المنطق

الشيخ محمّد رضا المظفّر

المنطق

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المظفّر


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٥

البرهان :

لو لم تصدق

کل حَـ بَ

لصدقت

س حَـ بَ

نقيضها

فتصدق

س ب حـ

عکس نقيضها الموافق

فتکذب

کل ب حـ

نقيض العکس المذکور

وهذا خلف. أي خلف الفرض لان هذا (نقيض العکس المذکور) هو نفس الاصل المفروض صدقه.

فوجب ان تصدق

کل حَـ بَ

(وهو المطلوب)

(ثانيا) المدعي ان الموجبة الکلية تنعکس سالبة کلية بعکس النقيض المخالف أي انه اذا صدقت :

کل ب حـ

(المفروض)

صدقت

لا حَـ ب

(المطلوب)

البرهان :

لولم تصدق

لا حَـ ب

لصدقت

ع حَـ ب

نقيضها

فتصدق

ع ب حـَ

عکسها المستوي

وهذه موجبة جزئية معدولة المحمول فتحول الى سالبة جزئية محصلة المحمول وقد تقدم فيحدث أن :

س ب حـ

فتکذب

کل بَ حَـ

نقيضها

وهذا خلف لانه الاصل المفروض صدقه

فوجب ان تصدق

لا حَـ ب

(وهو المطلوب)

الموجبة الجزئية لا تنعکس

يکفينا للبرهنة على عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض الموافق

١٨١

والمخالف مطلقا أن نبرهن على عدم انعکاسها الى الجزئية. وبطريق أولي يعلم عدم انعکاسها الى الکلية لأنه تقدم ان الجزئية داخلة في الکلية فاذا کذبت الجزئية کذبت الکلية. وعليه فنقول :

(اولا) المدعي ان الموجبة الجزئية لا تنعکس الى موجبة جزئية بعکس النقيض الموافق.

فاذا صدقت

ع ب حـ

لا يلزم ان تصدق

ع حَـ بَ

البرهان :

من موارد صدق الموجبة الجزئية أن يکون بين طرفيها عموم من وجه فيکون حينئذ بين نقيضيهما نسبة التباين الجزئي الذي هو أعم من التباين الکلي والعموم من وجه فيصدق على تقديم التباين الکلي :

لا حَـ بَ

فيکذب نقيضها

ع حَـ بَ

(وهو المطلوب)

(ثانيا) المدعي ان الموجبة الجزئية لا تنعکس الى السالبة الجزئية بعکس النقيض المخالف.

فاذا صدقت

ع ب حـ

لا يلزم ان تصدق

س حَـ ب

البرهان :

قد تقدم على تقديم التباين الکلي بين نقيضي الطرفين في الموجبة الجزئية والسالبة الکلية :

لا حَـ ب

فتصدق

کل حَـ ب

لان سلب السلب ايجاب

فيکذب نقيضها

س حَـ ب

(وهو المطلوب)

ولأجل أن يتضح لک عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض تدبر هذا

١٨٢

المثال وهو (بعض اللانسان حيوان) فان هذه القضية لا تنعکس بعکس النقيض الموافق الى (بعض اللاحيوان انسان) ولا الى (کل لا حيوان انسان) لا نهما کاذبتان لأنه لا شيء من اللاحيوان بانسان.

ولا تنعکس بالمخالف الى (ليس کل لا حيوان لا انسان) ولا الى (لا شيء من اللاحيوان بلا انسان) الانهما کاذبتان أيضا لأن کل لا حيوان هو لا انسان.

١٨٣

تمرينات

١ ـ اذا کانت هذه القضية (کل عاقل لا تبطره النعمة) صادقة. فبين حکم القضايا الآتية في صدقها أو کذبها. مع بيان السبب :

أ ـ بعض العقلاء لا تبطره النعمة.

ب ـ ليس بعض العقلاء لا تبطره النعمة.

ج ـ جيمع من لا تبطرهم النعمة عقلاء.

د ـ لا شخص من العقلاء لا تبطره النعمة.

هـ ـ کل من تبطره النعمة غير عاقل.

و ـ لا شخص ممن تبطره النعمة بعاقل.

ز ـ بعض من لا تبطره النعمة عاقل.

٢ ـ اذا کانت هذه القضية (بعض المعادن ليس يذوب بالحرارة) کاذبة فاستخرج القضايا الصادقة والکاذبة التي تلزم من کذب هذه القضية.

٣ ـ استدل فخر المحققين في شرحه (الايضاح) على أن الماء يتنجس بالتغيير التقديري بالنجاسة فقال : «ان الماء مقهور بالنجاسة عند التغيير التقديري لانه کلما لم يصير الماء مقهورا لم يتغير بها على تقدير المخالفة. وينعکس النقيض الى قولنا : کلما تغير الماء على تقدير المخالفة بالنجاسة کان مقهورا».

فبين أي عکس نقيض هذا. وکيف استخراجه. ولا حظ ان القضية المستعملة هنا شرطية متصلة.

__________________

(١) نقل هذا الاستدلال صاحب المدارك في مبحث الماء. ثم اورد عليه فراجع اذا شئت.

١٨٤

من ملحقات العکوس

النقض

من المباحث التي لا تقل شأنا عن العکوس في استنباط صدق القضية من صدق أصلها مباحث (النقض) فلا بأس بالتعرض لها الحاقا لها بالعکوس فنقول :

النقض : هو تحويل القضية الى أخري لازمة لها في الصدق مع بقاء طرفي القضية على موضعهما. وهو على ثلاثة أنواع :

١ ـ أن يجعل نقيض موضوع الاولي موضوعا للثانية ونفس محمولها محمولا ويسمي هذا التحويل (نقض الموضوع) والقضية المحولة (منقوضة الموضوع).

٢ ـ أن يجعل نفس موضوع الاولي موضوعا للثانية ونقيض محمولها محمولا ويسمي التحويل (نقيض المحمول) والقضية المحولة (منقوضة المحمول).

٣ ـ أن يجعل نقيض الموضوع موضوعا ونقيض المحمول محمولا. ويسمي التحويل (النقض التام). والقضية المحولة (منقوضة الطرفين).

ولنبحث عن قاعدة کل واحد من هذه الانواع. ولنبدأ بقاعدة نقض المحمول لأنه الباب للباقي کما ستعرف السر في ذلک :

قاعدة نقض المحمول

علينا لاستخراج منقوضة المحمول صادقة على تقدير صدق أصلها ان نغير کيف القضية ونستبدل محمولها بنقيضه. مع بقاء الموضوع على حاله وبقاء الکم. ولا بد من اقامة البرهان على منقوضة محمول کل واحدة من المحصورات فنقول :

١ ـ (الموجبة الکلية) منقوضة محمولها سالبة کلية نحو کل انسان حيوان فتحول

١٨٥

بنقض محمولها الي : «لا شيء من الانسان بلا حيوان».

وللبرهان على ذلک نقول :

اذا صدقت

کل ب حـ

(المفروض)

صدقت

لا ب حَـ

(المطلوب)

البرهان :

اذا صدقت

کل ب حـ

صدقت

لا حَـ ب

عکس نقيضها المخالف

وينعکس بالعکس المستوي الى

لا ب حَـ

وهو المطلوب

٢ ـ (الموجبة الجزئية) منقوضة محمولها سالبة جزئية نحو بعض الحيوان انسان فتتحول بنقض محمولها الي : «ليس کل حيوان لا انسان أي أنه إذا صدقت :

ع ب حـ

(المفروض)

صدقت

س ب حَـ

(المطلوب)

البرهان :

لولم تصدق

س ب حَـ

لصدق نقيضها

کل ب حَـ

فتصدق

لا ب حـ

(نقض المحمول)

فيکذب نقيضها

ع ب حـ

ولکنه عن الاصل فهو خلاف الفرض.

فيجب ان يصدق

س ب حَـ

(وهو المطلوب)

٣ ـ (السالبة الکلية) منقوضة محمولها موجبة کلية نحو لا شيء من الماء بجامد فتتحول بنقض محمولها الي : «کل ماء غير جامد».

أي انه اذا صدقت : ـ

لا ب حـ

(المفروض)

صدقت

کل ب حَـ

(المطلوب)

١٨٦

البرهان :

لو لم تصدق

کل ب حَـ

لصدق نقيضها

س ب حَـ

فتصدق

ع ب حـ

لأن سلب السلب ايجاب

فيکذب نقيضها

لا ب حـ

ولکنه عين الاصل فهو خلاف الفرض.

فيجب ان يصدق

کل ب حَـ

(وهو المطلوب)

٤ ـ (السالبة الجزئية) منقوضة محمولها موجبة جزئية نحو ليس کل معدن

ذهبا فتتحول بنقض محمولها الي : «بعض المعدن غير ذهب». أي انه اذا صدقت :

س ب حـ

(المفروض)

صدقت

ع ب حَـ

(المطلوب)

البرهان :

اذا صدقت

س ب حـ

(الاصل)

صدقت

ع حَـ ب

(عکس النقيض المخالف)

وينعکس بالعکس المستوي الى

ع ب حَـ

وهو المطلوب

تنبيهان

طريقة تحويل الاصل

(التنبيه الاول) الطريق التي اتبعناها في البرهان على منقوضة محمول الموجبة الکلية والسالبة الجزئية طريق جديدة في البرهان ينبغي أن نسميها الآن (طريقة تحويل الاصل) قبل مجيء بحث القياس فتدخل في أحد أقسامه کالطريق السابقة التي سميناها : (طريقة البرهان على کذب النقيض).

وقد رأيت أننا في هذه الطريقة (طريقة تحويل الاصل) أجرينا التحويلات التي

__________________

(١) وهو قياس المساواة لان منقوضة المحمول لازمة لعكس نقيض الاصل لانها عكسه المستوي وعكس النقيض لازم للاصل ولازم اللازم لازم.

١٨٧

سبقت معرفتنا لها على الاصل ثم على المحول من الاصل تباعا حتي انتهينا الى المطلوب : فقد رأيت في الموجبة الکلية أنا حولنا الاصل الى عکس النقيض المخالف فيصدق على تقدير صدق أصله ثم حولنا هذا العکس الى العکس المستوي فخرج لنا نفس المطلوب اعني (منقوضة المحمول) فيصدق التحويل الثاني على تقدير صدق عکس نقيض الاصل (تحويل الاول) الصادق على تقدير صدق الاصل فيصدق التحويل الثاني على تقدير صدق الاصل وهذا هو المقصود اثباته فتوصلنا الى المطلوب بأخصر طريق.

وسنتبع هذه الطريق السهلة فيما يأتي لنقض الموضوع والنقض التام ويمکن اجراؤها أيضا في البرهان على عکوس النقيض باستخدام منقوضة المحمول. وعلى الطالب أن يستعمل الحذق وينتبه الى أنه أي التحويلات ينبغي استخدامه حتي يتوصل الى مطلوبه.

تحويل معدولة المحمول

(التنبيه الثاني) وقد استعملنا في عکس النقيض ونقض المحمول طريقتين من التحويل الملازم للاصل في الصدق وفي الحقيقة هما من باب نقض المحمول ولکن لبداهتهما استدللنا بهما قبل ان يأتي البرهان على منقوضة المحمول ولذا لم نسمها بنقض المحمول وهما :

أ ـ (تحويل الموجبة المعدولة الى سالبة محصلة المحمول موافقة لها في الکم) لأن مؤداهما واحد وانما الفرق ان السلب محمول في الموجبة والحمل مسلوب في السالبة.

ب ـ تحويل السالبة المعدولة المحمول الى موجبة محصلة المحمول موافقة لها في الکم لان سلب السلب ايجاب. وهذا بديهي واضح.

١٨٨

تمرينات

١ ـ برهن على نقض محمول الموجبة الکلية بطريق البرهان على کذب النقيض.

٢ ـ برهن على نقض محمول السالبة الجزئية بطريق البرهان على کذب النقيض.

٣ ـ برهن على نقض محمول السالبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل بأخذ عکس النقيض الموافق اولا ثم استمر الى أن تستخرج منقوضة المحمول.

٤ ـ جرب هل يمکن البرهان على نقض محمول الموجبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل.

٥ ـ برهن على نقض محمول السالبة الکلية بطريقة تحويل الاصل. وانظر ماذا ستکون النتيجة وبين ما تجده.

٦ ـ برهن على عکس النقيض المخالف والموافق لکل من المحصورات. عدا الموجبة الجزئية بطريقة تحويل الاصل واستخدم لهذا الغرض قاعدتي نقض المحمول والعکس المستوي فقط.

٧ ـ جرب أن تبرهن على عکس النقيض المخالف والموافق للموجبة الجزئية بهذه الطريقة وانظر انک ستقف فلا تستطيع الوصول الى النتيجة فبين أسباب الوقوف.

١٨٩

قاعدة النقض التام ونقض الموضوع

لاستخراج (منقوضة الطرفين) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع القضية الاصلية نقيضه فنجعله موضوعا وبمحمولها نقيضه فنجعله محمولا مع تغيير الکم دون الکيف.

ولاستخراج (منقوضة الموضوع) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع القضية الاصلية نقيضه فنجعله موضوعا ونبقي المحمول على حاله مع تغيير الکم والکيف معا.

ولا ينقض بهذين النقضين الا الکليتان. ولا بد من البرهان لکل من المحصورات :

١ ـ (الموجبة الکلية) نقضها التام موجبة جزئية ونقض موضوعها سالبة جزئية نحو کل فضة معدن فنقضها التام : (بعض اللافضة هو لا معدن) ونقض موضوعها : (بعض اللافضة ليس هو معدنا).

وللبرهان على ذلک نقول :

المفروض صدق

کل ب حـ

والمدعي صدق

ع بَ حَـ

(المطلوب الاول)

وصدق

س بَ حـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

اذا صدق

کل ب حـ

صدق

کل حَـ بَ

عکس النقيض الموافق

فيصدق عکسه المستوي

ع بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

١٩٠

وتنقض محمول هذا الاخير فيحدث س بَ حـ (وهو المطلوب الثاني)

٢ ـ (السالبة الکلية) نقضها التام سالبة جزئية ونقض موضوعها موجبة جزئية نحو : لا شيء من الحديد بذهب فنقضها التام : (بعض اللاحديد ليس بلا ذهب) ونقض موضوعها : (بعض اللاحديد ذهب).

وللبرهان على ذلک نقول :

المفروض صدق

لا ب حـ

والمدعي صدق

س بَ حَـ

(المطلوب الاول)

وصدق

ع بَ حَـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

اذا صدق

لا ب حـ

صدق

لا حـ ب

العکس المستوي

فيصدق عکس نقيضه الموافق

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

وننقض محمول هذا الأخير فيحدث ع بَ حـ (وهو المطلوب الثاني)

٣ و٤ ـ (الجزئيتان) ليس لهما نقض تام ولا نقض موضوع. وللبرهنة لعي ذلک يکفي البرهان على عدم نقضهما الى الجزئية فيعلم بطريق اولي عدم نقضهما

الي الکلية کما قدمنا في عدم انعکاس الموجبة الجزئية بعکس النقيض فنقول :

(في الموجبة الجزئية) :

المفروض صدق

ع ب حـ

المدعي ال تصدق دائما

ع بَ حَـ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق دائما

س بَ حَـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

تقدم في عکس النقيض في الموجبة الجزئية ان في بعض تقاديرها تکون النسبة بين نقيضي طرفيها التباين الکلي فتصدق حينئذ السالبة الکلية :

١٩١

لا بَ حَ

فيکذب نقيضها

ع بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

وتصدق أيضا منقوضة محمول هذه السالبة الکلية

کل بَ حـ

فيکذب نقيضها

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الثاني)

(وفي السالبة الجزئية) :

المفروض صدق

س ب حـ

والمدعي لا تصدق دائما

س بَ حَـ

(المطلوب الاول)

ولا تصدق دائما

ع بَ حـ

(المطلوب الثاني)

البرهان :

في السالبة الجزئية قد يکون الموضوع أعم من المحمول مطلقا نحو بعض الحيوان ليس بانسان ولما کان :

(اولا) نقيض الاعم اخص من نقيض الاخص مطلقا. فتصدق اذن الموجبة الکلية :

کل بَ حَـ

فيکذب نقيضها

س بَ حَـ

(وهو المطلوب الاول)

و(ثانيا) نقيض الاعم يباين عين الاخص تباينا کليا فتصدق اذن السالبة الکلية :

لا بَ حـ

فيکذب نقيضها

ع بَ حـ

(وهو المطلوب الثاني)

١٩٢

لوح نسب المحصورات

الاصل

النقيض

العکس المستوي

عکس النقيض الموافق

عکس النقيض المخالف

نقض المحمول

نقض الطرفين

نقض الموضوع

کل ب حـ

س ب حـ

ع حـ ب

کل حَـ بَ

لا حَـ ب

لا ب حـ

ع بَ حـ

س بَ حـ

ع ب حـ

لاب حـ

ع حـ ب

س ب حَـ

لا ب حـ

ع ب حـ

لا حـ ب

س حَـ بَ

ع حَـ ب

کل ب حَـ

س بَ حَـ

ع بَ حـ

س ب حـ

کل ب حـ

س حَـ بَ

ع حَـ ب

ع ب حَـ

١٩٣

البديهة المنطقية

أو

الاستدلال المباشر البديهي

جميع ما تقدم من احکام القضايا (النقيض والعکوس والنقض) هي من نوع الاستدلال المباشر بالنسبة الى القضية المحولة عن الاصل أي النقيض والعکس والنقض لأنه يستدل في النقض من صدق احدي القضيتين على کذب الاخري وبالعکس ويستدل في الباقي من صدق الاصل على صدق ما حول اليه عکسا أو نقضا أو من کذب العکس والنقض على کذب الاصل.

وسميناه مباشرا لأن انتقال اذهن الى المطلوب أعني کذب القضية أو صدقها انما يحصل من قضية واحدة معلومة فقط بلا توسط قضية أخري.

وقد تقدم البرهان على کل نوع من أنواع الاستدلال المباشر. وبقي نوع آخر منه بديهي لا يحتاج الى أکثر من بيانه. وقد يسمي (البديهية المنطقية) فنقول :

من البديهيات في العلوم الرياضية انه اذا أضفت شيئا واحداً الى کل من الشيئين المتساويين فان نسبة التساوي لا تتغير فلو کان :

ب = حـ

وأضفت الى کل منهما عددا معينا مثل عدد (٤) لکان :

ب + ٤ = حـ + ٤

وکذلک اذا طرحت من کل منهما عددا معينا أو ضربتهما فيه أو قسمتهما عليه کعدد ٤ فان نسبة التساوي لا تتغير فيکون :

ب ـ ٤ = حـ ـ ٤

وب * ٤ = حـ * ٤

١٩٤

و ب = حـ

وکذا لا تتغير النسبة لو کان ب أکبر من حـ أو أصغر منه فانه يکون

ب + ٤ اکبر من حـ + ٤ او اصغر منه

و ب ـ ٤ اکبر من حـ ـ ٤ أو اصغر منه وهکذا

ونظير ذلک نقول في القضية فانه لو صح أن تزيد کلمة على موضوع القضية ونفس الکلمة على محمولها فان نسبة القضية لا تتغير بمعني بقاء الکم والکيف والصدق. فاذا صدق : کل انسان حيوان واضفت کلمة (رأس) الى طرفيها

صدق : کل (رأس) انسان (رأس) حيوان.

أو اضفت کلمة (يجب) مثلا

صدق : کل (من يجب) انسانا (يحب) حيوانا

واذا صدق : لا شيء من الحيوان بحجر

صدق : لا شيء من الحيوان (مستلقيا) بحجر (مستلقيا)

واذا صدق : بعض المعدن ليس بذهب

صدق : بعض (قطعة) المعدن ليس (بقطعة) ذهب

وهکذا يمکن لک أن تحول کل قضية صادقة الى قضية أخري صادقة بزيادة کلمة تصح زيادتها على الموضوع والمحمول معا بغير تغيير في کم القضية وکيفها سواء کانت الکلمة مضافة أو حالا أو وصفا أو فعلا او اي شيء آخر من هذا القبيل.

١٩٥

البابُ الخامِس

الحُجّة وَهَيئة تألِيفها

أو

مَباحثُ الاسْتِدلالِ

١٩٦
١٩٧

تصدير

ان اسمي هدف للمنطقي وأقصي مقصد له (مباحث الحجة) أي مباحث المعلوم التصديقي الذي يستحدم للتوصل الى معرفة المجهول التصديقي. أما ما تقدم من الابواب فکلها في الحقيقة مقدمات لهذا المقصد حتي مباحث المعرف لان المعرف انما يبحث عنه ليستعان به على فهم مفردات القضية من الموضوع والمحمول.

و(الحجة) عندهم عبارة عما يتألف من قضايا يتجه بها الى مطلوب يستحصل بها وانما سميت (حجة) لانه يحتج بها على الخصم لاثبات المطلوب وتسمي (دليلا) لانها تدل على المطلوب وتهيئتها وتأليفها لاجل الدلالة يسمي (استدلالا).

ومما يجب التنبيه عليه قبل کل شيء : ان القضايا ليست کلها يجب أن تطلب بحجة والا لما انتهينا الى العلم بقضية أبدا بل لا بد من الانتهاء الى قضايا بديهية ليس من شأنها ان تکون مطلوبة وانما هي المباديء للمطالب وهي رأس المال للمتجر العلمي.

طريق الاستدلال او اقسام الحجة

من منا لم يحصل له العلم بوجود النار عند رؤية الدخان ومن ذا الذي لا يتوقع صوت الرعد عند مشاهدة البرق في الحساب؟ ومن ذا الذي لا يستنبط أن النوم يجم القوي وأن الحجر يبتل بوضعه في الماء وان السکينة تقطع الاجسام الطرية؟ وقد نحکم على شخص بأنه کريم لانه يشبه في بعض صفاته کريما نعرفه أو نحکم على قلم بأنه حسن لأنه يشبه قلما جربناه ... وهکذا الى آلاف من أمثال هذه الاستنتاجات تمر علينا کل يوم.

١٩٨

وفي الحقيقة ان هذه الاستنتاجات الواضحة التي لا يخلو منها ذو شعور ترجع کلها الى أنواع الحجة المعروفة التي نحن بصدد بيانها ولکن على الاکثر لا يشعر المستنبط انه سلک أحد تلک الانواع وان کان من علماء المنطق. وقد تعجب لو قيل لک أن تسعة وتسعين في المائة من الناس هم منطقيون بالفطرة من حيث لا يعلمون.

ولما کان الانسان من ذلک يقع في کثير من الخطأ في أحکامه او يتعذر عليه تحصيل مطلوبه لم يستغن عن دراسة الطرق العلمية للتفکير الصحيح والاستدلال المنتج.

والطرق العلمية للاستدلال عدا طريق الاستدلال المباشر الذي تقدم البحث عنه هي ثلاثة أنواع رئيسة :

١ ـ (القياس) وهو أن يستخدم الذهن القواعد العامة المسلم بصحتها في الانتقال الى مطلوبه. وهو العمدة في الطرق.

٢ ـ (التمثيل) وهو أن ينتقل الذهن من حکم أحد الشيئين الى الحکم على الآخر لجهة مشترکة بينهما.

٣ ـ (الاستقراء) وهو ان يدرس الذهن عدة جزئيات قيستنبط منها حکما عاما.

١٩٩

١ ـ القياس

تعريفه

عرفوا القياس بأنه : «قول مؤلف من قضايا متي سلّمت لزم عنه لذاته قول آخر».

الشرح : ـ

١ ـ (القول) : جنس. ومعناه المرکب التام الخبري فيعم القضية الواحدة والاکثر.

٢ ـ (مؤلف من قضايا ... الى آخره) : فصل. والقضايا جمع منطقي أي ما يشمل الاثنين ويخرج بقيد القضايا الاستدلال المباشر لانه کما سبق قضية واحدة على تقدير التسليم بها تستلزم قضية أخري.

٣ ـ (متى سلّمت) : من التسليم. وفيه اشارة الى أن القياس لا يشترط فيه أن تکون قضاياه مسلمة فعلا بل شرط کونه قياسا أن يلزم منه على تقدير التسليم بقشاياه قول آخر کشأن الملازمة بين القضية وبين عکسها أو نقضها فانه على تقدير صدقها تصدق عکوسها ونقوضها. واللازم يتبع الملزوم في الصدق فقط دون الکذب کما تقدم في العکس المستوي لجواز کون لازما أعم. ومنه يعرف : أن کذب القضايا المؤلفة لا يلزم منه کذب القول اللازم لها نعم کذبه يستلزم کذبها.

٤ ـ (لزم عنه) : يخرج به الاستقراء والتمثيل لانهما وان تألفا من قضايا لا يتبعهما القول الآخر على نحو اللزوم لجواز تخلفه عنهما لانهما أکثر ما يفيدان الظن الاّ بعض الاستقراء. سيأتي.

٥ ـ (لذاته) : يخرج به قياس المساواة. کما سيأتي في محله فان قياس المساواة

٢٠٠