أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

الشيخ حسن الجواهري

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

المؤلف:

الشيخ حسن الجواهري


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: منشورات الإجتهاد
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-91259-0-9
الصفحات: ٢٢٣

فالبدن يشكّل حقيقة الإنسان ، وهذا البدن يكون على شكلين : مرّة على شكل رجل ، ومرّة على شكل امرأة. وحينئذ لا توجد فضائل عند الإنسان ، بل الإنسان كالنبات والحيوان والمعدن مادة وجسم فقط.

وعلى هذا التفكير فلا يوجد تمايز بين الرجل والمرأة ، وهذا ما يسعى إليه الإنسان الغربي في ما يسمّى بعصر النهضة (بين منتصف القرن السابع عشر وحتى القرن الثامن عشر) ورواج الروح العلمية والعقلية في الابتعاد عن الدين ، وقد وافقت الاُمم المتحدة في ٣ سبتمبر ١٩٧٩ م على اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضدّ المرأة. وتعدّ هذه الاتفاقية تتويجاً للحركة الفيمنيّة التي انطلقت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الغرب لغرض استرجاع المرأة حقوقها.

وعلى هذه النظرة ، فلابدّ أن تلاحظ المرأة على أنّها أداة لتأمين غريزة الشهوة ، لذا كثرت الدعوات من هذا الفريق لإزالة الحجاب كمقدّمة لإشباع الغريزة منها ، وتصوّروا أنّ سرّ تخلّفها كامن في الحجاب والعفّة. وفي هذا الفريق من البشر تُنتزَع الرحمة ويزول العطف وتضمحل الرقة ; لأنّ نصف المجتمع ـ وهو المرأة ـ ينظر إليها نظرة سلبية ، وتربّى المرأة على إشباع الغرائز ، وبهذا تفقد المرأة مكانتها في تربية المجتمع على العاطفة والرأفة والرقة التي كانت المرأة هي مصدر تزريقها في المجتمع الإنساني ، فلايوجد في هذا الفريق غير القوّة والشهوة والقمع.

نظرة الإسلام للمرأة

إنّ الإسلام نظر إلى الإنسان على أنّه مكوّن من روح ومادة ، والإنسان رجل وامرأة ، فالمرأة أيضاً تتكون من روح ومادة.

والروح : لا امتياز فيها بين الرجال والنساء ، وهي التي تتكامل بالمعارف والعلوم والأخلاق والمزايا الفاضلة التي تتلخص كلّها في التقوى. وهذه الامتيازات للروح

١٤١

تكون بمثابة الملك لها ، لا يمكن سلبها عنها إذا حصلت عليها الروح ، قال تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْق عِندَ مَلِيك مُّقْتَدِر) (١).

وقال تعالى : (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) (٢).

والمكافاة لهذه الامتيازات الروحية هي الجنة التي هي مقسّمة حسب مراتب هذا التفاضل ، فالأكثر إيماناً وعلماً وعقيدة (أي الأكثر تقوى) له مراتب أعلى من غيره الذي هو عالم مؤمن متقي.

وأمّا المادة : وهو الجسم ، فليس له إلاّ التنفيذ.

وفي المادة توجد امتيازات وتوجد فوارق ، إلاّ أنّها ليست من باب الكمال وإن كانت فضيلة ومزية ، إلاّ أنّها ليست معياراً للتفاضل ، فتأتي هنا قضية قواميّة الرجل على المرأة التي قلنا سابقاً : إنّها فضيلة القوة ، بينما تحوز المرأة فضيلة العاطفة والرحمة والرقة (المتمثلة في جمال المرأة) التي قال عنها الإسلام إنّها ريحانة وليست قهرمانة.

وقد أراد الله تعالى أن يسخّر المجتمع لعواطف المرأة ورقتها ورحمتها ، بمعنى أنّه أراد للمجتمع أن يتربّى على العواطف والرحمة ، فإدخلها إلى المجتمع مع الحجاب والعفة ليستفيد من عاطفتها ورقتها ولطفها وصفائها ووفائها.

فالتفاضل موجود في جسم الإنسان (الرجل والمرأة) ولكنّه ليس هو التكامل المنشود ، فالرجل عادةً وغالباً فيه امتياز على جسم المرأة بالقوة ، وجسم المرأة عادة وغالباً فيه امتياز على جسم الرجل باللين والعاطفة ، وأراد الإسلام أن يمزج

__________________

(١) القمر : ٥٤ ـ ٥٥.

(٢) الفجر : ٢٧ ـ ٣٠.

١٤٢

بين القوة واللين أو بين العقل والعاطفة ; ليتم صرح بناء المجتمع من مادة لينة ومادة صلبة ، فيكون بناء المجتمع بناء محكماً وقوياً.

ولكن إذا نظرنا إلى المرأة على أنّها مادة فقط خُلقت لاشباع الغريزة الجنسية فقط ، فقد سلبنا من المرأة لينها وعاطفتها ورقتها (جمالها) وتربّت على غير وظيفتها ، فتحوّل المجتمع كلّه إلى صرح كلّه قوّة وكلّه حجر وكلّه صلابة ، والصرح لا يقوم على الصلابة من دون مادة ليّنة ، فيكون عرضة للسقوط.

إذاً الإسلام أراد من الامتيازات بين جسم الرجل وجسم المرأة تقسيم المناصب التنفيذية ، والمناصب التنفيذية هي أمانة ، فالرجل له مناصب معينة ينفذها ، والمرأة لها مناصب معينة تنفذها ، ولا حقّ للاعتراض على تقسيم هذه المناصب حسب الامتيازات البدنية ; لأنّه ليس شيئاً يكون فارقاً بين الرجل والمرأة في الفضيلة.

وهذه المناصب التنفيذية تقابلها مسؤوليات.

فإذا ثبت أنّ الرجل له هذا المنصب الخاص ، والمرأة لها هذا المنصب الخاص ، فلا يوجب هذا تفاضلاً ، بل هو من تقسيم المسؤوليات حسب اختلاف الأجسام.

وكمثال على ذلك إعطاء القيمومة للرجل على زوجته ، وهذه القيمومة هي عبارة عن تنظيم اُمور المرأة ورعايتها ، ممّا فضّل الله الرجل على المرأة في قوة البدن ، وبما أنفق من ماله لترتيب المسكن الذي يوجب سكناً لهما ، فلا اعتراض على ذلك ; لأنّه وظيفة يقابلها مسؤولية ، كما أنّ المرأة لها وظيفة الرضاعة والحضانة والرعاية والقيام بشؤون الأولاد ، وهذا يقابله مسؤولية على المرأة في وظيفتها ، فلا يعتبر هذا فارقاً في التفاضل.

هذا كلّه في الوظائف الخاصة بكلّ منهما ، أمّا الأعمال العامة في المجتمع فهي مشتركة بينهما إذا وجدت المؤهلات اللازمة لها ، وكان هناك وقت كافي بعد إنجاز المهام الخاصة بكلّ واحد منهما.

١٤٣
١٤٤

هل للمرأة أهلية تولّي السلطة؟

تمهيد : إنّ ولاية أيّ إنسان على آخر هو خلاف الأصل الأولي الشرعي الذي يقول : إنّ الأصل عدم الولاية ، فهل هنا تقييد لهذا الأصل الأولي في ولاية الإنسان على غيره؟

الجواب : نعم ، ثبت هذا التقييد بولاية الأنبياء والأوصياء على المجتمع ، وهو يقتضي مشروعية تشكيل الدولة والحكومة للمجتمع. والتجربة الكاملة التي شهدتها البشرية هي ولاية نبي الإسلام الذي شكّل دولة الإسلام ، ولكن بعد رحيله إلى بارئه حدث اتجاهان :

الاتجاه الأول يقول : إنّ الذي له ولاية على المجتمع هو الإمام الذي نصّ عليه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالإمام المنصوص عليه المعصوم هو الذي له ولاية على الناس ، فهو رئيس الدولة.

الاتجاه الثانى يقول : إنّ الذي له ولاية على المجتمع لتكوين الدولة هو ما عينته الشورى بواسطة الاختيار.

وأصحاب الاتجاه الأول يقولون (بعد حصول الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر) : إنّ الأوصياء نصبوا المجتهد العادل نائباً عنهم في التصدي للحكومة على الاُمة.

وحينئذ يصح «على كلا الاتجاهين» أن نتسائل : لو أنّ فرداً (سواء كان رجلاً أو امرأة) إذا انتخب من قبل الاُمة (وكان مجتهداً) على الطريقة الديمقراطية (الأكثرية)

١٤٥

هل يصح له أن يتصدى لرئاسة الدولة؟ (١)

والجواب على هذا السؤال متوقّف على البحث الذي سيأتي في جواز تصدي المرأة للقضاء ، فإنّ رئاسة الدولة هنا يراد منها الخلافة العامة والسلطة المطلقة التي يمارسها الحاكم ، أي أن يحكم الرئيس (المجتهد على رأي الإمامية) بما يراه من حكم الله المستنبط من القرآن والسنّة مستقلاً ، فإنّ هناك قولا قوياً يقول لابدية الرجل للقضاء حسب الأدلة الشرعية ولابدية الذكورة فقط للخلافة العامة والسلطة المطلقة المستندة إلى مهمة الحكم الشرعي.

ولكن لنا أن نقول : إنّ رئاسة الدولة اليوم لا تعني أن يحكم رئيس الدولة بما يراه من حكم الشرع مستنبطاً من القرآن والسنّة ، بل رئيس الدولة وحكومته لا يعدو أن يكون منفذاً لما يصدر من مجلس الشورى من أحكام حكومية تنظيمية ، ولا يعدو أن يكون منفذاً للدستور الذي يكون قانوناً أساسياً للدولة ، فهو لا يتصدّى إلى حكم حكومي في التنازع ، بل لا يتصدّى لأيّ حكم شرعي أصلاً.

فهل يجوز في هذه الحالة أن تتصدّى المرأة لرئاسة الدولة ، حيث تكون مقيّدة بقانون أساسي وبمجالس تشريعية حكومية بعيدة عن أيّ حكم يصدر منها بالاستقلال؟

__________________

(١) أقول : إنّ الانتخاب الشعبي (الذي يسمّى بالديمقراطية) يجعل ولاية للمنتخب على الاُمة بواسطة أحد اُمور أربعة :

الأول : بواسطة تباني العقلاء على طاعة من يفوز بالانتخاب.

الثاني : قد يقال : إنّ العقل العملي يحكم بلزوم طاعة من يفوز بالانتخاب.

الثالث : كما يمكن أن يقال : إنّ وجوب طاعة من يفوز بالانتخاب بحيث تكون له ولاية على الاُمة داخل تحت البيعة ، فكأن الاُمة بايعت هذا الشخص وتعهدت على أن تكون مطيعة له بمجرّد فوزه في الانتخاب.

الرابع : أنّ مرجع الاُمة الناظر في الحلال والحرام قد يحكم بأنّ من ينتخب من قبل الأكثرية يكون هو الأفضل لحفظ النظام وإجراء الدستور والقيام بتنفيذ الأحكام الحكومية النابعة من المجالس الاستشارية.

١٤٦

وعلى هذا الأساس لا حاجة إلى كون رئيس الدولة مجتهداً ما دام هو رئيس القوة التنفيذية لإقرار القانون وما يشرّعه المجلس التشريعي.

وإذا كان الجواب بالإيجاب ، فمن الواضح يكون للمرأة الحقّ في التصدّي لأيّ منصب حكومي آخر (بشرط أن لا يكون فيه قضاء في المنازعات).

الأدلة على الجواز :

١ ـ لا يوجد منع شرعي من ذلك المنصب بهذه القيود المقدّمة ، بعد أن ثبت أنّ المرأة تتمتع بأهلية كاملة. وقصة بلقيس التي ذكرها القرآن من دون ردع عنها يؤكد عدم وجود الردع عن ذلك.

٢ ـ يوجد دليل على الجواز ، وهو وجوب تحمل المرأة مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع ، ومسؤولية الاهتمام بأُمور المسلمين ، حيث ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «من أصبح لا يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم» (١).

وقال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (٢)

ومنصب رئاسة الدولة هو أهمّ منصب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأعلى منصب للاهتمام باُمور المسلمين.

وأمّا عدم تصدّي أيّ امرأة لرئاسة الدولة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو ناشيء من كون رئيس الدولة يحكم مستقلاً ويقضي بين المتنازعين مستقلاً بما يستنبطه من القرآن

__________________

(١) اُصول الكافي ٢ : ١٦٣ حديث ١.

(٢) التوبة : ٧١.

١٤٧

والسنّة ، وقد قلنا : إنّ مسألة القضاء يشترط فيها الذكورة كما سيأتي.

وتلك الرئاسة قد قيّدتها النصوص بالرجولة ، فقد ذكرت النصوص أنّ الأئمة والخلفاء من قريش (اثنى عشر رجلاً كلّهم من قريش) وعلى رأي الإمامية أنّهم معيّنون بالنصّ ، فلا مجال لتصدّي المرأة لرئاسة الدولة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

أدلة المنع :

هناك أدلة استدل بها جمع من فقهاء الإمامية المعاصرين وغيرهم على اشتراط الذكور في رئيس الدولة.

وأهم الأدلة هي :

أولاً : قال تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (١).

والاستدلال بها موقوف على أنْ يستفاد من الولاية ولاية الرجل على المرأة في التصرّف في كلّ شؤون النساء ، فولاية كلّ رجل على كلّ النساء ; لأنّ الله فضّل الرجل عليهن باُمور كثيرة ، فلاتصلح المرأة أن تكون قيّمة على أيّ شيء ، ومنها رئاسة الدولة ; لأنّها قاصرة في قيمومتها على الرجل.

ويرد عليه :

١ ـ إنّ القواميّة هنا هي بمعنى تدبير أمر المرأة والمحافظة عليها والقيام بشؤونها ، ولا يراد منها ولاية التصرّف في أموالها وشؤونها ، كما تقدّم ذلك.

٢ ـ إنّ هذه القواميّة هي خاصة بالزوج على زوجته وليست عامة ، ومع هذا لا منافاة بين أن يكون عليها قيّم في الأُسرة تجب طاعته في اُمور البيت ، وهي قيّمة على المجتمع ، كما يمكن أن نتصوّر أنّ القيّم على المجتمع يمكن أن يكون له أبوان

__________________

(١) النساء : ٣٤.

١٤٨

يجب عليه إطاعتهما ، وهذا الوجوب عليه لا يقدح في أهليته لرئاسة الدولة.

ثانياً : قوله تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (١).

والاستدلال بها متوقّف على أنّ نفهم منها أن الرجال هم أعلى من النساء ، فهم أفضل مطلقاً ، وهذا هو الذي يقتضي اختصاصهم بالولاية كرئاسة الدولة مثلاً وفروعاتها.

ويرد عليه :

١ ـ لانسلّم أنّ الرجل أفضل من المرأة ; لأنّ خلقهما كامل ، فكل واحد منهما إنسان كامل في خلقته ، قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم) (٢).

وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (٣)

نعم ، هناك امتياز للرجل على المرأة ، وامتياز للمرأة على الرجل ، وهذا لا يجعل الرجل أفضل من المرأة مطلقاً.

٢ ـ لقد تقدّم أنّ الأفضلية هنا هي للزوج على زوجته حيث يقوم بأمرها ويحافظ عليها ، وقد ورد أيضاً ـ كما تقدّم ـ أنّ هذا الفضل له قد يكون من ناحية عفوه عن ما يصدر منها من خطأ ، فالذي يعفو هو أفضل من المعفو عنه في مورد خاص لا مطلقاً.

ثالثاً : وردت في السنّة الشريفة بطرق متعدّدة وألسِنَة مختلفة قالوا عن بعضها بالصحيح : إنّه لما بلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى ،

__________________

(١) البقرة : ٢٢٨.

(٢) التين : ٤.

(٣) الحجرات : ١٣.

١٤٩

قال : «لن يفلح قوم ولّو أمرهم امرأة» (١).

ويرد عليه :

١ ـ إنّ لسان «لن يفلح» وما شابهه الوارد في الطرق المتعدّدة للرواية ، يدلّ على أنّ القوم قد أخطأوا في توليتهم للمرأة ، ولا يترتّب الغرض من تولية المرأة في قوة الدولة مثلاً وتماسك المجتمع ، وهذا غير المدّعى الذي هو عدم صحة الولاية وضعاً ، فتكون الولاية باطلة.

٢ ـ إنّ مورد الرواية هو الدولة الكسروية القائمة على الاستبداد وغير مقيّدة بقانون أساسي (دستور) ولم تملك مجالس استشارية وقانونية ، فيكون معنى ما أفلح قوم ولّو أمرهم أمرأة : هو أنّ قوماً من المحيطين بالملك هم الذين ولوا الأمر إلى بنت كسرى ، وهذا غير ما نحن فيه من الانتخاب الاختياري على طريقة أكثرية الاُمة.

وعلى هذا سيكون الرجل الذي جاء بهذه الطريقة غير صالح لجبر الناس على إطاعته ; لأنّه لا بيعة له ولا تباني من العقلاء على طاعته ولا عقل عملي يحكم بوجوب طاعته ، فلايكون هذا فلاحاً وصلاحاً ; لعدم وجود مبرّر لولايته وطاعته.

رابعاً : روى الصدوق عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنّه قال : سمعت أبا جعفر (الامام محمد الباقر عليه‌السلام) يقول : «ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة ، ولا عيادة المريض ولا اتباع الجنائز ، ولا الإجهار بالتلبية ، ولا الهرولة بين الصفا والمروة ، ولا استلام الحجر الأسود ، ولا دخول الكعبة ولا الحلق ، وإنّما يقصرن من شعورهن ، ولا تولي المرأة القضاء ولا تلي الإمارة ولا تستشار ، ولا تذبح إلاّ من

__________________

(١) صحيح البخاري ، كتاب المغازي / باب كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى كسرى وقيصر ٣ : ٩٠ ، الخلاف للشيخ الطوسي ٣ : ٣١١.

(١) الخصال للصدوق ٢ : ٥٨٥ حديث ١٢ ، وراجع وسائل الشيعة ١٤ : باب ١١٧ من مقدمات النكاح حديث ٦ ، وباب ١٢٣ حديث ١.

١٥٠

اضطرار» (١).

والاستدلال بها قوله عليه‌السلام «ولا تولى القضاء ولا تلي الإمارة» فالنهي عن تولي المرأة منصب الولاية (رئاسة الدولة وما يتفرع منها) واضح ، والنهي يقتضي الفساد ، فحينئذ تقع ولايتها باطلة.

ويرد على هذا :

١ ـ إنّ الرواية ضعيفة السند بطريقيها فليست بحجّة.

٢ ـ إنّ المنفي بـ (ليس) هو الحكم التكليفي ، ففي جملة من الموارد نفي الوجوب كما في الجمعة والجماعة وعيادة المريض ، وهذا إرفاق بها ، ولكنّها إذا فعلت الجمعة والجماعة صحّ العمل ، وكذا إذا زارت المريض صح وترتّب عليه الأثر.

وفي جملة من موارد الرواية نفي الاستحباب المؤكّد كما في الأذان والإقامة ، وفي جملة من موارد الآية نفي الوجوب للفعل الذي يكون فعله محرّماً عليها وهو الحلق (في العمرة والحج).

وحينئذ لانعلم أنّ نفي الولاية عنها هل هو من قبيل نفي الوجوب أو الاستحباب بحيث يكون صحيحاً إذا وقع منها ، أو من قبيل نفي الوجوب الذي يكون فعله باطلاً فتكون ولايتها باطلة وليس لها أن تتقدّم لها ولا يجوز أن يقدمها فرد لهذه الولاية؟ فهي مجملة من هذه الناحية ، ولابدّ من معرفة الأمر من الرجوع إلى الأدلة الاُخرى لولاية المرأة لنرى أنّها صحيحة أو باطلة ، حتى نحمل هذه الجملة على ما يثبت في أدلة اُخرى ، وإلاّ فإنّ هذه الجملة مجملة لا يمكن معرفة المراد منها هنا.

إذن لا يظهر من الرواية نفي الأهلية لتولّي السلطة وفروعاتها.

٣ ـ إذا استظهر ففيه من جملة (ولا تلي الإمارة) عدم أهليتها لذلك ، فتحمل على

__________________

(١) الخصال للصدوق ٢ : ٥٨٥ حديث ١٢ ، وراجع وسائل الشيعة ١٤ : باب ١١٧ من مقدمات النكاح حديث ٦ ، وباب ١٢٣ حديث ١.

١٥١

الإمارة التي تكون المرأة فيها هي المتفردة في إصدار الأحكام بحسب فهمها ، وهي المصدر للقرارات الدكتاتورية من دون تقييدها بمجالس استشارية وبدستور ، فتخرج عن موضوع بحثنا هنا.

خامساً : من وصية الإمام علي عليه‌السلام إلى ابنه الإمام الحسن عليه‌السلام أو ابنه محمّد بن الحنفية ، وقد رويت بعدة طرق ، واليك النصّ برواية الشريف الرضي : وهو

«وإياك ومشاورة النساء ، فإنّ رأيهن إلى أفن (١) ، وعزمهن إلى وهن ... ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة» (٢).

والاستدلال بالرواية من أمرين :

الأول : أنّ المرأة إذا لم تكن أهلاً للاستشارة لضعف رأيها ، فعدم أهليتها لتولي الحكم ثابت بالاولوية.

الثاني : النهي عن تمليكها من أمرها ما جاوز نفسها ، يستلزم عدم مشروعية تولّيها لأمر غيرها ، فضلاً عن تولي رئاسة الدولة.

ويرد على ذلك :

١ ـ الرواية مرسلة في بعض طرقها وضعيفة في بعضها.

٢ ـ أنّ التحذير من مشاورة النساء ورد له قيد في بعض الطرق ، والقيد هو «إلاّ من جرّبت بكمال عقل» (٣) ، وهذا يكشف أنّ النهي هو عن استشارة النساء غير المجرّبات بالتعقل والحكمة لا مطلقاً.

٣ ـ لا إشكال ولا ريب في أنّ المرأة تملك أمر نفسها (باستثناء زواجها إذا كانت بكراً على رأي بعض فإنّها بحاجة إلى رضى الأب أو الجد للأب ، وباستثناء حقّ

__________________

(١) الأفن : النقص ، ورجل أفين ومأفون : أي ناقص العقل (لسان العرب).

(٢) وسائل الشيعة ١٤ : باب ٩٦ من مقدمات النكاح حديث ٢.

(٣) راجع بحار الأنوار ١٠٠ : ٢٥٣ باب أحوال الرجال والنساء حديث ٥٦.

١٥٢

استمتاع الزوج بها بالمعروف إذا كانت زوجة) وتملك الاُمور التي تشترك فيها مع الرجل كما إذا كانت شريكة له في عقار أو غيره. ولها أن تتدخل في أمر غيرها إذا أصبحت وكيلة فيه.

نعم ، ليس لها أن تتدخل في أمر الغير ، اذا لم تكن وكيلة فيه ، وهذا أمر يكون الرجل فيه معها على حدّ سواء.

إذاً الفقرة الثانية غير صحيحة ، فيجوز لها أن تكون وكيلة عن الغير في مجالس الشورى وتولّي السلطة إذا كان ذلك بوكالة عن الشعب عن طريق الانتخاب كما تقدّم ، مقيّدة بالمجالس الاستشارية وبالدستور.

والخلاصة : إنّ ما ورد في ذمّ المرأة من الروايات ، إمّا أن يكون ضعيف السند ، أو محمولاً على المرأة غير المجربة بعقل لا مطلقاً.

سادساً : استدلّ جماعة بالإجماع على أنّ رئيس الدولة يشترط فيه أن يكون رجلاً.

أقول : وبما أنّ مسألة رئيس الدولة وشروطه حادثة ، فلم تبحث هذه عند الفقهاء ، فلا يمكن ادعاء الوفاق فضلاً عن الإجماع على اعتبار الذكورة في رئيس الدولة ، ولكن يمكن تصوير الإجماع موقوفاً على أمرين :

١ ـ أنّ الذكورة شرط في القاضي (بالإجماع)

٢ ـ توجد ملازمة بين القضاء ورئاسة الدولة باعتبار أنّ القضاء شعبة من الولاية.

ويرد عليه :

١ ـ هناك تشكيك في شرطية الذكورة في القاضي ، وهذا ما سيأتي الكلام عنه.

٢ ـ على فرض اشتراط الذكورة في القاضي ، فإنّه لا ملازمة بين القضاء الذي

١٥٣

يحتاج إلى اجتهاد وحكم بين المتخاصمين ، وبين رئاسة الدولة التي لا تحتاج إلى اجتهاد وحكم ، بل هي صالحة لغير المجتهدين الذين يرأسون الدولة مقيدين بالمجالس الاستشارية والدستور ، فتكون رئاسة الدولة لأجل حفط النظام لا للحكم.

نعم ، توجد ملازمة بين ثبوت القضاء والحاكمية بمعنى الحكم في المجتمع الذي يكون برأي رئيس الدولة وما يفهمه من الإسلام بالاستقلال حيث يعتبر الاجتهاد في الأمرين معاً ، ولكن هذه الملازمة ليست من الطرفين ، بل هي عموم وخصوص من وجه ، بمعنى أنّ كلّ حاكم ورئيس للدولة هو قاض ، ولكن ليس كلّ قاضي هو رئيس دولة وإن كانا يشتركان في الاجتهاد كشرط فيهما ، فيكون حالهما كحال رئيس القضاء (رئيس القوة القضائية) مع القاضي ، فليس كلّ قاضي هو رئيس للقوة القضائية ، ولكن كلّ رئيس للقوة القضائية فهو قاض واقعاً وإن كانا يشتركان في الاجتهاد.

إذاً لا دليل على شرط الذكورة والاجتهاد معاً في رئيس الدولة القائمة على مؤسسات الشورى والدستور لأجل حفط النظام.

هذه هي أهم الأدلة التي ذكرت لاشتراط الذكورة في رئيس الدولة ، ونكتفي بها عن بعض الوجوه الاستحسانية التي لم تصمد أمام المناقشة ولم تثبت صحتها ، مثل كون الرجل أكثر عقلاً وتدبيراً من المرأة ، أو أنّ وجوب الحجاب وعدم الخروج من البيت إلاّ بإذن الزوج ينافي حضور محافل الرجال والحديث معهم ممّا يحتاجه رئيس الدولة لإقرار النظام.

١٥٤

هل يشترط الذكورة في القاضي؟

نعم ، لقد اشترط الفقهاء في القاضي الذكورة ، وذلك لعدة أدلة ، أهمها هو موثقة أبي خديجة التي يرويها الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة (سالم بن مكرّم الجمّال) (وأبو خديجة سالم بن مكرّم ثقة بشهادة النجاشي قدس‌سره) عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فأجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته قاضياً فتحاكموا اليه» (١).

وقد ذكر السيد الخوئي قدس‌سره : إنّ هذا الحديث راجع إلى قاضي التحكيم (لا القاضي المنصوب) لأنّ قوله عليه‌السلام «قد جعلته قاضياً» متفرّع على «فاجعلوه بينكم» وهو القاضي المجعول (٢).

ولكن الصحيح أنّه وارد في القاضي المنصوب ; لأنّ «فاجعلوه بينكم» هو أمر بالجعل للرجل أن يكون حكماً بينهم وإلزام بذلك ، وقد علّل هذا الإلزام بأنّه قد جعله قاضياً ، وهذا يعني ثبوت النصب في المرتبة السابقة على جعل الرجل بينهم قاضياً ، وأنّ جعل الرجل بينهم واجب على أساس النصب السابق.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ : باب ١ من صفات القاضي حديث ٥.

(٢) راجع مباني تكملة المنهاج ١ : ٨.

١٥٥

وعلى كلّ حال ، فإنّ حمل هذا الحديث على قاضي التحكيم ، ثبتت الرجولة في القاضي المنصوب بطريق أولى ، وإن حمل على القاضي المنصوب «كما هو الظاهر منه» ثبت في القاضي المنصوب اعتبار الذكورة.

ويؤيّد هذا الحكم برواية الإمام الباقر عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام قال : «يا علي ليس على المرأة جمعة ـ إلى أن قال ـ ولا تولّى القضاء» (١) ; لضعف الرواية ، مع إمكان حملها على عدم الوجوب ، لا شرط الذكورية في القاضي بحيث يكون جعلها قاضياً باطلاً.

وهناك دليل آخر يستفاد من مسيرة المسلمين من أول رسالة الرسول مروراً بالأئمة سلام الله عليهم والصحابة والتابعين ، حيث كانت هناك نساء في أعلى مراتب الكمال والفضل ولم تجعل واحدة منهن قاضية لإنهاء التخاصم والتنازع ، وهذا العمل من المسلمين يكشف عن رأي الشريعة.

وبعبارة أُخرى : إنّ الجوّ التشريعي في ذلك الزمان الذي لم يجعل للمرأة صلاحية إمامة الرجال في الصلاة يمنع من انعقاد الإطلاق في أدلة القضاء الشامل للنساء لوكان هناك إطلاق وقلنا : إنّ كلمة «الرجل» في معتبرة سالم بن مكرّم هى من باب الغلبة لا التعبّد ، وإذا منع الإطلاق في ذلك الجوّ التشريعي فحينئذ لا يكون عندنا إطلاق يدلّ على صحة قضاء المرأة.

وعلى كلّ حال ، فاحتمال وجود ارتكاز متشرعي على أنّ القاضي يجب أن يكون رجلاً ، يمنع من التمسك بإطلاق أدلّة القضاء للرجل وللمرأة ; لأنّ احتمال ما يصلح للقرينة يبطل الإطلاق كما حقّق ذلك في الاُصول. وحينئذ لا يوجد عندنا دليل على جواز تولّي المرأة القضاء.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ : باب ٢ من صفات القاضي حديث ١.

١٥٦

هل حرمان المرأة من منصب القضاء يعدّ توهيناً وظلماً لها؟

الجواب :

١ ـ أنّ الإسلام بعد أن اعترف بمساواة المرأة للرجل في الإنسانية والكرامة والحقوق والواجبات الفطرية ، آمن أنّ المرأة تضعف عن مقاومة الضغوط والمشاكلّ ، وأنّ عاطفتها غالبة على الجانب العقلي فيها ، فأعفاها عن القضاء والجهاد لما فيهما من مشاكلّ كثيرة لا تتحملهما المرأة. وهذا الإعفاء عن المخاطر لا يعدّ توهيناً ولا ظلماً ، بل احتراماً وتوقيراً.

٢ ـ أنّ من يتربّى بتربية الإسلام لا ينظر إلى الجهاد والقضاء على أنّه مغنم من المغانم ، بل ينظر إليهما كمسؤولية عظمى ، كثيراً ما تزل فيها الأقدام ، وقد يخرج منهما الداخل مهزوزاً منكسراً ، فاُعفيت المرأة من هذه المسؤوليات والأعباء ، غاية الأمر الإعفاء في الجهاد رخصة وفي القضاء عزيمة.

١٥٧
١٥٨

هل للمرأة أن تكون مرجعاً للأُمّة؟

إن تسلّم منصب المرجعية وقيادة الاُمة (الخلافة العامة) هل يمكن أن تكون للمرأة؟

الجواب :

١ ـ أنّ هناك أدلّة ذكرت لفظ «الرجل» في من يحكم بين المتنازعين ، مثل معتبرة سالم بن مكرم الجمال (١). ومن المعلوم أنّ منصب الإفتاء والمرجعية العامة هو أرقى وأعلى من منصب القضاء ، وأنّ القضاء حكم شخصي بين اثنين أو بين جماعة رفعاً للتخاصم ، والفتوى من المرجع هي حكم كلّي يبتلي به عامة المسلمين ، بالإضافة إلى قيادة الاُمّة التي يقوم بها المرجع ، فإذا ثبتت الرجولة في باب القضاء كانت الرجولة معتبرة في باب المرجعيّة بطريق أولى.

٢ ـ لو كانت كلمة «رجل» في معتبرة سالم بن مكرّم الجمّال قد أخذت من باب الغلبة في الرواية ، لا من جهة التعبّد وحصر القضاء في الرجال ، فنقول : إنّ الجوّ التشريعي الذي صدرت فيه الروايات المطلقة التي تقول : أما لكم من مفزع تستريحون إليه (أي أمالكم من عالم في الشريعة ترجعون إليه في أخذ أحكامكم منه) لا يمكن المصير إليها وإلى إطلاقاتها ; لأنّ احتمال أن يكون ارتكاز متشرعي يقول : إنّ المراد ممّن يرجع إليه في الفتوى هو الرجل فقط كان موجوداً في ذلك

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ : باب ١ من صفات القاضي حديث ٥.

١٥٩

الجو الذي منع أن تكون المرأة امامه لجماعة الرجال ، وهذا الارتكاز المتشرّعي يمنع من التمسك بالإطلاقات ، أي أنّ الإطلاق في ذلك الجو التشريعي والارتكاز المتشرعي عند المتشرعة لا ينعقد ، وحينئذ نبقى فاقدين للدليل على جواز أن تتصدّى المرأة لمنصب الخلافة العامة وإن كانت مجتهدة تعمل برأيها.

وبعبارة أُخرى : إنّ احتمال وجود ارتكاز متشرعي لاشتراط الرجولة في المقلَّد في زمن الأئمة سلام الله عليهم يخرّب ظهور الإطلاقات في رجوع الجاهل إلى العالم ، فيسقط الإطلاق ، ويبقى احتمال إرادة إمكان أن تكون المرأة مرجعه في التقليد ، لكن لا دليل عليه.

٣ ـ إذا نظرنا واستقرأنا حالة لحالة الديانات السماوية قبل الإسلام وفي زمن الإسلام وبعد زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نرى أنّ الأنبياء كلّهم من الرجال والأوصياء كلّهم من الرجال ، ولا يوجد حالة واحدة تصدّت فيها المرأة لذلك المنصب العظيم.

وبما أنّ منصب الخلافة العامة والمرجعية العليا هو وكالة عن منصب الأوصياء ، ويكون المرجع مبيّناً لأحكام الشريعة ، كما كان يبينها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو الوصي مع فارق واضح في إصابة النبي والوصي لأحكام الشريعة ومطابقتها للواقع ، فيكون قولهم وعملهم وإقرارهم حجة.

بخلاف المرجع الذي قد يصيب الواقع وقد يخطؤه ، إلاّ أنّه مع ذلك هو وكيل عن الوصي في رئاسة هذه الاُمة ، فيكون هذا المنصب كمنصب الأنبياء والأوصياء مختصاً بالرجال ، لوجود السيرة المتشرعية على ذلك ، التي تكشف عن وجودها عند أصحاب الشرائع الكاشف عن إقرار الشرائع لها ، ولهذا يثبت الدليل على اعتبار الذكورة ويكسر الإطلاق اللفظي أو الناشيء من السيرة العقلائية على رجوع الجاهل إلى العالم (الشامل للعالم الذكر والاُنثى).

١٦٠