المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٥

انما يلزم منه القول الآخر لمقدمة خارجة عنه لا لذاته. مثل :

ب ـ يساوي حـ. وحـ يساوي د .. ينتج ب يساوي د

ولکن لا لذاته بل لصدق المقدمة الخارجية وهي : مساوي المساوي مساو. ولذا لا ينتج مثل قولنا : ب نصف جـ. وجـ نصف د لان نصف النصف ليس نصفا بل ربعا.

الاصطلاحات العامة في القياس

لابد اولا من بيان المصطلحات العامة عدا المصطلحات الخاصة بکل نوع التي سيرد ذکرها في مناسباتها. وهي : ـ

١ ـ (صورة القياس). ويقصد بها هيئة التأليف الواقع بين القضايا.

٢ ـ (المقدمة). وهي کل قضية تتألف منها صورة القياس. والمقدمات تسمي أيضا (مواد القياس).

٣ ـ (المطلوب). وهو : القول اللازم من القياس. ويسمي (مطلوبا) عند أخذ الذهن في تأليف المقدمات.

٤ ـ (النتيجة). وهي المطلوب عينه ولکن يسمي بها بعد تحصيله من القياس.

٥ ـ (الحدود). وهي : الاجزاء الذاتية للمقدمة. ونعني بالاجزاء الذاتية الاجزاء التي تبقي بعد تحليل القضية فاذا فککنا وحللنا الحملية مثلا الى أجزائها لا يبقي منها الا الموضوع والمحمول دون النسبة لان النسبة انما تقوم بالطرفين للربط بينهما فاذا أفرد کل منهما عن الآخر فمعناه ذهاب النسبة بينهما. وأما السور والجهة فهما من شؤون النسبة فلا بقاء لهما بعد ذهابها. وکذلک اذا حللنا الشرطية الى اجزائها لا يبقي منها الا المقدم والتالي.

فالموضوع والمحمول أو المقدم والتالي هي الاجزاء الذاتية للمقدمات. وهي (الحدود) فيها.

٢٠١

ولنوضح هذه المصطلحات بالمثال فنقول :

(١) شارب الخمر : فاسق.

(٢) وکل فاسق : ترد شهادته.

(٣) .. شارب الخمر : ترد شهادته.

فبواسطة نسبة کلمة (فاسق) الى شارب الخمر في القضية رقم (١). ونسبة ردّ الشهادة الى (کل فاسق) في القضية رقم (٢) استنبطنا النسبة بين ردّ الشهادة والشارب في القضية رقم (٣).

فکل واحدة من القضيتين (١) و (٢)

: مقدمة

وشارب الخمر وفاسق وترد شهادته

: حدود

والقضية رقم (٣)

: مطلوب ونتيجة

والتأليف بين المقدمتين

صورة القياس

ولا يخفي انا استعملنا هذه العلامة ... النقط الثلاث ووضعناها قبل النتيجة. وهي علامة هندسية تستعمل للدلالة على الانتقال الى المطلوب وتقرأ (اذن). وسنستعملها عند استعمال الحروف فيما يأتي للاختصار وللتوضيح.

٢٠٢

أقسام القياس

بحسب مادته وهيئته

قلنا ان المقدمات تسمي (مواد القياس) وهيئة التأليف بينها تسمي (صورة القياس) فالبحث عن القياس من نحوين :

(١) من جهة (مادته) بسبب اختلافها مع قطع النظر عن الصورة بأن تکون المقدمات يقينية أو ظنية او من المسلمات أو المشهورات أو الوهميات او المخيلات أو غيرها مما سيأتي في بابه. ويسمي البحث فيها (الصناعات الخمس) الذي عقدنا لأجله الباب السادس الآتي فانه ينقس القياس بالنظر الى ذلک الي : البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة.

(٢) من جهة (صورته) بسبب اختلافها مع قطع النظر عن شأن المادة. وهذا الباب معقود للبحث عنه من هذه الجهة. وهو ينقسم من هذه الجهة الى قسمين اقتراني واستثنائي باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدماته وعدمه.

(فالاول) وهو المصرح في مقدماته بالنتيجة أو بنقيضها يسمي (استثنائيا) لاشتماله على کلمة الاستثناء نحو :

(١) ان کان محمد عالما فواجب احترامه.

(٢) لکنه عالم.

(٣) .. فمحمد واجب احترامه.

فالنتيجة رقم (٣) مذکورة بعينها في المقدمة رقم (١).

(١) لو کان فلان عادلا فهو لا يعصي الله.

(٢) ولکنه قد عصي الله.

٢٠٣

(٣) ... ما کان فلان عادلا.

فالنتيجة رقم (٣) مصرح بنقيضها في المقدمة رقم (٢).

(والثاني) وهو غير المصرح في مقدماته بالنتيجة ولا بنقيضها يسمي (اقترانيا) کالمثال المتقدم في أول البحث فان النتيجة وهي «شارب الخمر ترد شهادته» غير مذکورة بهيئتها صريحا في المقدمتين ولا نقيضها مذکور وانما هي مذکورة بالقوة باعتبار وجود اجزائها الذاتية في المقدمتين أعني الحدين وهما (شارب الخمر وترد شهادته) فان کل واحد منهما مذکور في مقدمة مستقلة.

* * *

ثم الاقتراني قد يتألف من حمليات فقط فيسمي (حمليا). وقد يتألف من شرطيات فقط أو شرطية وحملية فيسمي (شرطيا) مثاله.

(١) کلما کان الماء جاريا کان معتصما.

(٢) وکلما کان معتصما کان لا ينجس بملاقاة النجاسة.

(٣) .. کلما کان الماء جاريا کان لا ينجس بملاقاة النجاسة.

فمقدمتاه شرطيتان متصلتان.

مثال ثان : (١) الاسم کلمة.

(٢) والکلمة اما مبنية أو معربة.

(٣) ... الاسم اما مبني أو معرف.

فالمقدمة رقم (١) حملية والمقدمة رقم (٢) شرطية منفصلة.

ـ ونحن نبحث اولا عن الاقترانيات الحملية ثم الشرطية ثم الاستثنائي.

٢٠٤

خلاصه التقسيم :

٢٠٥

الاقتراني الحملي

حدوده

يجب ان يشتمل القياس الاقتراني على مقدمتين لينتجا المطلوب. ويجب أيضا أن تشتمل المقدمتان على حدود ثلاثة : حد متکرر مشترک بينهما وحد يختص بالاولي وحد بالثانية. والحد المتکرر المشترک هو الذي يربط بين الحدين الآخرين ويحذف في النتيجة التي تتألف من هذين الحدين اذ يکون احدهما موضوعا لها والآخر محمولا فهو کالشمعة تفني نفسها لتضيء لغيرها.

ولنعد الى المثال المتقدم في المصطلحات العامة لتطبيق الحدود عليه فنقول :

أ ـ (فاسق) : هو المتکرر المشترک الذي أعطي الرابط بين :

ب ـ (شارب الخمر) وهو الحد المختص بالمقدمة الاولي وبين :

ج ـ (ترد شهادته) وهو الحد المختص بالمقدمة الثانية.

تنتج المقدمتان : (شارب الخمر ترد شهادته) بحذف الحد المشترک وقد سموا کل واحد من الحدود الثلاثة باسم خاص.

أ ـ (الحد الاوسط) أو (الوسط) وهو الحد المشترک لتوسطه بين رفيقيه في نسبة احدهما الى الآخر. ويسمي أيضا (الحجة) لأنه يحتج به على النسبة بين الحدين. ويسمي أيضا (الواسطة في الاثبات) لأن به يتوسط في اثبات الحکم بين الحدين. ونرمز له بحرف (م).

ب ـ (الحد الاصغر) وهو الحد الذي يکون موضوعا في النتيجة. وتسمي

__________________

(١) هذه المصطلحات الآتية تشمل الاقتراني بقسميه الحملي والشرطي. وكذا القواعد العامة الآتية.

٢٠٦

لمقدمة المشتملة عليه (صغري) سواء کان هو موضوعا فيها أم محمولا. ونرمز له بحرف (ب).

ج ـ (الحد الاکبر) وهو الذي يکون محمولا في النتيجة. وتسمي المقدمة المشتملة عليه (کبري) سواء کان هو محمولا فيها أو موضوعا. ونرمز له بحرف (حـ). والحدان معا يسميان (طرفين).

فاذا قلنا :

کل ب م

و: هنا کل م حـ

ينتج ...

کل ب حـ

بحذف المتکرر (م)

القواعد العامة للاقتراني

للقياس الاقتراني سواء کان حمليا أو شرطيا قواعد عامة اساسية يجب توفرها فيه ليکون منتجا وفيه :

١ ـ تکرر الحد الاوسط.

أي يجب أن يکون مذکورا بنفسه في الصغري والکبري من غير اختلاف والا لما کان حدا اوسط متکررا ولما وجد الارتباط بين الطرفين. وهذا بديهي.

مثلا اذا قيل : (الحائط فيه فارة. وکل فارة لها اذنان).

فانه لا ينتج. (الحائط له اذنان).

لأن الحد الذي يتخيل انه حد أوسط هنا لم يتکرر فان المحمول في الصغري (فيه فارة) والموضوع في الکبري (فارة) فقط. ولأجل أن يکون منتجا فإما أن نقول في الکبري (وکل ما فيه فارة له اذنان) ولکنها کاذبة. وأما ان نعتبر المتکرر کلمة (فارة) فقط فتکون النتيجة هکذا (الحائط فيه ما له اذنان) وهي صادقة.

مثال ثان اذا قيل : (الذهب عين. وکل عين تدمع).

فانه لا ينتج : (الذهب يدمع).

٢٠٧

لان لفظ (عين) مشترک لفظي والمراد منه في الصغري غير المراد منه في الکبري فلم يتکرر الحد الاوسط ولم يتکرر الا اللفظ فقط.

٢ ـ ايجاب احدي المقدمتين :

فلا انتاج من سالبتين لان الوسط في السالبتين لا يساعدنا على ايجاد الصلة والربط بين الاصغر والأکبر نظرا الى أن الشيء الواحد قد يکون مباينا لأمرين وهما لا تباين بينهما کالفرس المباين للانسان والناطق وقد يکون مباينا لأمرين هما متباينان في أنفسهما کالفرس المباين للانسان والطائر والانسان والطائر أيضا متباينان.

وعليه فلا نعرف حال الحدين لمجرد مباينتها للمتکرر انهما متلاقيان خارج الوسط أم متباينان فلا ينتج الايجاب ولا السلب. فاذا قلنا :

لا شيء من الانسان بفرس. لا شيء من الفرس بناطق

فانه لا ينتج السلب : (لا شيء من الانسان بناطق) لأن الطرفين متلاقيان.

ولو أبدلنا بالمقدمة الثانية قولنا :

لا شيء من الفرس بطائر

فانه لا ينتج الايجاب : (کل انسان طائر) لأن الطرفين متباينان. ويجري هذا الکلام في کل سالبتين.

٣ ـ کلية احدي المقدمتين :

فلا انتاج من مقدمتين جزئيتين لان الوسط فيهما لا يساعدنا أيضا على إيجاد الصلة بين الاصغر والاکبر لأن الجزئية لا تدل على أکثر من تلاقي طرفيها في الجملة فلا يعلم في الجزئيتين ان البعض من الوسط الذي يتلاقي به مع الاصغر هو نفس البعض الذي يتلاقي به مع الاکبر أم غيره. وکلاهما جائز. ومعني ذلک انا لا نعرف حال الطرفين الاصغر والاکبر أمتلاقيان أم متباينان فلا ينتج الايجاب ولا السلب کما نقول مثلا :

٢٠٨

أولا ـ بعض الإنسان حيوان. وبعض الحيوان فرس.

فانه لا ينتج الإيجاب : (بعض الانسان فرس). واذا أبدلنا بالمقدمة الثانية قولنا : بعض الحيوان ناطق.

فانه لا ينتج السلب : (بعض الانسان ليس بناطق).

ثانيا ـ بعض الانسان حيوان وبعض الحيوان ليس بناطق.

فانه لا ينتج السلب : (بعض الانسان ليس بناطق). واذا أبدلنا بالمقدمة الثانية قولنا : بعض الحيوان ليس بفرس

فانه لا ينتج الإيجاب : (بعض الانسان فرس). وهکذا يجري هذا الکلام في کل جزئيتين مهما کان موضع الوسط في المقدمتين موضوعا أو محمولا أو مختلفا.

٤ ـ النتيجة تتبع أخس المقدمتين :

يعني اذا کانت احدي المقدمتين سالبة کانت النتيجة سالبة لان السلب أخس من الإيجاب. واذا کانت النتيجة جزئية لان الجزئية أخس من الکلية. وهذا الشرط واضح لأن النتيجة متفرعة عن المقدمتين معا فلا يمکن أن تزيد عليهما فتکون أقوي منهما.

٥ ـ لا انتاج من سالبة صغري وجزئية کبري :

ولا بد أن تفرض الصغري کلية والا لاختل الشرط الثالث. ولابد أن تفرض الکبري موجبة والا لاختل الشرط الثاني.

فاذا تألف القياس من سالبة کلية صغري وجزئية موجبة کبري فانه لا يعلم ان الاصغر والاکبر متلاقيان أو متباينان خارج الوسط لأن السالبة الکلية تدل على تباين طرفيها أي الاصغر مع الاوسط هنا. والجزئية الموجبة تدل على تلاقي طرفيها في الجملة أي الاوسط والاکبر هنا فيجوز ان يکون الاکبر خارج الأوسط مباينا للاصغر کما کان الاوسط مباينا له ويجوز أن يکون ملاقيا له فمثلا اذا قلنا :

لا شيء من الغراب بانسان وبعض الانسان اسود

٢٠٩

فانه لا ينتج السلب : (بعض الغراب ليس بأسود) ولو ابدلنا بالمقدمة الثانية قولنا :

بعض الانسان ابيض

فانه لا ينتج الإيجاب : (بعض الغراب أبيض).

وانت هنا في المثال بالخيار في وضع الاوسط موضوعا في المقدمتين أو محمولا أو مختلفا فان الامر لا يختلف والعقم تجده کما هو في الجميع.

٢١٠

الاشکال الاربعة

قلنا : ان القياس الاقتراني لا بد له من ثلاثة حدود : اوسط واصغر وأکبر. ونضيف عليه هنا فنقول :

ان وضع الاوسط مع طرفيه في المقدمتين يختلف ففي الحملي قد يکون موضوعا فيهما او محمولا فيهما او موضوعا في الصغري ومحمولا في الکبري أو بالعکس. فهذه اربع صور. وکل واحدة من هذه الصور تسمي (شکلا). وکذا في الشرطي يکون تاليا ومقدما.

فالشکل في اصطلاحهم على هذا هو «القياس الاقتراني باعتبار کيفية وضع الاوسط من الطرفين». ولنتکلم عن کل واحد من الاشکال الاربعة في الحملي ثم نتبعه بالاقتراني الشرطي.

الشکل الاول

وهو ما کان الاوسط فيه محمولا في الصغري موضوعا في الکبري. أي يکون وضع الحدين في المقدمتين مع الاوسط بين وضع احدهما مع الآخر في النتيجة : فکما يکون الاصغر موضوعا في النتيجة يکون موضوعا في الصغري وکما يکون الاکبر محمولا في النتيجة يکون محمولا في الکبري.

ولهذا التفسير فائدة نريد أن نتوصل اليها. فانه لأجل ان الاصغر وضعه في النتيجة عين وضعه في الصغري وان الأکبر وضعه في النتيجة عين وضعه في الکبري کان هذا الشکل على مقتضي الطبع وبين الانتاج بنفسه لايجتاج الى دليل وحجة بخلاف البواقي ولذا جعدوه أول الاشکال. وبه يستدل على باقيها.

٢١١

شروطه :

لهذا الشکل شرطان :

١ ـ (ايجاب الصغري) اذا لو کانت سالبة فلا يعلم ان الحکم الواقع على الاوسط في الکبري يلاقي الاصغر في خارج الاوسط أم لا فيحتمل الأمران فلا ينتتج الايجاب ولا السلب کما نقول مثلا :

لا شيء من الحجر بنبات وکل نبات نام

فانه لا ينتج الإيجاب : (کل حجر نام). ولو ابدلنا بالصغري قولنا (لا شيء من الانسان بنبات).

فانه لا ينتج السلب : (لا شيء من الانسان بنام). أما اذا کانت الصغري موجبة فان ما يقع على الأوسط في الکبري لا بد ان يقع على ما يقع عليه الاوسط في الصغري.

٢ ـ (کلية الکبري) لأنه لو کانت جزئية لجاز أن يکون البعض من الاوسط المحکوم عليه بالاکبر غير ما حکم به على الأصغر فلا يتعدي الحکم من الأکبر الى الأصغر بتوسط الأوسط. وفي الحقيقة إن هذا الشرط راجع الى (القاعدة الاولي) لأن الاوسط في الواقع على هذا الفرض غير متکرر کما نقول مثلا :

کل ماء سائل وبعض السائل يلتهب بالنار

فانه لا ينتج (بعض الماء يلتهب بالنار) لأن المقصود بالسائل الذي حکم به على الماء خصوص الحصة منه التي تلتقي مع الماء وهي غير الحصة من السائل الذي يلتهب بالنار وهو النفط مثلا. فلم يتکرر الاوسط في المعني وان تکرر لفظا.

هذه شروطه من ناحية الکم والکيف أما من ناحية الجهة فقد قيل انه يشترط (فعلية الصغري). ولکنا أخذنا على أنفسنا ألا نبحث عن الموجهات لأن ابحاثها المطولة تضيع علينا کثيرا مما يجب أن نعلمه. وليس فيها کبير فائدة لنا.

٢١٢

ضروبه :

کل مقدمة من القياس في حد نفسها يجوز أن تکون واحدة من المحصورات الاربع فاذا اقترنت الصور الاربع في الصغري مع الاربع في الکبري. خرجت عندنا ست عشرة صورة للاقتران تحدث من ضرب اربعة في أربعة. وذلک في جميع الاشکال الاربعة.

والصورة من تأليف المقدمتين تسمي بثلاثة اسماء : (ضرب) و(اقتران) و(قرينة).

وهذه الاقترانات أو الضروب الستة عشر بعضها منتج فيسمي (قياسا). وبعضها غير منتج فيسمي (عقيما). وبحسب الشرطين في الکم والکيف لهذا الشکل الاول تکون الضروب المنتجة أربعة فقط. أما البواقي فکلها عقيمة لأن الشرط الاول تسقط به ثمانية ضروب وهي حاصل ضرب السالبتين من الصغري في الاربع من الکبري والشرط الثاني تسقط به اربعة حاصل ضرب الجزئيتين من الکبري في الموجبتين من الصغري فالباقي اربعة فقط.

وکل هذه الاربعة بينة الانتاج ينتج کل واحد منها واحدة من المحصورات الاربع فالمحصورات کلها تستخرج من أضرب هذا الشکل. ولذا سمي (کاملا) و(فاضلا). وقد رتبوا ضروبه على حسب ترتب المحصورات في نتائجه : فالاول ما ينتج الموجبة الکلية ثم ما ينتج السالبة الکلية ثم ما ينتج الموجبة الجزئية ثم ما ينتج السالبة الجزئية.

(الاول) من موجبتين کليتين ينتج موجبة کلية.

کل ب م

کل خمر مسکر

وکل م حـ

مثاله

وکل مسکر حرام

... کل ب حـ

... کل خمر حرام

٢١٣

(الثاني) من موجبة کلية وسالبة کلية ينتج سالبة کلية.

کل ب م

کل خمر مسکر

ولا م حـ

مثاله

ولا شيء من المسکر بنافع

... لا ب حـ

... لا شيء من الخمر بنافع

(الثالث) من موجبة جزئية وموجبة کلية ينتج موجبة جزئية.

ع ب م

بعض السائلين فقراء

وکل م حـ

مثاله

وکل فقير يستحق الصدقة

... ع ب حـ

... بعض السائلين يستحق الصدقة

(الرابع) من موجبة جزئية وسالبة کلية ينتج سالبة جزئية.

ع ب م بعض السائلين اغنياء

ولا م حـ مثاله ولا غني يستحق الصدقة

... س ب حـ ... بعض السائلين لايستحق الصدقة

الشکل الثاني

وهو ما کان الوسط فيه محمولا في المقدمتين معا فيکون الاصغر فيه موضوعا في الصغري والنتيجة ولکن الاکبر يختلف وضعه فانه موضوع في الکبري محمول في النتيجة. ومن هنا کان هذا الشکل بعيدا عن مقتضي الطبع غير بيّن الانتاج يحتاج الى الدليل على قياسيته. ولأجل أن الاصغر فيه متحد الوضع في النتيجة والصغري موضوعا فيهما کالشکل الاول کان أقرب الى مقتضي الطبع من باقي الاشکال الاخري لأن الموضوع أقرب الى الذهن.

شروطه :

للشکل الثاني شرطان أيضا : اختلاف المقدمتين في الکيف وکلية الکبري.

٢١٤

(الاول) الاختلاف في الکيف فاذا کانت احداهما موجبة کانت الاخري سالبة لأن هذا الشکل لا ينتج مع الاتفاق في الکيف لأن الطرفين الاصغر والاکبر قد يکونان متباينين ومع ذلک يشترکان في أن يحمل عليهما شيء واحد أو يشترکان في ان يسلب عنهما شيء آخر ثم قد يکونان متلاقيين ويشترکان ايضا في أن يحمل عليهما أو يسلب عنهما شيء واحد فلا ينتج الايجاب ولا السلب.

مثال ذلک :

الانسان والفرس متباينان ويشترکان في حمل الحيوان عليهما وسلب الحجر عنهما فنقول :

أ ـ کل انسان حيوان.

وکل فرس حيوان

ب ـ لا شيء من الانسان بحجر

ولا شيء من الفرس بحجر

والحق في النتيجة فيهما السلب. ثم الانسان والناطق أيضا يشترکان في حمل الحيوان عليهما وسلب الحجر عنهما فتبدل في المثالين بالفرس الناطق فيکون الحق في النتيجة فيهما الايجاب.

أما اذا اختلف الحکمان في الصغري والکبري على وجه لا يصح جمعهما على شيء واحد وجب أن يکون المحکوم عليه في احداهما غير المحکوم عليه في الاخري. فيتباين الطرفان الاصغر والاکبر وتکون النسبة بينهما نسبة السلب فلذا تکون النتيجة في الشکل الثاني سالبة دائما تتبع أخس المقدمتين.

(الشرط الثاني) کلية الکبري لأنه لو کانت جزئية مع الاختلاف في الکيف لم يعلم حال الاصغر والاکبر متلاقيان أم متنافيان لأن الکبري الجزئية مع الصغري الکلية اذا اختلفتا في الکيف لا تدلان إلا على المنافاة بين الاصغر وبعض الاکبر المذکور في الکبري. ولا تدلان على المنافاة بين الاصغر والبعض الآخر من الاکبر الذي لم يذکر کما لا تدلان على الملاقاة فيحصل الاختلاف.

مثال ذلک :

کل مجتر ذو ظلف

وبعض الحيوان ليس بذي ظلف

٢١٥

فانه لا ينتج السلب : (بعض المجتر ليس حيوان). ولو أبدلنا بالاکبر کلمة طائر فانه لا ينتج الايجاب : (بعض المجتر طائر).

ضروبه :

بحسب الشرطين المذکورين في هذا الشکل تکون الضروب المنتجة منه أربعة فقط لأن الشرط الاول تسقط به ثمانية حاصل ضرب السالبتين من الصغري في السالبتين من الکبري فهذه أربعة وحاصل ضرب الموجبتين في الموجبتين فهذه اربعة اخري. والشرط الثاني تسقط به أربعة وهي السالبتان في الصغري مع الموجبة الجزئية في الکبري والموجبتان في الصغري مع السالبة الجزئية في الکبري.

فالباقي أربعة ضروب منتجة کلها يبرهن عليها بتوسط الشکل الاول کما ستري :

(الضرب الاول) من موجبة کلية وسالبة کلية ينتج سالبة کلية مثاله :

کل مجتر ذو ظلف

ولا شيء من الطائر بذي ظلف

... لا شيء من المجتر بطائر

ويبرهن عليه بعکس الکبري بالعکس المستوي ثم ضم العکس الى نفس الصغري فيتألف من الضرب الثاني من الشکل الاول وينتج نفس النتيجة المطلوبة فيقال باستعما الرموز :

المفروض

کل ب م

ولا حـ م

المدعي انه ينتج

 ...لا ب حـ

(البرهان) : نعکس الکبري بالعکس المستوي الى (لا م حـ) ونضمها الى الصغري فيحدث :

کل ب م. ولا م حـ

(الضرب الثاني من الشکل الاول)

ينتج ... لا ب حـ

(وهو المطلوب)

٢١٦

(الثاني) من سالبة کلية وموجبة کلية ينتج سالبة کلية مثاله :

لا شيء من الممکنات بدائم

وکل حق دائم

... لا شيء من الممکنات بحق

يبرهن عليه بعکس الصغري ثم يجعلها کبري وکبري الأصل صغري لها ثم بعکس النتيجة فيقال :

المفروض

لا ب م

کل ح م

المدعي

... لا ب حـ

البرهان :

اذا صدقت

لا ب م

صدقت

لا م ب

(العکس المستوي)

فنضم هذا العکس الى کبري الاصل بجعله کبري لها فيکون :

کل حـ م

ولا م ب

(الضرب الثاني من الاول)

... لا حـ ب

وتنعکس الى

لا ب حـ

(وهو المطلوب)

(الثالث) من موجبة جزئية وسالبة کلية ينتج سالبة جزئية.

مثاله :

بعض المعدن ذهب

ولا شيء من الفضة بذهب

... بعض المعدن ليس بفضة

ويبرهن عليه بما برهن به على الضرب الاول فيقال :

المفروض

ع ب م

ولا حـ م

المدعي

... س ب حـ

البرهان : اذا صدقت

لا حـ م

(الکبري)

٢١٧

صدقت

لا م حـ

(العکس المستوي)

 وبعضمه الى الصغري يحدث :

ع ب م

ولا م حـ

(الضرب الرابع من الاول)

 ... س ب حـ

(وهو المطلوب)

(الرابع) من سالبة جزئية وموجبة کلية ينتج سالبة جزئية.

مثاله :

بعض الجسم ليس بمعدن

وکل ذهب معدن

... بعض الجسم ليس بذهب

ولا يبرهن عليه (بطريقة العکس) التي ذکرناها في الضروب الثلاثة لان الصغري سالبة جزئية لا تنعکس. وعکس الکبري جزئية لا يلتئم منها ومن الصغري قياس لانه لا قياس من جزئيتين. فنفزع حينئذ للبرهان عليه الى طريقة أخري تسمي (طريفة الخلف) فيقال :

المفروض

س ب م.

وکل حـ م

المدعي

 ... س ب م

البرهان :

لو لم تصدق

س ب حـ

(النتيجة)

لصدق نقيضها

کل ب حـ

 فنجعل هذا النقيض صغري لکبري الاصل فيتألف قياس من الضرب الاول

من الشکل الاول :

کل ب حـ. وکل حـ م

... کل ب م

فيکذب نقيض هذه النتيجة س ب م

__________________

(١) سيأتي في تنبيهات الشكل الثالث ان هذه الطريقة تسمى (طريقة الرد) لانه بالعكس يرد القياس الى الشكل الاول البديهي لينتج المطلوب.

٢١٨

وهو عين الصغري المفروض صدقها

وهذا خلاف الفرض

فوجب صدق

س ب حـ

(وهو المطلوب)

 تمرين

برهن على کل واحد من الضروب الثلاثة الاولي بطريقة الخلف التي برهنابها على الضرب الرابع.

الشکل الثالث

وهو ما کان الاوسط فيه موضوعا في المقدمتين معا فيکون الاکبر محمولا في الکبري والنتيجة معا ولکن الاصغر يختلف وضعه فانه محمول في الصغري موضوع في النتيجة. ومن هنا کان هذا الشکل بعيدا عن مقتضي الطبع وأبعد من الشکل الثاني. لأن الاختلاف کان في موضوع النتيجة الذي هو أقرب الى الذهن. وکان الاختلاف في الثاني في محمولها. ولأجل ان الاکبر فيه متحد الوضع في الکبري والنتيجة کالشکل الاول کان أقرب من الرابع.

شروطه :

لهذا الشکل شرطان أيضا : ايجاب الصغري وکلية احدي المقدمتين.

أما (الاول) فلانه لو کان الصغري سالبة فلا نعلم حال الاکبر المحمول على الاوسط بالسلب أو الايجاب أيلاقي الاصغر الخارج عن الاوسط أو يفارقه.

لأنه لو کانت الکبري موجبة فان الاوسط يباين الاصغر ويلاقي الاکبر. وشيء واحد قد يلاقي ويباين شيئين متلاقيين أو شيئين متباينين کالناطق يلاقي الحيوان ويباين الفرس وهما متلاقيان ويلاقي الحيوان الحيوان ويباين الشجر وهما متباينان.

ولو کانت الکبري سالبة أيضا فان الاوسط يباين الاصغر والاکبر معا. والشيء الواحد قد يباين شيئين متلاقيين وقد يباين شيئين متباينين کالذهب المباين

٢١٩

للفرس والحيوان وهما متلاقيان ويباين الشجر والحيوان وهما متباينان. فاذا قيل

أ ـ لا شيء من الناطق بفرس

وکل ناطق حيوان

فانه لا ينتج السلب. ولو وضعنا مکان فرس (شجر) فانه لا ينتج الإيجاب.

ب ـ لا شيء من الذهب بفرس

لا شيء من الذهب بحيوان.

 وأما (الثاني) وهو کلية احدي المقدمتين فلانه قد تقدم في القاعدة الثالثة من القواعد العامة للقياس انه لا ينتج من جزئيتين. وليس هنا ما يقتضي اعتبار کلية خصوص احدي المقدمتين.

ضروبه :

بحسب الشرطين المذکورين تکون الضروب المنتجة من هذا الشکل ستة فقط. لأن الشرط الأول تسقط به ثمانية ضروب کالشکل الأول. والشرط الثاني

يسقط به ضربان : الجزئيتان الموجبتان والجزئية الموجبة مع الجزئية السالبة فالباقي ستة يحتاج کل منها الى برهان. ونتائجها جميعا جزئية.

(الضرب الأول) من موجبتين کليتين ينتج موجبة جزئية.

مثاله :

کل ذهب معدن

وکل ذهب غالي الثمن

بعض المعدن غالي الثمن

ويبرهن عليه بعکس الصغري ثم ضمها الى کبري الأصل فيکون من ثالث الشکل الاول لينتج المطلوب.

المفروض

کل م ب

وکل م حـ

المدعي

ع ب حـ

٢٢٠