تسلية المُجالس وزينة المَجالس - ج ١

السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري

تسلية المُجالس وزينة المَجالس - ج ١

المؤلف:

السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري


المحقق: فارس حسّون كريم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-09-6-X
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

صرّح به المؤلّف في مقدّمة للكتاب ، وكان اختيارنا عليه.

اشتباهان حول الكتاب :

١ ـ قال الخوانساري رحمه‌الله ـ نقلاً عن رجال النيسابوري ، وعند ذكره للمؤلّف ـ : وله كتاب « تسلية المُجالس » و « زينة المَجالس » كلاهما في مقتل مولانا الحسين عليه‌السلام (١). انتهى.

والحال ـ كما عرفت ـ انّه كتاب واحد.

٢ ـ قال الاستاذ عبد الجبّار الرفاعي حفظه الله في « معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت صلوات الله عليهم » ج ٧ / ١٥٣ : « تسلية المُجالس » للسيد محمد الحسيني الحائري. يأتي بعنوان « زينة المَجالس ». انتهى.

الا انّه قال في ص ٣٢٥ رقم ١٨٦٧٧ :

« زينة المَجالس » ( مقتل فارسي ) للسيّد مجد الدين محمد بن أبي طالب الحسيني الحائري ، فرغ منه سنة ١٠٠٤ ه‍ ... انتهى.

وقال ثالثة في ج ٨ / ٦٩ :

« مقتل أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام » للسيّد محمد الحائري ، تقدّم بعنوان : « زينة المَجالس ». انتهى.

ويمكن تصحيح هذا الاشتباه بالنقاط التالية :

أ : حصل خلط بين « تسلية المُجالس زينة المَجالس » ـ كتابنا هذا ـ وبين « زينة المَجالس » للسيد مجد الدين محمد بن أبي طالب الحائري ، وذلك

__________________

١ ـ روضات الجنّات : ٧ / ٣٥.

٢١

نتيجة اشتراك اسم الكتاب واسم المؤلّف في الاثنين.

ب : إنّ « زينة المَجالس » هو في التواريخ وليس في مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام.

وقد قال الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمه‌الله : « زينة المَجَالس » في التواريخ ، للأمير مجد الدين محمد الحسيني المتخلص « مجدي » ألّفه سنة « ١٠٠٤ » ه‍ باسم الشاه طهماسب ، مرتّباً على تسعة أجزاء ، وكلّ جزء على عشرة فصول ، إلا الجزء الأخير فإنّه لم يخرج منه إلا ثمانية فصول في النسخة المخطوطة ، لكنّه اُلحق بالكتاب فصلان في الطبع ؛ أحدهما في تواريخ المغول ، والآخر في الصفويّة ، وينقل عنه في « مطلع الشمس » ، وهو فارسيّ ... إلى آخر كلامه (١).

ج : إنّ مؤلّف « تسلية المُجَالس وزينة المَجَالس » أهدى كتابه للشاه إسماعيل الصفوي الذي كانت السلطة بيده في عام « ٩٠٦ ـ ٩٣٠ » ه‍ ، وهذا يعني أنّ تاريخ الكتاب يقع في هذه الفترة ، ومؤلّف هذا كتاب من البعيد أن يقلّ عمره عن « ٢٠ » أو « ٢٥ » سنة ، فعلى غالب الظنّ أنّ ميلاده كان قبل سنة « ٩٠٠ » ه‍.

وأمّا مؤلّف كتاب « زينة المَجالس » فقد ألّف كتابه سنة « ١٠٠٤ » ه‍ ، ومن المعلوم أنّه توفّي بعد هذا التاريخ.

وبالنتيجة فمن البعيد جدّاً أن يكون مؤلّف « تسلية المُجالس وزينة المَجالس » المولود قبل سنة « ٩٠٠ » ه‍ قد عمّر لما بعد سنة « ١٠٠٤ » ه‍.

* * *

__________________

١ ـ الذريعة : ١٢ / ٩٤ رقم ٦١٨.

٢٢

ومن الجدير بالذكر انّ العلّامة المجلسي رحمه‌الله قد نقل في بحار الأنوار عن « تسلية المُجَالس وزينة المَجَالس » في المجلّد العاشر من الطبع القديم ( الحجري ) ، أي المجلّد ٤٤ ص ٣١٠ و ٣٥٤ وغيرها والمجلّد ٤٥ من الطبع الجديد.

منهجيّة التحقيق

كان أوّل عملي هو استنساخ النسخة الخطيّة ، ومن ثمّ إرجاع الأحاديث إلى مصادرها الأصليّة ـ وإن لم يصرّح المؤلّف بمصادرها على الأغلب ـ حيث طابقت الأحاديث مع مصادرها ، وبعد ذلك ضبطت النصّ ضبطاً متقناً ـ على قدر الوسع والإمكان ، ولم أدّع الكمال في ذلك ـ وكما يلي :

١ ـ طابقت الآيات القرآنيّة الشريفة مع القرآن الكريم وأثبتّها كما هي في القرآن.

٢ ـ ما أضفته من المصادر جعلته بين [ ] وأشرت لذلك في محلّه.

٣ ـ اقتصرت في الإشارة لموارد الاختلافات ـ بين النسخة والمصادر ـ المهمّة منها فقط.

٤ ـ قمت باتّحاد الأحاديث الواردة في الكتاب مع المصادر الحديثيّة المعتبرة.

٢٣

تقدير وعرفان :

لقد كان الأمل يحدوني بأن يُكتب لهذا السفر القيّم بالظهور قبل مدّة من الزمان ، أي في حياة اُستاذنا العلّامة الراحل والمحقّق الخبير السيد عبد العزيز ابن السيد جواد الطباطبائي اليزدي النجفي قدس‌سره ، سيّما وانّه قد هيّأ لي النسخة التي اعتمدتها في التحقيق من مدرسة النمازي في مدينة « خوي » ، وانّه أيضاً كان يرغب في أن يرى صدور هذا الكتاب ، الا انّ اُموراً عديدة حالت دون إتمام تحقيق الكتاب في ذلك الوقت ، وشاءت الإرادة الإلهية غير ما شئنا برحيل السيد عنّا ، فجزاه الله خير جزاء المحسنين ، وأسكنه فسيح جناه وأوفرها.

واُسجّل وافر شكري لكلّ من مدَّ لي يد العون في عملي هذا ، وأخصّ بالذكر منهم : الاستاذ الفاضل محمود البدري : وأشقّائي : علي وعبد الكريم وصادق وفّقهم الله جميعاً.

وأشكر أيضاً اُمّ ولدي « حيدر » التي شاركتني في مختلف مراحل تحقيق الكتاب ، من استنساخ واستخراج ومقابلة فجزاها الله خيراً.

والحمد لله رب العالمين.

فارس حسّون كريم

قم المقدّسة

ذكرى مولد سيّد الشهداء عليه‌السلام

٣ شعبان ١٤١٧ هـ

٢٤

٢٥

٢٦

مقدّمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل مصائب دار الغرور مصروفة إلى وجوه أوليائه ، ونوائب بطشها المشهور موقوفة على جهة أصفيائه ، ووعدهم على الصبر الجميل بالثواب الجزيل في دار جزائه ، وأراهم فضل درجة الشهادة في منازل دار السعادة الباقية ببقائه ، فبذلوا أرواحهم لينالوا الزلفى من رحمته ، وباعوا أنفسهم من الله بنعيم جنّته ، وتلقّوا حدود الصّفاح (١) بشرائف وجوههم ، وقابلوا رؤوس صدور الرماح بكرائم صدورهم ، فكوّرتهم وقد أظلم ليل نقع (٢) الحرب ، وبلغت القلوب الحناجر لوقع الطعن والضرب ، وكفر القتام (٣) شمس النهار بركامه ، وغمر الظلام فجاج الأقطار بغمامه ، وخشعت الأصوات لوقع الصرام على هامات الرجال ، وأشرقت الأرض بما سال عليها من شآبيب الجريال (٤) ، فلم تر الا رؤوساً تقطف ، ونفوساً تختطف ، وأبطالاً قد صبغت

__________________

١ ـ هي السيوف العريضة.

٢ ـ النَّقْعُ : رفع الصوت.

٣ ـ الكَفرُ : التغطية والقَتامُ : الغبار.

٤ ـ الجِريال : صبغ أحمر ، وجِريال الذهب : حمرته. « لسان العرب : ١١ / ١٠٩ ـ جرل ـ ».

٢٧

جيوبها بدم الحتوف ، وفرساناً وجبت جنوبها بغروب السيوف (١) ، لرأيت منهم وجوهاً كالبدور في ظُلًم النقع مشرقة ، واُسداً في غاب (٢) الرماح مطرقة ، يرون الموت في طاعة ربهم راحة أرواحهم ، وبذلوا الوسع في إعلاء كلمة خالقهم مجلية أفراحهم.

ليوث إذا ضربت الحرب جمرها ، غيوث إذا السماء منعت درّها ، رهبان إذا الليل أرخى ستوره ، أعلام إذا النهار أشاع نوره ، مصابيح الظلام إذا الغسق غَمّت سُدفُته ، مجاديح (٣) الانعام إذا الزمان عمّت أزمّته ، سادة الاُمّة ، وقادة الأئمّة ، ومعدة الحكمة ، ومنبع العصمة ، وبحار العلم ، وبحار الحلم ، إن سئلوا أوضحوا ، وإن نطقوا أفصحوا ، وإن استسمحوا جادوا ، وإن استرفدوا عادوا ، أصلهم معرق ، وفرعهم معذق ، وحوضهم مورود ، ومجدهم محسود ، وفخرهم ... (٤) ، النبوة اصلهم ، والامامة نسلهم ، لا شرف إلا وهم أصله ، ... (٥).

واُمروا بالجهاد في سبيل الله فأتمروا ، لبسوا القلوب على الدروع عند مكافحة الكفاح ، وتلقّوا بالخدود والصدور حدود الصفاح ورؤوس الرماح ، يرون طعم الموت في طاعة ربهم أحلى من العسل المشار (٦) ، وارتكاب

__________________

١ ـ أي سَقَطَت جُنوبها إلى الأرض بحدود السيوف.

٢ ـ الغابة من الرماح : ما طال منها ، وكان لها أطراف تُرى كأطراف الأجمَة ؛ وقيل : هي المضطربة من الرماح في الريح ؛ وقيل : هي الرماح إذا اجتمعت. « لسان العرب : ١ / ٦٥٦ ـ غيب ـ ».

٣ ـ مِجدّحٌ : نجم من النجوم كانت العرب تزعم أنها تُمطَرُ به ، وهو المُجدَحُ أيضاً : وقيل : هو الدبَران لأنه يطلع آخراً ويسمّى حاديَ النجوم. « لسان العرب : ٢ / ٤٢١ ـ جدح ـ ».

٤ و ٥ ـ كانت هناك آثار ترميم على الصفحة الاُولى من الأل ، ومن جرّاء ذلك فقد هنا مقدار ٣ سطور.

٦ ـ يقال : رجلٌ مِشرٌ : شديد الحُمرة. « القاموس المحيط : ٢ / ١٣٤ ـ مشر ـ ».

وقال في حياة الحيوان الكبرى : ٢ / ٣٥٠ : وأجوده ـ أي العسل ـ الخريفي الصادق

٢٨

الأخطار في إعلاء كلمة خالقهم أولى من ركوب العار.

جدّهم أكرم مبعوث ، وخير مرسل ، وأشرف مبعوث بالمجد الأعبل (١) ، والشرف الأطول ، لم يضرب فيه فاجر ، ولم يسهم فيه عاهر ، نقله الله من الأصلاب الفاخرة إلى الأرحام الطاهرة ، واختصّه بالكرامات الباهرة ، والمعجزات الظاهرة ، ونسخ الشرائع بشريعته ، وفسخ المذاهب بملّته ، أقام به الاسلام وشدّ أزره (٢) ، وأوضح به الايمان وأعلا أمره ، وجعله مصباحاً لظلم الضلال ، ومفتاحاً لما استعلن من الأحكام ، وأحيا به السنّة والفرض ، وجعله شفيع يوم الحشر والعرض ، وأسرى به إلى حضيرة قدسه ، وشرّفه ليلة الاسراء بخطاب نفسه ، فهو أشرف الموجودات ، وخلاصة الكائنات ، أقسم ربّنا بحياته ، وجعله أفضل أهل أرضه وسماواته ، وأزلفه بقربه ، واختصّه بحبّه ، فهو سيّد المرسلين ، وإمام المتّقين ، وخاتم النبيين ، النبيّ المهذّب ، والمصطفى المقرّب ، الحبيب المجيب ، والأمين الأنجب.

صاحب الحوض والكوثر ، والتاج والمغفر ، والخطبة والمنبر ، والركن والمشعر ، والوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، والدين الأظهر ، والحسب الأطهر ، والنسب الأشهر ، محمد سيّد البشر ، المختار للرسالة ، الموضح للدلالة ، المصطفى للوحي والنبوّة ، المرتضى للعلم والفتوّة.

صاحب الفضل والسخاء ، والجود والعطاء ، والمذاكرة والبكاء ،

__________________

الحلاوة والكثير الربيعي المائل إلى الحمرة.

وفي هامش الأصل : المشار : النشاط.

١ ـ العَبلُ : الضخم من كلّ شيء. وأعبلُ : غَلُظ وابيَضّ : « لسان العرب : ١١ / ٤٢٠ ـ عبل ـ ».

٢ ـ في هامش الأصل : الأزر : الظهر.

٢٩

والخشوع والدعاء ، والانابة والصفاء.

صاحب الملّة الحنيفيّة ، والشريعة المرضيّة ، والاُمّة المهديّة ، والعترة الحسنيّة والحسينيّة.

صاحب الفضل الجليّ ، والنور المضيّ ، والكتاب البهيّ ، الرسول النبيّ الاُميّ.

هذا الذي زيّنت بمدحه طروسي (١) ، ورصفت بوصفه بديعي وتجنيسي ، وقابلت بدرّ كماله تربيعي وتسديسي ، وجعلت ذكره في خلواتي أليفي وأنيسي ، وحليت المجامع بملاقي (٢) ، وشققت المسامع بمعالي مرابته.

هو الذي رفع الله به قواعد الصدق بعد اندراسها ، وأطلع أنوار الحقّ بعد انطماسها ، وأقام حدود السنّة بجواهر لفظه ، وحلّى أجياد الشريعة بزواجر وعظه ، وأطلع شمس الملّة الحنيفيّة في فلك نبوّته ، وأظهر بدر الشريعة المصطفويّة من مطالع رسالته ، فتح به وختم ، وفرض طاعته وحتم ، ونسخ الشرائع بشريعته ، ونسخ الملّة بملّته.

لم يخلق خلقاً أقرب منه إليه ، ولم ينشئ نشأً أكرم منه عليه ، شرفه من فلق الصبح أشهر ، ودينه من نور الشمس أظهر ، ونسبه من كلّ نسب أطهر ، وحسبه من كل حسب أفخر ، لما أخلص لله بوفاء حقّه ، وسلك إلى الله بقدم صدقه ، ورفض الدنيا رفضاً ، وقرضها قرضاً ، لعلمه بسوء موقع فتكها ، وحذراً من مصارع هلكها ، أطلعه الله على أسرار ملكوته ، وشرّفه بخطاب حضرة

__________________

١ ـ الطرسُ : الصحيفة. ويقال : هي التي محيت ثم كتبت. « لسان العرب : ٦ / ١٢١ ـ طرس ـ ».

٢ ـ المَلاقي : أشراف نواحي أعلى الجبل لا يزال يَمثُل عليها الوعل يعتصم بها من الصيّاد. « لسان العرب : ١٥ / ٢٥٥ ـ لقا ـ ».

٣٠

جبروته ، وأرسله صادعاً بحكمه ، وجعله خازناً لعلمه ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله بأعباء الرسالة جاهداً ، وباع من الله روحه مجاهداً ، وقطع من قربت قربته ، ووصل من بعدت لحمته ، وهجر في الله الأذنين ، ووصل الأبعدين ، سل عنه اُحداً وبدراً كم خسف الله به فيهما للشرك بدراً ، وهتك للشرك ستراً ، وقصم للظلم ظهراً ، جاهد في الله حقّ جهاده ، وصبر على الأذى في الله من جهاد عباده حتى كسرت في اُحد رباعيته ، وشجّت لمناوشته (١) القتال جبهته ، وثفنت من دمه لمّته (٢) ، وقتلت عترته واُسرته.

كم نصبوا له غوائلهم (٣)؟ وكم وجّهوا نحوه عواملهم؟ وكم جرّدوا عليه مناصلهم (٤)؟ وكم فوقوا إليه معابلهم (٥)؟ وأبى الله إلا تأييده بنصره ، وتمجيده بذكره.

روي أنّ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كتب إلى كسرى بن هرمز :

أمّا بعد :

فأسلم تسلم ، وإلاّ فأذن بحربٍ من الله ورسوله ، والسلام على من اتّبع الهدى.

قال : فلمّا وصل إليه الكتاب مزّقه واستخفّ به ، وقال : من هذا الذي يدعوني إلى دينه ، ويبدأ باسمه قبل اسمي؟ وبعث إلى رسول الله صلّى الله عليه

____________

١ ـ في هامش الأصل : المناوشة : الاسراع في النهوض.

٢ ـ اللِّمَّة : شعر الرأس.

٣ ـ الغوائل : الدواهي.

٤ ـ النَّصْلُ : حديدة السهم والرمح.

٥ ـ المِعبَلة : نصلٌ طويل عريض ، والجمع مَعابل ... ومنه حديث علي عليه‌السلام : تكَنّفتكم غَوائلُه وأقصَدَتكم معِابِلُه. « لسان العرب : ١١ / ٤٢٢ ـ عبل ـ ».

٣١

وآله بتراب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مزّق الله ملكه كما مزّق كتابي ، أما إنّكم ستمزّقون ملكه ، وبعث إليّ بتراب أما إنّكم ستمزّقون (١) أرضه ، فكان كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم كتب كسرى في الوقت إلى عامله على اليمن ، وكان اسمه باذام (٢) ، ويكنّى أبا مهران ، أن امض إلى يثرب واحمل هذا الذي يزعم أنّه نبيّ ، وبدأ باسمه قبل اسمي ، ودعاني إلى غير ديني ، فبعث باذام الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيروز الديلمي في جمع ، وأرسل معه كتاباً يذكر فيه ما كتب إليه كسرى ، فأتاه فيروز بمن معه ، وقال : إنّ كسرى أمرني أن أحملك إليه ، فاستنظره صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلته إلى الصباح.

فلمّا كان في (٣) الغد حضر فيروز مستحثّاً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرني ربّي انّه قتل صاحبك البارحة ، سلّط الله عليه ابنه شِيرَوَيه على سبع ساعات من الليل ، فأمسك حتى يأتيك الخبر ، فراع ذلك فيروز وهاله ، ورجع إلى باذام فأخبره.

فقال له باذام : كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه؟

فقال : والله ما هبت أحداً كهيبة هذا الرجل ، فوصل الخبر إليه كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأسلما ، وظهر في زمانهما العنسي (٤) المتنبّئ

__________________

١ ـ في المناقب : ستملكون.

٢ ـ في المناقب ومصادر اُخرى : باذان.

انظر في قصّة إسلامه الاُنف للسهيلي : ١ / ٣٠٧.

٣ ـ في المناقب : من.

٤ ـ في الأصل : العبسي.

وهو عَيهلة بن كعب بن عوف العنسي ، مشعوذ من أهل اليمن ، كان بطّاشاً جبّاراً ، أسلم لمّا أسلمت اليمن ، وارتدّ في أيّام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان أوّل مرتدّ في الاسلام ،

٣٢

باليمن وما افتراه من الكذب ، فأرسل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيروز الديلمي ، وقال : اقتله قتله الله ، [ فقتله ] (١). (٢)

وروت (٣) العامّة عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أنّهما لمّا نزلت سورة

____________

وادّعى النبوّة. « الكامل في التاريخ : ٢ / ٣٣٦ ، الأعلام : ٥ / ١١١ ».

١ ـ من المناقب.

٢ ـ روي كتابه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ملك الفرس كسرى بن هرمز بألفاظ متفاوتة ، انظر : مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٢٤٣ و ج ٣ / ١٣٣. صحيح البخاري : ٦ / ١٠ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٧٧ ، تاريخ الطبري : ٢ / ٦٥٤ ، مشكل الآثار للطحاوي : ١ / ٢١٥. الأموال لأبي عبيد : ٢٣ ، دلائل النبّوة لأبي نعيم : ٢ / ٣٤٨ ح ٢٤١. السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ١٧٧ ، تاريخ بغداد : ١ / ١٣٢ ، الشفا للقاضي عياض : ١ / ٤٦٠ ، مناقب ابن شهراشوب : ١ / ٧٩ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٢١٣ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٦٨ وص ٢٦٩ ، صبح الأعشى : ٦ / ٣٦٣ ، المواهب اللدنية للقسطاني : ٢ / ١٣٩ ، السيرة الحلبيّة : ٣ / ٢٧٧ ، بحار الأنوار : ٢٠ / ٣٨١ ح ٧ وص ٣٨٩ ، جمهرة رسائل العرب : ١ / ٤٠ رقم ٤ ، السيرة النبويّة لأحمد زيني دحلان المطبوع بهامش السيرة الحلبيّة : ٣ / ٦٥ ، أعيان الشيعة : ١ / ٢٤٤.

٣ ـ في هامش الأصل : وروى العيّاشي بإسناده عن خيثمة ( خثيمة ) قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : من حدّث عنّا بحديثٍ فنحن سائلوه عنه يوماً ، فإن صدق علينا فإنّما يصدق على الله وعلى رسوله ، وإن كذب علينا فإنّما يكذب على الله وعلى رسوله ، وإن كذب علينا فإنّما يكذب على الله وعلى رسوله لأنّا إذا حدّثنا لا نقول : قال فلان وقال فلان ، وإنّما نقول : قال الله وقال رسوله ، ثمّ تلا هذه الآية : ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة أليس في جهنّم مثوىً للمتكبّرين ) [ سورة الزمر : ٦٠ ] ، ثمّ أشار خيثمة إلى اُذنيه فقال : صمّتا إن لم أكن سمعته.

قال الراوي [ سودة بن كليب ] : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الآية ، فقال : كلّ إمام انتحل إمامة ليست له من الله.

قلت : وإن كان علويّاً؟

قال : وإن كان علويّاً.

فقلت : وإن كان فاطميّاً؟

قال : وإن كان فاطميّاً. « مجمع البيان : ٤ / ٥٠٥ ».

٣٣

« والنجم إذا هوى » أخبر بذلك عتبة (١) بن أبي لهب ، فجاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتفل في وجهه وطلّق ابنته ، وقال : كفرت بالنجم وبربّ النجم ، فدعا عليه رسول الله وقال : اللهّم سلّط عليه كلباً من كلابك ، فخرج إلى الشام ، فنزل في بعض الطريق ، وألقى الله عليه الرعب ، فقال لأصحابه ليلاً : نيّموني بينكم ، ففعلوا : فجاء أسد فافترسه من بين الناس ، ففي ذلك يقول حسّان بن ثابت :

سائِل بني الأشعر (٢) إن جئتَهم

ما كان أنبـاءُ أبي (٣) واسِع

لا وسّـع اللهُُ لـه قـبره

بل ضيَّقَ الله على القاطِع

رمى رسول الله من بينـهم

دون قريش رَمـية الـقادع

واستَوجَـبَ الـدَّعوةَ منه بما

بيّـن للنـاظـر والسامِـع

فـسلّـط الله بـه كـلبَـه

يمـشي الهوينا مشيةَ الخادع

حتى أتـاه وسـط أصحـابه

وقـد عَـلَتهُم سنـَةُ الهاجع (٤)

فالـتَقَمَ الـرَأسَ بـيافـوخِه

والنحر مـنه فغرة الـجائِع

مَن يـرجـع الـعام إلى أهله

فما أكيل الـسّـبع بالراجِع

__________________

١ ـ لعلّه عتيبة كما ذكرت بعض المصادر ، لأنّ عتبة وأخوه معتب أسلما في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . انظر الاصابة : ٢ / ٤٥٥ رقم ٥٤١٣ وج ٣ / ٤٤٣ رقم ٨١٢٠.

٢ ـ كذا في ديوان حسّان وغيره ، وفي الأصل : بني الأصفر.

وبني الأصفر تطلق على الروم لأنّ أباهم الأوّل كان أصفر اللون. انظر « لسان العرب : ٤ / ٤٦٥ ـ صفر ـ ».

٣ ـ كذا في بعض المصادر ، وفي الأصل : بني واسع.

وكان عتيبة بن أيب لهب بن عبد المطّلب يكنّى أبا واسع.

٤ ـ هذا البيت لم يورده في مجمع البيان.

٣٤

قد كان هذا لكم عبرة

للسيّد المتبوعِ والتابع (١)

وبعد :

فيقول العبد الفقير ، الذليل الحقير ، المعترف بذنبه ، المنيب إلى ربّه ، الذي لم يكتب له الكرام الكاتبون عملاً صالحاً ، ولم تشهد له الملائكة المقرّبون يقيناً ناصحاً ، إلا ما يتقرّب به في كلّ آن من توحيد مالكه وربّه ، والانابة اليه بقالبه وقلبه ، وجعل ذكره أنيس خلوته ، وتلاوة كتابه جليس وحدته ، بالتوسّل إليه بأوليائه الطاهرين من أهل بيت نبيّه ، المتوكّل عليه بمجاورة الأكرمين من ذرّيّة وليّه ، وتشريف المنابر بذكر مناقبهم ، وتزيين المحاضر بنشر مراتبهم ، وإيضاح الدليل على سلوك سبيلهم ، وشفاء الغليل بتشريفهم وتفضيلهم ، وقمع رؤوس من عاداهم بمقامع نظمه ونثره ، وغيّض نفوس من ناواهم بتواضع خطبه وشعره ، محمد بن أبي طالب بن أحمد بن محمد المشهور بن طاهر بن يحيى بن ناصر بن أبي العزّ الحسيني الموسوي الحائري اُمّاً وأباً ، الامامي ملّة ومذهباً ، الحسيني نسباً ومحتداً (٢) ، الكركي (٣) منشأً ومولداً :

__________________

١ ـ روي الحديث والأبيات بتفاوتٍ. انظر :

تفسير القرآن لعبد الرزّاق الصنعاني : ٢ / ٢ / ٢٥٠ ، تفسر الطبري : ٢٧ / ٢٤ ، تفسير الكشف والبيان للثعلبي : ٢٩٧ ( مخطوط ) ، دلائل النبوّة لأبي نعيم : ٤٥٤ ح ٣٨٠ وص ٤٥٥ ح ٣٨١ وص ٤٥٧ ح ٣٨٣ ، دلائل النبوة للبيهقي : ٢ / ٣٣٨ ، الشفا للقاضي عياض : ١ / ٤٦٠ ، مجمع البيان : ٥ / ١٧٢ ، الدر المنثور : ٦ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، ديوان حسّان بن ثابت : ١٥٣.

٢ ـ حَدا الشيء يَحدوه حَدواً واحتَداه : تبعه. « لسان العرب : ١٤ / ١٦٨ ـ حدا ـ ».

وقد تكون بالذال المعجمة ؛ حَذا حذوَة : فَعَل فعله ، يقال : فلان يحتَذي على مثال فلان إذا اقتدى به في أمره ، ويقال : حاذيت موضعاً إذا صرت بِحِذائه. « لسان العرب : ١٤ / ١٧٠ ـ حذا ـ ».

٣ ـ الكَرَك : قلعة حصينة جدّاً في طرف الشام ، من نواحي البلقاء في جبالها : « مراصد

٣٥

إنّي لمّا هجرت مهاجر أبي واُمّي وعمومتي وبني عمّي ومسقط رأسي ومولدي ، ومصدري في الأمور وموردي ، وهي البلدة المشهورة بين أرباب الطريقة بالأرض المقدسة ، وهي في الحقيقة على غير تقوى الله مؤسّسة ، كم سبّ أمير المؤمنين على منابرها ، واُظهرت كلمة الكفر في منائرها ، وعصي ربّ العالمين في بواطنها وظواهرها ، وحملت رؤوس بني النبي إلى يزيدها وفاجرها؟ فهي دار الفاسقين ، وقرار المنافقين ، ومغرس العصابة الناصبة ، ومجمع الطائفة الكاذبة ، أعني البلدة المشهورة بدمشق ، معدن الفجور والغرور والفسق ، ولمّا منّ الله بتوفيق الخروج منها ، وتسهيل الطريق بالبعد عنها ، وفارقتها غير آسف على حضرتها ونصرتها ، ولا نادم على مفارقة جهتها وربوتها ، أرى كلّ وارد من موارد يزيدها ثوراً ، وكلّ ملازم لباب يزديدها من المعدلين آثماً أو كفوراً ، وكلّ عاكف بأموتها من أعلام علمائها عتّلاً (١) فخوراً ، وكلّ زبرج (٢) اُجري على صفحات عروشها وجدرانها حرفاً وغروراً.

علماؤها ذئاب بل ذباب ، واُمراؤها سباع بل كلاب ، ونساؤها أبغى من هند البغيّة ، ومخدّراتها أزنى من اُمّ زياد سميّة ، الاُبنة في علمائها فاشية ، والدياثة من زعمائها ناشية ، إن لامهم لائم على سوء فعلهم قالوا : « هذا تقدير ربّنا » بكفرهم وجهلهم ، أو أنّبهم مؤنّب بفجور نسائهم قالوا : « هذا ما كتب الله على جباههنّ » بكفرهم وضلالهم ، فجدعاً (٣) لهم وكبّاً ، وبؤساً وغبّاً.

____________

الاطّلاع : ٣ / ١١٥٩ ».

١ ـ العُتُلّ : الشديد الجافي والفظّ الغليظ من الناس ؛ وقيل : هو الشديد الخصومة. « لسان العرب : ١١ / ٤٢٣ ـ عتل ـ ».

٢ ـ الزبرِجُ : الوَشيُ ، الذَّهَب. « لسان العرب : ٢ / ٢٨٥ ـ زبرج ـ ».

٣ ـ الجَدع : القطع.

٣٦

وما عسى أن أقول في وصف قوم حنيت جوانحهم على بغض الوصيّ وعترته ، وبنيت جوارحهم على إنزال الأذى بمواليه وشيعته : يسلقون المؤمنين بألسنة حداد ، ويقصدون الصالحين بالبغي في كلّ ناد ، ويتشادقون (١) بغيبتهم في محاضرهم ومجامعهم ، ويعلنون بسبّهم عقيب جمعهم في جوامعهم ، يعدّون يوم عاشوراء من أعظم أعيادهم وزينتهم ، ويسمّونه فجوراً رأس سنتهم ، ويعتقدون طبخ الحبوب تلك الليلة من أعظم سنتهم ، والمصافحة بالأكفّ المخضوبة في ذلك اليوم من أفضل طريقهم وسنتهم ، ويتهادون بالتحف والهدايا في المنازل ، ويتباركون بإذخار الأدوية والأشربة من ذلك اليوم إلى قابل ، ويقصدون بالأذى من بكى فيه على آل الرسول ، ويتجسّسون على من جلس لتعزية الطاهرة البتول.

وليس ذلك بعجيب من نفاقهم ، ولا بغريب من شقاقهم ، فقد ارتضعوا بغض الامام الوصيّ من أخلاف (٢) اخلافهم ، واُشربوا هجر آل النبيّ من آبائهم وأسلافهم ، أغصان الشجرة الملعونة في القرآن ، وأفنان (٣) دوحة البغي والعدوان ، الذين أعلنوا بسبّ الله ورسوله على منابرهم ، ودلّ قبح ظاهرهم على خبث سرائرهم ، كم أظهروا الفساد في البلاد وأشهروا العناد في العباد؟ وزيّن الشيطان للناس اتّباعهم ، وصيّر علماءهم أشياعهم وأتباعهم ، فبذلوا لهم

__________________

١ ـ المتَشَدّقون : المتوسّعون في الكلام من غير احتياط واحتراز ، وقيل : المتشدّق : المستهزئ بالناس يلوي شِدقه بهم وعليهم. « لسان العرب : ١٠ / ١٧٣ ـ شدق ـ ».

٢ ـ الأخلاف : جمع خِلف ـ بالكسر ـ وهو الضرع لكلّ ذات خُفّ وظِلفٍ. « لسان العرب : ٩ / ٩٢ ـ خلف ـ ».

ومراده أنّهم ارتضعوا بغض الامام من آبائهم الماضين.

٣ ـ الفَنَنُ : الغُصنُ ، وقيل : الغُصنُ القضيب يعني المقضوب ، والفَنَنُ : ما تشعّب منه ، والجمع أفنان : « لسان العرب : ١٣ / ٣٢٧ ـ فنن ـ ».

والدّوحة : الشجرة العظيمة المتّسعة.

٣٧

الأموال ، وولّوهم الأعمال ، فغرّتهم الحياة الدنيا بزينتها ، وفتنتهم بزهرتها ، فبدّلوا كلام الله بآرائهم ، وحرّفوا كتاب الله بأهوائهم ، وسلكوا بقدم الغيّ إلى الباطل سبيلاً ، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً ، وأنكروا فضل الوصيّ وما اُنزل فيه من الآيات ، وجحدوا النصّ الجليّ وما ورد في إمامته من الدلالات ، تقرّباً إلى أئمّة ضلالهم ، وحرّفوا مقال النبيّ طمعاً في نوالهم.

ألا ترى إلى أزكاهم البخاري قد ألغى حديث الخاتم وقصّة الغدير وخبر الطائر (١) وآية التطهير؟

وإن أنصفهم مسلم قد أنكر حديث الكهف والإخاء ، وطعن في حديث « أنا مدينة العلم » وحديث اللوح.

وإنّ أشهرهم الطبري توقّف عن حديث الوصيّة (٢) ، وتأويل ( يُوفُونَ بِالنُّذر) (٣) ، ومن أعلام مبشّريهم وضلّال مفتريهم من نور الآيات والأخبار المجمع عليها نحو ( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (٤) ، ونحو

____________

١ ـ انظر الغدير : ٣ / ٢١٨ وما بعدها.

٢ ـ تفسير الطبري : ١٩ / ٧٥.

٣ ـ سورة الانسان : ٧.

٤ ـ سورة المائدة : ٥٥.

وقد اتّفق المفسّرون والمحدّثون وعلماء الأثر على نزول هذه الآية الشريفة في أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، ورووه بأسانيد وطرق كثيرة تنتهي إلى جماعة من كبار الصحابة والمفسّرن.

قال السيد ابن طاووس في سعد السعود : ٩٦ : انّ محمّد بن العبّاس بن الماهيار المعروف بابن الحجّام قد رواه في كتابه « ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام » من تسعين طريقاً بأسانيد متّصلة ، كلّها أو جلّها من رجال المخالفين لأهل البيت عليهم‌السلام ، وذكر منهم : عمر بن الخطّاب ، عثمان بن عفّان ، الزبير بن العوّام ، عبد الرحمان بن عوف ، سعد بن أبي وقّاص ، طلحة بن عبدالله ، عبدالله بن عبّاس ، أبو رافع ، جابر بن عبدالله الأنصاري ، أبو ذرّ ، الخليل بن مرّة ، عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، أبو جعفر محمد بن

٣٨

أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، وإنّي تارك فيكم الثقلين ، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوّاً ، وجماعة من كبّار أنصابهم ، وفجّار نصّابهم ، جعلوا مقابل كلّ حقّ باطلاً ، وبإزاء كلّ قائل قائلاً ، مثل « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة » (١) فوضعوا بإزائه « أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة » (٢) ، و

__________________

علي عليه‌السلام ، جعفر بن محمد عليه‌السلام ، أبو هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفيّة ، مجاهد المكّي ، محمد بن السري ، عطاء بن السائب ، عبد الرزاق ، انتهى

يضاف إلى هؤلاء من مصادر اُخرى : علي عليه‌السلام ، عمار بن ياسر ، سَلَمة بن كهيل ، أنس بن مالك ، عبدالله بن سلام ، المقداد بن الأسود الكندي ، عبد الملك بن جريح.

ورواه البلاذري في أنساب الأشراف : ١ / ١٥٠ ح ١٥١ ، الحاكم النيشابوري في معرفة علوم الحديث : ١٠٢ ، الحبري في ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام : ٢٥٨ ـ ٢٦١ ح ٢١ ـ ٢٣ ، الشجري في أماليه : ١ / ١٣٧ و ١٣٨ بعدّة طرق ، الواحدي في أسباب النزول : ١١٣ ، الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في ما نزل من القرآن في عليّ عليه‌السلام ـ على ما في النور المشتعل ـ : ٦١ ـ ٨٥ ح ٥ ـ ١٥ ، ابن عساكر في ترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق : ٢ / ٤٠٩ ح ٩١٥ و ٩١٦ ، الجويني في فرائد السمطين : ١ / ١٨٧ ـ ١٩٥ ح ١٤٩ ـ ١٥٣ ، ابن المغازلي في المناقب : ٣١١ ـ ٣١٤ ح ٣٥٤ ـ ٣٥٨ ، الگنجي في كفاية الطالب : ٢٢٨ و ٢٤٩ ، الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل : ١ / ١٦١ ـ ١٨٤ ح ٢١٦ ـ ٢٤٠ بأكثر من أربعة وعشرين طريقاً ، السيوطي في لباب النقول : ٩٣ ، الجصّاص في احكام القرآن : ٤ / ١٠٢ ، الخوارزمي في المناقب : ١٨٦ و ١٨٧.

وأخرجه الشوكاني في فتح القدير : ٢ / ٥٣ عن الخطيب في المتّفق والمفترق عن ابن عبّاس ، وعن عبد الرزّاق وعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن مردويه عن ابن عبّاس ، وعن أبي الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن علي ، وعن ابن مردويه والطبراني في الأوسط عن عمّار.

١ ـ صحيح الترمذي : ٢ / ٣٠٦ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٤٤ ، مسند أحمد : ٥ / ٣٩١ ، موارد الظمآن : ٥٥١ ، خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام للنسائي : ٣٦ ، تاريخ بغداد : ٩ / ٢٣١ ، حلية الأولياء : ٤ / ١٩٠ ، الاصابة : ١ / ٢٦٦ ، اُسد الغابة : ٥ / ٥٧٤ ، مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام لمحمد بن سليمان الكوفي : ٢ / ٢٣٨ ح ٧٠٣ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٨١.

٢ ـ صحيح الترمذي : ٥ / ٥٧٠ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٣٦ ، و ٣٨ ، مسند أحمد : ١ / ٨٠ ،

٣٩

« كان أحبّ الرجال إلى النبيّ عليّ ، ومن النساء فاطمة » (١) فوضعوا الحديث في أبي بكر وعائشة (٢) ، وغرّوا الجاهل بمقالات الباطل ليدحضوا به الحقّ ، ولو أردت لأوردت من أكاذيبهم وأغاليطهم ، وزلفت من أباطيلهم ومخاليطهم ، ما يعجز اللسان عن وصفه ، ويكلّ البنان من رصفه ، فأعرضت عن رقم ذلك في الدفاتر ، وإن كان حاكي الكفر ليس بكافر.

شعر :

إذا ما روى الراوون ألف فضيلة

لأصحاب مولانا النبيّ محمد

يقولون هذا في الصحيحين مثبتٌ

بخطّ الامامين الحديـث يشيّد (٣)

ومهـما روينا في علـيّ فضيلة

يقولون هذا من أحاديث مُلحِد (٤)

آخر :

إذا في مجلسٍ ذكـروا عليّاً

وسبطيه وفاطـمة الزكيّة

يقول الحاضرون ذروا فهذا

سقيم من حديث الرافضيّة (٥)

__________________

تاريخ بغداد : ٥ / ٣٠٧ ، وج ٧ / ١١٨ ـ ١١٩ ، كنز العمّال : ١١ / ٥٦١ ح ٣٢٦٥٢ وص ٥٦٢ ح ٣٢٦٥٤ وص ٥٦٣ ح ٣٢٦٦٤ ، وج ١٢ / ٧٠٠ ح ٣٦٠٨٤.

١ ـ ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام من تاريخ دمشق لابن عساكر : ٢ / ١٦٣ ح ٦٤١ وص ١٦٥ ح ٦٤٦. سنن الترمذي : ٥ / ٦٥٥ ح ٣٨٦٨ ، المستدرك للحاكم : ٣ / ١٥٥ ، سير أعلام النبلاء : ٢ / ١٣١.

٢ ـ الرياض النضرة : ١ / ١٣٥ ، كنز العمّال : ١٢ / ١٣٣ ح ٣٤٣٥٠.

٣ ـ في المناقب : فَسَدّد ، وفي بعض نسخه : مسدّد.

٤ ـ مناقب ابن شهراشوب : ١ / ٣.

٥ ـ الأبيات للشافعي ، انظر ديوانه ص ٩٠ ، مقتل الحسين عليه‌السلام للخوارزمي : ٢ / ١٢٩ ، مناقب ابن شهراشوب : ١ / ٣٠.

وروى الجويني في فرائد السمطين : ١ / ١٣٥ ح ٩٨ بإسناده الى أبي عبدالله محمد

٤٠