تسلية المُجالس وزينة المَجالس - ج ١

السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري

تسلية المُجالس وزينة المَجالس - ج ١

المؤلف:

السيد محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري


المحقق: فارس حسّون كريم
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-09-6-X
الصفحات: ٥٩٢
الجزء ١ الجزء ٢

١

٢

٣

٤

٥

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله الأطياب الأخيار.

وبعد :

ففي عام ١١ للهجرة أفل النور المقدّس من الأرض ، ذلك النور الذي بعثه الله بشيراً ونذيراً للعالمين ، وقبل أن يوارى جثمانه الثرى بدأ خطّ الانحراف عن الرسالة التي جاء بها الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدّاً فاصلاً بين عهدين يختلفان كلّ الاختلاف ، فذاك عهد اتّسم بالايمان والصدق والرحمة ، وهذا عهد الانقلاب على الأعقاب ، وكأنّ القوم أبوا إلا أن يطبقوا الوعد الإلهي ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ... ) (١).

وكان من نتائج هذا الانحراف هو انقسام الاُمة إلى قسمين :

أحدهما : محب لأهل البيت عليهم‌السلام موالٍ لهم ، وملتزم بنهجهم الذي وضعوه ، منكر لخطّ الانحراف ولمبدأ السقيفة في الحكم.

والثاني : خطّ أصحاب المصالح والهمج الرعاع ، والّذي شمل إضافة إلى أتباع الشيخين ، الحزب الأمويّ والخوارج الذين أردوا أمير المؤمنين عليه‌السلام شهيداً في محرابه ، واستولى على الحكم معاوية بعد أن اُرغم الامام الحسن عليه‌السلام على الصلح معه لأسباب معروفة.

ومات معاوية وهو يوصي ابنه يزيد بأن يبادر إلى أخذ البيعة من جماعة ، وخصّ بالذكر الإمام الحسين عليه‌السلام.

واستلم يزيد الخلافة بعد أبيه ، وهو ليس أهلاً للحكومة فضلاً عن خلافة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ بعض التأمّل في شخصيّة هذا الرجل وفي بعض ذاتياته وممارساته من خلال ما أوردته كتب التاريخ والسير عن فترة حكمه القصيرة ، يظهر

__________________

١ ـ سورة آل عمران آيه : ١٤٤.

٦

لكلّ ذي عقل بأنّه كان فاشلاً وخاسراً في جميع الامور وبالأخصّ في الخطّين الرئيسيين اللذين يجب أن يتّصف بهما الحاكم المسلم ؛ ألا وهي خطّي السياسة ، والالتزام الديني.

وكان أبناء الاُمّة آنذاك قد تلبّد إحساسهم وأخلدوا إلى سبات عميق ، فهم همج رعاع ينعقون مع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، كما وصفهم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولولا دم الحسين عليه‌السلام لما تغيّر هذا الحال.

فالحسين الرمز ، هو ذلك الانسان الّذي عرف طريقه ، فلم تلوه عنها نصائح المحبّين ـ كابن عبّاس ـ ، ولا تحذيرات المنافسين ـ كالحرّ بن يزيد الرياحي ـ ، ولكن الحسين مضى ، لأنّه مُضاءٌ ببرقٍ داخليّ ، يعرفه هو ، لينفّذ ما في الكتب ، كما يقول السيد المسيح ...

رفض عروض الوليد بن عقبة والي يزيد على المدينة ، وخرج إلى مكّة لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة ٦٠ للهجرة.

وخرج عليه‌السلام إلى العراق في الثامن من ذي الحجة ، وقُتل رسوله إلى العراق مسلم بن عقيل بعد ذلك بيومٍ واحد.

وبلغ عليه‌السلام مشارف الكوفة ، وكان والي يزيد عليها عبيد الله بن زياد ، فأرسل ألف فارس بقيادة الحرّ بن يزيد لاصطياد الحسين ومن معه ... والتقى الركبان ... ودار بين الامام الحسين وبين الحرّ بن يزيد حوار طويل غير انّه لم يثنِ الحسين بن عن غايته ، لذلك انجذب إليه قائد الجيش الأمويّ « الحرّ » وجاهد ما استطاع دونه ودون آل بيته من النساء والأطفال حتى ضُرّج بدمه.

وهكذا سائر أصحاب الامام وأنصاره ـ مسلم بن عوسجة ، وبرير ، وزهير ، وحبيب ، و ... ـ تابعوه في مسيرة الشهادة ، والمواقف الصامدة والبطولية التي وقفوها أمام الموت المحقّق ، فصمدوا واستشهدوا ، وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء في سبيل نصرة إمام زمانهم الحسين عليه‌السلام.

وتشابكت الأحداث وتعقّدت ، ثم مرّت بسرعة ، وإذا بالحسين مخضّب بدمه ،

٧

في كربلاء ، لم يحد عن صراطه السويّ ، فلم يُهادن الظالمين ، ولم يستسلم للباطل ، ولم يبايع ، وإنّما خرج ثائراً على كلّ ذلك ، فإصلاح اُمّة جدّه ، وليجدّد إسلام الاُمّة التي انقلبت على أعقابها ، فيجعلها خير اُمّة اُخرجت للناس.

فكان عاشوراء اختضاب الأرض بالدم الحسيني مرّة ، ولكنّه سيظلّ زينة السماء الداعية إلى الحرية الحمراء ، قبل كلّ شروق ، وبعد كلّ غروب ...

ومع استشهاد الامام الحسين عليه‌السلام تيقّظت ضمائر أبناء الاُمّة ، وانتشر حبّ آل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صفوفهم ، وتحرّك الأئمّة عليهم‌السلام واحداً تلو الآخر في سبيل نشر المبادئ التي ثار من أجلها الحسين عليه‌السلام ، وتوالت الثورات الشيعية التي تطالب بالثأر من قتلة الحسين ... فكانت ثورة المختار رحمه‌الله ، وثورة التوّابين ، وعشرات الثورات الاُخرى ، وأخذ العلماء والخطباء وأهل السير بالحديث عن الثورة والمآسي التي رافقتها.

وأضحى يوم عاشوراء رمزاً لكل المحرومين والثائرين ضدّ الظلم والطغيان في كلّ مكان وزمان ، واُلّفت مئات الكتب التي تحدّثت عن وقائع ثورة الحسين « ع ».

ومن هذه الكتب القيّمة هذا الكتاب الذي بين يديك ـ عزيزي القاريء ـ وهو « تسلية المُجالس وزينة المَجالس » المسمّى ب‍ « مقتل الحسين عليه‌السلام » للسيد العالم الأديب محمد بن أبي طالب الحسيني الكركي الحائري رحمه‌الله ، وقد حوى على مقدّمة ومجالس عشرة ، تطرّق المؤلّف في مقدّمته لبعض فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، وردّ بعض الأحاديث التي وضعها الأمويّون ، وبالأخص في حكم معاوية ، والتي حاولت الرفع من منزلة الصحابة ، والحطّ من شخصيّة الإمام علي عليه‌السلام وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام.

وقد تصدّى الفاضل فارس حسّون كريم لتحقيق هذا السفر القيّم ، ليخرجه لمحبّي أهل البيت من زوايا المكتبات ، بعد أن تحمّل جهوداً مُضنية في الحصول على نسخة الكتاب النفيسة ، واستنساخها ، ومراجعة عشرات المصادر من أجل تثبيت الخبر الصحيح ، فجزاه الله خير جزاء المحسنين.

مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم

٨

الاهداء

سيديّ أبا الأحرار.

يا من كان اسمه نغمة حلوة في فم أبي الزهراء ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ، يستعذبها ولا يملّ من ترديدها ، ففيك وفي أخيك كان يجد اُنسه وسلوته عمّا فقد من الأبناء ، وما يؤذيك كان يؤذيه ، حتى انّه سمع بكاءك ذات مرّة فقال للزهراء عليها‌السلام:

أما علمت أنّ بكاءه يؤذيني؟

فما عساه أن يقول لو قد رأى اُمّة الضلال قد تكالبت على انتهاك حرمتك؟!

فقد بارزتك بسيوف الدهر ، ورمتك بسهامه ، غير أنّها جعلت منك قبلة للشفاعة نترنّم فيها طرباً.

فكان عملي هذا عنوان تذكار الولاء ، عساه أن يحظى بالقبول ، فأبلغ غاية المأمول.

فارس

٩
١٠

ترجمة المؤلّف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الحكيم الوهّاب ، ربّ الأرباب ، والهادي إلى سبيل الهدى والصواب.

والصلاة والسلام على خير خلقه المؤيّد بفصل الخطاب ، خاتم أنبيائه محمد أشرف الأحباب.

وعلى آله ، النور المبين والصراط المستقيم ومنهاج الصواب ، اُولي العلم المحسودين على ما آتاهم الله من فضله واُولي الأمر كما جاء به الكتاب ، ترفع بهم درجات شيعتهم وتخفض درجات اعدائهم النصّاب.

وبعد :

فكثر هم الأعاظم الذين لم ينصفهم التاريخ ، وهذا السيد الذي نحن بصدد الحديث عن حياهت واحد من اولئك الأكابر.

فالسيد رحمه‌الله رقم ناصع في جبين الدهر ، وهو عالم كبير ، فاضل خبير ، كامل قدير ، أديب جدير ، شاعر ناثر ، ناظم ماهر ، يشهد له كتابه هذا بعلوّ كعبه ، وشدّة إيمانه ، ومع كلّ هذا لم نعثر له على ذكر شاف يفي بحقّ هذا السيد

١١

الجليل.

والّذي وجدناه عبارات موجزة مقتضبة جدّاً لا تسمن ولا تغني من جوع ، فلم تتطرّق لجانب بسيط من عمره الشريف ، كنسبه ، اُسرته ، مدينته ، محلّ وتاريخ ولادته ، وما أعقبها من مراحل حياته ، كدراسته وشيوخه وتلامذته ، ... وأخيراً تاريخ وفاته.

وكأنّه رحمه‌الله على يقين بما تخبّئ له غِيَر الزمان من تجاهل وإهمال ، ففي موضع من كتابه هذا أورد اسمه ونسبه ولقبه كاملاً (١) ، وفي موضع آخر بيّن محلّ ولادته وسبب تركه ذلك المحلّ واستيطانه الحائر (٢) ، وفي موضع ذكر أنّه رأى كتاب « روضة الشهداء » للكاشفي (٣) فصنّف « تسلية المجالس وزينة المجالس » على منواله (٤) ، وفي موضع ذكر أنّه بعث ابنه طاهر ليأتيه بكتاب « تذكرة الفقهاء » للعلّامة الحلّي (٥) (٦) ، وفي موضع آخر من هذا الكتاب أشاد

__________________

١ ـ في ج ١ / ٥٣.

٢ ـ في ج ١ / ٥٤.

٣ ـ « روضة الشهداء » فارسي ، للحسين بن علي الكاشفي البيهقي ، المتوفّى في حدود سنة ٩١٠ ه‍ ، مرتّب على عشرة أبواب وخاتمة فيها ذكر أولاد السبطين وجملة من السادات ، واحتمل بعض أنّه أوّل مقتل فارسي شاعت قراءته بين الفرس حتى عرف قاريه ب‍ « روضة خوان » ، ثمّ توسّع في هذا العنوان إلى هذا الزمان حتى يقال لكلّ قارئ « روضة خوان » ... « الذريعة : ١١ / ٢٩٤ رقم ١٧٧٥ ».

٤ ـ في ج ١ / ٦٩.

٥ ـ « تذكرة الفقهاء » في الفقه الاستدلالي من تصنيف العلّامة جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف الحلّي ، المتوفّى سنة ٧٢٦ ه‍ ، وقد طبع في مجلّدين ضخمين في إيران « الذريعة : ٤ / ٤٣ رقم ١٦٩ ».

وقد طبع مؤخّراً في قم بتحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.

٦ ـ في أواخر الجزء الثاني.

١٢

بالسلطان الشاه إسماعيل أبو المظفّر الصفوي (١) (٢) ، وفي موضع ذكر غزو التتار وما فعلوا (٣) ، ...

اسمه ونسبه الشريف :

السيد محمد بن أبي طالب بن أحمد بن محمد المشهور بن طاهر بن يحيى ابن ناصر بن أبي العزّ (٤) الحسيني الموسوي الحائري الكركي.

__________________

١ ـ الشاه إسماعيل الأوّل بن السلطان حيدر الحسيني الموسوي الصفوي ، ينتهي نسبه إلى حمزة بن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام ، ولد في ٢٥ رجب سنة ٨٩٢ ه‍ ، وتوفّي في تبريز ١٩ رجب سن ٩٣٠ ه‍ أو ٩٣١ ه‍ ، ودفن بمقبرة جدّه صفي الدين في أردبيل ، ابتدأت سلطنته سنة ٩٠٦ ه‍ ومدّة ملكه ٢٤ سنة ، وهو أوّل الملوك الصفويّة وموطّد دولتهم : « أعيان الشيعة : ٣ / ٣٢١ ».

٢ ـ في ج ١ / ٦٣.

٣ ـ في أواخر الجزء الثاني.

٤ ـ الظاهر أنّ « ابن أبي العزّ » هذا هو العالم الفاضل المعروف ، وهو الذي ذهب مع والد العلامة الحلي والسيد مجد الدين بن طاووس لطلب الأمان لأهل الحلّة ، والقصّة كما يلي :

قال العلامة الحلّي ـ المتوفّى سنة ٧٢٦ ه‍ ـ في كشف اليقين : ١٠١ ح ٩٣ : لمّا وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر أهل الحلّة إلى البطائح الا القليل ، وكان من جملة القليل والدي رحمه‌الله والسيد مجد الدين بن طاووس والفقيه ابن أبي العزّ ، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيليّة ، وأنفذوا به شخصاً أعجميّاً.

فأنفذ السلطان إليهم فرماناً [ الفرمان : الأمير الملوكي ] مع شخصين ؛ أحدهما يقال له تُكلْم ، والآخر يقال له علاء الدين ، وقال لهما : إن كانت قلوبهم كما وردت به كتبهم فيحضرون إلينا ، فجاء الأميران فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه ، فقال والدي رحمه‌الله : إن جئت وحدي كفى ، فقالا : نعم ، فاصعد معهما.

فلمّا حضر بين يديه ، وكان ذلك قبل فتح بغداد وقبل قتل الخليفة ، قال له : كيف أقدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا ما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم؟ وكيف تأمنون إن صالحني ورحلت نقمته؟

١٣

محلّ ولادته وهجرته إلى الحائر :

حدّد المؤلّف رحمه‌الله مكان مولده قائلاً :

إنّي لمّا هجرت مهاجر أبي واُمّي وعمومتي وبني عمّي ومسقط رأسي ومولدي ، ومصدري في الاُمور وموردي ، وهي البلدة المشهورة بين أرباب الطريقة بالأرض المقدّسة ، وهي في الحقيقة على تقوى الله مؤسّسة ... أعني البلدة المشهورة ب‍ « دمشق » معدن الفجور والغرور والفسق ... (١).

فحثثت ركابي عن ديارهم ، وأبعدت قراري من قرارهم ... وحططت رحلي ببلاد الوصيّين ، وألقيت كلّي على إمام المتّقين ، وجعلت مشهد قرّة

__________________

فقال له والدي : إنّما أقدمنا على ذلك ، لأنّا روينا عن إمامنا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام أنّه قال في بعض خطبه : الزوراء وما أدراك ما الزوراء؟ أرض ذات أثلٍ يشيّد فيها البنيان ، ويكثر فيها السكّان ، ويكون فيها مهارم وخزّان ، يتّخذها ولد العبّاس موطناً ، ولزخرفهم مسكناً ، تكون لهم دار لهو ولعب ، يكون بها الجور الجائر ، والحيف المحيف ، والأئمّة الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والوزراء الخونة ، تخدمهم أبناء فارس والروم.

لا يأتمرون بينهم بمعروفٍ إذا عرفوه ، ولا ينتهون عن منكرٍ إذا أنكروه ، تكتفي الرجال منهم بالرجال ، والنساء بالنساء ، فعند ذلك الغمّ العميم ، والكباء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك ، وما هم الترك ، قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرقة ، لباسهم الحديد ، جردٌ مردٌ ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا ، ملكهم جهوري الصوت ، قويّ الصولة ، عالي الهمّة ، لا يمرّ بمدينة إلا فتحها ، ولا ترفع له راية الا نكسها ، الويل الويل لمن ناواه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر.

فلمّا وصف لنا ذلك ، ووجدنا الصفات فيكم ، رجوناكم فقصدناك ، فطيّب قلوبهم ، وكتب لهم فرماناً باسم والدي رحمه‌الله يطيّب فيه قلوب أهل الحلّة وأعمالها. انتهى.

ورواه العلّامة أيضاً في نهج الحقّ وكشف الصدق : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، وعبد الله أفندي الأصفهاني في رياض العلماء : ٦ / ٩ ( إشارة ) ، والشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب : ١ / ١٨٩ ، وسفينة البحار : ٣ / ٥٣٣ ، والسيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة : ٢ / ٢٥٨ ، والمدرّس في ريحان الأدب : ٥ / ٢٣٣ رقم ٤٣٠.

١ ـ انظر ج ١ / ٥٤.

١٤

عينه أبي عبد الله موطني ، وحضرته الشريفة في حياتي ومماتي مسكني ومدفني (١).

ما قيل في الاطراء عليه :

كتب على ظهر النسخة ما هذا نصّه : كتاب « تسلية المجالس وزينة المجالس » تأليف السيد الحسيب النسيب ، العالم الفاضل الكامل ، خلاصة البلغاء ، زبدة الخطباء النصحاء الألبّاء ، اُنموذج سلفه الطاهرين ، وصفوة الفضلاء البارعين ، فخر الملّة والشريعة والدين ، محمد بن أبي طالب ... أدام الله أوصاله (٢).

وقال المجلسي رحمه‌الله : السيد النجيب العالم محمد بن أبي طالب (٣).

وقال في موضع آخر : وكتاب « تسلية المجالس » مؤلّفه من سادة الأفاضل المتأخّرين (٤).

وقال السيد إعجاز النيسابوري الكنتوري : السيد النجيب العالم محمد بن أبي طالب (٥).

وقال الميرزا الخوانساري ـ ضمن كلامه عن الفقيه محمد بن أبي طالب الاسترابادي ـ : ثمّ ليعلم أنّ هذا الرجل غير محمد بن أي طالب الحسيني الحائري الذي كان هو أيضاً كما في رجال النيسابوري (٦) من جملة

__________________

١ ـ انظر ج ١ / ٦٢.

٢ ـ ستعرف أنّ النسخة كتبت في عصر المؤلّف رحمه‌الله.

٣ و ٤ ـ بحار الأنوار : ١ / ٢١ و ٤٠.

٥ ـ كشف الحجب والأستار : ١٢١ رقم ٥٧٩.

٦ ـ وهو الميرزا محمد الاخباري المقتول. « الذريعة : ١٠ / ١٥٧ رقم ٢٨٣ ».

١٥

المشايخ (١).

وقال السيد الأمين : في رسالة « نزهة أهل الحرمين » (٢) وصفه بالعالم الجليل والسيد الجليل (٣).

ولده :

صرّح المؤلّف رحمه‌الله أنّه أرسل ولده « طاهر » ليأتيه بكتاب « تذكرة الفقهاء » للعلّامة الحلّي. ولا نعلم كم له من الأولاد ، وكم كان عمر ناصر حينذاك؟ (٤)

فترة عمره الشريف :

بما أنّا لم نتعرّف على تاريخ ولادة المؤلّف ولا تاريخ وفاته رحمه‌الله ،

____________

١ ـ روضات الجنّات : ٧ / ٣٥.

واحتمل الشيخ آقا بزرگ الطهراني في طبقات آعلام الشيعة « إحياء الداثر من مآثر أهل القرن العاشر : ٢١٤ أن يكون المؤلّف هو نفسه محمد بن أبي طالب الموسوي الحسيني الاسترابادي ، تلميذ المحقّق الكركي ، وشارح الجعفريّة ، وسمّى الشرح « المطالب المظفّرية » ، حيث قال :

ولعلّه الاسترابادي المذكور ... فإنّه في آخر المجلس الخامس في أحوال مسلم بن عقيل أظهر الشكوى من أهل زمانه وغدرهم به كما غدر أهل الكوفة بمسلم. قال : ولمّا نجّاه الله منهم هاجر إلى كربلاء واتّخذها موطناً ومستقرّاً ... فيظهر أنّه لم يكن حائريّ الأصل. انتهى.

أقول : يبدو أنّ الحقّ مع الميرزا الخوانساري ، حيث إنّ المؤلّف رحمه‌الله صحيح لم يكن حائريّ الأصل لكنّه كركيّ ، كما هو صرّح في كتابه ، وكما بيّناه فيما سبق.

٢ ـ « نزهة أهل الحرمين في تاريخ تعميرات المشهدين » في النجف وكربلاء ، لسيّدنا الحسن بن هادي صدر الدين العاملي الأصفهاني الكاظمي « ١٢٧٢ ـ ١٣٥٤ » صاحب « تأسيس الشيعة الكرام لفنون الاسلام ». الذريعة : ٢٤ / ١١٤ رقم ٥٩٢ ».

٣ ـ أعيان الشيعة : ٩ / ٦٢.

٤ ـ انظر أواخر الجزء الثاني.

١٦

فلذا من الصعب تحديد الفترة التي عاشها ، الا أنّ هناك دلالات نعرف من خلالها العصر الذي عاش فيه هذا السيد البارع ، وكما يلي :

١ ـ انّه رحمه‌الله عثر على كتاب « روضة الشهداء » للمولى الحسين الواعظ الكاشفي ، المتوفّى سنة « ٩١٠ » ه‍ ، وتاريخ تأليف الروضة هو سنة « ٨٤٧ » ه‍ ، وألّف كتابه هذا على منوال الروضة.

٢ ـ أشاد رحمه‌الله في كتابه هذا بالسلطان شاه إسماعيل الصفوي ، المولود سنة « ٨٩٢ » ه‍ ، وتسلّم السلطة سنة « ٩٠٦ » ه‍ ، وقاتل شيك خان الاوزبك سنة « ٩١٦ » ه‍ ، وتوفّي سنة « ٩٣٠ » ه‍.

٣ ـ لقد زار المؤلّف مرقد أمير المؤمنين عليه‌السلام في سنة « ٩٢١ » ه‍ (١).

٤ ـ كتب بعض قصائده وصرّح بأن عمره كان « ٧٠ » سنة (٢).

٥ ـ ألّف السجع النفيس عام ٩٥٥ ه‍.

٦ ـ صرّح بأنّه حصل على كتاب « تذكرة الفقهاء » للعلّامة الحلّي سنة « ٩٠٠ » ه‍.

ونستنتج من هذا انّه رحمه‌الله ولد في القرن التاسع وعاش إلى أواسط القرن العاشر.

__________________

١ ـ انظر ج ١ / ٢٣٠.

٢ ـ انظر ج ٢ / ٧٤ و ١٣٠.

١٧

حول الكتاب

سفر كبير ثمين جلّه في مقتل الإمام الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وثواب إظهار الجزع لمصابه ومصاب أهل بيته ، والبكاء لرزيّتهم والجلوس لعزيّتهم ، وحمل سبايا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبناته وأحفاده إلى الشام.

وقد قال مؤلّفه : إنّي بعد أن منّ الله عليَّ بمجاورة سبط نبيّه ... أطلق لساني بمدح رسوله المصطفى ، ووليّه المرتضى ، وأهل بيتهما الأئمة النجباء ... فصرتُ اُحلّي بذكرهم المنابر ، واُزيّن بشكرهم المحاضر ... فقلّ أن يمضي يوم من الأيام التي حباهم الله فيها بتفضيله ، ونوّه بذكرهم في محكم تنزيله ، إلا وقد وضعتُ خطبة في فضل ذلك اليوم الشريف ... كخطبة مولد البشير النذير ، وخطبة يوم الغدير وذيّلتها بأحاديث رائقة ... وخطبة يوم السادس من شهر ذي الحجّة الذي كان فيه تزويج البتول من صنو الرسول ، ويوم نزول سوة « هل أتى » وما في فضلهم أتى ، والمجلس المشهور ب‍ « تحفة الزوّار ومنحة الأبرار » وهو مجلس ذكرت فيه ثواب زيارة سيّد الشهداء وفضل كربلاء ، وكالتعزية الموسومة ب‍ « مجرية العبرة ومحزنة العترة » وهي خطبة يوم التاسع من المحرّم ، وكالمجلس المشهور ب‍ « قاطع أسباب النفاق وقامع أرباب الشقاق » وهو مجلس قلته بإذن الله في اليوم السادس والعشرين من ذي الحجّة .. وكالرسالة الموسومة ب‍ « السجع النفيس في محاورة الدلام وإبليس » وغير ذلك من رسائل وخطب وأشعار تحث على اقتناء الفضائل ...

وكان ذلك يشتمل على مائتي ورقة وأكثر ، أبهى من عقود اللآلئ وأبهر ...

١٨

ثم إنّي بعد ذلك عثرت على كتاب لبعض فصحاء اللغة الفارسيّة ، وفرسان البلاغة الأعجميّة (١) ... قد رتّبه على عشرة مجالس لقيام المآتم لمصاب الغرّ الميامين من بني هاشم شهداء كربلاء ... وجعلها خاصّة بالعشر الاُول من شهر محرّم الحرام ... وجعل لكلّ يومٍ من أيّامه مجلساً لقواعد الحزن والتعزية ...

فاستخرت الله سبحانه أن أنسخ على منواله في التصنيف والترتيب ، وأقتدي بأفعاله في التأليف والتهذيب ، واُزيّن مجالس أهل الايمان بمناقب سادتههم ومواليهم ، واُهيّج أحزان قلوب أهل العرفان من شيعتهم ومواليهم ، واُحلّي أجياد اللسان العربي بدرر نظمي ونثري ، واُجدّد معاهد الأشجان بنواضح بدائع فكري ، ورتّبته كترتيبه ، وبوّبته كتبويبه ، لكن لم أقصد ترجمة كلامه ، ولا سلكت مسلكه في نثاره ونظامه ، وجعلته عشرة مجالس ... ولم اُورد فيه من الأحاديث الا ما صحّحه علماؤنا ، ورجّحه أعلامنا ، ودوّنوه في كتبهم ، ونقلوه عن أئمّتهم (٢).

نسخة الكتاب :

هي النسخة النفيسة المخطوطة في مكتبة مدرسة النمازي في مدين « خوي » ـ من توابع محافظة تبريز ـ برقم ٤٥٩ مكتوبة بخطّ نسخ متوسّط ، وأخطاؤها ليست قليلة ، تقع في « ٥٨٥ » صفحة ، احتوت كلّ صفحة « ٢٢ » سطراً قياس الصفحة ١٧ * ٧٠ / ١١ سم ، سقط من وسطها سفحة واحدة أكلمناها من مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام للخوارزمي ـ وأشرنا له في

__________________

١ ـ مراده « روضة الشهداء » للمولى الكاشفي.

٢ ـ انظر ج ١ / ٦٧ ـ ٧٠.

١٩

محلّه ـ ، ومن آخرها أيضاً صفحة أو أكثر وهي من نثر المؤلّف ، فلذا توقّفنا في آخر الكتاب كما في النسخة. كتبت على النسخة بعض الحواشي بالفارسية وبالعربية.

وقد كتب على ظهر النسخة ـ وبنفس خطّ كاتب النسخة ـ ما هذا نصّه : كتاب « تسلية المجالس وزينة المجالس » تأليف السيد الحسيب النسيب ... الحسيني الموسوي الحائري أدام الله أوصاله.

فيفهم من هذا انّ النسخة مكتوبة في عصر المؤلّف ولعلّ كاتبها تلميذ المؤلّف أو شخص آخر (١).

تسمية الكتاب :

اُطلق على الكتاب عدّة تسميات ، وكما يلي :

١ ـ تسلية المُجَالس. (٢)

٢ ـ تسلية المُجَالس وزينة المَجَالس. (٣)

٣ ـ زينة المَجَالس. (٤)

٤ ـ مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام (٥).

وجميعها غير بعيد عن الصحيح ، وثانيها هو الأصح والأكمل ، وهو الذي

__________________

١ ـ قال الشيخ آغا بزرگ الطهراني : نسخة ـ أي من هذا الكتاب ـ عند الشيخ محمد رضا فرج الله. « الذريعة : ٢٢ / ٢٧ ».

٢ ـ بحار الأنوار : ١ / ٤٠ ، الذريعة : ٤ / ١٧٩ رقم ٨٨٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ١ / ٢١ ، كشف الحجب والأستار : ١٢١ رقم ٥٧٩ ، أعيان الشيعة ٩ / ٦٢ ، طبقات أعلام الشيعة ( القرن العاشر ) : ٢١٤.

٤ ـ الذريعة : ١٢ / ٩٤.

٥ ـ بحار الأنوار : ١ / ٢١ ، الذريعة : ٢٢ / ٢٧.

٢٠