نافذة على الفلسفة

صادق الساعدي

نافذة على الفلسفة

المؤلف:

صادق الساعدي


الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: المركز العالمي للدّراسات الإسلامية
المطبعة: توحيد
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧١

١
٢

٣
٤

كلمة المكتب

الحمد لله‏ والصلاة والسلام على أنبياء الله‏ ، لا سيما رسوله الخاتم وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.

أما بعد ، لا شك أن إصلاح المناهج الدراسية المتداولة في الحوزات العلمية والمعاهد الدراسية في العصر الحاضر ـ الذي عُرف بعصر ثورة المعلومات ـ بات حاجة ملحّة يقتضيها تطور العلوم وتكاملها عبر الزمان ، وظهور مناهج تعليمية وتربوية حديثة ، تتوافق مع الطموحات والحاجات الإنسانية المتجددة.

وهذه الحقيقة لم تعد خافية على القائمين على هذه المراكز ، فوضعوا نصب أعينهم إصلاح النظام التعليمي في قائمة الأولويات بعد أن باتت فاعليته رهن إجراء تغييرات جذرية على هيكلية هذا النظام.

ويبدو من خلال هذه الرؤية أن إصلاح النظام الحوزوي ليس أمراً بعيد المنال ، إلا أنه من دون إحداث تغيير في المناهج الحوزوية ستبوء كافة الدعوات الإصلاحية بالفشل الذريع وستموت في مهدها.

والمركز العالمي للدّراسات الإسلامية ـ الذي يتولّى مهمّة إعداد المئات من الطلاب الوافدين من مختلف بقاع الأرض للاغتراف من نمير علوم أهل البيت ـ عليهم ‏السلام ـ شرع في الخطوات اللازمة لإجراء تغييرات جذرية على

٥

المناهج الدراسية المتبعة وفق الأساليب العلمية الحديثة بهدف عرض المواد التعليمية بنحو أفضل ، الأمر الذي لا تلبّيه الكتب الحوزوية السائدة؛ ذلك أنها لم تؤلف لهدف التدريس ، وإنما ألفت لتعبر عن أفكار مؤلفيها حيال موضوعات مرّ عليها حقبة طويلة من الزمن وأصبحت جزءاً من الماضي.

وفضلا عن ذلك فإنها تفتقد مزايا الكتب الدراسية التي يراعى فيها مستوى الطالب ومؤهلاته الفكرية والعلمية ، وتسلسل الأفكار المودعة فيها وأداؤها ، واستعراض الآراء والنظريات الحديثة التي تعبر عن المدى الذي وصلت إليه من عمق بلغة عصرية يتوخى فيها السهولة والتيسير وتذليل صعب المسائل مع احتفاظها بدقة العبارات وعمق الأفكار بعيداً عن التعقيد الذي يقتل الطالب فيه وقته الثمين دون جدوى.

وانطلاقا من ‏توجيهات كبار العلماء والمصلحين وعلى رأسهم سماحة الإمام الراحل ـ قدس ‏سره ـ ، وتلبية لنداء قائد الثورة الإسلامية آية‏ الله ‏العظمى الخامنئي ـ مد ظله الوارف ـ قام هذا المركز بتخويل «مكتب مطالعة وتدوين المناهج الدراسية» مهمة تجديد الكتب الدراسية السائدة في الحوزات العلمية ، أن يضع له خطة عمل لإعداد كتب دراسية تتوفر فيها المزايا السالفة الذكر.

وقد بدت أمام المكتب المذكور ـ ولأول وهلة ـ عدة خيارات :

١ ـ اختصار الكتب الدراسية المتداولة من خلال انتقاء الموضوعات التي لها مساس بالواقع العملي.

٢ ـ إيجازها وشحنها بآراء ونظريات حديثة.

٣ ـ تحديثها من رأس بلغة عصرية وإيداعها أفكار جديدة إلا أن العقبة الكأداء التي ظلت تواجه هذا الخيار وقوع القطيعة التامة بين الماضي والحاضر ، بحيث تبدو الأفكار المطروحة في الكتب الحديثة وكأنها تعيش في غربة عن التراث و

٦

للحيلولة دون ذلك ، لمعت فكرة جمع الخيارات المذكورة في قالب واحد تمثّل في المحافظة على الكتب الدراسية القديمة كمتون وشرحها بأسلوب عصري يجمع بين القديم الغابر والجديد المحدث.

وبناء على ذلك راح المكتب يشمّر عن ساعد الجدّ ويستعين بمجموعة من الأساتذة المتخصصين لوضع كتب وكراسات في المواد الدراسية المختلفة ، من فقه وأصول وتفسير وكلام وفلسفة ورجال وحديث وأدب وغيرها.

وتطلع المكتب في حقل الفلسفة إلى تبسيط المباحث المطروحة فيها قدر المستطاع وعرضها للمبتدئين بأسلوب خال من التعقيد والإطناب ، فوجد بغيته في كتاب «نافذة على الفلسفة» للأستاذ صادق الساعدي الذي ألفه نزولا عند رغبة المكتب.

فجاء الكتاب بمستوى الطموحات ـ خاصةً وإنه أعد للطالب تمارين تساعده على فهم كثير مما جاء في المتن ـ بعد أن طوى مراحل مختلفة من النقد والتمحيص على يد مجموعة من أساتذة الفلسفة ممن لهم باع طويل في هذا الحقل وفي طليعتهم سماحة الأستاذ الألمعي الكبير حجة ‏الإسلام والمسلمين الشيخ الفياضي ـ دامت ‏إفاضاته ـ حيث أبدوا فيه آراءهم السديدة ونظراتهم الثاقبة.

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بخالص الشكر إلى الأستاذ صادق الساعدي على ما تحمله من جهد وعناء في تأليف هذا الكتاب وإلى جميع من أسدوا خدمة في سبيل إنجازه.

المركز العالمي للدراسات الإسلامية

مكتب مطالعة وتدوين المناهج الدراسية

٧
٨

المقدمة

تُعدّ الفلسفة ركيزة مهمة ومنطلقاً أساسياً لصياغة فهم ورؤية كونية واضحة عن الكون والحياة ، وهي بذلك تضع لكل شيء حدَّهُ وتحدّد موقعه وترسم له الخطى ما بين مبدئه ومنتهاه.

ولا شك في عمق الفلسفة ودقة بحوثها بما تتضمنه من مسائل جُعل العقل أداة وحيدة لحلها وبيان مداخلها ومخارجها ، مما يتطلب همّة عالية وجهداً وافراً لاستيعاب مطالبها وحل غوامضها وألغازها ، الأمر الذي بعث على استيحاش روّاد الحقيقة من الخوض في غمارها والدخول في تفاصيلها.

ومما زاد في الطين بلّةً أن علماء الفلسفة لم يطرحوا أفكارهم بلغة سهلة سلسة يسهل على الغير قراءتها والتجوال في حقولها ، فبعث على أن تكون الفلسفة طلاسم لا يفكر أكثرُ الناس في الاقتراب منها لأنها مجموعة رموز وأسرار لا يتمكن من معرفتها إلا ذوو الاختصاص ممن قضى عمره في خوض لججها وبذل مهجته للوصول إلى عمقها وقعرها!

وقد حاولنا من خلال نافذتنا الفلسفية الصغيرة التي بين يديك أن نوقفك على ألف باء الفلسفة وذلك بطرح أهم ما ورد فيها من مسائل ، بأسلوب مدرسي مبسّط يميط اللثام ويرفع عنها الإبهام ، ليكون ما طرحناه مقدمة للدخول إلى مباحث الفلسفة وتفاصيلها في كتبها المطوّلة ، آملين أن نوفّق في المستقبل لتسليط الضوء عليها بلغة عصرية واضحة تجعلها في متناول روّادها ، فمنه تعالى نستمد العون والتوفيق لأداء ما يجب علينا بدفع عجلة العلم والمعرفة إلى أمام ، إنه خير ناصر ومعين.

صادق الساعدي

٩
١٠

الدرس الأول

نبذة تاريخية فلسفية

* ولادة الفكر البشري

* ولادة الفكر الفلسفي

* تيارات الشك والسفسطة

* القرون الوسطى

* الفجر الجديد

* المدرسة المشائية والإشراقيّة والحكمة المتعالية

* فكِّر وأجب

١١
١٢

ولادة الفكر البشري :

لازم التفكير وجود الإنسان منذ نعومة أظفاره إلى يومنا هذا ، وترك آثاراً مهمّة في حياته حيث خلق انعطافات وتحولات مهمّة في مسار حركته ، وطوَّر أسلوب تعامله مع محيطه على مختلف الميادين والصُعد.

وبهذا اختلفت حياة الإنسان المتطورة عن حياة الحيوان بقوالبها الجاهزة والجامدة ، فكم تجد الفارق واضحا بين بيوت الإنسان التي كانت في حدود الكهوف والمغارات والتي تطورت إلى عمارات ناطحات للسحاب ، وبين بيوت النحل السداسية ذات الأشكال الجامدة التي لم يكتب لها تغيير منذ أن وجد هذا الحيوان ولحد الآن.

ولادة الفكر الفلسفي :

والفكر الفلسفي الذي أثارته وأفرزته تساؤلات الإنسان عن الكون والحياة ، والمبدأ والمعاد ، كان أحد المحاور الفكرية التي استقطب اهتمام البشر من لدن آدم ولحدِّ الآن ، ودفعه صوب التأمل والنظر ، ومن ثم نحو الإبداع والابتكار في هذا المجال ، وقد كان لحكماء الفرس واليونان قصب السبق في ذلك على بقية الأمم وكان ذلك قبل الميلاد بعدة قرون حيث طفحت على سطح مناظراتهم و

١٣

تأملاتهم الفلسفية العديد من الآراء والنظريات ، التي كان يسودها الاتزان تارة والتهافت والتضارب تارة أخرى ، وفي ذات الوقت النمو والثراء بفعل التلاقح الفكري الحر الذي وفّرَ أجواء خصبة لذلك.

تيارات الشك والسفسطة :

وفي ظل هذه الظروف برزت تيارات الشك والسفسطة واحتلّت مساحة واسعة من التفكير الفلسفي ، بعد أن احتل أربابها وهم السوفسطائيون ، منابر التعليم والخطابة والمحاماة ، وأنكروا حقائق الأشياء ووجودها الخارجي ، فانعكس ذلك على أذهان الناس وخلق عندهم بلبلة ذهنية وشكاً بكل حقيقة مهما كان طابعها ، وكان ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد.

ولم يستمر الوضع على هذا الحال حيث تصدى سقراط لعلاج الموقف بقوة ، وتبعه على ذلك أفلاطون ، وتلاهما أرسطو طاليس الذي أسّس قواعد الاستدلال والتفكير الصحيح في علم المنطق ، حيث كشف عن زيف السفسطة ومغالطتها ومنزلقاتها التي أودت بالتفكير الإنساني إلى الهاوية. وبذلك تربع اليقين على عرشه ، وعادت مياه الحقيقة إلى مجاريها وتلاشت تيارات الشك والإنكار ، وعلى هذا المنوال استمر الحال حتى بعد رحيل العمالقة الثلاثة؛ سقراط وأفلاطون وأرسطو ، حيث استمر تلامذتهم في ترويج أفكارهم ، فدفعوا عجلة اليقين إلى أمام.

إلا أن مكانة هؤلاء أخذت بالتهاوي بين الناس بمرور الزمان ، فتقلص دورهم وقلّت أهميتهم ، فشدّوا رحالهم إلى الإسكندرية ، لتكون محطة جديدة لنشر

١٤

أفكارهم وتداول معارفهم واستمروا على هذا المنوال حتى القرن الرابع بعد الميلاد.

القرون الوسطى :

وفي هذه الفترة اعتنق إمبراطورُ الروم المسيحيةَ ، وتبنّى أفكارها باعتبارها آراء الدولة الرسمية ، إلا أنه في ذات الوقت فتح أمام العلماء أبواب النقد لطرح آراءهم ووجهات نظرهم ، وعلى أثر ذلك تدهورت الأوضاع وتفاقمت الأمور بفعل التعارض والتضارب في وجهات النظر بين الكنيسة والعلماء مما دفع الإمبراطور (جستنيان) إلى إصدار أوامره بغلق المراكز العلمية والجامعات والمعاهد الفكرية ، وتعطيل المدارس في أثينا والإسكندرية ، ففر العلماء خوفا من البطش والتصفية الجسدية ، وحينها انطفأ مشعل العلم وانتكست راية المعرفة ، ومنها دخلت أوربا في عصورها المظلمة ، والتي تسمى أيضا بالقرون الوسطى ، حيث استغرقت ألف عام من الزمان ، وعلى نحو التحديد من أوائل القرن السادس بعد الميلاد وانتهاءً بالقرن الخامس عشر بعد الميلاد وامتازت هذه الفترة باستيلاء الكنيسة على المراكز العلمية استيلاءً تاماً؛ فكانت المباحث العلمية والفلسفية تفرضها الكنيسة على أنها تعاليم دينية لا تقبل النقاش.

١٥

الفجر الجديد :

وفي هذه الفترة بالذات ازدهرت الحركة العلمية في شبه الجزيرة العربية بفضل نور الإسلام ، الذي ولد هناك في تلك الفترة وقد أضاء كل شيء ، وبدت حينها حركة علمية تنشط وتتفاعل وتتلاقح وتنمو بفضل ما حث عليه الدين الإسلامي من طلب العلم من المهد إلى اللحد ، حتى ولو كلف ذلك خوض اللجج وسفك المهج ، وحتى ولو كان في الصين ، وبالفعل فقد برع المسلمون في جميع حقول العلم والمعرفة ، ومن جملتها الحقل الفلسفي ، فترجموا كتب اليونانيين والرومانيين والإيرانيين إلى اللغة ‏العربية ، وانهمك آخرون كالفارابي (١) في تبيان وشرح أفكار أفلاطون (٢) وأرسطو (٣) ، وتبعه على ذلك ابن سينا (٤) حيثُ سلط

__________________

١. الفارابي : (أبو نصر محمد) (ت ٩٥٠ م) فيلسوف لامع. ولد في فاراب «تركستان» ودرس في بغداد وحران وأقام في حلب في بلاط سيف الدولة الحمداني وتوفي في دمشق ، لقب بالمعلم الثاني ، من مؤلفاته كتاب «الموسيقى الكبير» ، «السياسة المدنية» ، «رسالة فصوص الحكم».

٢. أفلاطون «plato» ـ (٣٤٧ ـ ٤٢٨ ق. م) فيلسوف يوناني يُعَدّ من مشاهير فلاسفة العالم ، ولد في أثينا من أسرة عريقة في المجد ، بدأ أول دراسته بالرسم ، ثم نظم الشعر ، تتلمذ في سن العشرين على يد سقراط الذي كان له الدور الأكبر في نشأته الفلسفية.

٣. أرسطو «Aostotet» ـ (٣٢٢ ـ ٣٨٤ ق. م) مربي الإسكندر ومن كبار فلاسفة اليونان ، مؤسس فلسفة المشائين ، من مؤلفاته : «المقولات» ، «الجدل» ، «الخطابة» ، «السياسة» ، «كتاب ما بعد الطبيعة» ، أثر في الفكر العربي ومن أول من ترجم مؤلفاتهِ ، إسحاق ابن حنين.

٤. أبو علي بن سينا : «٣٨٤ ـ ٤٢٧ ه» ولد في أقشنة قرب بخارى وتوفي في همدان ، عُرِف بالشيخ الرئيس وكان عالماً لامعاً وعملاقاً كبيراً حيث ضرب في كل فن بسهم وتجلى فيه نبوغه ، ففي مضمار الفلسفة فيلسوف مبدع ، بلغت الفسلفة المشائية على يده القمة ، وفي مضمار الطب طبيب ماهر وحاذق ، ألّف كتاب «القانون» الذي لم يزل يُدَّرس في الجامعات العلمية عبر قرون ، كما وإنه عرف أستاذاً لامعاً في الرياضيات والهيئة.

١٦

الضوء على فلسفة ومنطق أرسطو وبذلك ظهرت المدرسة المشائية في بلادنا الإسلامية.

وفي أواسط القرن السادس الهجري ، شرح الشيخ شهاب‏ الدين السهروردي (١) أفكار أفلاطون بعد أن هواها ودافع عنها ، وبذلك أسس الفلسفة الإشراقية في بلادنا الإسلامية ونقد الفلسفة المشائيّة.

وفي مطلع القرن الحادي عشر الهجري ، ظهر صدر المتألهين الشيرازي (٢) بآراء وأفكار فلسفية جديدة على ضوء القرآن وكلمات الرسول (صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) وأهل ‏البيت الطاهرين (عليهم‏ السلام) ، وأسماها بالحكمة المتعالية. (٣)

المدرسة المشائية والإشراقية والحكمة المتعالية :

المدرسة المشائيّة تتمثل بفلسفة أرسطو طاليس حيث كان يعتمد في أبحاثه على الأسلوب الاستدلالي وسميّت فلسفته بهذا الاسم ، لأنه كان يسير من

__________________

١. شهاب ‏الدين السهروردي : «٥٥٠ ـ ٥٨٧ ه» صاحب مدرسة الإشراق في بلادنا الإسلامية وقد عرض آراءه بالنثر والشعر باللغتين العربية والفارسية ، وله مصنفات منها : التلويحات اللوحية والعرشية ، والألواح العمادية وهياكل النور.

نشر أفكاره في حلب مما ألب الناس عليه واتهموه بالكفر مما دعى صلاح ‏الدين الأيوبي أن يأمر ابنه الملك الظاهر بقتله فاستُشْهِد على يده في قلعة حلب وفي شهر رجب.

٢. صدر المتألهين الشيرازي : «٩٧٩ ـ ١٠٥٠ ه» وهو محمد بن إبراهيم المعروف بصدر المتألهين ، ولد في مدينة شيراز ، وهو عالم شيعي كبير ، تعرف فلسفته بالحكمة المتعالية ، من أشهر كتبه «الأسفار الأربعة». وَعُرف أيضاً باسم الملاّ صدرا.

٣. يراجع من أجل الإلمام بتفاصيل هذا الدرس : كتاب المنهج الجديد لتعليم الفلسفة للأستاذ مصباح اليزدي ، وكتاب فلسفتنا للشهيد السعيد محمد باقر الصدر ، وكتاب تاريخ الفلسفة اليونانية ليوسف كرم.

١٧

المقدمات إلى النتيجة وكان من الأولى تسمية فلسفته بالفلسفة الاستدلالية في مقابل الفلسفة الإشراقية التي نادى بها أفلاطون ، الذي كان يرى بأنّ المعارف بالخصوص الإلهية منها ، لا تتأتى عن طريق الاستدلال العقلي فحسب ، بل لابد وأن يوجد إلى جانب ذلك سير وسلوك وتهذيب أخلاقي يبعث إشراقات وإفاضات للمعارف الإلهية على القلب. وقد تشعب الفلاسفة المسلمون على غرار ذلك إلى فلاسفة مشائين يتقدّمهم أبو علي ابن سينا ، وفلاسفة إشراقيين يتزعمهم شهاب ‏الدين السهروردي. وأما الحكمة المتعالية فهي اسم اختاره صدر المتألهين الشيرازي لفلسفته التي حاول من خلالها التقريب بين الفلسفة المشائية الاستدلالية وَبين المدرسة الإشراقية وبين ما جاء في الكتاب والسنة الشريفة من أحاديث وروايات.

١٨

فكِّر وأجب :

١ ـ متى بدأ التفكير الإنساني؟ وبماذا يختلف الإنسان عن الحيوان في تغيير وتطوير محيطه الذي يعيش فيه؟

٢ ـ ما هو الباعث من وراء نشوء الفكر الفلسفي؟ ومن كان من بين الحكماء له قصب السبق في ذلك؟ ومتى؟

٣ ـ ما هي الظروف التي أنجبت تيارات الشك والسفسطة؟ ومن هم أربابها؟ ومتى تسنى لها الظهور؟

٤ ـ اذكر عمالقة الفكر الفلسفي الذين تصدوا لمواجهة اتجاه الشك وأحلوا اليقين محله؟ وكيف استمر اتجاه اليقين بعد مماتهم؟ وإلى أي مصير انتهى أمر أتباعهم؟

٥ ـ ما هي الظروف التي أودت بأوربا إلى فترة القرون الوسطى؟

٦ ـ ماذا جرى في شبه الجزيرة العربية إبان فترة القرون الوسطى؟

٧ ـ اشرح ما يلي :

أ ـ المدرسة المشائية

ب ـ المدرسة الإشراقية

ج ـ مدرسة الحكمة المتعالية

١٩
٢٠