نافذة على الفلسفة

صادق الساعدي

نافذة على الفلسفة

المؤلف:

صادق الساعدي


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧١

مفاد أصل العليَّة :

إن لكلّ ممكن ـ محتاج وفقير ـ علّة تفيض عليه الوجود والتحقق كحقيقة الإنسان مثلاً ، فإنها في حد ذاتها مفتقرة إلى علة توجدها ، فإن وجدت علتها وجدت هي معها وإلا فلا ، ولا يختلف حول هذهِ المسألة اثنان وهذا المعنى هو المستفاد من أصل العليَّة ، ومن هنا فإن كلَّ عاقلٍ سويّ يذعن بأنَّ لكلِّ مصنوع صانعا ولكلّ مخلوق خالقاً ولكل معلول علّة ، فما دام الموجود في ذاته مفتقراً في وجوده وتحققه فلابد وأنْ يكون مرتبطاً بسبب أفاض عليه الوجود والتحقق ، وهذا بخلاف ما لو كان الموجود في ذاته غنياً عن غيره في الوجود ، فلا معنى لاحتياجهِ إلى علة تفيض عليه الوجود ما دام غنياً عما سواه في ذلك؛ إذ الوجود بالنسبة إليه متحقق ، وهذا من قبيل عدم احتياج الملح إلى ملح حتى يكون مالحاً ، فما دام هو مالحاً لا معنى لاحتياجه إلى الملح ، إذ أن أمراً كهذا يكون لغواً؛ لأنه تحصيل للحاصل.

ومن هنا ، فإنّ الإلهي الموحّد يرى بأن الله‏ غني عن كلِّ علّة مهما كان لونها ، بل إن كلَّ علّة مدينةٌ في وجودها وتحققها إليه تعالى ، فهو العلّةُ الأولى لكل ما سواه ، وما سواه معلول ومفتقر إليه جَلّ‏ وَعلا؛ وقد أثبت الفلاسفة والمتكلمون ذلك بما لا يُبقي مجالاً للشك والتردد كما سوف يتضح فيما يأتي من بحوث (١).

__________________

١ ـ راجع : الدرس العشرين.

٨١

العلاقة بين العلة والمعلول

لا شك في وجود علاقة بين المعلول وعلته المفيضة له بالوجود والتحقق ، وإنما المهم في هذا المجال معرفة نمط هذه العلاقة وسرّها ، وعلى هذا الصعيد ذُكرت نظريات مختلفة ، إليك بيانها :

١ ـ نظرية الوجود :

وقد ذهب إلى هذه النظرية جمع من الفلاسفة الماديين حيث أكدوا على أنَّ سرَّ العلاقة بين المعلول والعلّة يكمن في كونه موجوداً ، فكل موجود محكوم عليه بالارتباط بعلة وجوده ، ولأجله أكّدوا على أن لكل موْجودٍ موجداً ، وفات هؤلاء أن الموجود إذا كان في وجوده غنياً فلا معنى لارتباطه بعلة تفيض عليه الوجود وتمنحه الغنى ، وإنما يحتاج الشيء إلى علة الوجود إذا كان في ذاته مفتقرا إلى الوجود ، كما سنتحدّث عنه في نظرية الإمكان ، بعد قليل.

ومن هنا ذهب الإلهيون إلى القول باستغناء الله‏ عن علة الوجود ، إذ إنه غني فلا معنى لفرض ارتباطه بعلة توجده وتمنحه الغنى إذ هو تحصيل للحاصل ، وتحصيل الحاصل باطل كما يقولون.

٢ ـ نظرية الحدوث :

وهذه النظرية منسوبة إلى علماء الكلام ، ومفادها هو أن سرّ ارتباط المعلول بعلته حدوثه ، فكل حادث محتاج في حدوثه إلى علة الحدوث ، وهذه النظرية لا تخلو من نظر ، لأنّ لازمها استغناء الحادث بعد حدوثه عن علته المُحْدِثة له وهو باطل كما سيأتي بعد لحظات.

٨٢

٣ ـ نظرية الإمكان الوجودي :

وقد نسبت هذه النظرية إلى الفلاسفة الإسلاميين وفي طليعتهم صدر المتألهين الشيرازي ، ومفادها : أن سرّ ارتباط المعلول بعلته هو إمكانه وافتقاره الذاتي الوجودي. فالممكن في حد ذاته خلو من كل وجود ، وإذا ما وجد فإنّ وجوده فيض من غيره ، فسرّ ارتباط المعلول بعلته إمكانه وافتقاره إليها. (١)

وإليك توضيح الفكرة بأمثلة بيانية : إن العلاقة القائمة بين العلة والمعلول علاقة ارتباطية لا استقلالية ، فإنك حين تقرأُ كتاباً أو تنظر إلى صورة جميلة أو تصافح صديقا لك ، فإنه سوف توجد بينك وبين كل ما تقدم علاقة ، وهذِهِ العلاقة تنتفي بمحض إعراضك عن تلك الأشياء ، إلا أن انتفاء علاقتك بها لا يوجب انتفاء وجودها أو وجودك بل يبقى وجودك ووجودها على ما هو عليه ، وهذا يعني أن وجود كلٍّ من الطرفين مستقل عن الآخر ، وهذا هو معنى العلاقة الاستقلالية القائمة بين الطرفين.

بينما تجد العلاقة القائمة بين حركة اليد وحركة القلم علاقة تعلقية ، بمعنى أن حركة القلم تنتفي بمحض قطع علاقتها بحركة اليد ، وهذا يعني أن العلاقة الحاكمة بين حركة اليد وحركة القلم علاقة ارتباطية ، أي أن حركة القلم مرتبطة في وجودها بحركة اليد ، فلا وجود لحركة القلم من دون حركة اليد ، وهذِهِ العلاقة

__________________

١ ـ وقد وقع خلاف بين الفلاسفة في أن الإمكان المذكور هل هو إمكان ماهوي ، بناءً على نظرية أصالة الماهية ، أو أنه إمكان وجودي ، بناء على نظرية أصالة الوجود؟ والصحيح هو الثاني على ما اختاره صدر المتألهين ، وتفصيل الكلام وبيان الخلاف موكول إلى دراسات أعمق. وقد تقدمت الإشارة إليه فيما سبق عند البحث عن الماهية والوجود.

٨٣

قائمة بين كل علّة ومعلولها ، فالمعلول عدم عند عدم علّته ، وهكذا يمكن تصوير علاقة الكون بكل ما فيه ومن فيه بخالقهِ وبارئه الذي هو الله‏ سبحانه ، فالمخلوقات نفحة من نفحاته وفيض من فيوضاته القدسية ، فلا يستغني أيُّ موجود عنه تعالى ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله‏ العليّ العظيم.

٨٤

فكِّر وأجب :

١ ـ ما هو مفاد أصل العليّة؟

٢ ـ لماذا يدّعي الإلهيون استغناء الله‏ عن علة توجده؟

٣ ـ اشرح نظرية الحدوث؟ ثمّ بيِّن ما يمكن أن يرد عليها من إشكال.

٤ ـ ما هي نظرية الوجود؟ وما هي المؤاخذة عليها؟

٥ ـ ما هي نظرية الإمكان الوجودي؟

٦ ـ اشرح العبارة التالية مستعيناً بمثال توضيحي :

«إن العلاقة القائمة بين العلة والمعلول ارتباطية لا استقلالية».

٨٥
٨٦

الدرس العاشر

العليّة

(العلة والمعلول)

(٢)

* التعاصر بين العلة والمعلول

* العادة والقصد الضروري والجزاف والصدفة

* فكِّر وأجب

٨٧
٨٨

التعاصر بين العلة والمعلول

وإذا كانت العلاقة بين العلة والمعلول تعلقية ربطية وبهذه الدرجة من القوة والربط ـ كما تقدم في الدرس الماضي ـ يتضح بجلاء ما أُثِرَ عن الفلاسفة من أن المعلول يقترن زماناً بعلته ، فإذا وجدت العلة وجد معها المعلول وإن انتفت انتفى معها معلولها. وبعبارة أخرى : إن المعلول يعاصر علته ، كما يقول الشهيد السعيد محمد باقر الصدر قدس ‏سره : (١)

«لما كنا نعرف الآن وجود المعلول مرتبط ذاتياً بوجود العلة ، فنستطيع أن نفهم مدى ضرورة العلة للمعلول ، وأن المعلول يجب أن يكون معاصراً للعلة ليرتبط بها كيانه ووجوده ، فلا يمكن أن يوجد بعد زوال علته ، أو أن يبقى بعد ارتفاعها ، وهذا ما شئنا أن نعبّر عنه بقانون التعاصر بين العلة والمعلول». (٢)

وقد اشتبه الأمر على بعض ، فتصور أن العلاقة الارتباطية بين العلة والمعلول

__________________

١ ـ محمد باقر الصدر (١٩٣٣ م ـ ١٩٨٠ م) : ولد قدس ‏سره في مدينة الكاظمية ـ إحدى مدن العراق ـ في أسرة كريمة ، نبغ مبكرا فنال درجة الاجتهاد ومن ثم مقام المرجعية الرشيدة ، وصار ممن يشار إليه بالبنان ، ومن النوادر الذين تشرف التاريخ بتدوين أسمائهم على صفحاته بأحرف من نور ، وقد امتاز بالمثل الأخلاقية العليا ، وبشمولية نظرته وعمقه العلمي ، فكان له من المؤلفات : اقتصادنا ، فلسفتنا ، الأسس المنطقية للاستقراء ، البنك اللاربوي في الإسلام ... تصدى لمواجهة نظام صدام الدكتاتوري في العراق ، فحاز على درجة الشهادة الرفيعة.

٢ ـ فلسفتنا ص ٢٧٩. ط مجمع الشهيد الصدر العلمي.

٨٩

بمعناها المتقدم والتي يُسْفِرُ عنها تعاصر واقتران زماني بينهما لا تصدق على كثير من الموارد ، فعلى سبيل المثال : أن البَنّاء الذي يكون علة في بناء البيت لا يؤَثِّر موتُه على البيت وبقائه ، فالبيت يبقى مدة مديدة من الزمان رغم انتفاء علته ، فبموت البَنّاء يظلّ صرح البَنَّاءِ باقياً ، مع العلم أن العلاقة القائمة بين البَنّاء والبيت من نمط العلاقة الارتباطية.

وقد فات هؤلاء تشخيصهم الدقيق للمعلول المرتبط بعلته ، فإن المعلول المرتبط بالبنّاء في هذا المثال ليس سوى عملية نقل وانتقال المواد من مكان ووضعها في مكان آخر ، وهذا النقل ينتهي لا بعد موت البَنّاء فحسب بل حتى في حياته بعد سحب يده من عمله ، وهذا يعني أن العلّة هنا عبارة عن عمل البَنّاء الموجب لنقل وانتقال مواد البَنّاء من مكان إلى آخر وهي تنتفي بمحض ما يتوقف البنّاء عن العمل. وأما علة بقاء البيت قائماً حتى بعد توقف البَنّاء عن العمل أو بعد موته ، فيعود إلى أن لهيئة البيت وشكله علة أخرى وهي القوة التماسكية للمواد المستخدمة في البِناء وطبيعة تركيب الاَجُر؛ وهي موجودة مع البِناء ، فإذا زالت انهار البناء.

فالعلاقة القائمة بين كل علة ومعلولها علاقة ارتباطية تعاصرية بلا ريب وهو ما يتضح بجلاء إذا ما أمعنا الدقة في تشخيص العلة ومعلولها في مواردها كما تبيّن في المثال آنف الذكر.

العادة والقصد الضروري والجزاف والصدفة :

قد تصور البعض خطأً انحصار الغايات في مورد الأفعال الناشئة عن الفكر والتأمل بنتائج الأفعال كذهاب العامل إلى معمله للكسب وتحصيل الرزق ، و

٩٠

ذهاب الطالب إلى مدرسته للاستنارة بنور العلم. فلا غاية للأفعال التي لا تنشأ عن منشأ تصديقي فكري ، كملاعب الصبيان وتسمّى بالجزاف ، وكالعبث باللحية والأصابع المسمى بالعادة ، وكحركات المريض الناشئة عن مزاج خاص فيه المُعَبّر عنها بالقصد الضروري.

والصحيح هو أن لكل فعلٍ غاية ينتهي إليها الفعل ، فما كان فكريا كانت غايته فكرية ، وما لم يكن كذلك بأن كان جزافيا أو طبيعيا أو مزاجيا كانت الغاية ما ينتهي إليها الفعل من نتيجة ، لأنها مآل الفعل ومنتهاه.

والأفعال مهما كان منشأها ، فكريا أو غيره قد يعرضها مانع يحول دون الوصول إلى غايتها وحينئذٍ يسمّى الفعل نسبة إلى ذلك المانع بالباطل. وهذا لا يعني بحال أن الفاعل لا هدف له من فعله ، لأن عدم الغاية شيء ووجود مانع حال دون تحقق الغاية شيء آخر.

وإذا اتضح أن لكل فعل غاية يستهدف الفاعل تحققها يتضح أيضا استحالة الاتفاق ـ الصدفة ـ بين العلل والغايات التي تنتهي إليها تلك العلل ، إذ إن الصدفة لو كانت ممكنة لأمكن صدور المعلول من أية علة مهما كانت ، ولا شك في أنه واضح البطلان ، إذ كيف يصح فرض صدور الحرارة من الثلج والبرودة من النار بحجة القول بالصدفة؟!

ومنه يتضح وهن ما استشهدوا به من أمثلة البخت السعيد والشقي ، حيث قالوا : قد يحفر إنسان بئراً ليصل إلى الماء فيعثر على كنز ، وقد يحفُر آخرُ بئراً ليصل إلى الماء فتلدغه أفعى فيموت على أثرها ، فلا ربط إذن بين الأفعال وغاياتها. إلا أنك ترى وبأدنى تأمل أن كلاً من الفعل الأول والثاني لم يتخليا عن الغاية المختصة

٩١

بهما ، إذ إن الحفر بمفرده لم يوصل إلى الكنز ولا إلى الأفعى ، بل إن الحفر في خصوص نقطةٍ من الأرض تحتها كنز أو أفعى يوصل إليهما لا كل حفر كيف ما اتفق. والحصيلة هي أن كل فعل لابد وأن يؤدي إلى نتيجته وغايته المنتهي إليها ، فلا صدفة ولا انفصام بين الغايات للأفعال وبين عللها الفاعلية كما توهم البعض من أمثال ديمقريطس ، الذي أكد على أن الله‏ خلق أجساما صغاراً وأطلقها متحركة ، فتصادمت الأجسام صدفة بعضها ببعض فنشأت عنها صور الكون وأشكاله المختلفة ، مع إنها لم ‏تكن مقصودة من ‏الله‏ بل وجدت صدفة!

٩٢

فكِّر وأجب :

١ ـ ما هو المقصود من قانون التعاصر بين العلة والمعلول؟

٢ ـ إذا كان المعلول مرتبطا ومحتاجا إلى علته دوماً فلماذا يستغني البِناءُ عن البَنّاء؟

٣ ـ ما هو المقصود من العادة والقصد الضروري والجزاف والصدفة؟

٤ ـ ما هو ردك على قول القائل بانحصار الغايات في مورد الأفعال الناشئة عن الفكر دون غيرها؟

٥ ـ ما هو الدليل على بطلان القول بالصدفة؟

٦ ـ ناقش ما يلي :

(البخت السعيد أو البخت الشقي ينفيان الارتباط بين الأفعال وغاياتها).

٩٣
٩٤

الدرس الحادي عشر

العليّة

(العلّة والمعلول)

(٣)

* التناسب بين العلة والمعلول (السنخية)

* قاعدة الواحد

* فكِّر وأجب

٩٥
٩٦

التناسب بين العلة والمعلول (السنخية) :

ومفاد هذه القاعدة أن للعلل معاليل تناسبها وتسانخها ، كما أن للمعلولات عللاً تناسبها وتسانخها ، فلا تصلح كل علة لكل معلول ولا يصلح كل معلول لكل علة ، فالحرارة لا تصدر عن الثلج ، والبرودة لا تنبعث من الحرارة ، والجاهل لا يكون مصدراً للعلم كما أن العلم لا يصدر عن جاهل ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، والعطاء لا يصدر من لا شيء ، وبذلك يتضح بداهة قاعدة التناسب والسنخية بين العلة والمعلول.

وبفضل هذه القاعدة يمكن تعميم القوانين العلمية في مختلف حقول المعرفة الإنسانية ، فكل حكم يستحيل تعميمه كقانون علمي شامل لجميع موارده المفترضة إلا بالاعتماد على قاعدة السنخية والتناسب بين العلة والمعلول ، (١) لأنّ مفادها : أن كل مجموعة من الأشياء إذا كانت متفقة في حقيقتها ، يلزم انسجامها في أسبابها ونتائجها وعللها ومعلولاتها.

(فعلى ضوء قانون التناسب نستطيع ـ مثلاً ـ أن نعمم ظاهرة الإشعاع المنبثق عن ذرة الراديوم لجميع ذرات الراديوم ، فنقول؛ ما دامت جميع ذرات هذا العنصر متفقة في الحقيقة فيجب أن تتفق في أسبابها ونتائجها). (٢)

__________________

١ ـ وهو قانون عقلي كما تقدمت الإشارة إليه في الدرس الثاني.

٢ ـ محمد باقر الصدر ، فلسفتنا ، ص ٢٦٣ ، المجمع العلمي للشهيد الصدر قدس‏ سره ، محرم الحرام ١٤١٨ ه ق.

٩٧

قاعدة الواحد :

وبناءً على قاعدة السنخية بين العلة والمعلول ، تتفرع قاعدة الواحد والتي تفيد أن «الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد» ، وأن «الواحد لا يصدر إلا عن واحد» ، ومن أجل التوضيح نقول : إذا كانت العلة ذات خاصية واحدة ، فلا يمكن أن يكون معلولها ذا خاصّتين أو أكثر ، كما أن المعلول إذا كان واحداً في خاصّته فإنه يستحيل صدوره عن عللٍ تامّةٍ كثيرةٍ ، إذ لو كان لكل علة من العلل المتعددة في خواصها أثر في معلولها لبان وظهر أثرها ، ولكان في المعلول آثارٌ وخواص متعدّدة بعدد العلل المؤثّرة فيه ، لا أثر واحد وخاصة واحدة ، والحال أن المعلول حسب الفرض لا يتضمن إلا أثراً وخاصة واحدة. فإن وجود أثر واحدٍ في المعلول يُنبئ عن وجود مؤثر واحد من مجموع المؤثرات لا جميعها ، فلم يكن لبقية العلل والمؤثرات دور وتأثير في إيجادِ آثارها في المعلول ، إذ لو كان لبان.

وقد تقول : إن تعدد العلل وتواردها على معلول واحد مألوف في حياتنا اليومية ، كما لو شاهدنا مجموعة من الأفراد يدفعون حافلة وعلى أثر ذلك فإنها تتحرك باتجاه دفعهم لها ، وهو مما يؤكد اجتماع علل كثيرة على معلول واحد وهو حركة الحافلة ، والصحيح هو أن العلل التي اجتمعت لتحريك الحافلة لم تكن مستقلة وتامة في إيجاد المعلول ، بل إنها علل ناقصة يكون مجموعها بمثابة العلة التامة الواحدة وهذا هو ما تعنيه قاعدة الواحد بصيغتيها آنفتي الذكر.

٩٨

فكِّر وأجب :

١ ـ ماذا تعني السنخية والتناسب بين العلة والمعلول؟ وضّح جوابك بمثال.

٢ ـ اشرح ما يلي :

«وبفضل قاعدة التناسب بين العلة والمعلول يمكن تعميم القوانين العلمية في مختلف حقول المعرفة الإنسانية».

٣ ـ بيِّن قاعدة الواحد بكلا فرضيها. معززاً بيانك بمثال توضيحي.

٤ ـ ما هو ردّك على قول القائل؛ إن العلل وإن تعددت فإنها يمكن أن تترك أثراً واحداً والشاهد على ذلك ما نراه في حياتنا اليومية كدفع جماعة لحافلة ، فإن العلل كثيرة والأثر واحد.

٩٩
١٠٠