أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

الشيخ حسن الجواهري

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

المؤلف:

الشيخ حسن الجواهري


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: منشورات الإجتهاد
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-91259-0-9
الصفحات: ٢٢٣

بوجه خاص ، حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات ، وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية.

٣ ـ تتّفق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي يكون لها أثر قانوني يستهدف الحدّ من الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.

٤ ـ تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلّق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص ، وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.

المادة ١٦

١ ـ تتّخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الأُمور المتعلّقة بالزواج والعلاقات العائلية ، وبوجه خاص تضمن ، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة :

(أ) نفس الحق في عقد الزواج.

(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج ، وفي عدم عقد الزواج إلاّ برضاها الحر الكامل.

(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.

(د) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين ، بغض النظر عن حالتهما الزوجية ، في الأُمور المتعلّقة بأطفالهما ، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

(هـ) نفس الحقوق في أن تقرر ، بحرية وبإدراك للنتائج ، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه ، وفي الحصول على معلومات التثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.

(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلّق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنّيهم ، أو ما شابه ذلك من الأعراف ، حين توجد هذه المفاهيم في

٢٠١

التشريع الوطني ، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول.

(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأُسرة والمهنة ونوع العمل.

(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلّق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتّع بها والتصرّف فيها ، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.

٢ ـ لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أيّ أثر قانوني وتتّخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها ، لتحديد سن أدنى للزواج ، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً.

الجزء الخامس

المادة ١٧

١ ـ من أجل دراسة التقدّم المحرز في تنفيذ هذه الاتفاقية ، تنشأ لجنة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة (يشار إليها فيما يلي باسم اللجنة) تتألّف ، عند بدء نفاذ الاتفاقية ، من ثمانية عشر خبيراً ، وبعد تصديق الدولة الطرف الخامسة والثلاثون عليها أو انضمامها إليها من ثلاثة وعشرين خبيراً من ذوي المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة العالية في الميدان الذي تنطبق عليه هذه الاتفاقية ، تنتخبهم الدول الأطراف من بين مواطنيها ، ويعملون بصفتهم الشخصية ، مع إيلاء الاعتبار لمبدأ التوزيع الجغرافي العادل ، ولتمثيل مختلف الأشكال الحضارية ، وكذلك النظم القانونية الرئيسية.

٢ ـ ينتخب أعضاء اللجنة بالاقتراع السري من قائمة أشخاص ترشحهم الدول الأطراف ، ولكل دولة طرف أن ترشح شخصاً واحداً من بين مواطنيها.

٣ ـ يجري الانتخاب الأوّل بعد ستة أشهر من تاريخ بدء نفاد هذه الاتفاقية. وقبل

٢٠٢

ثلاثة أشهر على الأقل من تاريخ كل انتخاب يوجّه الأمين العام للأمُم المتحدة رسالة إلى الدول الأطراف يدعوها فيها إلى تقديم ترشيحاتها في غضون شهرين. ويعدّ الأمين العام قائمة ألفبائية بجميع الأشخاص المرشّحين على هذا النحو ، مع ذكر الدولة الطرف التي رشّحت كّلاًمنهم ، ويبلّغها إلى الدول الأطراف.

٤ ـ تجري انتخابات أعضاء اللجنة في اجتماع للدول الأطراف يدعو إليه الأمين العام في مقرّ الأُمم المتحدة. وفي ذلك الاجتماع ، الذي يشكّل اشتراك ثلثي الدول الأطراف فيه نصاباً قانونياً له يكون الأشخاص المنتخبون لعضوية اللجنة هم المرشّحون الذين يحصلون على أكبر عدد من الأصوات وعلى أكثرية مطلقة من أصوات ممثلي الدول الأطراف الحاضرين والمصوّتين.

٥ ـ ينتخب أعضاء اللجنة لفترة مدّتها أربع سنوات. غير أنّ فترة تسعة من الأعضاء المنتخبين في الانتخاب الأول تنقضي في نهاية فترة سنتين ، ويقوم رئيس اللجنة ، بعد الانتخاب الأول فوراً ، باختيار أسماء هؤلاء الأعضاء التسعة بالقرعة.

٦ ـ يجرى انتخاب أعضاء اللجنة الإضافيين الخمسة وفقاً لأحكام الفقرات ٤ ، ٣ ، ٢ ، من هذه المادة بعد التصديق أو الانضمام الخامس والثلاثين. وتنتهي ولاية اثنين من الأعضاء الإضافيين المنتخبين بهذه المناسبة في نهاية فترة سنتين ويتمّ اختيار إسميهما بالقرعة من قبل رئيس اللجنة.

٧ ـ لملء الشواغر الطارئة ، تقوم الدولة الطرف التي كفّ خبيرها عن العمل كعضو في اللجنة بتعيين خبير آخر من بين مواطنيها ، رهناً بموافقة اللجنة.

٨ ـ يتلقّى أعضاء اللجنة ، بموافقة الجمعية العامة ، مكافآت تدفع من موارد الأُمم المتحدة بالأحكام والشروط التي تحدّدها الجمعية ، مع إيلاء الاعتبار لأهمية المسؤوليات المنوطة باللجنة.

٩ ـ يوفّر الأمين العام للأُمم المتحدة ما يلزم اللجنة من موظفين ومرافق للاضطلاع بصورة فعّالة بالوظائف المنوطة بها بموجب هذه الاتفاقية.

٢٠٣

المادة ١٨

١ ـ تتعّهد الدول الأطراف بأن تقدّم إلى الأمين العام للأُمم المتحدة ، تقريراً عمّا اتّخذته من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها من أجل إنفاذ هذه الاتفاقية. وعن التقدّم المحرز في هذا الصدد ، كيما تنظر اللجنة في هذا التقرير ، وذلك :

(أ) في غضون سنة واحدة من بدء النفاذ بالنسبة للدولة المعنيّة.

(ب) وبعد ذلك كل أربع سنوات على الأقل ، وكذلك كلّما طلبت اللجنة ذلك.

٢ ـ يجوز أن تبيّن التقارير العوامل والصعاب التي تؤثّر على مدى الوفاء بالالتزامات المقرّرة في هذه الاتفاقية.

المادة ١٩

١ ـ تعتمد اللجنة النظام الداخلي الخاص بها.

٢ ـ تنتخب اللجنة أعضاء مكتبها لفترة سنتين.

المادة ٢٠

١ ـ تجتمع اللجنة ـ عادة ـ مدى فترة لا تزيد على أسبوعين سنوياً للنظر في التقارير المقدّمة وفقاً للمادة ١٨ من هذه الاتفاقية.

٢ ـ تعقد اجتماعات اللجنة ـ عادة ـ في مقر الأُمم المتحدة أو في أىّ مكان مناسب آخر تحدّده اللجنة.

المادة ٢١

١ ـ تقدّم اللجنة تقريراً سنوياً عن أعمالها إلى الجمعية العامة للأُمم المتحدة بواسطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي ، ولها أن تقدّم مقترحات وتوصيات عامّة مبنّية على دراسة التقارير والمعلومات الواردة من الدول الأطراف وتدرج تلك

٢٠٤

المقترحات والتوصيات العامة في تقرير اللجنة مشفوعة بتعليقات الدول الأطراف ، إن وجدت.

٢ ـ يحيل الأمين العام تقارير اللجنة إلى لجنة مركز المرأة ، لغرض إعلامها.

المادة ٢٢

يحقّ للوكالات المتخصّصة أن توفد من يمثّلها لدى النظر في تنفيذ ما يقع في نطاق أعمالها.

الجزء السادس

المادة ٢٣

ليس في هذه الاتفاقية ما يمسّ أيّة أحكام تكون أكثر مواتاة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة تكون واردة :

(أ) في تشريعات دولة طرف مّا.

(ب) أو في أيّة اتفاقية أو معاهدة أو اتفاق دولي نافذ إزاء تلك الدولة.

المادة ٢٤

تتعهّد الدول الأطراف باتخاذ جميع ما يلزم من تدابير على الصعيد الوطني تستهدف تحقيق الإعمال الكامل للحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية.

المادة ٢٥

١ ـ يكون التوقيع على هذه الاتفاقية متاحاً لجميع الدول.

٢ ـ يسمّى الأمين العام للأمم المتحدة وديعاً لهذه الاتفاقية.

٣ ـ تخضع هذه الاتفاقية للتصديق ، وتودع صكوك التصديق لدى الأمين العام

٢٠٥

للأُمم المتحدة.

٤ ـ يكون الانضمام إلى هذه الاتفاقية متاحاً لجميع الدول ، ويقع الانضمام بإيداع صك انضمام لدى الأمين العام للأُمم المتحدة.

المادة ٢٦

١ ـ لأيّة دولة طرف ، في أيّ وقت أن تطلب إعادة النظر في هذه الاتفاقية ، وذلك عن طريق إشعار خطّي يوجّه إلى الأمين العام للأُمم المتحدة.

٢ ـ تقرّر الجمعية العامة للأُمم المتحدة الخطوات التي تتّخذ ، عند اللزوم ، إزاء مثل هذا الطلب.

المادة ٢٧

١ ـ يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية في اليوم الثلاثين الذي يلي تاريخ إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين لدى الأمين العام للأُمم المتحدة.

٢ ـ أمّا الدول التي تصدّق هذه الاتفاقية أو تنضمّ إليها بعد إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين فيبدأ نفاذ الاتفاقية إزاءها في اليوم الثلاثين الذي يلي تاريخ إيداع هذه الدولة صك تصديقها أو انضمامها.

المادة ٢٨

١ ـ يتلقّى الأمين العام للأُمم المتحدة نصّ التحفّظات التي تبديها الدول وقت التصديق أو الانضمام ، ويقوم بتعميمها على جميع الدول.

٢ ـ لا يجوز إبداء أيّ تحفّظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.

٣ ـ يجوز سحب التحفّظات في أيّ وقت بتوجيه إشعار بهذا المعنى إلى الأمين العام للأُمم المتحدة ، الذي يقوم عندئذ بإبلاغ جميع الدول به.

٢٠٦

ويصبح هذا الإشعار نافذ المفعول إعتباراً من تاريخ تلقّيه.

المادة ٢٩

١ ـ يعرض للتحكيم أيّ خلاف بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية لا يسوّى عن طريق المفاوضات ، وذلك بناءً على طلب واحدة من هذه الدول فإذا لم يتمكّن الأطراف ، خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم ، من الوصول إلى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم ، جاز لأيّ من أولئك الأطراف إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدّم وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة.

٢ ـ لأيّة دولة طرف أن تعلن ، لدى توقيع هذه الاتفاقية أو تصديقها أو الانضمام إليها ، أنّها لا تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة ١ من هذه المادة. ولا تكون الدول الأطراف الأُخرى ملزمة بتلك الفقرة إزاء أيّة دولة طرف أبدت تحفّظاً من هذا القبيل.

٣ ـ لأيّة دولة طرف أبدت تحفّظاً وفقاً للفقرة ٢ من هذه المادة أن تسحب هذا التحفّظ متى شاءت بإشعار توجّهه إلى الأمين العام للأُمم المتحدة.

المادة ٣٠

تودع هذه الاتفاقية ، التي تتساوى في الحجّية نصوصها بالإسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية لدى الأمين العام للأُمم المتحدة.

وإثباتاً لذلك ، قام الموقّعون أدناه ـ المفوّضون حسب الأُصول ـ بإمضاء هذه الاتفاقية.

المحاذير والسلبيات الواردة في نصوص الاتفاقية

إنّ المحذور المهمّ والرئيسي هو : عند تطبيق الاتفاقية واعتبار ما يتعارض معها من التشريعات التي تؤمن بها الدول الإسلامية منسوخاً ، فإن هذا يؤدّي إلى انتهاك

٢٠٧

حقّ الإنسان في اختيار ما يؤمن به ويطمئن إليه ، ومنه اختيار الدين الذي يؤمن به ويتعبّد بأحكامه.

ومن أهم المسائل التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية :

أولاً : إنّ المادّة الأُولى تتعارض مع أحكام الحجاب الإسلامي ، لأنّها عرّفت التمييز على أنّه تفرقة على أساس الجنس ، ومنعت منه ، وعلى هذا فإنّ الحجاب الذي فرض على المرأة بصورة معيّنة ، وفرض على الذكر بصورة أخف ، يجب أن يزول من عالم التشريع لأنّه ينافي حقّ الإنسان في حريّته.

كما أن المادة الاولى والمادة الخامسة عشر تتعارض مع احكام الشهادة (شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في مورد القبول) واحكام الدية ، حيث تكون دية المرأة نصف دية الرجل ، واذن الاب في زواج بنته الباكر التابعة له ، واحكام الارث حيث يختلف حكم ارث المرأة عن الرجل كثرة وقلّة ، وأحكام اقامة الزوجة مع الزوج في محل اختيار السكنى ، وفي حكم ولاية الاب على الزوجة والبنات دون العكس.

ثانياً : إنّ المادة العاشرة في فقرتها (ج) تنصّ على تشجيع التعليم المختلط في جميع مراحله ليساعد في تحقيق إلغاء الفوارق بين الرجل والمرأة.

والتعليم المختلط وإن كان في نفسه لا محذور فيه إذا التزم الطرفان بالشريعة الإسلامية من الحجاب والأخلاق والحشمة ، إلاّ أنّ المراد من هذه الفقرة هو إزالة الحجاب ليزول التمايز بين الجنسين ، وعلى هذا فهو مخالف للتعاليم الإسلامية.

على أنّ هذه الفقرة تتعارض مع أحكام حرمة النظر لغير المحارم ، وهذا حكم مخالف لوجوب الحجاب عند ظهور المرأة في الميادين العامّة.

ثالثاً : ان الفقرة (أ) من المادة الثالثة عشر اوجبت التساوي بين الرجل والمرأة في «الحقّ في الاستحقاقات العائلية» الذي يشمل تركة الميّت بالنسبة لذريته الذكور والإناث من الطبقة الاولى والثانية والثالثة. وهذا مخالف لقانون الارث حيث يختلف بين الذكور والاناث قلة وكثرة ، كما ان هناك حالات يمتنع فيها الميراث

٢٠٨

لاختلاف الدين ، قد رفضته فكرة التساوي بين الرجال والنساء.

رابعاً : ان الفقرة (٤) من المادة الخامسة عشر تلزم الدول الاطراف اعطاء نفس الحقوق للرجل والمرأة فيما يتعلق بالتشريع المتصّل بحركة الاشخاص وحريّة اختيار محل سكناهم وإقامتهم.

وهذا النصّ يمنح المرأة حقّ التنقل واختيار السكنى حتى اذا كان ذلك خلاف اقامة وسكنى الزوج ومن دون رضا الزوج أو الولي.

وهذا مخالف تعاليم الإسلام الذي يحرّم على المرأة التحرك السفري أو غيره بدون إذن الزوج كما لا يعطي الحقّ للمرأة في تعيين سكناها ، بل هي تابعة للزوج في ذلك إلاّ أن تشترط ذلك في متن العقد على خلاف البعض حتى في هذا الشرط باعتباره مخالفاً للسنة التي اعطت هذا الحقّ للزوج.

خامساً : المادة السادسة عشر تتعارض مع أحكام اختلاف الإبن والبنت من حيث سنّ البلوغ ، وزواج المسلمة بغير المسلم ، وإذن الأب في زواج بنته الباكر التابعة له.

كما تتنافى مع أحكام حرمة الزواج بالمحارم وأُخت الزوجة ، وتتنافى مع حرمة العقد حال الإحرام ، وبعض أحكام الزنا والطلاق وواجبات الزوجة وتعدّد الزواج ، وعيوب الفسخ والعدّة والحضانة والإجهاض وأمثال ذلك.

فمثلاً : المادة (ج) من هذه الفقرة ذكرت مبدأ المساواة ومنح المرأة «نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه» ، وهذا يعني : أن تكون النفقة التي هي من مسؤوليات الزوج لزوجته ، من مسؤوليات الزوجة ولا يكون الزوج مسؤولاً عنها.

وكذا بالنسبة للمهر الذي يلزم الزوجُ تقديمه لزوجته في الشريعة الإسلامية ، فإنّ هذا البند يلزم المرأة أن تقدّم مهراً لزوجها كما يقدّم لها المهر.

وكذا الحضانة ستكون من نصيبهما ، بينما هي أوّلاً من نصيب المرأة لمدّة محدودة في الشريعة.

وكذا بالنسبة لحقّ التوارث ، فقد ذكر القرآن : أنّ إرث الزوج من زوجته إذا لم

٢٠٩

يكن لها ولد هو النصف ، وإن كان لها ولد فله الربع ، أمّا المرأة (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) وقال : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) (١).

وفي مسائل الارث (اذا لم ننظر إلى الازواج) فمن المعلوم أن قواعد الارث في الشريعة الإسلامية لا تقوم على مبدأ التساوي لجميع الأقارب باقتسام التركة بالتساوي بين الذكور والاناث ، فهناك حالات تاخذ المرأة مثل نصيب الرجل كما في الاب والام اذا كان للميت ولد.

وهناك حالات تاخذ فيها المرأة نصف نصيب الرجل كما في الاول والذكور والاناث للميت ، وهناك حالات تاخذ المرأة اكثر من نصيب الرجل كما اذا ترك الميت بنتاً مع أب أو بنتان مع الأب.

كما أنّ على المرأة الإطاعة في الأمور الجنسية ، وليس على الزوج الإطاعة مطلقاً في الأمور الجنسية ، وإن كان يستحب له ذلك إذا رأى عندها رغبة في ذلك.

كما يجب على الزوج إدارة أُمور الزوجة وحمايتها ، وهو ما يسمّى بالقيمومة ، ولا يجب ذلك على الزوجة.

نعم ، هناك مسؤوليات متساوية في المعاشرة بالمعروف والتناصح.

أمّا في حالة فسخ العقد : فهناك حالات يثبت فيها حقّ الفسخ لكلّ من الزوجين ، كما في حالة وجود أحد عيوب المرأة فيحقّ للزوج الفسخ ، وكما في حالة وجود أحد عيوب الزوج فيحقّ للمرأة فسخ العقد.

كما توجد حالات يجوز فيها للمرأة فقط طلب التفريق ، كما إذا كان الزوج معسراً لا يتمكّن من نفقتها حتى بالاقتراض ، وكما إذا غاب غيبة لا يُعرف له مكان ، ولم يكن هناك من ينفق على الزوجة ، فترفع أمرها للحاكم الشرعي لطلب الطلاق.

كما يمكن للزوج الطلاق بإرادته المنفردة ، ولكن قد جعله الشارع أكره الحلال.

__________________

(١) النساء : ١٢.

٢١٠

كما أنّ الفقرة الأولى بند (ب) من المادة السادسة عشر قد ذكرت الحقّ للمرأة في اختيار الزوج وعدم عقد الزواج إلاّ برضاها الحرّ الكامل ، وهذا الأمر صحيح بناءً على فتوى البعض من أنّ أمرها بيدها وبرضاها الحرّ الكامل فقط في اختيار الزوج المسلم ، ولكن هناك فتوى لبعض العلماء يستند إلى النصوص الشرعية القائلة : بأنّ الولي له دخل في صحة زواج البنت الباكر التابعة له ، فإن رضي بذلك الزواج صحّ وإلاّ فلا ، وهذا الرأي الذي يجمع بين رضا البنت والأب في الزوج المسلم هو الموافق للاحتياط ، فلا يجوز أن نقنّن قانوناً نُلزِمُ به جميع البنات وإن كنّ يقلدنّ ما يرى رضى (البنت وأبيها) في صحة زواجها ، فالأوفق ترك المسألة لرأي المجتهد الذي ترجع إليه البنت.

ويدخل في هذا البند جواز أن تختار المرأة المسلمة زوجاً غير مسلم ، فكما يجوز للزوج المسلم أن يختار إمرأة كتابية فيتزوجها ، فكذلك يجوز للمسلمة أن تختار زوجاً كتابياً لتتزوّجه استناداً إلى المساواة التي تؤكّد عليه الاتفاقية ، والحريّة في اختيارها الزوج برضاها.

كما يشمل هذا البند جواز أن تختار المسلمة زوجاً لها وإن لم يكن مسلماً ولا كتابياً استناداً إلى نصّ البند ، وهذا ـ كما ترى ـ يخالف ما جاء في السنّة النبويّة من عدم جواز أن تتزوج المسلمة كتابياً فضلاً عن غير الكتابي ، وإن جاز للزوج أن يتزوج كتابية على اختلاف في سعة الزواج وضيقه.

سادساً : إنّ نصوص الاتفاقية ـ من مقدمتها إلى مادتها السادسة عشر ـ قد اشتملت على كلمات معيّنة كخطاب للبشر :

١) فقد استعملت كلمة حق أو حقوق ٥٦ مرّة.

٢) استعملت كلمة مساواة ٣٦ مرّة.

٣) استعملت كلمة مسؤولية ٧ مرّات.

٤) استعملت كلمة التزام مرّتين.

٢١١

٥) استعملت كلمة واجب مرّة واحدة.

ولكنّها لم تستعمل كلمة تضامن أو تعاون ولا مرّة واحدة.

وهذه الأدبيات تحرّك وتحفّز المرأة إلى المطالبة بمالها من دون الشعور بالمسؤولية التي عليها ، والمحبّة والتعاون مع الزوج ، وهذا له الأثر السيّء على التربية المستندة إلى أخذ الحقّ دون الالتفات إلى الالتزام والمحبة والتعاون الذي افترض أساس العيش الزوجي الذي أراد الاله أن يكون سكناً وأُلفة ومودّة.

سابعاً : إنّ هذه الاتفاقية إذا انضمّت إليها دولة مع التحفّظ على البنود المخالفة للشريعة الإسلامية ، فإنّ هذا التحفّظ لا يفيد مع تصريح الاتفاقية بأنّها ترفض التحفّظات المنافية لروحها ، فقد ذكرت فقرة (٢) من المادة ٢٨ فقالت : لا يجوز إبداء أيّ تحفّظ يكون منافياً لموضوع هذه الاتفاقية وغرضها.

٢١٢

الملحق رقم (٢)

إشكالات على تعدّد الزوجات

وقد ذكرها السيّد الطباطبائي في الميزان (١)

فقال : هي إشكالات اعترض بها النصارى على الإسلام أو من يوافقهم من المدنيين المنتصرين لمسألة تساوي حقوق الرجال والنساء في المجتمع ، وهي :

(١) أنّه يقرع قلوب النساء في عواطفهن ويخيّب آمالهن ويسكت فورة الحبّ في قلوبهن ، فينعكس حسِ الحبّ إلى حسِّ الانتقام ، فيهملْن أمر البيت ويتثاقلن في تربية الأولاد ، ويقابلن الرجال بمثل ما أساؤوا إليهن ، فيشيع الزنا والسفاح والخيانة في المال والعِرض ، فلا يلبث المجتمع دون أن ينحطّ في أقرب وقت.

(٢) أنّ التعدّد في الزوجات يخالف ما هو المشهود المتراءى من عمل الطبيعة فإنّ الإحصاء في الاُمم والاجيال يُفيد أنّ قبيلي الذكورة والإناث متساويان عدداً تقريباً ، فالذي هيّأته الطبيعة هو واحدة ـ لواحد ـ وخلاف ذلك (أي تعدّد الزوجات لزوج واحد) خلاف غرض الطبيعة.

(٣) أنّ في تشريع تعدّد الزوجات ترغيباً للرجال إلى الشره والشهوة وتقوية لهذه القوّة فى المجتمع.

(٤) أنّ في ذلك حطّاً لوزن النساء في المجتمع بمعادلة الأربع منهن بواحد من الرجال ، وهو تقويم جائر حتى بالنظر إلى مذاق الإسلام الذي سُوّي فيه بين امرأتين ورجل كما في الإرث والشهادة وغيرهما ، ولازمه تجويز التزويج باثنتين منهن لا

__________________

(١) الميزان في تفسير القرآن ج ٤ / ١٨٤.

٢١٣

أزيد ، ففي تجويز الأربع عدول عن العدل على أي حال من غير وجه.

وقد أجاب السيّد الطباطبائي ، فقال ما خلاصته بتصرّف وزيادة منّا :

الجواب عن الإشكال الأوّل :

أ) أنّ الإسلام وضع أساس المجتمع الإنساني على أساس الحياة العقلية دُون الحياة العاطفية ، فالمتّبع عنده هو الصلاح العقلي في السنن الاجتماعية دون ما تهواه الإحساسات وتنجذب إليه العواطف.

ب) ليس في تعدّد الزوجات إماتة لعواطف النساء ، فإنّ الأبحاث النفسية قرّرت أنّ الصفات الروحية والعواطف والإحساسات الباطنة تختلف كماً وكيفاً باختلاف التربية والعادة ، فكثيراً من الآداب الممدوحة عند الشرقيين هي مذمومة عند الغربيين وبالعكس. وعلى هذا فالتربية الدينية في الإسلام أقامت المرأة مقاماً لا تتألم عواطفها بأمثال تزوّج زوجها بزوجة ثانية. نعم ، المرأة الغربية اعتادت أن تكون وحدها زوجة لزوجها وتربّت عليه فاستمكنت في روحها عاطفة نفسانية تضادّ التعدّد ، ولهذه التربية غير الصحيحة التجأ رجالهم لقضاء شهواتهم إلى الجنس الآخر وحتّى المحارم منهن بدون زواج ، ولم يقتنعوا بذلك حتّى وقعوا في الرجال ، حتّى بلغ الأمر أن طلبوا من البرلمان في بريطانيا إباحته لهم ليكون اللواط سنّة قانونية بعد شيوعه بينهم من دون أن يكون قانوناً رسمياً (١).

وهنا قد يتساءل الإنسان فيقول : لماذا لم تنكسر قلوب النساء ولم تتألم عواطفها من هذه الأعمال التي يقوم بها الزوج مع نساء أخريات أو رجال آخرين؟! ولماذا لا يتألم الرجل عندما يتزوج امرأة يراها قد بُني بها وفقدت بكارتها وافترشت لجماعة كبيرة؟!! بل يباهي الزوج بزوجته هذه الأقران بحجّة أنّ زوجته قد توفرت عليها

__________________

(١) وقد شرّع أخيراً كعملية زواج بين الجنس الواحد.

٢١٤

رغبات الرجال وتنافس عليها العشرات والمئات (١). ومن هذا نستنتج أنّ هذه السيّئات قد تكرّرت عندهم بحجّة الحريّة فصارت عادة مألوفة لا تمتنع منها العواطف والإحساسات ولا تستنكرها النفوس.

ج) أمّا أنّ التعدّد يستلزم أن تهمل المرأة الأولى تدبير البيت وتتثاقل في تربية الأولاد وشيوع الزنا والخيانة ، فهو ادّعاء محض ، إذ أفادت التجربة خلاف ذلك ، فإنّ حكم تعدّد الزوجات قد طبّق في صدر الإسلام ، وليس في وسع أحد من أهل الخبرة بالتاريخ أن يدّعي حصول وقفة في أمر المجتمع من جهته ، بل كان الأمر بالعكس.

د) إنّ النساء اللآتي يتزوج بهنّ على الزوجة الأولى في المجتمع الإسلامي وسائر المجتمعات التي ترى ذلك (كالزوجة الثانية والثالثة والرابعة) إنّما يتزوّج بهن عن رضا ورغبة منهن ، وهنّ من نساء هذه المجتمعات ، ولم يسترققهن الرجال من مجتمعات أخرى ، ولا جلبوهن للنكاح من غير هذه الدنيا ، وإنّما رغبن في مثل هذا الزواج لِعلل اجتماعية ، فطباع جنس المرأة لا يمتنع عن مسألة تعدّد الزوجات ، ولا تتألم قلوبهن منها. نعم ، إذا كان تألم فهو من عوارض الزوجة الأولى التي لا تحبّ أن ترد عليها وعلى بيتها زوجة أخرى لخوفها أن يميل عنها بعلها أو تترأس عليها امرأة أخرى أو يحصل اختلاف بين الأولاد ، فعدم الرضا والتألم منشؤوه حالة عرضية لا غريزة طبيعية.

وأمّا الجواب على الإشكال الثاني : الذي هو عبارة عن تسوية الطبيعة بين الرجال والنساء في العدد ، فهو :

__________________

(١) شاهدت شخصيّاً في إحدى الفضائيات أنّ امرأة مسنّة تقريباً قدّمت لها هدية ثمينة; لأنّها كانت قد قاربها أكثر من ستمائة رجل ، فهي قد فازت على قريناتها بكثرة مقاربة الرجال لها ، فلاحظ.

٢١٥

أ) إنّ الرشد الفكري والجسمي للتهيّؤ للنكاح أسرع في النساء من الرجال ، فالنساء (وخاصة في المناطق الحارة) ، إذا جِزْنَ التسع صلحن للنكاح ، أمّا الرجال فلا يتهيؤون للنكاح غالباً قبل ستة عشر سنة ، وهذا هو الذي اعتبره الإسلام بلوغاً ووصولاً إلى مرحلة الرجولة (١).

ولازم هذا الأمر : لو اعتبرنا مواليد ستة عشر سنة من أيّ قوم (والمفروض تساوي عدد الذكور والاناث فيهم) كان الصالح للنكاح في هذه السنة السادسة عشر من الرجال ألفاً مثلاً ، أمّا النساء الصالحات للزواج في هذه السنة منهم سبعة آلاف من النساء ، ولو اعتبرنا مواليد خمسة وعشرين سنة وهي سنّ بلوغ الأشدّ من الرجال كان الصالح للزواج من الرجال هم مواليد عشرة سنين فيكون الرجال المهيؤون للنكاح عشرة آلاف رجلاً ، أمّا النساء فيكون الصالح منهن للزواج مواليد خمسة عشر (أو ستة عشر سنة) أي : خمسة عشر ألف أو ستة عشر ألفاً ، وإذا أخذنا النسبة الوسطى حصل لكل واحد من الرجال اثنتان من النساء حسب عمل الطبيعة.

ب) إنّ الاحصائيات المذكورة تبيّن أنّ النساء أطول عمراً من الرجال ، ولازمه أن يتهيأ عدد من النساء ليس بحذائهنّ رجال. وقد ذكرت جريدة اطلاعات الإيرانية في الشهر العاشر من سنة (١٣٣٥) هجري شمسي احصائية لدائرة الاحصاء في فرنسا وخلاصة ذلك : إنّه يولد في فرنسا حذاء كلّ (١٠٠) مولود من البنات (١٠٥) من البنين ، ومع ذلك فإنّ الإناث يربو عددهن على عدد الذكور بما يعادل

__________________

(١) وهذا هو الذي عليه إجماع الأطباء تقريباً ، فإنّهم يقولون : إنّ سنّ البلوغ في النساء ما بين التاسعة والحادي عشر ، أو ما بين الثامنة إلى الحادي عشر.

من الانترنيت / راجع مرحلة البلوغ

www.alshamsi.net / women / blooq١.html

وراجع ركن المرأة العربية «البلوغ والمراهقة لدى البنات» للدكتورة فريال ، الأُستاذ والدكتور محمد كامل فرج.

٢١٦

(٠٠٠ / ٧٦٥ / ١) نسمة ، ونفوس المملكة (٤٠) مليوناً تقريباً والسبب فيه : أنّ البنين أضعف مقاومة من البنات قبال الأمراض ، ويهلك منهم ٥% إلى سنة ١٩ من الولادة ثمّ يأخذ عدد الذكور في النقص ما بين ٢٥ ـ ٣٠ سنة حتّى إذا بلغوا سنة ٦٠ ـ ٦٥ لم يبق تجاه كلّ (٠٠٠ / ٥٠٠ / ١) من الإناث إلاّ (٠٠٠ / ٧٥٠) من الذكور.

ج) إنّ خاصة النسل والتوليد تدوم في الرجال أكثر من النساء ، فالأغلَب في النساء أن يكون يَئْسهنّ من الحمل في سنة الخمسين ، أمّا النسل في الرجال فيبقى لسنين عديدة بعد ذلك ، وربما بقي إلى تمام العمر الطبيعي وهي مائة سنة ، فيكون عمر صلاحية الرجل للتوليد هو ثمانون سنة تقريباً ، وهو عدد يكون نصفه عند المرأة ، وإذا ضمّ هذا الوجه إلى الوجه السابق أنتج أنّ الطبيعة والخلقة تبيح للرجل التعدّي من الزوجة الواحدة إلى غيرها ، إذ لا معنى لتهيئة قوة التوليد والمنع من الاستيلاد ، فإنّ هذا مما تأباه سنّة العِلل الطبيعية.

د) إنّ الحوادث المبيدة لأفراد المجتمع من الحروب والمقاتِل وغيرهما تُحلّ بالرجال وتفنيهم أكثر مما تحلّ بالنساء ، وهذا أقوى العوامل لشيوع تعدّد الزوجات ، إذ هذه الأرامل والنساء العزّل لا محيص لهن إلاّ قبول التعدّد أو الزنا (والعياذ بالله) أو خيبة القوّة المودَعة في طبائعهن وبطلانها. ومما يؤيد هذا ما وقع في المانيا الغربية (الظاهر بعد الحروب التي حلّت بها) حيث أظهرت جمعية النساء العُزّل تحرّجها من فقدان البعولة وسألت الحكومة أن يسمح لهن بسنّة تعدّد الزوجات الإسلامية حتّى يتزوج مَنْ شاء من الرجال بأزيد من واحدة وترتفع بذلك غائلة الحرمان ، غير أنّ الحكومة لم تجبهن في ذلك وامتنعت الكنيسة من قبوله ورضيت بالزنا وشيوعه وفساد النسل به.

هـ) على أنّ الاستدلال بتسوية الطبيعة النوعية بين الرجال والنساء في العدد (بغضّ النظر عمّا تقدم) إنّما يستقيم لو فرض أن يتزوج كلّ رجل في المجتمع بأكثر

٢١٧

من واحدة إلى أربع من النساء ، ولكن الطبيعة لا تسمح بإعداد جميع الرجال لذلك ، نعم ، تسمح الطبيعة لبعض الرجال. والإسلام لم يشرّع التعدّد على نحو الفرض والوجوب ، بل أباح التعدّد لمن استطاع أن يقيم القسط بين النساء.

وأوضح دليل على عدم استلزام هذا التشريع الحرج والفساد هو سير هذه السنّة بين المسلمين وكذا بين سائر الأُمم الذين يرون ذلك ولم يستلزم حرجاً من قلة النساء واعوازهن على الرجال ، بل تحريم التعدّد أوجد لنا ألوفاً من النساء قد حرمن من الأزواج والسكن العائلي وامتهنَّ الزنا.

وأمّا الجواب على الإشكال الثالث : الذي يقول : إنّ في تشريع تعدّد الزوجات ترغيباً للرجال إلى الشره والشهوة ، فيتّضح ببيان أُمور :

أ) إنّ شهوة النكاح في المرأة أقل منها في الرجل ، فشهوة النكاح في المتوسط من الرجال تعادل ما في أكثر من امرأة واحدة ، فالشهوة موجودة في الرجال أكثر من النساء لا أنّ تشريع تعدّد الزوجات هو الموجد لها.

ب) قرر الدين الإسلامي رفع الحرمان مما يوجبه مقتضى الطبع ، فاعتبر أن لا تخزن الشهوة في الرجل ولا يحرم منها بصورة صحيحة فيلتجأ إلى التعدّي والفجور والفحشاء ، فأجاز للشهوة الزائدة أن تنطلق بصورة صحيحة.

ج) المرأة تعتذر من المواقعة في ثلث أوقاتها ، كأيام العادة وبعض أيام الحمل والوضع والرضاع ونحو ذلك.

وبما أنّ الإسلام تربيته عقلية وليست عاطفية ، فقرر أن لا يحرم الزوج من الزواج الثاني إذا كانت له شهوة إليه فينجرف إلى الزنا والفحشاء ، وهو من أعظم المخاطر في المجتمع.

على أنّ من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية تكثير نسل المسلمين لعمارة الأرض

٢١٨

بيد مجتمع مسلم عمارة صالحة ترفع الشرك والفساد ، وهذا ممّا يقتضي الدعوة إلى زيادة النسل الصالح كما أكّدت عليه الروايات.

وعلى ما تقدّم : فإنّ تشريع تعدّد الزوجات لم يكن للشره والشهوة ، بل هو لمصالح طبيعية واجتماعية ، وقد أنصف بعض الباحثين الغربيين حيث قال : لم يعمل في إشاعة الزنا والفحشاء بين الملل المسيحية عامل أقوى من تحريم الكنيسة تعدّد الزوجات (١).

وأمّا الجواب على الإشكال الرابع : الذي يقول : إنّ تعدّد الزوجات فيه حطّ لكرامة المرأة في المجتمع بمعادلة الأربع منهن بواحد من الرجال ، فجوابه يتمثّل في أُمور :

أ) كانت المرأة مظلومة قبل الإسلام ، وهذا ما أكّدته كتب التاريخ في شأن المرأة.

ب) جاء الإسلام فقرر هوية المرأة فذكر : أنّ المرأة كالرجل إنسان ، وكلّ ذكر أو أُنثى يشتركان في المادّة والعنصر ، ولا فضل لأحد على أحد إلاّ بالتقوى قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (٢). وقال تعالى : (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِّنكُم مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض) (٣) فصرّح أنّ السعي غير خائب والعمل غير مضيّع عند الله وعلّل ذلك بقوله تعالى : (بَعْضُكُم مِّن بَعْض) وهذا هو نتيجة قوله تعالى في الآية السابقة : (إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى) أي إنّ الرجل والمرأة جميعاً من نوع واحد من غير فرق في الأصل والنوع. وقال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ

__________________

(١) رسالة المستر جان ديون بورت الانجليزي في الاعتذار إلى حضرة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن. ترجمة الفاضل السعيدي ، بالفارسية.

(٢) الحجرات : ١٣.

(٣) آل عمران : ١٩٥.

٢١٩

فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (١) وقال تعالى : (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب) (٢) وقال تعالى : (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (٣).

وقد ذم الله سبحانه الاستهانة بأمر البنات بأبلغ الذم إذ قال تعالى : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) (٤) ، وقد بالغ الله تعالى في التشديد على وأد البنات الذي كان سائداً قبل الإسلام لعدّهن عاراً على ابائهن وبيوتهن فقال تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنب قُتِلَتْ) (٥).

وقد أقر الإسلام مكانتها الاجتماعية ، فقد ساوى بين المرأة والرجل من حيث تدبير شؤون الحياة بارادتها وعملها ، فإنّها تساوي الرجل من حيث تعلّق ارادتها بما يحتاج إليه المجتمع الإنساني في كلّ لوازم بقائه ، إذ قال تعالى : (بَعْضُكُم مِّن بَعْض) (٦) فللمرأة أن تستقل بالارادة ولها أن تستقل بالعمل وتملك نتاج عملها كما كان ذلك للرجل من غير فرق فقال تعالى : (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (٧) وقال تعالى : (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٨).

نعم قرر الإسلام اختلافها عن الرجل في نقطتين :

__________________

(١) النحل : ٩٧.

(٢) المؤمن : ٤٠.

(٣) النساء : ١٢٤.

(٤) النحل : ٥٨ ـ ٥٩.

(٥) التكوير : ٨ ـ ٩.

(٦) آل عمران : ١٩٥.

(٧) البقرة : ٢٨٦.

(٨) البقرة : ٢٣٤.

٢٢٠