـ وتقلب بعد هذا ثلاثة من صحائف الكتاب ، فتجده يقول : وروى الكليني في حديث (١) ، فليت شعري من هذا الذي يروي عن الكليني المتوفّى (٣٢٩ هـ) ، وقد توفّي أبو مِخْنف (١٥٨ هـ)؟! والرواية بعدُ غير موجودة في الكافي.

٣ ـ ثمّ تقلب صفحات أخرى فتجده يقول ، قال : فأنفذ يزيد الكتاب إلى الوليد ، وكان قدومه لعشرة أيّام خلون من شعبان (٢).

هذا وقد أجمع المؤرخون ـ ومنهم أبو مِخْنف برواية الطبري ـ على أنّ الحسين (عليه السّلام) دخل مكّة لثلاث خلون من شعبان ، فكيف التوفيق؟!

٤ ـ وينفرد في حديث مقتل مسلم بن عقيل ، بنقل خبر ، حُفر حفيرة له وقع فيها فأخذ مكتوفاً إلى ابن زياد ، فيقول : وأقبل عليهم لعين ، وقال لهم : أنا أنصب لهم شرك ، نحفر له بئراً في الطريق ونطمّه بالدغل والتراب ، ونحمل عليه وننهزم قدّامه ، وأرجو أنْ لا يفلت منه (٣).

٥ ـ وينفرد في حديث مقتل مسلم أيضاً بقوله : لمّا قُتل مسلم وهاني إنقطع خبرهما عن الحسين (عليه السّلام) ، فقلق قلقاً عظيماً فجمع أهله ... وأمرهم بالرحيل إلى المدينة ، فخرجوا سايرين بين يديه إلى المدينة حتّى دخلوه ، فأتى قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبكى بكاءً شديداً ، فهوّمت عيناه بالنّوم (٤) ، وليس لهذا الخبر أيّ أصل أو أثر ، في أي كتاب أو سفر.

٦ ـ وينفرد في حديث نزول الإمام الحسين (عليه السّلام) بكربلاء ، بنقل خبر ركوب الإمام (ع) سبعة أفراس ونزوله منها ، وتوقفها وعدم تقدّمه (٥).

٧ ـ وينفرد بنقل حديث الإمام علي بن الحسين (عليه السّلام) ليلة العاشر من المحرّم ، في يوم نزول الإمام بكربلاء (٦).

_________________

(١) ص / ٧.

(٢) ص / ١١.

(٣) ص / ٣٥.

(٤) ص / ٣٩.

(٥) ص / ٤٨.

(٦) ص / ٤٩.

٢٥

٨ ـ وينفرد بذكر عدد عساكر ابن سعد في كربلاء : ثمانين ألف (١).

٩ ـ وينفرد بنقل خطبة زهير بن القين يوم نزول العساكر بكربلاء ، ويقول : ثمّ أقبل على أصحابه ، وقال : معاشر المهاجرين والأنصار ، لا يغرّنّكم كلام هذا الكلب الملعون وأشباهه! فإنّه لا يُنال شفاعة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، إنّ قوماً قتلوا ذرّيّته وقتلوا مَن نصرهم ؛ فإنّهم في جهنّم خالدون أبداً (٢).

١٠ ـ وينفرد بنقل خبر ، حفر الحسين (عليه السّلام) بئراً ، ويقول : فلمْ يجد فيها ماءً (٣).

١١ ـ وينفرد بتكرير حديث ليلة عاشوراء وصبيحتها ثلاث مرّات ، فيذكر في الأولى خطبة للامام الحسين (عليه السّلام) ومقتل أخيه العبّاس (عليه السّلام) وينفرد فيه بقوله : فأخذ السّيف بفيه ، ثمّ يقول : ونزل إليه وحمله على ظهر جواده وأقبل به إلى الخيمة وطرحه وبكى عليه بكاءً شديداً حتّى بكى جميع من كان حاضر (٤).

ثمّ يكرّ على ليلة عاشوراء ، فيقول : ثمّ أقبل على أصحابه ، وقال (عليه السّلام) لهم : «يا أصحابي ، ليس طلب القوم غيري ، فإذا جنّ عليكم اللّيل ، فسيروا في ظلمته». ثمّ يقول : وبات تلك اللّيلة ، فلمّا أصبح ... (٥).

ثمّ يعود على صبيحة عاشوراء ويذكر فيها خطبة أخرى للإمام (عليه السّلام) ، وينفرد بذكر إرسال رسول من قبل الحسين (عليه السّلام) باسم أنس بن كاهل إلى ابن سعد (٦) ، بينما الرسول هو : أنس بن الحرث بن كاهل الأسدي.

ثمّ يكرّ ثالثةً على ليلة عاشوراء فيذكر الخطبة المعروفة للإمام (عليه السّلام) على أصحابه وأهل بيته في تلك اللّيلة ... ثمّ يعود على تعبئة الحسين (عليه السّلام)

_________________

(١) ص / ٥٢.

(٢) ص / ٥٦.

(٣) ص / ٥٧.

(٤) ص / ٥٩.

(٥) ص / ٥٩ ـ ٦٠.

(٦) ص / ٦٠ ـ ٦١.

٢٦

وابن سعد (١).

١٢ ـ وينفرد في أصحاب الإمام الحسين (عليه السّلام) بذكر إبراهيم بن الحسين (٢).

١٣ ـ ويذكر الطرّماح مع مَن قُتل مع الإمام (عليه السّلام) ، بينما يروي الطبري عن الكلبي عن أبي مِخْنف : إنّه لمْ يحضر كربلاء ، ولمْ يُقتل مع الإمام (عليه السّلام (٣). وعلى هذا يعلّق المحدّث القمّي في كتابه : نفس المهموم / ١٩٥.

١٤ ـ ويذكر في قصّة الحرّ الرياحي أبياتاً هي لعبيد الله بن الحرّ الجُعفي ، صاحب قصر بني مقاتل ، ولا يتنبّه إلى عدم تناسبها مع حال الحرّ ، إذ يقول فيه : وقف على أجسادهم وقبورهم (٤) ، فوا جهلاً من جامع هذا الكتاب!

١٥ ـ وينسب إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) أبياتاً في رثاء الحرّ لا تُناسب أنْ تكون للامام ، منه :

ونِعم الحرّ إذ واسى حسيناً

ممّا لقد فاز الذي نصروا حسينا (٥)

١٦ ـ وينسب إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) أبياتاً ثلاثة في رثاء أصحابه ، وهي صريحة في أنّها ليست للإمام (عليه السّلام) ؛ وإنّما هي لأحد من الشعراء

_________________

(١) ص / ٦١ ـ ٦٢.

(٢) ص / ٧٠.

(٣) ص / ٧٢.

(٤) ص / ٧٧. وقد ذكرها الطبري ـ ٥ / ٤٧٠ ، ط دار المعارف ـ ، عن أبي مِخْنف عن عبد الرحمن بن جندب : إنّ عبيد الله بن الحرّ قالها في المدائن ، وهي :

يقول أمير غادر وابن غادر

ألاَ كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة

فيلاحظ : أنّ هذا الجامع الخائن قد غيّر منها كلمات ؛ لتناسب الحرّ الرياحي وهي لمْ تناسبه مع ذلك.

(٥) ص / ٧٩.

٢٧

المتأخّرين ، حيث يقول فيه : نصروا الحسين فيا لها من فتية ، هكذا (١).

١٧ ـ وينفرد في تعيين يوم نزول الإمام الحسين (عليه السّلام) : أنّه كان يوم الأربعاء (٢). ويقول في شهادته (عليه السّلام) : أنّها كانت يوم الإثنين (٣) ، وهذا يقتضي أنْ يكون نزوله بكربلاء في اليوم الخامس من المحرّم ، وقد أجمع المؤرخون ـ ومنهم أبو مِخْنف برواية الطبري ـ على أنّ نزوله كان في اليوم الثاني من المحرّم ، وأنّه كان يوم الخميس (٤) ، ومقتله كان يوم الجمعة.

١٨ ـ يبتدئ من الحديث رقم (١٠٥) (٥) بإكثار النّقل عمّن يُدعى : سهل الشهرزوري ، فيحشره مع (عليهم السّلام) من الكوفة إلى الشام إلى المدينة ، فينسب إليه في الكوفة أبيات سليمان بن قتّة الهاشمي (٦) ، على قبر الإمام الحسين (عليه السّلام) : مررت على أبيات آل محمّد (٧) وينسب إليه في الشام خبر سهل بن سعد السّاعدي باسم : سهل بن سعيد الشهرزوري (٨) ، فكأنّه يحسبه هو.

١٩ ـ وينسب إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) يوم عاشوراء أرجوزة تشتمل

_________________

(١) ص / ٨٥.

(٢) ص / ٤٨.

(٣) ص / ٩٣.

(٤) ٥ / ٤٠٩. ويؤيّده ما رواه الأربلي في كشف الغمّة ٢ / ٢٥٢ ، بإسناده عن الإمام الصادق (عليه السّلام) : «وقُبض يوم عاشوراء ، الجمعة».

(٥) ص / ١٠٢.

(٦) علّق عليه الشيخ محمّد السّماوي ، فقال : هو هاشميّ الولاء اُمّه : قتة ، وأبوه : حبيب ، توفّى بدمشق سنة (١٢٦ هـ). وذكره المسعودي ٤ / ٧٤ باسم : ابن قتة عن كتاب ، أنساب قريش للزبير بن بكار.

(٧) ص / ١٠٢ ـ ١٠٣.

(٨) ص / ١٢٣.

٢٨

على نيف وثلاثين بيتاً (١) ، وإلى عبد الله بن عفيف الأزدي عند عبيد الله بن زياد قصيدة تشتمل على نحو من ثلاثين بيت (٢).

٢٠ ـ ويحتوي الكتاب في طيّاته على كلمات من استعمال المتأخّرين من العرب النّاطقين باللغة الدارجة ، ممّا ممّا لا يناسب أبا مِخْنف ، كقوله فيما سبق من خبر : حفر بئر لمسلم ، وأقبل عليهم لعين! وقال لهم ... ونطمّها بالدغل والتراب ... وننهزم قدّامه (٣) ، وراحت أنصاره (٤) ويقظانه (٥) ويتحرّش (٦).

وليس بعد كلّ هذا لأحد أنْ يحتمل صحّة نسبة هذا الكتاب إلى أبي مِخْنف.

أسناد أبي مِخْنف :

سنسرد عليك فيما يلي قوائم تفصيليّة بأسماء الرواة الوسائط بين أبي مِخْنف والأحداث ، ونضع أمام اسم كلّ راوٍ منهم الحديث الذي رواه ؛ فتكون القائمة هي في حدّ ذاتها فهرساً لأحاديث الكتاب أيضاً.

تنقسم قوائم أسماء هؤلاء الرواة حسب اختلاف كيفيّة روايتهم ، أو رواية أبي مِخْنف عنهم إلى ستّة قوائم :

_________________

(١) ص / ٨٦ ـ ٨٧. وقد ذكر منها سبعة عشر بيتاً : علي بن عيسى الأربلي المتوفّى (٦٩٣ هـ) في كتابه كشف الغمّة ٢ / ٢٣٨ ـ ط تبريز ـ عن كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (٣١٤ هـ) ، بعنوان : أنّه قالها (ع) لمّا قُتل ولده الصغير ، فحفر له ودفنه. بينما ذكرها هذا الكتاب عندما حمل على القوم حملة منكرة وفرّهم ـ هكذا ـ وقتل منهم : ألفاً وخمسمئة فارساً رجع إلى الخيمة ، وهو يقول ... وصرّح الأربلي / ٢٥٠ ، يقول : والأبيات النّونيّة التي أوّلها : غدر القوم ... لمْ يذكرها أبو مِخْنف وهي مشهورة ، والله أعلم. وذكر ثلاثة منها الخوارزمي (٥٦٨ هـ) ٢ / ٣٣ ، عن ابن أعثم أيضاً.

(٢) ص / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٣) ص / ٣٥.

(٤) ص / ١٣٥.

(٥) ص / ١٢٩.

(٦) ص / ١٣٢.

٢٩

الأولى : تحتوي على أسماء مَن شهد المعركة ، وحُدّث عنها لأبي مِخْنف مباشرةً وبلا واسطة ؛ فأبو مِخْنف يروي عنه المعركة ـ أي : بواسطة واحدة وهم ثلاثة ـ.

الثانية : أيضاً تحتوي على أسماء مَن شهد المعركة ، وأبو مِخْنف يروي عنه بواسطة أو واسطتين ـ أي : يروي المعركة بواسطتين ـ أو ثلاث ، وهم خمسة عشر رجل ؛ فمجموع مَن شهد المعركة من رواة أبي مِخْنف ثمانية عشر رجلاً.

الثالثة : تحتوي على أسماء مَن باشر الأحداث من قبل كربلاء أو بعده ، وحدّث عنها لأبي مِخْنف مباشرةً ، فأبو مِخْنف يروي عنه الأحداث بواسطة واحدة ، وهم خمسة أشخاص.

الرابعة : تحتوي على أسماء مَن باشر الأحداث من قبل كربلاء أو بعده ، وأبو مِخْنف يروي عنه بواسطة أو واسطتين ، وهم واحد وعشرون شخصاً.

الخامسة : تحتوي على أسماء الرواة الوسائط الذين لمْ يشهدوا المعركة ولم يباشروا الأحداث ، وإنّما هم وسائط لحديث أبي مِخْنف عن أولئك ، فأبو مِخْنف يروي عنهم المرعكة أو الحوادث بواسطتين ، وهم تسع وعشرون شخصاً.

السّادسة : تحتوي على أسماء الرواة العدول من أصحاب الأئمة ، أو الأئمة أنفسهم (عليه السّلام) ، وليسوا ممّن شهد المعركة ولا مَن باشر الأحداث ، فهؤلاء أيضاً من الرواة الوسائط ، إلاّ أنّهم لمْ يحدّثوا بواسطة ، أو لمْ يصرّحوا بالواسطة ، وهم أربعة عشر رجلاً.

وقد تبيّن من هذا الجدول :

أنّ مجموع مَن روى أحداث كربلاء ووقايعها لأبي مِخْنف مباشرةً وبالواسطة ، يبلغ ٣٩ رجلاً ، حدّثوا بـ ٦٥ حديثاً مستداً هي مجموع أحاديث الكتاب.

وقد استخرجنا تراجم هؤلاء الرجال ، إمّا من كتب الرجال ؛ أو من تتبّع

٣٠

موارد رواياتهم في الطبري ، وبقي بعضهم لمْ نعثر لهم على شيء ، وإليك القوائم بالتفصيل :

القائمة الأولى :

مَن شهد المعركة وباشر التحدّث لأبي مِخْنف ، وهم ثلاثة :

١ ـ ثابت بن هبيرة : مقتل عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري ، وخبر أخيه علي بن قرظة ٥ / ٤٣٤.

له هذا الخبر فقط ، ولمْ نعثر له على ذكر في الرجال ، والنصّ ، قال أبو مِخْنف عن ثابت بن هبيرة : فقُتل عمرو بن قرظة بن كعب ... ، وظاهره المباشرةً.

٢ ـ يحيى بن هانئ بن عروة المرادي المذحجي : مقتل نافع بن هلال الجملي ، والنصّ : حدّثني يحيى ... أنّ نافع ... وهو صريح في المباشرةً ٥ / ٤٣٥.

اُمّه : روعة بنت الحجّاج الزبيدي ، أخت عمرو بن الحجّاج الزبيدي فهو خاله ـ الطبري ٥ / ٣٦٣ ـ. ولقد حضر مع خاله هذا كربلاء في عسكر عمر بن سعد ، وروى مقتل نافع بن هلال الجملي ، وسمع مقالة خاله عمرو بن الحجّاج الزبيدي بعد مقتله لعسكره يمنعهم عن المبارزة ، ويأمرهم برضخ الحسين (عليه السّلام) وأصحابه بالحجارة ، ولا يرجع يحيى عن خاله ٥ / ٤٣٥. ويروي مقالة خاله أيضاً لعبد الله بن المطيع العدوي والي الكوفة من قبل ابن الزبير ، يثبّته على قتال المختار بن أبي عبيد الثقفي ، وهو مع خاله في قتاله ضدّ المختار ٦ / ٢٨.

وذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال الدار قطني : يحتجّ به. وقال النسّائي : ثقة. وزاد أبو حاتم : صالح من سادات أهل الكوفة. وقال شعبة : كان سيّد

٣١

أهل الكوفة ، كما في تهذيب التهذيب.

٣ ـ زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي : مقتل سويد بن عمرو بن أبي مطاع الخثعمي ، والنصّ : حدّثني ... قال : كان ... ـ ٥ / ٤٤٦ ـ له هذا الخبر فقط ، ولمْ نعثر له على ذكر في الرجال.

القائمة الثانية :

مَن شهد المعركة ، وروى عنه أبو مِخْنف بواسطة أو واسطتين ، وهم خمسة عشر رجلاً.

١ ـ عقبة بن سمعان (١) خبر نزول الحسين بكربلاء ، وكتاب ابن زياد إلى الحرّ في ذلك ـ ٥ / ٤٠٧ ـ بواسطة واحدة.

٢ ـ هانئ بن ثبيت الحضرمي السّكوني : ملاقاة ابن سعد للامام الحسين (عليه السّلام) بين العسكرين بعد نزول الإمام بكربلاء وقبل يوم عاشوراء ، والنصّ : حدّثني أبو جناب عن هاني ... وكان قد شهد قتل الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤١٣ وقد اشترك هذا في قتل عبد الله بن عمير الكلبي ، وهو القتيل الثاني من أصحاب الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٣٦ ، وقتل عبد الله بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وجعفر بن (عليه السّلام) وغلاماً آخر من آل الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٤٨ ، وعبدالله بن الحسين بن (عليه السّلام) من الرباب ابنة امرئ القيس الكلبي ٥ / ٤٦٨.

٣ ـ حميد بن مسلم الأزدي : كتاب ابن زياد لابن سعد يأمره بمنع الماء عن الحسين وأصحابه (عليه السّلام) ، وطلب العبّاس للماء ليلة السّابع ٥ / ٤١٢ ،

_________________

(١) كان مولىً للرباب ابنة امرئ القيس الكلبيّة ، اُمّ سكينة ابنة الحسين (عليه السّلام) ، فأُخذ يوم عاشوراء إلى عمر بن سعد ، فقال له : ما أنت؟ فقال : أنا عبد مملوك ، فخلّى سبيله ٥ / ٤٥٤.

٣٢

وبعث شمر إلى كربلاء ٥ / ٤١٤ ، وبدء القتال ٥ / ٤٢٩ ، ومقالته لشمر عند هجومه على المخيّم قبل مقتل الحسين (عليه السّلام) وصلاة الظهر ، ومقتل حبيب بن مظاهر الأسدي ٥ / ٤٣٩ ، ومقالة الإمام عند مقتل ولده (عليه السّلام) ، وخروج زينب عند مقتله (عليه السّلام) ، ومقتل القاسم بن الحسن (عليه السّلام) ، ومقتل عبد الله بن الحسين (عليه السّلام) في حجره ٥ / ٤٤٦ ـ ٤٤٨ ، وحالة الحسين (عليه السّلام) بعدهم إلى مقتله ٥ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، واختلاف القوم بعده في قتل ابنه (عليه السّلام) ، وخبر عقبة بن سمعان وإطلاق سراحه ، ووطئ الخيل على جسد الحسين (عليه السّلام) ، وحمل حميد مع خوليّ بن يزيد الأصبحي رأس الإمام إلى ابن زياد ٥ / ٤٥٥ ، وإرسال عمر بن سعد ايّاه إلى أهله ليبشرهم بعافيته ، ومجلس ابن زياد ٥ / ٤٥٥ ، وإرسال عمر بن سعد إيّاه إلى أهله ؛ ليبشرهم بعافيته ، ومجلس ابن زياد ، وضربه بالقضيب شفتي الحسين (عليه السّلام) ، وحديث زيد بن أرقم له عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وجواب ابن زياد له ومقالة زيد بن أرقم في ابن زياد ، ودخول زينب إلى مجلس ابن زياد وكلامه لها وجوابها له ، ومحاولة ابن زياد ضربها ومقالة عمرو بن حريث ، كلام ابن زياد للإمام زين العابدين (عليه السّلام) وجوابه له ، ومحاولة قتله وتعلّق عمّته به ، وخطبة ابن زياد في المسجد وجواب ابن عفيف له ومقتله ٥ / ٤٥٦ ـ ٤٥٩.

وواسطته في هذه الأخبار له :

سليمان بن أبي راشد ، ويظهر للمتتبّع أنّ أبا مِخْنف يقطّع فيها حسب المناسبات ، والملاحظ أنّ أخباره تبدأ من بعث شمر إلى كربلاء وتنتهي بأخبار مجلس ابن زياد ومقتل ابن عفيف الأزدي.

ومن هنا يظهر للنظر أنّه كان مع جيش شمر بن ذي الجوشن الكلابي ، خصوصاً مع ملاحظة مكالماته المتكررة مع شمر يعاتبه في أمور ، ووجوده في المخيّم

٣٣

بعد مقتل الحسين (عليه السّلام) مع العلم أنّه لمْ يحمل على المخيّم إلاّ شمربن ذي الجوشن برجّالته.

ونراه بعد هذا يشترك مع التوّابين في ثورتهم ٥ / ٥٥٥ ، ويزور المختار في السّجن ، ولكنّه يحذّر سليمان بن ُصرد الخزاعي عن المختار ويخبره أنّ المختار يخذّل النّاس عنه ، فيصفح عنه سليمان ٥ / ٥٨١ ـ ٥٨٤ ، ويرجع منهزماً مع فلول التوّابين ٥ / ٦٠٦. وكان صديقاً لإبراهيم بن الأشتر النّخعي ، وكان يختلف إليه ويذهب معه إلى المختار ـ بعد التوّاين ـ كلّ عشيّة ، يدبّرون أمورهم حتّى تصوب النّجوم ثمّ ينصرفون ٦ / ١٨. وخرج مع إبراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء في كتيبة نحو المئة متقلّدي السّيوف ، قد ستروا الدروع بأقبيتهم ٦ / ١٩ حتّى أتوا دار المختار ليلة خرج ٦ / ٢٣.

لكنّه حينما علم أنّ المختار صمّم على قتل قتلة الحسين (عليه السّلام) خرج مع عبد الرحمن بن مِخْنف الأزدي ـ عمّ أبي مِخْنف ـ على المختار ، فلمّا جرح عبد الرحمن رثاء حميد بأبيات ٦ / ٥١. ولمّا فرّ عبدالرحمن بن مِخْنف من الكوفة إلى المصعب بن الزبير بالبصرة لحق به حميد أيضاً ٦ / ٥٨.

وآخر عهدنا به في الطبري ٦ / ٢١٣ ، أنّه : يرثي عبد الرحمن بن مِخْنف حينما قتله الأزارقة الخوارج قرب كازرون سنة (٧٥ هـ) ، محارباً لهم مع المهلّب بن صفرة من قبل الحجّاج بن يوسف الثقفي.

ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ١ / ٦١٦ ، وابن قدامة في المغني ١ / ١٩٥.

٤ ـ الضحّاك بن عبد الله المشرقي الهمداني : حديث ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء ، وتعبئته للقتال ، وخطبته الكبرى يوم عاشوراء ٥ / ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٤٢١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٤٤.

روى أبو مِخْنف عن هذا الرجل بواسطة عبد الله بن عاصم الفائشي

٣٤

الهمداني ـ ولا يخفى أنّ الرجل أيضاً من همدان ـ : أنّه اشترط على الإمام الحسين (عليه السّلام) أنْ يكون في حلّ من الإنصراف عنه بعد مقتل أصحابه ، فقبل الإمام ذلك فهرب من المعركة ٥ / ٤١٨ ـ ٤٤٤. وذكره الطوسي في رجاله في أصحاب الإمام زين العابدين (عليه السّلام)!

٥ ـ الإمام علي بن الحسين (عليه السّلام) : حديث ليلة عاشوراء بواسطتين :

أ ـ الحارث بن حصيرة عن عبد الله بن شريك العامري ، عنه (عليه السّلام) ٥ / ٤١٨.

ب ـ وعن الحارث بن كعب الوالبي الأزدي الكوفي وأبي الضحّاك البصري ، عنه (عليه السّلام) ٥ / ٤٢٠.

٦ ـ عمرو الحضرمي : تكتيب الكتائب لعسكر عمر بن سعد ٥ / ٤٢٢ ، بواسطتين وهو لا يُعرف.

٧ ـ غلام لعبد الرحمن بن عبد ربّه الأنصاري : خبر مهازلته لبُرير بن خضير الهمداني ، بواسطين : عن عمرو بن مرّة الجملي عن أبي صالح الحنفي عنه ، وفي آخره : فلمّا رأي القوم قد صرعوا أفلتّ وتركتهم ٥ / ٤٢١ ـ ٤٢٢.

٨ ـ مسروق بن وائل الحضرمي : خبر ابن حوزة عند بدء القتال ، بواسطتين عن عطاء بن السّائب ، عن عبد الجبّار بن وائل الحضرمي ، عنه قال : كنت في أوائل الخيل ممّن سار إلى الحسين (عليه السّلام) ... لعلّي أصيب رأس الحسين فأصيب به منزلةً عند عبيد الله بن زياد ... فرجع مسروق ... وقال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئاً لا قاتلهم أبداً ٥ / ٤٢١.

٩ ـ كثير بن عبد الله الشعبي الهمداني : خطبة زهير بن القين ، عن علي بن حنظلة بن أسعد الشبامي عن رجل من قومه من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل يقال له كثير بن عبد الله الشعبي ٥ / ٤٢٦.

روى الطبري عن هشام ، عن هوانة : أنّه كان فارساً شجاعاً ليس يردّ وجهه

٣٥

شيء ، فلمّا عرض عمر بن سعد على الرؤساء أنْ يأتوا الحسين (عليه السّلام) فيسألوه ما الذي جاء به ، وماذا يريد ، فكلّهم أبى وكرهه ، وقام إليه كثير بن عبدالله الشعبي ، فقال : أنا أذهب إليه ، والله ، لئن شئت لأفتكنّ به ... فأقبل ... فقام إليه ، فقال : ضع سيفك. قال : لا والله ، ولا كرامة ... فاستبّا ٥ / ٤١٠. وشدّ هو ومهاجر بن آوس على زهير بن القين البجلي ، فقتلاه ٥ / ٤٤١.

١٠ ـ الزبيدي : الحملة الثانية ٥ / ٤٣٥ ، رجل من زبيد اليمن يروي مآثر أميره من عشيرته ، عمرو بن الحجّاج الزبيدي.

١١ ـ أيوب بن مشرح الخيواني : امرأة الكلبي ، وعقر فرس الحرّ فاتّهمه قومه بعد ذلك بقتل الحرّ ، فقال : لا والله ، ما أنا قتلته ، ولكن قتله غيري وما أحبّ أني قتلته. فقال له أبو الودّاك جبر بن نوف الهمداني : ولمَ لا ترضى بقتله؟ قال : زعموا أنّه كان من الصالحين ، فوالله ، لئن كان آثماً فلئن ألقى الله بإثم الجراحة ، والموقف أحبّ إليّ من أنْ ألقاه بإثم قتل أحد منهم. فقال له أبو الودّاك : ما أراك إلاّ ستلقى الله بإثم قتلهم أجمعين ... أنتم شركاء كلكم في دمائهم ٥ / ٤٣٧.

١٢ ـ عفيف بن زهير بن أبي الأخنس : مقتل بُرير بن خضير الهمداني (ره) وكان ممّن شهد قتل الحسين (عليه السّلام) ويقول في خبره هذا : إنّ بُريراً كان يُقرؤهم القرآن في المسجد الجامع بالكوفة ٥ / ٤٣١.

١٣ ـ ربيع بن تميم الهمداني : مقتل عابس بن أبي شبيب الشاكري ، وكان ممّن شهد ذلك اليوم ٥ / ٤٤٤.

١٤ ـ عبد الله بن عمّار البارقي : خبر حالة الحسين (عليه السّلام) في حملاته على القوم ، وكان ممّن شهد قتل الحسين (عليه السّلام) ، فعتب عليه مشهده قتل الحسين (عليه السّلام) ، فقال : إنّ لي عند بني هاشم ليداً. قلنا له : وما يدك

٣٦

عندهم؟ قال : حملت على حسين (ع) بالرمح فانتهيت إليه ... ثمّ انصرفت عنه غير بعيد ٥ / ٤٥١.

١٥ ـ قرّة بن قيس الحنظلي التميمي : قطع الرؤوس ، والسّبايا ٥ / ٤٥٥. كان قد خرج مع أميره من عشيرته ، الحرّ بن يزيد الرياحي التميمي في مقدّمة ابن زياد إلى الحسين (عليه السّلام) ٥ / ٤٢٧. وهو الذي بعثه ابن سعد إلى الحسين (عليه السّلام) سلّم عليه ، فدعاه حبيب بن مظاهر الأسدي إلى نصرة الحسين (عليه السّلام) فأبى ٥ / ٤١١. وهو الذي يروي أنّ الحرّ قال له : ألاَ تريد أنْ تسقي فرسك؟ فتنحّى عنه حتّى سار إلى الحسين (عليه السّلام). وهو يدّعي أنّ الحرّ لو كان يطلعه على الذي أراد لكان يخرج معه إلى الحسين (عليه السّلام) ٢ / ٤٢٧.

فهؤلاء خمسة عشر رجلاً ممّن شهد قتل الحسين (عليه السّلام) ، وروى عنهم أبو مِخْنف بواسطه أو واسطتين.

القائمة الثالثة :

مَن باشر الأحداث وحدّث بها أبا مِخْنف مباشرةً ، وهم خمسة أشخاص :

١ ـ أبو جناب يحيى بن أبي حيّة الوداعي الكلبي : مقابلات أصحاب مسلم لابن زياد ٥ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، وبعث ابن زياد برؤوس مسلم وهاني إلى يزيد ، وكتابه إليه في ذلك ٥ / ٣٨٠. ويبدو لي أنّه يروي هذه الأخبار عن أخيه هانئ بن أبي حيّة الوداعي الكلبي ، إذ أنّه هو الذي بعثه ابن زياد بكتابه.

له في الطبري (٢٣) خبر ، تسعة منها عن حرب الجمل وصفّين والنّهروان بالواسطة ، وتستعة منها عن كربلاء ، خمسة منها بالواسطة وثلاثة بالإرسال.

وآخر عهدنا به روايته بالإرسال ، كتاب مصعب بن الزبير إلى إبراهيم بن

٣٧

الأشتر بعد المختار يدعوه إلى نفسه سنة (٦٧ هـ) ٦ / ١١١ ترجمه في تهذيب التهذيب ١١ / ٢٠١ ، وقال : كوفي صدق ، مات (١٤٧ هـ) ـ فلمْ يكن مباشراً ـ.

٢ ـ جعفر بن حذيفة الطائي : كتاب مسلم إلى الحسين (عليه السّلام) قبل مقتله ببيعة أهل الكوف ، وكتاب محمّد بن الأشعث بن قس الكندي مع أياس بن العثل الطائي إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) يخبره بخبر أسر مسلم بن عقيل وقتله ٥ / ٣٧٥.

ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ، وقال : يروي عن علي (عليه السّلام) ، وعنه أبو مِخْنف ، وكان مع علي (عليه السّلام) يوم صفّين. وذكره ابن حبّان في الثقات ، ثمّ قال : لا يُدرى من هو؟.

وله في الطبري خمسة أخبار : خبران عن صفّين ، وخبران عن الخوارج من طيىء وهذا الخبر فقط.

٣ ـ دلهم بنت عمرو ـ زوجة زهير بن القين ـ : حديث التحاقه بالحسين (عليه السّلام) ، والنصّ : قال أبو مِخْنف ، حدّثتني دلهم ... قالت : فقلت له ... ٥ / ٣٩٦.

٤ ـ عقبة بن أبي العيزار : خطبتين للامام (عليه السّلام) بالبيضة وذي حسم ، ومقالة زهير بن القين في جواب الإمام وأبيات الإمام (عليه السّلام) ، وأبيات الطرمّاح بن عدي ٥ / ٤٠٣. لعلّه كان من أصحاب الحرّ فنجى ، ولمْ نجد له ذكراً في رجالنا. وذكره في لسان الميزان ، وقال : يعتبر حديثه ، ثمّ قال : ابن حبّان في الثقات (١).

فهؤلاء أربعة ممّن باشر الأحداث وحدّث بها لأبي مِخْنف مباشرةً ، ولو ظاهراً.

_________________

(١) لسان الميزان ٤ / ١٧٩ ، و ٣ / ٨٨ ، و ٢ / ٤٣٣.

٣٨

القائمة الرابعة :

مَن باشر الأحداث أو عاصرها ورواها ، وروى عنه أبو مِخْنف بواسطة أو واسطتين ، وهم : واحد وعشرون شخصاً :

١ ـ أبو سعيد دينار ، أو : كيسان ، أو : عقيصا المقبري : أبيات الإمام الحسين (عليه السّلام) عند خروجه من المدينة بواسطة واحدة : عبد الملك بن نوفل بن مساحق بن مخرمة ـ ٥ / ٣٤٢ ـ ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ، وقال : صاحب أبي هريرة وابن صاحبه ، ثقة حجّة ، شاخ ووقع في الهرم ، ولمْ يختلط ... مات سنة (١٢٥ هـ) ، هو من موالي بني تيم. ذكره ابن حبّان في الثقات. وقال الحاكم : ثقة مأمون (١).

وفي تهذيب التهذيب ، قال الواقدي : ثقة كثير الحديث توفّي سنة مئة ، وقِيل في خلافة الوليد بن عبد الملك. قِيل : إنّ عمر جعله على حفر القبور ، فكان ينزل ناحية المقابر فسمّي : المقبري (٢).

وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب على (عليه السّلام) والحسين (عليه السّلام) باسم دينار ، يكنّى أبا سعيد ، ولقبه عقيص ، وإنّما لقّب بذلك لشعر قاله (٣).

وقال ابن قدامة في المغني : هو المقدسى ، نسبة إلى المقدس وهي مدينة إيليا النبيّ.

وروى الصدوق في أماليه مسنداً إلى أبي سعيد عقيصا : عن الحسين (ع) ، عن أبيه ، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، أنّه قال لعلي (عليه السّلام) : «يا علي أنت أخي وأنا أخوك ، أنا المصطفى للنبوّة ، وأنت المجتبى للإمامة ، وأنا صاحب

_________________

(١) ٢ / ١٣٩.

(٢) ٨ / ٤٥٣.

(٣) رجال الشيخ / ٤٠ ، ط النّجف.

٣٩

التنزيل ، وأنت صاحب التأويل ، وأنا وأنت أبوا هذه الاُمّة ، أنت وصيّي وخليفتي ووزيري ووارثي وأبو ولدي ، وشيعتك شيعتي».

٢ ـ عقبة بن سمعان : خروج الإمام (عليه السّلام) من المدينة ، وملاقاته لعبد الله بن مطيع العدوي ، ونزوله مكّة ٥ / ٣٥١ ، ومقالة ابن العبّاس للإمام عند خروجه من مكّة ، ومقالة ابن الزبير للإمام عند خروجه من مكّة ٥ / ٣٨٣ ، وخبر رسل عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق ، والي مكّة آنذاك إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) ليردّوه إلى مكّة ، وخبر ورس اليمن بمنزل التنعيم ٥ / ٣٨٥ ، ومقالة علي بن الحسين الأكبر (عليه السّلام) لأبيه بعد قصر بني مقاتل ، وانتهائهم إلى نينوى ، ووصول رسول ابن زياد إلى الحرّ بكتابه ، ونزول الإمام (عليه السّلام) ، ونزول عمر بن سعد ٥ / ٤٠٧ ـ ٤٠٩ ، والخصال التي عرضها الإمام (عليه السّلام) على ابن سعد ٥ / ٤١٣.

وجميعها بواسطة واحد ، هو : الحارث بن كعب الوالبي الهمداني. وهذا ممّا يؤيّد أنّ أبا مِخْنف كان يقطّع في الخبر حسب المناسبات ، وقد مضت ترجمة عقبة قبل فراجع.

٣ ـ محمّد بن بشر الهمداني : إجماع الشيعة في الكوفة في منزل سليمان بن ُصرد الخزاعي بعد موت معاوية ، وخطبة سليمان بن ُصرد ، وكتابهم إلى الحسين (عليه السّلام) ، وجواب الإمام إليهم مع مسلم بن عقيل ٥ / ٣٥٣ ـ ٣٥٢ ، وكتاب مسلم إلى الحسين (عليه السّلام) من الطريق ، وجواب الإمام (عليه السّلام) ، ووصول مسلم إلى الكوفة ، واختلاف الشيعة إليه في دار المختار ٥ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، وخطبة ابن زياد بعد مقتل هانئ بن عروة ٥ / ٣٦٨ ، جميعها بواسطة واحد هو : الحجّاج بن علي البارقي الهمداني.

كان حاضراً في اجتماع الشيعة في بيت سليمان بن ُصرد ، إذ يقول : فذكرنا هلاك معاوية فحمدنا الله عليه ، فقال لنا سليمان بن ُصرد ... ، ثمّ

٤٠