موسوعة الإمام الخوئي

الشيخ مرتضى البروجردي

[١٦٢٣] مسألة ١٥ : لا بأس بالسجود على غير الأرض ونحوها مثل الفراش في حال التقيّة (١) ، ولا يجب التفصي عنها بالذهاب إلى مكان آخر نعم لو كان في ذلك المكان مندوحة بأن يصلِّي على البارية أو نحوها ممّا يصح السجود عليه وجب اختيارها.

[١٦٢٤] مسألة ١٦ : إذا نسي السجدتين أو إحداهما (٢) وتذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليها ، وإن كان بعد الركوع مضى إن كان

______________________________________________________

(١) قدّمنا الكلام حول المقام ونظائره من موارد التقيّة في مبحث الوضوء (١) وقلنا إنّ الوظيفة الأوّلية تنقلب بعد عروض التقيّة إلى ما يقتضيه مذهب العامّة للنصوص الدالّة على ذلك التي مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين وجود المندوحة وإمكان التفصي بالذهاب إلى مكان آخر ، أو التأخير إلى آونة اخرى وعدمه فلو كان في المسجد مثلاً من يتقى منه جاز السجود على الفراش ونحوه ممّا لا يصح السجود عليه ، وإن أمكن التأخير إلى مكان أو زمان آخر ، فلا يجب التفصي. نعم ، يعتبر عدم وجود المندوحة حال الاشتغال بالعمل ، فلو كان في نفس المسجد حينما يريد الصلاة مكانان أحدهما تراب أو حصير ونحوهما والآخر فراش ، لا يجوز له اختيار الثاني ، لانتفاء موضوع التقيّة حينئذ ، فإنّه متقوّم بالاضطرار وعدم التمكن من الإتيان بالوظيفة الأوّلية في هذا الحال المفقود في الفرض.

(٢) يقع الكلام تارة فيما إذا كان السجود المنسي من غير الركعة الأخيرة وأُخرى فيما إذا كان منها بخصوصها ، فهنا مقامان :

__________________

(١) شرح العروة ٥ : ٢٦٧.

١٦١

المنسي واحدة وقضاها بعد السلام ، وتبطل الصلاة إن كان اثنتين ، وإن كان في الركعة الأخيرة يرجع ما لم يسلم ، وإن تذكر بعد السلام بطلت الصلاة إن كان المنسي اثنتين (١) ، وإن كان واحدة قضاها.

______________________________________________________

أمّا المقام الأوّل : فقد يكون المنسي سجدة واحدة ، وأُخرى سجدتين.

أمّا في السجدة الواحدة ، فلا إشكال كما لا خلاف في أنّ التذكّر إن كان قبل الركوع وجب العود إليها ، وإلّا مضى في صلاته وقضاها بعد السلام. وهذا الحكم هو المطابق للقاعدة مع قطع النظر عن النصوص الخاصّة الواردة في المقام فانّ التذكر إذا كان قبل الركوع فحيث إنّ القيام والقراءة وقعا في غير محلهما للزوم تأخرهما عن السجود بمقتضى الترتيب الملحوظ بين الأجزاء ، فلا يعدّان من أجزاء الصلاة ، بل يتّصفان بالزيادة غير القادحة بعد كونها سهويّة ، فمحل السجود بعدُ باق ، وحيث لا يلزم من تداركه محذور وجب العود إليه كما وجب إعادة القيام والقراءة ، لعدم وقوعهما على وجههما كما عرفت.

وأمّا إذا كان بعد الركوع فحيث لم يمكن تدارك المنسي حينئذ لمضي محله بالدخول في الركن وقد ثبت أنّ الصلاة لا تعاد من سجدة واحدة ، فالمتعيِّن هو الحكم بالصحّة والمضي في الصلاة ، فالحكم بكلا شقّيه ممّا تقتضيه القاعدة من غير ناحية القضاء فإنّه قد ثبت بالنص.

ففي صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه‌السلام «في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتّى قام فذكر وهو قائم أنّه لم يسجد قال : فليسجد ما لم يركع فاذا ركع فذكر بعد ركوعه انّه لم يسجد فليمض على صلاته حتّى

__________________

(١) بل تصح ويجب التدارك ما لم يحصل المنافي ، وبذلك يظهر حكم نسيان السجدة الواحدة.

١٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

يسلم ثمّ يسجدها فإنّها قضاء ...» إلخ (١) ، ونحوها صحيحة أبي بصير (٢) ، فإنّها وإن كانت ضعيفة بطريق الشيخ (٣) من أجل محمّد بن سنان لكنّها صحيحة بطريق الصدوق (٤).

وقوله عليه‌السلام «فإنّها قضاء» يكشف عن أنّ السجود المأتي به فيما لو كان التذكّر قبل الركوع أداء ، أي واقع في محله ، فلا بدّ من إعادة القيام والقراءة بعد تدارك السجود تحقيقاً لوقوعهما في المحل كما بيّنا ذلك في تقرير مقتضى القاعدة. وعلى الجملة فالنصوص الواردة في المقام تطابق مقتضى القاعدة من غير ناحية القضاء ، هذا كلّه في السجدة الواحدة.

وأمّا في السجدتين ، فلم يرد نص بالخصوص فلا بدّ من الجري على ما تقتضيه القواعد.

فنقول : لا إشكال كما لا خلاف في البطلان فيما لو كان التذكر بعد الركوع لنقص الركن لو استرسل ، وزيادته لو تدارك ، للزوم إعادة الركوع حينئذ.

وبعبارة اخرى : الركوع حينما تحقّق كان متّصفاً بالزيادة ، لعدم مسبوقيته بالسجدتين وزيادته ولو سهواً مبطلة ، وإن شئت فقل : السجدتان ركن قد ترك في محله ، ولا يمكن تداركه ، وترك الركن مبطل ، فيمكن تعليل البطلان بترك الركن مرّة وبزيادته اخرى ، والمعنى واحد كما لا يخفى.

إنّما الكلام فيما إذا كان التذكر قبل الركوع ، فالمشهور وجوب العود كما في السجدة الواحدة لعين ما مرّ في تقرير القاعدة.

__________________

(١) ، (٢) الوسائل ٦ : ٣٦٤ / أبواب السجود ب ١٤ ح ١ ، ٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٢ / ٥٩٨.

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٨ / ١٠٠٨ ، ٤ (المشيخة) : ٥٨.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ولكن المنسوب إلى جمع كالمفيد (١) وأبي الصلاح (٢) وابن إدريس (٣) الحكم بالبطلان ، استناداً إلى حديث لا تعاد ، فانّ الخارج عنه ما إذا كان المنسي سجدة واحدة لقوله عليه‌السلام : لا تعاد الصلاة من سجدة واحدة (٤) ، فتبقى السجدتان مشمولتين لإطلاق الحديث.

والجواب عنه : مضافاً إلى ثبوت الحكم في المقام على سبيل الأولوية ، إذ لو جاز العود لتدارك سجدة واحدة مع أنّها ليست بركن ، فجوازه في السجدتين وهما ركن بطريق أولى كما لا يخفى ، أنّ مفاد الحديث لو كان هو البطلان بمجرّد نسيان الخمس كما في الشك في الأوّلتين الموجب للبطلان في حدّ نفسه ، لتم ما ذكروه ، لكنّه ليس كذلك قطعاً ، بل مفادها أنّ الإخلال بالصلاة المقتضي للإعادة لا يوجبها إلّا من ناحية الخمس. فالموضوع ليس هو النسيان ، بل الإخلال الموجب للبطلان ، وواضح أنّ الحكم لا يتكفّل لبيان موضوعه وتحقّق صغراه ومصداقه ، بل لا بدّ من إثبات الموضوع وإحرازه من الخارج ، وقد عرفت أنّ القاعدة تقتضي عدم تحقّق الإخلال المستوجب للبطلان في المقام لإمكان تدارك السجدتين كالسجدة الواحدة بعد فرض بقاء المحل من أجل عدم الدخول في الركن ، فلا خلل كي يشمله الحديث.

وعلى الجملة : مفاد الحديث أنّ الخلل الّذي لا يمكن معه تصحيح الصلاة ويكون مورداً للإعادة حكمه كذا ، وهذا العنوان غير متحقِّق في المقام. فالصحيح ما عليه المشهور من وجوب العود لو كان التذكر قبل الدخول في الركوع من غير فرق بين ما إذا كان المنسي سجدة واحدة أو سجدتين.

__________________

(١) المقنعة : ١٣٨.

(٢) الكافي في الفقه : ١١٩.

(٣) السرائر ١ : ٢٤١.

(٤) الوسائل ٦ : ٣١٩ / أبواب الركوع ب ١٤ ح ٢ (نقل بالمضمون).

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا المقام الثاني : فإن كان التذكر قبل السلام رجع بلا إشكال ولا كلام سواء أكان المنسي سجدة واحدة أم سجدتين ولا شي‌ء عليه ، إذ لم يترتّب عليه محذور سوى زيادة التشهّد كلّاً أو بعضاً ، ولا ضير فيها بعد أن كانت سهواً. فالحكم حينئذ على طبق القاعدة.

إنّما الكلام فيما إذا كان بعد السلام ، فقد فصّل في المتن تبعاً لجمع بين ما إذا كان المنسي سجدة واحدة أم سجدتين ، فحكم بالقضاء في الأوّل ، والبطلان في الثاني ، وكلاهما محل نظر بل منع.

أمّا القضاء ، فلعدم الدليل عليه ، إذ النص الوارد فيه مختص بما إذا كان التذكر بعد الركوع المستلزم بطبيعة الحال لكون المنسي من سائر الركعات ، فلا يمكن التعدِّي إلى المقام ، لوجود الفرق الواضح بين الموردين ، فانّ السجود غير قابل للتدارك هناك ، فلا مناص من القضاء ، بخلاف المقام ، لبقاء المحل إذ لا ركن بعده ، فهو قابل للتدارك غايته أنّ التشهّد والسلام وقعا زائدين ولا بأس بالزيادة السهوية في مثلهما فيتدارك السجود ويعيد التشهّد والسلام ، وعليه سجدتا السهو للسلام الزائد ، ولا محذور في ذلك أبداً. فمقتضى القاعدة في المقام بعد عدم ورود نص فيه وجوب التدارك دون القضاء. نعم ، لو كان التذكّر بعد الإتيان بالمنافي من استدبار أو حدث ، أو فصل طويل ونحوها ممّا لم يبق معه مجال للتدارك اتّجه القضاء حينئذ لموثقة عمار (١).

وأمّا البطلان ، فهو مبني على ما مرّ آنفاً من الاستناد إلى حديث لا تعاد ، بدعوى أنّ الموضوع فيه مجرد النسيان الحاصل في المقام ، وقد عرفت جوابه بما لا مزيد عليه ، وأنّ الموضوع هو الخلل الموجب للبطلان غير المتحقق في المقام بعد إمكان التدارك ، إذ هو بعدُ في الصلاة ، لعدم وقوع السلام في محله فيمكنه

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٦٤ / أبواب السجود ب ١٤ ح ٢.

١٦٥

.................................................................................................

______________________________________________________

التدارك ، فلا يشمله الحديث إلّا إذا كان التذكر بعد فعل المنافي ، فإنّه لا مناص حينئذ من الحكم بالبطلان كما هو ظاهر ، هذا.

وربّما يستدل للبطلان برواية معلّى بن خنيس قال : «سألت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ، ثمّ سجد سجدتي السهو بعد انصرافه ، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ، ونسيان السجدة في الأوّلتين والأخيرتين سواء» (١) فانّ المراد بالسجدة في موضوع هذه الرواية ليس الواحدة بلا ريب ، إذ لا تعاد الصلاة منها قطعاً نصّاً وفتوى ، وقد تضمّنت إعادتها لو كان التذكر بعد الركوع ، بل المراد طبيعي السجدة الواجبة في الصلاة ، أعني الثنتين ، وقد حكم عليه‌السلام أنّ نسيانها في الأوّلتين والأخيرتين سواء.

وفيه : أنّ الرواية ضعيفة السند وغير قابلة للاعتماد من وجوه أمّا أوّلاً : فللإرسال.

وأمّا ثانياً : فلعدم توثيق معلى بن خنيس ، بل قد ضعّفه النجاشي صريحاً (٢) وكذا ابن الغضائري (٣) ، ولا دلالة في شهادة الصادق عليه‌السلام بعد مقتله بأنّه من أهل الجنّة كما ورد في بعض الروايات المعتبرة (٤) على وثاقته حين روايته ، لجواز أن يكون السبب في دخوله الجنّة قتله في سبيل الحق وموالاة أهل البيت ، وبذله تلك الأموال الخطيرة في حبّهم عليهم‌السلام ، فقد ورد أنّ داود بن علي لمّا عزم على قتله قال له معلى : أخرجني إلى الناس فإنّ لي دَيناً

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٦٦ / أبواب السجود ب ١٤ ح ٥.

(٢) رجال النجاشي : ٤١٧ / ١١١٤.

(٣) الخلاصة : ٤٠٨ / ١٦٥٢.

(٤) رجال الكشي : ٣٧٦ / ٧٠٧.

١٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

كثيراً ومالاً حتّى أشهد بذلك فأخرجه إلى السوق فلمّا اجتمع الناس ، قال : أيُّها الناس ، أنا معلى بن خنيس فمن عرفني فقد عرفني اشهدوا أنّ ما تركت من مال عين أو دين أو أمة أو عبد ، أو دار ، أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمّد عليه‌السلام ، فشد عليه صاحب شرطة داود فقتله ، فلمّا بلغ ذلك أبا عبد الله عليه‌السلام خرج يجر ذيله حتّى دخل على داود فقال له : قتلت مولاي وأخذت مالي ، قال : ما أنا قتلته ولكن صاحب شرطتي ، قال بإذن منك؟ قال : لا ، فأمر ابنه إسماعيل فقتله ثمّ دعا عليه‌السلام على داود فمات في تلك الليلة (١).

وعلى الجملة : فشهادته عليه‌السلام واغتياظه على داود والدُّعاء عليه وأمره بقتل القاتل كل ذلك من أجل قتله ظلماً في سبيل أهل البيت الّذين هم سبل النجاة ، ولا دلالة على كونه من أهل الجنّة قبل قتله كي تقتضي الوثاقة حين الرواية.

نعم ، ورد في بعض الأخبار أنّه عليه‌السلام اعترض على داود قائلاً : قتلت رجلاً من أهل الجنّة ، الكاشف عن أنّه كان من أهلها من قبل ورود القتل عليه ، لكن الرواية ضعيفة السند. مضافاً إلى أنّه أيضاً لا يقتضي التوثيق حال الرواية ، إذ لعل كونه من أهلها من أجل الولاء والإخلاص لهم عليهم‌السلام غير المنافي للفسق. والحاصل : أنّ النجاشي عدل ضبط قد صرّح بالضعف ولم يثبت ما يعارضه (٢).

وثالثاً : أنّ السند عجيب في نفسه ، فانّ الرجل قتل في زمن الصادق (عليه

__________________

(١) رجال الكشي : ٣٧٧ / ٧٠٨.

(٢) لكنّه (دام ظلّه) بالرغم من ذلك كلّه ناقش في تضعيف النجاشي وبنى في المعجم ١٩ : ٢٦٨ / ١٢٥٢٥ على وثاقة الرجل فليلاحظ.

١٦٧

[١٦٢٥] مسألة ١٧ : لا تجوز الصلاة على ما لا تستقر المساجد عليه (١) كالقطن المندوف والمخدة من الريش والكومة من التراب الناعم أو كدائس الحنطة ونحوها.

[١٦٢٦] مسألة ١٨ : إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة (٢) بين وضع اليدين على الأرض وبين رفع ما يصح السجود عليه ووضعه

______________________________________________________

السلام) كما سمعت ، فكيف يقول سمعت أبا الحسن الماضي عليه‌السلام الّذي هو الكاظم عليه‌السلام سيّما مع توصيفه بالماضي المشعر بوفاة الكاظم عليه‌السلام حين روايته ، فيقتضي أن يكون الرجل في زمن الرِّضا أو الجواد عليه‌السلام كما اصطلح هذا التوصيف في ألسنة الرواة بعدئذ في قبال أبي الحسن الثاني عليه‌السلام ، فكيف يمكن التوفيق بينه وبين قتله في زمن الصادق عليه‌السلام (١). وعلى الجملة : فالرواية ساقطة عن درجة الاعتبار ولا يمكن الاعتماد عليها ولا سيّما بعد مخالفتها لمقتضى القواعد كما عرفت.

(١) لاعتبار الاستقرار حال الذكر. نعم ، لو وضع جبهته وألقى الثقل عليها حتّى إذا استقر أتى بالذكر لم يكن به بأس لحصول الاستقرار بقاء.

(٢) الظاهر أنّ في العبارة سهواً من قلمه الشريف ، إذ لا يحتمل وضع ما يصح السجود عليه على الجبهة في المقام ، فانّ هذا الوضع إنّما يتّجه فيما إذا كان المصلِّي مستلقياً أو مضطجعاً بحيث لا يتمكن من وضع الجبهة على ما يصح كما تقدّم في بحث القيام ، مع أنّه لم يتم هناك أيضاً لعدم الدليل عليه كما مرّ. وأمّا في

__________________

(١) ذكر (دام ظلّه) في المعجم ١٩ : ٢٥٨ أنّ الرواية لو صحّت فالمراد بمعلى بن خنيس هذا شخص آخر غير معلى بن خنيس المعروف.

١٦٨

على الجبهة فالظاهر تقديم الثاني (١) ، فيرفع يديه أو إحداهما عن الأرض ليضع ما يصح السجود عليه على جبهته ، ويحتمل التخيير.

______________________________________________________

المقام فهو متمكن من الانحناء ووضع الجبهة ولو برفع المسجد ، وإنّما عجزه عن الانحناء التام كما صرّح به (قدس سره) فالمراد وضع الجبهة على ما يصح لا وضعه على الجبهة كما عبّر (قدس سره) به.

وكيف ما كان ، فالصحيح أن يقال : إذا تمكّن من السجود العرفي ولو برفع المسجد تعيّن وإن استلزم رفع اليدين أو إحداهما عن الأرض ، ولا تصل النوبة حينئذ إلى الإيماء فإنّه وظيفة العاجز عن السجود والمفروض تمكنه منه ، ولا ضير في عدم وضع اليدين حينئذ على الأرض لسقوطه لدى العجز.

وأمّا إذا لم يتمكّن منه انتقل الأمر إلى الإيماء ولا يلزم وضع سائر المحال حينئذ ، إذ ظرف وضعها السجود المتقوّم بوضع الجبهة على الأرض ، كما يكشف عنه قوله عليه‌السلام : «السجود على سبعة أعظم» (٢) لا حتّى مع الإيماء ، ولا دليل على انتقال حكم المبدل منه إلى البدل.

__________________

(١) بل الظاهر أنّه إذا تمكّن من رفع المسجد ووضع الجبهة عليه بحيث يصدق عليه السجود تعيّن ذلك وإلّا وجب الإيماء كما مرّ.

(٢) الوسائل ٦ : ٣٤٣ / أبواب السجود ب ٤ ح ٢.

١٦٩

فصل

في مستحبّات السجود

وهي أُمور :

الأوّل : التكبير حال الانتصاب من الركوع قائماً أو قاعدا (١).

الثاني : رفع اليدين حال التكبير.

الثالث : السبق باليدين إلى الأرض عند الهوي إلى السجود.

الرابع : استيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه ، بل استيعاب جميع المساجد.

______________________________________________________

ولنقتصر في هذا الفصل على التعرّض لبعض المستحبّات ممّا وقع الخلاف في وجوبه لوضوح الباقي.

(١) لا يخفى أنّ الخلاف المتقدِّم (١) في بحث الركوع في وجوب هذا التكبير جار هنا بعينه مع مستنده وردّه ، لاشتراك الدليل واتِّحاد مناط البحث ، غير أنّ المقام يمتاز في جهة واحدة ، وهي أنّك قد عرفت هناك اختصاص الاستحباب بحال الانتصاب ، فلا يشرع التكبير بقصد التوظيف حال الهوي وإن جاز بقصد مطلق الذكر.

__________________

(١) في ص ٧٧.

١٧٠

.................................................................................................

______________________________________________________

فهل الأمر كذلك في المقام؟ الظاهر ثبوت الفرق ، وبيانه : أنّ مقتضى صحيحة حماد التي ورد فيها «... ثمّ كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه وسجد» إلخ (١) وكذا صحيحة زرارة : «إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك وكبِّر ثمّ اركع واسجد» (٢) هو الاختصاص ، للتصريح بالانتصاب في الأُولى والعطف بـ «ثمّ» الظاهر في التراخي في الثانية.

لكن قد يعارضهما رواية معلى بن خنيس قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كان علي بن الحسين عليه‌السلام إذا أهوى ساجداً انكبّ وهو يكبِّر» (٣) لظهورها في المشروعية لدى الهوي. ومن هنا قد يجمع بينهما كما في الحدائق (٤) بالحمل على التخيير.

وفيه : ما لا يخفى ، لمنافاته مع التعبير بلفظة «كان» المشعر بالدوام والاستمرار ومواظبته عليه‌السلام عليه فلا يناسب التخيير.

ومنه تعرف تعذّر الأخذ بظاهر الرواية ، لعدم احتمال أرجحية التكبير حال الهوي لتستوجب المواظبة عليه ، بل إمّا أنّه يتعيّن حال القيام كما عليه المشهور أو أنّه أفضل ، ولا يحتمل العكس فلا تنهض لمقاومة ما سبق ولا بدّ من رد علمها إلى أهله.

نعم ، لا ريب في ظهورها في استحباب التكبير لدى الهوي كما عرفت ويقتضيه أيضاً إطلاق بعض النصوص.

ففي صحيحة زرارة : «فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرّ

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٥٩ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

(٢) الوسائل ٦ : ٢٩٦ / أبواب الركوع ب ٢ ح ١.

(٣) الوسائل ٦ : ٣٨٣ / أبواب السجود ب ٢٤ ح ٢.

(٤) الحدائق ٨ : ٢٦٥.

١٧١

الخامس : الإرغام بالأنف (١) على ما يصح السجود عليه.

______________________________________________________

ساجداً ...» (١) ، وفي صحيحته الأُخرى «ثمّ ترفع يديك بالتكبير وتخرّ ساجداً» (٢) فإن إطلاقهما يشمل التكبير حال الهوي ، بل هو أوضح شمولاً كما لا يخفى.

وحيث لا تجري صناعة الإطلاق والتقييد في باب المستحبّات ، فلا جرم يحمل التقييد بالانتصاب في الصحيحتين المتقدّمتين على بيان أفضل الفردين. فالأقوى ثبوت الاستحباب بقصد التوظيف في كلتا الحالتين في المقام ، على خلاف ما تقدّم في بحث الركوع.

(١) على المشهور المعروف ، بل عن جملة من الأصحاب دعوى الإجماع عليه ومال في الحدائق إلى الوجوب (٣) ، ونسب ذلك إلى الصدوق في الفقيه والهداية (٤) حيث عبّر بمضمون النص الظاهر في الوجوب.

وكيف ما كان ، فمستند الوجوب موثقة عمار عن جعفر عن أبيه قال «قال علي عليه‌السلام : لا تجزي صلاة لا يصيب الأنف ما يصيب الجبين» (٥) ، وفي بعض النسخ كمصباح الفقيه (٦) نقلت هكذا «لا تجزي صلاة من لا يصيب أنفه ما يصيب جبينه» لكن المذكور في الوسائل وغيره ما عرفت والمعنى واحد

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٦١ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٣.

(٢) الوسائل ٦ : ٢٩٥ / أبواب الركوع ب ١ ح ١.

(٣) الحدائق ٨ : ٢٩٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٥ ، الهداية : ١٣٧.

(٥) الوسائل ٦ : ٣٤٤ / أبواب السجود ب ٤ ح ٤.

(٦) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٣٤٩ السطر ٣٤.

١٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والدلالة ظاهرة ، فانّ نفي الاجزاء ظاهر في نفي الصحّة المساوق لوجوب الإرغام كما أنّ المراد بالجبين هنا الجبهة التي هي أحد إطلاقيه لغة كما في المنجد (١) وما في مجمع البحرين (٢) من إيراد الموثقة بصورة «الجبينين» بدلاً عن «الجبين» غير واضح ، لعدم استقامة المعنى حينئذ كما لا يخفى ، ولعلّه من غلط النسّاخ.

وتؤيّدها مرسلة عبد الله بن المغيرة عمّن سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «لا صلاة لمن لم يصب أنفه ما يصيب جبينه» (٣).

وربّما يجاب بلزوم حمل الموثق على الاستحباب تارة للإجماع القائم عليه المدّعى في كلمات غير واحد.

وفيه : أنّه إنّما يتم لو صحّ الإجماع وكان تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم عليه‌السلام وليس كذلك ، كيف وقد نسب الخلاف إلى الصدوق سيّما بعد وجود المستند في المسألة كما ستعرف.

وأُخرى : لخبر محمّد بن مصادف (مضارب) قال : «سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّما السجود على الجبهة وليس على الأنف سجود» (٤).

وفيه : أنّ الدلالة وإن تمّت لحصر السجود من أعضاء الوجه في الجبهة ونفيه عن الأنف ، لكن السند ضعيف عند القوم ، فانّ محمّد بن مصادف لم يوثق ، بل قد ضعّفه ابن الغضائري صريحا (٥).

__________________

(١) المنجد : ٧٨ مادة «جبن».

(٢) مجمع البحرين ٦ : ٢٢٤.

(٣) الوسائل ٦ : ٣٤٥ / أبواب السجود ب ٤ ح ٧.

(٤) الوسائل ٦ : ٣٤٣ / أبواب السجود ب ٤ ح ١.

(٥) مجمع الرِّجال ٦ : ٥٥.

١٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وثالثة : للروايات المتقدِّمة (١) المتضمِّنة أنّ السجود على سبعة أعظم وأنّها الفرض ، وأنّ الإرغام بالأنف سنّة.

وفيه : أنّ السنّة في لسان الأخبار غير ظاهرة في الاستحباب سيّما إذا قوبلت بالفرض ، فانّ المراد بها ما سنّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وجوباً أو استحباباً في قبال ما فرضه الله تعالى في كتابه ، وقد أُطلقت السنة على بعض الواجبات في لسان الروايات كقوله : القراءة سنّة ، التشهّد سنّة ، الركعتان الأخيرتان سنّة وغير ذلك.

ورابعة : للنصوص المتضمِّنة ان ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف أو إلى الحاجب مسجد وإن أي ذلك أصبت به الأرض أجزأك (٢) فانّ مقتضاها عدم وجوب السجود على الأنف لخروجه عن الحد.

وفيه : ما لا يخفى ، فانّ تلك النصوص في مقام تحديد المسجد من الجبهة ولا نظر فيها إلى سائر المساجد ، فكما لا تنفي وجوب السجود على اليدين والركبتين كذلك لا تنفي وجوبه على الأنف لو كان واجباً لعدم كونها ناظرة إلى ما عدا الجبهة من المساجد كما عرفت.

فالإنصاف : أنّ شيئاً من هذه الوجوه لا يصلح سنداً للاستحباب فيبقى الموثق المؤيّد بالمرسل الظاهر في الوجوب سليماً عن المعارض.

والصحيح في الجواب أن يقال : أوّلاً : أنّ المقتضي للوجوب قاصر في حدّ نفسه ، فان ظاهر الموثق لزوم إصابة الأنف شخص ما يصيبه الجبين لا شي‌ء غيره من نوع أو جنس آخر وإن كان ممّا يصح السجود عليه ، لاستلزامه نوعاً من الاستخدام الّذي هو على خلاف الأصل ، ولازمه عدم الاجتزاء بما لو وضع

__________________

(١) في ص ٨٩.

(٢) الوسائل ٦ : ٣٥٥ / أبواب السجود ب ٩.

١٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

جبهته على الخشبة مثلاً والأنف على التربة ، إذ لا يصدق معه أنّ الأنف أصاب ما أصابه الجبين ، بل كل منهما أصاب شيئاً غير ما أصابه الآخر ، بل لازمه عدم الاجتزاء بما لو وضع جبهته على تربة ، وأنفه على تربة اخرى مفصولة عنها لعين ما ذكر ، فظاهر الموثق أن يكون هناك شي‌ء واحد وجسم فأرد مسجداً لكلا العضوين كتربة واحدة تسع الموضعين كي يصدق معه أنّ الأنف أصاب ما أصابه الجبين لانتفاء الصدق بدون ذلك إلّا بمعونة ارتكاب نوع من الاستخدام ، بأن يقال إنّ الأنف أصاب نوع ما أصابه الجبين أو جنسه وهو على خلاف الأصل ، وحيث إنّ هذا الظاهر مطروح قطعاً لعدم القول به من أحد. فلا مناص من طرح الرواية أو حملها على الاستحباب ، فالمقتضي للوجوب قاصر في حدّ نفسه.

وثانياً : مع التسليم لا بدّ من رفع اليد عنه للدليل الّذي تمسّكنا به في كثير من المقامات ، وهو أنّ المسألة كثيرة الدوران وعامّة البلوى لكل أحد في كل يوم ، فلو كان الوجوب ثابتاً لاشتهر وبان وشاع وذاع وكان من الواضحات من غير خلاف معتد به ، كيف ولم ينسب القول به إلى أحد ما عدا الصدوق في ظاهر عبارته التي هي مضمون النصوص القابلة للحمل على الاستحباب بقرينة عدّه من الآداب. فالمتعيِّن هو الحكم بالاستحباب الّذي عليه المشهور ، بل هو المتسالم عليه لعدم وجود مخالف صريح ، وإن كان الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه.

وثالثاً : أنّ محمّد بن مصادف وإن ضعّفه ابن الغضائري كما سمعت إلّا أنّه وثقه في موضع آخر من كتابه (١) ومن ثمّ توقف فيه العلّامة (٢). وعلى أيّ حال لا يمكن التعويل لا على تضعيفه ولا على توثيقه ، لا لقدح فيه في نفسه فإنّه من الثقات ومن مشايخ النجاشي وقد اعتمد عليه كثيراً ، بل لأنّ الكتاب المنسوب

__________________

(١) ، (٢) الخلاصة : ٤٠٤ / ١٦٣٠.

١٧٥

السادس : بسط اليدين مضمومتي الأصابع حتّى الإبهام حذاء الأُذنين متوجِّهاً بهما إلى القبلة.

السابع : شغل النظر إلى طرف الأنف حال السجود.

الثامن : الدُّعاء قبل الشروع في الذكر بأن يقول : اللهمّ لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكّلت وأنتَ ربِّي سجد وجهي للّذي خلقه وشقّ سمعه وبصره ، والحمد لله ربّ العالمين تبارك الله أحسن الخالقين.

______________________________________________________

إليه لم تظهر صحّة نسبته إليه ، وقد صرّح الشيخ (قدس سره) (١) بأنّ له كتابين ومدحهما غير أنّه لم ينسخهما أحد من أصحابنا وعمد بعض ورثته إلى إتلاف هذين الكتابين وغيرهما من الكتب. وقد ذكر في التحرير الطاووسي (٢) أيضاً أنّه لا طريق لنا إلى كتابه ، والعلّامة أيضاً لا طريق له إليه وإن أكثر النقل عنه.

وحيث إنّ الرجل محمّد بن مصادف أو مضارب موجود في أسانيد كامل الزيارات فيحكم بوثاقته لسلامته عن المعارض ، وعليه فالرواية موثقة ، كما أنّ الدلالة ظاهرة ، والخدش فيها بأنّ غايتها نفي السجود على الأنف ، وعدم جواز الاقتصار فيه بدلاً عن الجبهة ، فلا تدل على نفي الإرغام الّذي هو محل الكلام ساقط لدلالتها على حصر السجود في الجبهة وإن لزم تقييدها بما دلّ على وجوبه في سائر المساجد أيضاً. وعلى أيّ حال فهي كالصريح في أنّه لا يجب السجود من أعضاء الوجه إلّا على الجبهة ، فلو وجب على الأنف أيضاً لم يتّجه الحصر ولما صحّ النفي عن الأنف كما لا يخفى.

فتحصّل : أنّ المقتضي لوجوب الإرغام قاصر في حدّ نفسه ، لقصور موثقة

__________________

(١) الفهرست : ١.

(٢) التحرير الطاووسي : ٥.

١٧٦

التاسع : تكرار الذكر.

العاشر : الختم على الوتر.

الحادي عشر : اختيار التسبيح من الذكر والكبرى من التسبيح ، وتثليثها أو تخميسها أو تسبيعها.

الثاني عشر : أن يسجد على الأرض بل التراب دون مثل الحجر والخشب.

الثالث عشر : مساواة موضع الجبهة مع الموقف ، بل مساواة جميع المساجد.

الرابع عشر : الدُّعاء في السجود أو الأخير بما يريد من حاجات الدُّنيا والآخرة ، وخصوص طلب الرِّزق الحلال بأن يقول : يا خير المسئولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من فضلك فإنّك ذو الفضل العظيم.

الخامس عشر : التورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما ، وهو أن يجلس على فخذه الأيسر جاعلاً ظهر القدم اليمنى في بطن اليسرى.

السادس عشر : أن يقول في الجلوس بين السجدتين : استغفر الله ربِّي وأتوب إليه.

السابع عشر : التكبير بعد الرفع من السجدة الأُولى بعد الجلوس مطمئناً والتكبير للسجدة الثانية وهو قاعد.

الثامن عشر : التكبير بعد الرفع من الثانية كذلك.

التاسع عشر : رفع اليدين حال التكبيرات.

العشرون : وضع اليدين على الفخذين حال الجلوس اليمنى على اليمنى

______________________________________________________

عمار عن إفادته. وعلى تقدير التسليم فتحمل على الاستحباب جمعاً بينها وبين هذه الموثقة الصريحة في عدم الوجوب. مضافاً إلى الدليل المتقدِّم.

١٧٧

واليسرى على اليسرى.

الحادي والعشرون : التجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض.

الثاني والعشرون : التجنح ، بمعنى تجافي الأعضاء حال السجود بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرّجاً بين عضديه وجنبيه ومبعّداً يديه عن بدنه جاعلاً يديه كالجناحين.

الثالث والعشرون : أن يصلِّي على النبيّ وآله في السجدتين.

الرابع والعشرون : أن يقوم سابقاً برفع ركبتيه قبل يديه.

الخامس والعشرون : أن يقول بين السجدتين : اللهمّ اغفر لي وارحمني وأجرني وادفع عنِّي فإنِّي لما أنزلت إليّ من خير فقير تبارك الله ربّ العالمين.

السادس والعشرون : أن يقول عند النهوض للقيام : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد. أو يقول : اللهمّ بحولك وقوتك أقوم وأقعد.

السابع والعشرون : أن لا يعجن بيديه عند إرادة النهوض ، أي لا يقبضهما بل يبسطهما على الأرض معتمداً عليهما للنهوض.

الثامن والعشرون : وضع الركبتين قبل اليدين للمرأة عكس الرجل عند الهوي للسجود ، وكذا يستحب عدم تجافيها حاله بل تفترش ذراعيها وتلصق بطنها بالأرض وتضم أعضاءها ، وكذا عدم رفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض وتنتصب عدلا.

التاسع والعشرون : إطالة السجود ، والإكثار فيه من التسبيح والذكر.

الثلاثون : مباشرة الأرض بالكفّين.

الواحد والثلاثون : زيادة تمكين الجبهة وسائر المساجد في السجود.

١٧٨

[١٦٢٧] مسألة ١ : يكره الإقعاء في الجلوس بين السجدتين بل بعدهما أيضاً ، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه كما فسّره به الفقهاء بل بالمعنى الآخر المنسوب إلى اللغويين أيضاً ، وهو أن يجلس على أليتيه ، وينصب ساقيه ، ويتساند إلى ظهره كإقعاء الكلب.

[١٦٢٨] مسألة ٢ : يكره نفخ موضع السجود إذا لم يتولّد حرفان ، وإلّا فلا يجوز بل مبطل للصلاة ، وكذا يكره عدم رفع اليدين من الأرض بين السجدتين.

[١٦٢٩] مسألة ٣ : يكره قراءة القرآن في السجود كما كان يكره في الركوع.

[١٦٣٠] مسألة ٤ : الأحوط عدم ترك جلسة الاستراحة (١) (١) وهي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الأُولى والثالثة ممّا لا تشهد فيه ، بل وجوبها لا يخلو عن قوّة.

______________________________________________________

(١) المعروف والمشهور استحباب جلسة الاستراحة ، وهي الجلوس بعد رفع الرأس عن السجدة الثانية في الركعة التي لا تشهد فيها ، وهي الاولى والثالثة من الصلاة الرباعية ، بل عن بعض دعوى الإجماع عليه. وحكي عن السيِّد القول بالوجوب (٢) ، بل نسب ذلك إلى غير واحد من القدماء ، ومالَ إليه في كشف اللثام (٣) ، وقوّاه في الحدائق (٤) ، واحتاط فيه في المتن بل استقواه أخيرا.

__________________

(١) لا بأس بتركه.

(٢) الانتصار : ١٥٠.

(٣) كشف اللثام ٤ : ١٠٣.

(٤) الحدائق ٨ : ٣٠٢.

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والّذي يمكن أن يستدل به على الوجوب جملة من النصوص.

الاولى : ما رواه الصدوق في كتاب الخصال عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «اجلسوا في الركعتين حتّى تسكن جوارحكم ثمّ قوموا فانّ ذلك من فعلنا» (١) فانّ الركعتين إشارة إلى الأُولى والثالثة ممّا لا تشهد فيه. وظاهر الأمر الوجوب.

هذا ، وسند الرواية التي هي من حديث الأربعمائة معتبر وإن وقع في الطريق القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد ، فانّ الرجلين وإن لم يوثقا صريحاً في كتب الرِّجال ، أعني القاسم وجدّه الحسن دون غيرهما ممّن يسمّى بذلك لكن يكفي وقوعهما بعين هذا السند أي القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد في أسانيد كامل الزيارات ، ويؤكِّده أنّ الصدوق اختار في باب الزيارات رواية قال إنّها أصح الروايات التي وصلت إليّ (٢) ، مع أنّ في طريقها أيضاً القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد ، فهذا توثيق منه (قدس سره) لهما. ولعلّه من أجل هذا وصف صاحب الحدائق هذه الرواية في المقام بالاعتبار فقال : بسند معتبر (٣) وإلّا فقد عرفت أنّ الرجلين غير موثقين في كتب الرِّجال ومن المعلوم عدم استناده إلى كتاب كامل الزيارات.

وعلى الجملة : فالرواية صحيحة السند لكنّها قاصرة الدلالة على الوجوب لمكان الاشتمال على التعليل بقوله عليه‌السلام «فانّ ذلك من فعلنا» فانّ هذا اللِّسان أقرب إلى الاستحباب كما لا يخفى على من له أُنس بالأخبار ، إذ مع

__________________

(١) الوسائل ٥ : ٤٧١ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٦ ، الخصال : ٦٢٨.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٦٠.

(٣) الحدائق ٨ : ٣٠٤.

١٨٠