المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٥

البرهان :

اذا صدقت

کل م ب

صدقت

ع ب م

(العکس المستوي)

فنضم العکس الى کبري الأصل ليکون

ع ب م

وکل م حـ

(ثالث الأول)

ع ب حـ

(المطلوب)

ولا ينتج کلية لجواز أن يکون ب أعم من حـ ولو من وجه کالمثال.

(الثاني) من کليتين والکبري سالبة ينتج سالبة جزئية.

مثاله :

کل ذهب معدن

ولا شيء من الذهب بفضه

... بعض المعدن ليس بفضة

ويبرهن عليه بعکس الصغري کالاول فنقول :

المفروض

کل م ب

ولا م حـ

المدعي

 ... س ب حـ

البرهان : نعکس الصغري فتکون (ع ب م) فنضمها الى الکبري فيحدث :

ع ب م

ولا م حـ

(رابع الاول)

 ...

س ب حـ

(المطلوب)

 (الثالث) من موجبتين والصغري جزئية ينتج موجبة جزئية.

مثاله :

بعض الطائر أبيض

وکل طائر حيوان

... بعض الابيض حيوان

البرهان : بعکس الصغري کالاول فنقول :

المفروض

ع م ب

وکل م حـ

المدعي

 ...

ع ب حـ

٢٢١

البرهان : نعکس الصغري الى (ع ب م) ونضمها الى الکبري فيحدث :

ع ب م

وکل م حـ

(ثالث الاول)

ع ب حـ

(المطلوب)

 (الرابع) من موجبتين والکبري جزئية ينتج موجبة جزئية

مثاله :

کل طائر حيوان

بعض الطائر أبيض

بعض الحيوان أبيض

ويبرهن عليه بعکس الکبري ثم جعلها صغري وصغري الاصل کبري لها ثم بعکس النتيجة فنقول :

المفروض کل م ب وع م حـ

المدعي ... ع ب حـ

البرهان :

: نعکس الکبري الى (ع حـ م) ونجعلها صغري لصغري الاصل فيحدث

ع حـ م کل م ب (ثالث الاول)

ع حـ ب

وينعکس بالعکس المستوي الى ع ب حـ (المطلوب)

(الخامس) من موجبة کلية وسالبة جزئية ينتج سالبة جزئية

مثاله :

کل حيوان حساس

وبعض الحيوان ليس بانسان

... بعض الحساس ليس بانسان

ولا يبرهن عليه بطريق العکس لان السالبة الجزئية لاتنعکس والموجبة الکلية تنعکس الى جزئية ولا قياس بين جزئيتين. فلذلک يبرهن عليه بالخلف فنقول :

٢٢٢

المفروض

کل م ب

وس م حـ

المدعي

س ب حـ

البرهان : لو لم تصدق

س ب حـ

لصدق نقيضها

کل ب حـ

نجعله کبري لصغري الاصل فيحدث :

کل م ب

وکل ب حـ

(الأول من الأول)

 ...

کل م حـ

س م حـ

وهو عين الکبري الصادقة

فيکذب نقيضها

(هذا خلف) فيجب ان يصدق س ب حـ (المطلوب)

(السادس) من موجبة جزئية وسالبة کلية ينتج سالبة جزئية

مثاله :

بعض الذهب معدن

ولا شيء من الذهب بحديد

... بعض المعدن ليس بحديد

ويبرهن عليه بعکس الصغري ثم صمه الى کبري الاصل ليکون من رابع الشکل الاول لينتج المطلوب.

المفروض

ع م ب

ولا م حـ

المدعي

 ...

س ب حـ

البرهان : نعکس الصغري الى (ع ب م) فنضمه الى الکبري ليحدث :

ع ب م

ولا م حـ

(رابع الاول)

 ...

س ب حـ

(المطلوب)

٢٢٣

تنبيهات

طريقة الخلف :

١ ـ ان کلا من ضروب الشکل الثالث يمکن اقامة البرهان عليه بطريقة الخلف. کضروب الثاني.

و(الخلف) : استدلال غير مباشر يبرهن به على کذب نقيض المطلوب. ليستدل به على صدق المطلوب. وهو في الاشکال خاصة يؤخذ نقيض النتيجة المطلوب اثباتها. فيقال لو لم تصدق لصدق نقيضها. واذ فرض صدق النقيض يضم الى احدي المقدمتين المفروض صدقها. ليتألف من النقيض وهذه المقدمة ضرب من ضروب الشکل الاول. فينتج ما يناقض المقدمة الاخري الصادقة بالفرض. هذا خلف. فلا بد أن تکذب هذه النتيجة. وکذبها لا بد أن ينشأ من کذب نقيض المطلوب. فيثبت صدق المطلوب. وقد تقدمت امثلته.

وعلي الطالب أن يجري استعماله في جميع الضروب شحذا لذهنه. وليلاحظ أية مقدمة يجب أن يختارها من القياس المفروض. ليلتئم من النقيض ومن المقدمة الضرب المنتج.

دليل الافتراض :

٢ ـ وقد يستدل بدليل (الافتراض) على انتاج بعض الضروب الذي تکون احدي مقدمتيه جزئية من هذا الشکل أو من الثاني. ولا بأس بشرحه تنويرا لافکار الطلاب. وان کانوا في غني عنه دليل العکس والخلف. وله مراحل ثلاث :

الاولي ـ (الفرض) وهو أن نفرض اسما خاصا للبعض الذي هو مورد الحکم في

القضية الجزئية فنفرضه حرف (د). لان في قولنا مثلا : (بعض الحيوان ليس بانسان) لابد أن يقصد في البعض شيء معين يصح سلب الانسان عنه. مثل فرس وقرد وطائر ونحوها. فنصطلح على هذا الشيء المعين ونسميه (د) ففي مثل القضية : (بعض م ب) يکون (د) عبارة أخري عن قولنا (بعض م).

٢٢٤

الثانية (استخراج قضيتين صادقتين بعد الفرض) فانه بعد الفرض) فانه بعد الفرض المذکور نستطيع أن نحصل على قضيتين صادقتين قطعا :

١ ـ قضية موجبة کلية موضوعها الاسم المفروض (د) ومحمولها موضوع القضية الجزئية ففي المثال المتقدم تکون (کل د م) صادقة لان (د) بعض م حسب الفرض والاعم يحمل على جميع أفراد الاخص قطعا.

٢ ـ قضية کلية : موجبة أو سالبة تبعا لکيف الجزئية موضوعها الاسم المفروض (د) ومحمولها محمول الجزئية ففي المثال تکون (کل د ب) صادقة لان (د) هو البعض الذي هو کله (ب). واذا کانت الجزئية سالبة مثل (س م ب) تکون (لا د ب) صادقة لان (د) هو البعض المسلوب عنه (ب). الثالثة (الاقترانات المنتجة للمطلوب) لانا بعد استخراج تلک القضيتين تزيد ثروة معلوماتنا فنستعملها في تألبيف اقترانات نافعة منهما ومن المقدمتين للقياس المفروض صدقهما لاستختراج النتيجة المطلوب اثبات صدقها. ولنجرب هذا الدليل بعد أن فهمنا مراحله في الاستدلال على الضرب الخامس من الشکل الثالث فنقول :

المفروض کل م ب وس م حـ (الخامس من الثالث)

المدعي ... س ب حـ

البرهان :

بالافتراض

نفرض بعض م (في السالبة الجزئية س م حـ) الذي هو ليس حـ انه (د) فنستخرج القضيتين الصادقتين :

(١) کل د م

(٢) لا د حـ

ثم نأخذ القضية رقم (١). ونجعلها صغري لصغري الاصل فيحدث :

کل د م وکل م ب (اول الشکل الاول)

... کل د ب

٢٢٥

ثم هذه النتيجة نجعلها صغري للقضية رقم (٢) فيحدث :

کل د ب ولا د حـ (ثاني الشکل الثالث)

... س ب حـ (وهو المطلوب)

ولنجربه ثانيا في الاستدلال على الضرب الرابع من الشکل الثاني فنقول : ـ

المفروض س ب م وکل حـ م

المدعي ... س ب حـ

البرهان :

بالافتراض.

نفرض (بعض ب) الذي هو ليس م انه (د) وذلک في السالبة الجزئية (س ب م) فنستخرج القضيتين الصادقيتن :

(١) کل د ب

(٢) لا د م

ثم نأخذ القضية رقم (٢) ونجعلها صغري لکبري الاصل فيحدث :

لا د م وکل حـ م (ثاني الشکل الثاني)

... لا د حـ

ثم نعکس القضية رقم (١) الي : ع ب د

ونضم هذا العکس الى النتيجة الاخيرة ونجعله صغري فيحدث :

ع ب د ولا د حـ (رابع الشکل الاول)

.... س ب حـ (وهو المطلوب)

فرأيت انا استعملنا في الاثناء العکس المستوي للقضية رقم (١) لانه لولاه لما تستطعنا أن نؤلف قياسا إلا من الشکل الثالث الذي هو متأخر عن الثاني. وکذلک نستعمل هذا العکس في دليل الافتراض على الضرب الثالث من الثاني. وعلى الطالب أن يستعمل دليل الافتراض في غير ما ذکرنا من الضروب التي تکون احدي مقدماتها جزئية لزيادة التمرين.

٢٢٦

الرد :

٣ ـ ومن البراهين على انتاج الاشکال الثلاثة عدا الاول (الرد) وهو تحويل الشکل الى الشکل الاول : اما بتبديل المقدمتين في الشکل الرابع واما بتحويل احدي المقدمتين الى عکسها المستوي ففي الشکل الثاني تعکس الکبري في بعض ضروبه القابلة للعکس وفي الثالث تعکس الصغري في بعض ضروبه القابلة للعکس کما سبق .. وفي بعض ضروبها قد نحتاج الى استعمال نقض المحمول أو عکس النقيض اذا لم نتمکن من العکس المستوي حتي نتوصل الى الشکل الاول المنتج نفس النتيجة المطلوبة.

وعلى الطالب أن يطبق ذلک بدقة على جميع ضروب الشکلين لغرض التمرين.

الشکل الرابع

وهو ما کان الاوسط فيه موضوعا في الصغري محمولا في الکبري عکس الاول فيکون وضع الاصغر والاکبر في النتيجة يخالف وضعهما في المقدمتين. ومن هنا کان هذا الشکل أبعد الجميع عن مقتضي الطبع غامض الانتاج عن الذهن.

ولذا ترکه جماعة من علماء المنطق في مؤلفاتهم واکتفوا بالثلاثة الاولي.

شروطه :

يشترط في انتاج هذا الشکل الشروط الثلاثة العامة في کل شکل التي تقدم ذکرها في القواعد العامة.

وهي : ألا يتألف من سالبتين ولا من جزئيتين ولا من سالبة صغري وجزئية کبري. ويشترط أيضا فيه شرطان خاصان به :

١ ـ ألا تکون احدي مقدماته سالبة جزئية.

٢ ـ کلية الصغري اذا کانت المقدمتان موجبتين فلو أن الصغري کانت موجبة جزئية لما جاز أن تکون الکبري موجبة بل يجب أن تکون سالبة کلية.

٢٢٧

ضروبه :

بحسب الشروط الخمسة تکون الضروب المنتجة منه خمسة فقط : لانه بالشرط الاول تسقط اربعة حاصل ضرب السالبتين في السالبتين. وبالثاني تسقط ثلاثة : الجزئيتان سواء کانتا موجبتين او مختلفتين بالايجاب والسلب. وبالثالث يسقط واحد السالبة الکلية مع الموجبة الجزئية. وبالرابع ضربان : السالبة الجزئية صغري أو کبري مع الموجبة الکلية. وبالخامس ضرب واحد : الموجبة الجزئية الصغري مع الموجبة الکلية الکبري.

فالباقي خمسة ضروب نقيم عليها البرهان :

(الضرب الاول) من موجبتين کليتين ينتج موجبة جزئية

مثاله :

کل انسان حيوان

وکل ناطق انسان

... بعض الحيوان ناطق

ويبرهن عليه بالرد بتبديل المقدمتين احداهما في مکان الاخري فيرتد الى الشکل الاول ثم نعکس النتيجة ليحصل المطلوب فيقال.

المفروض

كل م ب

و كل حـ م

ع ب حـ

البرهان : بالرد بتبديل المقدمتين فيحدث :

المفروض

کل م ب

(الاول من الاول)

 ...

کل حـ ب

وينعکس الى

ع ب حـ

(وهو المطلوب)

وانما لا ينتج هذا الضرب کلية لجواز أن يکون الاصغر أعم من الاکبر کالمثال.

(الثاني) من موجبة کلية وموجبة جزئية ينتج موجبة جزئية

٢٢٨

مثاله :

کل انسان حيوان

وبعض الولود انسان

... بعض الحيوان ولود

ويبرهن عليه بالرد بتبديل المقدمتين ثم بعکس النتيجة ولا ينتج کليا لجواز عموم الاصغر.

(الثالث) من سالبة کلية موجبة کلية ينتج سالبة کلية

مثاله :

لا شيء من الممکن بدائم

وکل محل للحوادث ممکن

... لا شيء من الدائم بمحل للحوادث

ويبرهن عليه أيضا بالرد بتبديل المقدمتين ثم بعکس النتيجة.

(الرابع) من موجبة کلية وسالبة کلية. ينتج سالبة جزئية

مثاله :

کل سائل يتبخر

ولا شيء من الحديد بسائل

... بعض ما يتبخر ليس بحديد

ولا يمکن البرهان عليه بالرد بتبديل المقدمتين لأن الشکل الاول لا ينتج من صغري سالبة. ولکن يبرهن بعکس المقدمتين وتأليف قياس الشکل الاول من العکسين. لينتج المطلوب فيقال :

المفروض

کل م ب

ولا حـ م

المدعي

 ...

س ب حـ

٢٢٩

البرهان :

نعکس المقدمتين الي :

ع ب م

لا م حـ

(رابع الاول)

 ...

س ب حـ

(وهو المطلوب)

الخامس من موجبة جزئية وسالبة کلية. ينتج سالبة جزئية

مثاله :

بعض السائل يتبخر

لا شيء من الحديد بسائل

... بعض ما يتبخر ليس بحديد

وهذا أيضا لا يبرهن عليه تبديل المقدمتين لعين السبب ويمکن أن يبرهن عليه بعکس المقدمتين کالسابق بلا فرق.

٢٣٠

تمرينات

١ ـ برهن على الضرب الثاني ثم الخامس من الشکل الرابع بدليل الافتراض.

٢ ـ برهن على الضرب الثالث ثم الرابع من الشکل الرابع بدليل الخلف.

٣ ـ برهن على الضرب الرابع من الشکل الثاني بطريقة (الرد) ولکن بأخذ منقوضة محمول کل من المقدمتين ثم أخذ العکس المستوي لمنقوضة الکبري لينتج المطلوب.

٤ ـ برهن على الضرب الخامس من الشکل الثالث بطريقة (الرد). ولکن بأخذ منقوضة محمول کل من المقدمتين ثم أخذ العکس المستوي لمنقوضة الکبري لتأليف قياس من الشکل الاول ثم عکس نتيجة هذا القياس لعکس النقيض الموافق ليحصل المطلوب.

٥ ـ برهن على الضرب الاول ثم الثاني من الشکل الثاني بطريقة (الرد) ولکن بأخذ منقوضة محمول کل من المقدمتين. وعليک الباقي من البرهان فانک ستحتاج الى استخدام العکس المستوي في کل من الضربين لتصل الى المطلوب ويتبع ذلک حسن التفاتک ومهارتک في موقع استعماله.

٦ ـ جرب أن تبرهن على الضرب الثالث من الشکل الثاني بطريقة الرد بأخذ منقوضة المحمول لکل من المقدمتين. واذا لم تتمکن من الوصول الى النتيجة فبين السر في ذلک.

٧ ـ برهن على ضربين من ضروب الثالث بطريقة الخلف واختر منها ما شئت. (يحسن بالطالب أن يضع بين يديه امثلة واقعية للضروب التي يبرهن عليها في جميع هذه التمرينات ليتضح له الامر بالمثال أکثر)

٢٣١

الاقتراني الشرطي

تعريفه وحدوده :

تعدم معني القياس الاقتراني الحملي وحدوده. ولا يختلف عنه الاقتراني الشرطي إلا من جهة اشتماله على القضية الشرطية : أما بکلا مقدمتيه أو مقدمة واحدة فلذلک تکون حدوده نفس حدود الحملي من جهة اشتماله على الاوسط والاصغر والاکبر غابة الامران الحد قد يکون المقدم أو التالي من الشرطية کما انه قد يکون الاوسط خاصة جزءاً من المقدم أو التالي وسيجيء.

فاذن يصح أن نعرفه بأنه : (الاقتراني الذي کان بعض مقدماته أوکلها من القضايا الشرطية).

أقسامه

للاقتراني الشرطي تقسيمان

١ ـ (تقسيمه من جهة مقدماته) : فقد يتألف من متصلتين أو منفصلتين أو مختلفتين بالاتصال والانفصال أو من حملية ومتصلة أو من حملية ومنفصلة. فهذه أقسام خمسة.

٢ ـ (تقسيمه باعتبار الحد الاوسط جزءاً تاما أو غير تام) : فانه لما کانت الشرطية مؤلفة من طرفين. فالاشتراک بين قضيتين تارة في جزء تام أي في جميع المقدم او التالي في کل منهما وأخري في جزء غير تام أي في بعض المقدم او التالي في کل منهما. وثالثة في جزء تام من مقدمة وجزء غير تام من أخري فهذه ثلاثة أقسام :

٢٣٢

(الأول) ما اشترکت فيه المقدمتان في جزء تام منهما نحو : کلما کان الانسان عاقلا قنع بما يکفيه.

وکلما قنع بما يکفيه استغني.

کلما کان الانسان عاقلا استغني.

(الثاني) ما اشترکت في المقدمتان في جزء غير تام منهما نحو :

اذا کان القرآن معجزة فالقرآن خالد.

واذا کان الخلود معناه البقاء فالخالد لا يتبدل.

... اذا کان القرآن معجزة فاذا کان الخلود معناه البقاء فالقرآن لا يتبدل.

فلاحظ بدقة أن التالي من الصغري (فالقرآن خالد) والتالي من الکبري (فالخالد لا يتبدل) يتألف منهما قياس اقتراني حملي من الشکل الاول ينتج (القرآن لا يتبدل). فنجعل هذه النتيجة تاليا لشرطية مقدمها مقدم الکبري ثم نجعل هذه الشرطية تاليا لشرطية مقدمها مقدم الصغري. وتکون هذه الشرطية الاخيرة هي (النتيجة) المطلوبة. وهذه هي طريقة أخذ النتيجة من هذا القسم اذا تألف من متصلتين. ونحن نکتفي بهذا المقدار من بيان هذا القسم. ولا نذکر اقسامه ولا شروطه لطول الکلام عليها ولمخالفته للطبع الجاري. (الثالث) ما اشترکت فيه المقدمتان في جزء تام من احداهما غيرتام من الاخري. وانما نتصور هذا القسم في المؤلف من الحملية والشرطية وسيأتي شرحه وشرح شروطه. أما في الشرطيات المحضة فلا بد أن نفرض احدي

الشرطيتين بسيطة والاخري مرکبة من حملية وشرطية بالاصل ليکون الحد المشترک جزءاً تاما من الاولي وغير تام من الثانية نحو :

اذا کانت النبوة من الله فاذا کان محمد نبيا فلا يترک أمته سدي.

واذا يترک أمته سدي وجب أن ينصب هاديا.

... اذا کانت النبوة من الله فاذا کان محمدا نبيا وجب أن ينصب هاديا.

٢٣٣

فلاحظ : ان تالي الصغري مع الکبري يتألف منهما قياس شرطي من القسم الاول وهو ما اشترکت فيه المقدمتان بجزء تام فينتج على نحو الشکل الاول : (اذا کان محمد نبيا وجب أن ينصب هاديا) ثم نجعل هذه النتيجة تاليا لشرطية مقدمها مقدم الصغري فتکون هذه الشرطية الجديدة هي النتيجة المطولبة. وهذه هي طريقة أخذ النتيجة من هذا القسم الثالث اذا تألف من متصلتين. ونکتفي بهذا البيان عن هذا القسم في الشرطيات المحضة للسبب المتقدم في القسم الثاني.

يبقي الکلام عن القسم الاول وهو ما اشترکت فيه المقدمتان بجزء تام منهما وعن القسم الثالث في المؤلف من حملية وشرطية. ولما کانت هذه الاقسام موافقة للطبع الجاري فنحن نتوسع في البحث عنها الى حد ما فنقول : ينقسم کما تقدم الاقتراني الشرطي الى خمسة أقسام من جهة کون المقدمتين من المتصلات او المنفصلات أو المختلفات فنجعل البحث متسلسلا حسب هذه الاقسام :

١ ـ المؤلف من المتصلات

هذا النوع اذا اشترکت مقدمتاه بجزء تام منهما يلحق بالاقتراني الحملي حذو القذة بالقذة : من جهة تأليفه للاشکال الاربعة ومن جهة شروطها في الکم والکيف ومن جهة النتائج وبيانها بالعکس والخلف والافتراض. فلا حاجة الى التفصيل والتکرار. وانما على الطالب أن يغير الحملية بالشرطية المتصلة. نعم يشترط أن يتألف من الزوميتين. وهذا شرط عام لجميع اقسام الاقترانات الشرطية المتصلة لان الاتفاقيات لا حکم لها في الإنتاج نظرا الى أن العلاقة بين حدودها ليست ذاتية وانما يتألف منها صورة قياس غير حقيقي.

٢٣٤

٢ ـ المؤلف من المنفصلات

تمهيد :

المنفصلة انما تدل على العناد بين طرفيها في الصدق والکذب فاذا اقترنت بمنفصلة أخري تشترک معها في جزء تام أو غير تام فقد لا يظهر الارتباط بين الطرفين على وجه نستطيع أن نحصل على نتيجة ثابتة لان عناد شيء لأمرين لا يستلزم العناد بينهما النفسهما ولا يستلزم عدمه. وهذا نظير ما قلناه في السالبتين في القاعدة الثانية من القواعد العامة من أن مباينة شيء لأمرين لا يستلزم تباينهما ولا عدمه فاذن لا انتاج بين منفصلتين فلا قياس مؤلف من المنفصلات. وهذا صحيح الى حد ما اذا أردنا أن نجمد على المنفصلتين على حالهما ولکن المنفصلة تستلزم متصلة فيمکن تحويلها اليها فاذا حولنا المنفصلتين

معا تألف القياس من متصلتين ينتج متصلة. واذا أردنا أن نصر على جعل النتيجة منفصلة فان المتصلة أيضا يمکن تحويلها الى منفصلة لازمة لها فنحصل على نتيجة منفصلة کما نريد. وعليه لا بد لنا اولا من معرفة تحويل المنفصلة الى متصلة لازمة لها وبالعکس قبل البحث عن هذا النوع من القياس فنقول :

تحويل المنفصلة الموجبة الى متصلة :

قد بينا في محله ان أقسام المنفصلة ثلاثة :

١ ـ (الحقيقية) وهي تستلزم اربع متصلات موافقة لها في الکم والکيف فيجوز تحويلها الى کل واحدمنها فمنها متصلتان مقدم کل واحدة منهما عين أحد الطرفين والتالي نقيض الآخر. لأن الحقيقية لما دلت على استحالة الجمع بين طرفيها فاذا تحقق احدهما فانه يستلزم انتقاء الآخر. ومنها متصلتان مقدم کل واحدة منهما نقيض أحد الطرفين والتالي عين الآخر لان الحقيقية أيضا تدل على استحالة الخلو من طرفيها فاذا ارتفع احدهما فهو يستلزم تحقق الآخر فاذا صدق قولنا :

٢٣٥

العدد اما زوج أو فرد

(قضية حقيقة)

صدقت المتصلات الأربع :

(١) اذا کان العدد زوجا فهو ليس بفرد

(٢) اذا کان العدد فردا فهو ليس بزوج

(٣) اذا لم يکن العدد زوجا فهو فرد

(٤) اذا لم يکن العدد فردا فهو زوج

٢ ـ (مانعة الجمع) وهي تستلزم المتصلتين الاوليتين اللتين مقدم کل واحدة منهما عين أحد الطرفين والتالي نقيض الاخر لأنها کالحقيقية في دلالتها على استحالة الجمع ولا تدل على استحالة الخلو فاذا صدق :

الشيء اما شجر أو حجر

(مانعة جمع)

صدقت المتصلتان :

(١) اذا کان الشيء شجرا فهو ليس بحجر

(٢) اذا کان الشيء حجرا فهو ليس بشجر

ولا تصدق المتصلتان :

(٣) اذا لم يکن الشيء شجرا فهو حجر

(٤) اذا لم يکن الشيء حجرا فهو شجر

٣ ـ (مانعة الخلو) وهي تستلزم المتصلتين الاخيرتين فقط اللتين مقدم کل واحدة منهما نقيض أحد الطرفين والتالي عين الآخر لانها کالحقيقية في دلالتها على استحالة الخلو ولا تدل على استحالة الجمع فاذا صدق :

زيد اما في الماء أو لا يغرق

(مانعة خلو)

صدقت المتصلتان :

٢٣٦

(٣) اذا لم يکن زيد في الماء فهو لا يغرق

(٤) اذا غرق زيد فهو في الماء

ولا تصدق المتصلتان الاوليان :

(١) اذا کان زيد في الماء فهو يغرق

(٢) اذا غرق زيد فهو ليس في الماء

تحويل المنفصلة السالبة الى متصلة

أما المنفصلة السالبة کلية أو جزئية فانها تحول الى متصلة سالبه جزئية : الحقيقية الى أربع على نحو الموجبة وکل من مانعتي الجمع والخلو الى اثنتين على نحو الموجبة أيضا فاذا قلنا على نحو الحقيقية :

ليس البتة اما أن يکون الاسم معربا أو مرفوعا

فانه تصدق المتصلات الاربع الآتية :

(١) قد لا يکون اذا کان الاسم معربا فهو ليس بمرفوع

(٢) قد لا يکون اذا کان الاسم مرفوعا فهو ليس بمعرب

(٣) قد لا يکون اذا لم يکن الاسم معربا فهو مرفوع

(٤) قد لا يکون اذا لم يکن الاسم مرفوعا فهو معرب

ولا تصدق بعض هذه المتصلات کليا في هذا المثال فلو جعلنا المتصلة رقم (١) مثلا کلية هکذا :

ليس البتة اذا کان الاسم معربا فهو ليس بمرفوع

فانها کاذبة لصدق نقيضها وهو :

قد يکون اذا کان الاسم معربا فهر ليس بمرفوع

وهکذا تحول مانعة الجمع والخلو السالبتان. وعلى الطالب ان يضع امثلة لهما.

٢٣٧

تحويل المتصلة الى منفصلة

والمتصلة اللزومية الموجبة تستلزم مانعة الجمع ومانعة الخلو المتفقتين

معها في الکم والکيف فيجوز تحويلها اليهما.

الاولي (مانعة الجمع) تتألف من عين المقدم ونقيض التالي لأن المقدم لما کان يستلزم التالي فهو لا يجتمع مع نقيضه قطعا والا لاجتمع النقيضان أي التالي ونقيضه فاذا صدق : کلما غرق زيد فهو في الماء صدقت دائما اما زيد قد غرق أو ليس في الماء (مانعة جمع) الثانية (مانعة الخلو) تتألف من نقيض المقدم وعين التالي بعکس الاولي لأن المقدم لما کان لا يجتمع مع نقيض التالي فلا يخلو الامر من نقيض المقدم وعين التالي والا لو خلا منهما بان يرتفعا معا (وارتفاع نقيض المقدم بالمقدم وارتفاع التالي بنقيضه) فمعناه أنه جاز اجتماع المقدم ونقيض التالي. وهذا خلف. ففي المثال المتقدم لا بد أن تصدق : دائما اما زيد لم يغرق أو في الماء (مانعة خلو) والسالبة تحمل على الموجبة في تحويلها الى مانعة الجمع ومانعة الخلو المتفقتين معها في الکم والکيف.

التأليف من المنفصلات وشروطه

بعد هذا التمهيد المتقدم نشرع في موضوع البحث فنقول : لما کان المقدم والتالي في المنفصلة لا امتياز بينهما فکذلک لا يکون بين المنفصلتين المؤلفتين امتياز بالطبع فايهما جعلتها الصغري صح لک فلا تتألف من هذا النوع الاشکال الأربعة.

ولکن لما کانت المنفصلتان يحولان الى متصلتين. فينبغي أن تراعي صورة التأليف بين المتصلتين وعلى أي شکل تکون الصورة ولا بد من مراعاة شروط

٢٣٨

ذلک الشکل الحادث ولذا قد يضطر الى جعل احدي المقدمتين بالخصوص صغري ليأتلف شکل متوفرة فيه الشروط.

أما شروط هذا النوع فللمنطقيين فيها کلام واختلاف کثير. والظاهر ان الاختلاف ناشيء من عدم مراعاة وجوب تحويل المنفصلة الى متصلة فيلاحظ أخذ النتيجة من المفصلتين رأسا فذکر بعضهم أو اکثرهم ان من جملة الشروط ايجاب المقدمتين معا والا يکونا مانعتي جمع ولا حقيقيتين. ولکن لو حولنا المنفصلتين الى متصلتين فانا نجدهما ينتجان ولو کانت احداهما سالبة أو کلاهما مانعتي جمع او حقيقيتين. غير انه يجب أن تؤلف المتصلتان على صورة قياس من أحد الاشکال الاربعة حاويا على شروط ذلک القياس کما قدمنا فمثلا لو کانت المقدمتان مانعتي جمع وجب تحويلهما الى متصلتين يؤلفان قياسا من الشکل الثالث. کما سيأتي مثاله. أما لو تألفا على غير هذا الشکل فانهما لا ينتجان لعدم توفر شروط ذلک الشکل.

وعليه فنستطيع أن نقول : لهذا النوع شرط واحد عام وهو أن يصح تحويل المنفصلتين الى متصلتين يؤلفان قياسا من أحد الاشکال الأربعة حاويا على شروط ذلک الشکل. وعلي الطالب أن يبذل جهدة لاستخراج جميع المتصلات اللازمة للمقدمتين ثم يقارن بعضها ببعض ليحصل على صورة القياس المنتج لمطلوبه.

طريقة أخذ النتيجة :

مما تقدم کله نعرف الطريقة التي يلزم اتباعها لاستخراج النتيجة في هذا النوع. ونحن حسب الفرض انما نبحث عن خصوص القسم الاول منه وهو ما اشترکت فيه المقدمتان بجزء تام منهما. فعلينا أن نتبع ما يأتي :

١ ـ نحول کلا من المنفصلتين الى جميع المتصلات التي يمکن أن تحول اليها. وقد تقدم أن الحقيقية تحول الى أربع متصلات وکلا من مانعتي الجمع والخلو الى اثنتين.

٢ ـ نقارن بين المتصلات المحولة من احدي المقدمتين وبين المتصلات المحولة من الاخري فنختار الصورة التي يتکرر فيها حد أوسط وتکون على شکل تتوفر فيه

٢٣٩

شروط. وعلى الاکثر تکون الصورة المنتجة أکثر من واحدة. ويکفينا أن نختار واحدة منها تنتج المطلوب.

٣ ـ نأخذ النتيجة متصلة ونحولها اذا شئنا الى منفصلة لازمة لها اما مانعة جمع او مانعة خلو.

فمثلا لو کان القياس مؤلنا من حقيقيتين نحول الاولي الى أربع متصلات والثانية الى أربع أيضا فيحدث من مقارنة الاربع بالاربع ست عشرة صورة. وعند فحصها نجد ثماني منها لا يتکرر فيها حد اوسط فلا يتألف منها قياس. والثماني الباقية ينتج بعضها الملازمة بين عيني الطرفين في الحقيقيتين وبعضها الآخر الملازمة بين نقيضيهما وذلک بمختلف الاشکال. وينبغي أن يختار الطالب منها ما هو أمس بمطلوبه.

ولأجل التمرين نختبر بعض الأمثلة :

لو أن حاکما جيء له بمتهم في قتل وعلى ثوبه بقعة حمراء ادعي المتهم انها حبر فأول شيء يصنعه الحاکم لأجل التوصل الى ابطال دعوي المتهم أو تأييده أن يقول :

هذه البقعة اما دم أو حبر (مانعة جمع)

وهي اما دم أو لا تزول بالغسل (مانعة خلو)

فتحول مانعة الجمع الى المتصلتين :

(١) کلما کانت البقعة دما فهي ليست بحبر.

(٢) کلما کانت حبرا فيهي ليست بدم

وتحول مانعة الخلو الى المتصلتين :

(٣) کلما لم تکن البقعة دما فلا تزول بالغسل.

(٤) کلما زالت البقعة بالغسل فهي دم.

وبمقارنة المتصلتين رقم ١ ، ٢ بالمتصلتين رقم ٣ ، ٤ تحدث أربع صور : اثنتان منها لا يتکرر فيهما حد اوسط وهما المؤلفتان من رقم ٣ ، ١ ومن رقم ٤ ، ٢.

٢٤٠