موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ مرتضى البروجردي

[٢١٩٦] المسألة الثالثة والستّون : إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهّد المنسي ثمّ أبطل صلاته أو انكشف بطلانها سقط وجوبه لأنّه إنّما يجب في الصلاة الصحيحة (١) ، وأما لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثمّ أبطل صلاته فالأحوط إتيانه ، وإن كان الأقوى سقوط وجوبه أيضاً ، وكذا إذا انكشف بطلان صلاته ، وعلى هذا فاذا صلّى ثمّ أعادها احتياطاً وجوباً أو ندباً وعلم بعد ذلك وجود سبب سجدتي السهو في كلّ منهما يكفيه إتيانهما مرّة واحدة ، وكذا إذا كان عليه فائتة مردّدة بين صلاتين أو ثلاث مثلاً فاحتاط بإتيان صلاتين أو ثلاث صلوات ثمّ علم تحقّق سبب السجود في كلّ منها فإنّه يكفيه الإتيان به مرّة بقصد الفائتة الواقعية ، وإن كان الأحوط التكرار (*) بعدد الصلوات.

______________________________________________________

(١) إذ من الواضح أنّ القضاء المزبور سواء أكان جزءاً متمّماً أو عملاً مستقلا إنّما شرع لتدارك النقص ، ولا تدارك إلّا في الصلاة الصحيحة دون الفاسدة.

وأمّا سجود السهو فهو وإن كان واجباً نفسياً شرع لإرغام الشيطان ولا يضر تركه بصحّة الصلاة ، فمن الجائز وجوبه بحدوث موجبه ولو في صلاة باطلة أو التي يبطلها. إلّا أنّ أدلّته قاصرة الشمول لمثل ذلك ، لقوله (عليه السلام) : وتسجد سجدتي السهو بعد تسليمك (١) ، فانّ هذا التعبير منصرف عن الصلاة الباطلة ، إذ هي لا تحتاج إلى التسليم. فدليل الوجوب خاص بالصلاة الصحيحة.

__________________

(*) هذا الاحتياط ضعيف جدّا.

(١) الوسائل ٨ : ٢٥٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٢ ح ١ (نقل بالمضمون).

٣٠١

[٢١٩٧] المسألة الرابعة والستّون : إذا شكّ في أنّه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين أو ثلاث (١) فان لم يتجاوز محلّها بنى على واحدة وأتى بأُخرى ، وإن تجاوز بنى على الاثنتين ولا شي‌ء عليه عملاً بأصالة عدم الزيادة ، وأمّا إن علم أنّه إمّا سجد واحدة أو ثلاثاً وجب عليه اخرى (*) ما لم يدخل في الركوع وإلّا قضاها بعد الصلاة وسجد للسهو.

______________________________________________________

ويترتّب على ذلك الاكتفاء بسجود السهو مرّة واحدة في الفرعين اللّذين ذكرهما في المتن ، إذ الصلاة الصحيحة فيها واحدة ، والأُخرى باطلة واقعاً وإن أتى بها احتياطاً.

(١) قد يفرض عروض الشك المزبور في المحل ، وأُخرى بعد التجاوز عنه :

ففي الأوّل : وجب الإتيان بسجدة اخرى عملاً بقاعدة الاشتغال ، وتحقيقاً للفراغ عن عهدة السجدة الثانية المشكوكة بعد دفع احتمال الزيادة بأصالة العدم.

وفي الثاني : بنى على الثنتين بمقتضى قاعدة التجاوز ، والزيادة المشكوكة مدفوعة بالأصل كما عرفت ، وهذا ظاهر.

إنّما الكلام فيما ذكره (قدس سره) بعد ذلك من العلم الإجمالي بأنّه إمّا سجد واحدة أو ثلاثاً ، من دون احتمال الثنتين بشرط لا. ولا إشكال فيما لو كان هذا الشك في المحل ، فإنّه يبني على الواحدة ويأتي بالثانية بمقتضى قاعدة الاشتغال وينفي الثالثة بأصالة عدم الزيادة ، فينحلّ العلم الإجمالي بالأصل المثبت والنافي.

__________________

(*) لا يبعد وجوب مضيّه إذا كان العلم المزبور حال القيام ، وعدم وجوب القضاء عليه إذا كان بعد الدخول في الركوع ، نعم تجب عليه سجدتا السهو بناءً على وجوبهما لكلّ زيادة ونقيصة.

٣٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا لو طرأ بعد التجاوز عنه فقد فصّل في المتن بين بقاء محل التدارك وبين فواته بالدخول في الركن وهو الركوع ، فيلزمه الرجوع والإتيان بسجدة أُخرى في الأوّل ، والقضاء مع سجود السهو في الثاني.

ونظره (قدس سره) في ذلك إلى معارضة قاعدة التجاوز التي أثرها نفي التدارك مع أصالة عدم الزيادة التي أثرها نفي سجود السهو ، إذ لا يمكن الجمع بينهما بعد العلم بالزيادة أو النقيصة ، للزوم المخالفة العملية ، وبعد التساقط يرجع إلى استصحاب عدم الإتيان بالسجدة الثانية ، ونتيجته التدارك مع الإمكان وإلّا فالقضاء مع سجود السهو كما ذكر.

والحقّ عدم الفرق بين الصورتين ، فيمضي وإن بقي المحل ، ولا يقضي وليس عليه سجود السهو إلّا بناءً على وجوبه لكلّ زيادة ونقيصة ، وذلك لجريان قاعدة التجاوز من غير معارض.

أمّا في صورة عدم بقاء المحل بالدخول في الركوع فلأجل أنّا إمّا أن نقول بوجوب سجود السهو لكلّ زيادة ونقيصة أو لا نقول بذلك.

فعلى الأوّل لم يبق موقع لجريان أصالة عدم الزيادة ، إذ الأثر المرغوب منها ليس إلّا نفي سجود السهو ، وهو غير مترتِّب في المقام بالضرورة ، لأنّا نعلم وجداناً بوجوبه إمّا للزيادة أو للنقيصة ، فالوجوب محرز تفصيلاً وإن كان سببه مجهولاً ، ومعه لا تجري أصالة عدم الزيادة لانتفاء الأثر ، فتبقى قاعدة التجاوز في طرف النقيصة النافية للقضاء سليمة عن المعارض.

وعلى الثاني وهو الصحيح فالأمر أوضح ، إذ لم يكن حينئذ أثر لأصالة عدم الزيادة من أصله ، فتجري قاعدة التجاوز في جانب النقيصة من غير معارض ، ويترتّب عليها نفي القضاء كما عرفت.

٣٠٣

[٢١٩٨] المسألة الخامسة والستّون : إذا ترك جزءاً من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه أعاد الصلاة (١) على الأحوط (*) وإن لم يكن من الأركان ، نعم لو كان الترك مع الجهل بوجوبه مستنداً إلى النسيان بأن كان

______________________________________________________

وأمّا في صورة بقاء المحل بأن كان شكّه قبل الدخول في الركوع فالحال فيها كذلك من سلامة القاعدة عن المعارض ، لعدم جريان الأصل المزبور.

أمّا بناءً على وجوب السجود لكلّ زيادة ونقيصة فللعلم به حينئذ تفصيلاً سواء عاد للتدارك أم لا ، إذ مع العود والرجوع يعلم بزيادة الأفعال التي وقعت في غير محلّها من القيام ونحوه ، ومع عدمه والمضي في صلاته يعلم بزيادة السجدة أو بنقيصتها. فهو يعلم بوجوب سجود السهو عليه على جميع التقادير ومعه لا مجال لإجراء أصالة عدم الزيادة ، لانتفاء الأثر ، فتبقى قاعدة التجاوز سليمة عن المعارض.

وأمّا بناءً على عدم الوجوب فالأمر أوضح كما مرّ.

وعلى الجملة : فأصالة عدم الزيادة لا تجري في شي‌ء من هذه الفروض لانتفاء الأثر المرغوب ، ومعه تجري قاعدة التجاوز من غير معارض. فليس له الرجوع ولا عليه القضاء ، بل يمضي في صلاته ولا شي‌ء عليه عدا سجود السهو بناءً على وجوبه لكل زيادة ونقيصة كما أشار إليه سيِّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) في تعليقته الشريفة.

(١) قد يستند الترك إلى الجهل ، وأُخرى إلى النسيان وإن كان مشوباً بالجهل كما لو اعتقد استحباب جزء وكان بانياً على الإتيان به فنسي وتركه بحيث إنّ الجهل لم يكن له أي أثر في الترك ، وإنّما الموجب هو النسيان فقط.

__________________

(١) وإن كان الأظهر عدم وجوب الإعادة في غير الأركان إذا كان الجهل لا عن تقصير.

٣٠٤

بانياً على الإتيان به باعتقاد استحبابه فنسي وتركه فالظاهر عدم البطلان وعدم وجوب الإعادة إذا لم يكن من الأركان.

______________________________________________________

لا ريب في عدم البطلان في الثاني ما لم يكن من الأركان كما أفاده في المتن لعدم الفرق بين العلم والجهل بعد استناد النقص إلى النسيان الّذي هو القدر المتيقّن من حديث لا تعاد. فلا فرق بين العالم الناسي وبين الجاهل الناسي بمقتضى إطلاق الحديث ، وهذا واضح.

إنّما الكلام في الأوّل أعني ما تضمّن الترك العمدي استناداً إلى الجهل بالحكم فانّ المشهور على ما نسبه شيخنا الأُستاذ (قدس سره) (١) وغيره إليهم وجوب الإعادة كما ذكره في المتن ، نظراً إلى اختصاص حديث لا تعاد بالناسي وعدم شموله للجاهل.

ولكنّه غير واضح ، فانّ خروج الجاهل المقصّر كالعالم العامد عن نطاق الحديث غير قابل للإنكار ، ضرورة أنّ الشمول للثاني مناف للأدلّة الأوّلية الدالّة على الأجزاء والشرائط ، وإلّا لم يبق لها مورد كما لا يخفى.

وأمّا الأوّل أعني الجاهل المقصّر فالحديث قاصر الشمول له في حدّ نفسه فإنّه ناظر إلى ما بعد العمل وانكشاف الحال الطارئ بعد ذلك ، الّذي هو ظرف الخطاب بأنّه أعد أو لا تعد ، بحيث لولا الانكشاف المزبور لم تجب عليه الإعادة وكان عمله محكوماً بالصحّة ، وأمّا الجاهل المقصِّر فهو حين العمل محكوم بالإعادة وموصوف بالفساد بمقتضى قاعدة الاشتغال ، فهو مكلّف آن ذاك بالواقع ولو بالاحتياط سواء انكشف الحال أم لا. فهو خارج عن مفاد الحديث جزماً.

__________________

(١) كتاب الصلاة ٢ : ١٩٣ ١٩٤.

٣٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

على أنّ قصر الأدلّة الأوّلية الدالّة على البطلان عند وجود القواطع وغيرها مثل قوله (عليه السلام) : من تكلّم في صلاته أو من زاد في صلاته أو من قهقه في صلاته فعليه الإعادة (١) على صورة العلم والعمد وتخصيصها بالعالم العامد بعيد في نفسه جدّاً.

بل غير ممكن ، فإنّه حمل للمطلقات على الفرد النادر ، إذ قلّما يرتكب العالم بالحكم الّذي هو في مقام الامتثال خلاف وظيفته عامداً ، فلا بدّ من شمولها للجاهل المقصّر أيضاً ، فهو محكوم بالإعادة بمقتضى هذه النصوص لا بعدمها ليندرج في الحديث. فالقرينة الداخلية والخارجية متطابقتان على عدم الشمول للجاهل المقصّر.

وأمّا الجاهل القاصر الّذي كان معذوراً حين العمل لتخيّله أنّ ما يأتي به هي وظيفته ، بحيث لو لم ينكشف الخلاف لكان عمله محكوماً بالصحّة ومطابقاً للوظيفة الفعلية كما في المجتهد المخطئ أو مقلّديه ، فلا نعرف وجهاً لخروجه عن الحديث كي يختص بالناسي ، بل الظاهر شموله لهما معاً بمناط واحد.

نعم ، ذكر شيخنا الأُستاذ (قدس سره) (٢) في وجه التخصيص أنّ المنفي في الحديث إنّما هي الإعادة ، ومن الواضح أنّها وظيفة من لم يكن مأموراً بالعمل نفسه ، وإلّا فيخاطب به ابتداءً لا بالإعادة التي هي الوجود الثاني للطبيعة. فهي ناظرة إلى من وظيفته الإعادة لولا الحديث. فلا جرم يختص مورده بالناسي ، إذ هو الّذي يتعذّر في حقّه التكليف الواقعي ، ولم يكن مأموراً في ظرف العمل وحالة نسيانه ، بل محكوم بالإعادة أو بعدمها. وأمّا الجاهل فهو حين إحداثه

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٢٨١ / أبواب قواطع الصلاة ب ٢٥ ح ٢ ، ١ ، ٨ : ٢٣١ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٩ ح ٢ ، ٧ : ٢٥٠ / أبواب قواطع الصلاة ب ٧.

(٢) كتاب الصلاة ٣ : ٥.

٣٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

محكوم بالواقع وبنفس العمل لا بإعادته ، فلا يشمله الحديث. وإجزاء غير الواجب عن الواجب لا دليل عليه.

ويندفع بأنّ الجاهل القاصر وإن كان حين العمل مكلّفاً بنفس الواقع كالسورة مثلاً إلّا أنّه بعد التجاوز عن المحل بالدخول في الركوع فالأمر الواقعي ساقط حينئذ جزماً ، لتعذّر امتثاله ، فلا محالة يكون بعدئذ مأموراً بإعادة الصلاة أو بعدمها. فلا تختص الإعادة بمن لا يكون مكلّفاً حين العمل كالناسي ، بل تعمّ الجاهل أيضاً.

ويؤيِّده إطلاق لفظ الإعادة في مورد الجهل القصوري أو التقصيري في غير واحد من الأخبار مثل قوله (عليه السلام) : «مَن تكلّم في صلاته فعليه الإعادة» وغير ذلك ممّا مرّ ونحوه كما لا يخفى على من لاحظها.

وعلى الجملة : فكما أنّ غير الجاهل محكوم عليه بالإعادة فكذا الجاهل بمناط واحد ، ونتيجته أنّ الحديث شامل للجاهل القاصر أيضاً. فمن أتى بعمل وهو يرى أنّه قد أتى بالواقع وكان معذوراً ثمّ انكشف له الخلاف أعاد إن كان الخلل في الأركان وإلّا فلا ، من غير فرق في ذلك بين الناسي والجاهل القاصر حسبما عرفت.

والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وصلّى الله على سيِّدنا ونبيِّنا محمّد وآله الطاهرين.

وكان الفراغ في التاسع من شهر شعبان المعظّم من السنة الثانية والتسعين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة النبويّة في جوار القبّة العلويّة على صاحبهما أفضل الصلاة وأزكى التحيّة.

٣٠٧

فصل (١)

في صلاة العيدين (٢) : الفطر والأضحى

وهي كانت واجبة (٣) في زمان حضور الإمام (عليه السلام) مع اجتماع شرائط وجوب الجمعة ،

______________________________________________________

(١) لم يتعرّض سيِّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) لشرح هذه المسائل جرياً على عادته من إهمال أبواب المستحبّات ، ولا بأس بالإشارة الإجمالية إليها على ضوء إنظاره المقدّسة حسبما يتّسع الوقت وتساعده الفرصة.

(٢) واحدهما عيد وياؤه منقلبة عن الواو ، لأنّه مأخوذ من العود ، إمّا لكثرة عوائد الله تعالى فيه على عباده ، وإمّا لعود السرور والرحمة بعوده ، والجمع أعياد ، على غير القياس ، لأنّ حقّ الجمع ردّ الشي‌ء إلى أصله. قيل : وإنّما فعلوا ذلك للزوم الياء في مفردة ، أو للفرق بين جمعه وجمع عود الخشب كما أشار إلى ذلك كلّه في الحدائق (١).

(٣) إجماعاً كما عن غير واحد ، ويشير إليه من الكتاب قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) (٢) ففي تفسير القمّي «قال (عليه السلام) :

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ١٩٩.

(٢) الأعلى ٨٧ : ١٤ ١٥.

٣٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

صلاة الفطر والأضحى» (١) وفي الفقيه عن الصادق (عليه السلام) : «عن قول الله عزّ وجلّ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى) قال : من أخرج الفطرة ، فقيل (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى) قال : خرج إلى الجبّانة فصلّى» (٢) وإن كان في سند الروايتين ما لا يخفى.

وقوله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٣) ففي الصافي عن تفاسير الجمهور أنّ المراد بالصلاة صلاة العيدين ، وبالنحر نحر الهدي والأضحية (٤).

ومن السنّة نصوص مستفيضة ، التي منها صحيح جميل بن درّاج عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال : «صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة» (٥).

ولا ينافيها التعبير بالسنّة في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (٦) لجواز أن يراد بها ما علم وجوبه من غير القرآن كما عن الشيخ (٧) أو ما يقابل البدعة كما عن المحقِّق الهمداني (٨).

ولا ينافي الأوّل ما مرّ من ثبوته بالكتاب أيضاً لو تمّ لجواز أن يكون المعنى أنّ كونها مع الإمام سنّة كما أوعز إليه في المستند (٩) فتدبّر.

__________________

(١) تفسير القمّي ٢ : ٤١٧.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٥٠ / أبواب صلاة العيد ب ١٧ ح ٤ ، الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٧٨.

(٣) الكوثر ١٠٨ : ٢.

(٤) تفسير الصافي ٥ : ٣٨٣.

(٥) الوسائل ٧ : ٤١٩ / أبواب صلاة العيد ب ١ ح ١.

(٦) الوسائل ٧ : ٤١٩ / أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٢.

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٤ ذيل ح ٢٩٢.

(٨) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٤٦٤ السطر ٤.

(٩) المستند ٦ : ١٦٥.

٣٠٩

وفي زمان الغيبة مستحبّة (١)

______________________________________________________

(١) على المشهور بين الأصحاب ، بل عن الذخيرة عدم ظهور مصرّح بالوجوب في زمن الغيبة (١) ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع على عدمه. خلافاً لما نسب إلى جماعة من متأخِّري المتأخِّرين من القول بالوجوب واختاره صريحاً في الحدائق ناسباً له إلى كلّ من قال بوجوب الجمعة عيناً في زمن الغيبة (٢).

وكيف ما كان ، فتدلّ على المشهور النصوص المستفيضة المصرّحة باعتبار الإمام ، بناءً على ظهوره في إمام الأصل ، التي منها موثّقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : لا صلاة في العيدين إلّا مع الإمام ، فإن صلّيت وحدك فلا بأس» (٣) ونحوها صحيحة زرارة (٤).

فانّ الحمل على إمام الجماعة مضافاً إلى بُعده ، لمكان التعريف باللّام ، الظاهر في كونه إشارة إلى إمام معهود ، وليس إلّا المعصوم (عليه السلام) أو المنصوب من قبله ، ينافيه التصريح في ذيل الاولى بجواز الصلاة فرادى.

ولا تنافي على الأوّل ، إذ لا مانع من أن يكون الوجوب مشروطاً بإمام خاص وتكون المشروعية ثابتة حالة الانفراد أيضاً ، أمّا لو كان الوجوب مشروطاً بمطلق الإمام فاللّازم تعليق وجوب الجماعة على إرادتها ، وهو كما ترى ، فلا مناص من أن يراد به إمام خاص معهود ، وعليه ينزل تنكير الإمام في سائر الأخبار. على أنّ موثّقة سماعة الأُخرى (٥) كالصريح في إرادة الإمام

__________________

(١) الذخيرة : ٣١٨ السطر ٢٤.

(٢) الحدائق ١٠ : ١٩٩ ، ٢٠٥.

(٣) ، (٤) الوسائل ٧ : ٤٢١ / أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٥ ، ٣.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٢٢ / أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٦.

٣١٠

جماعة (١)

______________________________________________________

المنصوب ، هذا.

مضافاً إلى إمكان التشكيك في المقتضي للتعميم ، نظراً إلى قصور الأدلّة عن إثبات الوجوب في حال الغيبة ، حيث إنّها قضايا طبيعية غير مسوقة إلّا لبيان أصل المشروعية أو الوجوب ، من غير تعرّض لكونه مطلقاً أو مشروطاً بشي‌ء من إذن الإمام (عليه السلام) ونحوه. فلا إطلاق لها من هذه الجهة حتّى يصحّ التمسّك به لنفي الاشتراط ، فتدبّر جيّداً. وتؤيِّده وجوه أُخر مذكورة في المطولات.

(١) لموثّقة سماعة الثانية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال «قلت له : متى يذبح؟ قال : إذا انصرف الإمام ، قلت : فاذا كنت في أرض (قرية) ليس فيها إمام فأُصلِّي بهم جماعة؟ فقال : إذا استقلّت الشمس ، وقال : لا بأس أن تصلِّي وحدك ، ولا صلاة إلّا مع إمام» (١) فانّ مقتضى التقرير مشروعية الجماعة فيها.

مضافاً إلى الإجماع المدّعى في كلمات غير واحد ، بل قد استقرّ عليه عمل جمهور الإمامية خلفاً عن سلف بمثابة قد يدّعى أنّه لولا ما دلّ من الأخبار على جواز إتيانها فرادى لكانت مظنّة كون الجماعة مأخوذة في قوام ماهيّتها سيّما بعد ملاحظة جريان السنّة في أصل شرعها على فعلها جماعة ، وبذلك يخرج عن العمومات الناهية عن الجماعة في النوافل لو سلّم شمولها لمثل المقام ممّا كان فريضة في الأصل.

فما في الحدائق من أنّا لم نقف لما ذكره الأصحاب من الاستحباب جماعة مع

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٢٢ / أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٦.

٣١١

وفرادى (١).

______________________________________________________

اختلال بعض شروط الوجوب على دليل (١) وكذا ما عن بعض الأجلّة من التشكيك في ذلك والمنع عن الإتيان بها كذلك إلّا رجاءً ، غير واضح.

(١) وبذلك افترقت عن صلاة الجمعة المتقوّمة بالجماعة ، وذلك للتصريح به في غير واحد من النصوص التي منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيّب بما وجد ، وليصلّ في بيته وحده كما يصلِّي في جماعة» (٢) المحمولة على الاستحباب قطعاً ، لكون الجماعة شرطاً في الوجوب نصّاً وإجماعاً.

ولا تعارضها معتبرة الغنوي عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها ، فقلت : أرأيت إن كان مريضاً لا يستطيع أن يخرج أيصلِّي في بيته؟ قال : لا» (٣). إذ مضافاً إلى عدم صراحتها في الانفراد ، محمولة على نفي الوجوب جمعاً كما حكاه في الوسائل عن الشيخ وغيره (٤).

وإن أبيت إلّا عن ظهورها في نفي المشروعية فهي معارضة في موردها أعني المريض بصحيحة منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال : مرض أبي يوم الأضحى فصلّى في بيته ركعتين ثمّ ضحى» (٥) وبعد التساقط يكون المرجع صحيحة ابن سنان المتقدِّمة وغيرها ممّا تضمّن نفي البأس عن الصلاة

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٢١٩.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٢٤ / أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ١.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٢٢ / أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٨.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٢٥ / أبواب صلاة العيد ذيل ب ٣.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٢٥ / أبواب صلاة العيد ب ٣ ح ٣.

٣١٢

ولا يشترط فيها شرائط الجمعة وإن كانت بالجماعة فلا يعتبر فيها العدد من الخمسة أو السبعة ، ولا بعد فرسخ بين الجماعتين ونحو ذلك (١). ووقتها من طلوع الشمس (٢) إلى الزوال (٣).

______________________________________________________

وحده كموثقتي سماعة المتقدّمتين.

(١) لظهور كلمات الأصحاب في أنّ تلك الشرائط على إجمالها شرائط الوجوب لا الاستحباب ، بل لم نعثر في المقام على نص يدل على اعتبار بعد الفرسخ بين الجماعتين حتّى في الواجبة.

مضافاً إلى التصريح بالثبوت مع انتفاء بعض الشروط في جملة من الأخبار كصحيحة سعد عن الرِّضا (عليه السلام) المصرّحة بثبوتها للمسافر (١) ، وصحيحة ابن سنان المصرّحة بثبوتها للنِّساء (٢) وغيرهما.

(٢) لصحيحة زرارة قال «قال أبو جعفر (عليه السلام) : ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا» (٣). وفي مضمرة سماعة قال : «سألته عن الغدو إلى المصلِّى في الفطر والأضحى ، فقال : بعد طلوع الشمس» (٤).

(٣) لصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : إذا شهد عند الإمام شاهدان أنّهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً أمر الإمام بالإفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، فان شهدا بعد زوال الشمس أمر

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٣٢ / أبواب صلاة العيد ب ٨ ح ٣.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٧١ / أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ١.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٢٩ / أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٥.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٧٣ / أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ٢.

٣١٣

ولا قضاء لها لو فاتت (١). ويستحبّ تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس (٢) ، وفي عيد الفطر يستحبّ تأخيرها أزيد بمقدار الإفطار وإخراج الفطرة.

______________________________________________________

الإمام بإفطار ذلك اليوم وأخّر الصلاة إلى الغد فصلّى بهم» (١) فإنّها واضحة الدلالة بقرينة المقابلة على امتداد الوقت إلى الزوال.

وما احتمله في الحدائق من كون جملة «وأخّر الصلاة إلى الغد» مستأنفة لا معطوفة على الجملة الجزائية (٢) لتكون النتيجة لزوم التأخير إلى الغد على التقديرين في غاية البعد ، للزوم لغوية التفصيل حينئذ بين ما قبل الزوال وما بعده كما لا يخفى.

نعم ، مورد الصحيحة حال الضرورة ، فلا تدلّ على جواز التأخير إلى الزوال لدى الاختيار ، إلّا أن يدّعى القطع بعدم الفرق وإلغاء خصوصية المورد ، أو يعوّل على الإجماع المدّعى في كلمات غير واحد ، حيث لم يرد في المقام نص آخر.

(١) لصحيح ابن أبي عمير «... ومن لم يصلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه» (٣).

(٢) لما حكي عن الشيخ في المبسوط (٤) ، بل نسب إلى جملة من القدماء من أنّ وقتها انبساط الشمس وارتفاعها.

ولعلّه إليه يشير قوله (عليه السلام) في موثّقة سماعة «... إذا استقلّت

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٣٢ / أبواب صلاة العيد ب ٩ ح ١.

(٢) الحدائق ١٠ : ٢٢٨.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٢٩ / أبواب صلاة العيد ب ٧ ذيل ح ٥.

(٤) لاحظ المبسوط ١ : ١٦٩.

٣١٤

وهي ركعتان يقرأ في الأُولى منهما الحمد وسورة ، ويكبِّر خمس تكبيرات عقيب كلّ تكبيرة قنوت ، ثمّ يكبِّر للركوع ويركع ويسجد ، ثمّ يقوم للثانية وفيها بعد الحمد وسورة يكبِّر أربع تكبيرات ويقنت بعد كلّ منها ، ثمّ يكبِّر للركوع ويتمّ الصلاة ، فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة سبع تكبيرات في الأُولى وهي تكبيرة الإحرام وخمس للقنوت وواحدة للركوع ، وفي الثانية خمس تكبيرات أربعة للقنوت وواحدة للركوع (١).

______________________________________________________

الشمس» (١) بناءً على أن تكون العبارة جواباً عن السؤال الثاني ، لا متمِّماً للجواب عن السؤال الأوّل ، ولكنّها محمولة على وقت الفضيلة جمعاً بينها وبين صحيحة زرارة ومضمرة سماعة المتقدِّمتين الظاهرتين في دخول الوقت بمجرّد الطلوع.

إلّا أن يقال : إنّ النظر فيهما معطوف إلى وقت الخروج والغدوّ إلى المصلّى ، فلا ينافي أن يكون وقت الإقامة ارتفاع الشمس وانبساطها لو استفيد ذلك من هذه الموثّقة.

(١) دلّت على الكيفية المزبورة جملة من الروايات التي منها صحيحة معاوية ابن عمار قال : «سألته عن صلاة العيدين ، فقال : ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ، وليس فيهما أذان ولا إقامة ، يكبِّر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة ، يبدأ فيكبِّر ويفتتح الصلاة ، ثمّ يقرأ فاتحة الكتاب ، ثمّ يقرأ والشمس وضحيها ، ثمّ يكبِّر خمس تكبيرات ، ثمّ يكبِّر ويركع فيكون يركع بالسابعة ، ويسجد سجدتين ، ثمّ يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية ، ثمّ يكبِّر أربع تكبيرات

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٢٢ / أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٦.

٣١٥

والأظهر وجوب القنوتات (١).

______________________________________________________

ويسجد سجدتين ويتشهّد ويسلِّم ، قال : وكذلك صنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ...» الحديث (١).

(١) على المشهور كما في الجواهر (٢) ، بل عن الانتصار دعوى الإجماع عليه (٣) بل في الذكرى عن السيِّد المرتضى أنّه ممّا انفرد به الإمامية (٤). خلافاً لجماعة منهم الشيخ في الخلاف (٥) ، ومال إليه في المدارك (٦).

ويدلّ على المشهور ظاهر الأمر بها في جملة من النصوص التي منها صحيحة يعقوب بن يقطين ، قال : «سألت العبد الصالح (عليه السلام) عن التكبير في العيدين قبل القراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الأُولى وفي الثانية والدُّعاء بينهما؟ وهل فيها قنوت أم لا؟ فقال : تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة ، يكبِّر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ثمّ يقرأ ويكبِّر خمساً ويدعو بينهما ...» الحديث (٧).

ويستدلّ للشيخ بخلوّ بعض الأخبار عنه وبالتعبير بـ «ينبغي» في بعضها الآخر كمضمرة سماعة وفيها «... وينبغي أن يتضرّع بين كلّ تكبيرتين ويدعو الله» (٨) والمرجع بعد الشك أصالة البراءة.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٣٤ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢ [لم يذكر فيها تكبير ركوع الثانية].

(٢) الجواهر ١١ : ٣٦٠.

(٣) الانتصار : ١٧١.

(٤) الذكرى ٤ : ١٨٤.

(٥) الخلاف ١ : ٦٦١ المسألة ٤٣٣.

(٦) المدارك ٤ : ١٠٧.

(٧) الوسائل ٧ : ٤٣٥ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨.

(٨) الوسائل ٧ : ٤٣٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٩.

٣١٦

وتكبيراتها (١) ،

______________________________________________________

وكلاهما كما ترى ، لوضوح عدم قدح الأوّل بعد اشتمال غيره عليه ، ومعه لا موقع للرجوع إلى الأصل.

ولفظ «ينبغي» وإن لم يكن ظاهراً في الوجوب لكنّه غير ظاهر في عدمه فلا تصلح لمقاومة ما سبق. فما عليه المشهور هو الأظهر.

(١) في الحدائق : أنّ عليه الأكثر (١) ، لما عرفت من ظاهر الأمر. خلافاً للمفيد في المقنعة حيث صرّح بالاستحباب (٢) ، وتبعه جملة من المتأخِّرين كالمحقِّق في المعتبر (٣) وغيره استناداً إلى صحيحة زرارة «أنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن الصلاة في العيدين ، فقال : الصلاة فيهما سواء يكبِّر الإمام تكبير الصلاة قائماً كما يصنع في الفريضة ، ثمّ يزيد في الركعة الأُولى ثلاث تكبيرات ، وفي الأُخرى ثلاثاً سوى تكبير الصلاة والركوع والسجود وإن شاء ثلاثاً وخمساً ، وإن شاء خمساً وسبعاً بعد أن يلحق ذلك إلى وتر» (٤) المحمولة على التقيّة ، لموافقتها لمذهب كثير من أهل الجماعة (٥).

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٢٤٢.

(٢) [لم نعثر عليه في المقنعة ، نعم حكاه عنه في الحدائق ١٠ : ٢٤٢ ، والظاهر أنّه للشيخ في التهذيب ٣ : ١٣٤ ذيل ح ٢٨٩].

(٣) المعتبر ٢ : ٣١٢.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٣٨ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٧.

(٥) المجموع ٥ : ١٧ ، ١٩ ، المغني ٢ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٤٦.

٣١٧

ويجوز في القنوتات كلّ ما جرى على اللسان من ذكر ودعاء كما في سائر الصلوات (١) وإن كان الأفضل الدُّعاء المأثور ، والأولى أن يقول في كلّ منها : «اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو والرّحمة وأهل التقوى والمغفرة أسألك بحقّ هذا اليوم الّذي جعلته للمسلمين عيداً ، ولمحمّد (صلّى الله عليه وآله) ذخراً وشرفاً وكرامة ومزيداً أن تصلِّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تدخلني في كلّ خير أدخلت فيه محمّداً وآل محمّد ، وأن تخرجني من كلّ سوء أخرجت منه محمّداً وآل محمّد صلواتك عليه وعليهم ، اللهمّ إنِّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون وأعوذ بك ممّا استعاذ منه عبادك المخلصون» (٢).

______________________________________________________

(١) ففي صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «سألته عن الكلام الّذي يتكلّم به فيما بين التكبيرتين في العيدين ، قال : ما شئت من الكلام الحسن» (١).

وهو خير شاهد على أنّ الأمر بالأدعية والأذكار الخاصّة في سائر النصوص محمول على الأفضلية. ويعضده اختلاف الروايات في القنوت المأثور عنهم (عليهم السلام).

(٢) جاءت هذه الكيفية في مصباح المتهجد (٢) للشيخ الطوسي (قدس سره) مع اختلاف يسير بزيادة لفظ «أنت» بعد «اللهمّ» (٣) وإسقاط «شرفاً وكرامة»

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٦٧ / أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ١.

(٢) مصباح المتهجد : ٦٥٤.

(٣) [لا توجد هذه الزيادة في النسخة المعتمدة من المصباح].

٣١٨

ويأتي بخطبتين (١) بعد الصلاة (٢)

______________________________________________________

بعد «ذخراً» وقبل «مزيداً» ، ولفظ «الصالحون» عوضاً عن «المخلصون» في آخر الدُّعاء.

ويقرب منه ما في الإقبال (١) للسيِّد ابن طاوس. والأمر هيّن بعد ما عرفت من صحيح ابن مسلم.

(١) يفصل بينهما بجلسة خفيفة كما في منهاج الصالحين (٢) للأمر بها في مضمرة معاوية ، قال (عليه السلام) : «وإذا خطب الإمام فليقعد بين الخطبتين قليلا» (٣).

(٢) إجماعاً بقسميه ، بل من المسلمين فضلاً عن المؤمنين كما في الجواهر (٤) وقد دلّت عليه النصوص المستفيضة لو لم تكن متواترة ، التي منها صحيحة محمّد ابن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) «في صلاة العيدين ، قال : الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة سبع في الأُولى وخمس في الأخيرة ، وكان أوّل من أحدثها بعد الخطبة عثمان لمّا أحدث أحداثه ، كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلمّا رأى ذلك قدّم الخطبتين واحتبس الناس للصلاة» (٥).

نعم ، قد يستشعر من التعبير بكلمة «ينبغي» في مضمرة سماعة «قال : وينبغي

__________________

(١) الإقبال : ٢٨٩.

(٢) لسيِّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) ١ : ٢٥٦ [خاتمة ، صلاة العيدين].

(٣) الوسائل ٧ : ٤٤٠ / أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١.

(٤) الجواهر ١١ : ٣٩٧.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٤١ / أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ٢.

٣١٩

مثل ما يؤتى بهما في صلاة الجمعة (١). ومحلّهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة فإنّهما قبلها ، ولا يجوز إتيانهما هنا قبل الصلاة (٢) ، ويجوز تركهما في زمان الغيبة وإن كانت الصلاة بجماعة (٣).

______________________________________________________

للإمام أن يصلِّي قبل الخطبة» (١) جواز التقديم.

ولكنّه كما ترى ، مضافاً إلى ما يلوح منها من شائبة التقيّة كما لا يخفى. فلا تنهض لمقاومة ما سبق.

(١) قال في الجواهر : كيفية الخطبة كما في الجمعة ، وفي المعتبر : عليه العلماء لا أعرف فيه خلافاً (٢). ولعلّ الاتِّحاد هو المنسبق من الأخبار ، سيّما ممّا رواه الصدوق عن الفضل بن شاذان عن الرِّضا (عليه السلام) «قال : إنّما جعلت الخطبة في يوم الجمعة في أوّل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة ...» الحديث (٣).

(٢) لأنّه من البدعة كما أُشير إليها في صحيحة محمّد بن مسلم المتقدِّمة.

(٣) قال في الجواهر : كما أنّ عدم وجوبهما مسلّم لو صلّيت فرادى ، لعدم تعقّل الخطبة حينئذ ، بل يمكن أن يكون كالفرادى لو صلّيت جماعة بواحد ونحوه ، بل وبالعدد في مثل هذا الزمان أو غيره ممّا لا تكون واجبة فيه ، فانّ احتمال وجوب الخطبتين حينئذ شرطاً بعيد. انتهى (٤) وقد ادّعى غير واحد منهم

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٣٩ / أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٩.

(٢) الجواهر ١١ : ٣٤٠ ، المعتبر ٢ : ٣٢٥.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٤٣ / أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١٢ ، علل الشرائع : ٢٦٥ / ٩.

(٤) الجواهر ١١ : ٣٤٠.

٣٢٠