مناسك الحجّ وملحقاتها

مناسك الحجّ وملحقاتها

المؤلف:


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-39-3
الصفحات: ٣٥٢

دعوتك ، وقد جئت من شقة بعيدة وفج عميق ، سامعا لندائك ومستجيبا لك مطيعا لأمرك ، وكل ذلك بفضلك عليَّ وإحسانك إليَّ ، فلك الحمد على ما وفقتني له أبتغي بذلك الزلفة عندك ، والقربة إليك والمنزلة لديك ، والمغفرة لذنوبي ، والتوبة عليَّ منها بمنك ، اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار ، وآمني من عذابك وعقابك برحمتك يا أرحم الراحمين)).

(٤) أن يمضغ شيئا من الإذخر عند دخوله الحرم.

آداب دخول مكة المكرمة والمسجد الحرام

يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المكرمة أن يغتسل قبل دخولها ، وأن يدخلها بسكينة ووقار.

ويستحب لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ، ويخرج من أسفلها.

ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافيا على سكينة ووقار وخشوع ، وأن يكون دخوله من باب بني شيبة ، وهذا الباب وإن جهل فعلا من جهة توسعة المسجد إلا أنه قال بعضهم : إنه كان بإزاء باب السلام ، فالأولى الدخول من باب السلام ، ثم يأتي مستقيما إلى أن يتجاوز الأسطوانات.

ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول :

((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، بسم الله وبالله ومن الله ، وما شاء الله ، والسلام على أنبياء الله ورسله ، والسلام على رسول الله ، والسلام على إبراهيم خليل الله ، والحمد لله رب العالمين)).

ثم يدخل المسجد متوجها إلى الكعبة رافعا يديه إلى السماء ويقول :

((اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل توبتي ، وأن تجاوز عن خطيئتي ، وتضع عني وزري. الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام. اللهم إني أشهدك أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس ، وأمنا مباركا ، وهدى للعالمين ، اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك ، وأؤم طاعتك ، مطيعا لأمرك ، راضيا بقدرك ، أسألك مسألة الفقير إليك ، الخائف لعقوبتك ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ،

٣٠١

واستعملني بطاعتك ومرضاتك)).

وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول :

بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله ، وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وخير الأسماء لله ، والحمد لله ، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ، السلام على محمد بن عبد الله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على إبراهيم خليل الرحمن ، السلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم صل على محمد (وآل محمد) عبدك ورسولك ، وعلى إبراهيم خليلك ، وعلى أنبيائك ورسلك ، وسلم عليهم ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين.

اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، واستعملني في طاعتك ومرضاتك ، واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني جل ثناء وجهك ، الحمد لله الذي جعلني من وفده وزواره ، وجعلني ممن يعمر مساجده ، وجعلني ممن يناجيه.

اللهم إني عبدك ، وزائرك في بيتك ، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور ، فأسألك يا الله يا رحمن ، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وبأنك واحد أحد صمد ، لم تلد ولم تولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى أهل بيته ، يا جواد يا كريم ، يا ماجد يا جبار يا كريم ، أسألك أن تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني فكاك رقبتي من النار)).

ثم يقول ثلاثا :

((اللهم فك رقبتي من النار)).

ثم يقول :

((وأوسع عليَّ من رزقك الحلال الطيب ، وادرأ عني شر شياطين الإنس والجن ، وشر فسقة العرب والعجم)).

ويستحب عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول :

٣٠٢

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، آمنت بالله ، وكفرت بالطاغوت ، وباللات والعزى ، وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى من دون الله)).

ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول :

((الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، أكبر من خلقه ، أكبر ممن أخشى وأحذر ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي ، بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير)).

ويصلي على محمد وآل محمد ، ويسلم على الأنبياء كما كان يصلي ويسلم عند دخوله المسجد الحرام ، ثم يقول :

((إني أو من بوعدك وأوفي بعهدك)).

وفي رواية صحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام ، إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك ، واحمد الله وأثن عليه ، وصل على النبي صلى الله عليه وآله ، وأسأل الله أن يتقبل منك ، ثم استلم الحجر وقبله ، فإن لم تستطيع أن تقبله فاستلمه بيدك ، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل :

((اللهم أمانتي أديتها ، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة. اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، آمنت بالله ، وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى ، وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله تعالى)).

فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه ، وقل :

((اللهم إليك بسطت يدي ، وفيما عندك عظمت رغبتي ، فاقبل سبحتي ، واغفر لي وارحمني ، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة)).

آداب الطواف

روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : تقول في الطواف :

٣٠٣

((اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على طلل. الماء كما يمشى به على جدد الأرض ، وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك ، وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام ملائكتك ، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له ، وألقيت عليه محبة منك ، وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى الله عليه وآله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا ((ما أحببت من الدعاء.

وكلما ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي صلى الله عليه وآله ، وتقول فيما بين الركن واليماني والحجر الأسود :

((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).

وقل في الطواف :

((اللهم إني إليك فقير ، وإني خائف مستجير ، فلا تغير جسمي ، ولا تبدل اسمي)).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ، ثم يقول وهو ينظر إلى الميزاب :

((اللهم أدخلني الجنة برحمتك ، وأجرني برحمتك من النار ، وعافني من السقم ، وأوسع على من الرزق الحلال ، ادرأ عني شر فسقة الجن والإنس ، وشر فسقة العرب والعجم)).

وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه لما انتهى إلى ظهر الكعبة حتى يجوز الحجر قال : ((يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم)).

وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، أنه لما صار بحذاء الركن اليماني قام فرفع يديه ثم قال :

((يا الله يا ولي العافية ، وخالق العافية ورازق العافية ، والمنعم بالعافية ، والمنان بالعافية ، والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع خلقك ، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، صل على محمد وآل محمد وارزقنا العافية ، ودوام العافية ، وتمام العافية ، وشكر العافية ، في الدنيا والآخرة ، يا أرحم الراحمين)).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو

٣٠٤

بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت ، والصق بدنك وخدك بالبيت وقل :

((اللهم البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وهذا مكان العائذ بك من النار)).

ثم أقر لربك بما عملت ، فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله. وتقول :

((اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية ، اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، واغفر لي ما اطلعت عليه مني ، وخفي على خلقك)).

ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء ، ثم تستلم الركن اليماني ثم أئت الحجر الأسود.

وفي رواية أخرى عنه عليه السلام : ثم استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به وتقول :

((اللهم قنعني بما رزقتني ، وبارك لي فيما آتيتني)).

ويستحب للطائف في كل شوط أن يستلم الأركان كلها ، وأن يقول عند استلام الحجر الأسود :

((أمانتي أديتها ، وميثاقي تعاهدته ، لتشهد لي بالموافاة)).

آداب صلاة الطواف

يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد في الركعة الأولى ، وسورة الجحد في الركعة الثانية ، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وآل محمد ، وطلب من الله تعالى أن يتقبل منه.

وعن الصادق عليه السلام ، أنه سجد بعد ركعتي الطواف وقال في سجوده :

((سجد وجهي لك تعبدا ورقا ، لا إله إلا أنت حقا حقا ، الأول قبل كل شئ ، والآخر بعد كل شئ ، وها أنا ذا بين يديك ناصيتي بيدك ، واغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك ، فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي ، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك)).

ويستحب أن يشرب من ماء (زمزم) قبل أن يخرج إلى (الصفا) ويقول :

٣٠٥

((اللهم اجعله علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء وسقم)).

وإن أمكنه أتى (زمزم) بعد صلاة الطواف ، وأخذ منه ذنوبا أو ذنوبين ، فيشرب فيه ، ويصب الماء على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول :

((اللهم اجعله علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء وسقم)).

ثم يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.

آداب السعي

ويستحب الخروج إلى (الصفا) من الباب الذي يقابل الحجر الأسود مع سكينة ووقار ، فإذا صعد على (الصفا) نظر إلى الكعبة ، ويتوجه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ، ويحمد الله ويثني عليه ، ويتذكر آلاء الله ونعمه ثم يقول : (الله أكبر) سبع مرات ، (الحمد لله) سبع مرات (لا إله إلا الله) سبع مرات ، ويقول ثلاث مرات :

((لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، وهو على كل شئ قدير)).

ثم يصلي على محمد وآل محمد ، ثم يقول ثلاث مرات :

((الله أكبر الحمد لله على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، والحمد لله الحي القيوم ، والحمد لله الحي الدائم)).

ثم يقول ثلاث مرات :

((أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، لا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره المشركون)).

ثم يقول ثلاث مرات :

((اللهم إني أسألك العفو واليقين في الدنيا والآخرة)).

ثم يقول ثلاث مرات :

)) اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).

ثم يقول (الله أكبر) مائة مرة. (لا إله إلا الله) مائة مرة. (الحمد لله) مائة مرة. (سبحان الله) مائة مرة ، ثم يقول :

((لا إله إلا الله وحده ، وحده ، أنجز وعده ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ،

٣٠٦

فله الملك ، وله الحمد ، وحده وحده ، اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت ، اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته ، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك)).

ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيرا ، فيقول :

((أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني ونفسي وأهلي ، اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك ، وتوفني على ملته ، وأعذني من الفتنة)).

ثم يقول : (الله أكبر) ثلاث مرات ، ثم يعيدها مرتين ، ثم يكبر واحدة ، ثم يعيدها ، فإن لم يستطع هذا فبعضه.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : أنه إذا صعد (الصفا) استقبل الكعبة ، ثم يرفع يديه ، ثم يقول :

((اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط ، فإن عدت فعد علي بالمغفرة ، فإنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم افعل بي ما أنت أهله ، فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني ، وإن تعذبني فأنت غني عن عذابي ، وأنا محتاج إلى رحمتك ، فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني ، اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله ، فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولن تظلمني أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك ، فيا من هو عدل لا يجور ارحمني)).

وعن أبي عبد الله عليه السلام : إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على (الصفا).

ويستحب أن يسعى ماشيا ، وأن يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول إلى محل المنارة الأخرى ولا هرولة على النساء.

ثم يمشي مع سكينة ووقار حتى يصعد على (المروة) فيصنع عليها كما صنع على (الصفا) ويرجع من المروة إلى الصفا على هذا النهج أيضا.

وإذا كان راكبا أسرع قليلا فيما بين المنارتين وينبغي أن يجد في البكاء ويتباكى ويدعو الله كثيرا ويتضرع إليه.

آداب الاحرام إلى الوقوف بعرفات

إذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبي في طريقه غير رافع صوته حتى إذا أشرف

٣٠٧

على الأبطح رفع صوته ، فإذا توجه إلى منى قال :

((اللهم إياك أرجو ، وإياك أدعو ، فبلغني أملي ، وأصلح لي عملي)).

ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلا بذكر الله سبحانه ، فإذا وصل إليها قال :

((الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان)).

ثم يقول :

((اللهم وهذه منى ، وهي مما مننت به على أوليائك من المناسك ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك ، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك)).

ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة ، يقضيها في طاعة الله تبارك وتعالى ، والأفضل أن تكون عباداته ولا سيما صلواته في مسجد الخيف ، فإذا صلى الفجر عقب إلى طلوع الشمس ، ثم يذهب إلى عرفات ، ولا بأس بخروجه منها قبل طلوع الشمس أيضا ، فإذا توجه إلى عرفات قال :

اللهم إليك صمدت ، وإياك اعتمدت ، ووجهك أردت ، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي ، وأن تقضي لي حاجتي ، وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني)).

ثم يلبي إلى أن يصل إلى عرفات.

آداب الوقوف بعرفات

يستحب في الوقوف بعرفات أمور ، وهي كثيرة نذكر بعضها منها :

(١) الطهارة حال الوقوف.

(٢) الغسل عند الزوال.

(٣) تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله.

(٤) الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.

(٥) الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.

(٦) الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره. والأفضل المأثور ، فمن ذلك :

٣٠٨

دعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة

روي أن بشرا وبشيرا ولدا غالب الأسدي قالا : لما كان عصر عرفة في عرفات ، وكنا عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، خرج عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته وأولاده وشيعته بحال التذلل والخشوع والاستكانة ، فوقف في الجانب الأيسر من الجبل ، وتوجه إلى الكعبة ، ورفع يديه قبالة وجهه كمسكين يطلب طعاما ، وقرأ هذا الدعاء :

دعاء الإمام الحسين (ع) يوم عرفة :

اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ ، لا تَخْفى عَلَيْهِ الطَّلائِعُ ، وَلا تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ ، جازى كُلِّ صانِع ، وَرائِشُ كُلِّ قانع ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِع ، وَمُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الْجامِعِ ، بِالنُّورِ السّاطِعِ ، وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ ، وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ ، فَلا اِلهَ غَيْرُهُ ، وَلا شَىءَ يَعْدِلُهُ ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ ، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ ، اللَّطيفُ الْخَبيرُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ ، اَللّهُمَّ اِنّى اَرْغَبُ إِلَيْكَ ، وَاَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ ، مُقِرّاً بِاَنَّكَ رَبّى ، اِلَيْكَ مَرَدّى ، اِبْتَدَأتَنى بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ اَنْ اَكُونَ شَيْئاًمَذكوراً ، وَخَلَقْتَنى مِنَ التُّرابِ ، ثُمَّ اَسْكَنْتَنِى الاَْصْلابَ ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ والسِّنينَ ، فَلَمْ اَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب اِلى رَحِم ، فى تَقادُم مِنَ الاَْيّامِ الْماضِيَةِ ، وَالْقُرُونِ الْخالِيَةِ ، لَمْ تُخْرِجْنى لِرَأفَتِكَ بى ، وَلُطْفِكَ لى ، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ ، فى دَوْلَةِ اَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، لكِنَّكَ اَخْرَجْتَنى للَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى ، الَّذى لَهُ يَسَّرْتَنى ، وَفيهِ اَنْشَأْتَنى ، وَمِنْ قَبْلِ رَؤُفْتَ بى بِجَميلِ صُنْعِكَ ، وَسَوابِغِ نِعَمِكَ ، فابْتَدَعْتَ خَلْقى مِنْ مَنِىّ يُمْنى ، وَاَسْكَنْتَنى فى ظُلُمات ثَلاث ، بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد ، لَمْ تُشْهِدْنى خَلْقى ، وَلَمْ تَجْعَلْ اِلَىَّ شَيْئاً مِنْ اَمْرى ، ثُمَّ اَخْرَجْتَنى لِلَّذى سَبَقَ لى مِنَ الْهُدى اِلَى الدُّنْيا تآمّاً سَوِيّاً ، وَحَفِظْتَنى فِى الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً ، وَرَزَقْتَنى مِنَ الْغِذآءِ لَبَناً مَرِيّاً ، وَعَطَفْتَ عَلَىَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ ، وَكَفَّلْتَنِى الاُْمَّهاتِ الرَّواحِمَ ، وَكَلاْتَنى مِنْ طَوارِقِ الْجآنِّ ، وَسَلَّمْتَنى مِنَ الزِّيادَةِ

٣٠٩

وَالنُّقْصانِ ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ ، حتّى اِذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ ، اَتْمَمْتَ عَلَىَّ سَوابِغَ الانْعامِ ، وَرَبَّيْتَنى آيِداً فى كُلِّ عام ، حَتّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتى ، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتى ، اَوْجَبْتَ عَلَىَّ حُجَتَّكَ ، بِاَنْ اَلْهَمْتَنى مَعْرِفَتَكَ ، وَرَوَّعْتَنى بِعَجايِبِ حِكْمَتِكَ ، وَاَيْقَظْتَنى لِما ذَرَأتَ فى سَمآئِكَ وَاَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ ، وَنَبَّهْتَنى لِشُكْرِكَ ، وَذِكْرِكَ ، وَاَوجَبْتَ عَلَىَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ ، وَفَهَّمْتَنى ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ ، وَيَسَّرْتَ لى تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ ، وَمَنَنْتَ عَلَىَّ فى جَميعِ ذلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ ، ثُمَّ اِذْ خَلَقْتَنى مِنْ خَيْرِ الثَّرى ، لَمْ تَرْضَ لى يا اِلهى نِعْمَةً دُونَ اُخرى ، وَرَزَقْتَنى مِنْ اَنواعِ الْمَعاشِ ، وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظيمِ الاَْعْظَمِ عَلَىَّ ، وَاِحْسانِكَ الْقَديمِ اِلَىَّ ، حَتّى اِذا اَتْمَمْتَ عَلَىَّ جَميعَ النِّعَمِ ، وَصَرَفْتَ عَنّى كُلَّ النِّقَمِ ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلى وَجُرْأَتى عَلَيْكَ اَنْ دَلَلْتَنى اِلى ما يُقَرِّبُنى اِلَيْكَ ، وَوفَّقْتَنى لِما يُزْلِفُنى لَدَيْكَ ، فَاِنْ دَعْوَتُكَ اَجَبْتَنى ، وَاِنْ سَأَلْتُكَ اَعْطَيْتَنى ، وَاِنْ اَطَعْتُكَ شَكَرْتَنى ، وَاِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنى ، كُلُّ ذلِكَ اِكْمالٌ لاَِنْعُمِكَ عَلَىَّ ، وَاِحْسانِكَ اِلَىَّ ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ ، مِنْ مُبْدِئ مُعيد ، حَميد مجيد ، تَقَدَّسَتْ اَسْمآؤُكَ ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ ، فَأَىُّ نِعَمِكَ يا اِلهى اُحْصى عَدَداً وَذِكْراً ، أَمْ اَىُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً ، وَهِىَ يا رَبِّ اَكْثرُ مِنْ اَنْ يُحْصِيَهَا الْعآدّوُنَ ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحافِظُونَ ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنّى اَللّهُمَّ مِنَ الضُرِّ وَالضَّرّآءِ ، أَكْثَرَ مِمّا ظَهَرَ لى مِنَ الْعافِيَةِ وَالسَّرّآءِ ، وَاَنَا اَشْهَدُ يا اِلهى بِحَقيقَةِ ايمانى ، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقينى ، وَخالِصِ صَريحِ تَوْحيدى ، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَميرى ، وَعَلائِقِ مَجارى نُورِ بَصَرى ، وَاَساريرِ صَفْحَةِ جَبينى ، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسى ، وَخَذاريفِ مارِنِ عِرْنَينى ، وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعى ، وَما ضُمَّتْ وَاَطبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتاىَ ، وَحرِكاتِ لَفظِ لِسانى ، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمى وَفَكّى ، وَمَنابِتِ اَضْراسى ، وَمَساغِ مَطْعَمى وَمَشْرَبى ، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسى ، وَبُلُوغِ فارِغِ حبائِلِ عُنُقى ، وَمَا اشْتَمَلَ عَليْهِ تامُورُ صَدرى ، وَحمائِلِ حَبْلِ وَتينى ، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبى ، وَأَفْلاذِ حَواشى كَبِدى ، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ اَضْلاعى ، وَحِقاقُ مَفاصِلى ، وَقَبضُ عَوامِلى ، وَاَطرافُ اَنامِلى وَلَحْمى وَدَمى ، وَشَعْرى وَبَشَرى ، وَعَصَبى وَقَصَبى ، وَعِظامى وَمُخّى وَعُرُوقى ، وَجَميعُ جَوارِحى ، وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ اَيّامَ رَِضاعى ، وَما اَقلَّتِ الاَْرْضُ مِنّى ، وَنَوْمى وَيقَظَتى وَسُكُونى وَحرَكاتِ رُكُوعى وَسُجُودى ، اَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الاَْعصارِ

٣١٠

وَالاَْحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها اَنْ أُؤَدِّىَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إلّا بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَىَّ بِهِ شُكْرَكَ اَبَداً جَديداً ، وَثَنآءً طارِفاً عَتيداً ، اَجَلْ وَلوْ حَرَصْتُ اَنَا وَالْعآدُّونَ مِنْ اَنامِكَ ، أَنْ نُحْصِىَ مَدى اِنْعامِكَ ، سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً ، وَلا اَحْصَيناهُ اَمَداً ، هَيْهاتَ أنّى ذلِكَ وَاَنْتَ الُْمخْبِرُ فى كِتابِكَ النّاطِقِ ، وَالنَّبَأِ الصّادِقِ ، وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ، صَدَقَ كِتابُكَ اَللّهُمَّ وَاِنْبآؤُكَ ، وَبَلَّغَتْ اَنْبِيآؤُكَ وَرُسُلُكَ ، ما اَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دينِكَ ، غَيْرَ أَنّى يا اِلهى اَشْهَدُ بِجَُهْدى وَجِدّى ، وَمَبْلَغِ طاعَتى وَوُسْعى ، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً ، اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَُ مَوْرُوثاً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فى مُلْكِهِ فَيُضآدَُّهُ فيَما ابْتَدَعَ ، وَلا وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فيما صَنَعَ ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ ، لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ إلّا الله لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا ، سُبْحانَ اللهِ الْواحِدِ الاَْحَدِ الصَّمَدِ الَّذى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ ، اَلْحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبينَ ، وَاَنْبِيآئِهِ الْمُرْسَلينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى خِيَرَتِهِ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطّاهِرينَ الُْمخلَصينَ وَسَلَّمَ.

ثمّ اندفع في المسألة واجتهد في الدّعاء ، وقال وعيناه سالتا دموعاً :

اَللّهُمَّ اجْعَلْنى اَخْشاكَ كَاُنّى اَراكَ ، وَاَسْعِدْنى بِتَقوايكَ ، وَلا تُشْقِنى بِمَعْصِيَتِكَ ، وَخِرْلى فى قَضآئِكَ ، وَبارِكْ لى فى قَدَرِكَ ، حَتّى لا أُحِبَّ تَعْجيلَ ما اَخَّرْتَ وَلا تَأخيرَ ما عَجَّلْتَ ، اَللّهُمَّ اجْعَلْ غِناىَ فى نَفْسى ، وَالْيَقينَ فى قَلْبى ، وَالاِْخْلاصَ فى عَمَلى ، وَالنُّورَ فى بَصَرى ، وَالْبَصيرَةَ فى دينى ، وَمَتِّعْنى بِجَوارِحى ، وَاجْعَلْ سَمْعى وَبَصَرىَ الْوارِثَيْنِ مِنّى ، وَانْصُرْنى عَلى مَنْ ظَلَمَنى ، وَاَرِنى فيهِ ثَاْرى وَمَآرِبى ، وَاَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنى ، اَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتى ، وَاسْتُرْ عَوْرَتى ، وَاغْفِرْ لى خَطيئَتى ، وَاخْسَأْ شَيْطانى ، وَفُكَّ رِهانى ، وَاْجَعْلْ لى يا اِلهى الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِى الاْخِرَةِ وَالاُْوْلى ، اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى سَميعاً بَصيراً ، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنى فَجَعَلْتَنى خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بى ، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقى غَنِيّاً ، رَبِّ بِما بَرَأْتَنْى فَعَدَّلْتَ فِطْرَتى ، رَبِّ بِما اَنَشَأْتَنى فَاَحْسَنْتَ صُورَتى ، رَبِّ بِما اَحْسَنْتَ اِلَىَّ وَفى نَفْسى عافَيْتَنى ، رَبِّ بِما كَلاَتَنى وَوَفَّقْتَنى ، رَبِّ بِما اَنَعْمَتَ عَلَىَّ فَهَدَيْتَنى ، رَبِّ بِما اَوْلَيْتَنى وَمِنْ كُلِّ خَيْر اَعْطَيْتَنى ، رَبِّ

٣١١

بِما اَطْعَمْتَنى وَسَقَيْتَنى ، رَبِّ بِما اَغْنَيْتَنى وَاَقْنَيْتَنى ، رَبِّ بِما اَعَنْتَنى وَاَعْزَزْتَنى ، رَبِّ بِما اَلْبَسْتَنى مِنْ سِتْرِكَ الصّافى ، وَيَسَّرْتَ لى مِنْ صُنْعِكَ الْكافى ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاَعِنّى عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ ، وَصُرُوفِ اللَّيالى وَالاَْيّامِ ، وَنَجِّنى مِنْ اَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الاْخِرَةِ ، وَاكْفِنى شَرَّ ما يَعْمَلُ الظّالِمُونَ فِى الاَْرْضِ ، اَللّهُمَّ ما اَخافُ فَاكْفِنى ، وَما اَحْذَرُ فَقِنى ، وَفى نَفْسى وَدينى فَاحْرُسْنى ، وَفى سَفَرى فَاحْفَظْنى ، وَفى اَهْلى وَمالى فَاخْلُفْنى ، وَفى ما رَزَقْتَنى فَبارِكْ لى ، وَفى نَفْسى فَذلِّلْنى ، وَفى اَعْيُنِ النّاسِ فَعَظِّمْنى ، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ فَسَلِّمْنى ، وَبِذُنُوبى فَلا تَفْضَحْنى وَبِسَريرَتى فَلا تُخْزِنى ، وَبِعَمَلى فَلا تَبْتَِلْنى ، وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنى ، وَاِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنى ، اِلهى اِلى مَنْ تَكِلُنى اِلى قَريب فَيَقطَعُنى ، اَمْ اِلى بَعيد فَيَتَجَهَّمُنى ، اَمْ اِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لى ، وَاَنْتَ رَبّى وَمَليكُ اَمْرى ، اَشْكُو اِلَيْكَ غُرْبَتى وَبُعْدَ دارى ، وَهَوانى عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ اَمْرى ، اِلهى فَلا تُحْلِلْ عَلَىَّ غَضَبَكَ ، فَاِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَىَّ فَلا اُبالى سُبْحانَكَ غَيْرَ اَنَّ عافِيَتَكَ اَوْسَعُ لى ، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذى اَشْرَقَتْ لَهُ الاَْرْضُ وَالسَّماواتُ ، وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ ، وَصَلُحَ بِهِ اَمْرُ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرِينَ ، اَنْ لا تُميتَنى عَلى غَضَبِكَ ، وَلا تُنْزِلْ بى سَخَطَكَ ، لَكَ الْعُتْبى لَكَ الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِك ، لا اِلهَ إلّا اَنْتَ ، رَبَّ الْبَلَدِ الْحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ ، وَالْبَيْتِ الْعَتيقِ الَّذى اَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ ، وَجَعَلْتَهُ لِلنّاسِ اَمْنَاً ، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ ، يا مَنْ اَسْبَغَ النَّعْمآءَ بِفَضْلِهِ ، يا مَنْ اَعْطَى الْجَزيلَ بِكَرَمِهِ ، يا عُدَّتى فى شِدَّتى ، يا صاحِبى فى وَحْدَتى ، يا غِياثى فى كُرْبَتى ، يا وَلِيّى فى نِعْمَتى ، يا اِلهى وَاِلهَ آبائى اِبْراهيمَ وَاِسْماعيلَ وَاِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ، وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَاِسْرافيلَ ، وَربَّ مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّيينَ وَآلِهِ الْمُنْتَجَبينَ ، مُنْزِلَ التَّوراةِ وَالاِْنْجيلَ ، وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقانِ ، وَمُنَزِّلَ كهيعص ، وَطه وَيس ، وَالْقُرآنِ الْحَكيمِ ، اَنْتَ كَهْفى حينَ تُعيينِى الْمَذاهِبُ فى سَعَتِها ، وَتَضيقُ بِىَ الاَْرْضُ بِرُحْبِها ، وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكينَ ، وَاَنْتَ مُقيلُ عَثْرَتى ، وَلَوْلا سَتْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ ، وَاَنْتَ مُؤَيِّدى بِالنَّصْرِ عَلى اَعْدآئى ، وَلَوْلا نَصْرُكَ اِيّاىَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبينَ ، يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالْسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ ، فَاَوْلِيآؤهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ ، يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نَيرَ الْمَذَلَّةِ عَلى اَعْناقِهِمْ ، فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ مُقِرّاً اَنّى لَمْ اُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبوغِها ، وَتَظاهُرِها

٣١٢

وَتَقادُمِها اِلى حادِث ، ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنى بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنى وَبَرَأتَنى مِنْ اَوَّلِ الْعُمْرِ ، مِنَ الاِْغْنآءِ مِنَ الْفَقْرِ ، وَكَشْفِ الضُّرِّ ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ ، وَتَفريجِ الْكَرْبِ ، وَالْعافِيَةِ فِى الْبَدَنِ ، وَالسَّلامَةِ فِى الدّينِ ، وَلَوْ رَفَدَنى عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَميعُ الْعالَمينَ مِنَ الاَْوَّلينَ وَالاْخِرينَ ، ، ما قَدَرْتُ وَلاهُمْ عَلى ذلِكَ ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَريم ، عَظيم رَحيم ، لا تُحْصى آلاؤُكَ ، وَلا يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ ، وَلا تُكافى نَعْمآؤُكَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاَتْمِمْ عَلَيْنا نِعَمَكَ ، وَاَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ ، سُبْحانَكَ لا اِلهَ إلّا اَنْتَ ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ ، وَتُغيثُ الْمَكْرُوبَ ، وَتَشْفِى السَّقيمَ ، وَتُغْنِى الْفَقيرَ ، وَتَجْبُرُ الْكَسيرَ ، وَتَرْحَمُ الصَّغيرَ ، وَتُعينُ الْكَبيرَ ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهيرٌ ، وَلا فَوْقَكَ قَديرٌ ، وَانْتَ الْعَلِىُّ الْكَبيرُ ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ الاَْسيرِ ، يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغيرِ ، يا عِصْمَةَ الْخآئِفِ الْمُسْتَجيرِ ، يا مَنْ لا شَريكَ لَهُ وَلا وَزيرَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاَعْطِنى فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ ، اَفْضَلَ ما اَعْطَيْتَ وَاَنَلْتَ اَحَداً مِنْ عِبادِكَ ، مِنْ نِعْمَة تُوليها ، وَآلاء تُجَدِّدُها ، وَبَلِيَّة تَصْرِفُها ، وَكُرْبَة تَكْشِفُها ، وَدَعْوَة تَسْمَعُها ، وَحَسَنَة تَتَقَبَّلُها ، وَسَيِّئَة تَتَغَمَّدُها ، اِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشاءُ خَبيرٌ ، وَعَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ ، اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ دُعِىَ ، وَاَسْرَعُ مَنْ اَجابَ ، وَاَكْرَمُ مَنْ عَفى ، وَاَوْسَعُ مَنْ اَعْطى ، وَاَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ ، يا رَحمنَ الدُّنْيا والاْخِرَةِ وَرحيمُهُما ، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ ، وَلا سِواكَ مَأمُولٌ ، دَعَوْتُكَ فَاَجَبْتَنى ، وَسَأَلْتُكَ فَاَعْطَيْتَنى ، وَرَغِبْتُ اِلَيْكَ فَرَحِمْتَنى ، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنى ، وَفَزِعْتُ اِلَيْكَ فَكَفَيْتَنى ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ ، وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمآءَكَ ، وَهَنِّئْنا عَطآءَكَ ، وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرينَ ، وَلاِلائِكَ ذاكِرينَ ، آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ ، اَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ ، وَعُصِىَ فَسَتَرَ ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ ، وَمُنْتَهى اَمَلِ الرّاجينَ ، يا مَنْ اَحاطَ بِكُلِّ شَىء عِلْماً ، وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلينَ رَأفَةً وَحِلْماً ، اَللّهُمَّ اِنّا نَتَوَجَّهُ اِلَيْكَ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتى شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّد نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، وَاَمينِكَ عَلى وَحْيِكَ ، الْبَشيرِ النَّذيرِ ، السِّراجِ الْمُنيرِ ، الَّذى اَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ ، اَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، كَما مُحَمَّدٌ اَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظيمُ

٣١٣

فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ ، الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ اَجْمَعينَ ، وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا ، فَاِلَيْكَ عَجَّتِ الاَْصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ ، فَاجْعَلْ لَنا اَللّهُمَّ فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصيباً مِنْ كُلِّ خَيْر تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ ، وَنُور تَهْدى بِهِ ، وَرَحْمَة تَنْشُرُها ، وَبَرَكَة تُنْزِلُها ، وَعافِيَة تُجَلِّلُها ، وَرِزْق تَبْسُطُهُ ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، اَللَّهُمَّ اقْلِبْنا فى هذَا الْوَقْتِ مُنْجِحينَ مُفْلِحينَ مَبْرُورينَ غانِمينَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ ، وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومينَ ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطآئِكَ قانِطينَ ، وَلا تَرُدَّنا خائِبينَ وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودينَ ، يا اَجْوَدَ الاَجْوَدينَ ، وَاَكْرَمَ الاَْكْرَمينَ ، اِلَيْكَ اَقْبَلْنا مُوقِنينَ ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ قاصِدينَ ، فَاَعِنّا عَلى مَناسِكِنا ، وَاَكْمِلْ لَنا حَجَّنا ، وَاْعْفُ عَنّا وَعافِنا ، فَقَدْ مَدَدْنا اِلَيْكَ اَيْديَنا فَهِىَ بِذِلَّةِ الاِْعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ ، اَللَّهُمَّ فَاَعْطِنا فى هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ ، فَلا كافِىَ لَنا سِواكَ ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ ، عَدْلٌ فينا قَضآؤُكَ ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ ، وَاجْعَلْنا مِنْ اَهْلِ الْخَيْرِ ، اَللَّهُمَّ اَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الاَْجْرِ ، وَكَريمَ الذُّخْرِ ، وَدَوامَ الْيُسْرِ ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا اَجْمَعينَ ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكينَ ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأفَتَكَ وَرَحْمَتَك ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، اَللّهُمَّ اجْعَلْنا فى هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَاَلَكَ فَاَعْطَيْتَهُ ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ ، وَتابَ اِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ اِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ ، اَللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا واقْبَلْ تَضَرُّعَنا ، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَيا اَرْحَمَ مَنِ اسْتُرْحِمَ ، يا مَنْ لا يَخْفى عَلَيْهِ اِغْماضُ الْجُفُونِ ، ولا لَحْظُ الْعُيُونِ ، وَلا مَا اسْتَقَرَّ فِى الْمَكْنُونِ ، وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ ، اَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ اَحْصاهُ عِلْمُكَ ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ ، سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً ، تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ ، وَالاَْرَضُونَ وَمَنْ فيهِنَّ ، وَاِنْ مِنْ شَىء إلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالَْمجْدُ ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ ، يا ذَالْجَلالِ وَالاِْكْرامِ ، وَالْفَضْلِ وَالاِْنْعامِ ، وَالاَْيادِى الْجِسامِ ، وَاَنْتَ الْجَوادُ الْكَريمُ ، الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ ، اَللَّهُمَّ اَوْسِعْ عَلَىَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ ، وَعافِنى فى بَدَنى وَدينى ، وَآمِنْ خَوْفى ، وَاعْتِقْ رَقَبَتى مِنَ النّارِ ، اَللّهُمَّ لا تَمْكُرْ بى ، وَلا تَسْتَدْرِجْنى ، وَلا تَخْدَعْنى ، وَادْرَأ عَنّى شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالاِْنْسِ.

ثمّ رفع رأسه وبصره الى السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان وقال بصوت

٣١٤

عال :

يا اَسْمَعَ السّامِعينَ ، يا اَبْصَرَ النّاظِرينَ ، وَيا اَسْرَعَ الْحاسِبينَ ، وَيا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيامينَ ، وَاَسْأَلُكَ اَللَّهُمَّ حاجَتِى اَّلتى اِنْ اَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّنى ما مَنَعْتَنى ، وَاِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنى ما اَعْطَيْتَنى ، اَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتى مِنَ النّارِ ، لا اِلهَ إلّا اَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ الْمُلْكُ ، وَلَكَ الْحَمْدُ ، وَاَنْتَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ ، يا رَبُّ يا رَبُّ.

وكان يكرّر قوله يا رَبُّ وشغل من حضر ممّن كان حوله عن الدّعاء لانفسهم واقبلوا على الاستماع له والتّأمين على دعائه ، ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه.

أقول : الى هنا تمّ دعاء الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة على ما أورده الكفعمي في كتاب البلد الامين وقد تبعه المجلسي في كتاب زاد المعاد ولكن زاد السّيد ابن طاووس (رحمه الله) في الاقبال بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزّيادة :

اِلهى اَنَا الْفَقيرُ فى غِناىَ فَكَيْفَ لا اَكُونُ فَقيراً فى فَقْرى ، اِلهى اَنَا الْجاهِلُ فى عِلْمى فَكَيْفَ لا اَكُونُ جَهُولاً فى جَهْلى ، اِلهى اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ ، وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ ، مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنْ السُّكُونِ اِلى عَطآء ، وَالْيأْسِ مِنْكَ فى بَلاء ، اِلهى مِنّى ما يَليقُ بِلُؤُمى وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ ، اِلهى وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لى قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفى ، اَفَتَمْنَعُنى مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفى ، اِلهى اِنْ ظَهَرَتِ الَْمحاسِنُ مِنّى فَبِفَضْلِكَ ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَىَّ ، وَاِنْ ظَهَرْتِ الْمَساوىُ مِنّى فَبِعَدْلِكَ ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَىَّ اِلهى كَيْفَ تَكِلُنى وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لى ، وَكَيْفَ اُضامُ وَاَنْتَ النّاصِرُ لى ، اَمْ كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ الْحَفِىُّ بى ، ها اَنَا اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِفَقْرى اِلَيْكَ ، وَكَيْفَ اَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ اَشْكُو اِلَيْكَ حالى وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ اُتَرْجِمُ بِمَقالى وَهُوَ مِنَكَ بَرَزٌ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالى وَهِىَ قَدْ وَفَدَتْ اِلَيْكَ ، اَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ اَحْوالى وَبِكَ قامَتْ ، اِلهى ما اَلْطَفَكَ بى مَعَ عَظيمِ جَهْلى ، وَما اَرْحَمَكَ بى مَعَ قَبيحِ فِعْلى ، اِلهى ما اَقْرَبَكَ مِنّى وَاَبْعَدَنى عَنْكَ ، وَما اَرْاَفَكَ بى فَمَا الَّذى يَحْجُبُنى عَنْكَ ،

٣١٥

اِلهى عَلِمْتُ بِاِخْتِلافِ الاْثارِ ، وَتَنقُّلاتِ الاَْطْوارِ ، اَنَّ مُرادَكَ مِنّى اَنْ تَتَعَرَّفَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء ، حَتّى لا اَجْهَلَكَ فى شَىء ، اِلهى كُلَّما اَخْرَسَنى لُؤْمى اَنْطَقَنى كَرَمُكَ ، وَكُلَّما آيَسَتْنى اَوْصافى اَطْمَعَتْنى مِنَنُكَ ، اِلهى مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِىَ ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ مُساويهِ مَساوِىَ ، وَمَنْ كانَتْ حَقايِقُهُ دَعاوِىَ ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاوِيَهِ دَعاوِىَ ، اِلهى حُكْمُكَ النّافِذُ ، وَمَشِيَّتُكَ الْقاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكا لِذى مَقال مَقالاً ، وَلا لِذى حال حالاً ، اِلهى كَمْ مِنْ طاعَة بَنَيْتُها ، وَحالَة شَيَّدْتُها ، هَدَمَ اِعْتِمادى عَلَيْها عَدْلُكَ ، بَلْ اَقالَنى مِنْها فَضْلُكَ ، اِلهى اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنّى وَاِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّى فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً ، اِلهى كَيْفَ اَعْزِمُ وَاَنْتَ الْقاهِرُ ، وَكَيْفَ لا اَعْزِمُ وَاَنْتَ الاْمِرُ ، اِلهى تَرَدُّدى فِى الاْثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ ، فَاجْمَعْنى عَلَيْكَ بِخِدْمَة تُوصِلُنى اِلَيْكَ ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ ، اَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ ، حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ ، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ ، وَمَتى بَعُدْتَ حَتّى تَكُونَ الاْثارُ هِىَ الَّتى تُوصِلُ اِلَيْكَ ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقيباً ، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْد لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصيباً ، اِلهى اَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ اِلَى الاْثارِ فَاَرْجِعْنى اِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الاَْنْوارِ ، وَهِدايَةِ الاِْسْتِبصارِ ، حَتّى اَرْجَعَ اِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ اِلَيْكَ مِنْها ، مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ اِلَيْها ، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الاِْعْتِمادِ عَلَيْها ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَديرٌ ، اِلهى هذا ذُلّى ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَهذا حالى لا يَخْفى عَلَيْكَ ، مِنْكَ اَطْلُبُ الْوُصُولُ اِلَيْكَ ، وِبَكَ اَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ ، فَاهْدِنى بِنُورِكَ اِلَيْكَ ، وَاَقِمْنى بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، اِلهى عَلِّمْنى مِنْ عِلْمِكَ الَْمخْزُونِ ، وَصُنّى بِسِتْرِكَ الْمَصُونِ ، اِلهى حَقِّقْنى بِحَقائِقِ اَهْلِ الْقُرْبِ ، وَاسْلُكْ بى مَسْلَكَ اَهْلِ الْجَذْبِ ، اِلهى اَغْنِنى بِتَدْبيرِكَ لى عَنْ تَدْبيرى ، وَبِاخْتِيارِكَ عَنِ اخْتِيارى ، وَاَوْقِفْنى عَلى مَراكِزِ اضْطِرارى ، اِلهى اَخْرِجْنى مِنْ ذُلِّ نَفْسى ، وَطَهِّرْنى مِنْ شَكّى وَشِرْكى قَبْلَ حُلُولِ رَمْسى ، بِكَ اَنْتَصِرُ فَانْصُرْنى ، وَعَلَيْكَ اَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنى ، وَاِيّاكَ اَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنى ، وَفى فَضْلِكَ اَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنى ، وَبِجَنابِكَ اَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنى ، وَبِبابِكَ اَقِفُ فَلا تَطْرُدْنى ، اِلهى تَقَدَّسَ رِضاكَ اَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّى ، اِلهى اَنْتَ الْغِنىُّ بِذاتِكَ اَنْ يَصِلَ اِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ ، فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنّى ، اِلهى اِنَّ الْقَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّينى ، وَاِنَّ الْهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ

٣١٦

اَسَرَنى ، فَكُنْ اَنْتَ النَّصيرَ لى ، حَتّى تَنْصُرَنى وَتُبَصِّرَنى ، وَاَغْنِنى بِفَضْلِكَ حَتّى اَسْتَغْنِىَ بِكَ عَنْ طَلَبى ، اَنْتَ الَّذى اَشْرَقْتَ الاَْنْوارَ فى قُلُوبِ اَوْلِيآئِكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدوكَ ، وَاَنْتَ الَّذى اَزَلْتَ الاَْغْيارَ عَنْ قُلُوبِ اَحِبّائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ ، وَلَمْ يَلْجَأوا اِلى غَيْرِكَ ، اَنْتَ الْمُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ اَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ ، وَاَنْتَ الَّذى هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ ، وَمَا الَّذى فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ ، لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِىَ دُونَكَ بَدَلاً ، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً ، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَاَنْتَ ما قَطَعْتَ الاِْحْسانَ ، وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَاَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِْمْتِنانِ ، يا مَنْ اَذاقَ اَحِبّآءَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ ، وَيا مَنْ اَلْبَسَ اَوْلِياءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ ، فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ ، اَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ ، وَاَنْتَ الْبادى بِالاِْحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدينَ ، وَاَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ ، وَاَنْتَ الْوَهّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضينَ ، اِلهى اُطْلُبْنى بِرَحْمَتِكَ حَتّى اَصِلَ اِلَيْكَ ، وَاجْذِبْنى بِمَنِّكَ حَتّى اُقْبِلَ عَلَيْكَ ، اِلهى اِنَّ رَجآئى لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَاِنْ عَصَيْتُكَ ، كَما اَنَّ خَوْفى لا يُزايِلُنى وَاِنْ اَطَعْتُكَ ، فَقَدْ دَفَعْتَنِى الْعَوالِمُ اِلَيْكَ ، وَقَدْ اَوْقَعَنى عِلْمى بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ ، اِلهى كَيْفَ اَخيبُ وَاَنْتَ اَمَلى ، اَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَكَّلى ، اِلهى كَيْفَ اَسْتَعِزُّ وَفِى الذِّلَّةِ اَرْكَزْتَنى ، اَمْ كَيْفَ لا اَسْتَعِزُّ وَاِلَيْكَ نَسَبْتَنى ، اِلهى كَيْفَ لا اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى فِى الْفُقَرآءِ اَقَمْتَنى ، اَمْ كَيْفَ اَفْتَقِرُ وَاَنْتَ الَّذى بِجُودِكَ اَغْنَيْتَنى ، وَاَنْتَ الَّذى لا اِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَىء فَما جَهِلَكَ شَىءُ ، وَاَنْتَ الَّذى تَعَرَّفْتَ اِلَىَّ فى كُلِّ شَىء ، فَرَاَيْتُكَ ظاهِراً فى كُلِّ شَىء ، وَاَنْتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شَىء ، يا مَنِ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فى ذاِتِهِ ، مَحَقْتَ الاْثارَ بِالاْثارِ ، وَمَحَوْتَ الاَْغْيارَ بِمُحيطاتِ اَفْلاكِ الاَْنْوارِ ، يا مَنِ احْتَجَبَ فى سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ اَنْ تُدْرِكَهُ الاَْبْصارُ ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهآئِهِ ، فَتَحَقَّقتْ عَظَمَتُهُ مَنْ الاِْسْتِوآءَ ، كَيْفَ تَخْفى وَاَنْتَ الظّاهِرُ ، اَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَاَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَىء قَدير ، وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ.

وعلى أيّ حال فقد وردت ادعية وأعمال كثيرة في هذا اليوم لمن وفّق فيه لحضور عرفات وأفضل أعمال هذا اليوم الشّريف الدّعاء وهو قد امتاز بالدّعاء امتيازاً

٣١٧

وينبغي الاكثار فيه من الدّعاء للاخوان المؤمنين أحياءً وأمواتاً ، والرّواية الواردة في شأن عبد الله بن جندب (رحمه الله) في الموقف بعرفات ودعاؤه لاخوانه المؤمنين مشهورة ، ورواية زيد النرسي في شأن الثّقة الجليل معاوية بن وهب في الموقف ودعاؤه في حقّ اخوانه في الافاق واحداً واحداً وروايته عن الصّادق (عليه السلام) في فضل هذا العمل فيما ينبغي الاطّلاع عليه والتدبّر فيه ، والرّجاء الواثق من اخواني المؤمنين أن يجعلوا هؤلاء العظماء قدوة يقتدون بهم فيؤثرون على أنفسهم اخوانهم المؤمنين بالدّعاء ويعدونني في زمرتهم ، وأنا العاصي الذي سوّدت وجهي الذّنوب فلا ينسُوني من الدّعاء حيّاً وميّتاً ، واقرأ في هذا اليوم الزّيارة الجامعة الثّالثة وقل في آخر نهار عرفة : يا رَبِّ انَّ ذُنُوبى لا تَضُرُّكَ ، وَاِنَّ مَغْفِرَتَكَ لى لا تَنْقُصُكَ ، فَاَعْطِنى ما لا يَنْقُصُكَ ، وَاغْفِرْ لى ما لا يَضُرُّكَ وقل أيضاً : اَللّهُمَّ لا تَحْرِمْنى خَيْرَ ما عِنْدَكَ لِشَرِّ ما عِنْدى فَاِنْ اَنْتَ لَمْ تَرْحَمْنى بِتَعَبى وَنَصَبى فَلا تَحْرِمْنى اَجْرَ الْمُصابِ عَلى مُصيبَتِهِ.

ومنه : دعاء الإمام علي بن الحسين عليه السلام (١) يوم عرفة

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ ذَا الْجَلالِ وَالاكْرَامِ رَبَّ الارْبَابِ وَإِلَهَ كُلِّ مَأَلُوهٍ وَخَالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَوَارِثَ كُلِّ شَيءٍ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} وَلا يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحِيطٌ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ رَقِيبٌ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الاحَدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْعَلِيُّ الْمُتَعَالِ الشَّدِيدُ الْمِحَالِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْكَرِيمُ الاكْرَمُ الدَّآئِمُ الادْوَمُ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الاوَّلُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَالآخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ وَالْعَالِي فِي دُنُوِّهِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ذُو الْبَهَآءِ وَالْمَجْدِ وَالْكِبْرِيَآءِ وَالْحَمْدِ وَأَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الَّذِي أَنْشَأْتَ الاشْيَآءَ مِنْ غِيرِ سِنْخٍ

__________________

(١) الصحيفة السجادية الدعاء ٤٧.

٣١٨

وَصَوَّرْتَ مَا صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ وَابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ بِلا احْتِذَآءٍ أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَقْدِيراً وَيَسَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَيْسِيراً وَدَبَّرْتَ مَا دُونَكَ تَدْبِيرَا أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى خَلْقِكَ شَرِيكٌ وَلَمْ يُوَازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ مُشَاهِدٌ وَلا نَظِيرٌ أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَآ أَرَدْتَ وَقَضَيْتَ فَكَانَ عَدْلاً مَا قَضَيْتَ وَحَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ أَنْتَ الَّذِي لا يَحْوِيكَ مَكَانٌ وَلَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ وَلَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ وَلا بَيَانٌ أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيءٍ عَدَداً وَجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيءٍ أَمَداً وَقَدَّرْتَ كُلَّ شَيءٍ تَقْدِيراً أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الاوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ وَعَجَزَتِ الافْهَامُ عَنْ كَيْفِيَّتِكَ وَلَمْ تُدْرِكِ الابْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ أَنْتَ الَّذِي لا تُحَّدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً ولَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً وَلَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً أَنْتَ الَّذِي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعَانِدَكَ وَلا عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ وَاخْتَرَعَ وَاسْتَحْدَثَ وَابْتَدَعَ وَأَحْسَنَ صُنْعَ مَا صَنَعَ سُبْحَانَكَ مَآ أَجَلَّ شَأْنَكَ! وَأسْنَى فِي الامَاكِنِ مَكَانَكَ! وَأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقَانَكَ!

سُبْحَانَكَ مِنْ لَطِيفٍ مَآ أَلْطَفَكَ! وَرَءُوفٍ مَآ أَرْأَفَكَ! وَحَكِيمٍ مَآ أَعْرَفَكَ! سُبْحَانَكَ مِنْ مَلِيكٍ مَآ أَمْنَعَكَ! وَجَوَادٍ مَآ أَوْسَعَكَ! وَرَفِيعٍ مَآ أَرْفَعَكَ! ذُو الْبَهَآءِ وَالْمَجْدِ وَالْكِبْرِيَآءِ وَالْحَمْدِ سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ وَعُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ أَوْ دُنْيَا وَجَدَكَ سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ مَنْ جَرَى فِي عِلْمِكَ وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ مَا دُونَ عَرْشِكَ وَانْقَادَ لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ سُبْحَانَكَ لا تُحَسُّ وَلا تُجَسُّ وَلا تُمَسُّ وَلا تُكَادُ وَلا تُمَاطُ وَلا تُنَازَعُ وَلا تُجَارَى وَلا تُمَارَى وَلا تُخَادَعُ وَلا تُمَاكَرُ سُبْحَانَك سَبِيلُكَ جَدَدٌ وَأَمْرُكَ رَشَدٌ وَأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ سُبْحَانَكَ قَوْلُكَ حُكْمٌ وَقَضَآؤُكَ حَتْمٌ وَإِرَادَتُك عَزْمٌ سُبْحَانَكَ لا رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ سُبْحَانَكَ بَاهِرَ الآيَاتِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ بَارِئَ النَّسَمَاتِ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ بِدَوَامِكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً خَالِداً بِنِعْمَتِكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ وَلَك الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حَامِدٍ وَشُكْراً يَقْصُرُ عنْهُ شُكْرُ كُلِّ شَاكِرٍ حَمْداً لا يَنْبَغِي إِلا لَكَ وَلا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلا إِلَيْكَ حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الاوَّلُ وَيُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الآخِرِ حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ الازْمِنَةِ وَيَتَزَايَدُ أَضْعَافاً مُتَرَادِفَةً حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ إِحْصَآئِهِ الْحَفَظَةُ

٣١٩

وَيَزِيدُ عَلَى مَآ أَحْصَتْهُ فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ حَمْداً يُوَازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ وَيُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ وَيَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزَآءٍ جَزَآؤُهُ حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ وَبَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ النِّيَّةِ فِيهِ حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ وَلا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ فَضْلَهُ حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ وَيُؤَيَّدُ مَنْ أَغْرَقَ نَزْعاً فِي تَوْفِيَتِهِ حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ وَيَنْتَظِمُ مَآ أَنْتَ خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ حَمْداً لا حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ وَلا أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ بِهِ حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ بِوُفُورِهِ وتَصِلُهُ بِمَزِيدٍ بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلاً مِنْكَ حَمْداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَيُقَابِلُ عِزَّ جَلالِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ وَبَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكَاتِكَ وَتَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً زَاكِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَزْكَى مِنْهَا وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً نَامِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَنْمَى مِنْهَا وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً رَاضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ فَوْقَهَا رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُرْضِيهُ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً تُرْضِيكَ وَتَزِيدُ عَلَى رِضَاكَ لَهُ وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا تَرْضَى لَهُ إِلا بِهَا وَلا تَرَى غَيْرَهُ لَهَآ أَهْلاً رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ وَيَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا بِبَقَآئِكَ وَلا يَنْفَدُ كَمَا لا تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيَآئِكَ وَرُسُلِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ وَتَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ جِنِّكَ وَإِنْسِكَ وَأَهْلِ إِجَابَتِكَ وَتَجْتَمِعُ عَلَى صَلاةِ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وَبَرَأْتَ مِنْ أَصْنَافِ خَلْقِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلاةً تُحِيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سَالِفَةٍ وَمُسْتَأْنَفَةٍ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ صَلاةً مَرْضِيَّةً لَكَ وَلِمَنْ دُونَكَ وَتُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا وَتَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ الايَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ لا يَعُدُّهَا غَيْرُكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَآئِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ وَجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ وَحَفَظَةَ دِينِكَ وَخُلَفَآءَكَ فِي أَرْضِكَ وَحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ وَطَهَّرْتَهُمْ مِنَ الرِّجْسِ وَالدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ إِلَيْكَ وَالْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلاةً تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ نِحَلِكَ وَكَرَامَتِكَ وَتُكْمِلُ لَهُمُ الاشْيَآءَ مِنْ عَطَايَاكَ وَنَوَافِلِكَ وَتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوَآئِدِكَ وَفَوَآئِدِكَ رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ صَلاةً لا أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا وَلا غَايَةَ لِأَمَدِهَا وَلا نِهَايَةَ لِآخِرِهَا رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ وَمَا دُونَهُ وَمِلْءَ سَمَاوَاتِكَ

٣٢٠