السيد محسن بن عبد الكريم الأمين
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار التعارف للمطبوعات
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٦٨
فقال لي : يا عطيّة ، سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول : «مَن أحبّ قوماً حُشر معهم ومَن أحبّ عمل قوم اُشرك في عملهم». والذي بعث محمّداً (ص) بالحقّ ، إنّ نيّتي ونيّة أصحابي على ما مضى عليه الحسين (ع) وأصحابه. قال عطيّة : فبينما نحن كذلك وإذا بسواد قد طلع من ناحية الشام ، فقلت : يا جابر ، هذا سواد قد طلع من ناحية الشام. فقال جابر لعبده : انطلق إلى هذا السّواد واتنا بخبره ؛ فإنْ كانوا من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا لعلّنا نلجأ إلى ملجأ ، وإنْ كان زين العابدين فأنت حُرّ لوجه الله تعالى. قال : فمضى العبد فما كان بأسرع من أنْ رجع وهو يقول : يا جابر ، قُم واستقبل حرم رسول الله (ص) ، هذا زين العابدين (ع) قد جاء بعمّاته وأخواته. فقام جابر يمشي حافي الأقدام مكشوف الرأس إلى أنْ دنا من زين العابدين (ع) ، فقال الإمام : «أنت جابر؟». قال : نعم يابن رسول الله. فقال : «يا جابر ، هاهنا والله قُتلت رجالنا وذُبِحت أطفالنا ، وسُبيت نساؤنا وحُرقت خيامنا».
ولكَمْ مَررتُ بكربلا مُتمَثلاً |
|
شُهداءَها صَرعى على رَبواتِها |
فوقفْتُ واسْتوقَفتُ فيها عُصبةً |
|
وقَفوا نواظرَهُمْ على عبَراتِها |
المجلس التسعون
لمّا رجع علي بن الحسين عليهماالسلام بعمّاته وأخواته من الشام ، مرّوا على كربلاء ثمّ انفصلوا عنها طالبين المدينة. قال بشير بن جذلم : فلمّا قربنا منها ، نزل علي بن الحسين عليهماالسلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ، وقال : «يا بشير ، رحم الله أباك لقد كان شاعراً ، فهل تقدر على شيء منه؟». قلت : بلى يابن رسول الله ، إنّي لشاعر. قال : «فادخل المدينة وانعَ أبا عبد الله». قال بشير : فركبت فرسي وركضت حتّى دخلت المدينة ، فلمّا بلغت مسجد النّبي (ص) ، رفعت صَوتي بالبكاء وأنشأت أقول :
يا أهلَ يثربَ لا مُقامَ لكُمْ بها |
|
قُتل الحُسينُ فأدمُعي مِدرارُ |
الجسمُ منهُ بكربلاءَ مُضرّجٌ |
|
والرأسُ منهُ على القناةِ يُدارُ |
ثم قلت : يا أهل المدينة ، هذا علي بن الحسين عليهماالسلام مع عمّاته وأخواته قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم اُعرّفكم مكانه. قال : فما بقيت بالمدينة مخدّرة ولا محجّبة إلاّ برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن يدعين بالويل والثبور ، ولمْ يبقَ بالمدينة أحد إلاّ خرج وهم يضجّون بالبكاء ، فلم أرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول الله (ص) ، وسمعتُ جارية تنوح على الحسين (ع) وتقول :
نعَى سيّدي ناعٍ نَعاهُ فأوجَعا |
|
وأمرَضَني ناعٍ نَعاهُ فأفجَعا |
فعينَيَّ جُودا بالدموعِ وأسكبا |
|
وجُودا بدمعٍ بعدَ دمْعِكُما مَعا |
على مَنْ دهَى عرشَ الجليلِ فزَعْزعا |
|
فأصبحَ هذا المجدُ والدّينُ أجدَعا |
على ابن نبيِّ اللهِ وابنِ وصيِّهِ |
|
وإنْ كان عنَّا شاحطَ الدّارِ أشْسَعا |
ثم قالت : أيّها الناعي ، جدّدت حزننا بأبي عبد الله (ع) ، وخدشت منّا قروحاً لمّا
تندمل ، فمَن أنت رحمك الله؟ فقلت : أنا بشير بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسين عليهماالسلام وهو نازل بموضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله الحسين (ع) ونسائه. قال : فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتّى رجعت إليهم ، فوجدت النّاس قد أخذوا الطريق والمواضع ، فنزلت عن فرسي وتخطّأت رقاب النّاس حتّى قربت من باب الفسطاط ، وكان علي بن الحسين عليهماالسلام داخلاً فخرج ومعه خرقة يمسح بها دموعه وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة ، وارتفعت أصوات النّاس بالبكاء من كلّ ناحية يعزّونه ، فضجّت تلك البقعة ضجّة شديدة ، فأومأ بيده أنْ اسكتوا ، فسكنت فورتهم ، فقال.
«الحمد لله ربّ العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدّين بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعُد فارتفع في السّماوات العُلا وقَرُب فشهد النّجوى ، نحمده على عظائم الاُمور وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة. أيّها القوم ، إنّ الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الإسلام عظيمة ؛ قُتل أبو عبد الله وعترته ، وسُبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السّنان ، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة. أيّها النّاس ، فأيّ رجالات منكم يُسرّون بعد قتله؟! أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله؟! أم أيّ عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها؟! فلقد بكتْ السّبع الشّداد لقتله ، وبكتْ البحار بأمواجها ، والسّماوات بأركانها والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها والحيتان في لُجج البحار ، والملائكة المقرّبون وأهل السّماوات أجمعون. أيّها النّاس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟! أم أيّ سمع يسمع هذه الثّلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم؟! أيّها النّاس ، أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين شاسعين عن الأمصار من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إنْ هذا إلاّ اختلاق! والله ، لو أنّ النبي (ص) تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها ، وأكظّها وأفظعها ، وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وما بلغ بنا ، إنّه عزيز ذو انتقام». ثم دخل زين العابدين (ع) المدينة فرآها مُوحشة باكية ، ووجد ديار أهله خالية تنعى أهلها وتندب سكّانها.
مَررتُ على أبياتِ آلِ محمّدٍ |
|
فلَمْ أرَها أمثالَها يَوم حُلَّتِ |
فلا يُبعدُ الله الدّيارَ وأهلَها |
|
وإنْ أصبحتْ منهم برغم تخَلَّتِ |
المجلس الحادي والتسعون
قال الصادق (ع) : «البكّاؤون خمسة : آدم ، ويعقوب ، ويوسف ، وفاطمة بنت محمّد وعلي بن الحسين (ع) ؛ فأمّا آدم (ع) فبكى على الجنّة ؛ أمّا يعقوب فبكى على يوسف (ع) حتّى ذهب بصره ، وحتّى قيل له : تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ ؛ وأمّا يوسف فبكى على يعقوب (ع) حتّى تأذّى به أهل السّجن فقالوا : إمّا أنْ تبكي بالنّهار وتسكت بالليل ، وإمّا أنْ تبكي بالليل وتسكت بالنّهار ، فصالحهم على واحد منهما ؛ وأمّا فاطمة بنت محمّد (ص) فبكت على رسول الله (ص) حتّى تأذّى بها أهل المدينة ، وقالوا لها : قد آذيتنا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء فتبكي حتّى تقضي حاجتها ثمّ تنصرف ؛ وأمّا علي بن الحسين (ع) فبكى على أبيه الحسين أربعين سنة ، وما وُضع بين يدَيه طعام إلاّ بكى حتّى قال له مولىً له : جُعلت فداك يابن رسول الله إنّي أخاف عليك أنْ تكون من الهالكين. قال : إنّما أشكو بثّي وحُزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة».
وعن الصادق (ع) أنّه بكى على أبيه الحسين (ع) أربعين سنة صائماً نهاره قائماً ليله ، فإذا حضره الإفطار جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يدَيه ، فيقول : «قُتل ابن رسول الله جائعاً ، قُتل ابن رسول الله عطشان». فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّى يبل طعامه من دموعه ثمّ يمزج شرابه بدموعه ، فلم يزل كذلك حتّى لحق بالله عزّ وجل.
وفي رواية : أنّه كان إذا حضر الطعام لإفطاره ، ذكر قتلاه وقال : «وآ كربلاء!» يُكرّر ذلك ويقول : «قُتل ابن رسول الله جائعاً ، قُتل ابن رسول الله عطشان» حتّى يبل بالدموع ثيابه. وحدّث مولى له : أنّه برز يوماً إلى الصحراء ، قال : فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه ، وأحصيت عليه ألف مرّة وهو يقول : «لا
إله إلاّ الله حقّاً حقّاً ، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً ، لا إله إلاّ الله إيماناً وصدقاً». ثمّ رفع رأسه من سجوده وإذا لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه ، فقلت : يا سيّدي ، أما آن لحزنك أنْ ينقضي ولبكائك أنْ يقل؟ فقال لي : «ويحك! إنّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبيّاً ابن نبي ، له اثنا عشر ابناً ، فغيّب الله واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن ، واحدودب ظهره من الغمّ ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدّنيا! وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقلّ بكائي؟!».
هذى المصائب لامصائب آل يعقوب |
|
وان صاع الهوى المامها |
لقد تحمل من ارزائها محنا |
|
لم يحتملها نبي أو وصي نبي |
المجلس الثاني والتسعون
لمّا قُتل الحسين (ع) ، أتى عبد الله بن الزّبير فدعا ابن عبّاس إلى بيعته فامتنع ابن عبّاس ، وظنّ يزيد أنّ امتناع ابن عبّاس تمسّك منه ببيعته ، فكتب إليه : أمّا بعد ، فقد بلغني أنّ الملحد ابن الزّبير دعاك إلى بيعته والدخول في طاعته لتكون له على الباطل ظهيراً وفي المآثم شريكاً ، وأنّك اعتصمت ببيعتنا وفاءً منك لنا وطاعة لله لما عرَّفك من حقِّنا ، فجزاك الله عن ذي رحم خير ما يجزي الواصلين لأرحامهم ، الموفين بعهودهم ، فما أنسَ من الأشياء فلست بناسٍ بِرّك وتعجيل صلتك بالذي أنت له أهل من القرابة من الرّسول ، فانظر مَن طلع عليك من الآفاق ممَّن سحرهم ابن الزّبير بلسانه وزُخرف قوله ، فأعلمهم برأيك ؛ فإنّهم منك أسمع ولك أطوع ، والسّلام. فكتب إليه ابن عبّاس : أمّا بعد ، فقد جاءني كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزّبير إيّاي إلى بيعته والدخول في طاعته ، فإنْ يكن ذلك كذلك ، فإنّي والله ما أرجو بذلك برّك ولا حمدك ، ولكنّ الله بالذي أنوي به عليم. وزعمت أنّك غير ناسٍ برّي وتعجيل صلتي ، فاحبس أيّها الإنسان برّك وتعجيل صلتك فإنّي حابس عنك ودّي ، فلَعمري ما تؤتينا ممّا لنا قِبلك من حقِّنا إلاّ اليسير ، وأنّك لتحبس عنّا منه العريض الطويل. وسألت أنْ أحثّ النّاس إليك وأنْ اُخذّلهم عن ابن الزّبير ، فلا ولاء ولا سرور ولا حباء ، إنّك تسألني نصرتك وتحثّني على ودّك وقد قتلت حسيناً (ع) وفتيان عبد المطّلب مصابيح الهدى ونجوم الأعلام ، غادرتْهم خيولك بأمرك في صعيد واحد مرمّلين بالدّماء ، مسلوبين بالعراء ، لا مكفّنين ولا موسّدين ، تسفي عليهم الرياح وتنتابهم عرج الضّباع حتّى أتاح الله بقوم لم يشركوا في دمائهم كفّنوهم وأجنوهم ، وجلست مجلسك الذي جلست! فما أنسى من الأشياء فلستُ بناسٍ طرادك حسيناً (ع) من حرم رسول الله (ص) إلى حرم الله وتسييرك إليه الرجال لتقتله في الحرم ، فما زلتَ بذلك وعلى ذلك حتّى أشخصته من مكّة إلى العراق ، فخرج خائفاً يترقّب ، فزلزلت به خيلك ؛ عداوةً منك لله ولرسوله ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً
اُولئك لا كآبائك الجلاّف الجفاة أشباه الحمير. فطلب إليكم الحسين (ع) الموادعة وسألكم الرّجعة ، فاغتنمتم قلّة أنصاره واستئصال أهل بيته ، فتعاونتم عليه كأنّكم قتلتم أهل بيت من الترك ، فلا شيء أعجب عندي من طلبتك وُدّي وقد قتلتَ ولد أبي وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثأري! وإنشاء الله لا يبطل لديك دمي ولا تسبقني بثأري ، وإنْ سبقتني في الدّنيا فقبل ذلك ما قُتل النبيّون وآل النبيّين فيطلب الله بدمائهم ، فكفى بالله للمظلومين ناصراً ومن الظالمين منتقماً. ألا وإنّ من أعجب الأعاجيب ، وما عسى أنْ أعجب ، حملك بنات عبد المطّلب وأطفالاً صغاراً من ولده إليك بالشام كالسبي المجلوب ، تُري النّاس أنّك قهرتنا ، وأنت تمنّ علينا وبنا مَنّ الله عليك! ولعمر الله ، فلئن كنت تصبح آمناً من جراحة يدي إنّي لأرجو أنْ يعظّم الله جرحك من لساني ونقضي وإبرامي. والله ، ما أنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول الله (ص) أنْ يأخذك أخذاً أليماً ، ويُخرجك من الدّنيا مذموماً مدحوراً ، فعش لا أباً لك ما استطعت ، فقد والله أرداك ما اقترفت ، والسّلام على من اتّبع الهدى.
فلمّا وصل الكتاب إلى يزيد ، غضب غضباً شديداً وهمّ أنْ يقتل ابن عبّاس ، ولكن شغلته عنه قضيّة ابن الزّبير ، ثمّ أخذه الله أخذ عزيز مقتدر.
نصرتَ ابنُ عبّاسٍ حسينَ بنَ فاطمٍ |
|
بحدِّ لسانٍ ما عنْ السّيفِ يَنقصُ |
دعتْكَ إليه شِيمةٌ هاشميّةٌ |
|
فحقّاً لأنتَ الهاشميُّ المُخلَصُ |
المجلس الثالث والتسعون
روى الشيخ الطوسي رحمه الله في الأمالي قال : بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السّواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين (ع) ، فيصير إلى قبره منهم خلق كثير ، فأنفذ قائداً من قوّاده وضمّ إليه جنداً كثيفاً ليحرث قبر الحسين (ع) ويمنع النّاس من زيارته والاجتماع إلى قبره. فخرج القائد إلى الطفّ وعمل بما أمر ، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومئتين ، فثار أهل السّواد به واجتمعوا عليه وقالوا : لو قُتلنا عن آخرنا لما أمسك مَن بقي منّا عن زيارته ، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا ، فكتب بالأمر إلى الحضرة ، فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة مظهراً أنّ ذلك في مصالح أهلها. فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة مئتين وسبع وأربعين ، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير النّاس من أهل السّواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين (ع) ، وأنّه قد كثر جمعهم لذلك وصار لهم شوق كثير ، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند ، وأمر منادياً ينادي : أنْ برئت الذمّة ممَّن زار قبر الحسين (ع) ، وأمر بنبش القبر وحرث أرضه ، وانقطع النّاس عن الزيارة.
ما كفى ما فعلته بنو اُميّة من قتل الحسين (ع) وأهل بيته وأنصاره ، ورضّ جسده الشريف ، وسبي نسائه وذراريه من بلد إلى بلد ، وحمل رأسه ورؤوس أصحابه فوق الرماح حتّى جاءت بنو العبّاس فبنت على ما أسّسته بنو اُميّة وزادت عليه ، ورامت أنْ تدرس قبر الحسين (ع) وتعفي أثره ، وتمنع النّاس من زيارته! (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاّ أَن يُتِمّ نُورَهُ).
بنَى لهمُ الماضُونَ آساسَ هذهِ |
|
فعلَوا على آساسِ تلك القواعدِ |
ألا ليسَ فعلُ الأولينَ وإنْ عَلا |
|
على قُبحِ فعلِ الآخرينَ بزائدِ |
وكان بعض المحبّين قد حضر لزيارة الحسين (ع) حين أمر المتوكّل بحرث القبر الشريف ، فلم تمكنه الزيارة ، فتوجّه نحو بغداد وهو يقول :
تاللهِ إنْ كانت اُميّةُ قدْ أتتْ |
|
قَتلَ ابنِ بنتِ نبيِّها مظلُوما |
فلقدْ أتاكَ بنو أبيهِ بمثلِها |
|
هذا لَعمركَ قبرُهُ مهدُوما |
أسِفوا على أنْ لا يكونوا شايَعوا |
|
في قتلِهِ فتتبَّعُوهُ رَميْما |
تَتبَّعوكُمْ ورامُوا محوَ فضلِكُمُ |
|
وخيَّبَ اللهُ مَن في ذلكُمْ طَمعا |
أنَّى وفي الصلواتِ الخمسِ ذكركُمُ |
|
لدى التشهد للتوحيد قد شفعا |
المجلس الرابع والتسعون
روي عن الصادق (ع) أنّه قال : «ما اكتحلت هاشميّة ولا اختضبت ، ولا رئي في دار هاشمي دخان خمس سنين حتّى قُتل عبيد الله بن زياد». وعن فاطمة بنت علي أمير المؤمنين عليها وعلى أبيها السّلام أنّها قالت : ما تحنّأت امرأة منّا ، ولا أجالت في عينها مروداً ، ولا امتشطت حتّى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد. ولمّا قتل ابراهيمُ بن مالك الأشتر عبيد الله بن زياد ، بعث برأسه ورؤوس قوّاده ـ وفيها رأس الحُصين بن تميم ـ إلى المختار بالكوفة ، فقدموا عليه وهو يتغدّى فحمد الله على الظفر ، فلمّا فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله ، ثمّ رمى بها إلى غلامه وقال : اغسلها ، فإنّي وضعتها على وجه بَحسٍ كافر. ووُضعت الرؤوس في المكان الذي وضع فيه رأس الحسين (ع) ورؤوس أصحابه ، ونصب المختار رأس ابن زياد في المكان الذي نصب فيه رأس الحسين (ع). وروى ابن الأثير في الكامل عن الترمذي في جامعه : أنّه لمّا وُضع رأس ابن زياد أمام المختار ، جاءت حيّة دقيقة فتخلّلت الرؤوس حتّى دخلت في فم عبيد الله بن زياد ثمّ خرجت من منخره ، ودخلت في منخره وخرجت من فيه ، فعلت هذا مراراً ، ثمّ بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين عليهماالسلام وكان يومئذ بمكّة ، فاُدخل عليه وهو يتغدّى ، فسجد شكراً لله ، وقال : «الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من عدوّي ، وجزى الله المختار خيراً. اُدخلت على ابن زياد وهو يتغدّى ، ورأس أبي بين يدَيه ، فقلتُ : اللهمَّ ، لا تُمتني حتّى تريني رأس ابن زياد». وكان قتل ابن زياد وأشياعه في يوم عاشوراء ، في اليوم الذي قُتل فيه الحسين (ع) ، ولمْ يُقتل من أهل الشام بعد وقعة صفين مثلما قُتل في هذه الوقعة ؛ قُتل منهم سبعون ألفاً.
أيا ابنَ زيادٍ بُؤ بما قدْ جنيتهُ |
|
وذُقْ حدَّ ماضي الشّفرتينِ صَقيلِ |
جزى اللهُ خيراً شرطةَ اللهِ إنّهُمْ |
|
شفَوا بعُبيدِ اللهِ كلَّ غليلِ |
المجلس الخامس والتسعون
روى الشيخ الطوسي في الأمالي بإسناده عن المنهال بن عمرو ، قال : دخلت على علي بن الحسين عليهماالسلام منصرفي من مكّة ، فقال : «يا منهال ، ما صنع حرملة بن كاهلة؟». فقلت : تركته حيّاً بالكوفة. فرفع يدَيه جميعاً ثمّ قال : «اللهمَّ ، أذقه حرّ الحديد. اللهمَّ ، أذقه حرّ النّار». فقدمت الكوفة وقد ظهر المختار بن عبيدة الثقفي ، وكان لي صديقاً ، فكنت في منزلي أياماً حتّى انقطع النّاس عنّي وركبت إليه فلقيته خارجاً من داره ، فقال : يا منهال ، لمْ تأتنا في ولايتنا هذه ، ولم تهنّئناها ، ولمْ تشركنا فيها! فأعلمته أنّي كنت بمكّة وأنّي قد جئت الآن. وسايرته ونحن نتحدث حتّى أتى الكناس (وهي الساحة التي يجتمع فيها النّاس بالكوفة) فوقف كأنّه ينتظر شيئاً ، وقد كان اُخبر بمكان حرملة بن كاهلة فوجّه في طلبه ، فلمْ يلبث أنْ جاء قوم يركضون وقوم يشتدّون حتّى قالوا : أيّها الأمير البشارة ، قد اُخذ حرملة بن كاهلة. فما لبثنا أنْ جيء به ، فلمّا نظر إليه قال لحرملة : الحمد لله الذي أمكنني منك. ثمّ قال : الجزّار الجزّار. فاُتي بجزّار ، فقال له : اقطع يدَيه. فقُطعتا ، ثمّ قال : النّار النّار. فاُتي بنار وقصب فاُلقي إليه فأشعل فيه النّار ، فقلت : سبحان الله! فقال لي : يا منهال ، إنّ التسبيح لحسن ، ففيم سبّحت؟ فقلت : أيّها الأمير ، دخلت في سفرتي هذه منصرفي من مكّة على علي بن الحسين عليهماالسلام ، فقال لي : «يا منهال ، ما فعل حرملة بن كاهلة الأسدي؟». فقلت : تركته حيّاً بالكوفة. فرفع يدَيه جميعاً فقال : «اللهمَّ ، أذقه حرّ الحديد. اللهمَّ ، أذقه حرّ النّار». فقال لي : أسمعت علي بن الحسين يقول هذا؟ فقلت : والله ، لقد سمعته. قال : فنزل عن دابّته وصلّى ركعتين فأطال السجود ثمّ قام فركب ، وقد احترق حرملة. وركبت معه وسرنا ، فحاذيت داري فقلت : أيّها الأمير ، إنْ رأيت أنْ تشرّفني وتكرمني وتنزل عندي وتحرم بطعامي. فقال : يا منهال ، تُعلمني أنّ علي بن الحسين عليهماالسلام دعا بأربع دعوات فأجابه الله على يدَي ، ثمّ تأمرني أنْ كلّ؟! هذا يوم صوم شكراً لله عزّ وجلّ على ما فعلته بتوفيقه. وحرملة هذا رمى يوم الطفّ ثلاثة من آل بيت الرسول (ص) ؛ أحدهم أبو بكر بن
الحسن ، فإنّه خرج إلى الحرب وقاتل حتّى قُتل ، رماه حرملة هذا بسهم فقتله ، والثاني عبد الله الرضيع ، وذلك لمّا أخذه أبوه الحسين (ع) وأجلسه في حجره وأومأ إليه ليقبّله ، فرماه حرملة بن كاهلة بسهم فوقع في نحره فذبحه ، فقال (ع) لزينب : «خذيه». ثمّ تلقّى الدم بكفّيه ، فلمّا امتلأتا رمى بالدم نحو السماء ، ثمّ قال : «هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله». والثالث عبد الله بن الحسن ، فإنّه خرج من عند النّساء وهو غلام ، فلحقته زينب وامتنع امتناعاً شديداً ، وجاء يشتد إلى عمّه الحسين (ع) حتّى وقف إلى جنبه وقال : لا اُفارق عمّي. فأهوى بحر بن كعب إلى الحسين (ع) بالسيف ، فقال الغلام : ويلك يابن الخبيثة! أتقتل عمّي؟! فضربه بحر بالسيف فاتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى الجلد فإذا هي معلّقة ، فنادى الغلام : يا عمّاه! ـ أو يا اُمّاه! ـ فأخذه الحسين (ع) فضمّه إلى صدره وقال : «يابن أخي ، اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين ؛ برسول الله وعلي وحمزة وجعفر والحسن صلّى الله عليهم أجمعين». فرماه حرملة بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه ، فرفع الحسين (ع) يدَيه وقال : «اللهمَّ ، امسك عنهم قطر السّماء ، وامنعهم بركات الأرض. اللهمَّ ، فإنْ متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم فرقاً واجعلهم طرائق قدداً ولا ترض الولاة منهم أبداً ؛ فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا فقتلونا».
هَبُوا أنّكُمْ قاتلتمُ فقتلتُمُ |
|
فما بالُ أطفال تُقاسي نبالَها |
وليكن هذا آخر الجزء الأول من كتاب المجالسُ السَّنيّة في ذكرى مناقب ومصائب العترة النبويّة ، ويليه الجزء الثاني.
ووافق الفراغ منه أولاً ضحى يوم السبت الثاني عشر من شهر ذي القعدة الحرام ، عام ألف وثلاثمئة واثنين وأربعين من الهجرة بمدينة دمشق الشام ، صانها الله تعالى عن طوارق الحدثان. ووافق الفراغ من إعادة النظر فيه ثانياً ، عند إرادة تمثيله للطبع للمرّة الثانية وتغيير بعض ترتيبه والزيادة عليه والإنقاص منه ، ضحى يوم الجمعة الخامس عشر من شهر ذي الحجّة الحرام عام الف وثلثمئة وخمسين من الهجرة بقرية شقراء من جبل عامل ، حماه الله من الغوائل. ووافق الفراغ من إعادة النظر فيه ثالثاً ، عند إرادة تمثيله للطبع هذه المرّة ، في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان المبارك عام ١٣٦٤ من الهجرة بمنزلي في دمشق الشام ، وقاها الله من حوادث الأيام ، في شارع الأمين حماه الله من كلّ ما يضرّ ويشين. وكتب بيده الفانية مؤلّفه
الفقير إلى عفو ربّه الغني محسن ابن المرحوم السيّد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي ، نزيل دمشق ، تجاوز الله عن سيّئاته حامداً مصلّياً مسلّماً.
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين. وبعد : فهذا هو الجزء الثّاني من كتاب المجالس السَّنيّة في مناقب ومصائب العترة النبويّة ، تأليف أفقر العباد إلى عفو ربّه الغني محسن ابن المرحوم السيّد عبد الكريم الأمين الحسيني العاملي ، نزيل دمشق الشّام ، عفا الله تعالى عن سيئاته وحشره مع محمّد وآله الطّاهرين صلوات الله عليهم. وحيث قد نفدت الطّبعة الأولى من هذا الجزء ، فها نحن نُمثله للطبع ثانياً مع زيادات في هذه الطّبعة ، وتغيير في التّرتيب إلى ما هو أحسن وأنسب ، والله المسؤول أنْ يكون عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم ، وعليه نتوكل وبه نستعين.
المجلس السّادس والتّسعون
قال الله تعالى في سورة الشّورى : (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى): أي قُل لهم يا محمّد ، لا أسألكُم على تبليغ الرّسالة وتعليم الشّريعة أجراً ، إلاّ أنْ تودّوا قرابتي وعترتي ، وتحفظوني فيهم. وعن ابن عباس قال : لمّا نزلت : (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى) ، قال النّاس : يا رسول الله ، مَنْ هؤلاء الذّين أمرنا الله بمودّتهم؟ قال : «عليّ وفاطمة وولدهما». قال علي (ع) : «فينا في آلِ حم آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كُلّ مؤمن». ثُمّ قرأ هذه الآية. وإلى هذا أشار الكُميت رحمه الله في قوله.
وجدنا لكمْ في آل حمَ آيةً |
|
تأوّلها منّا تقيٌ ومعربُ |
وقال الأعسم رحمه الله :
لهفي لمَن ودّهم أجر الرّسالة لمْ |
|
يروا سرى علم الشّحناء منشورا |
وقال المؤلّف :
أنتمْ ولاة الورى حقّاً وحُبُكمْ |
|
فرضٌ أكيدٌ بنص الذّكر قد وجبا |
وقال بعض الشّعراء :
أيّها المؤمن الذي طاب فرعاً |
|
وزكا منه أصلُهُ وتمسكْ |
طبْ بدين النّبي نفساً وإنْ خفتَ |
|
من النّار في غدٍ أنْ تمسكْ |
فاستجر من لَظى بعليٍّ |
|
وبنيهِ وبالبتول تمسكْ |
خطب النّبي (ص) يوماً فقال : «أيّها النّاس ، إنّي خلّفتُ فيكم الثّقلين ؛ كتابَ الله وعترتي أهل بيتي واُرومتي ، ومزاجَ مائي وثمرتي ، لن يفترقا حتّى يَرِدا عليّ الحوض ، وإنّي
لا أسألُكم في ذلك إلاّ ما أمرني ربّي أنْ أسألُكم المودّة في القُربى ، فانظروا أنْ لا تلقوني غداً على الحوض ، وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم». فليتك يا رسول الله تنظر إلى آلك وعترتك الذين جعل الله ودّهُم أجر رسالتك ما جرى عليهم من بعدك ؛ أمّا أخوك وابن عمِّك أمير المؤمنين فقد نازعوه حقّه وحاربوه ، وكانت خاتمة عملهم أنْ قتلوه وهو يُصلّي في محرابه ؛ وأمّا بضعتُك الزّهراء فقد خرجت من الدُنيا وهي ناحلة الجسم مُعصبة الرأس حزينة باكية ؛ وأمّا ولدك الحسن فقد جرّعوه الغصص ونازعوه حقّه كما نازعوا أباه من قبله وتتبّعوا شيعته ومحبيه ، تارة يقتلونهم ، وتارة ينفونهم من الأرض ، وتارة ينهبون أموالهم ويهدمون دورهم حتّى قتلوه مسموماً ومنعوا من دفنه عندك. وأمّا ولدك الحسين فقد دعاه أهل الكوفة لينصروه ، ثمّ خذلوه وحاربوه بأمر يزيد وابن زياد حتّى قتلوه ، ومن شرب الماء منعوه ، وبجرد الخيل داسوا جسمه ورضّوه ، وعلى سنان الرّمح رفعوا رأسه وحملوه ، وأصبحَ جميع أهل بيتك يا رسول الله ، الذّين أكدت الوصاية بهم ، مقهورين ، مغصوبة حقوقهم مقتولين ، مُشردين عن أوطانِهم.
تركوهم شتّى مصا |
|
ئبهمْ وأجمعهم فظيعهْ |
فمغيّبٌ كالبدرِ تر |
|
تقبُ الورى شوقاً طلوعهْ |
ومكابدٌ للسمّ قد |
|
سُقيتْ حشاشته نقيعهْ |
ومُضرّجٌ بالسّيفِ آ |
|
ثر عزّه وأبى خضوعهْ |
فقضى كما اشتهت الحمية |
|
تشكر الهيجا صنيعهْ |
ومُصفّدٌ لله سلم |
|
ومُصفّدٌ لله سلم |
وسبيةٌ باتت بأفعى |
|
الهمّ مهجتها لسيعهْ |
سُلبت وما سُلبت محا |
|
مد عِزّها الغُرّ البديعهْ |
وتركوهم يا رسول الله شتّى مصارعهم :
بعضٌ بطيبة مدفونٌ وبعضُهمُ |
|
بكربلاءَ وبعضٌ بالغريينِ |
وأرضُ طوسٍ وسامرا وقد ضَمنتْ |
|
بغدادُ بدرين حلاّ وسط قبرينِ |
ولله درّ القائل :
حُفَرٌ بطيبة والغري وكربلا |
|
وبطوس والزّورا وسامراءِ |
ما جئتهمْ في حاجة إلاّ انقضتْ |
|
وتبدّل الضّراءُ بالسّرّاءِ |
وقال دعبل الخُراعي رحمه الله تعالى :
قبورٌ بكوفانٍ وأُخرى بطيبة |
|
وأُخرى بفخٍ نالها صلواتي |
قبورٌ بجنبِ النّهر من أرض كربلا |
|
مُعرّسهُمْ فيها بشطِّ فُراتِ |
تُوفّوا عُطاشى بالفُراتِ فليتني |
|
توفيت فيهم قَبل حين وفاتي |
وقبرٌ ببغداد لنفسٍ زكيّةٍ |
|
تَضمّنها الرّحمنُ في الغُرفاتِ |
المؤلّف :
لئِن تَكُن أصبَحت شتّى قبورهمُ |
|
فكلّها في سواد القلب مجموعُ |
كمْ حاولت طمسها الأعداءُ جاهدةً |
|
وقدرها فوق هام النّجمِ مرفوعُ |