ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها - ج ٢

الكسندر أداموف

ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها - ج ٢

المؤلف:

الكسندر أداموف


المترجم: الدكتور هاشم صالح التكريتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار ميسلون للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٣
  الجزء ١ الجزء ٢

الواقعة بين ١٨٩١ - ١٩١٠ :

يظهر من مقارنة الارقام الواردة في هذا الجدول أن أستهلاك الاقمشة في العقد الاول من القرن العشرين قد ازداد باضطراد بحيث وصل المعدل السنوي لاستيرادها للسنوات من ١٩٠١ - ١٩١٠ إلى : ٨٠٠ و ٢٥ رزمة بعد ان كان في العقد السابق ٩٢٠ و ١٤ رزمة فقط وسبب الارتفاع الحاد الذي حصل في ١٩٠٧ هو زيادة الضريبة الكمركية العثمانية في منتصف السنة المذكورة من ٨% إلى ١١% الامر الذي دفع الكثير من التجار إلى التوسع في الشراء لزيادة احتياطياتهم بموجب التعريف القديم. اما المستوى العالي للاستيراد في السنوات التي تلت ذلك فسببه توجيه جزء من النسيج المستورد إلى طريق بغداد - كرمنشاه بدلاً من طريق بندر بوشهر الذي اصبح يفتقر إلى الامان ، بسبب اتساع السلب والنهب في جنوب فارس. وقد ادى رخص الاقمشة الاوربية إلى القضاء تدريجياً على انتاج النسيج المحلي الذي كان قد هبط بشدة اصلاً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، بل حتى عملية صبغ الاقمشة الاجنبية البيضاء التي كانت حتى الفترة الاخيرة تجري محلياً اخذت بالانقراض ، لان الرغبة فيها اصبحت اقل من استقدام «الشيت» الجاهز.

٣٤١

أ السنة ١٨٩١ ١٨٩٢ ١٨٩٣ ١٨٩٤ ١٨٩٥ ١٨٩٦ ١٨٩٧ ١٨٩٨ ١٨٩٩ ١٩٠٠ معدل السنوات العشر

رزمة ٢٣٩٤٦ ١٣٠٣٣ ١٠٣٧٠ ٢٣٨٥٨ ٢٦٧٦٠ ١٤٩٤٧ ٦٨١١ ٢١٣٤٦ ١٦٢٢٧ ١٧٧٦٠ ١٤٩٢٠

ب السنة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠ معدل السنوات العشر

رزمة ١٨٨٥٠ ٢٠١٥٢ ٢٠٦٣٧ ٢١٢٠٥ ٢٢٣٣٨ ٢٥٠٦٠ ٣٢٧٩١ ٣١٨٢٤ ٣٢٤١٨ ٣٣٣١١ ٢٥٨٠٠

٣٤٢

اما مشاركة الاقطار الاخرى في توريد النسيج فتظهر بالدرجة الاولى في جلب الاقمشة المخملية والصوفية من فرنسا والمنتجات الصوفية من النمسا والمانيا. وقد ازداد استيراد هذه الانواع جميعها في بداية القرن الحالي رغم ان استهلاكها قليلاً مايزال فقد ارتفع متوسط الاستيراد السنوي من فرنسا من ١٨٥ رزمة في نهاية القرن التاسع عشر إلى ٢١٥ رزمة للفترة من ١٩٠١ إلى ١٩١٠. اما شراء القماش النمساوي والألماني فقد ازداد في الفترة ذاتها من ٨١٥ رزمة إلى ١١٣٠ رزمة.

لقد اتبع في التعامل بين اصحاب المصانع وتجار الجملة في تجارة الاقمشة نظام الدفع نقداً على اساس وثيقة الشحن وفي حالات منفردة يجري البيع بالدَيْن لمدة يجري تحديدها بالاتفاقر بين الجهات ذات العلاقة. ويبيع تجار الجملة الاقمشة إلى تجار المفرد في اغلب الحالات بالدَيْن لمدد مختلفة ، علماً بأن اصحاب المصانع في مانجستر يخفضون قيمة البضاعة لتجار الجملة بمقدار ١٥% في حالة البيع نقداً في حين يخفض هؤلاء أي تجار الجملة قيمتها عند بيعها لتجار المفرد نقداً بما لا يزيد عن ٢% من السعر الاصلي.

اما فيما يتعلق بالهند فأنها تورد بالدرجة الاولى التوابل والغزل والشاي واكياس الجوت والنيلة إلى جانب المنتوجات القطنية التي ذكرناها. وتتركز تجارة هذه المنتوجات بكليتها في يد شركات الاهالي المحلية في البصرة وبغداد. والواردات من الهند ذات قيمة عالية إلى درجة انها تحتل حتى لو اخذت منفردة بدون الواردات من بريطانيا ، المركز الثاني وتعادل ما يقرب من نصف ما يستورد من الهند من الجدول التالي الذي يبين استيراد المواد التي ذكرناها اعلاه في العقد الاول القرن العشرين : -

٣٤٣
٣٤٤

المادة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠ معدل السنوات العشر

التوابل ١٩٨٨٠ ١٦٤٦٠ ١٤٩٠٨ ١٣٦٦٣ ١٣٥٦٠ ١٣٢٥١ ١٢٧٠٢ ١٢٨٥١ ١٢٨٦٧ ١٢٥٩١ ١٤٣٥٥

بالبالات

الغزل بالرزم ٣٠٠٣ ٢٧٦٩ ٢٨٦٥ ٣٣٥٢ ٢٤٣٩ ٢٣٤٦ ٤٠٣٨ ٤٩٢٦ ٤٧٨٨ ٥٢٧١ ٤٨٧٠

الشاي ٨٤٦٧ ١٣٣٧٦ ١٢٩٢٤ ١٣٥١٢ ١٤٥٨٣ ١٦٥٨٦ ٢٠٣٢١ ٢٢٨١٠ ١٨٠٨٧ ١٨٢٠٢ ١٧١٤٠

الجوت اكياس في ٧٩٣٧ ٧٢٣٦ ٨٣٠٤ ٩٦٨٨ ١٢٢٥٨ ١٣٧١٩ ١٣٥٩٢ ١٣٨٩٨ ١٠٤٤٧ ١٣٠٩٢ ١١١٨٠

بالات

النيلة بالصناديق ٧٠١ ٨٠٢ ٨٠٨ ٨٨١ ٨٠٢ ٩٨٠ ٨٦٤ ٩٤٤ ٧٩٦ ٨١٠ ٩٠٥

٣٤٥

يظهر الجدول المذكور اعلاه تقلصاً ملحوظاً في استيراد التوابل فقط ، اما المواد الاخرى سيما الشاي فتميل إلى زيادة. وحتى ولو افترضنا ان السبب في زيادة استيراد الشاي يعود لدرجة ملحوظة إلي انعدام الامن في طريق بوشهر ، يبقي من غير الممكن مع ذلك ان ننسب لهذا السبب بشكل كلي حقيقة ان المعدل السنوي لاستيراده ازداده من ٥٢٤٠ صندوقاً للفترة : ١٨٦١ - ١٩٠٠ ، إلى ١٧١٤٠ صندوقاً للفترة : ١٩٠١ - ١٩١٠ ، أي انه ازداد باكثر من ثلاث مرات. ولهذا يتحتم علينا ان نفترض عن استهلاك الشاي يزداد في العراق ذاته ، وان المشروب الوطني العربي وهو القهوة قد وجد له منافساً متمثلاً في الشاي الأرخص ثمناً طالما ان الانواع الدنيا من الشاء هي وحدها التي تورد إلى العراق وان قيمة هذه الانواع في الهند ثلاثة أرباع الشاي الذي يستورد عن طريق البصرة اما الربع الباقي فيأتي من جزيرة سيلان.

اما عن الغزل الذي يجلب من الهند فأنه يخصص لانتاج السجاد بالدرجة الاولى ولهذا فأنه يذهب بكليته تقريباً إلى فارس نظراً لانعدام الطلب عليه في العراق حيث اختفت في الوقت الحاضر تقريباً صناعة النسيج التي كانت مزدهرة في السابق. وللاسباب ذاته يتجه القسم الاغلب من المادة الاخرى التي تستورد من الهند ونعني النيلة التي تستخدم لصنع الأنسجة والغزول إلى فارس أيضاً ، أما أكياس الجوت التي تستخدم لنقل الحبوب فلا تجد من يشتريها في فارس بل تستهلك بكميات كبيرة في البصرة ذاتها وقد ازداد المعدل السنوي لاستيراد اكياس الجوت من ٤٥٦٠ بالة للفترة : ١٨٩١ - ١٩٠٠ إلى ١١١٨٠ بالة للفترة : ١٩٠١ - ١٩١٠ الامر الذي يدلل بوضوح على زيادة تصدير الحبوب من العراق.

٣٤٦

وكانت فرنسا حتى الفترة الاخيرة تحتل المركز الثاني بعد بريطانيا والهند في مجال توزيع البضائع إلى العراق وذلك لانها إلى جانب توريدها لاقمشة ليون الصوفية والمخملية التي ذكرناها عند الحديث عن النسيج ، تعد المورد الرئيس للسكرالمخروطي الذي يؤلف بعد الاقمشة مادة الاستهلاك المهمة فيا لعراق نفسه وفي فارس المجاورة ويعد الجدول التالي دليلاً على تزايد كميات استيراد السكر المخروطي خلال الفترة ١٨٩١ - ١٩١٠ ، علماً بأن ١٠% من الكمية المستوردة تستهلك في البصرة وما لا يقل عن ٣٠% في بغداد واما الباقي فيمر على شكل ترانسيت إلى غرب فارس.

٣٤٧

أ المادة ١٨٩١ ١٨٩٢ ١٨٩٣ ١٨٩٤ ١٨٩٥ ١٨٩٦ ١٨٩٧ ١٨٠٨ ١٨٩٩ ١٩٠٠ معدل السنوات العشر

سكر مكرر ٢٢٦١٩ ٣٦٧٤٦ ٢١٨٤٤ ٤٧٠٢٨ ٣٦٢٢٢ ٦١٤٠٢ ٦١١٩٥ ٤٢٠٧٦ ٨٩٦٧٣ ٩١٢٦٣ ٥٠٤١٠

بالصناديق

ب المادة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠ معدل السنوات العشر

سكر ناعم ٨٩١١٨ ٦٠٤٦٩ ٦٥٦٦٥ ٥١٥١٩ ٤٨٢٩٨ ٥٧٩٧١ ٣٣٥٤٥ ٨٢٨٣٥ ٣٨٩٩١ ١٢٦٥٠١ ٦٥٤٣٥

بالصناديق

٣٤٨

والسبب في الزيادة الملحوظة في استيراد السكر المكرر في بداية القرن العشرين هو نشاط شركة الملاحة الألمانية (Hamburg Amerika Linie) التي باشرت ، بفضل انشاء خط بواخر مباشر مع البصرة مروراً بانتويرت ، بنقل السكر البلجيكي إلى سوق العراق وغرب فارس على نطاق واسع ، حتى ان مانقلته بواخر الشركة المذكورة من هذا السكر بلغ ٢٢٧٠ صندوقاً في ١٩٠٦ و ١١٦٠٠ صندوق في ١٩٠٧ و ٢٠٧٠٠ قطعة في ١٩٠٨ و ٢١٦٦٠ قطعة في ١٩٠٩ و ٧٥٨٩٧ قطعة في ١٩١٠.

وكان لابد ان يؤدي توسيع بلجيكا في توريد سكرها إلى تقلص بيع السكر المكرر الفرنسي الذي كان حتى ذلك الوقت يحتكر تقريباً اسواق العراق الجنوبي وغرب فارس. وكان مماساعد على ذلك الاحتكار ان معامل ((St. Louis و ((Mediterrannee كانت تمنح شركات الاهالي المحلية قروضاً لمدة تصل إلى ستة اشهر. ان الرؤوس الصغيرة من السكر صغير الحبيبات من انتاج المعمل المذكورة الذي كان يورد عادة في صناديق يحوي كل منها ٣٦ رأساً ويبلغ وزنه الكلي ٨٩ كغم والصافي ٧٦ كغم ويباع واصلاً البصرة بسعر معدله خمسة وأربعون فرنكاً ونصف الفرنك لكل ١٠٠ كغم ، قد لاءمت اذواق المستهلكين المحليين إلى درجة ان التنافس مع فرنسا بدا مستحيلاً. لذلك فقد كان بيع سكر الرؤوس القادم من بلجيكا والنمسا ومصر عندما ظهر في سوق بغداد في تسعينات القرن التاسع عشر محدوداً إلى درجة ان حصص الدول المختلفة في توريد السكر المكرر في ١٩٠٥ كانت ٥ / ٣ بالنسبة إلى فرنسا و ٥ / ١ بالنسبة إلى بلجيكا و ٢ / ١ بالنسبة إلى مصر والنمسا. وقد استغلت بلجيكا سوء محصول بنجر السكر في فرنسا وماتبع ذلك من تقلص في انتاج السكر لزيادة توريدها لهذه المادة بمساعدة بواخر الشركة الامانية. (Hamburg

٣٤٩

(Amerika Linie..

وسعى اصحاب مصانع السكر البلجيكيون إلى النجاح في المنافسة فأخذوا ينتجون رؤوساً من السكر اصغر حجماً من الفرنسية واستبدلوا الصناديق الغالية التكاليف بتعبئتها في اكياس يسع الواحد منها ٣٢ رأساً الامر الذي مكنهم من بيع سكرهم باسعار ارخص من سكر مرسيليا. وقد حققت هذه التدابير الهدف المرجو منها فقد جذب رخص السعر المستهلكين. كما ان العتبئة في اكياس وهي اكثر ملاءمة للنقل على الدواب إلى فارس حازت استحسان التجار ولهذا لم يلبث السكر البلجيكي ان دخل في الاستعمال على الفور واصبح في ١٩٠٩ - ١٩١٠ يفضّل حتى على الانواع التي كانت مرغوبة في السابق من انتاج معامل ((St. Louis و ((Mediterrannee ، الامر الذي ادى إلى تقلص استيراد هذه المادة من فرنسا التي اضطرت في ١٩١٠ إلى التنازل عن مركزها في هذا المجال لصالح بلجيكا اما عن اسعار السكر البلجيكي والفرنسي المكرر فكانت بالنسبة للاول تتراوح بين ٩ روبلات و ٢٠ كوبيكا و ١٠ روبلات و ٦٠ كوبيكا للهندردويت الواحد واصل البصرة ، وبالنسبة للثاني تتراوح بين ١٨ روبلاً و ٥٠ كوبيكا و ٢١ روبلاً و ٦٥٠ كوبيكا لكل ١٠٠ كغم من السكر المكرر المعبأ في اكياس.

وكانت النمسا تورد السكر البلوري ومنتجات الاصواف البضائع الزجاجية والخردوات والاواني المطلية بالمينا والصناديق لتعبئة التمر. ويؤلف السكر البلوري مادة مهمة في التوريد النمساوي رغم ان السكر الناعم الذي يجلب إلى العراق وفارس المجاورة لم يكن له من مصدر نمساوي. وبالامكان الحكم على كميات السكر الناعم المستوردة في العشرين الواقع ين ١٨٩١ - ١٩١٠ من الجدول الاتي :

٣٥٠

تشير الارقام الواردة في الجدول إلى زيادة مضطردة في استيراد السكر الناعم وسبب ذلك هو زيادة استهلاك الشاي الذي يُحلى في العراق بمادة السكر البلوري. اما القفزة غير الاعتيادية التي حققها الاستيراد ابتداء من ١٩٠٧ فان سببها المنافسة من جانب المانيا ، فقد باشرت هذه الاخيرة باجتهاد وبفضل ربط هامبورغ مع البصرة بمواصلات بحرية مباشرة ، بتوريد انتاجها من السكر حتى بلغ ١٩٢٨٥ كيساً ازدادت في ١٩٠٧ إلى ٣٧١٥٢ كيساً ، اما في ١٩٠٩ فقد امكن اعتبار السوق مضموناً للسكر الالماني الناعم اذا حاز على استحسان عام. وهكذا ابعدت النمسا عن الموقع القوي في الظاهر الذي احتلته في توريد هذه البضاعة.

وقد ادت زيادة توريد السكر البلوري إلى هبوط اسعاره بدرجة ملحوظة ففي الوقت الذي كانت فيه قيمة الكيس الواحد في ١٩٠٧ هي ١٥ روبلاً و ٣٦ كوبيكا فأنها اصبحت في ١٩١٠ تسعة روبلات و ١٢ كوبيكا. واخذت روسيا تشارك ايضاً في توريد السكر البلوري بفضل اقامة مواصلات تجارية مباشرة بين

٣٥١

السنة ١٨٩١ ١٨٩٢ ١٨٩٣ ١٨٩٤ ١٨٩٥ ١٨٩٦ ١٨٩٧ ١٨٩٨ ١٨٩٩ ١٩٠٠ معدل السنوات العشر

كيس ١٢٥٤٨ ١٧١٧٤ ٣١١٥٠ ٢٣١٢٧ ٣٤٤٩٤ ٣٩١٧١ ٢٤٨٥٤ ٢٦٧٣٥ ٣١٥٤٤ ٣٤٣١٥ ٣٠٦٧٥

السنة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠ معدل السنوات العشر

كيس ٢٧٨٣١ ٣٤٨٥٦ ٣٨١٩٩ ٣٥٢١٠ ٣١١٩٠ ٣٩٢٥٧ ١١٥٢٠٣ ١٠٢٤٤٨ ١٥٠٣٢٧ ١٤٢٢٧٤ ٧٥٨٧٠

٣٥٢

اوديسا والبصرة لكن توريد روسيا لهذه المادة مايزال قليلاً اذ لم يرد منها على سفن الشركة الروسية في ١٩٠٨ إلا ٥٢٠١ من الاكياس هبطت في ١٩٠٩ إلى ٢٣٠ كيساً فقط.

سنترك الان بحث المواد الاخرى التي توردها النمسا مثل المنتجات الصوفية والبضائع الزجاجية والخردوات والاواني المطلية بالمينا ، وذلك لقلة الطلب عليها وننتقل مباشرة إلى الحديث عن توريد النمسا للصناديق التي تستخدم لنقل التمر حيث تصادف النمسا في هذه القضية منافسة من جانب روسيا.

يحتم تصدير التمور المتنامني من سنة إلى اخرى زيادة الطلب على الصناديق التي تستخدم لتعبئتها ، وبامكاننا الحكم عن ذلك من الجدول التالي الذي يبين استيراد هذه الصناديق في الفترة من ١٨٩١ إلى ١٩١٠ : -

وتستورد صناديق نقل التمور مفككة بشكل حزم. وقد زيد حجم هذه الحزم بدرجة ملحوظة اعتباراً من ١٩٠٧ وذلك لتقليل اجور نقلها ، فاصبحت كل ست رزم في الوقت الحاضر تحوي ٧٥ صندوقاً حتى ١٨٩٩ ترد من النرويج بشكل كلي تقريباً وقد كانت تنقل في بداية الامر عن طريق لندن ثم اخذت النرويج بعد ذلك ترسلها إلى البصرة مباشرة على سفنها الخاصة. وفي السنة المذكورة ظهرت النمسا لأول مرة في سوق الصناديق وكانت تستخدم الواحاً من نوعية أردأ مما مكنها من تخفيض السعر المعتاد حتى ذلك الوقت من ٢٨ جنيهاً استرلينياً وشلن واحد لكل ألف صندوق واصل البصرة إلى ٢٦ جنيهاً استرلينياً فاستطاعت بفضل ذلك ان تورد في السنة الاولى ٢٠٠٠٠ صندوق من أصل ٧٠٠٠٠٠ استوردت في تلك السنة ، اما في السنة التالية أي في ١٩٠٠ فأنها وردت ثلثي الكمية التي احتاجها السوق.

٣٥٣

ومع اقامة خطوط ملاحية للشركة الروسية للملاحة البخارية والتجارة اخذ تجار الاخشاب اروس يشتغلون ايضاً بتوريد صناديق نقل التمور وقد وردها لاول مرة في ١٩٠١ وكانت الصناديق الروسية تتميز بكبر حجمها بعض الشيء بالمقارنة مع الصناديق النرويجية والنمساوية ، وهو امر بدا ملائماً لتجار التمور في البصرة لانه يمكنهم من ان يقصلوا لدرجة ملحوظة من مصاريف التعبئة التي كانت تدفع عادة على اساس عدد الصناديق المعبأة. وفي الوقت نفسه أخذت روسيا تنافس النمسا ايضاً في توريد اخشاب البناء إلى العراق الجنوبي الذي يعاني من عجز كبير فيها ، ففي الوقت

٣٥٤

السنة ١٨٩١ ١٨٩٢ ١٨٩٣ ١٨٩٤ ١٨٩٥ ١٨٩٦ ١٨٩٧ ١٨٩٨ ١٨٩٩ ١٩٠٠

حزمة ٨٣٨٣١ ٨٥٧٤٩ ١١٠٤١٠ ٩٧٤٠٢ ١١٣٦٤٢ ٩٥٧٤٩ ٨٣٠٧٧ ٦١٦٨٠ ١١٦٦٠٧ ١٨٥٨٩١

السنة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠

حزمة ١٨٩٧٨٩ ١٨٣٠٠٢ ٢٠٣٧٨٦ ١٦٩٢٤٤ ١٥٧٤٤٢ ٢١١٤٦٩ ١٣٢٦٣٤ ٢٣٣٤٨٢ ١٨٢٤٨١ ٢٧٤٩٦٤

٣٥٥

الذي تسد فيه بغداد حاجتها من الاعمدة والألواح الخشبية من ولاية الموصل ، فان استهلاك البصرة من المواد الخشبية كله يرد من الخارج. وكان الخشب في السابق يأتي من الهند ومن جاوة وزنجبار على السفن الشراعية التي ترد إلى البصرة لنقل التمور ، ثم اصبحت النمسا بعد ذلك تورده من فيومي. اما عن مقدار مشاركة روسيا في توريد صناديق نقل التمور واخشاب البناء فأنه كان ٣١٨٢١ قدماً مكعباً في ١٩٠٧ و ١٤٣١٣٥ قطعة من الالواح والاعمدة في ١٩٠٨ و ١٥١٥ متراً مكعباً في ١٩٠٩ و ٣١١١ متراً مكعباً في ١٩١٠.

كذلك تعتبر روسيا - إلى جانب ماذكرناه من توريدها للسكر البلوري وصناديق تعبئة التمور واخشاب البناء ـ المورد الاساس للكيروسين إلى اسواق العراق وغرب فارس. الاتي يبين الكميات المستوردة من هذه المادة في الفترة من ١٨٩١ ـ ١٩١٠ :

يتضح من مقارنة الارقام الواردة في هذا الجدول ان استيراد

الكيروسين اخذ يظهر ميلاً واضحاً إلى الزيادة منذ بداية القرن العشرين ، والسبب في ذلك هو توريده من باطوم مباشرة بواسطة الشركة الورسية للملاحة البخارية والتجارة التي بدأت رحلاتها إلى البصرة من ١٩٠١. وكان الكيروسين الروسي الذي ساد في السوق المحلي بلا حدود ينقل باجمعه عن طريق بومباي أو كراتشي ، علماً بأن نقله بهذا الطريقة الدائري الطويل كان يؤدي مع عمولات القومسيون التي يأخذها الوسطاء الانجليز إلى رفع كلفته كثيراً. وكانت تجارة الكروسين الروسي في العراق محتكرة ، بسبب عدم وجود المنافسة من قبل التاجر الهندي الحاج علي مميني الذي كان لهذا السبب يفرض له الاسعار التي يريدها. وهكذا كان ثمن الصندوق الواحد من الكيروسين يتراوح بين روبلين و ٣٦ كوبيكا

٣٥٦

وثلاثة روبلات و ١٥ كوبيكا مما يجعله بعيداً عن متناول المشتري متوسط الحال ولايساعد على زيادة الطلب عليه. ولكن توريده إلى البصرة مباشرة ادى إلى انخفاض اجور نقله بشكل حاد فظهرت تبعاً لذلك امكانية لتقليل سعره في السوق. ومن الناحية الاخرى ظهر ابتداء من ١٩٠٥ منافس للكيروسين الروسي هو الكيروسين الامريكي من النوع الرديء الذي استورد إلى العراق لاول مرة في السنة المذكورة وقد وجد بفضل رخص اسعاره طلباً عليه بين الطبقات الفقيرة من السكان في الارياف. ولم يتوقف توريد الكيروسين الامريكي منذ ذلك الوقت حتى أن امريكا وردت في ١٩٠٦ (٥٩٠٠٠) صندوق بينما لم تورد ورسيا الا ٥٢٠٠٠ صندوق من اصل الـ ١١١٠٠٠ صندوق التي استوردت في تلك السنة وابتداء من ١٩٠٧.

٣٥٧

السنة ١٨٩١ ١٨٩٢ ١٨٩٣ ١٨٩٤ ١٨٩٥ ١٨٩٦ ١٨٩٧ ١٨٩٨ ١٨٩٩ ١٩٠٠ معدل السنوات العشر

صندوق ٣٠١٧٩ ٥٧٩٩٣ ٣٧٦٦١ ٩٩٧٩٣ ٤٥٥١٢ ٥٤٠٩٣ ٩٥٠٢٩ ٤٧٠٠٨ ٤٢١٣٧ ٤٣٤٩٨ ٥٥٢٩٠

السنة ١٩٠١ ١٩٠٢ ١٩٠٣ ١٩٠٤ ١٩٠٥ ١٩٠٦ ١٩٠٧ ١٩٠٨ ١٩٠٩ ١٩١٠ ١٩١١ معدل السنوات العشر

صندوق ١٢٥٣٥٨ ٥٢٤٢٠ ٦٣٩٩٠ ٦١٤٧٦ ٥٧٨٩١ ١١١٠٠٠ ٨٣٥٨٢ ١٧٢٥٧٩ ١٠٤٤٧٧ ١٠٨٤٠٠ ٩٤١١٥

٣٥٨

بدأت النمسا تورد الكيروسين إلى جانب كل من روسيا وامريكا فقد جلبت بواخر Hamburg Amerika Linie)) منها في تلك السنة ولاول مرة ٢٦٩٣٢ صندوقاً. وقد اثر ظهور هذا المنافس الجديد على الكيروسين الامريكي بالدرجة الاولى فهبط استيراده في ١٩٠٧إلى ٥٦٥٠ صندوق بينما وردت روسيا في تلك السنة ٥١٠٠٠ صندوق. اما في ١٩٠٨ فقد وردت روسيا ٧٤٠٠٠ صندوق في حين وصل من تريستا (١) ٦١٥٧٩ صندوقاً. وبلغت حصة روسيا من هذه المادة في ١٩٠٩ : ٤٥٠٠٠ صندوق في حين كانت حصة امريكا ٣٥٨١٠ صندوق وحصمة النمسا ٢٢٣٩٦ صندوق والهند ١٥٠٠ صندوق. اما في ١٩١٠ فقد كانت حصة روسيا ٧٣٠٠٠ صندوق وحصمة النمسا ٥٧٠٠ صندوق وحصة امريكا ٢٩٧٠٠ صندوق.

يتضح من هذه الارقام ان الكيروسين الروسي فقد سيادته الكلية السابقة في السوق العراقي لكنه ظل يعتبر الافضل من حيث النوعية سيما الكيروسين علامة «المرساة» و «الهلال والنجمة» ولهذا فأن سعره كان اعلى دائماً من سعر الانواع الاخرى ، ففي ١٩٠٨ مثلاً كان الصندوق الواحد من الكيروسين الروسي يكلف في البصرة ما بين روبلين و ٤٠ كوبيكا ، وثلاثة روبلات في حين ان سعر الكيروسين الامريكي والنمساوي كان يتراوح مابين روبل واحد و ٨٠ كوبيكات وروبلين و ٤٠ كوبيكا.

وهنا ينبغي ان نتذكر ان الكيروسين شأنه في ذلك شأن المواد الاخرى سريعة الألتهاب كالسبيرتو والبنزين وما أشبه يجب ان يحفظ في مستودعات خاصة خارج المدن. وتأخذ بلديات المدن ضريبة خاصة في

__________________

(١) ميناء في شمال شرق ايطاليا كان في الفترة موضوع البحث تابعاً لامبراطورية النمسا والمجر. (المترجم).

٣٥٩

مقابل خزنه مقدارها قرش واحد ونصف القرش أي ١٢ كوبيكا عن كل صندوق في الشهر الاول وثمانية كوبيكات عن كل شهر لاحق. اما الكيروسين الذي يمر من البصرة على شكل ترانسيت فأنه يحمل مباشرة إلى الجنائب ويحتفظ فيها لحين خروجه من المدينة غير ان بقاءه هناك ينبغي ان لا يتعدى ثلاثة ايام والا فتؤخذ بعد انقضاء هذه الايام الثلاثة خمسة قروش أي ٤٠ كوبيكا على كل صندوق عن كل يوم يمر بعدها واذا تجاوز بقاؤها الاسبوع فتؤخذ عليه ضريبة شهر كامل.

اما للسويد فتصدر إلى العراق وفارس الحديد غير المصنع الوثقاب. ومع ان بلجيكا التي تستخدم السفرات المباشرة التي تقوم بها بواخر الشركة الالمانية (Hamburg Amerika Linie) قد بدأت تنتزع منها المركز الاول في توريد الحديد فليس هناك من ينافسها في توريد الثقاب. والواقع ان الثقاب السويدي الامين لم يدخل راساً في الاستخدام الواسع في العراق ، فقد ظلت الطبقات الدنيا من السكان تتمسك طويلاً بالكبريت الذي كانوا يحملونه في جيوبهم دون اية علبه ويشعلونه باي شيء خشن. وقد ظلت النمسا المورد الرئيسي ان لم تكن المورد الوحيد للكبريت ، حتى تسعينيات القرن السابق عندما بدأت ترد من اليابان عيدان الكبريت من النوعية الرديئة وكان يؤخذ بسبب رخصة فقط. ولم يؤد رسوخ عيدان الثقاب السويدي في السوق العراقي إلى ان يتقلص بشدة توريد اليابان لهذه المادة فقط وانما ادى ايضاً إلى تقلص استيراده من امريكا نفسها التي اصبحت ، بسبب غلاء منتجاتها غير قادرة على منافسة البضاعة السويدية الرخيصة. وقد أستحوذت أعواد الثقاب السويدي التي تمتاز بالامان على السوق نهائياً في الوقت الحاضر علماً بأن اكثر الانواع رواجاً هي ماركة. (

٣٦٠