أضواء على ثورة الحسين عليه السلام

السيد محمّد الصدر

أضواء على ثورة الحسين عليه السلام

المؤلف:

السيد محمّد الصدر


المحقق: الشيخ كاظم العبادي الناصري
الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٦٣

كما أنَّ الأئمَّة معصومون بالعصمة الواجبة ، فإنَّ العصمة على قسمين :

القسم الأوَّل : العصمة الواجبة ، وهي التي دلَّ الدليل العقلي على ثبوتها بالضرورة للأنبياء وأوصيائهم عليهم‌السلام. كما هو مبحوث في العقائد الإسلاميَّة. وهذه المرتبة عطاء مِن قِبَل الله إليهم ، لا ينالها غيرهم ولا يُمكن أنْ يكون الدليل عليها دليلاً على غيرهم أيضاً.

القسم الثاني : العصمة غير الواجبة ، وهي مرتبة عالية جِدَّاً مِن العدالة ، والانصياع لأوامر الله سبحانه ونواهيه ، بحيث يكون احتمال صدور الذنب عن الفرد المُتَّصف بها نادراً أو مُنعدماً ؛ لمدى الملكة الراسخة لديه والقوَّة المانعة عن الذنوب فيه.

وفكرتها نفس الفكرة السابقة ؛ لأنَّ معناها واحد مِن الناحية المنطقيَّة ، إلاَّ أنَّها تُفرَّق عنها ببعض الفروق :

أوَّلاً : عدم شمول البرهان على العصمة الواجبة للعصمة الأُخرى.

ثانيا : عدم شمول العصمة الواجبة للخطأ والنسيان بخلاف الأُخرى.

ثالثاً : مُلازمة العصمة الواجبة مع درجة عالية مِن العلم بخلاف الأُخرى ؛ فإنَّها قد تحصل لغير العالم كما تحصل للعالم.

رابعاً : انحصار عدد أفراد المعصومين بالعصمة الواجبة بالأنبياء والأوصياء. وأمَّا العصمة الأُخرى فبابها مفتوح لكلِّ البشر ، في أنْ يسيروا في مُقدِّماتها وأسبابها حتَّى ينالوها ، وليست الرحمة الإلهيَّة خاصَّة بقوم دون قوم.

إذا عرفنا ذلك ؛ أمكننا القول بكلِّ تأكيد : إنَّ عدداً مِن أصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام معصومون بالعصمة غير الواجبة هذه ؛ ومعه يتعيَّن حمل أقوالهم وأفعالهم على العصمة والحكمة ، شأنهم في ذلك شأن أيِّ معصوم.

الوجه الثاني : إنَّ أمثال هؤلاء الأصحاب والمُقرَّبين للأئمَّة (عليهم

٤١

السّلام) ، قد ربَّاهم المعصومون عليهم‌السلام ، وكانوا تحت رعايتهم وتوجيههم ، وأمرهم ونهيهم ردحاً طويلاً مِن الزمن ، إلى حدٍّ يُستطاع القول : إنَّهم فهموا الاتِّجاه المُعمَّق والارتكازي ـ لو صحَّ التعبير ـ للمعصومين (سلام الله عليهم) ؛ ومِن هنا كان باستطاعتهم أنْ يُطبِّقوا هذا الاتِّجاه في كلِّ أقوالهم وأفعالهم.

كما يُستطاع القول : إنَّ الأصحاب (رضوان الله عليهم) تلقُّوا مِن الأئمَّة عليهم‌السلام توجيهات وقواعد عامَّة في السلوك والتصرُّف ، أكثر مِمَّا هو مُعلَن بين الناس بكثير ؛ بحيث استطاعوا أنْ يُطبِّقوا هذه القواعد طيلة حياتهم.

الوجه الثالث : إنَّ هؤلاء مِن خاصَّة الأصحاب همْ مِن الراسخين في العلم ، وقد أصبحوا كذلك لكثرة ما سمعوا ، ورووا عن المعصومين عليهم‌السلام ابتداءً بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وانتهاء بالأئمَّة عليهم‌السلام ، مِن حقائق الشريعة ودقائقها وأفكارها.

وقد يخطر في البال : أنَّ عنوان (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١) خاصٌّ بقسم مِن الناس ، ولا يُمكن أنْ يشمل قسماً آخر ، فهو خاصٌّ إمَّا بالأئمَّة المعصومين عليهم‌السلام أو بمَن هو معصوم بالعصمة الواجبة ، بما فيهم الأنبياء عليهم‌السلام. وأمَّا شمول هذا العنوان لغيرهم فهو محلُّ إشكال ، وخاصَّة بعد أنْ ورد في بعض الروايات (٢) تفسيره بأحد هذين المعنيين.

وجوابه : إنَّ أخصَّ الناس مِمَّن يُمكن اتِّصافه بهذه الصفة ، هُمْ المعصومون عامَّة والأئمَّة خاصَّة ، وهُمْ القدر المُتيقَّن مِن هذا العنوان ـ أعني : الراسخين في العلم ـ وهُمْ فعلاً كذلك. ولا يُمكن أنْ يُضاهيهم بدرجتهم أحد ؛ ومِن هنا ورد التفسير في ذلك (٣) إلاَّ أنَّ هذا لا يُنافي أنْ يكون الباب مفتوحاً لكثيرين في أنَّ

__________________

(١) سورة آل عمران آية ٧.

(٢) أصول الكافي للكليني ج ١ باب ٧٧ ص ٢١٣.

(٣) مجمع البيان للطبرسي ج ٢ ص ٧٠١.

٤٢

يتَّصفوا بهذه الصفة ، بعد أنْ يصلوا إلى درجات عالية مِن طهارة النفس والإخلاص واليقين. وإنَّ أهمَّ وأخصَّ مَن يُمكن أنْ يتَّصف بذلك همْ أصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام ، مِمَّن تربُّوا على أيديهم وانصاعوا إلى توجيهاتهم.

فإذا تمَّ لنا ذلك ؛ أمكننا أنْ نُعقِّب عليه ما يتَّصف به الراسخون بالعلم مِن مزايا وصفات تفوق غيرهم ، بما لا يُقاس ولا يعرفه الناس ، بما فيه الاطِّلاع على مراتب مِن تفسير وتأويل القرآن الكريم. وكذلك الاطِّلاع على كثير مِن واقعيَّات الأُمور ، التي لا يعرفها إلاَّ الخاصَّة مِن الخلق ، وإنَّما نحن نعترَّض ونستشكل لمدى جهلنا بهذه المراتب العُليا ، ولمدى قصورنا وتقصيرنا لا أكثر ولا أقلَّ.

الوجه الرابع : إنَّ هؤلاء مِن خاصَّة أصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام مِن (المُقرَّبين) ، بعد أنْ نلتفت إلى أنَّ سورة الواقعة مِن القران الكريم ، قسَّمت البشر إلى ثلاثة أقسام لا تزيد ولا تنقص ، هم :

أوَّلاً : أصحاب الشمال (١) أو أصحاب المَشئمة (٢) وهُمْ أصحاب النار هُمْ فيها خالدون.

ثانياً : أصحاب اليمين (٣).

ثالثاً : المُقرَّبون (٤).

إذن فالأخيار مِن الناس ، غير (أصحاب الشمال) على قسمين : أصحاب يمين ، ومُقرَّبون.

وهذان القسمان يختلفان كثيراً في الدرجات عند الله سبحانه ، إلى

__________________

(١) سورة الواقعة. آية ٤١

(٢) سورة الواقعة اية ٥

(٣) سورة الواقعة. آية ٣٨ و ٩٠ و ٩١

(٤) وهم السابقون كما عبر عنهم القرآن فيقول الله تعالي (السابقون السابقون أولئك المقربون) سورة الواقعة آية (١٠ ـ ١١).

٤٣

حَدٍّ يُستطاع القول : إنَّ العوالم التي يعيشونها في الجنان بعد هذه الحياة ليس مِن جنس واحد ، بلْ هي مِن جنسين مُختلفين تماماً ، ولا يُمكن إيضاح تفاصيله في هذه العُجالة. ويكفي أنْ نُشير إلى أنَّ الجنَّة الموصوفة في ظاهر القرآن الكريم ، والتي يطمع بها سائر الناس ، إنَّما هي جنَّة أصحاب اليمين ، وأمَّا جنَّات المُقرَّبين فهي شي آخر ومِن جنس مُختلف لا يُشبه ذاك على الإطلاق.

وينبغي الالتفات إلى أنَّ الباب بالرحمة الإلهيَّة مفتوح لكلِّ أحد ، في أنْ يُصبح مِن أصحاب اليمين ، أو المُقرَّبين ، بمُقدار ما أدَّى مِن عمل ، وبمُقدار ما يُطيق مِن قواه العقليَّة والنفسيَّة والروحيَّة ، ونحو ذلك مِن الأُمور.

فإذا تمَّ لنا ذلك أمكننا بكلِّ تأكيد أنْ نقول : إنَّ خاصَّة أصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام ، همْ فعلاً مِن المُقرَّبين ، وليسوا فقط مِن أصحاب اليمين.

ومَن كان مِن المُقرَّبين كان ـ مِن المُهمين ـ المُسددَّين مِن قِبَل الله سبحانه جزماً بنصِّ القرآن ، ومثاله نزول الوحي على مريم بنت عمران (١) وآسية بنت مُزاحم (٢) زوجة فرعون ، وأُمُّ موسى (٣) ، والعبد الصالح (٤) ، وكلُّهم ليسوا مِن الأنبياء ولا المُرسلين.

وإذا ثبت كون خاصَّة أصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام الراسخين في العلم ومِن المُقرَّبين ، فلا عجب في اتِّصافهم بأوصاف تفوق غيرهم بمراتب ، مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «سلمان مِنَّا أهل البيت» (٥) وقوله : «ما أقلَّت الغبراء وما أضلَّت

__________________

(١) سورة آل عمران. آية (٤٢ ـ ٤٣) ـ سورة مريم آية ١٧.

(٢) (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) سورة القصص آية ٩.

(٣) سورة طه آية ٣٨ ـ سورة القصص آية ٧

(٤) (فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) سورة الكهف آية ٦٥.

(٥) الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج ١٦ ص ٢٩٢ ـ أُسد الغابة لابن الأثر ج ٢ ص ٣٢٨.

ـ وسلمان الفارسي هو أبو عبد الله ، ويُعرف بسلمان الخير مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وسئل عن نسبه

٤٤

الخضراء ذي لهجة أصدق مِن أبي ذَرٍّ) (١) ، وما ورد مِن أنَّ حذيفة (٢) وميثم التَّمار (٣) وحبيب بن مُظاهر كان لديهم علوم خاصَّة ، قد نُسمِّيها :

__________________

= فقال : أنا سلمان ابن الإسلام. أصله مِن فارس مِن رام هرمز. وقيل : إنَّه مِن جَيّ وهي مدينة أصفهان. وكان اسمه قبل الإسلام مابه بن بوذ خشان بن مورسلان بن بهبوذان بن فيروز بن سهرك ، مِن ولد آب الملك ، وقد قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنَّ الجنَّة تشتاق إلى ثلاثة : عليٌّ ، وعمار ، وسلمان».

وكان سلمان مِن خيار الصحابة وزُهَّادهم وفضلائهم وذوي القُرب مِن رسول الله.

قالت عائشة : كان لسلمان مجلس مِن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالليل حتَّى كاد يغلبنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وسُئل عليٌّ عليهم‌السلام عن سلمان فقال : «عُلِّم العلم الأوَّل والعلم الآخر ، وهو بحر لا يُنزَف ، وهو منَّا أهل البيت».

وكان عطاؤه خمسة آلاف ، فإذا خرج عطاؤه فرَّقه وأكل مِن كسب يده ، وكان يسفُّ الخوص.

وهو الذي أشار على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحفر الخندق لمَّا جاءت الأحزاب ، فلمَّا أمر رسول الله بحفره احتجَّ المُهاجرون والأنصار في سلمان ، وكان رجلاً قويَّاً. فقال المهاجرون : سلمان منَّا. وقال الأنصار : سلمان منَّا. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «سلمان منا أهل البيت».

توفِّي سنة ٣٥ هـ آخر خلافة عثمان ، وقيل : أوَّل سنة ٣٦ هـ. وقيل : توفِّي في خلافة عمر. والأوَّل أكثر.

قال العباس بن يزيد : قال أهل العلم عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة. وقال أبو نعيم : كان سلمان مِن المُعمِّرين ، يُقال : إنَّه أدرك عيسى بن مريم وقرأ الكتابين. أُسد الغابة ج ٢ ص ٣٢٨.

(١) أُسد الغابة لابن الأثير ج ١ ص ٣٠١ ـ الكُنى والألقاب ج ١ ص ٧٤.

وأبو ذرِّ الغفاري هو جندب بن جنادة. وقيل : ندب بن السكن مهادري. أحد الأركان الأربعة ، روي عن الإمام الباقر عليه‌السلام : «إنَّه لم يرتدَّ». مات في زمن عثمان بالرَّبذة سنة ٣١ أو ٣٢ هـ بعد ما نُفي هناك. له خُطبة يشرح فيها الأُمور بعد النبي. وقال فيه النبي : «ما أضلَّت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء على ذي لَهجة أصدق مِن أبي ذرٍّ» الكُنى والألقاب ج ١ ص ٧٤.

(٢) حذيفة بن اليمان ، وهو حذيفة بن الحسل ، ويقال : حسبل بن جابر بن عمرو ... بن عبد الله العبسي واليمان لقب حسل بن جابر ، هاجر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فخيَّره بين الهدرة والنُّصرة فاختار النُّصرة ، وشهد مع النبي أُحْد ، وقُتِل أبوه بها ويذكر عند اسمه. وحذيفة صاحب سرِّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنافقين لم يعلمهم أحد إلاَّ حذيفة ، أعلمه بهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسأله عمر أفي عُمَّالي أحد مِن المُنافقين قال : نعم. وكان عمر إذا مات ميِّت يسأل عن حذيفة فإنْ حضر الصلاة عليه صلَّى عليه عمر ، وإنْ لم يحضر حذيفة الصلاة لم يحضر عمر. وشهد حذيفة الحرب في نهاوند ، فلما قُتِل النعمان بن مقرن أمير ذلك الجيش أخذ الراية ، وكان فتح هندان والري والدينور على يده ، وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين وتزوَّج فيها. وأرسله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الأحزاب سريَّة ليأتيه بخبر الكفَّار. وكان موته بعد قتل عثمان بأربعين ليلة سنة ٣٦ هـ. أُسد الغابة ج ١ ص ٣٩.

٤٥

علم المنايا والبلايا ، أو علم ما كان وما يكون ، أو علم الجفر ونحو ذلك. ومثله ما ورد : أنَّ عليَّاً عليه‌السلام قال لابنه العباس عليه‌السلام وهو صغير : (قُلْ : واحد). فقال : واحد. فقال له : (قُلْ : اثنين). فرفض (١) ؛ لأنَّه عليه‌السلام يجد الوجود الإلهي والنور الإلهي هو الواحد الأحد ، ولا شيء غيره. إذاً ؛ فلا يوجد اثنان ليقول : اثنين. وهذا كان ثابتاً له في صغره ، فكيف يُصبح؟ وماذا ينال مِن مدارج اليقين في كبره؟. إلى غير ذلك مِن الروايات.

الوجه الخامس : إنَّ التصرُّفات المُهمَّة ، التي ترتبط بالمصالح العامَّة وبالحكمة الإلهيَّة في تدبير المُجتمع وتسبيب أسبابه ، هي دائماً محلُّ عناية الله

__________________

(٣) ميثم التمَّار : كان ميثم (رض) عبداً لامرأة مِن بني أسد ، فاشتراه أمير المؤمنين عليه‌السلام واعتقه على كثير وأسراراً خفيَّة مِن أسرار الوصيَّة ، فكان ميثم يُحدِّث ببعض ذلك فيشكُّ فيه قوم مِن أهل الكوفة ، وينسبون علياً عليه‌السلام في ذلك إلى المَخرقة والإيهام والتدليس حتَّى قال عليه‌السلام له يوماً بمحضر خلق كثير مِن أصحابه وفيهم الشاكُّ والمُخلص : «يا ميثم ، إنَّك تؤخد بعدي وتُصلب وتُطعن بحربة ، فإذا كان ذلك اليوم الثالث ابتدر منحراك وفمك دماً فتُخضَّب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب ، فتُصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة أنت أقصرهم خشبة وأقربهم مِن المِطهرة. وأمضِ حتَّى أُريك النخلة التي تُصلب على جدعها» فأراه إيَّاها. فكان ميثم يأتيها ويُصلِّي عندها ويقول : بوركت مِن نخلة! لك خلقت ولي غذيت. ولم يزل يتعاهدها حتَّى قطعت ، وحتَّى عرف الموضع الذي يُصلب عليه في الكوفة وحدَّ في السنة التي قُتِل فيها ، فدخل على أُمِّ سلمة (رض) فقالت : مَن أنت؟ قال : أنا ميثم. قالت : والله ، لربَّما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يذكرك ويوصي بك عليَّاً عليه‌السلام في جوف الليل ، فسألها عن الحسين عليه‌السلام فقالت : هو في حائط له. قال : أخبريه أنَّني أحببت السلام عليه ، ونحن مُلتقون عند رب العالمين إنْ شاء الله ، فدعت بطيب وطيَّبت لحيته ، وقال : أما إنَّها ستُخضَّب بدم. فقدم الكوفة فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه وحبس معه المُختار بن أبي عبيدة ، فقال له ميثم : إنَّك تُفْلِت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه‌السلام فتقتل هذا الذي يقتلنا ، فلمَّا دعا عبيد الله بالمُختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله ، يأمره بتخلية سبيله فخلاَّه وأمر بميثم أنْ يُصلب ، فلمَّا رُفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على تحت خشبته وَرشَّه وتجميره ، فجعل ميثم يُحدِّث بفضائل بني هاشم ، فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد. فقال : ألجموه. وكان أوَّل خلق الله ألجم في الإسلام. الكُنى والألقاب ج ٣ ص ٢١٧.

(١) خاتمة المستدرك للعلامة النوري ج ٣ ص ٨١٥. نقلاً عن مجموعة الشهيد الأول قدس‌سره.

٤٦

سبحانه وتدبيره ، وكلُّ شيء يتوقَّف على ذلك فهو حاصل لا محالة بقدرة الله سبحانه ، وكلُّ مانع يمنع عنه فهو مُنتفٍ بقدرته أيضاً ، لكنْ مع حفظ ظاهر الأسباب والمُسبَّبات المعهودة بطبيعة الحال. والمقصود صدق ما ورد مِن أن لله غايات وبدايات ونهايات في أفعاله جل جلاله (١) ، وأنَّ الأُمور تسير كنظام الخرز يتبع بعضها بعضاً ؛ الأمر الذي يُنتج أنَّ ما يُريده الله سبحانه في البشر حاصل لا محالة. ولا يستطيع أحد على الإطلاق تغييره.

وإنْ خطر في ذهنه كونه مؤثِّراً أو فاعلاً لشيء مِن الأشياء ، قلَّ أو كثر مِن هذه الجهة أو أيِّ جهةٍ أُخرى.

فإذا تمَّ لنا ذلك : أمكننا القول : بأنَّ تصرُّفات الأئمَّة (سلام الله عليهم) وأصحابهم لا شكَّ مُندرجة في هذا النظام الإلهي العام ، ومؤثِّرة في سير التاريخ البشري عامَّة والإسلامي خاصَّة ؛ وحيث عرفنا أنَّ كلََّ ما يُريده الله سبحانه في هذا التاريخ ، فإنَّه لا بُدَّ مِن حدوثه ، يعني حتَّى لو توقَّف على أيِّ سبب خارق للطبيعة ؛ ومِن المُستطاع القول ـ عندئد ـ : إنَّ الإلهام والتوجيه الإلهيَّين لهؤلاء ضروريٌّ في هذه المرحلة مِن التاريخ ، بلْ في كلِّ مرحلة منه ، بلْ ليس مِن الضروري في الفرد أنْ يعلم كونه موجَّهاً ومُسدَّداً مِن قبل الله سبحانه ، بلْ قد يكون كذلك مِن حيث لا يعلم لمدى أهميَّة تأثيره في المصالح العامَّة والتاريخ الإسلامي أو العالم.

ولا شكَّ أنَّنا نستطع إبراز بعض النقاط لأصحاب الأئمَّة عليهم‌السلام ، لإيضاح مدى تأثير أعمالهم وأقوالهم في التاريخ القريب والبعيد : النقطة الأُولى : كونهم منسوبين إلى الأئمَّة عليهم‌السلام مع أنَّ تأثير الأئمَّة أنفسهم في التاريخ أوضح مِن أنْ يخفى ، وقد يكون ذلك عن طريق

__________________

(١) كشف المُراد للعلاَّمة ص ٣٠٦

٤٧

أصحابهم. بلْ كثيراً ما يكون ذلك.

النقطة الثانية : كون الدين الإسلامي في صدر الإسلام كان محصوراً في منطقة محدودة ، وغير مُنتشر في بقاع عديدة مِن العالم مِمَّا بلغه بعد ذلك.

النقطة الثالثة : قوَّة الأعداء المُتربِّصين بالدين وأهل الدين ، بالمَكر والحيلة والغيلة ، مِن الداخل ومِن الخارج على السواء.

النقطة الرابعة : الإعداد لظهور المهدي عليه‌السلام في آخر الزمان ؛ فإنَّ نجاح حركته إذ يُريد أنْ يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً (١). وكما هي وظيفته الإلهيَّة في ذلك.

أقول : نجاحها يتوقَّف على أسباب ، وتلك الأسباب ينبغي أنْ يعدَّها الله قبله ، وهو جلَّ جلاله فاعل ذلك لا محالة ؛ لأنَّ ظهور المهدي عليه‌السلام وعد والله لا يُخلف الميعاد.

وقد يخطر في الذهن : إنَّه يكفي الإعداد للظهور في العشر السنوات الأخيرة السابقة عليه في علم الله سبحانه. قلنا : كلاَّ ، فإنَّ الحال في هذه العشر سنوات أيضاً تحتاج إلى سبب ، وسببه يحصل في العشر السنوات التي قبلها ، وهكذا إلى أنْ يصل إلى عصر صدر الإسلام ، ويتَّصل بالأئمَّة المعصومين عليهم‌السلام وأصحابهم. بلْ يتَّصل بما قبل الإسلام مُنذ نزول آدم عليه‌السلام فما بعده ؛ لأنَّ ذلك كلَّه نظام واحد مُتَّصل ومُتسلسل ، يتبع بعضه بعضاً في الحكمة الإلهيَّة كنظام الخرز.

الوجه السادس : إنَّ ما ذكرناه مِن الوجوه السابقة قد يُناقش في عمومها لكلِّ أصحاب الأئمَّة ، أو قُلْ : لكلِّ تصرُّفاتهم ، وإنْ كان الوضع السابق يجعلها شاملة على أيِّ حال. ولكنَّ المقصود الآن : أنَّ بعض التصرُّفات مِن بعض

__________________

(١) البرهان للمُتَّقي الهندي : الباب ١١ ، الحديث (٢ ـ ٣) ـ أعيان الشيعة للأميني ج ٢ ص ٤٦.

٤٨

أصحابهم غير الخاصَّة منهم ، يُمكن أنْ تكون على خطأ ، أو قابلة للمُناقشة بشكل وآخر. وليس بالضرورة أنْ تكون الأقوال والأفعال والتصرُّفات الموجودة في ذلك الحين ، ضروريَّة الحمل على الصحَّة ، ويكون التاريخ مسؤولاً عن تصحيحها ، بلْ يُمكن نقدها واعتبارها باطلاً فعلاً ، وتحميل مسؤوليَّتها على أصحابها ـ سواء اعتبرناهم معذورين فعلاً عنها غفلةً أو جهلاً أم غير معذورين ـ باعتبار التفاتهم إليها وتعمُّدهم لها. وهذا يكون موكولاً إلى الباحث التاريخي ، ولا حاجة الآن إلى تسمية أحد بهذا الصدد.

٤٩

إلقاء النفس في التَّهلُكة

ينبغي لنا ، ونحن بصدد الحديث عن حركة الحسين عليه‌السلام وثورته ، أنْ نتصدَّى للجواب عن بعض الأسئلة الرئيسيَّة بهذا الصدد ، ومِن أهمِّها ما قد يرد على بعض الألسن مِن أنَّ الحسين عليه‌السلام ألقى نفسه في التَّهلُكة ، وإلقاء النفس في التهلُكة حرام بنصِّ القرآن (١).

وهذا لا وجه لا يخصُّ الإمام الحسين عليه‌السلام ، وإنْ كان فيه أوضح باعتبار القرائن المُتوفِّرة الواضحة ، التي تدلُّ على مقتله لو سار في هذا الطريق ، وعدم إمكانه الحصول على الانتصار العسكري المُباشر ، ولكنَّها أيضاً شُبهة موجودة بالنسبة للأئمَّة الآخرين عليهم‌السلام ؛ مِن حيث سيرهم في طريق الموت في حين أنَّهم يعلمون بحصوله ـ كما هو المُبرهن عليه والوارد عندنا في حقهم (٢) ـ وقد حصَّلنا فكرة كافية عن إحاطة علومهم فيما سبق.

إذاً ؛ فهم يعلمون بحصول هذه الوفاة في هذا الطريق ، فلماذا ساروا فيه؟! سواء كان المُراد الأمام الحسين أم غيره مِن المعصومين. وهل السير في ذلك إلاَّ السير في طريق التهلُكة المُحرَّمة بنصِّ القرآن الكريم؟!

ويُمكن الجواب على ذلك بعِدَّة وجوه نذكر أهمَّها :

الوجه الأوَّل : إنَّه يُمكن القول : إنِّ الآية الكريمة : (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ

__________________

(١) وهو قوله تعالى : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) سورة البقرة. آية ١٩٥.

(٢) أُصول الكافي للكليني ج ١ ص ٢٥٨ ـ باب ١٠٢ ـ أعلام الورى للطبرسي ص ٣٤٠ ـ مُرآة العقول للمجلسي ج ٣ ص ١٠٨.

٥٠

إِلَى التَّهْلُكَةِ) (١) ، خاصَّة غير عامَّة ، فإنَّ خصوصها وعمومها إنَّما هو ناشئ مِن المُخاطب فيها في قوله : (وَلاَ تُلْقُواْ) ، والمُخاطب فيها غير مُحدَّد.

وأوضح المصاديق الأُخرى مِن القرآن الكريم لذلك قوله تعالى : (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً) (٢) ؛ فإنَّ المُخاطب فيها غير مُحدَّد ، وإذا لم يكن مُحدَّداً لم يكن عمومها أكيداً ، كما يَفهم سائر الناس.

وقد يُستشكل : أنَّ الظاهر هو العموم ، وأنَّ الضمير يعود إلى سائر المسلمين. بما فيهم الأئمَّة عليهم‌السلام.

وجوابه : أنَّ هذا صحيح لو خُلِّي وطبعه ، إلاَّ أنَّه توجد في الآية التي نتحدَّث عنها قرائن صارفة عن كون الخطاب للمعصومين (سلام الله عليهم).

فإنَّه تعالى يقول : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٣) ، ومِن الواضح أنَّ الأمرين الأوَّل والأخير : (وَأَنفِقُواْ) و (أَحْسِنُوَاْ) خاصٌّ بغير الأئمَّة عليهم‌السلام بلْ بغير المعصومين وغير الراسخين في العلم عموماً ؛ لأنَّ أمثال هذه المُستويات العُليا مِن الإدراك لا تحتاجه ، وإنَّما يُعتبَر بالنسبة إليهم مِن توضيح الواضحات ، بلْ يكون الخطاب هذه الأُمور قبيحاً ، وحاشا لله وكلامه مِن القبح. إذاً ؛ فالمُخاطب غيرهم (سلام الله عليهم).

إذاً ؛ فقد وقع النهي عن التهلُكة في سياق الخطاب لغيرهم عليهم‌السلام فنعرف مِن وحدة السياق ـ وهي قرينة عُرفيَّة مبحوثة في علم الأُصول ـ : أنَّ النهي عن التهلُكة ، غير شامل لهم أيضاً. ومعه لا يُمكن القول : بأنَّ القرآن الكريم نصَّ عليهم بعدم إلقاء النفس في التهلُكة ـ كما يُريد

__________________

(١) سورة البقرة. آية ١٩٥

(٢) سورة مريم. آية ٧١.

(٣) سورة البقرة. آية ١٩٥.

٥١

المُستشكِل أنْ يقول ـ.

الوجه الثاني : إنَّه بعد أنْ ثبت أنَّ المعصومين عليهم‌السلام مُسدَّدون بالإلهام مِن قبل الله سبحانه ؛ إذ يكون عندهم نوعاً مِن التكاليف : ظاهريَّة وباطنيَّة. أمَّا الظاهرية ، فهي الموافقة لظاهر الشريعة والمُعلَنة بين الناس. وأمَّا الباطنيَّة ، فهي التعاليم التي يعرفونها بالإلهام ، فإذا تعارض الأمران : الظاهري والباطني ، كان الباطني أهمَّ كما هو أخصُّ أيضاً ؛ فيتقيَّد إطلاق الآية الكريمة ـ لو تمَّ ـ بغير هذا المورد. فلا يكون هذا المورد على المعصوم حراماً ، بلْ يكون واجباً بمُقتضى الإلهام الإلهي الثابت لديه. فيتقدَّم نحوه بخطوات ثابتة مُمْتثلاً أمر الله سبحانه ، وراجياً ثوابه الجزيل ببذل النفس في هذا السبيل. وهذا الأمر لا يختلف فيه الإمام الحسين عليه‌السلام عن غيره مِن المعصومين عليهم‌السلام.

الوجه الثالث : إنَّه مِن المُمكن أنْ لا يُراد مِن (التهلُكة) المنهيِّ عنها في الآية الكريمة ... التهلُكة الدنيويَّة ، بمعنى تحمُّل الموت أو المصاعب العظيمة ، كما يُريد الناس أنْ يفهموا منها. بلْ يُراد منها الهلاك المعنوي ، وهو الكفر وإلقاء النفس في الباطل والعصيان والانحراف ، وهو أمر منهيٌّ عنه بضرورة الدين.

وبتعبير آخر : إنَّ المُراد مِن التهلُكة ليس هو التهلُكة الدنيويَّة ، بلْ التهلُكة الأُخرويَّة ، وهو التسبيب إلى الوقوع في جهنَّم بالذنوب والباطل ، ولا أقلَّ مِن احتمال ذلك ، بلْ مِن الواضح أنَّ التعاليم الأُخرى الموجودة في سياقها ـ كما سمعنا فيما سبق ـ هي مِن الطاعات ، إذاً ؛ فتكون قرينة مُحتملة ، على أنَّ المُراد مِن هذا النهي : التحذير عن ترك الطاعات والوقوع في المعاصي (١).

__________________

(١) وهنا يشيرُ سماحة المؤلِّف إلى أنَّ الآية الكريمة تُعطي أوامر في سياق قرآني واحد وهو : (أنفقوا ـ ولا تُلقوا ـ أحسنوا) ، فإذا لاحظنا أنَّ الأمر الأوَّل والأخير (الإنفاق والإحسان) أنَّهما مِن الأُمور التي يُرجى عند العمل بها الحصول على الجزاء والثواب مِن الله عزَّ وجلَّ أُخرويَّاً ، أيْ : أنَّ العبد عندما يُنفق أو يُحسن لوجه الله إنَّما يأمل أنْ يرى أثر عمله أو طاعته أُخرويَّاً وهو رضى الله سبحانه =

٥٢

وإذا تمَّ ذلك : لم يكن في الآية أيُّ دليل على ما يُريد الناس أو يميل إليه المُستدلُّ ، بلْ تكون بعيدة عن ذلك كلَّ البُعد.

الوجه الرابع : إنَّنا لو تنزَّلنا جدلاً عن الوجوه السابقة ، وقلنا : بحرمة التهلُكة ، فإنَّها إنَّما تحرُم ما دام صدق العنوان موجوداً ، أو قلْ : إذا كان العرف يوافق على أنَّها تهلُكة فعلاً. وأمَّا إذا لم تكن كذلك خرجت عن موضوع التهلُكة فلم تُصبح مُحرَّمة. ولا شكَّ أنَّ المفهوم ـ عرفاً وعقلائيَّاً ـ أنَّ التهلُكة إنَّما تكون كذلك ، والصعوبة إنَّما تكون صعوبة ، فيما إذا كانت بدون عوض أو بدل ، فلو مرَّ الإنسان بصعوبة بليغة مِن دون نتيجة صالحة لتعويضها كان ذلك (تهلُكة). وأمَّا إذا كانت نتائجها حسنة فليست تهلُكة بأيِّ حال.

ونحن نرى الناس كلَّهم ـ تقريباً بلْ تحديداً ـ يُضحُّون مُختلف التضحيات في سبيل نتائج أفضل ى ، سواء مِن ناحية الأرباح الاقتصاديَّة أم المصالح الاجتماعيَّة أم النتائج السياسية أم الثمرات العلميَّة أم أيِّ حقل مِن حقول هذه الدنيا الوسيعة ، فإنَّه يحتاج إلى تضحية قبل الوصول إلى نتائج. ومِن الواضح أنَّ هذه النتائج ما دامت مُستهدفة لم يعتبرها الناس تهلُكة أو خسارة ، بلْ يعتبرونها ربحاً وفيراً ، ورزقاً كثيراً ؛ لأنَّها مُقدَّمات لها ، على أيِّ حال.

فإذا طبَّقنا ذلك على حركة الحسين عليه‌السلام أمكننا مُلاحظتها مع

__________________

= وتعالى عليه ، وبالتالي دخوله إلى الجنَّة فلا ينتظر الجزاء في الدنيا أو مِن الشخص المُقابل ، فإذا كانت نتيجة هذين الأمرين نتيجة أُخرويَّة يكون الأمر الثالث (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) أمراً أُخرويَّاً أيضاً ؛ لأنَّه واقع بنفس السياق ، فتكون التهلُكة تهلُكة أُخرويَّة وهو دخول جهنَّم ؛ لترك الطاعات والوقوع في المعاصي.

وأشار إلى هذا المعنى عدد مِن المُفسِّرين ، ومنهم الفخر الرازي ، الذي أعطى في تفسير هذا المقطع مِن الآية عِدَّة وجوه منها وجه قريب للمعنى السابق ، فيقول : قوله : (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) هو الرجل يُصيب الذنب الذي يرى أنَّه لا ينفعه معه عمل ، فذاك هو إلقاء النفس إلى التهلُكة ؛ فالحاصل أنَّ معناه النهي عن القنوط عن رحمة الله ؛ لأنَّ ذلك يحمل الإنسان على ترك العبوديَّة والإصرار على الذنب. انتهى.

٥٣

نتائجها بكلِّ تأكيد ، سواء النتائج المطلوب تحقُّقها منها في الدنيا أم المطلوب تحقُّقها في الآخرة ؛ فإنَّها نتائج كبيرة ومُهمَّة جِدَّاً ، ولعلَّنا في المُستقبل القريب لهذا البحث سنحمل فكرة كافية عن ذلك. وليس مِن حقِّنا أصلاً أنْ نُلاحظ هذه الحركة مُنفصلة عن النتائج ، خاصَّة بعد أنْ نعلم علم اليقين أنَّ الحسين عليه‌السلام إنَّما أرادها لذلك ، وأنَّ الله سبحانه إنَّما أرادها منه لذلك. إذاً ؛ فتسعيرها الواقعي وإعطاؤها قيمتها الحقيقيَّة ، إنَّما تكون مع مُلاحظة نتائجها لا محالة.

ومِن الواضح ـ عقلاً وعرفاً وعقلائيَّاً ـ أنَّنا إذا لاحظناها مع نتائجها لم تكن (تهلُكة) بأيِّ حال ، بلْ كانت تضحية بسيطة ـ مهما كانت مريرة ـ في سبيل نتائج عظيمة ومقامات عُليا في الدنيا والآخرة ، لا تخطر على بال ولم يعرفها مخلوق ، ويكون الأمر بالرغم مِن أهمِّيَّته القُصوى ، بمنزلة التضحية بالمصلحة الخاصَّة في سبيل المصلحة العامَّة ، وفي مثل ذلك لا يكون حقُّ أحد الإرجاف بأنَّها (تهلُكة). فإذا لم تكن تهلُكة لم تكن مشمولة لحكم التحريم في الآية الكريمة.

الوجه الخامس : إنَّه لا يُحتمَل فقهاً وشرعاً في الدين الإسلامي أنْ تكون كلُّ تهلُكة مُحرَّمة ، بلْ الآية الكريمة إنْ وجِد لها إطلاق وشمول ، فهي مُخصَّصة بكثير مِن الموارد ؛ مِمَّا يجب فيه إلقاء النفس في المصاعب الشديدة أو القتل ، أو يُستحب كالجهاد بقسميه الهجومي والدفاعي ، ومثل كلمة الحقِّ عند سلطان جائر (١) ، ومثل تسليم المُجرم نفسه إلى القضاء الشرعي ؛ ليُقام عليه الحدُّ الذي قد يؤدِّي به إلى الموت كالرجم والجَلْد والقطع وغيرها. وكلُّها جزماً مِن مصاديق التهلُكة بالمعنى العام ، ولكنَّها واجبة حيناً ومُستحبَّة أحياناً.

إذاً ؛ فليس كلُّ تهلُكة مُحرَّمة ، فكما أصبحت الأُمور المذكورة جائزة

__________________

(١) إسعاف الراغبين لمحمد الصبان على هامش نور الأبصار للشبلنجي ص ٧٧ ـ التهذيب للطوسي ج ٦ ص ١٨٧.

٥٤

ومُستثناة مِن عموم الآية الكريمة ، فلتكُن ثورة الحسين عليه‌السلام كذلك.

وما يُمكن أنْ يكون دليلاً على الاستثناء أحد ثلاث أُمور مُتصوَّرة ، أصبحت سبباً لقناعة الأمام الحسين عليه‌السلام بحركته :

الأمر الأوَّل : الإلهام الذي يأمره بالخروج في هذا السبيل أمراً وجوبيَّاً (١).

الأمر الثاني : إنَّه تلقَّى الوجوب عن جَدِّه نبي الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

الأمر الثالث : إنَّه رأى مصلحة عامَّة واضحة الصحَّة وبعيدة المدى ، بحيث يكون سلوك هذا السبيل مِن قبيل التضحية بالأُمور الخاصَّة مِن أجل المصالح العامَّة.

بقيَّة الحديث عن التهلُكة

وإذا تمَّ لنا ـ كما حصل فعلاً مِمَّا قلناه ـ تأويل الآية بالشكل المعقول ، الذي يصرفها عن محلِّ الكلام ومورد الإشكال ؛ إذاً سوف لن يكون سير الحسين عليه‌السلام في هذا السبيل ، وسير غيره مِن المعصومين عليهم‌السلام في طريق موتهم لا يكون أمراً مُحرَّماً ، بلْ هو جائز يختاره برضاه وطيب نفسه مِن أجل رضاء الله عزَّ وجلَّ ، والنتائج المطلوبة في المُستقبل ، ولكنَّنا مع ذلك نعرض في ما يلي الوجوه الأُخرى لتفسير ذلك مِمَّا قيل أو يُمكن أنْ يُقال في هذا الصدد.

__________________

(١) أصول الكافي ج ١ ص ٢٤٤ ـ بتصرُّف واقتضاب ـ أسرار الشهادة للدربندي ص ٢٢٦.

(٢) البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٣٢٨ ـ مثير الأحزان لابن نما ص ٢٢ ـ اللهوف لابن طاووس ص ١١.

٥٥

الوجه الأوَّل : النظر إلى المعصوم عليه‌السلام كقائد دنيويٍّ ، ومِن المعلوم أنَّ القائد الدنيويَّ قد لا يلتفت ، أو لا يتأكَّد مِن وقوعه في الموت في هذا الصدد الذي هو فيه ، وإنَّما يأتيه سبب الموت على حين غرَّة. غير أنَّ هذا الوجه غير تامٍّ لأكثر مِن جواب.

أوَّلاً : المنع عن النظر إليهم كقوَّاد دنيوين ، بعد كلِّ الذي برهنَّا عليه مِن كونهم مُسدَّدين مُلهمين مِن قبل الله سبحانه وتعالى.

ثانياً : إنَّنا حتَّى لو نظرنا إلى التسبيب الطبيعي ، فإنَّه كثيراً ما يكون مِن الراجح جِدَّاً حصول الموت في الطُّرق التي سلكها الأئمَّة في التسبيب لموتهم.

وأوضح مصاديق ذلك حركة الحسين عليه‌السلام ؛ إذ كان هو يعلم بموته ، وكذلك عدد مِمَّن ناقشه في سيره وأراد صرف رأيه عنه (١) ، كان مِمَّن يُرجِّح حصول مثل هذه الكارثة التي حصلت له.

ومعه فمِن سُخْف القول : إنَّ الإمام عليه‌السلام لم يكن مُلتفتاً إلى ذلك أو مُحتملاً له سلفاً ؛ وإلاَّ فقد أنزلناه إلى مرتبة وضيعة مِن التفكير.

الوجه الثاني : ما هو المشهور بين بعض المُفكِّرين في الدين ، مِن أنَّ المعصوم وإنْ كان بحسب طبعه الأوَّل معصوماً عن الخطأ والنسيان ، إلاَّ أنَّه في تلك الواقعة ، يعني : حين يُريد الله سبحانه التسبيب إلى موته يجعله ناسياً أو جاهلاً بالنتائج ، فيذهب في هذا الطريق وهو لا يعلم (٢).

أقول : وهذا الوجه إنَّما يكون حراماً إذا كان عمديَّاً. وأمَّا إذا كان عن جهل أو نسيان ، فلا يكون مُحرَّماً. لاستحالة تكليف الناسي والجاهل

__________________

(١) قد مرَّ ذكر أسمائهم سابقاً فراجع.

(٢) مرآة العقول للمجلسي ج ٣ ص ١٢٢.

٥٦

مادام بهذه الصفة ، والمفروض أنَّ هذه الصفة تلازم المعصوم عليه‌السلام إلى حين تورُّطه في الحادث.

إلاَّ أنَّ هذا الوجه ـ أيضاً ـ ليس بصحيح ؛ لأنَّه منقوض بما دلَّ مِن الروايات الواردة عنهم عليهم‌السلام ، على علمهم بحصول الموت لدى السير في هذا الطريق قبل التورُّط فيه ، كالذي ورد عن الحسين عليه‌السلام حين يقول : «كأنِّي بأوصالي تُقطِّعها عُسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن منِّي أكراشاً جوفاً وأجربه سُغباً ، لا محيص عن يوم خُطَّ بالقلم ، رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفِّينا أجور الصابرين» (١). ثمَّ قال في نفس الخُطبة : «فمَن كان باذلاً فينا مُهجته موطِّناً على لقاء الله نفسه ؛ فليرحل معنا ؛ فإنِّي راحل مُصبِّحاً إنْ شاء الله تعالى» (٢).

وكلُّ ذلك واضح الدلالة في علمه عليه‌السلام ، بموته وموت كلِّ أصحابه (سلام الله عليهم أجمعين).

وكذلك الإمام الرضا عليه‌السلام ، حين مشى بطريق الموت ؛ فإنَّه قال فيما قال لأبي الصلت الهروي (٣) : «فإنْ أنا خرجت إليك وأنا مكشوف الرأس

__________________

(١) اللهوف لابن طاووس ص ٢٦ ـ ابن نما الحلِّي ص ٢٩ ـ كشف الغمَّة للأربلي ج ٢ ص ٢٤١ ـ مقتل الخوارزمي ج ٢١ ص ٥.

(٢) نفس المصدر.

(٣) أبو الصلت الهروي : هو عبد السلام بن سالم الهروي ، روى عن الرضا عليه‌السلام ، ثقة صحيح الحديث قاله النجاشي والعلاَّمة. له كتاب وفاة الرضا عليه‌السلام وكان كما يشعر به بعض الكلمات مُخالطاً للعامَّة وراوياً لأخبارهم ، فلذلك التبس أمره على بعض المشايخ ، فذكر أنَّه عامِّيٌّ. قال الأُستاذ الأكبر في التعليقة بعد نقل كلام الشهيد الثاني في تشيُّعه : لا يخفى أنَّ الأمر كذلك فإنَّ الأخبار الصادرة عنه في العيون والأمالي وغيرهما الصريحة الناصعة على تشيعه ، بلْ كونه مِن خواصِّ الشيعة أكثر مِن أنْ تُحصى وعلماء العامَّة ذكروه. قال اذهني في ميزان الاعتدال : عبد السّلام بن صالح أبو الصلت الهروي رجل صالح إلاَّ أنَّه شيعي. ونقل عن الجُعفي : أنَّه رافضي خبيث. وقال الدار قطني أنَّه رافضي مُتَّهم. وقال ابن الجوزي : إنَّه خادم للرضا شيعي مع صلاحه. وروي أنَّ المأمون حَبس أبا

٥٧

فكلِّمني ، وإنْ خرجت إليك مُقنَّع الرأس فلا تُكلِّمني». فحين خرج إليه مقنع الرأس هابه أبو الصلت أن يتكلم معه (١) ، مُضافاً إلى الرواية التي تقول : فقال له : إلى أين أنت ذاهب ـ يابن رسول الله ـ؟ فقال : «إلى حيث أرسلتني» (٢).

إذاً ؛ فهو يعلم أنَّه أرسله إلى الموت ، ولم تكن إلى ذلك الحين دلالة طبيعيَّة أو عرفيَّة دالَّة على ذلك.

الوجه الثالث : إنَّ المعصوم عليه‌السلام يعلم بتكليف شرعي مِن الله عزَّ وجلَّ ، بالإلهام أو بالرواية عن جَدِّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تكليفاً وجوبيَّاً أو استحبابيَّاً بالسير في هذا الطريق ـ طريق الموت ـ. فهو بذلك يؤدِّي امتثاله لذلك التكليف الوجوبي أو الاستحبابي قُربة إلى الله تعالى ، ورجاء لرضاء الله سبحانه وثوابه. تماماً كالعبد المؤمن الاعتيادي حين يُصلِّي ، أو يصوم أو يحجُّ أو يتعبَّد عبادة واجبة أو مُستحبَّة. وهذا أحسن الوجوه التي عرفناها للجواب على مثل هذا السؤال على تقدير دلالة الآية الكريم على حُرمة التهلُكة. وقد عرفنا فيما سبق عدم دلالتها على ذلك إطلاقاً.

__________________

الصلت بعد وفات الرضا عليه‌السلام سنة ، فضاق صدره فدعا الله بمحمد وآل محمد ، فدخل عليه أبو جعفر الجواد عليه‌السلام فضرب يده إلى القيود ، ففكَّها وأخذ بيده وأخرجه مِن الدار والحرسة والغَلمة يرونه فلم يستطيعوا أنْ يُكلِّموه فخرج مِن باب الدار ، وقال له أبو جعفر عليه‌السلام : «امض في ودائع الله ؛ فإنَّك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبداً». الكُنى والألقاب ج ١ ص ١٠٠.

(١) الدمعة الساكبة ص ٨٦ ـ عيون أخبار الرضا للصدوق ج ٢ ص ٢٤٥.

(٢) نفس المصدر.

٥٨

رضا الله رضانا أهل البيت

سمعنا الإمام الحسين عليه‌السلام فيما سبق في الخُطبة المرويَّة عنه أنَّه قال : «رضى الله رضانا أهل البيت» (١). فنزيد هنا إعطاء فكرة كافية عن ذلك ، فإنْ فهم هذه الجملة يحتوي على تقسيمين :

التقسيم الأوَّل : النظر إلى معنى الرضى في هذا الجملة ، فإنَّنا تارة نفهم نفس الرضى بصفته عاطفة نفسيَّة محبوبة ، وأُخرى نفهم منها : الأمر المرضي ، يعني : الذي يتعلَّق به الرضى كما هو المُتعارف عرفاً التعبير عنه بذلك ولو مجازاً.

التقسيم الثاني : النظر إلى ما هو المُتبدأ والخبر في هذه الجملة ، فإنَّه قد يكون (رضى الله) مُبتدأ و (رضانا) خبر ، كما هو مُقتضى الترتيب اللفظي لهذه الجملة. كما أنَّه قد يكون العكس صحيحاً ، وهو أنْ يكون (رضا الله) خبراً مُقدَّماً و (رضانا) مُبتداً مُؤخَّراً.

وإذا لاحظنا كلا التقسيمين ، كانت الاحتمالات أربعة بضرب اثنين في اثنين ، ولكلٍّ مِن هذه المُحتملات معناها المُهمُّ. ويُمكن أنْ نُعطي فيما يلي بعض الأمثلة لذلك في الفُهوم التالية :

الفَهم الأوَّل : أنْ يكون الرضى بمعنى الأمر المرضي ، ويكون (رضى الله) في هذه الجملة هو المُبتدأ ؛ فيكون المعنى : أنَّ الأمر الذي يرضاه الله عزَّ وجلَّ نرضاه نحن أهل البيت. وهذا هو الفَهم الاعتيادي والمُناسب مع السياق في هذه الخُطبة ، مِن حيث إنَّه عليه‌السلام يُعبِّر عن رضاه بمقتله لأنَّه أمر مرضيٌّ لله

__________________

(١) أسرار الشهادة للدربندي ص ٢٢٧ ـ كشف الغُمَّة للاربلي ج ٢ ص ٢٤١.

٥٩

عزَّ وجلَّ.

الفَهم الثاني : أنْ يكون الرضى بمعنى الأمر المرضي ، ويكون (رضى الله) في هذه الجملة خبراً مُقدَّماً. فيكون المعنى : أنَّ الأمر الذي نرضاه نحن أهل البيت يرضاه الله عزَّ وجلَّ. أو قُلْ : هو مرضيٌّ لله عزَّ وجلَّ بدوره.

وهذا أمر صحيح وعلى القاعدة ، مُطابق لما ورد عنهم عليهم‌السلام بمضمون : «إنَّنا أعطينا الله ما يُريد فأعطانا ما نُريد» (١) ، فتكون تلك الجملة بمعنى الفقرة الثانية مِن هذه الجملة ، كما هو واضح للقارئ اللبيب.

الفَهم الثالث : أنْ يكون المُراد بالرضى معناه المُطابقي ، وليس الأمر المرضي. ويكون (رضى الله) في هذه الجملة مُبتدأ. وليس خبراً مُقدَّماً.

فيكون المعنى : أنَّ رضى الله سبحانه هو رضى أهل البيت عليهم‌السلام. وهذا صحيح أيضاً ومُطابق للقاعدة. إلاَّ أنَّ الفلاسفة والمُتكلِّمين المسلمين قالوا : إنَّه ورد في الكتاب الكريم والسُّنَّة الشريفة ، نسبت كثير مِن الأُمور إلى الله سبحانه كالرضى والغضب ، والحُبِّ والبُغض ، والكِره والإرادة وغير ذلك مِن الصفات (٢). مع أنَّه قد ثبت في مودر آخر ، أنَّ الله تعالى ليس مَحلَّاً للحوادث (٣) ، ويستحيل فيه ذلك : وكلُّ هذه الأُمور مِن قبيل العواطف

__________________

(١) لم نعثر على هذا الحديث بما في أيدينا مِن مصادر التحقيق. ويبدو أنَّ سماحة المؤلِّف قد أخذ هذا المضمون مِن عِدَّة روايات مُجتمعة لا مِن رواية واحدة. والظاهر أنَّ هذه العبارة غير مودجوة نصَّاً في الروايات ، وإنَّما من تعبير المؤلِّف لمضمون عدد مِن الروايات ، وقد أشار إلى ذلك بقوله : (بمضمون).

(٢) وقد استدلُّوا على ذلك بالقرآن الكريم فمًثلاً :

الرضى كما في قوله : (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ) البينة آية ٨.

الغضب : كما في قوله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ) النحل آية ١٠٦.

الحُبُّ : كما في قوله : (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة آية ١٩٥.

الكِرْه : كما في قوله : (كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ) التوبة آية ٤٦.

الإرادة : كما في قوله : (وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً) الرعد آية ١١.

(٣) أنظر مثلاً : كشف المُراد للعلاَّمة ص ٢٩٤.

٦٠