المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٥

استعمالهم له ويشتهر بينهم ، حتى يتغلب المعنى المجازي على اللفظ في أذهانهم فيكون كالمعنى الحقيقي يفهمه السامع منهم بدون القرينة. فيحصل الارتباط الذهني بين نفس اللفظ والمعنى ، فينقلب اللفظ حقيقة في هذا المعنى. وهو (المنقول التعيّني).

٤١

تمرينات

١ ـ هذه الألفاظ المستعملة في هذا الباب وهي لفظ (مختص ، مشترك ، منقول ، إلى آخره) من أي أقسام اللفظ الواحد؟ أي أنها مختصة أو مشتركة أو غير ذلك.

٢ ـ اذكر ثلاثة أمثلة لكل من أقسام اللفظ الواحد الخمسة.

٣ ـ كيف تميز بين المشترك والمنقول؟

٤ ـ هل تعرف لماذا يحتاج المشترك إلى قرينه؛ وهل يحتاج المنقول إلى القرينة؟

٤٢

ـ ٢ ـ

الترادف والتباين

إذا قسنا لفظاً إلى لفظ أو إلى ألفاظ ، فلا تخرج تلك الألفاظ المتعددة عن أحد قسمين :

١ ـ إما أن تكون موضوعة لمعنى واحد ، فهي (المترادفة) ، إذا كان أحد الألفاظ رديفاً للآخر على معنى واحد. مثل : أسد وسبع وليث. هرة وقطة. إنسان وبشر. فالترادف : «اشتراك الألفاظ المتعددة في معنى واحد».

٢ ـ وإما أن يكون كل واحد منها موضوعاً لمعنى مختص به ، فهي (المتباينة) ، مثل : كتاب ، قلم ، سماء ، أرض ، حيوان ، جماد ، سيف ، صارم ...

فالتباين : «أن تكون معاني الألفاظ متكثرة بتكثر الألفاظ». والمراد من التباين هنا غير التباين الذي سيأتي في النسب ، فإن التباين هنا بين الألفاظ باعتبار تعدد معناها ، وإن كانت المعاني تلتقي في بعض أفرادها أو جميعها ، فإن السيف يباين الصارم ، لأن المراد من الصارم خصوص القاطع من السيوف. فهما متباينان معنى وإن كان يلتقيان في الأفراد ، إذ أن صارم سيف. وكذا الإنسان والناطق ، متباينان معنى ، لأن المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر وإن كان يلتقيان في جميع أفرادهما لأن كل ناطق إنسان وكل إنسان ناطق.

قسمة الالفاظ المتباينه :

المثلان ، المتقابلان ، المتخالفان

تقدم ان الالفاظ المتباينة هي ما كثرت معانيها بتكثرها ، أي ان معانيها

__________________

(١) هذا الجمع يشمل اللفظين فصاعداً على نحو الجمع المنطقي. والجمع باصطلاح علماء المنطق معناه اكثر من واحد. وفي اللغة العربية ـ كما هو معلوم ـ معناه أكثر من اثنين. فتنبه الى هذا الاستعمال.

٤٣

متغايرة. ولما كان التغاير بين المعاني يقع على أقسام ، فإن الألفاظ بحسب معانيها أيضاً تنسب لها تلك الأقسام. والتغاير على ثلاثة أنواع : التماثل ، والتخالف ، والتقابل.

لأن المتغايرين إما أن يراعي فيهما اشتراكهما في حقيقة واحدة فهما (المثلان) وإما ألا يراعي ذلك سواء كانا مشتركين بالفعل في حقيقة واحدة أو لم يكونا. وعلى هذا التقدير الثاني أي تقدير عدم المراعاة ، فإن كانا من المعاني التي لا يمكن اجتماعهما في محل واحد من جهة واحدة في زمان واحد ، بأن كان بينهما تنافر وتعاند فهما (المتقابلان) ، وإلا فهما (المتخالفان).

وهذا يحتاج إلى شيء من التوضيح ، فنقول :

١ ـ (المثلان) هما المشتركان في حقيقة واحدة بما هما مشتركان ، أي لوحظ واعتبر اشتراكهما فيها ، كمحمد وجعفر اسمين لشخصين مشتركين في الإنسانية بما هما مشتركان فيها ، وكالإنسان والفرس باعتبار اشتراكهما في الحيوانية. وإلا فمحمد وجعفر من حيث خصوصية ذاتيهما مع قطع النظر عما اشتركا فيه هما متخالفان كما سيأتي. وكذا الإنسان والفرس هما متخالفان بما هما إنسان وفرس.

والاشتراك والتماثل إن كان في حقيقة نوعية بأن يكونا فردين من نوع واحد كمحمد وجعفر يخص باسم المثلين أو المتماثلين ولا اسم آخر لهما. وإن كان في الجنس كالإنسان والفرس سمّيا أيضاً (متجانسين) وإن كان في الكم أي في المقدار سمّيا أيضاً (متساويين) ، وإن كان في الكيف أي في كيفيتهما وهيئتهما سمّيا أيضاً (متشابهين). والاسم العام للجميع هو (التماثل).

والمثلان أبداً لا يجتمعان ببديهة العقل.

٢ ـ (المتخالفان) وهما المتغايران من حيث هما متغايران ، ولا مانع من اجتماعهما في محل واحد إذا كانا من الصفات ، مثل الإنسان والفرس بما هما إنسان وفرس ، لا بما هما مشتركان في الحيوانية كما تقدم. كذلك : الماء والهواء ، النار والتراب ، الشمس والقمر ، السماء والأرض.

ومثل السواد والحلاوة ، الطول والرقة ، الشجاعة والكرم ، البياض والحرارة. والتخالف قد يكون في الشخص مثل محمد وجعفر وإن كانا مشتركين نوعاً في

٤٤

الإنسانية ، ولكن لم يلحظ هذا الاشتراك. وقد يكون في النوع مثل الإنسان والفرس وإن كانا مشتركين في الجنس وهو الحيوان ولكن لم يلحظ الاشتراك. وقد يكون في الجنس ، وإن كانا مشتركين في وصفهما العارض عليهما ، مثل القطن والثلج المشتركين في وصف الأبيض إلا أنه لم يلحظ ذلك.

ومنه يظهر أن مثل محمد وجعفر يصدق عليهما أنهما متخالفان بالنظر إلى اختلافهما في شخصيهما ويصدق عليهما مثلان بالنظر إلى اشتراكهما وتماثلهما في النوع وهو الإنسان. وكذا يقال عن الإنسان والفرس هما متخالفان من جهة تغايرهما في الإنسانية والفرسية ومثلان باعتبار اشتراكهما في الحيوانية. وهكذا في مثل القطن والثلج. الحيوان والنبات. الشجر والحجر.

ويظهر أيضاً أن التخالف لا يختص بالشيئين اللذين يمكن أن يجتمعا ، فإن الأمثلة المذكورة قريباً لا يمكن فيها الاجتماع مع أنها ليست من المتقابلات ـ كما سيأتي ـ ولا من المتماثلات حسب الاصطلاح.

ثم إن التخالف قد يطلق على ما يقابل التماثل فيشمل التقابل أيضاً فيقال للمتقابلين على هذا الاصطلاح أنهما متخالفان.

٣ ـ (المتقابلان) هما المعنيان المتنافران اللذان لايجتمعان في محل واحد من جهة واحدة في زمان واحد ، كالإنسان واللا إنسان. والأعمى والبصير ، والأبوة والبنوة ، والسواد والبياض.

فبقيد وحدة المحل دخل مثل التقابل بين السواد والبياض مما يمكن اجتماعهما في الوجود كبياض القرطاس وسواد الحبر. وبقيد وحدة الجهة دخل مثل التقابل بين الأبوة والبنوة مما يمكن اجتماعها في محل واحد من جهتين إذ قد يكون شخص أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وبقيد وحدة الزمن دخل مثل التقابل بين الحرارة والبرودة مما يمكن اجتماعهما في محل واحد في زمانين ، إذ قد يكون جسم بارداً في زمان ونفسه حاراً في زمان آخر.

اقسام التقابل

للتقابل أربعة أقسام :

٤٥

١ ـ (تقابل النقيضين) أو السلب والإيجاب ، مثل : إنسان ولا إنسان ، سواد ولا سواد ، منير وغير منير.

والنقيضان : أمران وجودي وعدمي ، أي عدم لذلك الوجودي ، وهما لا يجتمعان ولا

يرتفعان ببديهة العقل ، ولا واسطة بينهما.

٢ ـ (تقابل الملكة وعدمها) كالبصر والعمى ، الزواج والعزوبية ، فالبصر ملكة والعمى عدمها. والزواج ملكة والعزوبية عدمها.

ولا يصح أن يحل العمى إلا في موضع يصح فيه البصر ، لأن العمى ليس هو عدم البصر مطلقاً ، بل عدم البصر الخاص ، وهو عدمه فيمن شأنه أن يكون بصيراً. وكذا العزوبة لا تقال إلا في موضع يصح فيه الزواج ، لا عدم الزواج مطلقاً ، فهما ليسا كالنقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان ، بل هما يرتفعان. وإن كان يمتنع اجتماعهما ، فالحجر لا يقال فيه أعمى ولا بصير ، ولا أعزب ولا متزوج ، لأن الحجر ليس من شأنه أن يكون بصيراً ، ولا من شأنه أن يكون متزوجاً.

إذن الملكة وعدمها : «أمران وجودي وعدمي لا يجتمعان ويجوز أن يرتفعا في موضع لا تصح فيه الملكة».

٣ ـ (تقابل الضدين) ، كالحرارة والبرودة ، والسواد والبياض ، والفضيلة والرذيلة ، والتهور والجبن ، والخفة والثقل.

والضدان : «هما الوجوديان المتعاقبان على موضوع واحد ، ولا يتصور اجتماعهما فيه ، ولا يتوقف تعقل أحدهما على تعقل الآخر».

وفي كلمة (المتعاقبان على موضوع واحد) يفهم أن الضدين لا بد أن يكونا صفتين ، فالذاتان مثل إنسان وفرس لا يسميان بالضدين. وكذا الحيوان والحجر ونحوهما. بل مثل هذه تدخل في المعاني المتخالفة ، كما تقدم.

وبكلمة «لا يتوقف تعقل أحدهما على تعقل الآخر» يخرج المتضايفان ، لأنهما أمران وجوديان أيضاً ولا يتصور اجتماعهما فيه من جهة واحدة ، ولكن تعقل أحدهما يتوقف على تعقل الآخر. وسيأتي.

٤ ـ (تقابل المتضايفين) مثل : الأب والابن ، الفوق والتحت ، المتقدم

٤٦

والمتأخر ، العلة والمعلول ، الخالق والمخلوق وأنت إذا لاحظت هذه الأمثلة تجد :

(اولاً) إنك إذا تعلقت أحد المتقابلين منها لا بد أن تتعقل معه مقابلة الآخر : فإذا تعقلت أن هذا أب أو علة لا بد أن تتعقل معه أن له ابناً أو معلولاً.

(ثانياً) أن شيئاً واحداً لا يصح أن يكون موضوعاً للمتضايفين من جهة واحدة ، فلا يصح أن يكون شخص أباً وابناً لشخص واحد ، نعم يكون أباً لشخص وابناً لشخص آخر. وكذا لا يصح أن يكون الشيء فوقاً وتحتاً لنفس ذلك الشيء في وقت واحد. وإنما يكون فوقاً لشيء هو تحت له ، وتحتاً لشيء آخر هو فوقه وهكذا.

(ثالثاً) إن المتقابلين في بعض هذه الأمثلة المذكورة أولاً ، يجوز أن يرتفعا ، فإن واجب الوجود لا فوق ولا تحت ، والحجر لا أب ولا ابن. وإذا اتفق في بعض الأمثلة أن المتضايفين لا يرتفعان كالعلة والمعلول ، فليس ذلك لأنهما متضايفان. بل لأمر يخصهما ، لأن كل شيء موجود لا يخلو إما أن يكون علة أو يكون معلولاً.

وعلى هذا البيان يصح تعريف المتضايفين بأنهما : «الوجوديان اللذان يتعقلان معاً ولا يجتمعان في موضوع واحد من جهة واحدة ويجوز أن يرتفعا».

٤٧

تمرينات

١ ـ بيِّن المترادفة والمتباينة من هذه الأمثلة بعد التدقيق في كتب اللغة :

كتاب وسفر

مقول ولسان

خطيب ومصقع

فرس وصاهل

ليل ومساء

عين وناظر

شاعر وناظم

مصنع وسامع

جلوس وقعود

متكلم ولسن

كف ويد

قدّ وقطع

٢ ـ اذكر ثلاثة أمثلة لكل من المتخالفة والمتماثلة.

٣ ـ بين أنواع التقابل في الأمثلة الآتية

الخير والشر.

النور والظلمة

الحركة والسكون

الظلم والعدل.

الملتحي والأمرد

المنتعل والحافي

الصباح والمساء.

الدال والمدلول

التصور والتصديق

العلم والجهل

القيام والقعود.

العالم والمعلوم

٤٨

المفرد والمركب

ينقسم اللفظ مطلقاً (غير معتبر فيه أن يكون واحداً أو متعدداً) إلى قسمين :

أ ـ (المفرد) ويقصد المنطقيون به :

(أولاً) اللفظ الذي لا جزء له ، مثل الباء من قولك : كتبت بالقلم ، و(ق) فعل أمر من وقى يقي.

(ثانياً) اللفظ الذي له جزء إلا أن جزء اللفظ لا يدل على جزء المعنى حين هو جزء له ، مثل : محمد. علي. قرأ. عبد الله. عبد الحسين. وهذان الأخيران إذا كانا اسمين لشخصين فأنت لا تقصد بجزء اللفظ (عبد) و (الله) و (الحسين) معنى أصلاً ، حينما تجعل مجموع الجزئين دالاً على ذات الشخص. وما مثل هذا الجزء إلا كحرف (م) من محمد وحرف (ق) من قرأ.

نعم في موضع آخر قد تقول (عبد الله) وتعني بعبد معناه المضاف إلى الله تعالى كما تقول (محمد عبد الله ورسوله). وحينئذ يكون نعتاً لا اسماً ومركباً لا مفرداً. أما لو قلت (محمد بن عبد الله) فعبد الله مفرد هو اسم أب محمد.

أما النحويون فعندهم مثل (عبد الله) إذا كان اسماً لشخص مركب لا مفرد ، لأن الجهة المعتبرة لهم في هذه التسمية تختلف عن الجهة المعتبرة عند المناطقة. إذ النحوي ينظر إلى الإعراب والبناء ، فما كان له إعراب أو بناء واحد فهو مفرد وإلا فمركب كعبد الله علماً فإن (عبد الله) له إعراب و(الله) له إعراب. أما المنطقي فإنما ينظر المعنى فقط.

إذن المفرد عند المنطقي هو :

٤٩

«اللفظ الذي ليس له جزء يدل (١) على جزء معناه حين هو جزء».

ب ـ (المركب) ويسمى القول ، وهو اللفظ الذي له جزء يدل على جزء معناه حين هو جزء مثل (الخمر مضر) ، الجزءان : (الخمر) ، و (مضر) يدل كل منهما على جزء معنى المركب. ومنه (الغيبة جهد العاجز) فالمجموع مركب و(جهد العاجز) مركب أيضا. ومنه (شر الإخوان من تكلف له) فالمجموع مركب ، و(شر الإخوان) مركب أيضاً ، و (من تكلف له) مركب أيضاً ...

أقسام المركب

المركب : تام وناقص.

التام : خبر وإنشاء.

أ ـ التام والناقص

١ ـ بعض المركبات للمتكلم أن يكتفي في إفادة السامع ، والسامع لا ينتظر منه إضافة لفظ آخر لإتمام فائدته. مثل الصبر شجاعة. قيمة كل امرئ ما يحسنه. إذا علمت فاعمل ـ فهذا هو (المركب التام). ويعرَّف بأنه : «ما يصح للمتكلم السكوت عليه».

٢ ـ أما إذا قال : (قيمة كل امرئ ...) وسكت ، أو قال : (إذا علمت ...) بغير جواب للشرط ، فإن السامع يبقى منتظراً ويجده ناقصاً ، حتى يتم كلامه. فمثل هذا

يسمى (المركب الناقص). ويعرف بأنه : (ما لا يصح السكوت عليه).

ب ـ الخبر والإنشاء

كل مركب تام له نسبة قائمة بين أجزائه تسمى النسبة التامة أيضاً ، وهذه النسبة :

١ ـ قد تكون لها حقيقة ثابتة في ذاتها ، مع غض النظر عن اللفظ وإنما يكون

__________________

(١) ليتنبه الاساتذة انا لم نأخذ في الدلالة قيد القصد كما صنع بعضهم ، لانا نعتقد أن الدلالة لاتحصل بغير القصد. وتعريفنا للدلالة فيما مضى كفيل بالبرهان على ذلك. فمثل (الحيوان الناطق) لو جعل علما لاحد افراد الانسان لايدل جزؤه على جزء معناه. وهو مثل (عبدالله) لا فرق بينهما.

٥٠

لفظ المركب حاكياً وكاشفاً عنها. مثلما إذا وقع حادث أو يقع فيما يأتي ، فأخبرت عنه ، كمطر السماء ، فقلت : مطرت السماء ، أو تمطر غداً. فهذا يسمى (الخبر) ويسمى أيضاً (القضية) و(القول). ولا يجب في الخبر أن يكون مطابقاً للنسبة الواقعة : فقد يطابقها فيكون صادقاً ، وقد لا يطابقها فيكون كاذباً.

إذن الخبر هو : «المركب التام الذي يصح أن نصفه بالصدق أو الكذب». والخبر هو الذي يهم المنطقي أن يبحث عنه ، وهو متعلق التصديق.

٢ ـ وقد لا تكون للنسبة التامة حقيقة ثابتة بغض النظر عن اللفظ ، وإنما اللفظ هو الذي يحقق النسبة ويوجدها بقصد المتكلم ، وبعبارة أصرح أن المتكلم يوجد المعنى بلفظ المركب ، فليس وراء الكلام نسبة ، لها حقيقة ثابتة يطابقها الكلام تارة ولا يطابقها أخرى. ويسمى هذا المركب (الإنشاء). ومن أمثلته :

١ ـ (الأمر) نحو : احفظ الدرس.

٢ ـ (النهي) نحو : لا تجالس دعاة السوء.

٣ ـ (الاستفهام) نحو : هل المريخ مسكون؟

٤ ـ (النداء) نحو : يا محمد!

٥ ـ (التمني) نحو : لو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين!

٦ ـ (التعجب) نحو : ما أعظم خطر الإنسان!

٧ ـ (العقد) كإنشاء عقد البيع والإجارة والنكاح ونحوها نحو بعت وآجرت وأنكحت.

٨ ـ (الإيقاع) : كصيغة الطلاق والعتق والوقف ونحوها نحو فلانة طالق. وعبدي حر.

وهذه المركبات كلها ليس لمعانيها حقائق ثابتة في أنفسها ـ بغض النظر عن اللفظ ـ تحكي عنها فتطابقها أو لا تطابقها ، وإنما معانيها تنشأ وتوجد باللفظ ، فلا

__________________

(١) ستأتي اضافة كلمة (لذاته) في تعريف الخبر والانشاء في بحث القضايا ، فراجع.

٥١

يصح وصفها بالصدق والكذب.

فالإنشاء هو : «المركب التام الذي لا يصح أن نصفه بصدق وكذب».

أقسام المفرد

المفرد : كلمة ، اسم ، أداة.

١ ـ (الكلمة) وهي الفعل باصطلاح النحاة. مثل : كتب. يكتب. اكتب. فإذا لاحظنا هذه الأفعال أو الكلمات الثلاث نجدها :

(أولاً) تشترك في مادة لفظية واحدة محفوظة في الجميع هي (الكاف فالتاء فالباء). وتشترك أيضاً في معنى واحد هو معنى الكتابة ، وهو معنى مستقل في نفسه.

و(ثانياً) تفترق في هيئاتها اللفظية ، فإن لكل منها هيئة تخصها. وتفترق أيضاً في دلالتها على نسبة تامة زمانية تختلف باختلافها ، وهي نسبة ذلك المعنى المستقل المشترك فيها إلى فاعل ما ، غير معين في زمان معين من الأزمنة : فكتب تدل على نسبة الحدث (وهو المعنى المشترك) إلى فاعل ما ، واقعة في زمان مضى. ويكتب على نسبة تجدد الوقوع في الحال أو في الاستقبال إلى فاعلها. واكتب على نسبة طلب الكتابة في الحال من فاعل ما.

ومن هذا البيان نستطيع أن نستنتج أن المادة التي تشترك فيها الكلمات الثلاث تدل على المعنى الذي تشترك فيه ، وأن الهيئة التي تفترق فيها وتختلف تدل على المعنى الذي تفترق فيه ويختلف فيها.

وعليه يصح تعريف الكلمة بأنها : «اللفظ المفرد الدال بمادته على معنى مستقل في نفسه وبهيئته على نسبة ذلك المعنى إلى فاعل لا بعينه نسبة تامة زمانية».

وبقولنا : نسبة تامة تخرج الأسماء المشتقة كاسم الفاعل والمفعول والزمان والمكان ، فإنها تدل بمادتها على المعنى المستقل وبهيئاتها على نسبة إلى شيء لا بعينه في زمان ما ، ولكن النسبة فيها ناقصة لا تامة.

٢ ـ (الاسم) : وهو اللفظ المفرد الدال على معنى مستقل في نفسه غير مشتمل

٥٢

على هيئة تدل على نسبة تامة زمانية. مثل : محمد. إنسان. كاتب. سؤال. نعم قد يشتمل على هيئة تدل على نسبة ناقصة كأسماء الفاعل والمفعول والزمان ونحوها كما تقدم ، لأنها تدل على ذات لها هذه المادة.

٣ ـ (الأداة) وهي الحرف باصطلاح النحاة. وهو يدل على نسبة بين طرفين. مثل : (في) الدالة على النسبة الظرفية. و(على) الدالة على النسبة الاستعلائية. و(هل) الدالة على النسبة الاستفهامية. والنسبة دائماً غير مستقلة في نفسها ، لأنها لا تتحقق إلا بطرفيها.

فالأداة تعرف بأنها : (اللفظ المفرد الدال على معنى غير مستقل في نفسه).

(ملاحظة) ـ الأفعال الناقصة مثل كان وأخواتها في عرف المنطقيين ـ على التحقيق ـ تدخل في الأدوات ، لأنها لا تدل على معنى مستقل في نفسها لتجردها عن الدلالة على الحدث ، بل إنما تدل على النسبة الزمانية فقط. فلذلك تحتاج إلى جزء يدل على الحدث ، نحو (كان محمد قائماً) فكلمة قائم هي التي تدل عليه. وفي عرف النحاة معدودة من الأفعال وبعض المناطقة يسميها (الكلمات الوجودية).

الخلاصة :

٥٣

تمرينات

١ ـ ميز الألفاظ المفردة والمركبة مما يأتي :

مكة المكرمة

 تأبط شراً

 صردر

جعفر الصادق

امرؤ القيس

منتدى النشر

ملك العراق

أبو طالب

النجف الأشرف

هنيئاً

ديك الجن

صبرا

٢ ـ ميز المركبات التامة والناقصة والخبر والإنشاء مما يأتي :

الله اكبر

نجمة القطب

يا الله

صباح الخير

السلام عليكم

ماء الفرات

غير المغضوب عليهم

لا إله إلا الله

زر غبا تزدد حباً

سبحان ربي العظيم وبحمده

شاعر وناظم

٣ ـ اذكر كم هي الإنشاءات والأخبار في سورة القدر.

٤ ـ إن اللفظ المحذوف دائماً يعتبر كالموجود ، فقولنا في العنوان : (تمرينات) أتعده مفرداً أم مركباً. ولو كان مركباً فماذا تظن : أهو ناقص أم تام.

٥ ـ تأمل هل يمكن أن يقع تقابل التضاد بين (الأدوات) ولماذا؟

٥٤

الباب الثاني

مباحث الکلي

٥٥
٥٦

الکلي والجزئي

يدرک الانسان مفهوم الموجودات التي يحسّ بها ، مثل : محمد. هذا الکتاب. هذا القلم. هذه الوردة. بغداد. النجف ... واذا تأملها يجد کل واحد منها لا ينطبق على فرد آخر ، ولا يصدق الا على ذلک الموجود وحده. وهذا هو المفهوم (الجزئي). ويصح تعريفه بأنّه : «المفهوم الذي يمتنع صدقه على أکثر من واحد».

ثم ان الانسان اذا رأى جزئيات متعددة ، وقاس بعضها الى بعض ، فوجدها تشترک في صفة واحدة انتزع منها صورة مفهوم شامل ينطبق على کل واحد منها. وهذا المفهوم الشامل أو (الصورة المنتزعة) هو المفهوم (الکلي). ويصح تعريفه بأنه «المفهوم الذي لا يمتنع صدقه على اکثر من واحد».

مثل مفهوم : انسان. حيوان. معدن. ابيض. تفاحة. حجر. عالم. جاهل. جالس في الدار. معترف بذنبه.

تکملة تعريف الجزئي والکلي

لا يجب أن تکون أفراد الکلي موجودة فعلاً : فقد يتصور العقل مفهوماً کلياً صالحاً للانطباق على اکثر من واحد من دون ان ينتزعه من جزئيات موجودة بالفعل ، وانما يفرض له جزئيات يصح صدقه عليها ، بل قد يمتنع وجود حتي فرد واحد له مثل مفهوم «شريک الباري» ، ومفهوم «اجتماع النقيضين». ولا يضر ذلک في کليته.

وقد لا يوجد له الا فرد واحد ويمتنع وجود غيره ، مثل مفهوم «واجب الوجود» ، لقيام البرهان على ذلک ، ولکن العقل لايمنع من فرض أفراد لو وجدت لصدق عليها هذا المفهوم. ولو کان مفهوم «واجب الوجود» جزئياً ، لما کانت حاجة الى البرهان على التوحيد ، وکفي نفس تصور مفهومه لنفي وقوع الشرکة فيه. وعليه فهذا الانحصار في فرد واحد انما جاء من قبل أمر خارج عن نفس المفهوم ، لا أن نفس المفهوم يمتنع صدقه على أفراد کثيرة.

٥٧

اذن ، بمقتضي هذا البيان لا بد من اضافة قيد (ولو بالفرض) في تعريفي الجزئي والکلي ، فالجزئي : «مفهوم يمتنع صدقه على کثير ولو بالفرض» ، والکلي : «لا يمتنع ... ولو بالفرض».

(تنبيه) مداليل الادوات کلها مفاهايم جزئية ، والکلمات أي (الافعال) بهيئاتها تدل على مفاهيم جزئية ، وبموادها على مفاهيم کلية. أما الاسماء فمداليلها تختلف ، فقد تكون كلية كأسماء الأجناس ، وقد تكون جزئية كأسماء الاعلام وأسماء الاشارة والضمائر ونحوها.

الجزئي الاضافي

الجزئي الذي تقدم البحث عنه يسمي (الجزئي الحقيقي). وهنا اصطلاح آخر للجزئي يقال له (الجزئي الاضافي) ، لاضافته الى ما فوقه ، ومع ذلک قد يکون کلياً اذا کان أضيق دائرة من کلي آخر أوسع منه.

توضيحه : انک تجد أن (الخط المستقيم) مفهوم كلي منتزع من عدة أفراد كثيرة ، وتجد أن (الخط المنحني) أيضاً مفهوم کلي منتزع من مجموعة افراد اخرى فاذا ضممنا احدى المجموعتين الى الاخرى وألغينا ما بينهما من الفروق ننتزع مفهوماً کلياً أکثر سعة من المفهومين الاولين يصدق على جميع أفرادهما ، وهو مفهوم (الخط). فهذا المفهوم الثالث الکبير نسبته الى المفهومين الصغيرين ، کنسبة کل منهما الى أفراد نفسه ، فکما کان الفرد من الصغير بالاضافة الى الصغير نفسه جزئياً ، فالکلي الصغير أيضاً بالاضافة الى الکلي الکبير کالجزئي من جهة النسبة ، فيسمي (جزئياً اضافياً) لا بالحقيقة لانه في نفسه کلي حقيقة.

وکذا الجزئي الحقيقي من جهة اضافته الى الکلي الذي فوقه يسمي (جزئيا اضافياً).

وهکذا کل مفهوم بالاضافة الى مفهوم أوسع منه دائرة يسمي (جزئياً اضافياً) ، فزي مثلا جزئي حقيقي في نفسه وجزئي اضافي بالقياس الى الحيوان ، وکذا الحيوان بالقياس الى الجسم النامي ، والجسم النامي بالقياس الى مطلق الجسم.

٥٨

اذن يمکن تعريف الجزئي الاضافي بأنه (الاخص من شيء) او «المفهوم المضاف الى ما هو اوسع منه دائرة».

* * *

المتواطئ والمشكك

ينقسم الکلي الى المتواطيء والمشکک ، لأنه :

أولاً : اذا لا حظت کلياً مثل الانسان والحيوان والذهب والفضة ، وطبقته على أفراده ، فانک لا تجد تفاوتاً بين الافراد في نفس صدق المفهوم عليها : فزيد وعمر وخالد الى آخر افراد الانسان من ناحية الانسانية سواء ، من دون أن تکون انسانية احدهم أولى من انسانية الآخر ولا اشد ولا اکثر ، ولا أي تفاوت آخر في هذه الناحية. واذا کانوا متفاوتين ففي نواحٍ أخرى غير الانسانية ، کالتفاوت بالطول واللون والقوة والصحة والاخلاص وحسن التفکير ... وما الى ذلک.

وکذا أفراد الحيوان والذهب ، ونحوهما ، ومثل هذا الکلي المتوافقة أفراده في مفهومه يسمي (الکلي المتواطيء) أي المتوافقة افراده فيه ، والتواطؤ : هو التوافق والتساوي.

ثانياً : اذا لا حظت کلياً مثل مفهوم البياض والعدد والوجود ، وطبقته على أفراده ، تجد على العکس من النوع السابق ، تفاوتاً بين الافراد في صدق المفهوم عليها ، بالاشتداد أو الکثرة أو الاولوية أو التقدم. فنري بياض الثلج أشد بياضاً من بياض القرطاس ، وکل منهما بياض وعدد الالف أکثر من عدد المائة ، وکل منهما عدد. ووجود الخالق أولى من وجود المخلوق ، ووجود العلة متقدم على وجود المعلول بنفس وجوده لا بشيء آخر ، وکل منهما وجود.

وهکذا الکلي المتفاوتة افراده في صدق مفهومه عليها يسمي (الکلي المشکک) والتفاوت يسمي (تشکيکاً).

٥٩

تمرينات

١ ـ عينَّ الجزئي والکلي من مفاهيم الاسماء الموجودة في الابيات التالية :

أ ـ ما کل ما يتمنى المرء يدرکه

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

ب ـ هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

ج ـ نحن بما عندنا وانت بما

عندک راض والرأي مختلف

٢ ـ بينّ ما اذا کانت الشمس والقمر والعنقاء والغول والثريا والجدي والارض من الجزئيات الحقيقة أو من الکليات واذکر السبب.

٣ ـ اذا قلت لصديق (ناولني الکتاب) وکان في يده کتاب ما ، فما المفهوم من الکتاب هنا جزئي أم کلي؟

٤ ـ اذا قلت لکتبي : (بعني کتاب القاموس) ، فما مدلول کلمة القاموس ، جزئي أم کلي؟

٥ ـ اذا قال البائع : (بعتک حقة من هذه الصبرة من الطعام) فما المبيع جزئي أم کلي؟

٦ ـ عين المتواطيء والمشکک من الکليات التالية :

العلم. الکتاب. القلم. العدل. السواد. النبات. الماء. النور. الحياة. القدرة. الجمال. المعدن.

٧ ـ اذکر خمسة امثلة للجزئي الاضافي ، واختر ثلاثة منها من التمرين السابق.

٦٠