موسوعة الإمام الخوئي - ج ١٦

الشيخ مرتضى البروجردي

والأحوط عدم التأخير عن الشروع في الانجلاء (١) وعدم نيّة الأداء والقضاء على فرض التأخير (٢). وأمّا في الزلزلة وسائر الآيات المخوّفة فلا وقت لها (٣).

______________________________________________________

ذلك هو مقتضى ما تضمّنته من الحكم بالانجلاء المطلق لدى انجلاء شي‌ء منه فتكون هذه الصحيحة حاكمة على جميع نصوص الباب الظاهرة في استدامة الوقت إلى انتهاء الانجلاء حسبما عرفت.

ويندفع بعدم كونها ناظرة إلى بيان حكم شرعي ، بل هي متعرّضة لأمر تكويني ، إذ السؤال لمّا كان عن الشدة التي يلقاها الناس لدى الانكساف من خوف ونحوه أجاب (عليه السلام) بانتهاء أمد الشدة بمجرّد انجلاء البعض ، لأنّ ذلك أمارة على ارتفاع البلاء والعذاب ، نظير ما يقال في حقّ المريض من ارتفاع الخطر لدى الشروع في البرء ، وهذا المعنى لو لم يكن ظاهراً من الصحيحة فلا أقل من احتماله ، فتسقط عن صلاحية الاستدلال بها للتقييد المزبور.

فتحصّل : أنّ ما عليه المتأخّرون من امتداد الوقت إلى تمام الانجلاء هو الصواب.

(١) حذراً عن خلاف من عرفت.

(٢) رعاية لكلا القولين في المسألة.

(٣) أمّا في الزلزلة فبناء على عدم وجوب الصلاة لها لضعف مستنده كما سبق (١) فالبحث عن وقتها قليل الجدوى.

وأمّا بناءً على القول بالوجوب فالمشهور أنّه لا وقت لها ، لإطلاق الدليل وعمدته خبر سليمان الديلمي المتقدّم (٢) حيث قد تعلّق الأمر فيه بالصلاة من

__________________

(١) في ص ٨ وما بعدها.

(٢) في ص ٩.

٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

غير تعرّض للوقت. على أنّ في التوقيت بالزلزلة ما لا يخفى ، لعدم تجاوزه الثواني ، فلا تصلح لأن تكون ظرفاً للصلاة.

ولكن الظاهر دلالته على التوقيت لا بنفس الزلزلة ، بل بالزمان المجاور لها على سبيل الفورية العرفية ، بحيث تحسن الإضافة وتصدق الصلاة عند الزلزلة إذ الظاهر من قوله : «فاذا كان ذلك فما أصنع» هو السؤال عن الوظيفة الفعلية الثابتة في هذه الحالة ، فلا بدّ من المبادرة على نحو تصحّ إضافة الصلاة إلى الزلزلة. إذن فلا دليل على جواز التأخير عن هذا الوقت ليقتضي اتساعه مدى العمر ويكون أداءً كما عليه القوم إلّا الاستناد إلى الاستصحاب ، وستعرف ما فيه (١).

وأمّا سائر الآيات المخوفة فالمشهور بين القائلين بوجوب الصلاة لها اختصاص وقتها بحال وجود الآية ، وهو الصحيح ، للتقييد في مستند المسألة وهو صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم المتقدّمة (٢) بقوله (عليه السلام) : «حتّى يسكن» الظاهر في ذلك ، لأنّه إمّا قيد في الواجب أو في الوجوب أو أنّه غاية للتشريع كما لعلّه الأقوى والكلّ يستوجب التوقيت كما لا يخفى.

ودعوى أنّ الغاية ملحوظة على سبيل الحكمة لا العلّة ليلزم فيها الاطّراد فلا مانع من بقاء الوجوب بعد السكون أيضاً.

يدفعها : أنّ ذلك إنّما يتّجه لو كان ثمّة دليل يقتضي بإطلاقه ثبوت الحكم بعد السكون أيضاً ، فيقال حينئذ إنّه لا يتقيّد بهذه الصحيحة لكونها من قبيل الحكمة لا العلّة ، نظير إطلاقات الأمر بغسل الجمعة حيث إنّها تشمل النظيف وإن علّل الحكم في بعض النصوص بالتنظيف ، لأنّه كما عرفت من قبيل الحكمة لا العلّة ليدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً. وأمّا في المقام فحيث لم يوجد مثل هذا الإطلاق فلا دليل على ثبوت الحكم بعد السكون.

__________________

(١) في ص ٢٣.

(٢) في ص ١١.

٢٢

بل يجب المبادرة إلى الإتيان بها (*) بمجرد حصولها (١) وإن عصى فبعده إلى آخر العمر (٢) وتكون أداء (٣) مهما أتى بها إلى آخره.

______________________________________________________

(١) لظهور النصوص في ذلك انسباقاً أو انصرافاً حسبما عرفت.

(٢) لما عرفت من ظهور مستند الحكم في كلا الموردين في التوقيت ومقتضاه وجوب القضاء مدى الحياة لو فات في الوقت ، بناء على ما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى في مبحث القضاء (٢) من عدم اختصاصه بالفرائض اليوميّة وشمول مستنده لعامّة الفرائض التي منها صلاة الآيات.

(٣) بل قضاء كما عرفت ، إذ ليس معناه إلّا الإتيان بالفعل خارج الوقت وهو كذلك بعد الإذعان بالتوقيت المزبور.

وأمّا التمسك لذلك بالاستصحاب ففيه بعد الغضّ عمّا هو الأصح من عدم جريانه في الشبهات الحكمية ، أنّ الأدلّة ظاهرة كما عرفت في التوقيت ومقتضاه مغايرة الوقت مع خارجه موضوعاً ، ومعه كان الانسحاب من إسراء حكم من موضوع إلى آخر لا من الاستصحاب ، لتقوّمه بوحدة الموضوع والمفروض تعدّده.

ولو بني على عدم التوقيت لم يكد يوجد دليل حينئذ على الفوريّة ولا على العصيان لو أخّر ، بل غايته البناء على أنّ الزلزلة مثلاً من الأسباب الموجبة للصلاة ، وأنّها لم تكن من الموقتات ، ومن ثمّ كانت أداء متى اتي بها.

وبالجملة : كيف التوفيق بين القول بالفوريّة وبين البناء على استدامة الوقت مدى الحياة والاتّصاف بالأداء متى اتي بها ، فإنّ الأدلّة إن دلّت على الفورية فهو مساوق للتوقيت الملازم للقضاء لدى التأخير ، وإلّا فما هو الموجب

__________________

(*) الحكم بوجوب المبادرة ثمّ بالوجوب إلى آخر العمر على تقدير العصيان أداء لا يخلو من الإشكال.

(٢) في ص ١٢١.

٢٣

وأمّا كيفيتها فهي ركعتان (١)

______________________________________________________

للالتزام بها. فما صنعه في المتن من الجمع بين الأمرين غير واضح.

وأشكل من ذلك الالتزام بوجوبه فوراً ففوراً ، فإنّه لا دليل عليه بوجه لانحصاره كما عرفت في خبر الديلمي (١) ، ومدلوله إنّما هو التوقيت لا أصل الوجوب وكونه فوراً على سبيل تعدّد المطلوب ، فضلاً عن كونه فوراً ففوراً.

فالصحيح ما عرفت من دلالة النصّ على التوقيت ، الملازم لعدم جواز التأخير عن الوقت المقرّر له ، وأنّه لو أخّر وجب القضاء بدليل آخر فلاحظ.

(١) على المشهور والمعروف ، لكن المحكي عن مشهور القدماء التعبير بأنها عشر ركعات.

وتظهر الثمرة في الشكّ في الركعات ، فإنّها تبطل على الأوّل كما في سائر الثنائيات ، ولا ضير في الشكّ في عدد الركوعات مع حفظ الركعتين ، فإنّه يعتني إذا كان في المحلّ ولا يعتني إذا كان بعد التجاوز عنه كما هو الحال في سائر الأجزاء.

ولا تبطل على الثاني فيما إذا كان ضابطاً للأولتين ، بناءً على أنّ الشكّ فيما عدا فرض الله معدود من الشكوك الصحيحة يبني فيها على الأكثر ، وتمام الكلام في محلّه (٢).

وكيف ما كان ، فيدلّ على المشهور بعض النصوص.

منها : معتبرة القدّاح الصريحة في ذلك «قال : انكسفت الشمس في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّى بالناس ركعتين» (٣) ، والمراد بـ (جعفر بن محمّد) الواقع في السند هو الأشعري الراوي لكتاب عبد الله بن ميمون القدّاح ، ولم يرد فيه توثيق خاص ، لكنّه من رجال كامل الزيارات.

__________________

(١) المتقدم في ص ٩.

(٢) شرح العروة ١٨ : ١٧٨ وما بعدها.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٨ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٩ ح ١.

٢٤

في كلّ منهما خمسة ركوعات وسجدتان بعد الخامس من كل منهما ، فيكون المجموع عشرة ركوعات (١) وسجدتان بعد الخامس وسجدتان بعد العاشر.

______________________________________________________

ومنها : صحيحة الرهط حيث ذكر في ذيلها : «... ثمّ تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأُولى ...» إلخ (١) ، فيظهر منها أنّ مجموع الركوعات الخمسة المتقدّمة تعدّ ركعة واحدة.

وتؤيّده النصوص المتضمّنة للاجتزاء بالحمد والسورة مرة واحدة في كلّ خمسة ركوعات ، مع وضوح أنّ لكلّ ركعة فاتحة.

ويؤيّده أيضاً ما في تلك النصوص من اختصاص التسميع بما بعد الركوع الخامس والعاشر (٢) ، فلو كانت عشر ركعات لتضمنت عشر تسميعات كما لا يخفى.

نعم ، قد تضمّن غير واحد من النصوص ومنها صدر صحيحة الرهط المتقدّمة التعبير بأنها عشر ركعات ، لكن المراد من الركعة بقرينة المقابلة مع السجدة هو خصوص الركوع لا الركعة المصطلحة المتضمنة للسجود ، فلا تنهض لمقاومة ما سبق.

ولعلّ ما في كلمات القدماء من التعبير بعشر ركعات إنّما هو لمتابعة النصوص المحمولة على ما عرفت ، فلا خلاف في المسألة. وكيف ما كان ، فلا ينبغي الترديد في أنّ المستفاد من النصوص أنّها ذات ركعتين لا غير.

(١) على المشهور ، بل ادّعي عليه الإجماع بل الضرورة ، وتشهد به النصوص الكثيرة كما لا يخفى ، إلّا أنّه قد يقال إنّها ثمانية ، وذلك لروايتين :

إحداهما : رواية أبي البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إن علياً (عليه السلام) صلّى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات وأربع ركوعات قام فقرأ ثم ركع ثمّ رفع رأسه ، ثمّ ركع ثمّ قام فدعا مثل ركعتين ، ثم سجد

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٢ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٢ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١ ، ٦ ، ٧ ، ١٣.

٢٥

وتفصيل ذلك بأن يكبّر للإحرام مقارناً للنية ، ثم يقرأ الحمد وسورة (١) ثم يركع ، ثم يرفع رأسه ويقرأ الحمد وسورة ثم يركع وهكذا حتى يتم خمساً فيسجد بعد الخامس سجدتين ، ثم يقوم للركعة الثانية فيقرأ الحمد وسورة ، ثم يركع وهكذا إلى العاشر ، فيسجد بعده سجدتين ثم يتشهّد ويسلّم.

______________________________________________________

سجدتين ، ثم قام ففعل مثل ما فعل في الاولى في قراءته وقيامه وركوعه وسجوده سواء» (١)

ثانيتهما : رواية يونس بن يعقوب قال «قال أبو عبد الله (عليه السلام) : انكسف القمر فخرج أبي (عليه السلام) وخرجت معه إلى المسجد الحرام فصلّى ثماني ركعات كما يصلّي ركعة وسجدتين» (٢).

وكأنّ الشيخ حسب المعارضة بينهما وبين ما سبق ، فمن ثمّ حملهما على التقيّة لموافقتهما لمذهب بعض العامّة (٣).

وليس كذلك ، لوجود الجمع الدلالي بالحمل على التخيير بين الأقلّ والأكثر إن أمكن ، وإلّا فبالحمل على الأفضلية ، لصراحة هذه في الاجتزاء بالثمانية وظهور تلك في وجوب العشرة ، فترفع اليد عن الظاهر بالنص ويحمل على الاستحباب. فالحمل المزبور ضعيف ، بل مقتضى الصناعة ما عرفت.

وأضعف منه ما احتمله صاحب الوسائل من أنّ تلك صلاة أُخرى غير صلاة الكسوف صلّاها بعدها لاتساع الوقت ، فإنّه كما ترى.

والذي يهوّن الخطب أنّهما ضعيفتا السند ، فإنّ أبا البختري في غاية الضعف بل قيل : إنّه أكذب البرية ، وفي طريق الثانية محسن بن أحمد ولم يوثّق ، فتصبح الطائفة السابقة سليمة عن المعارض.

(١) بلا خلاف ولا إشكال ، وقد دلّت على هذه الكيفية على النهج المذكور

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٣ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٤ ، وفيه : وأربع ركعات.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٥.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٩٢ ذيل ح ٨٨٠.

٢٦

ولا فرق بين اتحاد السورة في الجميع أو تغايرها (١).

ويجوز تفريق سورة واحدة على الركوعات (٢)

______________________________________________________

في المتن صحيحة الرهط (١). وما قد يتراءى من بعض النصوص كخبر أبي بصير (٢) من عدم الحاجة إلى الفاتحة فهو مضافاً إلى ضعف السند مطروح أو مؤوّل.

(١) لإطلاق النصوص من صحيحة الرهط وغيرها ، أجل قد يتخيّل اعتبار المغايرة ممّا ورد في ذيل هذه الصحيحة من قوله (عليه السلام) : «... فإن قرأ خمس سور فمع كل سورة أُم الكتاب ...» إلخ بدعوى ظهور «خمس سور» في الاختلاف لا في الإتيان بسورة واحدة خمس مرّات ، وكذا من توصيف السورة بالأُخرى في صحيحة علي بن جعفر (٣).

ويندفع : بأنّ المراد تكرار الشخص في قبال تبعيضه ، لا التكرّر بحسب النوع فيتّجه في هذا الصدد ذكر العدد كالتوصيف المزبور ، سواء اتحدت نوعاً أم تعدّدت كما لا يخفى.

ويعضده ما في صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم من قوله : «... قال : وكان يستحبّ أن يقرأ فيها بالكهف والحجر ...» إلخ (٤) ، فانّ الاقتصار على هاتين السورتين خير دليل على عدم اعتبار المغايرة ، لصدق العمل بالمستحبّ لو اقتصر عليهما في تمام الركعتين ، فلو كانت المغايرة معتبرة لكان ينبغي الإيعاز إلى تمام السور الخمس.

(٢) بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وقد نطقت به الأخبار ، ففي صحيح الرهط «... قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها (ففرقها) بينها؟

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٢ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٣ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٢.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٧ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١٣.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦.

٢٧

فيقرأ في القيام الأوّل من الركعة الأُولى الفاتحة ثم يقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر (١) ، ثم يركع ويرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من تلك السورة ويركع ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر وهكذا إلى الخامس حتى يتم سورة ، ثم يركع ثم يسجد بعده سجدتين ، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيقرأ في القيام الأوّل الفاتحة وبعض السورة ، ثم يركع ويقوم ويصنع كما صنع في الركعة الاولى إلى العاشر ، فيسجد بعده سجدتين ويتشهّد ويسلّم ، فيكون في كلّ ركعة الفاتحة مرّة وسورة تامة مفرّقة على الركوعات الخمسة مرّة (٢).

______________________________________________________

قال : أجزأه أُمّ القرآن في أوّل مرّة ، فإن قرأ خمس سور فمع كلّ سورة أُمّ الكتاب ...» إلخ (١) ، ونحوها صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم وصحيح الحلبي (٢).

(١) للإطلاق في نصوص التفريق. وما يتراءى من ظهور بعضها في النصف لا بدّ من رفع اليد عنه بصراحة مثل صحيح الرهط في جواز تفريق سورة واحدة على الركوعات الخمسة.

(٢) وهل يعتبر الترتيب في التفريق ، أو يجوز التفريق معكوساً كأن يشرع من النصف الأخير ثمّ يأتي بالنصف الأوّل ، وكذلك التثليث والتربيع والتخميس؟

استظهر الثاني شيخنا الأنصاري (قدس سره) (٣) ، نظراً لإطلاق النصف في صحيحة الحلبي قال (عليه السلام) «... وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة» (٤)

ولكنّه كما ترى ، لعدم انعقاد الإطلاق لها من هذه الجهة بعد أن لم تكن

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٢ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦ ، ٧.

(٣) كتاب الصلاة : ١٩٤ السطر ٦.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٩٥ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٧.

٢٨

ويجب إتمام سورة في كلّ ركعة (١) ، وإن زاد عليها فلا بأس (٢).

______________________________________________________

بصدد البيان إلّا من ناحية التنصيف وتجويز التفريق ولو في الجملة ، في مقابل الإتيان بسورة كاملة. فلا موجب لرفع اليد عمّا هو المنسبق من ظواهر سائر النصوص كصحيحة الرهط وغيرها من التوزيع على النهج المتداول المتعارف من مراعاة الترتيب ، حيث إنّ المعكوس منه يحتاج إلى مئونة زائدة لا يصار إليها من غير دليل ، بل الانسباق المزبور دليل العدم كما لا يخفى.

(١) على المشهور ، وتشهد له صحيحة الرهط ، حيث حكم فيها بالإجزاء عن تكرار الفاتحة والسورة في كلّ ركوع بتوزيع سورة واحدة على الركوعات الخمسة مع قراءة الفاتحة مرّة ، فالاجتزاء بتوزيعها على الأكثر الملازم لعدم إتمام السورة في كل ركعة لا دليل عليه.

وبعبارة اخرى : ظاهر صدرها تعيّن الفاتحة وسورة كاملة لكلّ ركوع ، وقد تضمّن ذيلها الاجتزاء عن ذلك بسورة واحدة موزّعة على الخمسة ، وأمّا التوزيع على الأكثر منها فيحتاج إلى الدليل ولا دليل. وقد عرفت أنّ صحيحة الحلبي لم تكن إلّا بصدد مشروعية النصف في الجملة ، فلا إطلاق لها لتشمل الأنصاف العديدة من السور المتعددة.

(٢) على المشهور ، فيجوز تقسيم سورة على ثلاثة ركوعات مثلاً وسورة اخرى على ركوعين مع تكرار الحمد حينئذ.

ويظهر من الشهيد في الذكرى منعه حيث قال : يحتمل أن ينحصر المجزي في سورة واحدة أو خمس ، لأنها إن كانت ركعة وجبت الواحدة ، وإن كانت خمساً فالخمس ، وليس بين ذلك واسطة (١).

ولكن الصحيح ما عليه المشهور ، بل لا ينبغي التردّد فيه ، لدلالة النصوص عليه صريحاً ، ففي صحيحة الحلبي : «وإن شئت قرأت نصف سورة في كلّ

__________________

(١) الذكرى ٤ : ٢١٠.

٢٩

والأحوط الأقوى وجوب القراءة عليه من حيث قطع (١)

______________________________________________________

ركعة ... إلى أن قال : وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلّا في أوّل ركعة حتى تستأنف أُخرى» (١).

وفي صحيح علي بن جعفر : «وإن قرأت سورة في الركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب ...» إلخ (٢). إذن فمقالة الشهيد اتجاه هاتين الصحيحتين تشبه الاجتهاد في مقابل النص.

(١) فلا يجوز له رفض السورة الناقصة والشروع في سورة أُخرى ، وقد دلّت عليه صريحاً صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قال (عليه السلام) فيها : «فان نقصت من السورة شيئاً فاقرأ من حيث نقصت ، ولا تقرأ فاتحة الكتاب» (٣).

ونسب إلى الشهيدين جواز ذلك (٤) استناداً إلى روايتين :

إحداهما : رواية أبي بصير «يقرأ في كل ركعة مثل يس والنور إلى أن قال قلت : فمن لم يحسن يس وأشباهها؟ قال : فليقرأ ستّين آية في كلّ ركعة ...» (٥) فانّ مقتضى إطلاق الستين عدم الفرق بين كون الآيات من سورة واحدة أو سؤر عديدة.

ويردّه : مضافاً إلى ضعف السند بعلي بن أبي حمزة البطائني ، لزوم تقييد الإطلاق بالصحيحة المتقدّمة ، عملاً بصناعة الإطلاق والتقييد.

ثانيتهما : الأخذ بإطلاق النصف في صحيحة الحلبي المتقدّمة آنفاً.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٥ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٧.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٧ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١٣.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦.

(٤) الذكرى ٤ : ٢١٠ ، الروض ٣٠٣ السطر ٢١.

(٥) الوسائل ٧ : ٤٩٣ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٢.

٣٠

كما أنّ الأحوط والأقوى عدم مشروعية الفاتحة حينئذ (١)

______________________________________________________

وفيه : مضافاً إلى ما عرفت من عدم انعقاد الإطلاق لعدم كونها بصدد البيان إلّا من حيث مشروعية التبعيض ، أنّ الإطلاق قابل للتقييد بما عرفت.

ومنه تعرف ضعف ما عن المبسوط من التخيير بين الأمرين (١).

(١) للنهي عن قراءة الفاتحة قبل استكمال السورة في صحيحة زرارة ومحمّد ابن مسلم المتقدّمة ، وكذا في صحيحة علي بن جعفر (٢) ، وهذا ما ذهب إليه الأكثر.

وناقش فيه شيخنا الأنصاري (قدس سره) (٣) نظراً إلى أنّ النهي في أمثال هذه الموارد مسوق لدفع توهّم الأمر ، حيث إنّ الواجب أوّلاً الإتيان بخمس فواتح مع خمس سور حسبما نطق به صدر صحيحة الرهط ، فالتجويز في تفريق السورة الواحدة لمّا كان مظنة الأمر بالفاتحة لكلّ ركوع فلا جرم كان النهي لدفع هذا التوهّم ، فلا يستفاد منه عدم الجواز.

ويعضده التعبير بالإجزاء في هذه الصحيحة وفي صحيحة الحلبي ، حيث إنّ مقتضاه الفراغ عن الجواز وأصل المشروعية ، بيد أنّه يجزي عن الكلّ فاتحة واحدة قبل الركوعات.

ويندفع : بأنّ النهي وإن كان لدفع توهّم الأمر كما أُفيد إلّا أنّ ذلك يكفي في عدم المشروعية ، لتوقّفها على ثبوت الأمر وإلّا كان تشريعاً محرّماً والمفروض عدمه ، ومن البيّن أنّ التعبير بالإجزاء لا يكشف عن ثبوته ، لكونه في مقابل وجوب تكرار الفاتحة لا جوازه ومشروعيته. فلا وجوب مع التوزيع ، وهو أعم من المشروعية كما لا يخفى.

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٧٣.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٧ / أبواب صلاة الكسوف الآيات ب ٧ ح ١٣.

(٣) كتاب الصلاة : ١٩٥ السطر ٥.

٣١

إلّا إذا أكمل السورة ، فإنّه لو أكملها وجب عليه في القيام بعد الركوع قراءة الفاتحة (١) ، وهكذا كلّما ركع عن تمام سورة وجبت الفاتحة في القيام بعده بخلاف ما إذا لم يركع عن تمام سورة بل ركع عن بعضها فإنّه يقرأ من حيث قطع ، ولا يعيد الحمد كما عرفت.

______________________________________________________

(١) على المشهور ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه ، خلافاً لابن إدريس حيث اكتفى بالفاتحة المأتي بها أوّلاً سواء أتمّ السورة أم لا ، نظراً إلى أنّ مجموع الركعات الخمس تعدّ ركعة واحدة كما تقدّم ، والركعة الواحدة لا تستوجب إلّا فاتحة واحدة ، من غير فرق بين إتمام السورة وعدمه (١).

وفيه : أنّ النصوص من صحيحتي الرهط وعلي بن جعفر وغيرهما صريحة الدلالة من غير معارض في لزوم تكرير الفاتحة لدى تتميم السورة. فما أُفيد يشبه الاجتهاد في مقابل النصّ.

وعن الشهيد في الذكرى أنّ لابن إدريس أن يستدلّ برواية عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) «قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّى ركعتين قام في الأُولى فقرأ سورة ، ثم ركع فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ، ثم ركع فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ، ثم ركع فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع ، فعل ذلك خمس مرات قبل أن يسجد ، ثم سجد سجدتين ، ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك ، فكان له عشر ركعات وأربع سجدات (٢)» ، حيث لم يذكر الفاتحة في شي‌ء من الركوعات مع ظهورها في إكمال السورة عقيب كلّ ركوع ، فانّ مقتضى الجمع بينها وبين سائر الروايات حملها على استحباب الفاتحة مع الإكمال.

ثم أجاب بعدم كونها بصدد ذكر الحمد ، للقطع به من سائر الأخبار ، ومن

__________________

(١) السرائر ١ : ٣٢٤.

(٢) الذكرى ٤ : ٢٠٩.

٣٢

نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض سورة (١) فسجد فالأقوى وجوب الحمد بعد القيام للركعة الثانية ثم القراءة من حيث قطع (٢).

______________________________________________________

ثمّ لم تتعرّض له حتّى فيما قبل الركوع الأوّل مع كون وجوبه حينئذ مقطوعاً به من غير نكير.

وقد استجوده صاحب الحدائق (١). وهو في محلّه ، مضافاً إلى ضعف الرواية للإرسال ، ولم تذكر في شي‌ء من كتب الأخبار لا الوسائل ولا الوافي ولا البحار كما نبّه عليه المحدّث المزبور.

(١) بناءً على جوازه كما هو المشهور ، بل لم ينسب الخلاف إلّا إلى الشهيد في الألفية حيث حكم بلزوم تتميم السورة في الركوع الخامس والعاشر (٢). ولعلّه لأجل أنّ ذلك هو المنسبق من نصوص التفريق ، فانّ المستفاد من صحيحة الرهط وغيرها أنّ اللازم إمّا الإتيان بسورة كاملة لكل ركوع أو توزيعها بتمامها ، وأمّا توزيع بعضها فهو خارج عن منصرفها.

ويندفع : بأنّ إطلاقها غير قاصر الشمول لمثل ذلك ، سيما صحيحة الحلبي القاضية بالاجتزاء بنصف السورة لكل ركوع ، فإنّها صريحة في جواز التبعيض وعدم التكميل ، ضرورة أنّ تخصيص كلّ ركوع بالنصف يستلزم النقصان في الركوع الخامس بالوجدان وكذلك العاشر.

(٢) أمّا التتميم من محلّ القطع فيقتضيه الإطلاق في صحيحة زرارة ومحمّد ابن مسلم : «فأن نقصت من السور شيئاً فاقرأ من حيث نقصت» (٣).

وأمّا وجوب الحمد قبل ذلك فقد استقربه العلامة في التذكرة ، نظراً إلى أنّه قيام من سجود فوجبت فيه الفاتحة ، وإن احتمل العدم أيضاً ضعيفاً (٤). ولكن

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٣٣١.

(٢) الألفية والنفلية : ٧٤.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦.

(٤) التذكرة ٤ : ١٧١.

٣٣

وفي صورة التفريق يجوز قراءة أزيد من سورة في كلّ ركعة (١) مع إعادة الفاتحة بعد إتمام السورة في القيام اللاحق (٢).

[١٧٥٣] مسألة ١ : لكيفية صلاة الآيات كما استفيد ممّا ذكرنا صور (٣) :

الاولى : أن يقرأ في كلّ قيام قبل كلّ ركوع بفاتحة الكتاب وسورة تامة في كلّ من الركعتين ، فيكون كلّ من الفاتحة والسورة عشر مرات ، ويسجد بعد الركوع الخامس والعاشر سجدتين.

______________________________________________________

صاحب الحدائق رجّح ما استضعفه ، لمكان النهي عن الفاتحة قبل استكمال السورة في الصحيحة المزبورة وغيرها ، حيث إنّها بعمومها شاملة لموضوع المسألة (١) ، هذا.

والأظهر : ما استقربه العلامة ، لأنّ مغروسية لزوم الفاتحة في أوّل كلّ ركعة في أذهان المتشرّعة ككون هذه الصلاة ذات ركعتين تستوجب انصراف تلك الصحيحة وغيرها إلى الركوعات المتّصلة المجتمعة في ركعة واحدة ، ولا تعمّ مثل المقام ممّا يؤخّر بعض السورة عن الركعة السابقة إلى اللاحقة ، بل اللازم حينئذ البدأة بالفاتحة كما لا يخفى ، هذا أوّلاً.

وثانياً : مع الغضّ عن ذلك وتسليم منع الانصراف فيكفينا الإطلاق في صحيحة الحلبي قال (عليه السلام) فيها : «... وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلّا في أوّل ركعة حتّى تستأنف أُخرى ...» إلخ (٢) ، فإنّ قوله : «أوّل ركعة» مطلق يشمل كلا من الركعتين.

(١) لإطلاق نصوص التفريق.

(٢) لقوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي المتقدّمة آنفاً : «... حتّى تستأنف أُخرى».

(٣) أُصول هذه الصور ثلاثة : التكرار في الكلّ ، والتفريق كذلك ، والجمع

__________________

(١) الحدائق ١٠ : ٣٣٣.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٥ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٧.

٣٤

الثانية : أن يفرّق سورة واحدة على الركوعات الخمسة في كلّ من الركعتين ، فيكون الفاتحة مرّتين : مرّة في القيام الأوّل من الركعة الأُولى ، ومرّة في القيام الأوّل من الثانية ، والسورة أيضاً مرتان.

الثالثة : أن يأتي بالركعة الأُولى كما في الصورة الأُولى ، وبالركعة الثانية كما في الصورة الثانية.

الرابعة : عكس هذه الصورة.

الخامسة : أن يأتي في كلّ من الركعتين بأزيد من سورة ، فيجمع بين إتمام السورة في بعض القيامات وتفريقها في البعض ، فيكون الفاتحة في كلّ ركعة أزيد من مرّة ، حيث إنّه إذا أتمّ السورة وجب في القيام اللاحق قراءتها.

السادسة : أن يأتي بالركعة الأُولى كما في الصورة الأُولى وبالثانية كما في الخامسة.

السابعة : عكس ذلك.

الثامنة : أن يأتي بالركعة الأُولى كما في الصورة الثانية وبالثانية كما في الخامسة.

التاسعة : عكس ذلك. والأولى اختيار الصورة الأُولى.

[١٧٥٤] مسألة ٢ : يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليومية من الأجزاء والشرائط والأذكار الواجبة والمندوبة (١).

______________________________________________________

بين الأمرين ، وحيث إنّها جارية في كل من الركعتين فلا جرم تبلغ الصور تسعاً نتيجة ضرب الثلاث من الركعة الاولى في الثلاث من الركعة الثانية ، تتّفق كيفية الركعتين في ثلاث منها وتختلف في ست. ولمزيد التوضيح يلاحظ التفصيل في المتن ، وقد ظهرت مداركها ممّا سبق ولا نعيد.

(١) للإطلاق في أدلّة الأجزاء والشرائط والموانع ، وكذا الأذكار الواجبة

٣٥

[١٧٥٥] مسألة ٣ : يستحب في كلّ قيام ثان بعد القراءة قبل الركوع قنوت (١) فيكون في مجموع الركعتين خمس قنوتات ، ويجوز الاجتزاء بقنوتين أحدهما قبل الركوع الخامس والثاني قبل العاشر ، ويجوز الاقتصار على الأخير منهما.

______________________________________________________

والمندوبة ، فانّ مثل قوله (عليه السلام) : «لا صلاة إلّا إلى القبلة» (١) أو بطهور (٢) وما دلّ على المنع عن الصلاة فيما لا يؤكل (٣) وغير ذلك من سائر الأدلّة ظاهر في اعتبار هذه الأُمور في طبيعي الصلاة بما هي صلاة ، الشاملة لليومية والآيات وغيرهما.

ولو فرض في مورد عدم الإطلاق كما لو كان السؤال عن صلاة الغداة أو الظهر مثلاً فيكفينا في التعدّي إلى المقام الإطلاق المقامي ، فانّ السكوت في مقام البيان يقتضي بحسب المتفاهم العرفي الاتّكال في بيان الخصوصيات على ما هو مذكور في اليومية إلّا ما خرج بالدليل كتعدد الركوعات في هذه الصلاة ، فعدم البيان كاشف عرفاً عن الاتحاد في جميع الخصوصيات ، وأنّها مترتّبة على اليومية بما أنّها صلاة لا بما أنّها صلاة خاصة.

ومن هنا نبّهوا (عليهم السلام) على عدم اعتبار الطهارة في صلاة الأموات وأنّها من خصوصيات الصلاة المشتملة على الركوع والسجود غير المنطبقة عليها. فلو لم تكن تلك الأُمور معتبرة في صلاة الآيات كان عليهم البيان كما بيّنوا في صلاة الأموات.

(١) كما تدلّ عليه جملة من النصوص كصحاح زرارة والرهط والحلبي المتقدّمات (٤). وأمّا الاجتزاء بقنوتين أحدهما قبل الركوع الخامس والثاني قبل

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٣٠٠ / أبواب القبلة ب ٢ ح ٩.

(٢) الوسائل ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١.

(٣) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢.

(٤) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦ ، ١ ، ٧ [لكن الأخيرة لم تشتمل على ما يدلّ على ذلك].

٣٦

[١٧٥٦] مسألة ٤ : يستحب أن يكبّر عند كلّ هوي للركوع وكلّ رفع منه (١).

______________________________________________________

العاشر فمستنده مرسلة الصدوق (١) التي لا اعتبار بها. وأمّا الاقتصار على الأخير منهما فلم ترد به ولا رواية ضعيفة.

وربما يعلّل باستفادته ممّا دلّ على كون هذه الصلاة ركعتين بضميمة ما دلّ على اتحاد القنوت في الركعتين. وفيه ما لا يخفى ، فانّ مورد نصوص الاتحاد الصلوات المتعارفة المشتمل كلّ ركعة منها على ركوع واحد ، وأمّا مع تعدّد الركوع المأمور به فلا تتضمّن تلك النصوص تعيين مورد القنوت وأنّه قبل أي ركوع منها. فالتخصيص بما قبل الأخير بلا مخصص ، هذا.

ومع ذلك فالأقوى جواز الاقتصار على قنوت واحد حيثما شاء ، سواء أكان قبل الركوع الثاني أو الرابع أو السادس أو الثامن أو العاشر ، لورود الأمر بكلّ ذلك في صحيح الرهط المتقدّم (٢) الظاهر في الانحلال والاستغراق وأنّ هناك أوامر عديدة مستقلة لا ربط لأحدها بالآخر ، له الاجتزاء بأيّ منها شاء وإن كان الجمع بينها أفضل.

نعم ، الأمر الوارد في صحيح زرارة : «وتقنت في كلّ ركعتين قبل الركوع» (٣) لا يخلو عن نوع من الإجمال ، لاحتمال الارتباط وأنّ هناك أمراً واحداً متعلّقاً بالمجموع ، كما يحتمل الاستقلال والانحلال أيضاً ، إلّا أنّ صحيح الرهط صريح في ذلك كما عرفت.

(١) لورود الأمر به في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم ، كورود الأمر بالتسميع فيه وفي صحيح الحلبي بعد الرفع من الركوع الخامس والعاشر فلاحظ.

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٥ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٩ ، الفقيه ١ : ٣٤٧ ذيل ح ١٥٣٤.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩٢ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ١.

(٣) الوسائل ٧ : ٤٩٤ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٧ ح ٦.

٣٧

[١٧٥٧] مسألة ٥ : يستحب أن يقول : «سمع الله لمن حمده» بعد الرفع من الركوع الخامس والعاشر.

[١٧٥٨] مسألة ٦ : هذه الصلاة حيث إنّها ركعتان (١) حكمها حكم الصلاة الثنائية في البطلان إذا شك في الأُولى أو الثانية (٢) وإن اشتملت على خمس ركوعات في كلّ ركعة ، نعم إذا شك في عدد الركوعات كان حكمها حكم أجزاء اليومية (٣) في أنّه يبني على الأقل إن لم يتجاوز المحل

______________________________________________________

وهل هذا الأمر استحبابي أو وجوبي؟ لم يظهر من شي‌ء من الروايات ما يدلّ على جواز الترك ، ومن هنا قد يتمسّك بالإجماع في نفي الوجوب ، إذ لا قائل به ، لكن الظاهر عدم الحاجة إلى الإجماع في نفيه ، لقصور المقتضي في حدّ نفسه ، فانّ المتفاهم عرفاً من الأمر المتعلّق بالتكبير والتسميع وكذا القنوت في هذه الصلاة أنّه على حذو الأمر المتعلّق بهذه الأُمور في الصلاة اليوميّة ، وأنّ كيفيّة الاعتبار فيهما على حدّ سواء ، لما عرفت في المسألة السابقة من أنّ ذلك هو مقتضى الإطلاق المقامي والسكوت في مقام البيان ، وحيث إنّ تلك الأوامر استحبابيّة في اليوميّة فكذا في المقام.

(١) كما تقدّم (١) استفادته من النصوص.

(٢) لإطلاق ما دلّ على مبطلية الشك في الثنائيّة كمبطليّته في الأوّلتين من الرباعية ، وأنّهما فرض الله لا سهو فيهما (٢) أي لا شكّ. وهل الظنّ هنا حجّة أم أنّه ملحق بالشكّ؟ الأقوى حجّيته كما سيأتي الكلام عنه مفصّلاً في بحث الخلل إن شاء الله تعالى (٣).

(٣) من البناء على الأقل مع بقاء المحلّ كما لو كان في حال القيام ، عملاً

__________________

(١) في ص ٢٤.

(٢) الوسائل ٨ : ١٩٣ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢ ، ١٨٧ / ب ١ ح ١ وغيره.

(٣) شرح العروة ١٨ : ٢١٧.

٣٨

وعلى الإتيان إن تجاوز ، ولا تبطل صلاته بالشك فيها ، نعم لو شك في أنّه الخامس فيكون آخر الركعة الأُولى أو السادس فيكون أوّل الثانية بطلت من حيث رجوعه إلى الشك في الركعات.

[١٧٥٩] مسألة ٧ : الركوعات في هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها ونقصها عمداً وسهواً كاليومية (١).

______________________________________________________

بالاستصحاب وقاعدة الشكّ قبل تجاوز المحلّ المنصوصة في الأخبار (١) ، وعدم الاعتناء مع التجاوز كما لو كان بعد الدخول في السجود ، لقاعدة التجاوز.

وهل الدخول فيما يسمّى بالجزء الاستحبابي كالقنوت مورد لقاعدة التجاوز أم لا؟ الظاهر الثاني ، لعدم تعقّل الجمع بين الجزئية والاستحباب ، فهو عمل خارجي ظرفه الصلاة ، فالدخول فيه لا يحقّق الدخول في الغير كي يقتضي تجاوز المحلّ. وسيأتي تفصيل الكلام حول ذلك في مبحث الخلل إن شاء الله تعالى (٢).

هذا كله فيما إذا لم يستوجب الشك في الركوع الشك في الركعة ، وأمّا لو أوجبه كما تردّد الركوع بين الخامس والسادس فهو موجب للبطلان ، لأوْلِه إلى الشك بين الاولى والثانية الذي مرّ حكمه.

(١) أمّا البطلان في فرض النقص فظاهر ، لانتفاء المركّب بانتفاء أحد أجزائه ، ولا دليل على الاجتزاء بالناقص عن التامّ في المقام ، بل الدليل قائم على العدم وهو عقد الاستثناء في حديث لا تعاد (٣) ، بلا فرق في ذلك بين صورتي العمد والسهو.

وأمّا البطلان في فرض الزيادة فكذلك ، للحديث المزبور بناء على ما هو الصحيح من شموله لمطلق الإخلال ، سواء أكان من ناحية النقص أم الزيادة

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ١ وغيره.

(٢) شرح العروة ١٨ : ١٣٤.

(٣) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.

٣٩

[١٧٦٠] مسألة ٨ : إذا أدرك من وقت الكسوفين ركعة فقد أدرك الوقت (١) والصلاة أداء ، بل وكذلك إذا لم يسع (*) وقتهما إلّا بقدر الركعة ، بل وكذا إذا قصر عن أداء الركعة أيضاً.

______________________________________________________

فإنّها وإن لم تتصوّر في بعض الفقرات لكنّه غير مانع عن التمسك بالإطلاق كما بيّن في محلّه (١).

ولعموم ما دلّ على وجوب الإعادة بزيادة الركوع كصحيحة منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة قال : لا يعيد صلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة» (٢) بناء على إرادة الركوع من الركعة بقرينة المقابلة مع السجدة.

هذا في الزيادة السهوية ، وأمّا العمدية فيدلّ عليه مضافاً إلى الأولوية القطعيّة ما ورد من النهي عن قراءة العزيمة في الفريضة معلّلاً بلزوم السجدة وأنّها زيادة في المكتوبة (٣) بضميمة ما سبق في بحث القراءة من شمول الحكم للركوع بالفحوى (٤).

(١) التمسك بحديث من أدرك (٥) في المقام كما هو ظاهر المتن مشكل جدّاً ، لما تقدّم في بحث المواقيت من ضعف روايات الباب عدا رواية واحدة وردت في صلاة الفجر ، ويتعدّى إلى غيرها من سائر الصلوات اليومية ، للإجماع والقطع بعدم خصوصية للفجر (٦).

__________________

(*) على الأحوط فيه وفيما بعده.

(١) شرح العروة ١٨ : ٤٩.

(٢) الوسائل ٦ : ٣١٩ / أبواب الركوع ب ١٤ ح ٢.

(٣) الوسائل ٦ : ١٠٥ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٤٠ ح ١.

(٤) شرح العروة ١٤ : ٣٠٦.

(٥) الوسائل ٤ : ٢١٧ / أبواب المواقيت ب ٣٠.

(٦) شرح العروة ١١ : ٢٣٢.

٤٠