موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ مرتضى البروجردي

(٢٠٣٢) مسألة ١٢ : لو شكّ في صحّة ما أتى به وفساده لا في أصل الإتيان ، فإن كان بعد الدخول في الغير فلا إشكال في عدم الالتفات ، وإن كان قبله فالأقوى عدم الالتفات أيضاً ، وإن كان الأحوط الإتمام والاستئناف إن كان من الأفعال ، والتدارك إن كان من القراءة أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام (*) (١).

______________________________________________________

هنا لو رأى نفسه في الجلوس بانياً على كونه بعنوان التعقيب وشكّ في السلام لم تجر القاعدة بلا كلام.

نعم ، في المقام لو كان متشاغلاً حال الجلوس بالقراءة أو التسبيح جرت القاعدة ، فإنّ الدخول في القراءة دخول في الغير وموجب لإحراز التجاوز كما هو ظاهر.

(١) فصّل (قدس سره) في هذه المسألة بين ما إذا كان الشكّ بعد الدخول في الغير وما إذا كان قبله ، وأنّه لا إشكال في عدم الالتفات في الأوّل ، وكذا في الثاني على الأقوى ، وان كان الأحوط الإتمام والاستئناف إن كان من الأفعال والتدارك إن كان من القراءة أو الأذكار ما عدا تكبيرة الإحرام.

أقول : أمّا الاحتياط الاستحبابي فهو حسن على كلّ حال ، لكن لا وجه لاستثناء تكبيرة الإحرام عن الاحتياط بالتدارك وإلحاقها بالأفعال في الإتمام والاستئناف ، لإمكان التدارك فيها أيضاً كبقية الأذكار بالإتيان رجاءً بقصد القربة المطلقة ، فيقصد بها مطلق الذكر الجامع بين الافتتاح لو كانت الأُولى باطلة وبين الذكر المطلق الذي هو حسن في كلّ حال لو كانت صحيحة ، وبذلك

__________________

(*) بل فيها أيضاً بقصد القربة المطلقة.

١٤١

[٢٠٣٣] مسألة ١٣ : إذا شكّ في فعل قبل دخوله في الغير فأتى به ثمّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان آتياً به فإن كان ركناً بطلت الصلاة وإلّا فلا ، نعم يجب عليه سجدتا السهو (*) للزيادة ، وإذا شكّ بعد الدخول في الغير فلم يلتفت ثمّ تبيّن عدم الإتيان به فان كان محلّ تدارك المنسي باقياً بأن لم يدخل في ركن

______________________________________________________

يحصل الاحتياط من غير حاجة إلى الإتمام والاستئناف كما لا يخفى.

وأمّا أصل المطلب فالصحيح ما أفاده (قدس سره) من عدم الالتفات وإن لم يدخل في الغير ، وأنّ الدخول فيه لا يشترط إلّا في موارد الشكّ في أصل الوجود لا في صحة الموجود.

والوجه فيه : أنّ في موارد الشكّ في الوجود التي تجري فيها قاعدة التجاوز لا يتحقّق التجاوز عن نفس المشكوك فيه والخروج عنه ، إذ لا يجتمع ذلك مع فرض الشكّ في أصل الوجود ، ومن المعلوم أنّ الخروج فرع الدخول ، وهو غير محرز من أصله ، فلا مناص من أن يراد به الخروج والتجاوز عن المحلّ بضرب من المسامحة ، الذي لا يكاد يتحقّق إلّا بالدخول في الجزء المترتّب.

وهذا بخلاف موارد الشكّ في الصحّة التي تجري فيها قاعدة الفراغ ، فانّ الخروج والتجاوز عن نفس المشكوك فيه يتحقّق بمجرّد الفراغ منه ، إذ يصدق عليه حقيقة أنّه ممّا قد مضى ، فيشمله قوله (عليه السلام) : «كلّ شي‌ء شكّ فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» (١) ، ولا يناط الصدق المزبور بالدخول في الغير ولأجله لم يعتبر ذلك في جريان قاعدة الفراغ ، وإنّما هو شرط في قاعدة التجاوز فحسب ، فلو شكّ في صحّة القراءة مثلاً بعد ما فرغ بنى على الصحّة وإن لم يكن داخلاً في الركوع.

__________________

(*) على تفصيل يأتي فيه وفيما بعده.

(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ٣ ، (نقل بالمضمون).

١٤٢

بعده تداركه ، وإلّا فان كان ركناً بطلت الصلاة وإلّا فلا ، ويجب عليه سجدتا السهو للنقيصة (١).

[٢٠٣٤] مسألة ١٤ : إذا شكّ في التسليم فان كان بعد الدخول في صلاة أُخرى أو في التعقيب (*) أو بعد الإتيان بالمنافيات لم يلتفت ، وإن كان قبل ذلك أتى به (٢).

______________________________________________________

(١) أفاد (قدس سره) أنّه لو شكّ في فعل قبل دخوله في الغير فأتى به حسب ما هو وظيفته من لزوم الاعتناء بالشكّ في المحلّ ، ثمّ انكشف كونه آتياً به من قبل وأنّ هذا وقع زائداً ، فإن كان ركناً بطلت صلاته وإلّا فلا ، لاختصاص البطلان في الزيادة السهوية بالأركان ، والكلام من حيث لزوم سجدتي السهو للزيادة وأنّها هل تجب لكلّ زيادة ونقيصة موكول إلى محلّه (١).

وأمّا عكس ذلك أعني ما لو شكّ بعد التجاوز والدخول في الغير فلم يلتفت بمقتضى قاعدة التجاوز ثمّ تبيّن عدم الإتيان به ، فيلحقه حكم النسيان من التفصيل بين بقاء محلّ التدارك للمنسي بأن لم يكن داخلاً في ركن بعده كما لو تذكّر نقصان الركوع وهو في السجدة الأُولى فيرجع ويتدارك ، وبين ما إذا لم يكن المحلّ باقياً كما لو كان التذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية ، وحينئذ فان كان المنسي ركناً كالمثال بطلت الصلاة وإلّا فلا. والكلام في سجدتي السهو ما عرفت.

(٢) فصّل (قدس سره) لدى الشكّ في الجزء الأخير من الصلاة بين ما كان

__________________

(*) الأقوى الالتفات في هذه الصورة.

(١) في ص ٣٦١.

١٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك بعد الدخول في التعقيب ، أو في صلاة أُخرى ، أو بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً كالحدث والاستدبار ، وبين ما كان قبل ذلك ، فحكم بالالتفات في الثاني دون الأوّل.

أقول : أمّا إذا كان الشكّ قبل الإتيان بواحد من الثلاثة فلا إشكال في الالتفات ، لكونه من الشكّ في المحلّ وقبل أن يتجاوز عنه ، المحكوم بالاعتناء بمقتضى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال.

وأمّا إذا كان بعده ، فان كان بعد الإتيان بشي‌ء من المنافيات وبنينا كما هو الصحيح على أنّ من نسي السلام وتذكّر بعد ارتكاب المنافي عمداً وسهواً صحّت صلاته لحديث لا تُعاد المسقط للسّلام حينئذ عن الجزئية كما أوضحناه في محلّه (١) فالحكم في المقام ظاهر ، إذ لو صحّت الصلاة مع العلم بترك السلام فلدى الشكّ بطريق أولى ، فالصحّة ثابتة هنا بالفحوى والأولوية القطعية.

وأمّا على المبنى الآخر أعني البطلان لدى النسيان ، الذي هو المشهور وإن كان خلاف التحقيق فربما يتأمّل في الصحّة ، نظراً إلى عدم جريان قاعدة التجاوز في المقام ، لاشتراطها بالدخول في الجزء المترتّب ، المفقود في الفرض فإنّه قد دخل فيما يعتبر عدمه وهو المنافي ، لا فيما هو المترتّب على المشكوك فيه.

ويندفع بما تكرّر منّا من أنّ المدار في جريان القاعدة الخروج عن المحلّ والتجاوز عن الظرف المقرّر للمشكوك فيه ، المتحقّق بالدخول في الغير ، فالدخول لا شأن له عدا تحقيق عنوان التجاوز والكشف عن الخروج عن المحلّ ، فلا بدّ وأن يكون للمشكوك فيه محلّ خاصّ ، وأن يكون هو المشروط بالسبق والتقدّم لا أن يكون للغير الذي دخل فيه محلّ معيّن.

__________________

(١) شرح العروة ١٥ : ٣١٩ وما بعدها

١٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

فليست العبرة باعتبار التأخّر في اللّاحق ولحاظ الترتّب فيه ، بل باعتبار التقدّم في السابق وكونه ذا محلّ خاصّ قد خرج عنه بالدخول في الغير ، ولأجله منعنا عن جريان القاعدة في الشكّ في الظهر بعد الدخول في العصر ، لاختصاص المحلّ بالثاني دون الأوّل كما مرّ (١).

ولا ريب أنّ هذا الضابط منطبق على المقام ، فانّ السلام قد اعتبر فيه محلّ خاصّ ، وهو وقوعه قبل المنافي كما يكشف عنه قوله (عليه السلام) : «تحليلها التسليم» (٢) ، ولا يجوز إيقاعه بعده ، وقد خرج عن هذا المحلّ وجاوز الظرف المقرّر بالدخول في المنافيات. فهي وإن لم تكن مترتّبة على السلام إلّا أنّ السلام مشروط بالتقدّم ، وهو كافٍ في جريان القاعدة ، بل العبرة به ليس إلّا كما عرفت.

ومنه تعرف جريان القاعدة فيما إذا كان الشكّ المزبور بعد الدخول في صلاة أُخرى ، سواء كانت مترتّبة على الاولى أم لا ، إذ محلّ التسليم إنّما هو قبل الدخول في الصلاة الأُخرى بناءً على ما هو الصحيح من عدم جواز إقحام صلاة في صلاة في غير المورد المنصوص (٣).

وأمّا إذا كان الشكّ في التسليم بعد الدخول في التعقيب فالأقوى وجوب الاعتناء ، لعدم جريان القاعدة حينئذ ، إذ ليس للتسليم محلّ خاصّ بالإضافة إلى التعقيب ، لعدم كونه مشروطاً بالسبق والتقدّم ليصدق التجاوز ، وإنّما التعقيب ملحوظ فيه التأخّر ؛ وقد عرفت أنّ العبرة بالأوّل دون الثاني كما مرّ توضيحه (٤) عند التكلّم حول عدم كفاية الدخول في المستحبّات في جريان القاعدة.

__________________

(١) في ص ١٢١.

(٢) الوسائل ٦ : ٤١٥ / أبواب التسليم ب ١ ح ١ ، ٨ وغيرهما.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٠ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٥ ح ٢ وغيره.

(٤) في ص ١٣٤ ١٣٥.

١٤٥

[٢٠٣٥] مسألة ١٥ : إذا شكّ المأموم في أنّه كبّر للإحرام أم لا فان كان بهيئة المصلّي جماعة من الإنصات ووضع اليدين على الفخذين ونحو ذلك لم يلتفت (*) على الأقوى ، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة (**) (١).

______________________________________________________

ويزيدك وضوحاً أنّها لو كانت جارية في المقام كان اللّازم جريانها لو شكّ حال التعقيب في أصل الصلاة ، لوحدة المناط ، إذ التعقيب كما أنّه مترتّب على التسليم مترتّب على الصلاة أيضاً ، فلو كان هذا المقدار كافياً في الجريان لجرى في الموردين معاً ، ولا نظنّ أن يلتزم به فقيه.

وكيف ما كان ، فلو كان التعقيب في المقام متضمّناً للفصل الطويل المانع عن التدارك جرت القاعدة من حيث الدخول في المنافي ، لا من حيث الدخول في التعقيب كما هو ظاهر.

(١) ما أفاده (قدس سره) من عدم الالتفات حينئذ إذا كان بهيئة المصلّي جماعة بأن كان منصتاً هو الصحيح ، بناءً على وجوب الإنصات كما يقتضيه ظاهر الآية الشريفة على ما مرّ في محلّه (١) ، فإنّه واجب من واجبات الصلاة قد دخل فيه وشكّ فيما قبله ، فيشمله إطلاق أدلّة القاعدة ، إذ لا قصور في شموله لمثله.

نعم ، مجرّد كونه يرى نفسه بهيئة الجماعة من دون كونه متشاغلاً بعمل وجوبي كما لو كان مشغولاً بالذكر حال قراءة الإمام في الصلوات الإخفاتية ، غير كافٍ لما عرفت (٢) من عدم كفاية الدخول في المستحبّ في جريان القاعدة ، فلا مناص

__________________

(*) هذا فيما إذا كانت الصلاة جهرية وسمع المأموم قراءة الإمام.

(**) أو الإتيان بالتكبير بقصد القربة المطلقة.

(١) شرح العروة ١٧ : ٢٠٧.

(٢) في ص ١٣٤.

١٤٦

[٢٠٣٦] مسألة ١٦ : إذا شكّ وهو في فعل في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة أم لا لم يلتفت ، وكذا لو شكّ في أنّه هل سها أم لا وقد جاز محلّ ذلك الشي‌ء الذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا ، نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه أتى به على الأصح (١).

______________________________________________________

من الإعادة أو الإتيان بالتكبير بقصد القربة المطلقة.

(١) إذا شكّ في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال أم لا ، لا شكّ في لزوم الاعتناء إذا كان في المحلّ ، فإنّه عين الشكّ في نفس الفعل كما هو ظاهر.

وأمّا إذا تجاوز ودخل في فعل آخر فشكّ حينئذ في أنّه هل شكّ قبل ذلك في بعض الأفعال المتقدّمة أم لا ، لا ينبغي التأمّل في عدم الاعتناء ، فانّ الشكّ الحادث بالفعل شكّ بعد التجاوز ، والشكّ السابق مشكوك الحدوث مدفوع بالأصل.

بل الظاهر عدم الاعتناء حتّى لو كان عالماً فعلاً بحدوث الشكّ سابقاً وشكّ في أنّه هل اعتنى به وتدارك المشكوك فيه في محلّه أو لا ، فإنّ الوظيفة الظاهرية لا تزيد على الواقعية في المشمولية لقاعدة التجاوز.

فكما لا يلتفت بالشكّ بعد المحلّ في الإتيان بنفس الجزء الثابت وجوبه واقعاً فكذا في الإتيان بالجزء الثابت وجوبه ظاهراً بمقتضى لزوم الاعتناء بالشكّ في المحلّ ، المبني على الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال ، لوحدة المناط في الموردين وشمول الإطلاق في أدلّة القاعدة لكلتا الصورتين كما هو ظاهر.

وأمّا لو شكّ في أنّه هل سها أم لا ، فان كان قد جاز محلّ ذلك الشي‌ء الذي شكّ في السهو عنه لم يلتفت ، لعين ما مرّ في الشك ، فانّ حدوث السهو في المحلّ مشكوك ، والشكّ الفعلي شكّ بعد التجاوز.

١٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا إذا لم يتجاوز وكان في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه لزمه الاعتناء لرجوعه إلى الشكّ في المحلّ في الإتيان بنفس الجزء المحكوم بالالتفات.

ويستفاد ذلك من عدّة من الروايات لعلّ أوضحها صحيحة عبد الرحمن : «... قلت : فرجل نهض من سجوده فشكّ قبل أن يستوي قائماً فلم يدر أسجد أم لم يسجد ، قال : يسجد» (١).

إذ ليس المراد الشكّ في ترك السجود عمداً ، لمنافاته مع كونه في مقام الامتثال كما هو ظاهر ، بل المراد الشكّ في السهو عن السجود ، الراجع إلى الشكّ في نفس السجود ، وقد حكم (عليه السلام) بالاعتناء لو كان قبل الاستواء والدخول في القيام ، لبقاء المحلّ حينئذ ، بناءً على ما عرفت (٢) من عدم كفاية الدخول في النهوض الذي هو من المقدّمات في صدق التجاوز كي تشمله القاعدة.

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٦٩ / أبواب السجود ب ١٥ ح ٦.

(٢) في ص ١٣٦.

١٤٨

فصل

في الشكّ في الرّكعات

[٢٠٣٧] مسألة ١ : الشكوك الموجبة لبطلان (١) الصلاة ثمانية : أحدها : الشكّ في الصلاة الثنائية كالصبح وصلاة السفر (٢). الثاني : الشكّ في الثلاثية كالمغرب.

______________________________________________________

(١) المراد بالبطلان كما سيأتي التعرّض له في مطاوي المسائل الآتية عدم جواز المضيّ على الصلاة وإتمامها مع الشكّ ، لا أنّه يستوجب البطلان بمجرّد الحدوث كالحدث ، فلو تروّى وارتفع الشكّ وأتمّ على اليقين صحّت صلاته ، فهو مبطل بقاءً لا حدوثاً.

(٢) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وكذا فيما بعده أعني الشكّ في الثلاثيّة كالمغرب ، وعليه دعوى الإجماع في غير واحد من الكلمات.

نعم ، نسب إلى الصدوق (١) الخلاف في ذلك ، وأنّه مخيّر بين البناء على الأقلّ وبين الاستئناف ، والناسب هو العلّامة (٢) وتبعه من تأخّر عنه. وقد حاول صاحب الحدائق (٣) وقبله الوحيد البهبهاني (٤) تكذيب هذه النسبة وأنّ فتواه مطابقة للمشهور ، وأقام شواهد على ذلك من كلامه ، وكيف ما كان ، فهذا الحكم

__________________

(١) [كما قد يستفاد من الفقيه ١ : ٢٣١ ذيل ح ١٠٢٤].

(٢) المنتهي ١ : ٤١٠ السطر ٥.

(٣) الحدائق ٩ : ٢٠١.

(٤) هامش المدارك : ٢٤٩.

١٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

هو المشهور إن لم يكن إجماعاً ، سواء صحّت النسبة أم لا.

إنّما الكلام في مستنده ، فانّ النصوص غير وافية صريحاً لإثبات هذه الكلّية أعني بطلان الشكّ في كلّ ثنائية ، وإنّما وردت في بعض جزئياتها كالفجر والجمعة والصلاة في السفر ، وكذا في المغرب والوتر.

ففي صحيحة حفص : «إذا شككت في المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد» (١) ، ونحوها صحيحة الحلبي وحفص (٢) أيضاً.

وفي صحيحة ابن مسلم : «عن الرجل يصلّي ولا يدري واحدة صلّى أم اثنتين قال : يستقبل حتّى يستيقن أنّه قد أتمّ ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر» (٣).

وفي صحيحة العلاء : «عن الرجل يشكّ في الفجر ، قال : يعيد ، قلت : المغرب قال : نعم ، والوتر والجمعة. من غير أن أسأله» (٤) ، فيحتاج التعدّي حينئذ إلى كلّ ثنائية ليشمل مثل صلاة الطواف وصلاة الآيات والعيدين إلى دليل آخر.

وقد استدلّ له بالتعليل الوارد في موثّقة سماعة قال : «سألته عن السهو في صلاة الغداة ، فقال : إذا لم تدر واحدة صلّيت أم ثنتين فأعد الصلاة من أوّلها والجمعة أيضاً إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة ، لأنّها ركعتان» (٥) حيث يستفاد من عموم العلّة انسحاب الحكم لكلّ صلاة ذات ركعتين.

ونوقش فيه بأنّ المذكور في الصدر بطلان الفجر بالشكّ بين الواحدة والثنتين

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٣ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ١.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٤ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٥.

(٣) الوسائل ٨ : ١٩٤ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٢.

(٤) الوسائل ٨ : ١٩٥ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٧.

(٥) الوسائل ٨ : ١٩٥ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ٨.

١٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وظاهر العطف اشتراك الجمعة معه في البطلان بمثل هذا الشكّ. وعليه فالتعليل المذكور في الذيل لا يقتضي إلّا بطلان كلّ ذات ركعتين بخصوص الشكّ بين الواحدة والثنتين ، لا بمطلق الشكّ في الركعات حتّى مثل الثنتين والثلاث أو الأربع كي تدلّ على لزوم سلامة الثنائية عن كلّ شكّ متعلّق بالركعة كما هو المدّعى ، إلّا أن يتمّم ذلك بالتسالم وبعدم القول بالفصل ، فيخرج عن الاستدلال بالرواية.

ويندفع أوّلاً : بأنّ التعليل مذكور في ذيل الجمعة المحكومة بإعادة الإمام صلاته إذا سها فيها ، الظاهر بمقتضى الإطلاق في كلّ سهو ، فيكون ذلك قرينة على أنّ المذكور في الصدر من باب المثال.

وثانياً : مع الغضّ عن ذلك وتسليم قصور الموثّق عن الدلالة على بطلان الثنائية بكلّ شكّ ، فيكفينا في ذلك إطلاق صحيحة صفوان عن أبي الحسن (عليه السلام) «قال : إن كنت لا تدري كم صلّيت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة» (١) ، حيث دلّت بمقتضى الإطلاق على بطلان كلّ صلاة بكلّ شكّ متعلّق بالركعة ، خرج ما خرج بالأدلّة الخاصّة ؛ فيبقى الباقي الذي منه الشكّ في مطلق الثنائية بأي نحو كان تحت الإطلاق ، فتثبت بها الضابطة الكلّية المتقدّمة.

ولا تتوهّم معارضتها مع صحيحة علي بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل لا يدري كم صلّى واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً ، قال : يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ، ويتشهّد تشهّداً خفيفاً» (٢) ، لمخالفة مضمونها مع النصّ والفتوى كما لا يخفى ، ولا سبيل للعمل بها بوجه ، هذا.

وسنتمسّك بهذه الصحيحة في كثير من المسائل الآتية ، فإنّها بمنزلة الأصل الثانوي المجعول في باب الشكّ في الركعات ، وبها نخرج عن مقتضى الاستصحاب

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٢٥ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ١.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٢٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٦.

١٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الذي مفاده البناء على الأقلّ ونحكم بالغاية في هذا الباب ، لا بالاستقراء كما قيل ، لعدم خلوّه عن الخدش كما لا يخفى. وكذا يبقى تحت الإطلاق الشكّ في الثلاثية.

ثمّ إنّه ربما تعارض النصوص المتقدّمة الدالّة على بطلان الشكّ في الثنائية بالروايات الكثيرة المتضمّنة للبناء على الأقل لدى الشكّ بين الواحدة والثنتين التي منها رواية ابن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال : «في الرجل لا يدري أركعة صلّى أم ثنتين؟ قال : يبني على الركعة» (١) ، ونحوها موثّقة ابن أبي يعفور ، والحسين بن أبي العلاء (٢).

ولأجله حملت على النافلة تارة ، وعلى التقية أُخرى ، بل قال في المدارك : إنّه لو صحّ سندها لأمكن القول بالتخيير بين البناء على الأقلّ أو الاستئناف كما هو المنسوب إلى ابن بابويه (٣). وقد اعترف المحقّق الهمداني (قدس سره) بالمعارضة غير أنّه قال : إنّها لا تكافئ النصوص المتقدّمة (٤).

وفيه : أنّا لو سلّمنا تمامية تلك الروايات سنداً ودلالة ولا تتمّ كما سيجي‌ء في محلّه إن شاء الله تعالى (٥) فهي غير معارضة للنصوص المتقدّمة ، لعدم ورودها في خصوص الصلاة الثنائية ، وإنّما مفادها البناء على الأقلّ لدى الشكّ في أنّه هل صلّى ركعة أم ثنتين.

وهذا كما ترى مطلق يشمل الثنائية والثلاثية والرباعية ، فيقيد بالنصوص

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٣.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٢ ، ٢٠.

(٣) المدارك ٤ : ٢٥٣.

(٤) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٥٥٤ السطر ٩.

(٥) في ص ١٥٧.

١٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المتقدّمة الدالّة على البطلان لو كان الشكّ في الثنائية والثلاثية ، عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد ، فلا ينبغي عدّ تلك الأخبار معارضاً لنصوص المقام كما صنعه غير واحد ، لوضوح عدم المعارضة بين المطلق والمقيّد ، فلتحمل على الرباعية.

نعم ، هناك موثّقتان لعمّار تعارضان النصوص المتقدّمة الدالّة على بطلان الشكّ في الثنائية والثلاثية ، لتضمّنها البناء على الأكثر والإتيان بركعة مفصولة ، كما هو الحال في الشكّ في الصلوات الرباعية ، فإنّ الصحّة المستفادة منهما تعارض البطلان المدلول عليه في تلك النصوص ، لعدم إمكان الجمع العرفي بين الصحة والبطلان كما مرّ غير مرّة.

قال في إحداهما : «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : رجل شكّ في المغرب فلم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : يسلّم ثمّ يقوم فيضيف إليها ركعة ، ثمّ قال : هذا والله ممّا لا يقضى أبداً» (١).

وقال في الأُخرى : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل لم يدر صلّى الفجر ركعتين أو ركعة ، قال : يتشهد وينصرف ، ثمّ يقوم فيصلّي ركعة ، فإن كان قد صلّى ركعتين كانت هذه تطوّعاً ، وإن كان قد صلّى ركعة كانت هذه تمام الصلاة ، قلت : فصلّى المغرب فلم يدر اثنتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّي ركعة ، فإن كان صلّى ثلاثاً كانت هذه تطوّعاً ، وإن كان صلّى اثنتين كانت هذه تمام الصلاة ، وهذا والله ممّا لا يقضى أبداً» (٢).

قال صاحب الوسائل بعد نقل الروايتين : أقول : الأقرب حمل الحديثين على التقية ، لموافقتهما لجميع العامّة ، انتهى. ولكنّه مشكل جدّاً ، إذ لم ينسب القول بمضمونهما أعني البناء على الأكثر إلى أحد من العامّة ، بل الظاهر أنّهم

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ١١.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ح ١٢.

١٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

مطبقون على البناء على الأقلّ والعمل بالاستصحاب كما هو المنسوب إليهم في جميع الصلوات (١) ، ومعه كيف يمكن الحمل على التقية ، وكيف تصحّ دعوى الموافقة لجميع العامّة ، هذا.

وصاحب الحدائق بعد أن اختار الحمل على التقية قال ما لفظه : واستقربه في الوسائل ، قال : لموافقتهما لجميع العامّة. وهو جيد (٢) انتهى.

وليت شعري كيف استجوده مع اعترافه في ذيل كلامه بأنّه ممّا لا يقضي به العامّة ، ونقل في موضع آخر عن علمائهم كالشافعي ومالك والحنفي وغيرهم البناء على الأقلّ (٣). وبالجملة : فهذا الحمل ضعيف جدّاً.

ونحوه في الضعف ما عن الشيخ من الحمل على نافلتي الفجر والمغرب (٤) لبُعد إرادتها من غير قرينة مذكورة لا في السؤال ولا في الجواب ، فهو حمل تبرّعي لا شاهد عليه أصلاً.

والذي ينبغي أن يقال في المقام : إنّا إذا بنينا على عدم العمل بروايات عمّار لعدم الوثوق باخباره ، لكثرة اشتباهه بحيث قلّما يكون خبر من أخباره خالياً عن تشويش واضطراب في اللّفظ أو المعنى كما ادّعاه صاحب الوافي (٥) وشيخنا المجلسي (٦) بل قالا : إنّه لو كان الراوي غير عمّار لحكمنا بذلك ، وأمكن القول بالتخيير بين البناء على الأكثر وبين الاستئناف. فلا إشكال حينئذ.

__________________

(١) لاحظ المجموع ٤ : ١٠٦ ١١١ ، المغني ١ : ٧١١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧.

(٢) الحدائق ٩ : ١٦٥.

(٣) الحدائق ٩ : ٢٢٤ ، ١٩٦.

(٤) التهذيب ٢ : ١٨٣ / ذيل ح ٧٢٩.

(٥) الوافي ٨ : ٩٧٧ / ذيل ح ٧٥٣٧.

(٦) البحار ٨٥ : ٢٣٣ ٢٣٤.

١٥٤

الثالث : الشكّ بين الواحدة والأزيد (١).

______________________________________________________

وأمّا إذا لم نبن على ذلك كما هو الصحيح ، إذ لم تثبت لدينا تلك النسبة بمثابة تسقط رواياته عن درجة الاعتبار ، لعدم كون اشتباهاته بالإضافة إلى غيره بتلك المثابة من الكثرة ، فحينئذ نقول : إنّ الموثّقتين في نفسهما مقطوعتا البطلان إذ لم يفتِ بمضمونهما أحد ، لا من الخاصّة فإنّهم يحكمون بالبطلان ، ولا من العامّة حيث إنّهم يبنون على الأقل كما مرّ ، فهما مخالفان لفتوى جميع علماء الإسلام ، فتكونان من الروايات المجملة التي أُمرنا بردّ علمها إلى أهلها ، وهم أعرف بما قالوا.

كما يؤيّده قوله (عليه السلام) في ذيل كلتا الموثّقتين : «هذا والله ممّا لا يقضى أبداً» ، فإنّا لم نفهم المراد من هذه العبارة ، ولعلّه أشار (عليه السلام) إلى أنّ هذا الحكم ممّا لا يفتي به أحد لا من الخاصّة ولا من العامّة كما مرّ. وكيف ما كان فهما في نفسهما ساقطتان ومقطوعتا البطلان ، فلا تصلحان لمعارضة ما سبق.

ومع الغض عن ذلك وتسليم استقرار المعارضة فلا شكّ أنّ تلك النصوص أرجح ، فأنّها أكثر وأشهر وأوضح ، بل نقطع بصدور بعضها عن المعصوم (عليه السلام) ولو إجمالاً ، فتكون من السنّة القطعية ، فلا تنهضان لمقاومتها.

ومع الغضّ عن ذلك أيضاً فغايته التساقط بعد التعارض ، فيرجع حينئذ إلى إطلاق صحيحة صفوان المتقدّمة (١) المقتضية للبطلان ، التي عرفت أنّها المرجع في باب الشكّ في الركعات ، وبها نخرج عن مقتضى الاستصحاب.

(١) ينحلّ هذا إلى فرعين : أحدهما : الشكّ بين الواحدة والثنتين. الثاني : الشكّ بين الواحدة والأكثر كالثنتين والثلاث ، أو بين الواحدة والثلاث ونحو

__________________

(١) في ص ١٥١.

١٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك ، بحيث يكون طرف الشكّ الركعة الواحدة.

أمّا الفرع الأوّل : فالظاهر أنّه لا خلاف كما لا إشكال في البطلان ، وأنّه لا بدّ من إحراز الأولتين ، ولا يجوز الإتمام على الشكّ. وهل يكفي الظنّ؟ فيه كلام سيجي‌ء في محلّه إن شاء الله تعالى (١).

نعم ، نسب الخلاف هنا أيضاً إلى الصدوق ، وأنّه يقول بالتخيير بين البناء على الأقلّ والاستئناف ، ولكن النسبة لم تثبت كما مرّ (٢).

ويدلّ عليه مضافاً إلى إطلاق صحيحة صفوان وما في معناها من الأخبار العامّة التي هي الأصل في باب الشكّ في الركعات كما مرّ نصوص كثيرة وردت في خصوص المقام.

منها : صحيحة زرارة ، قال «قلت له : رجل لا يدري أواحدة صلّى أو ثنتين قال : يعيد ...» إلخ (٣).

وصحيحة محمّد بن مسلم : «عن الرجل يصلّي ولا يدري أواحدة صلّى أم ثنتين ، قال : يستقبل حتّى يستيقن أنّه قد أتمّ ، وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر» (٤)

وصحيحة رفاعة : «عن رجل لا يدري أركعة صلّى أم ثنتين ، قال : يعيد» (٥).

وموثّقة سماعة : «إذا سها الرجل في الركعتين الأولتين من الظهر والعصر فلم يدر واحدة صلّى أم ثنتين فعليه أن يعيد الصلاة» (٦).

__________________

(١) في ص ٢٢١ وما بعدها.

(٢) في ص ١٤٩.

(٣) الوسائل ٨ : ١٨٩ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٦.

(٤) الوسائل ٨ : ١٨٩ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٧.

(٥) الوسائل ٨ : ١٩٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٢.

(٦) الوسائل ٨ : ١٩١ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٧.

١٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وموثّقة موسى بن بكر : «إذا شككت في الأولتين فأعد» (١) ، ونحوها غيرها. ولا يبعد دعوى تواترها إجمالاً ، ولا حاجة إلى هذه الدعوى ، فانّ الروايات المعتبرة كثيرة كما عرفت.

ولكن بإزائها روايات اخرى دلّت على البناء على الأقل.

منها : حسنة الحسين بن أبي العلاء : «عن الرجل لا يدري أركعتين صلّى أم واحدة؟ قال : يتمّ» (٢). وعنه أيضاً بسند آخر مثله إلّا أنّه قال : «يتم على صلاته» (٣).

وموثّقة ابن أبي يعفور : «عن الرجل لا يدري أركعتين صلّى أم واحدة؟ قال : يتمّ بركعة» (٤).

ورواية عبد الرحمن بن الحجّاج : «في الرجل لا يدري أركعة صلّى أم ثنتين؟ قال : يبني على الركعة» (٥).

إلّا أنّه لا يمكن الاعتماد على هذه الروايات في مقابل النصوص المتقدّمة ، لا لضعفها كما عن الشيخ (٦) ، فإنّ أسانيدها معتبرة كما عرفت. ولعلّه يريد أنّها ضعاف في قبال تلك النصوص.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٩.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٠.

(٣) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢١.

(٤) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٢.

(٥) الوسائل ٨ : ١٩٢ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ٢٣.

(٦) [لاحظ التهذيب ٢ : ١٧٨ ذيل ح ٧١٣ فإنّه قال بعد نقل هذه الأخبار : فأوّل ما في هذه الأخبار أنها لا تعارض ما قدّمناه من الأخبار ، لأنها أضعاف هذه ، ولا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقلّ إلّا بدليل ...].

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا من أجل حملها على النوافل كما حكي عنه (قدس سره) (١) أيضاً ، فإنّه جمع تبرّعي عارٍ عن الشاهد ، ويبعد جدّاً إرادتها من غير نصب قرينة عليها لا في السؤال ولا في الجواب.

بل لأجل موافقتها لمذهب العامّة ، فإنّ الظاهر تسالمهم على البناء على الأقلّ في باب الشكّ في الركعات مطلقاً ، استناداً إلى الاستصحاب كما نسب ذلك إلى فقهائهم ورواياتهم عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) من أنّه يبني على الأقلّ ويسجد سجدتي السهو قبل أن يسلّم (٢). فهي محمولة على التقية لو لم ندّع كون النصوص المتقدّمة من السنّة القطعية ، ولا حجّية للرواية الواقعة قبال السنّة القطعية. فهي إمّا مطروحة أو مرجوحة.

وكيف ما كان ، فهي ساقطة ، فلا إشكال في المسألة ، ولا خلاف من أحد كما عرفت. وخلاف الصدوق لم يثبت ، ولا دليل عليه على تقدير الثبوت.

وأمّا الفرع الثاني : فالمعروف والمشهور هو البطلان أيضاً ، بل هو المتسالم عليه من غير خلاف ، عدا ما نسب إلى الصدوق وقد تقدّم (٣) ، وتقدّم ما فيه وأنّ النسبة غير ثابتة ، بل ثابتة العدم.

وعدا ما نسب إلى والده من أنّه أفتى في هذه المسألة بأنّ الشاكّ يعيد في المرّة الأُولى ، ولو شكّ في المرّة الثانية أيضاً فإن غلب ظنّه على الواحدة أتمّ عليها ولكن يتشهّد في كلّ ركعة ، فإذا انكشف أنّها كانت الثانية وأنّه قد زاد ركعة لم يكن به بأس ، لأنّ التشهّد حائل بين الرابعة والخامسة ، وإن غلب ظنّه على

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٧٨ ذيل ح ٧١٣.

(٢) لاحظ المجموع ٤ : ١٠٦ ١١١ ، المغني ١ : ٧١١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٠.

(٣) في ص ١٤٩.

١٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الثانية بنى عليها وأتمّ ، ويحتاط بعد ذلك بركعتين من جلوس ، وإن لم يغلب ظنّه على طرف وتساوي شكّه بنى أيضاً على الأكثر ، واحتاط بركعة قائماً أو ركعتين من جلوس (١) ، هذا.

والذي نسب إليه هو البناء على الأكثر والاحتياط كما ذكرناه ، ولكن في بعض الكتب أنّه يبني على الأقلّ ويحتاط. وهذا لا وجه له ، إذ لا حاجة إلى ركعة الاحتياط بعد البناء على الأقلّ كما لا يخفى.

وكيف ما كان ، فمستنده هو الفقه الرضوي ، حيث ورد فيه عين ما ذكر من التفصيل (٢) ، ولكنّ الرضوي لا يعتمد عليه كما مرّ غير مرّة ، إذ لم يثبت كونه رواية حتّى يعامل معها معاملة الأخبار ويدّعى فيها الانجبار ، فضلاً عن كونها رواية معتبرة ، ولا يبعد أن يكون مجموعة من فتاوى والد الصدوق أو غيره. فهذا القول ساقط جزماً.

والذي يدلّنا على البطلان عدّة روايات كثيرة معتبرة والدلالة في بعضها صريحة ، وفي بعضها الآخر بالإطلاق دلّت على أنّ طرف الشكّ لو كان هي الركعة الواحدة أعاد الصلاة.

منها : صحيحة ابن أبي يعفور : «إذا شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ، ولا تمض على الشكّ» (٣) وهي صريحة في المدّعى.

وصحيحة زرارة : «كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات وفيهنّ القراءة ، وليس فيهنّ وهم يعني سهواً ، فزاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف ٢ : ٣٧٨ المسألة ٢٦٦.

(٢) فقه الرضا : ١١٧.

(٣) الوسائل ٨ : ٢٢٦ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٢.

١٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

سبعاً وفيهنّ الوهم ، وليس فيهنّ قراءة ، فمن شكّ في الأولتين أعاد حتّى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شكّ في الأخيرتين عمل بالوهم» (١).

ومعتبرة الوشّاء : «الإعادة في الركعتين الأولتين ، والسهو في الركعتين الأخيرتين» (٢)

وصحيحة ابن مسلم : «عن رجل شكّ في الركعة الأُولى ، قال : يستأنف» (٣).

ومضمرة الفضل بن عبد الملك البقباق : «إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك» (٤). وهذه بمقتضى الإطلاق تدلّ على المطلوب كما لا يخفى.

نعم ، بإزائها عدّة روايات ربما يتوهّم معارضتها لما سبق :

منها : الفقه الرضوي. وقد مرّ ما فيه ، وأنّه غير قابل للمعارضة.

ومنها : صحيحة ابن يقطين : «عن الرجل لا يدري كم صلّى واحدة أم اثنتين أم ثلاثاً ، قال : يبني على الجزم ، ويسجد سجدتي السهو ، ويتشهّد تشهّداً خفيفاً» (٥).

وقد حملها الشيخ على الاستئناف وأنّه يعيد حتّى يجزم ، وحمل سجود السهو والتشهّد على الاستحباب (٦). ولكنّه بعيد جدّاً ، فانّ ظاهر البناء على الجزم هو البناء على الأقلّ ، وحينئذ تعارض النصوص المتقدّمة ، وحيث إنّها موافقة لفتوى العامّة فلتحمل على التقية.

ومنها : رواية علي بن أبي حمزة : «عن الرجل يشكّ فلا يدري واحدة صلّى

__________________

(١) الوسائل ٨ : ١٨٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٠.

(٣) الوسائل ٨ : ١٩٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١١.

(٤) الوسائل ٨ : ١٩٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١ ح ١٣.

(٥) الوسائل ٨ : ٢٢٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٥ ح ٦.

(٦) التهذيب ٢ : ١٨٨ ذيل ح ٧٤٥.

١٦٠