موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ مرتضى البروجردي

[٢١٦٢] المسألة التاسعة والعشرون : لو انعكس الفرض السابق بأن شكّ بعد العلم بأنّه صلّى الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر في أنّه صلّى الظهر أربع فالتي بيده رابعة العصر أو صلاها خمساً فالتي بيده ثالثة العصر (١) فبالنسبة إلى الظهر شكّ بعد السلام ، وبالنسبة إلى العصر شكّ بين الثلاث والأربع. ولا وجه لإعمال قاعدة الشك بين الثلاث والأربع في العصر ، لأنّه إن صلّى الظهر أربعاً (*) فعصره أيضاً أربعة فلا محلّ لصلاة الاحتياط ، وإن صلّى الظهر خمساً فلا وجه للبناء على الأربع في العصر

______________________________________________________

المنصوص على صحّتها المحكومة بالإعادة بمقتضى الإطلاق في صحيحة صفوان فلا مناص من رفع اليد عن هذه الصلاة وإعادة العصر ، وأمّا الظهر فهي مجرى لقاعدة الفراغ كما عرفت.

وممّا ذكرنا يظهر الحال في العشاءين ، فإنّه يحكم بصحّة الصلاتين بعد إجراء القاعدتين على التفصيل الّذي ذكرناه.

(١) ذكر الماتن (قدس سره) أنّ الشك حينئذ بالنسبة إلى الظهر شكّ بعد السلام فهو مورد لقاعدة الفراغ ، وبالنسبة إلى العصر شكّ بين الثلاث والأربع وهو مورد لقاعدة البناء في حدّ نفسه.

__________________

(*) لا يخفى ما في هذا التعليل ، والصحيح هو التعليل بأنّ العلم بعدم الحاجة إلى صلاة الاحتياط لجبر النقص المحتمل في العصر مانع عن شمول القاعدة لها ، لأنّها إن كانت تامّة لم تحتج إلى صلاة الاحتياط ، وإن كانت ناقصة وجب العدول بها إلى الظهر ، وعلى كلّ حال لا يجبر نقصها المحتمل بصلاة الاحتياط ، وعليه فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الظهر ، فتجب إعادة العصر خاصّة ، وبذلك يظهر الحال في العشاءين.

٢٢١

وصلاة الاحتياط. فمقتضى القاعدة إعادة الصلاتين ، نعم لو عدل بالعصر إلى الظهر وأتى بركعة أُخرى وأتمّها يحصل له العلم بتحقّق ظهر صحيحة مردّدة بين الاولى إن كان في الواقع سلّم فيها على الأربع ، وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلّم فيها على الخمس ، وكذا الحال في العشاءين إذا شكّ بعد العلم بأنّه صلّى سبع ركعات قبل السلام من العشاء في أنّه سلّم في المغرب على الثلاث حتّى يكون ما بيده رابعة العشاء أو على الأربع حتّى يكون ما بيده ثالثتها ، وهنا أيضاً إذا عدل إلى المغرب وأتمّها يحصل له العلم بتحقّق مغرب صحيحة أمّا الأُولى أو الثانية المعدول إليها. وكونه شاكّاً بين الثلاث والأربع مع أنّ الشك في المغرب مبطل لا يضرّ بالعدول ، لأنّ في هذه الصورة يحصل العلم بصحّتها مردّدة بين هذه والأولى ، فلا يكتفي بهذه فقط حتّى يقال إنّ الشك في ركعاتها يضرّ بصحّتها.

______________________________________________________

إلّا أنّ هذه القاعدة لا يمكن إعمالها في العصر ، لأنّه إن صلّى الظهر أربعاً فعصره أيضاً أربع ، ومعه لا حاجة إلى صلاة الاحتياط ، لأنّها إنّما شرعت لجبر النقص المحتمل ، وهو هنا مقطوع العدم حسب الفرض. وإن صلّاها خمساً الملازم لكون ما بيده الثالثة فحيث إنّ الاولى حينئذ فاسدة لا مناص من العدول إليها وضمّ الركعة الموصولة رعاية للترتيب المعتبر بينهما. فلا وجه للبناء على الأربع في العصر وضمّ الركعة المفصولة.

وعلى الجملة : لا مجال لشمول قاعدة البناء لهذه الصلاة وتصحيحها بعنوان العصر ، إذ لا حاجة إلى ركعة الاحتياط على تقدير ، وسالبة بانتفاء الموضوع على التقدير الآخر ، للزوم العدول بعد كون الأُولى فاسدة ، وهذه للترتيب فاقدة الموجب لزوال عنوان العصر. ثمّ فرّع (قدس سره) على ذلك لزوم إعادة

٢٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاتين وجعلها مقتضى القاعدة.

أقول : ما أفاده (قدس سره) من عدم شمول قاعدة البناء لصلاة العصر هو الصحيح ، لما ذكره (قدس سره) من التعليل الّذي أوضحناه آنفاً من العلم بعدم الحاجة إلى ركعة الاحتياط لو كانت تامّة ، ووجوب العدول بها إلى الظهر لو كانت ناقصة والإتيان بالركعة المتّصلة ، فلا يحتمل جبر النقص المحتمل في العصر بالركعة المفصولة. فلا يمكن تصحيحها عصراً بوجه.

فالتعليل واضح ، إلّا أنّ التفريع غير واضح ، إذ لا يترتّب عليه ما استنتجه من لزوم إعادة الصلاتين ، لابتنائها على تعارض القاعدتين لتجب إعادتهما بمقتضى قاعدة الاشتغال. ولا تعارض في البين ، فانّ الشك بالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام فهي مورد لقاعدة الفراغ ، وبالنسبة إلى العصر لا تجري قاعدة البناء حسب الفرض ، فأين المعارضة؟

وبالجملة : بعد البناء على عدم شمول قاعدة البناء لصلاة العصر لأنّها أمّا صحيحة أو فاقدة للترتيب ومحكومة بالعدول كما عرفت. فاذن ما هو المعارض لقاعدة الفراغ الجارية في صلاة الظهر ليحكم بإعادة الصلاتين بعد سقوط القاعدتين بالمعارضة؟.

فالصحيح لزوم إعادة العصر خاصّة بعد رفع اليد عنها من غير حاجة إلى إعادة الظهر.

وهكذا الحال في العشاءين فيما إذا علم أنّه صلّى سبع ركعات ولم يدر أنّه سلّم في المغرب على الثلاث ليكون ما بيده رابعة العشاء ، أو على الأربع حتّى يكون ما بيده ثالثتها ، فانّ الكلام هو الكلام من عدم جريان قاعدة البناء في العشاء ، لأنّها إمّا تامّة أو يجب العدول بها إلى المغرب ، فتجري قاعدة الفراغ في المغرب من غير معارض ، ويعيد العشاء خاصّة بعد رفع اليد عنها ، هذا.

٢٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن في كلا الموردين أن لا يرفع اليد ، بل يعدل بما بيده إلى السابقة كما أفاده في المتن. ففي العصر يعدل بها إلى الظهر ، وبعد ضمّ الركعة المتّصلة يجزم بتحقّق ظهر صحيحة مردّدة بين الاولى إن كان قد سلّم فيها على الأربع وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلّم فيها على الخمس ، وبذلك تحصل البراءة عن الظهر بالعلم الوجداني.

وفي العشاء يعدل بها إلى المغرب ويسلّم من دون ضمّ الركعة ، فيعلم بتحقّق مغرب صحيحة مردّدة بين الاولى والثانية.

ولكن العدول غير واجب في شي‌ء منهما بعد صحّة السابقة ظاهراً بمقتضى قاعدة الفراغ الجارية فيها من غير معارض كما عرفت ، فله رفع اليد عن هذه الصلاة ، إذ لا يمكن تصحيحها عصراً أو عشاء.

وقد يستشكل في العدول في المورد الثاني أعني العشاء بأنّه شاك وجداناً بين الثلاث والأربع ، والشك مبطل في المغرب ، فكيف يعدل إليها ويجزم بوقوع مغرب صحيحة على كلّ تقدير.

فإنّ العبرة في صلاة المغرب بحالة المكلّف نفسه ، ولا بدّ من يقينه وإحرازه وسلامة ركعاتها عن الشك كما في الأُوليين اللّتين هما من فرض الله ، ولا عبرة بالواقع. فلو عدل وأتمّ رجاءً ثمّ انكشف بطلان الاولى فكيف يحكم بصحّة الثانية مع اقترانها بالشك الفعلي وجداناً.

ويندفع بأنّ الشك بمجرّده لا يكون مبطلاً ، وإنّما البطلان من أجل عدم إحراز الإتيان بمغرب صحيحة خارجاً ، وفي المقام لا شك من هذه الجهة ، للجزم بأنّ ما بيده الثالثة على تقدير كونها مغرباً ، فهو في نفسه وإن كان يحتمل الأربع في هذه الصلاة بما هي صلاة ، وأمّا بعنوان المغرب فلا يكاد يحتمله بوجه ، لعلمه بأنّ هذه الصلاة إمّا أنّها ليست بمغرب ، أو أنّها لو كانت مغرباً فهي ذات ثلاث ركعات

٢٢٤

[٢١٦٣] المسألة الثلاثون : إذا علم أنّه صلّى الظهرين تسع ركعات ولا يدري أنّه زاد ركعة في الظهر أو في العصر (١) فان كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمّة ، وإن كان قبل السلام فبالنسبة إلى الظهر يكون من الشك بعد السلام وبالنسبة إلى العصر من الشك بين الأربع والخمس (*) ، ولا يمكن إعمال الحكمين ، لكن لو كان بعد إكمال السجدتين وعدل إلى الظهر وأتمّ الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة أمّا الأُولى أو الثانية.

______________________________________________________

جزماً ، فهو قاطع بحصول مغرب صحيحة سليمة عن الشك مردّدة بين الاولى والثانية وإن لم يشخّص مصداقها.

(١) فان كان ذلك بعد السلام عن العصر فقاعدة الفراغ في كلتا الصلاتين في نفسها جارية وساقطة بالمعارضة ، لعدم الترجيح في البين ، ومقتضى قاعدة الاشتغال إعادتهما.

ولكنّه حيث يعلم بوقوع إحداهما صحيحة ، فإن قلنا بأنّ العصر المقدّم سهواً يحسب ظهراً كما أفتى به الماتن (١) للنص الصحيح الدال على أنّها أربع مكان أربع (٢) ، فلأجل علمه حينئذ بالإتيان بظهر صحيحة مردّدة بين الاولى

__________________

(*) حكم الشك بين الأربع والخمس لا يشمل المقام ، للعلم بعدم صحّة إتمام الصلاة عصراً فإنّها إمّا باطلة بزيادة ركعة فيها أو يجب العدول بها إلى الظهر ، وعليه فتجري قاعدة الفراغ في الظهر وتجب إعادة العصر خاصّة.

(١) في المسألة [١١٨٢].

(٢) الوسائل ٤ : ٢٩٠ / أبواب المواقيت ب ٦٣ ح ١.

٢٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

لو كانت الزيادة في الثانية وبين الثانية لو كانت في الأُولى فليس عليه إلّا إعادة العصر فقط ، للقطع بوقوع الظهر الصحيح ، إمّا بحسب أصل نيّته أو بتعبّد من الشرع.

وإن قلنا باحتسابه عصراً لإعراض الأصحاب عن النص وسقوط اشتراط الترتيب بمقتضى حديث لا تعاد (١) الحاكم على الأدلّة الأوّلية ، فحيث إنّه يعلم بفراغ الذمّة عن إحدى الصلاتين لعدم كونه متعمّداً في تقديم العصر لو كان الخلل في الظهر كي يكون مانعاً عن شمول الحديث ، فليس عليه إلّا الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة المردّد بين الظهر والعصر ، من أجل علمه الإجمالي باشتغال الذمّة بصلاة واحدة.

وإن كان قبل السلام فقد يكون بعد إكمال السجدتين ، وأُخرى في حال القيام ، وثالثة في إحدى الحالات المتخلّلة بينهما من الركوع إلى ما قبل الانتهاء عن ذكر السجدة الثانية الّذي به يتحقّق الإكمال.

أمّا في الصورة الأُولى : فبالنسبة إلى الظهر شكّ بعد السلام ، وهو مورد لقاعدة الفراغ ، وبالنسبة إلى العصر شكّ بين الأربع والخمس. وبما أنّه بعد الإكمال فحكمه في حدّ نفسه البناء على الأربع ثمّ الإتيان بسجود السهو ، إلّا أنّ قاعدة البناء لا يمكن إعمالها في العصر ، للجزم بفسادها عصراً ، إمّا لزيادة الركعة لو كانت خمساً أو لفقد الترتيب لو كانت الاولى خمساً ، وعليه فقاعدة الفراغ تجري في الاولى من غير معارض ، فيحكم بصحّتها ، ويعيد الثانية بعد رفع اليد عنها ، لعدم قبولها للتصحيح بعنوان العصر ، هذا.

وله أن لا يرفع اليد ، بل يعدل بنيّته إلى الظهر رجاءً ويتم ، وبذلك يحصل له اليقين الوجداني بوقوع ظهر صحيحة أمّا الأُولى أو الثانية ، ولا حاجة معه إلى

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.

٢٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

سجود السهو وإن صرّح به في المتن ، ضرورة أنّ الفراغ عن الظهر مستند حينئذ إلى العلم الوجداني بوقوع ظهر ذات أربع ركعات مردّدة بين الاولى والثانية ، لا إلى قاعدة الشك بين الأربع والخمس ليجري حكمها من ضمّ سجود السهو كما هو واضح ، فإنّ الحاجة إنّما تكون ماسّة إلى ضمّه لو كنّا بصدد تصحيح هذه الصلاة بخصوصها ، وقد عرفت أنّها غير قابلة للتصحيح بعنوان العصر.

وأمّا في الصورة الثانية : فالشك بالنسبة إلى العصر شك بين الأربع والخمس حال القيام ، وقد عرفت في محلّه (١) أنّ هذا الشك غير منصوص بخصوصه ، أجل بما أنّه مستلزم للشك في الركعة السابقة بين الثلاث والأربع فتجري عملية ذاك الشك من البناء على الأربع في تلك الركعة المستلزم لزيادة القيام ووجوب هدمه.

إلّا أنّ قاعدة البناء لا سبيل إلى إعمالها في المقام ، لرجوع شكّه بعد الهدم إلى العلم بالإتيان بثمان ركعات والشك في أنّه هل سلّم في الظهر على الأربع فهذه رابعة العصر ، أم على الخمس فهذه ثالثتها المندرج في المسألة السابقة بعينها.

وقد عرفت ثمّة امتناع جريان قاعدة البناء على الأربع في صلاة العصر للقطع بعدم الحاجة إلى ركعة الاحتياط لو كانت تامّة ، وبوجوب العدول إلى الظهر لو كانت ناقصة كما مرّ الكلام حول ذلك مستقصى ، وإذ لم يمكن تصحيح هذه الصلاة عصراً فتجري قاعدة الفراغ في صلاة الظهر من غير معارض فيحكم بصحّتها ويعيد العصر بعد رفع اليد عنها.

ويمكنه هنا أيضاً أن لا يرفع اليد ، بل يعدل بها إلى الظهر رجاءً ويتمّها من غير هدم القيام ، وبذلك يقطع وجداناً بحصول ظهر صحيحة ذات أربع ركعات

__________________

(١) شرح العروة ١٨ : ٢٠٠.

٢٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

مردّدة بين الاولى لو كانت الزيادة في هذه ، وبين الثانية لو كانت الزيادة في الاولى ، من غير حاجة إلى الإحراز التعبّدي بقاعدة الفراغ.

وأمّا في الصورة الثالثة : فالأمر أوضح ، لأنّ الشك بين الأربع والخمس فيما عدا حال القيام وما بعد الإكمال من الحالات المتخلّلة بينهما بنفسه موجب للبطلان بمقتضى الإطلاق في صحيحة صفوان (١) بعد عدم كونه من الشكوك المنصوص على صحّتها أو ما يلحق بها. فاذن تكون قاعدة الفراغ الجارية في الظهر سليمة عن أيّ معارض.

وهنا أيضاً يمكنه العدول رجاءً والحصول على ظهر قطعية الصحّة بالعلم الوجداني ، وإن لم يتشخّص مصداقها.

وملخّص الكلام : أنّ العدول الرجائي الموجب للقطع الوجداني بحصول ظهر صحيحة جائز في جميع هذه الصور ، ولكنّه غير لازم ، فيجوز رفع اليد بعد عدم إمكان تصحيح العصر بعنوانها في شي‌ء منها ، المستلزم لجريان قاعدة الفراغ في الظهر من غير معارض. هذا كلّه في الظهرين.

ومن جميع ما ذكرناه يظهر حال الشك في العشاءين الّذي عنونه في المسألة الآتية ، فإنّها ومسألتنا هذه على صعيد واحد ، وتشتركان في ملاك البحث ، ولا فرق إلّا في موضعين :

أحدهما : فيما إذا كان الشك عارضاً بعد السلام ، فانّ اللّازم هنا إعادة الصلاتين بعد تعارض القاعدتين. ولا تكفي صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة بعد كونهما مختلفتي العدد كما هو ظاهر.

ثانيهما : من حيث العدول ، فإنّه غير جائز هنا فيما إذا كان الشك بعد إكمال

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٢٥ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ١.

٢٢٨

[٢١٦٤] المسألة الحادية والثلاثون : إذا علم أنّه صلّى (*) العشاءين ثمان ركعات ولا يدري أنّه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب إعادتهما ، سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أم قبله (١).

[٢١٦٥] المسألة الثانية والثلاثون : لو أتى بالمغرب ثمّ نسي الإتيان بها بأن اعتقد عدم الإتيان أو شكّ فيه فأتى بها ثانياً وتذكّر قبل السلام أنّه كان آتياً بها ولكن علم بزيادة ركعة إمّا في الأُولى أو الثانية (٢) له أن يتم الثانية ويكتفي بها (**) لحصول العلم بالإتيان بها إمّا أوّلاً أو ثانياً ، ولا يضرّه كونه شاكّاً في الثانية بين الثلاث والأربع مع أنّ الشك في ركعات المغرب موجب

______________________________________________________

السجدتين أو بعد الدخول في الركوع ، لتجاوز محلّه ، نعم فيما إذا كان عارضاً حال القيام يجوز العدول بعد الهدم ، وبذلك يقطع بحصول مغرب صحيحة مردّدة بين الاولى والثانية.

فلا فرق بين المسألتين إلّا من هاتين الناحيتين ، وإلّا فهما من وادٍ واحد فتجري قاعدة الفراغ بالنسبة إلى المغرب من غير معارض فيما إذا كان الشك أثناء العشاء بعد عدم إمكان تصحيحها عشاءً في شي‌ء من الصور المتقدّمة كما عرفت بما لا مزيد عليه.

(١) قد ظهر الحال فيها ممّا قدّمناه آنفاً.

(٢) فعلم بإتيانه سبع ركعات في المغربين أو خمس ركعات في الفجرين وجهل محل الزيادة وأنّها في الأُولى أم الثانية.

__________________

(*) هذه المسألة وسابقتها على ملاك واحد.

(**) وله أن يرفع اليد عنها ويبني على صحّة الأُولى بقاعدة الفراغ.

٢٢٩

للبطلان ، لما عرفت سابقاً من أنّ ذلك إذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالإتيان صحيحاً ، وكذا الحال إذا أتى بالصبح ثمّ نسي وأتى بها ثانياً وعلم بالزيادة إمّا في الأُولى أو الثانية.

______________________________________________________

لا إشكال حينئذ في جريان قاعدة الفراغ في الصلاة الأُولى سليمة عن المعارض ، إذ بعد تذكّر الإتيان والحكم بالصحّة بمقتضى القاعدة فالذمّة فارغة عن المغرب أو الفجر ، فلا أثر للشك في الزيادة في الثانية غير المأمور بها لكي تقع طرفاً للمعارضة. فيجوز رفع اليد عنها والاكتفاء بالأُولى المحكومة بالصحّة لقاعدة الفراغ بعد أن لم يكن مثل هذا العلم الإجمالي منجّزاً.

كما يجوز إتمامها رجاءً بعد احتمال الزيادة في الأُولى وجداناً ، فانّ هذا الاحتمال وإن كان محكوماً بعدم الاعتناء بقاعدة الفراغ فلا يكون مقتضياً لوجوب الإعادة ، إلّا أنّه لا ريب في اقتضائه حُسنَ الاحتياط لرجاء درك الواقع ، وبذلك يقطع بالإتيان بمغرب أو فجر صحيحة مردّدة بين الاولى والثانية.

ودعوى كونه شاكّاً في الثانية بين الثلاث والأربع في المغرب ، أو الثنتين والثلاث في الفجر ، والشك فيهما مبطل فكيف يمكن الإتمام.

ساقطة بما عرفت سابقاً من عدم الشك في ركعات ما هو مصداق للمغرب أو الفجر المردّد بين الاولى والثانية ، فإنّ الزيادة إن كانت في الثانية فالمغرب الاولى قد وقعت ثلاثاً جزماً ، فليست هذه مغرباً ليكون الشك فيها قادحاً. وإن كانت في الأُولى فالمغرب الثانية المقطوع كونها ثلاثاً. فليس ثمة شك فيما هو مصداق للمغرب ، وإنّما الشك في أنّ المغرب هذه أو تلك ، ولا ضير فيه بعد العلم بوقوع مغرب أو فجر صحيحة سليمة عن كل شك.

وعلى الجملة : الروايات المانعة عن الشك في المغرب ناظرة إلى ما هو

٢٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

مصداق للمغرب واقعاً ، وليس هنا شك في ركعات ذاك المصداق جزماً. فلا ينبغي التأمّل في جواز الإتمام رجاءً كما أفاده في المتن.

نعم استشكل فيه شيخنا الأُستاذ (قدس سره) (١) بدعوى أنّه بعد فرض صحّة الأُولى بمقتضى قاعدة الفراغ المستلزم للتعبّد بسقوط الأمر والإتيان بمغرب صحيحة فالثانية زائدة لا جدوى فيها ، وحيث يشك في ركعاتها فكيف يجوز إتمامها مغرباً أو صبحاً ولو برجاء المطلوبية ، وهل هذا إلّا من التشريع المحرّم.

وفيه ما لا يخفى ، فإنّ الثانية وإن كانت زائدة بحسب الحكم الظاهري ويشكّ في ركعاتها ، إلّا أنّه يحتمل أن تكون هي صلاة المغرب أو الفجر واقعاً ، وفي هذا الفرض لا شك في عدد ركعاتها ، فإنّ الزيادة حينئذ في الصلاة الأُولى ، وعليه فلا مانع من إتمامها رجاء.

ولا تشريع ، فانّ صدق التشريع منوط بقصد الأمر الجزمي كي يكون من إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين ، وأمّا الإتيان بعنوان الرجاء (٢)

__________________

(١) العروة الوثقى ٣ : ٣٦٦.

(٢) يمكن أن يقال : إنّ الرجاء متقوّم باحتمال الإصابة ، والمحقّق النائيني (قدس سره) يدعي القطع بعدم الإصابة وفساد العبادة ، ومعه لا موضوع للرجاء ، لا أنّه مع الإذعان به يمنعه خشية التشريع ليورد عليه بما هو أوضح من أن يخفى لديه من عدم استلزام العبادة الرجائية للتشريع.

والّذي يكشف عمّا ذكرناه اعتراضه في بعض التعاليق السابقة على ما ادّعاه السيِّد الماتن (قدس سره) من العلم بتحقّق مغرب صحيحة أمّا الأُولى أو الثانية ، بأنّه كيف يعقل حصول هذا العلم من ضم ما يقطع بفساده إلى ما فرضه مشكوك الصحّة.

ولعلّ الوجه في دعوى القطع أنّ الصلاة الثانية إمّا لا أمر بها رأساً ، أو أنّها غير

٢٣١

[٢١٦٦] المسألة الثالثة والثلاثون : إذا شكّ في الركوع وهو قائم وجب عليه الإتيان به فلو نسي حتّى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر عدم الجريان ، لأنّ الشك السابق باق وكان قبل تجاوز المحل. وهكذا لو شكّ في السجود قبل أن يدخل في التشهّد ثمّ دخل فيه نسياناً وهكذا (١).

______________________________________________________

وباحتمال ثبوت الأمر الواقعي فليس هو من التشريع في شي‌ء.

ولا ريب في تطرّق هذا الاحتمال في المقام ، لجواز وقوع الزيادة في الصلاة الأُولى وجداناً ، الموجب لعدم سقوط الأمر واقعاً وإن سقط ظاهراً ، ومعه كان الاحتياط حسناً قطعاً ، ولذلك تجوز الإعادة رجاءً لو احتمل خللاً واقعياً في صلاته محكوماً بعدم الاعتناء في ظاهر الشرع. فكما تجوز الإعادة ابتداءً يجوز الإتمام في المقام رجاءً بمناط واحد. ولا مجال لاحتمال التشريع في شي‌ء منهما.

(١) لو شكّ في الركوع حال القيام فلم يدر أنّ هذا قيام بعد الركوع أم قبله

__________________

صالحة لحصول الامتثال بها ، نظراً إلى اقترانها بالشك الفعلي الوجداني في عدد ركعاتها المانع عن اتِّصافها بالصحّة. وعلى التقديرين لا يحتمل إصابتها للواقع لتتمشّى نيّة الرجاء.

ودعوى انتفاء الشك على تقدير بطلان الاولى ، غير مجدية في ارتفاع الشك الموجود بالفعل وجداناً.

لكن الإنصاف أنّ متعلّق الشك إنّما هو ذات الصلاة الخارجية منعزلة عن صفة المغربية التقديرية ، أمّا مع مراعاة هذا الوصف الّذي هو الموضوع للحكم فلا شكّ بالضرورة ، بل لا يعقل اجتماع الشك مع افتراض المغربية في مفروض المسألة كما لا يخفى.

فما أفاده سيِّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) متين من هذه الجهة.

٢٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا ريب في وجوب الإتيان به بمقتضى قاعدة الشك في المحل.

فلو ذهل عن ذلك وسجد نسياناً ثمّ تذكّر فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل ، نظراً إلى زوال الشك السابق العارض في المحل وانعدامه بالنسيان وهذا شك جديد طارئ بعد التجاوز فلا يلتفت إليه. أو لا يجري باعتبار أنّ هذا هو الشك السابق بعينه وإن تخلّل بينهما النسيان ، وبما أنّه كان قبل تجاوز المحل فيجب الاعتناء به؟

تردّد الماتن (قدس سره) في ذلك ، ثمّ اختار الثاني. وهو الصحيح ، وذلك لأنّه حينما شكّ كان محكوماً بالاعتناء بمقتضى كون شكّه في المحل ، فلم يكن مأموراً آن ذاك بالسجود ، وإنّما نشأ الإتيان به من النسيان ، ومثله لا يكون محقّقاً للدخول في الغير المعتبر في جريان قاعدة التجاوز ، لعدم كونه من الغير المترتِّب على المشكوك فيه بعد عدم كونه مأموراً به. فلا يكون مشمولاً لدليل القاعدة. هذا أوّلاً.

وثانياً : مع الغض عن ذلك فلا ريب في انصراف الدليل عن مثل هذا الشك المسبوق بمثله في المحل والمتخلّل بينهما النسيان ، فلا يكون مشمولاً للإطلاق ، بل المرجع أصالة عدم الإتيان.

وبعبارة اخرى : مقتضى الأصل الأوّلي وهو الاستصحاب لزوم الاعتناء بالشك ، خرجنا عن ذلك في موارد قاعدة التجاوز والفراغ ونحوهما من القواعد المصحّحة بمقتضى حكومة أدلّتها عليه ، فاذا لم تجر القاعدة في مورد من جهة الانصراف كما في المقام كان المرجع دليل الاستصحاب ، وكان بمجرّده كافياً في لزوم الاعتناء.

ويعضده ما ذكرناه في محلّه (١) من أنّ المستفاد من التعليل بالأذكرية والأقربية

__________________

(١) مصباح الأُصول ٣ : ٣٠٦.

٢٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الوارد في نصوص هذه القاعدة (١) أنّها لم تكن قاعدة تعبّدية محضة ، وإنّما اعتبارها من أجل الكاشفية النوعية ، حيث إنّ المتصدّي للامتثال ملتفت غالباً إلى الخصوصيات ، واحتمال الغفلة ملغى بأصالة العدم المتّبعة عند العقلاء وحينئذ فالخروج عن العمل والتجاوز عنه كاشف نوعي عن الإتيان به على وجهه ، ومن ثمّ بنينا على أنّ القاعدة محسوبة من الأمارات.

وهذا كما ترى غير منطبق على المقام ، لعدم كون الدخول في السجود كاشفاً عن الإتيان بالركوع المشكوك فيه بعد فرض كونه مبنياً على الغفلة وناشئاً عن محض النسيان ، فلم يكن آن ذاك أذكر ولا أقرب إلى الحق ، فمثله لا يكون مشمولاً لدليل القاعدة جزماً.

وثالثاً : لو تنازلنا عن هذا أيضاً فلا أقل من الشك في شمول الإطلاق للمقام ، وهو بمجرّده كافٍ في لزوم الرجوع إلى دليل الاستصحاب المقتضى لوجوب الاعتناء بعد عدم نهوض ما يوجب الخروج عنه.

ورابعاً : أنّا لو تنازلنا عن هذا أيضاً وسلمنا شمول الإطلاق حتّى لمثل هذا الشك فكان محكوماً بعدم الاعتناء بمقتضى هذا الشك العارض بعد تجاوز المحل إلّا أنّه كان شاكّاً في المحل أيضاً حسب الفرض ، فيجب عليه الاعتناء بمقتضى ذاك الشك ، والمرجع بعد التعارض هو الاستصحاب.

وبعبارة اخرى : له شكّان ، شك في المحل ومقتضاه الاعتناء بقاعدة الشك في المحل ، وشك في خارجه ومقتضاه عدم الاعتناء بقاعدة التجاوز ، وبعد تعارض القاعدتين وتساقطهما يرجع إلى أصالة عدم الإتيان.

وكيف ما كان ، فلا ينبغي التأمّل في عدم جريان قاعدة التجاوز في المقام

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٧١ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٧ ، ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٧ ح ٣.

٢٣٤

[٢١٦٧] المسألة الرابعة والثلاثون : لو علم نسيان شي‌ء قبل فوات محلّ المنسي ووجب عليه التدارك فنسي حتّى دخل في ركن بعده (*) ثمّ انقلب علمه بالنسيان شكّاً (١) يمكن إجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل والحكم بالصحّة إن كان ذلك الشي‌ء ركناً ، والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك ، لكن الأحوط مع الإتمام (**) إعادة الصلاة إذا كان ركناً والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهّد ، وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

______________________________________________________

ولزوم الاعتناء بالشك ، فيعود لتدارك الركوع إن أمكن ، وإلّا فيحكم بالبطلان كما لو كان التذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية.

وهكذا الكلام فيما لو شكّ في السجود قبل أن يدخل في التشهّد ثمّ دخل فيه نسياناً ، ونحو ذلك من الأمثلة كما أشار في المتن.

(١) كما لو علم حال القيام نسيان السجدة أو السجدتين فوجب عليه التدارك لبقاء محل المنسي وعدم فواته بعد ، فغفل عن ذلك حتّى دخل في الركوع ثمّ التفت وانقلب عندئذ علمه بالنسيان شكّاً فزال الاعتقاد السابق وتبدّل بالشك الساري ، فهل تجري حينئذ قاعدة التجاوز باعتبار حدوث الشك في السجود بعد تجاوز المحل ، أو لا ، نظراً إلى سبقه بالعلم بالنسيان المحكوم بلزوم الاعتناء فتجب الإعادة لو كان المنسي ركناً أو القضاء لو كان سجدة واحدة؟

__________________

(*) لا يعتبر في جريان القاعدة الدخول في الركن ، بل تجري فيما إذا كان قد تجاوز المحل الشكّي وتبدّل نسيانه شكّاً.

(**) هذا الاحتياط ضعيف جدّاً.

٢٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مالَ الماتن (قدس سره) إلى الأوّل. وهو الأقوى ، لوضوح أنّ العلم بالنسيان واعتقاده لم يكن بمجرّده موضوعاً لحكم من الأحكام ، وإنّما هو طريق محض وكاشف عن الواقع ، وتلك الآثار من البطلان أو القضاء ونحوهما مترتّبة على نفس الترك الواقعي المتنجّز بالعلم ، ولا ريب في دوران وصف التنجيز مدار وجود المنجّز حدوثاً وبقاءً. فما دام العلم باقياً والاعتقاد راسخاً كان منجّزاً ، وإلّا فيزول بزواله بطبيعة الحال.

والمفروض في المقام زوال العلم فعلاً وانقلاب الاعتقاد السابق إلى الشك الساري والتردّد في مطابقته للواقع أم كونه جهلاً مركّباً. فهو بحسب النتيجة شاك فعلاً في تحقّق السجدة وقد تجاوز عن محلّها بالدخول في القيام ، فيكون محكوماً بعدم الاعتناء بمقتضى قاعدة التجاوز ، ولا أثر للاعتقاد السابق الزائل بل العبرة بالحالة الفعلية ، وهي مشمولة لعموم القاعدة كما عرفت.

ومنه تعرف أنّ قوله (قدس سره) : فنسي حتّى دخل في ركن بعده. مستدرك لا حاجة إليه ، لعدم دخله في عنوان المسألة وما هو مناط البحث فانّ المدار على انقلاب العلم بالنسيان الحاصل بعد التجاوز عن المحل الشكّي وقبل فوات محلّ المنسي شكّاً ، سواء نسي علمه بالنسيان ودخل في ركن بعده أم لم ينس ولم يدخل ، فانّ مجرّد الانقلاب بالشك كافٍ في المشمولية لعموم قاعدة التجاوز حسبما عرفت. فلا تجب عليه الإعادة ولا القضاء ولا سجود السهو فيها إذا كان المنسي مقتضياً لشي‌ء من ذلك.

وممّا ذكرنا يظهر الحال في المسألة الآتية التي هي من فروع هذه المسألة ، فإنّ اعتقاد نقص ما يوجب القضاء أو سجود السهو كالسجدة الواحدة والتشهّد ونحوهما إنّما يؤثّر ما دام باقياً ، فلو زال الاعتقاد وتبدّل بالشك في الأثناء أو بعد الصلاة سقط الوجوب لا محالة ، وكان مورداً لقاعدة التجاوز أو الفراغ.

٢٣٦

[٢١٦٨] المسألة الخامسة والثلاثون : إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهّد ممّا يجب قضاؤه ، أو ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة ثمّ تبدّل اعتقاده بالشك في الأثناء أو بعد الصلاة قبل الإتيان به سقط وجوبه وكذا إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثمّ زال اعتقاده.

[٢١٦٩] المسألة السادسة والثلاثون : إذا تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي عمداً أو سهواً نقصان الصلاة وشكّ في أنّ الناقص ركعة أو ركعتان (١) فالظاهر أنّه يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث ، فيبني على الأكثر ويأتي بالقدر المتيقّن نقصانه وهو ركعة أُخرى ويأتي بصلاة احتياطه ، وكذا إذا تيقّن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شكّ في ركعة أُخرى ، وعلى هذا فاذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما. ويحتمل جريان حكم الشك (*) بعد السلام بالنسبة إلى الركعة المشكوكة فيأتي بركعة واحدة من دون الإتيان بصلاة الاحتياط ، وعليه فلا تبطل الصبح والمغرب أيضاً بمثل ذلك ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط.

______________________________________________________

وهكذا الحال فيما إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها وقبل أن يتصدّى للتدارك زال الاعتقاد كما هو ظاهر.

(١) فهل يقتصر على تدارك المقدار المتيقّن نقصه من ضم الركعة المتّصلة للجزم بعدم وقوع السلام في محلّه ، ولا يعتني بالشك بالنسبة إلى المقدار الزائد لكونه من الشك بعد السلام من هذه الجهة.

__________________

(*) هذا الاحتمال ضعيف ، بل باطل جزماً.

٢٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أو يجري عليه حكم الشك بين الركعات نظراً إلى أنّ فرض زيادة السلام يستدعي وقوع الشك في الأثناء وعدم خروجه عن الصلاة ، فيجري عليه حكمه من البناء على الأكثر إن كان في الرباعية ، لرجوعه حينئذ إلى الشك بين الثنتين والثلاث ، للجزم بعدم الإتيان بالرابعة والشك في الثالثة ، فيبني على الثلاث ويأتي بركعة موصولة وأُخرى مفصولة. والبطلان إن كان في الثلاثية لرجوعه إلى الشك بين الواحدة والثنتين ، والشك فيها مبطل مطلقاً؟

وأمّا في الثنائية فلا يكاد يتم فيها فرض المسألة من أصله ، لأنّها في نفسها ذات ركعتين ، فاحتمال ترك الركعتين مساوق لاحتمال ترك الصلاة رأساً وعدم الشروع فيها أصلاً ، وهو مخالف لفرض عروض الشك بعد السلام ، إلّا أن يفرض أنّه كبّر وقرأ ثمّ جلس من غير ركوع فسجد وسلم ، فيكون تاركاً للركعة الأُولى أيضاً بترك ركوعها.

وكيف ما كان ، ففي المسألة وجهان ، قد اختار الماتن (قدس سره) الوجه الثاني. وهو الصحيح ، فانّ الشك بعد السلام والانصراف عن الصلاة وإن كان له عنوان خاص مذكور في الأدلّة وهي الصحيحة المتضمّنة للتعليل بالأقربية إلى الحقّ (١) ، فهو بعنوانه محكوم بعدم الاعتناء. إلّا أنّ مورده ما إذا كان السلام واقعاً في محلّه ولو بحسب اعتقاد المصلّي ، فالشك العارض بعد مثل هذا السلام المحتمل وقوعه في محلّه وكونه مأموراً به واقعاً محكوم بعدم الالتفات.

وهذا غير منطبق على المقام ، للجزم بزيادة السلام ووقوعه في غير محلّه ، فهو بعد في الصلاة قطعاً وغير خارج عنها ، فشكّه شكّ أثناء الصلاة لا محالة فيعمّه حكمه حسبما عرفت من البناء على الأكثر في الرباعية والإتيان بالمتيقّن نقصه وهي الركعة المتّصلة ثمّ بركعة الاحتياط ويسجد سجدتي السهو للسلام الزائد

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٤٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٧ ح ٣.

٢٣٨

[٢١٧٠] المسألة السابعة والثلاثون : لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثمّ شكّ في أنّه أتى بها أم لا (١) ففي وجوب الإتيان بها لأصالة عدمه أو جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان ، والأوجه الثاني (*) ، وأمّا احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له ، لأنّ الشك بعد السلام لا يعتنى به إذا تعلّق بما في الصلاة وبما قبل السلام ، وهذا متعلِّق بما وجب بعد السلام.

______________________________________________________

والبطلان في المغرب والفجر لو تمّ الفرض في الأخير كما ذكره في المتن.

ومنه تعرف أنّ الوجه الأوّل الّذي احتمله في المتن في غاية الضعف.

(١) فبما أنّ السلام الصادر منه الواقع على النقص زائد جزماً لوقوعه في غير محلّه ، فهل يجب عليه حينئذ الإتيان بالركعة المتيقّن نقصها المشكوك إتيانها استناداً إلى أصالة عدم الإتيان ، أو أنّه يجري عليه حكم الشك في الركعات فيبني على الأربع ويسلِّم ثمّ يأتي بركعة الاحتياط؟

ذكر في المتن أنّ فيه وجهين وأنّ الأوجه الثاني ، ثمّ تصدّى (قدس سره) لدفع احتمال جريان حكم الشك بعد السلام بأنّ ذلك خاص بما إذا تعلّق الشك بما في الصلاة من الأجزاء وما وجب قبل السلام ، فلا يعتنى به حينئذ ، وأمّا في المقام فالشك متعلِّق بما وجب بعد السلام وهي الركعة المتيقّن نقصها المشكوك إتيانها ، فلا يكون مشمولاً لذاك الحكم.

__________________

(*) هذا فيما إذا لم يعلم بوقوع السلام على تقدير الإتيان بالركعة الناقصة ، وأمّا مع العلم بوقوعه على تقديره فلا يخلو الوجه الأوّل عن وجه وجيه.

٢٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

أقول : الشاك في الإتيان بالركعة المتيقّن نقصها بعد التسليم الزائد قد يفرض علمه بفعل السلام الثاني الموظّف بعدها ، واخرى علمه بالعدم وأنّه على تقدير الإتيان بها لم يسلِّم عنها جزماً ، وثالثة شكّه في ذلك أيضاً.

أمّا في الفرض الأوّل : وإن كان هو غير مراد للماتن جزماً ، وإنّما ذكرناه استقصاءً للأقسام فلا ينبغي الكلام في كونه من الشك بعد السلام المحكوم بعدم الاعتناء ، لتعلّق الشك حينئذ بما كان واجباً قبل السلام ، فيشمله التعليل الوارد في الصحيحة من أنّه حينما يصلِّي أقرب منه إلى الحقّ حينما يشك (١) فتجري قاعدة الفراغ بلحاظ السلام الثاني ، ويبني على الإتيان بالركعة ، وهذا ظاهر.

وأمّا في الفرض الثاني : فلا ينبغي التأمّل في لزوم إجراء حكم الشك في الركعات ، لشكّه وجداناً في أنّ ما بيده الثالثة أم الرابعة بعد فرض التردّد في الإتيان بالركعة الناقصة وعدمه ، فيشمله حكمه من البناء على الأكثر.

وليس له حينئذ ضم تلك الركعة متّصلة استناداً إلى الاستصحاب ، لسقوطه في هذا الباب ، ولزوم سلامة الركعات عن الزيادة والنقصان كما نطقت به موثّقة عمار : «إلا أُعلِّمك شيئاً ...» إلخ (٢) ، وهذا أيضاً ظاهر.

وأمّا في الفرض الثالث : فالشك في فعل التسليم بعد الركعة على قسمين :

فتارة يعلم بالملازمة بينهما وأنّه على تقدير الإتيان بالركعة فقد سلّم عنها جزماً ، وعلى تقدير عدم الإتيان لم يسلِّم جزماً ، ولا يحتمل التفكيك بأن يكون آتياً بالركعة ولم يسلِّم عنها بعد.

__________________

(١) تقدّم مصدرها آنفاً ، (نقل بالمضمون).

(٢) الوسائل ٨ : ٢١٣ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٨ ح ٣ [الظاهر ضعفها سنداً].

٢٤٠