موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ مرتضى البروجردي

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقِّق في المعتبر الإجماع على الاستحباب (١).

خلافاً لصاحب الحدائق (٢) حيث اختار الوجوب مصرّاً عليه ، استناداً بعد الطعن في الإجماع بمخالفة الشيخ في المبسوط (٣) ، بل كلّ من أطلق الحكم بكون شرائط العيد شرائط الجمعة إلى ما ورد في الفقه الرضوي من قوله : «ولا تكون إلّا بإمام وخطبة» (٤).

وما رواه الصدوق في العلل عن الفضل بن شاذان عن الرِّضا (عليه السلام) «قال : إنّما جعلت الخطبة في يوم الجمعة في أوّل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأنّ الجمعة أمر دائم ، ويكون في الشهور والسنة كثيراً ، وإذا كثر على الناس ملّوا وتركوا ولم يقيموا عليها وتفرّقوا عنه ، والعيد إنّما هو في السنة مرّتين ، وهو أعظم من الجمعة ، والزحام فيه أكثر ، والناس فيه أرغب ، فإن تفرّق بعض الناس بقي عامّتهم» (٥).

بتقريب : أنّ الاستحباب لو كان ثابتاً لكان التعليل به الملازم لعدم وجوب الاستماع أحرى ممّا جاء في الخبر كما لا يخفى.

وتوقّف يقين البراءة عليه ، لأنّه المعهود من فعلهم.

وظهور ذكر الخطبتين في بيان كيفية الصلاة في الدخل في الماهية ، الملازم للوجوب.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٢٤.

(٢) الحدائق ١٠ : ٢١٢.

(٣) المبسوط ١ : ١٧٠.

(٤) فقه الرِّضا : ١٣١.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٤٣ / أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١٢ ، علل الشرائع : ٢٦٥ / ٩ (نقل في الوسائل بالمضمون).

٣٢١

ولا يجب الحضور عندهما ولا الإصغاء إليهما (١). وينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلّق بزكاة الفطرة من الشروط والقدر والوقت لإخراجها وفي خطبة الأضحى ما يتعلّق بالأُضحية (٢).

______________________________________________________

والكل كما ترى ، فانّ الاعتماد على الفقه الرضوي فيه ما فيه ، وعدم وجوب الاستماع أعم من الاستحباب ، فلا يصلح علّة للتأخير. مضافاً إلى ضعف طريق الصدوق إلى علل الفضل بن شاذان (١).

وغاية ما يدل عليه الفعل إنّما هو الرجحان لا الوجوب ، ومعه كان المورد مجرى للبراءة دون الاشتغال.

وبيان الكيفية إنّما يدلّ على الوجوب لو كانت الكيفية ناظرة إلى أصل الخطبة وليس كذلك ، وإنّما هي ناظرة إلى ظرفها ومحلّها ، وأنّها بعد الصلاة في مقابل صلاة الجمعة التي هي فيها قبلها ، من غير نظر إلى الوجوب أو الاستحباب فليتأمّل.

ومخالفة الشيخ وغيره غير ظاهرة في الشمول لزمان الغيبة كما لا يخفى.

نعم ، لما أفاده وجه بناءً على ما قوّاه واختاره من الوجوب في زمان الغيبة كما أُشير إليه في عبارة الجواهر المتقدِّمة.

(١) للإجماع المدّعى على كلٍّ منهما في كلمات غير واحد كما حكاه في الجواهر (٢).

(٢) للتأسّي بأمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطب المأثورة عنه ، مضافاً إلى أنّ ذلك هو مقتضى مناسبة الحكم والموضوع.

__________________

(١) الوسائل ٣٠ : ١٢١ / الفائدة الأُولى [ب] ، علل الشرائع : ٢٥١ / ٩ ، ٢٧٤ ٢٧٥.

(٢) الجواهر ١١ : ٣٣٩.

٣٢٢

[٢١٩٩] مسألة ١ : لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة ، بل يجزئ كلّ سورة (١) نعم ، الأفضل أن يقرأ في الركعة الأُولى سورة الشمس وفي الثانية سورة الغاشية (٢) أو يقرأ في الأُولى سورة سبِّح اسم وفي الثانية سورة الشمس (٣).

______________________________________________________

(١) بلا خلاف فيه كما في الحدائق (١) ، ويُستفاد ذلك من بعض النصوص كصحيح جميل قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن التكبير في العيدين قال : سبع وخمس إلى أن قال : وسألته ما يقرأ فيهما؟ قال : والشمس وضحيها وهل أتيك حديث الغاشية ، وأشباههما» (٢).

(٢) دلّت عليه صحيحة معاوية بن عمار ، قال : «سألته عن صلاة العيدين فقال : ركعتان إلى أن قال : تبدأ فتكبِّر وتفتتح الصلاة ، ثمّ تقرأ فاتحة الكتاب ثمّ تقرأ والشمس وضحيها إلى أن قال : ثمّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية» الحديث (٣) وقد أُشير إليه في صحيح جميل المتقدِّم.

(٣) ورد ذلك في خبر إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) «... يقرأ في الأُولى سبِّح اسم ربّك الأعلى ، وفي الثانية الشمس وضحيها» (٤) وهكذا في رواية أبي الصباح وفيها : «وتقرأ الحمد وسبِّح اسم ربّك الأعلى ... وتقرأ الشمس وضحيها» (٥). لكن الأوّل ضعيف بالقروي والثاني بمحمّد بن الفضيل ، ولم نعثر

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٢٥١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٣٥ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٤.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٣٤ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٣٦ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٦٩ / أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٥.

٣٢٣

[٢٢٠٠] مسألة ٢ : يستحبّ فيها أُمور :

أحدها : الجهر بالقراءة للإمام (١)

______________________________________________________

على رواية معتبرة في المقام.

(١) لصحيحة ابن سنان يعني عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «سمعته يقول : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعتمّ في العيدين شاتياً كان أو قائظاً ، ويلبس درعه ، وكذلك ينبغي للإمام ، ويجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة» (١).

وموثّقة الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) «قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يكبِّر في العيدين والاستسقاء في الأُولى سبعاً وفي الثانية خمساً ، ويصلِّي قبل الخطبة ، ويجهر بالقراءة» (٢) فانّ فعل المعصوم سيّما مع الاستمرار عليه كما يقتضيه التعبير بكلمة «كان» كاشف عن الرجحان والاستحباب.

ولا ينافيه إخفاض الصوت وعدم الجهر المحكي عنه في صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «إنّه كان إذا صلّى بالناس صلاة فطر أو أضحى خفض من صوته ، يسمع مَن يليه ، لا يجهر (بالقرآن) بالقراءة» الحديث (٣) فانّ المراد به عدم العلو ، بقرينة قوله : «يسمع من يليه» كما أوعز إليه صاحب الوسائل.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٤١ / أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ٣.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٤٠ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢١.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٧٦ / أبواب صلاة العيد ب ٣٢ ح ٢.

٣٢٤

والمنفرد (١).

الثاني : رفع اليدين حال التكبيرات (٢).

______________________________________________________

(١) لم نعثر عاجلاً على نص فيه ، بل ولا إطلاق يقتضيه ، بل قد يظهر خلافه ممّا رواه في قرب الإسناد عن علي بن جعفر «عن رجل صلّى العيدين وحده أو صلّى الجمعة هل يجهر فيها (فيهما خ ل) بالقراءة؟ قال : لا يجهر إلّا الإمام» (١).

(٢) لرواية يونس قال : «سألته عن تكبير العيدين أيرفع يده مع كلّ تكبيرة أم يجزيه أن يرفع يديه في أوّل التكبير؟ فقال : يرفع مع كلّ تكبيرة» (٢).

ولا يقدح اشتمال السند على عليّ بن أحمد بن أشيم الّذي صرّح الشيخ بجهالته (٣) ، فإنّه من رجال كامل الزيارات.

نعم ، الظاهر أنّ الراوي هو يونس بن ظبيان الضعيف بقرينة الراوي عنه مضافاً إلى أنّها مضمرة ، هذا.

وفي صحيح علي بن جعفر قال : «وسألته عن التكبير أيّام التشريق هل يرفع فيه اليدين أم لا؟ قال : يرفع يده شيئاً أو يحرِّكها» (٤) ولكن شمولها للمقام محلّ تأمّل أو منع.

ويمكن الاستئناس ببعض الروايات الناطقة باستحباب رفع اليد في كافّة الصلوات كصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في وصيّة

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٦٢ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ١٠ ، قرب الإسناد : ٢١٥ / ٨٤٢.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٧٤ / أبواب صلاة العيد ب ٣٠ ح ١.

(٣) رجال الطوسي : ٣٦٣ / ٥٣٨٠.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٦٤ / أبواب صلاة العيد ب ٢٢ ح ٥.

٣٢٥

الثالث : الإصحار بها (١) إلّا في مكّة ، فإنّه يستحبّ الإتيان بها في مسجد الحرام (٢).

الرابع : أن يسجد على الأرض دون غيرها ممّا يصحّ السجود عليه (٣).

______________________________________________________

النبي لعلي (عليهما السلام) «قال : وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما» (١) وفي خبر زرارة «قال أبو عبد الله (عليه السلام) : رفع يديك في الصلاة زينتها» (٢).

(١) لطائفة من النصوص التي منها معتبرة علي بن رئاب عن أبي بصير يعني ليث المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : لا ينبغي أن تصلِّي صلاة العيدين في مسجد مسقّف ولا في بيت ، إنّما تصلِّي في الصحراء أو في مكان بارز» (٣).

وصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يخرج حتّى ينظر إلى آفاق السماء. وقال : لا تصلِّين يومئذ على بساط ولا بارية» (٤).

(٢) لموثّقة حفص بن غياث عن جعفر بن محمّد عن أبيه «قال : السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلّا أهل مكّة فإنّهم يصلّون في المسجد الحرام» (٥).

(٣) لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام)

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٢٨ / أبواب تكبيرة الإحرام ب ٩ ح ٨.

(٢) الوسائل ٦ : ٢٩٧ / أبواب الركوع ب ٢ ح ٤.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٢ ، ١٠.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٢ ، ١٠.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٣.

٣٢٦

الخامس : أن يخرج إليها راجلاً حافياً مع السكينة والوقار (١).

السادس : الغسل قبلها.

السابع : أن يكون لابساً عمامة بيضاء.

الثامن : أن يشمّر ثوبه إلى ساقه.

______________________________________________________

«أنّه كان إذا خرج يوم الفطر والأضحى أبى أن يؤتى بطنفسة يصلِّي عليها ويقول : هذا يوم كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يخرج فيه حتّى يبرز لآفاق السماء ثمّ يضع جبهته على الأرض» (١).

وصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : اتي أبي بالخمرة يوم الفطر فأمر بردّها ، ثمّ قال : هذا يوم كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يحبّ أن ينظر إلى آفاق السماء ويضع وجهه على الأرض» (٢).

بل ربما يظهر من صحيحة معاوية بن عمار المتقدِّمة استحباب مباشرة الأرض في جميع الحالات من غير اختصاص بمسجد الجبهة ، قال في الحدائق : وقل من نبّه على هذا الحكم من أصحابنا (٣).

(١) يدل على استحباب هذا وما بعده إلى الأمر الثامن حديث خروج الإمام الرِّضا (عليه السلام) بطلب من المأمون إلى صلاة العيد ، ففي معتبرة ياسر الخادم في حديث طويل أنّه «لمّا طلعت الشمس قام (عليه السلام) فاغتسل وتعمّم بعمامة بيضاء من قطن ... ثمّ أخذ بيده عكازاً ثمّ خرج ... وهو

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١ ، ٥.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ١ ، ٥.

(٣) الحدائق ١٠ : ٢٦٦.

٣٢٧

التاسع : أن يفطر في الفطر قبل الصلاة (١) بالتمر (٢) وأن يأكل من لحم الأُضحية في الأضحى (٣) بعدها (٤).

العاشر : التكبيرات عقيب أربع صلوات في عيد الفطر (٥)

______________________________________________________

حاف قد شمّر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمّرة» إلى آخر الرواية (١) والسند معتبر كما عرفت ، فانّ ياسر الخادم من رجال تفسير القمي.

(١) لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : لا تخرج يوم الفطر حتّى تطعم شيئاً ، ولا تأكل يوم الأضحى شيئاً إلّا من هديك وأُضحيتك ، وإن لم تقوَ فمعذور» (٢) ونحوها غيرها ، المحمول على الندب إجماعاً.

(٢) لخبر علي بن محمّد النوفلي قال «قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إنِّي أفطرت يوم الفطر على طين وتمر ، فقال لي : جمعت بركة وسنة» (٣).

(٣) لصحيحة زرارة المتقدِّمة ، مضافاً إلى صحيحته الأُخرى (٤).

(٤) لمعتبرة جراح المدائني عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلِّي ، ولا يطعم يوم الأضحى حتّى ينصرف الإمام» (٥) فانّ الرجل وإن لم يرد فيه توثيق صريح لكنّه من رجال كامل الزيارات.

(٥) على المشهور ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه. خلافاً للمحكي

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٥٣ / أبواب صلاة العيد ب ١٩ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٤٣ / أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ١.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٤٥ / أبواب صلاة العيد ب ١٣ ح ١.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٤٤ / أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٢.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٤٤ / أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٥.

٣٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

عن ظاهر السيِّد المرتضى في الانتصار من القول بالوجوب (١).

ويستدل للمشهور برواية سعيد النقاش ، قال «قال أبو عبد الله (عليه السلام) لي : أما أنّ في الفطر تكبيراً ولكنّه مسنون ، قال قلت : وأين هو؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ثمّ يقطع ، قال قلت : كيف أقول؟ قال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا. وهو قول الله عزّ وجلّ (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) يعني الصِّيام (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ)» (٢).

وهي وإن كانت كالصريح في إرادة الاستحباب من السنّة لا ما ثبت وجوبه بغير الكتاب كما لا يخفى ، إلّا أنّها ضعيفة السند ، فانّ سعيد النقاش لم تثبت وثاقته ، فلا يمكن التعويل عليها.

ومن الغريب ما عن صاحب المدارك (٣) من جعل هذه الرواية هي الأصل في المسألة مع اعترافه بضعف سندها وبنائه على عدم العمل إلّا بصحاح الأخبار ، ومن ثمّ اعترض عليه في الحدائق (٤) بخروجه عن عادته وقاعدته. وهو في محلّه.

اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه لم يعثر على نص يدل على الاستحباب غيره كما صرّح به في صدر عبارته المحكية عنه في الحدائق (٥) ، ولم ينهض لديه دليل على الوجوب ليتوقّف الخروج عنه على ورود نص صحيح ، فمن ثمّ جوّز العمل به

__________________

(١) الانتصار : ١٧١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٥٥ / أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٢.

(٣) المدارك ٤ : ١١٥.

(٤) الحدائق ١٠ : ٢٧٩.

(٥) الحدائق ١٠ : ٢٧٨.

٣٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

بناءً على قاعدة التسامح.

وبصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن التكبير أيّام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : يستحب ، فإن نسي فليس عليه شي‌ء» (١).

بدعوى أنّها وإن وردت في التكبير أيّام التشريق إلّا أنّ دليل الوجوب لو تمّ لعمّ ، فاذا ثبت العدم في أحدهما كشف عن عدم إرادة الوجوب في الآخر أيضاً. ولا يخلو عن تأمّل.

والأولى أن يستدلّ للمشهور بأنّ المسألة عامّة البلوى وكثيرة الدوران ، فلو كان الوجوب ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع وأصبح من الواضحات ، فكيف لم يذهب إليه إلّا السيِّد المرتضى حسبما سمعت. وهذا خير شاهد على اتِّصاف الحكم بالاستحباب.

ومنه تعرف الجواب عمّا استدلّ به للقول بالوجوب من ظاهر الأمر في الآية المباركة ، ومن توصيف التكبير بالوجوب في رواية الأعمش ، قال فيها : «والتكبير في العيدين واجب» إلخ ، ونحوها خبر الفضل بن شاذان (٢).

مع جواز إرادة الاستحباب المؤكّد من لفظ الوجوب ، حيث إنّ إطلاقه عليه غير عزيز في لسان الأخبار ، نظير ما ورد من أنّ «غسل الجمعة واجب» (٣).

بل لا يبعد تنزيل كلام السيِّد المرتضى (قدس سره) عليه ، المعتضد بما عرفت من دعوى الإجماع على عدم الوجوب ، وحينئذ فينتفي الخلاف في المسألة.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٦١ / أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٠.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٥٧ / أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٦ ، ٥.

(٣) الوسائل ٣ : ٣١٥ / أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٧ ، ٥ ، ٦ وغيرها.

٣٣٠

أوّلها المغرب من ليلة العيد ورابعها صلاة العيد (١) وعقيب عشر صلوات في الأضحى (٢) إن لم يكن بمنى ، أوّلها ظهر يوم العيد وعاشرها صبح اليوم الثاني عشر ، وإن كان بمنى فعقيب خمس عشرة صلاة أوّلها ظهر يوم العيد وآخرها

______________________________________________________

(١) وعن الصدوق ضم صلاة الظهرين إلى هذه الصلوات الأربع (١) ، بل عن ابن الجنيد ضمّ النوافل أيضاً (٢).

أما الأوّل : فمستنده التصريح به في رواية الأعمش المتقدِّمة ، بل وكذا رواية الفضل بناءً على إرادة الصلوات اليومية من لفظ الخمس الوارد فيها.

ولا ينافيه التعبير بالقطع بعد صلاة العيد من رواية النقاش ، لإمكان الحمل على اختلاف مراتب الفضل. ولا بأس بما ذكر بناءً على قاعدة التسامح.

وأمّا الثاني : فقيل : مستنده أنّ ذكر الله حسن على كلّ حال. وهو كما ترى.

(٢) يدلّ على استحبابها صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : «سألته عن التكبير أيّام التشريق أواجب هو أم لا؟ قال : يستحب ، فإن نسي فليس عليه شي‌ء» (٣) وهو صريح في الاستحباب.

ولأجله يحمل الوجوب فيما تضمّنته النصوص التي منها موثّقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «سألته عن التكبير ، فقال : واجب في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة أيّام التشريق» (٤) على تأكّد الاستحباب.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٧٤٧ المجلس الثالث والتسعون.

(٢) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٢٨٥ المسألة ١٧٧.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٦١ / أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٠.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٦٢ / أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٢.

٣٣١

صبح اليوم الثالث عشر (١).

وكيفية التكبير في الفطر أن يقول : «الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا» وفي الأضحى يزيد على ذلك : «الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا» (٢).

______________________________________________________

(١) قد دلّ على التفصيل بين من كان بمنى وبين غيره في العدد غير واحد من النصوص التي منها صحيحة زرارة ، قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات ، فقال : التكبير في منى في دبر خمس عشرة صلاة ، وفي سائر الأمصار في دبر عشر صلوات ....» إلخ (١).

(٢) قد وردت هذه الكيفية في الأضحى في صحيحة معاوية بن عمار ، قال (عليه السلام) فيها : «تقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا» ويقرب منها ما في صحيحة زرارة ومنصور بن حازم (٢).

وفي الفطر في رواية سعيد النقاش ورواية الخصال عن الأعمش (٣) مع نوع اختلاف بينهما وبين ما في المتن.

ولا يخفى أنّ النصوص كالفتاوى وإن اختلفت في بيان الكيفية إلّا أنّه لا يبعد كشفها عن أنّ الاختلاف اليسير غير المنافي لماهية التكبير غير قادح في حصول المطلوب ، ومع ذلك فالأحوط الاقتصار على ما جاء في متون الأخبار بلا تصرّف فيها.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٥٨ / أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٢.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٥٩ / أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ٤ ، ٢ ، ٣.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٥٥ / أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٢ ، ٦ ، الخصال : ٦٠٩ / ٩.

٣٣٢

[٢٢٠١] مسألة ٣ : يكره فيها أُمور :

الأوّل : الخروج مع السلاح إلّا في حال الخوف (١).

الثاني : النافلة قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال (٢) إلّا في مدينة الرسول فإنّه يستحبّ صلاة ركعتين في مسجدها قبل الخروج إلى الصلاة (٣).

______________________________________________________

(١) لمعتبرة السكوني ولا يقدح وجود النوفلي في السند ، فإنّه من رجال الكامل عن جعفر عن أبيه «قال : نهى النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يخرج السلاح في العيدين إلّا أن يكون عدو حاضر» (١) المحمولة على الكراهة ، للإجماع على عدم الحرمة.

(٢) لصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : صلاة العيدين مع الإمام سنّة ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلّا الزوال» (٢) هكذا في الوسائل المطبوع حديثاً ، والصحيح كما في مصادر الحديث من الفقيه والاستبصار والتهذيب «إلى» بدل «إلّا» (٣).

ونحوها صحيحته الأُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : لا تقضي وتر ليلتك إن كان فاتك حتّى تصلِّي الزوال في يوم العيدين» (٤).

(٣) لخبر محمّد بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : ركعتان من السنّة ليس تصلِّيان في موضع إلّا في المدينة ، قال : يصلّى في مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) في العيد قبل أن يخرج إلى المصلّى ، ليس ذلك إلّا

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٤٨ / أبواب صلاة العيد ب ١٦ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤١٩ / أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٣٢٠ / ١٤٥٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ / ١٧١٢ ، التهذيب ٣ : ١٣٤ / ٢٩٢.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٣٠ / أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٩.

٣٣٣

الثالث : أن ينقل المنبر إلى الصحراء ، بل يستحبّ أن يعمل هناك منبر من الطين (١).

الرابع : أن يصلِّي تحت السقف (٢).

[٢٢٠٢] مسألة ٤ : الأولى بل الأحوط ترك النِّساء لهذه الصلاة (٣)

______________________________________________________

بالمدينة لأنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فعله» (١).

(١) لصحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث في صلاة العيدين «ليس فيهما منبر ، المنبر لا يحوّل من موضعه ، ولكن يصنع للإمام شبه المنبر من طين فيقوم عليه فيخطب للناس ثمّ ينزل» (٢).

قال في مصباح الفقيه (٣) ما لفظه : ويحتمل قويّاً كون النهي عن نقل المنبر لكونه وقفاً للمسجد ، لا لكونه من حيث هو مكروهاً. انتهى. وكيف ما كان فيكفي في الكراهة الإجماع المدّعى عليها.

(٢) ففي صحيحة علي بن رئاب عن أبي بصير يعني ليث المرادي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال لا ينبغي أن تصلِّي صلاة العيدين في مسجد مسقّف ولا في بيت ، إنّما تصلِّي في الصحراء أو في مكان بارز» (٤).

(٣) فانّ مقتضى إطلاقات الأدلّة كقوله (عليه السلام) في صحيحة جميل : «صلاة العيدين فريضة» إلخ (٥) وإن كان هو ثبوتها على كلّ مكلّف ومنه النِّساء

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٣٠ / أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١٠.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٧٦ / أبواب صلاة العيد ب ٣٣ ح ١.

(٣) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٤٧٦ السطر ٢٩.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٤٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٢.

(٥) الوسائل ٧ : ٤١٩ / أبواب صلاة العيد ب ١ ح ١.

٣٣٤

إلّا العجائز (١).

[٢٢٠٣] مسألة ٥ : لا يتحمّل الإمام في هذه الصلاة ما عدا القراءة من الأذكار والتكبيرات والقنوتات كما في سائر الصلوات (٢).

______________________________________________________

إلّا أنّهن قد خرجن عنها بالإجماع المدّعى في كلمات غير واحد على سقوطها عن كلّ من تسقط عنه صلاة الجمعة.

مضافاً إلى النهي عن خروجهنّ إليها في موثّقة محمّد بن شريح ، «قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن خروج النِّساء في العيدين ، فقال : لا ، إلّا العجوز عليها منقلاها يعني الخفين» (١).

بل عن ائتمامهنّ فيها ولو من دون الخروج في موثّقة عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قلت : هل يؤمّ الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ قال : لا يؤمّ بهنّ ، ولا يخرجن ، وليس على النِّساء خروج ...» الحديث (٢).

نعم ، بإزائها نصوص أُخر يظهر منها أنّ عليهنّ ما على الرِّجال ، وإن لم تخل أسنادها عن الخدش كرواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : «سألته عن النِّساء هل عليهنّ من صلاة العيدين والجمعة ما على الرِّجال؟ قال : نعم» (٣) وغيرها. فمن ثمّ كان الأحوط لهنّ اختيار الترك.

(١) للتنصيص على استثنائها في موثّقة محمّد بن شريح المتقدِّمة وكذا غيرها.

(٢) إذ التحمّل الّذي مرجعه إلى السقوط بفعل الغير يحتاج إلى الدليل

__________________

(١) الوسائل ٢٠ : ٢٣٨ / أبواب مقدّمات النكاح ب ١٣٦ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٧١ / أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٢.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٧٣ / أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٦.

٣٣٥

[٢٢٠٤] مسألة ٦ : إذا شكّ في التكبيرات والقنوتات بنى على الأقل (١)

______________________________________________________

وحيث لا دليل فيما عدا القراءة فمقتضى الأصل عدمه ، بل الإطلاقات تدفعه بل إنّ عدم تحمّل الإمام للقنوت في اليومية يدلّ على عدمه في المقام بطريق أولى. فما عن الشهيد في الذكرى من احتمال التحمّل (١) غير سديد.

نعم ، لا تعتبر المطابقة في الأذكار والأدعية ، فله اختيار ما شاء وإن لم يختره الإمام ، على ما هو الشأن في كلّ ما لم يتحمّله عنه في مطلق الجماعات.

(١) فيما إذا كان الشك في المحل ، لمفهوم قاعدة التجاوز ، ومنه تعرف عدم الاعتناء بالشك فيما إذا عرض بعد التجاوز ، فانّ من الواضح عدم الفرق في جريان القاعدة بين الصلوات المفروضة والمسنونة ، لإطلاق الدليل.

قال الشهيد في الذكرى ما لفظه : وفي انسحاب الخلاف في الشك في الأوّلتين المبطل للصلاة هنا احتمال إن قيل بوجوبه (٢).

توضيحه : أنّه لا ريب في بطلان الصلاة بالشك في الأُوليين ، إلّا أنّهم اختلفوا في أنّ البطلان هل يختص بالشكّ المتعلِّق بعدد الركعتين أو أنّه يعمّ إجزاءهما أيضاً ، فأراد (قدس سره) انسحاب ذاك الخلاف إلى المقام ، بناءً على القول بوجوب التكبير ليكون حينئذ معدوداً من أجزاء الأُوليين.

أقول : مناط البحث مشترك بين الموردين ، فلو صحّ الخلاف وتمّ لعمّ ولا موجب لعدم الانسحاب. إلّا أنّه غير تام في نفسه ، ولا مناص من الالتزام باختصاص البطلان بالشك المتعلِّق بعدد الركعتين فحسب كما مرّ توضيحه في الجزء السادس من هذا الكتاب(٣).

__________________

(١) الذكرى ٤ : ١٩١.

(٢) الذكرى ٤ : ١٨٩.

(٣) شرح العروة ١٨ : ١٣١.

٣٣٦

ولو تبيّن بعد ذلك أنّه كان آتياً بها لا تبطل صلاته (١).

[٢٢٠٥] مسألة ٧ : إذا أدرك مع الإمام بعض التكبيرات يتابعه فيه ويأتي بالبقية بعد ذلك ويلحقه في الركوع (٢) ويكفيه أن يقول بعد كلّ تكبيرة «سبحان الله والحمد لله» (٣) ، وإذا لم يمهله فالأحوط (٤) الانفراد وإن كان يحتمل كفاية الإتيان بالتكبيرات ولاءً.

______________________________________________________

ومنه تعرف ما في عبارتي الجواهر (١) والحدائق (٢) في المقام من القصور ، سيّما الأوّل منهما ، حيث تصدّى لتضعيف احتمال الانسحاب بدلاً عن تضعيف نفس الخلاف فلاحظ.

(١) لحديث لا تعاد (٣).

(٢) لوضوح عدم إخلال الفصل اليسير بالمتابعة المعتبرة في الجماعة بعد فرض الالتحاق في الركوع.

(٣) لما تقدّم (٤) من كفاية مطلق الذكر.

(٤) هذا الاحتياط وجوبي ، لعدم سبقه ولا لحوقه بالفتوى بعد وضوح عدم كون الاحتمال منها. فما عن بعض المحشين من التعليق عليه بقوله : لا يترك ، كأنه في غير محلّه.

وكيف ما كان ، فلعلّ الوجه في الاحتياط ظاهر ، لعدم الدليل على رفع اليد عن مطلق الذكر المفروض وجوبه كما سبق. وقياسه على السورة في غير محلّه

__________________

(١) الجواهر ١١ : ٣٧١.

(٢) الحدائق ١٠ : ٢٦٤.

(٣) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.

(٤) في ص ٣١٨.

٣٣٧

وإن لم يمهله أيضاً أن يترك ويتابعه في الركوع ، كما يحتمل أن يجوز لحوقه (*) (١) إذا أدركه وهو راكع. لكنّه مشكل لعدم الدليل على تحمّل الإمام لما عدا القراءة.

[٢٢٠٦] مسألة ٨ : لو سها عن القراءة أو التكبيرات أو القنوتات كلّاً أو بعضاً لم تبطل صلاته ، نعم لو سها عن الركوع أو السجدتين أو تكبيرة الإحرام بطلت (٢).

______________________________________________________

إذ الفارق النص. فما في بعض الكلمات من أنّه لا وجه لهذا الاحتياط كما ترى.

(١) في تعليقة الأُستاذ ما لفظه : هذا الاحتمال قريب جدّاً. والوجه فيه إطلاق النصوص المتضمّنة أنّ من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة التي منها صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أنّه قال في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع وكبّر الرجل وهو مقيم صلبه ثمّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة» ونحوها صحيحة الحلبي (١) ، فانّ دعوى انصرافها إلى الفرائض اليومية عارية عن الشاهد.

ومنه تعرف ضعف ما استشكله في المتن من عدم الدليل على تحمّل الإمام ما عدا القراءة ، فإنّ جواز اللحوق المزبور إنّما هو من باب السقوط لا التحمّل.

(٢) على المشهور ، لحديث لا تعاد في كلّ من عقدي المستثنى والمستثنى منه. وأما تكبيرة الإحرام فالحديث وإن كان قاصراً عن إثبات البطلان بنسيانها إلّا أنّه قد دلّت على ذلك نصوص خاصّة قد تقدّمت هي وما يعارضها مع الجواب عنه في فصل تكبيرة الإحرام (٢) فراجع ، هذا.

__________________

(*) هذا الاحتمال قريب جدّاً.

(١) الوسائل ٨ : ٣٨٢ / أبواب صلاة الجماعة ب ٤٥ ح ١ ، ٢.

(٢) شرح العروة ١٤ : ٩٠.

٣٣٨

[٢٢٠٧] مسألة ٩ : إذا أتى بموجب سجود السهو فالأحوط إتيانه (١) وإن كان عدم وجوبه في صورة استحباب الصلاة كما في زمان الغيبة لا يخلو

______________________________________________________

وعن الشيخ الحكم بقضاء التكبيرات المنسيّة كلّاً أو بعضاً بعد الصلاة (١) وعن المدارك (٢) الاستدلال عليه بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «أنّه قال : إذا نسيت شيئاً من الصلاة ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ثمّ ذكرت فاقض الّذي فاتك سهواً» (٣).

وفيه : أنّ إطلاقها مقطوع العدم كما لا يخفى ، فلا يمكن التمسّك به ، ولم يثبت القضاء في الأجزاء المنسية إلّا موارد خاصّة ليس المقام منها.

(١) بل الأظهر كما يظهر من منهاج الأُستاذ (٤) ، عملاً بالإطلاق في أدلّة سجود السهو ، ومن ثمّ تقدّمت الفتوى من السيِّد الماتن (٥) بوجوب السجود لو اتّفق أحد الموجبات في صلاة الآيات ، وأقرّ عليه المحشّون.

ودعوى الانصراف في تلك الأدلّة إلى الفرائض اليومية كما عن صاحب الجواهر (٦) غير ظاهرة ، وعهدتها عليه.

__________________

(١) حكاه عنه في المعتبر ٢ : ٣١٥ [لكنّه نفى القضاء في الخلاف ١ : ٦٦٢ ، المسألة ٤٣٥ ، والمبسوط ١ : ١٧١].

(٢) المدارك ٤ : ١١٠.

(٣) الوسائل ٨ : ٢٣٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ٧.

(٤) منهاج الصالحين ١ : ٢٥٦ المسألة ٩٦٠ [لكن قال فيه : والأولى سجود السهو عند تحقّق موجبه].

(٥) في المسألة [١٧٦٨].

(٦) الجواهر ١١ : ٣٧٢.

٣٣٩

عن قوّة (١) وكذا الحال في قضاء التشهّد المنسي أو السجدة المنسية.

[٢٢٠٨] مسألة ١٠ : ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة ، نعم يستحبّ أن يقول المؤذن : «الصلاة» ثلاثا (٢).

[٢٢٠٩] مسألة ١١ : إذا اتّفق العيد والجمعة فمن حضر العيد وكان نائياً عن البلد كان بالخيار بين العود إلى أهله والبقاء لحضور الجمعة (٣).

______________________________________________________

(١) لانصراف الدليل عمّا اتّصف بالنفل فعلاً وإن كان فرضاً في الأصل ومنه يظهر الحال فيما بعده.

(٢) لصحيح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قلت له : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : ليس فيهما أذان ولا إقامة ولكن ينادى الصلاة ثلاث مرّات» الحديث (١).

(٣) على المشهور بين الأصحاب نقلاً وتحصيلاً كما في الجواهر (٢) بل عن الخلاف دعوى الإجماع عليه (٣) ، لصحيحة الحلبي «أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا في يوم الجمعة ، فقال : اجتمعا في زمان علي (عليه السلام) فقال : من شاء أن يأتي إلى الجمعة فليأت ، ومن قعد فلا يضرّه ، وليصلّ الظهر. وخطب خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة» (٤).

وبذلك يرتكب التخصيص في أدلّة وجوب الجمعة حتّى مثل الكتاب ، بناءً على التحقيق من جواز تخصيصه بخبر الواحد.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٢٨ / أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١.

(٢) الجواهر ١١ : ٣٩٥.

(٣) الخلاف ١ : ٦٧٣ المسألة ٤٤٨.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٤٧ / أبواب صلاة العيد ب ١٥ ح ١.

٣٤٠