كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ١

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-880-5
الصفحات: ٤٠٨

وأمّا حسن الأخلاق وطلاقة الوجه

وهي معروفة فيه ، حتّى عابه أعداؤه! وقد قال في ذلك عمرو بن العاص : إنّه ذو دعابة شديدة ، وقد أخذها من عمر ، حيث قال لعليّ عليه‌السلام : لله أبوك لولا دعابة فيك (١).

وقال معاوية لقيس بن سعد : رحم الله عليّاً كان هشّاشاً ، بشّاشاً ، ذا فكاهة. فقال قيس : كان رسول الله يمزح ويتبسّم مع أصحابه ، إنّه والله لكان من تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبد قد مسّه الطّوى ، تلك هيبة التقوى ، لا كما يهابك طغاة أهل الشام (٢).

قال ابن أبي الحديد : وقد بقي هذا الخُلُق متوارثاً في محبّيه إلى الان ، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الأخر (٣).

وأمّا حاله سلام الله عليه في الرأي والتدبير وحسن السياسة ؛ فمعلوم لمن تأمّل في مواقعه ومشاهده ، وخصوصاً ما صدر بعد استقامة الأمر له.

وكانت تعظّمه الفلاسفة ، وتصوّر ملوك الإفرنج والروم صورته في بِيَعها وبيوت عباداتها ، حاملاً سيفه مشمّراً للحرب ، وتصوّرها ملوك الترك والديلم على أسيافها ، وكانت على سيف عضد الدولة بن بويه ، وسيف ابنه ركن الدولة ، وعلى سيف آلب أرسلان ، وسيف ابنه ملك شاه.

وأمّا السخاوة والجود

فحاله فيه ظاهر ، كان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده.

وروى أنّه لم يملك إلا أربعة دراهم فتصدّق بواحدة ليلاً ، وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سرّاً ، وبدرهم علانية (٤).

__________________

(١) المصدر السابق ، تاريخ المدينة المنوّرة ٢ : ٨٨٠ ، النهاية لابن الأثير ٢ : ١١٨ بتفاوت.

(٢) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٨.

(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٦.

(٤) التفسير الكبير للرازي ٧ : ٨٩ ، الكشّاف ١ : ٣١٩ ، المناقب للخوارزمي : ٢٨١ ح ٢٧٥ ، شرح نهج البلاغة ١ : ٢١ ، كشف الغمّة ١ : ١٧٧ ، ٣١٠. تفسير العيّاشي ١ : ١٥١ ح ٥٠٢ ، البحار ٤١ : ٢٥ ذ. ح ١ ، البرهان في تفسير القرآن ١ : ٢٥٧ ح ٤ ٧.

١٢١

وروى أنّه كان يستسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتّى نحلت يده ، ويتصدّق بالأُجرة ، ويشدّ على بطنه حجراً (١).

قال الشعبي : إنّه كان أسخى الناس ، ما قال لسائل «لا» قطّ (٢).

وقال معاوية بن أبي سفيان لمحقن بن أبي محقن الظبّي لمّا قال له : جئتك من عند أبخل الناس يعني عليّاً عليه‌السلام قال له :

ويحك ، كيف تقول : إنّه أبخل الناس ، ولو ملك بيتاً من تبن وبيتاً من تبر لأنفد تبره قبل تبنه.

وهو الذي يكنس بيت الأموال ويصلّي.

وهو الذي قال : يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري.

وهو الذي لم يخلّف ميراثاً (٣) ؛ إلى غير ذلك من الفضائل والكرامات.

وأمّا مرتبته في الآخرة

فإنّها لا تكون لنبيّ أو وصيّ نبيّ ؛ لأنّه صاحب الحوض واللواء والصراط والإذن.

وروى الخوارزمي عن ابن عبّاس ، قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل الجنّة إلا من جاء بجوازٍ من عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

وعن ابن عبّاس أنّه قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا كان يوم القيامة أمر الله جبرائيل أن يجلس على باب الجنّة ، فلا يدخلها إلا من معه براءة من العذاب من عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام» (٥).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨١٨ ح ٢٤٤٦ ، سنن البيهقي ٦ : ١١٩ ، حلية الأولياء ١ : ٨٦ ، أسد الغابة ٤ : ٢٣.

(٢) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٢ ، ينابيع المودّة ١ : ٤٤٩.

(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ٢٢.

(٤) المناقب للخوارزمي : ٣٢٠ ح ٣٢٤ بتفاوت. وانظر المناقب لابن المغازلي : ١٩ ، والرياض النضرة ٢ : ٢٣٣ وفيه : لا يجوز أحد الصراط. ، والصواعق المحرقة : ٧٥ ، وإحقاق الحقّ ٧ : ١٢٠.

(٥) المناقب للخوارزمي : ٣٢٠ ح ٣٢٤ ، المناقب لابن المغازلي : ١٣١ ، لسان الميزان ١ : ٥١ ، وج ٤ : ١١١ بتفاوت ، ذخائر العقبى : ٧١ بتفاوت ، الرياض النضرة ٢ : ٢٢٦ ، أخبار أصبهان ١ : ٣٤٢ ، إحقاق الحق ٧ : ١٢٠.

١٢٢

وعن جابر بن سمرة ، قال ، قيل : يا رسول الله من صاحب لوائك في الآخرة؟ قال : «صاحب لوائي في الدنيا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام» (١).

وعن عبد الله بن أنس ، قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا كان يوم القيامة ، ونصب الصراط على شفير جهنّم ، لم يجز عليه إلا من كان معه كتاب بولاية عليّ بن أبي طالب» (٢).

ولمحبّيه أيضاً المرتبة العالية ، ففي مسند ابن حنبل ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه أخذ بيد الحسنين عليهما‌السلام وقال : «من أحبّني وأحبّ هذين وأحبّ أباهما وأُمّهما ، كان معي في درجتي يوم القيامة» (٣).

وعن حذيفة قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أحبّ أن يتمسّك بقبضة الياقوت التي خلقها الله تعالى ثمّ قال : كوني فكانت ، فليتولّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من بعدي» (٤).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو اجتمع الناس على حبّ عليّ ، لم يخلق الله النار» (٥).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حبّ عليّ حسنة لا يضّر معها سيئة ، وبغض عليّ سيّئة لا تنفع معها حسنة» (٦).

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي : ٢٠٠ ، المناقب للخوارزمي : ٣٥٨ ح ٣٦٩ ، ينابيع المودّة ١ : ٣٧٠ ، إحقاق الحق ٤ : ٢٢٧ ، وج ٦ : ٥٤ ، وج ٧ : ٣٨٤ وفيه : وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة.

(٢) المناقب لابن المغازلي : ٢٤٢ ، أخبار أصبهان ١ : ٣٤٢ ، الرياض النضرة ٢ : ٢٢٦ بتفاوت ، إحقاق الحقّ ٧ : ١١٩.

(٣) مسند أحمد ١ : ٧٧.

(٤) حلية الأولياء ١ : ٨٦ ، المناقب لابن المغازلي : ٢١٦ بلفظ آخر ، لسان الميزان ٢ : ٣٤ ، إحقاق الحقّ ٥ : ١٠٦.

(٥) المناقب للخوارزمي : ٦٧ ح ٣٩ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٣١ ، وأُنظر إحقاق الحقّ ٧ : ١٤٩ ، ينابيع المودّة ١ : ٢٧٣ ، الفردوس بمأثور الخطاب ٣ : ٣٧٣ ح ٥١٣٥.

(٦) المناقب للخوارزمي : ٧٥ ح ٥٦ ، الفردوس بمأثور الخطاب ٢ : ١٤٢ ح ٢٧٢٥ ، ينابيع المودّة ١ : ٢٧٠٠ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ : ١٩٧ ، إحقاق الحقّ ٧ : ٢٥٧.

١٢٣

وعن سلمان قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «من أحبّ علّياً فقد أحبّني (١) ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني» (٢).

وروى أخطب خوارزم ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من أحبّ عليّاً قبل الله صلاته وصومه واستجاب دعاءه ، ألا ومن أحبّ عليّاً أعطاه الله بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنّة ، [ومن أحبّ آل محمّد أمن الحساب والميزان والصراط] ألا ومن أحبّ آل محمّد فأنا كفيله في الجنّة مع الأنبياء ، ألا ومن أبغض آل محمّد جاء يوم القيمة مكتوباً بين عينيه أيس من رحمة الله» (٣).

وفي مناقب الخوارزمي ، عن أبي ذر ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سلّم أنّه قال : «من ناصب عليّاً الخلافة بعدي (٤) فهو كافر ، وقد حارب الله ورسوله» (٥).

وعن معاوية بن وجيس القشري ، قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ عليه‌السلام : «لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهوديّاً أو نصرانيّاً» (٦).

وعن أنس بن مالك أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ عليه‌السلام : «كذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك» (٧).

وعن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ وفاطمة والحسنين : «أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم» (٨).

وعن ابن عبّاس قال ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام :

__________________

(١) وفي «ح» زيادة : ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضني فقد أبغض الله.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٢ ، ذخائر العقبى : ٦٥ ، المناقب الخوارزمي : ٦٩ ح ٤٤ ، إحقاق الحقّ ٦ : ٤١٠.

(٣) المناقب للخوارزمي : ٧٢ ح ٥١ ، إحقاق الحقّ ٧ : ١٦١ ، وما بين المعقوفين زيادة في المصدر.

(٤) في الحجريّة : من غصب عليّاً عليه‌السلام بعدي.

(٥) حكاه عنه في نهج الحقّ : ٢٦٠ ولكن وجدناه في المناقب لابن المغازلي : ٤٦.

(٦) المناقب لابن المغازلي : ٥١ وفيه معاوية بن حيدة القشيري ، ينابيع المودّة ٢ : ٢٩١.

(٧) فرائد السمطين ٢ : ٢٤٣ ، المناقب لابن المغازلي : ٥١ ، البداية والنهاية لابن كثير ٧ : ٢٥٥ ، إحقاق الحقّ ٦ : ٥٤٨.

(٨) مسند أحمد ٢ : ٤٤٢ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٤٩ ، المناقب للخوارزمي : ١٤٩ ح ١٧٧ بتفاوت ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٢ ، ح ١٤٥ وفيه : أنا سلم لمن سالمتم ، سنن الترمذي ٥ : ٦٩٩ ح ٣٨٧٠ ، ينابيع المودّة ٢ : ٥٣ ، الإصابة ٤ : ٣٧٨.

١٢٤

«أنت سيّد من في الدنيا ومن في الآخرة ، من أحبّك أحبّني ، ومن أحبّني أحبّ الله ، وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدوّ الله ، ويل لمن أبغضك» (١).

إلى غير ذلك من الأخبار التي ملأت الأقطار وظهرت ظهور الشمس في رائعة النهار (٢) ، لكنّها لم تبلغ عائشة أُمّ المؤمنين المطّلعة على جميع الأخبار الصادرة عن خاتم النبيين! ولا بلغت معاوية كاتب الوحي فكتبها! ولا كتب الآيات الدالّة على فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعلى لزوم مودّة أُولي القربى!! ولا بلغت المشايخ الأوّلين ؛ حتّى جعلوا أمير المؤمنين عليه‌السلام معزولاً لم يأتمنوه على أدنى الولايات! وليت شعري كيف تكون محبّة من لم يكن نبيّاً ولا إماماً إيماناً وتركها كفراً.

وكيف تثبت هذه المرتبة الجليلة المتاخمة مع مرتبة النبوّة لمن يكون كبعض الصحابة.

وكيف كان فالأخبار متواترة معنىً إن لم يكن التواتر اللفظي على أنّ اعتقاد ولاية عليّ عليه‌السلام ومحبّته من أُصول الدين ؛ وذلك إنّما يجري على أُصول الشيعة.

وأمّا المثالب الثابتة للقوم التي يأبى كثيراً منها الإسلام ، فضلاً عن الإيمان والعدالة فكثيرة لا يمكن ضبطها ، ولكن نذكر نبذة منها.

أمّا ما صدر من الأوّل فأُمور :

منها : التخلّف عن جيش أُسامة ، وقد تواتر ذلك (٣) ، وتواتر لعن المتخلّف (٤) ،

__________________

(١) المناقب للخوارزمي : ٣٣٧ ح ٣٣٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٢٨.

(٢) انظر المعيار والموازنة : ٢٢٤ ٢٥٨ ، ومناقب الإمام أمير المؤمنين لابن سليمان الكوفي ١ : ٢٥٣ ٤٣٠ ، وكشف الغمّة ١ : ٧٧ ٧٩ ، وإحقاق الحق ٤ : ٤٩ ، وج ٦ : ٤٠٦ ، وج ٧ : ١٣٩.

(٣) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٠٠ ، الإيضاح لابن شاذان : ٣٦١ ، الطرائف ٢ : ٤٤٩ ، نهج الحق : ٢٦٣ ، منار الهدى : ٢٣١ ، كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٨٣.

(٤) انظر الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٣ ، والاستغاثة : ٥٣ ، والفصول المهمّة لشرف الدين : ١٠٣ ، وشرح المواقف ٨ : ٣٧٦ ، ونهج الحق : ٢٦٤.

١٢٥

وللتخلّف باعث معنويّ يدركه كلّ ذي رؤية.

ومنها : شهادة عمر أنّ بيعته كانت فلتة ، وقد رووها في كتبهم (١) ، وتأوّلوها بالفجاءة (٢) ، وقوم قالوا : فتنة (٣).

ومنها : استقالته المشهورة ، وهي مرويّة بأنحاء مختلفة (٤).

ومنها : منع فاطمة الزهراء عليها‌السلام إرثها بروايةٍ مخالفةٍ للقران ، وقد روى البخاري بطريقين أنّ فاطمة عليها‌السلام أرسلت تطالبه بميراثها فمنعها من ذلك فغضبت على أبي بكر وهجرته ولم تكلّمه حتّى ماتت (٥) ، ودفنها عليّ عليه‌السلام ليلاً ، ولم يُؤذن به أبو بكر (٦).

وهذا لا يكون إلا من عدم إنذار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهل بيته ، فيلزم أن يكون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد خالف الله تعالى في قوله تبارك وتعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٧) لأنّه لم ينذر عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام والعبّاس ولا أحداً من بني هاشم الأقربين ، ولا أحداً من نسائه ، ولا أحداً من المسلمين!

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ : ٢٠٨ ، ٢١٠ كتاب المحاربين ، مسند أحمد ١ : ٥٥ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٦٧ ، السيرة الحلبيّة ٣ : ٣٦٣ ، السيرة لابن هشام ٤ : ٣٠٨ ، الصواعق المحرقة : ٥ ، ٨ ، ٢١ ، شرح نهج البلاغة ٢ : ٥٠ وفي تاريخ الطبري ٣ : ٢١٠ فلتة كفلتات الجاهلية فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه.

(٢) تيسير الوصول إلى جامع الأُصول ٢ : ٤٣.

(٣) النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٦٧.

(٤) تذكرة الخواص : ٦٢ ، مجمع الزوائد ٥ : ١٨٣ ، الإمامة والسياسة ١ : ١٤ ، كنز العمال ٥ : ٥٨٨ ح ١٤٠٤٦ وص ٥٨٩ ح ١٤٠٥٠ ، وص ٦٣١ ح ١٤١١٢ ، وص ٦٥٦ ح ١٤١٥٤ ، تاريخ مختصر الدول : ٥٨ ، سرّ العالمين : ٢٠ ٢٢ المقالة الرابعة ، نهج الحق : ٢٦٤.

(٥) صحيح البخاري ٤ : ٩٦ كتاب الوصايا ، باب فرض الخمس ، وأُنظر صحيح مسلم ٤ : ٣٠ كتاب الجهاد والسير ح ١٧٥٩ ، وسنن الترمذي ٤ : ١٥٧ ح ١٦٠٧ ، ومسند أحمد ١ : ٦ ، ٩ ، ١٠ ، وسنن البيهقي ٦ : ٣٠٠ ، والبداية والنهاية ٥ : ٢٨٥ ، والسيرة النبويّة لابن كثير ٤ : ٤٩٥ ، السيرة النبويّة للذهبي : ٤١٢ وكنز العمال ٥ : ٦٠٤ ح ١٤٠٦٩ ، والطبقات الكبرى ٢ : ٢٤٠ وج ٨ : ٢٣ ، وتاريخ المدينة المنوّرة ١ : ١٩٦.

(٦) مستدرك الحاكم ٤ : ١٦٢ ، الصواعق المحرقة : ٨ ، كفاية الطالب : ٣٧٠ ، تاريخ المدينة المنوّرة ١ : ١١٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩.

(٧) الشعراء : ٢١٤.

١٢٦

وروى الحافظ بن مردويه بإسناده إلى عائشة أنّها ذكرت كلام فاطمة لأبيها ، وقالت في أخره : «وأنتم تزعمون أنّ لا إرث لنا! (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) (١) الآية ، يا معشر المسلمين ؛ إنّه لا أرث أبي يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي ، (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) ، فدونكها مرحولة مختومة في عنقك ، تلقاه يوم حشرك ويوم نشرك ، فنعم الحَكم الله تعالى ، والغريم (٢) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون» (٣).

وروى الواقدي وغيره من العامّة أنّ النبيّ لمّا افتتح خيبراً اصطفى لنفسه قرى من قرى اليهود ، فنزل عليه جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) (٤) فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ومن ذا القربى ، وما حقّه؟ قال جبرئيل عليه‌السلام : فاطمة عليها‌السلام» فدفع إليها فدك والعوالي ، فاستعملتها حتّى توفّي أبوها.

فلمّا بويع أبو بكر منعها فكلّمته ، فقال : ما أمنعك عمّا دفع إليك أبوك ، فأراد أن يكتب لها فاستوقفه عمر! فقال : امرأة ، فلتأتِ على ما ادّعت ببيّنة ، فأمرها أبو بكر ، فجاءت بعلي عليه‌السلام والحسنين عليهما‌السلام وأُمّ أيمن وأسماء بنت عميس ، فردّ شهادتهم! فقال : لا ، أمّا عليّ فإنّه يجرّ نفعاً إلى نفسه ، والحسنان ابناكِ ، وأُمّ أيمن وأسماء نساء ، فعند ذلك ، غضبت عليه فاطمة الزهراء عليها‌السلام وحلفت أن لا تكلّمه حتّى تلقى أباها وتشكو إليه (٥).

__________________

(١) المائدة : ٥٠.

(٢) في «ح» : والمقيم.

(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٣١ ، تاريخ الإسلام للذهبي ١ : ٥٩١ ، مروج الذهب ٣ : ٢٣٧ ، الصواعق المحرقة : ٨ ، شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١٢ ، الشافي ٤ : ٧٢ ، الاحتجاج للطبرسي ١ : ١٠٢.

(٤) الإسراء : ٢٦.

(٥) انظر شواهد التنزيل ١ : ٣٣٨ ٣٤١ ح ٤٦٧ ٤٧٣ ، الدر المنثور ٥ : ٢٧٣ ، السيرة الحلبية ٣ : ٣٦٢ ، ينابيع المودّة ١ : ١٣٨ ، المسترشد في الإمامة : ٥٠١ ، ٥٠٢ ، معجم البلدان ٤ : ٢٣٨ ٢٤٠ ، شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١٠ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، مجمع الزوائد ٧ : ٤٩.

١٢٧

وهذا يدلّ على نهاية جهله بالأحكام ، وعلى أنّهما لم يكن عندهما مثقال ذرّة من الإسلام.

وهل يجوز على الذين طهّرهم الله بنصّ الكتاب أن يقدموا على غصب المسلمين أموالهم!! وأن يدلّهم أبو بكر على طريق الصواب!! فاعتبروا يا أُولي الألباب.

مع أنّه قد روى مسلم في صحيحه بطريقين ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فاطمة الزهراء بضعة منّي ، يؤذيني من آذاها (١). وروى البخاري في صحيحه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «فاطمة بضعة منّي ، من أبغضها فقد أبغضني» (٢). وكذلك روى هذين الحديثين في الجمع بين الصحيحين (٣).

وروى في الجمع بين الصحاح الستّ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «فاطمة (٤) سيدة نساء العالمين» ثمّ قال : «سيدة نساء أهل الجنّة» (٥).

وروى بطريق آخر أيضاً أنّه قال : «ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين أو سيّدة نساء أهل الجنّة» (٦) وروى بطريق آخر أيضاً قال لها : «ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين ، أو سيّدة نساء هذه الأُمّة» (٧) وكذلك رواه البخاريّ في صحيحه (٨) ؛ وكذلك رواه الثعلبي (٩).

__________________

(١) صحيح مسلم ٥ : ٥٣ ح ٢٤٤٩ باب فضائل فاطمة بنت النبيّ عليها الصلاة والسلام ، وتحت الرقم حديث آخر بطريق آخر.

(٢) صحيح البخاري ٥ : ٣٦ باب مناقب فاطمة عليها‌السلام.

(٣) راجع جامع الأُصول ٩ : ١٢٧ ذيل حديث ٦٦٧٤ ، التاج الجامع للأُصول ٣ : ٣٥٣.

(٤) في «ح» زيادة : بضعة منّي.

(٥) جامع الأُصول ٩ : ١٢٩ ح ٦٦٧٦ ، الجامع الصغير ٢ : ٢٠٩ ح ٥٨٣٥ وانظر مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤.

(٦) اللؤلؤ والمرجان ٣ : ١٥٣ ح ١٥٩٣ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥١٨ ح ١٦٢١ ، مسند أحمد ٣ : ٨٠ وفيه : فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة ، حلية الأولياء ٢ : ٤٠ ، ينابيع المودّة ٢ : ٧٥ ، كنز العمال ١٢ : ١٠٧ ح ٣٤٢١٦.

(٧) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٦ ، جامع الأُصول ٩ : ١٣٠ ذيل حديث ٦٦٧٧.

(٨) صحيح البخاري ٤ : ٢٤٨ باب علامات النبوّة في الإسلام.

(٩) وأُنظر المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٣٢٣ ، وبحار الأنوار ٤٣ : ٣٧.

١٢٨

ومنه : إحراق بيت فاطمة الزهراء لمّا جلس فيه عليّ عليه‌السلام ومعه الحسنان وامتنع عن المبايعة ، نقله جماعة من أهل السنّة ، منهم : الطّبري (١) والواقدي (٢) وابن حزامة عن زيد بن أسلم ، وابن عبد ربّه (٣) وهو من أعيانهم وروي في كتاب «المحاسن» (٤) وغير ذلك (٥).

وأمّا ما صدر من الثاني :

فمنه : قول الزمخشري في ربيع الأبرار قد تمثّل بهذه الأبيات عمر وهو سكران :

أيخبرنا ابن كبشة أن سنحيا

وكيف حياة إصدام وهام

إذا ما الرأس زائل منكبيه

فقد شبع الأنيس من الطعام

ويقتلني إذا ما كنت حيّاً

ويحييني إذا رمّت عظامي

ألا من يبلغ الرحمن عنّي

بأنّي تارك شهر الصيام

فقل لله يمنعني شرابي

وقل لله يمنعني طعامي (٦)

ومنه : مخالفته للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي لا ينطق عن الهوى في إحضار الدواة والقرطاس ؛ ليكتب للمسلمين كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، فقال : دعوه فإنّه يهجر ورواه الأكثر بلفظ : «إنّ الرجل» وهذا لا يجوز أن يواجه به مثل النبيّ الكريم ذي الخلق العظيم.

وقد روى ذلك مسلم في صحيحه ، ورواه غيره من أهل النقل (٧).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ : ٢٣٣ ؛ وفيه : التهديد بالإحراق.

(٢) حكاه عنه في نهج الحقّ : ٢٧١.

(٣) العقد الفريد ٤ : ٢٥٩ ، ٢٦٠ ؛ وفيه التهديد بالإحراق.

(٤) نقل عنه في نهج الحقّ : ٢٧٢ وأُنظر أعلام النساء ٤ : ١١٦ ، والمختصر في أخبار البشر ١ : ١٥٦.

(٥) تاريخ الأحمدي : ١٢٨ ، تلخيص الشافي ٣ : ٧٦ ، شرح نهج البلاغة ٢ : ٥٦ وفيه التهديد بالإحراق ، وهذا نصّه : والذي نفسي بيده لتخرجُنّ إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم.

(٦) ربيع الأبرار ٤ : ٥١.

(٧) صحيح مسلم ٣ : ٤٤٥ كتاب الوصيّة باب الوقف ح ١٦٣٧ ، مسند أحمد ١ : ٣٣٦ ، ٣٥٥ وج ٣ : ٣٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ : ١٨٧ ، ، نهاية الأرب ٣ : ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، الملل والنحل ١ : ٢٢ ، السيرة النبويّة للذهبي : ٣٨٣ تذكرة الخواص : ٦٢ ، النهاية لابن الأثير ٥ : ٢٤٦ ، سرّ العالمين للغزالي : ٢١ ، وشرح المواقف للجرجاني ٨ : ٣٧٦.

١٢٩

وكان ابن عبّاس يقول : إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

ومنه : بيعة أبي بكر ، وخاصم عليها بغير دليل.

ومنه : قصد بيت النبوّة وذرّيّة الرسول بالإحراق (٢).

ومنه : أمره برجم الحامل ورجم مجنونة ، فنهاه عليّ ، فقال : لولا عليّ لهلك عمر (٣).

ومنه : منع المغالاة في المهر ، فقالت له امرأة : أما تقرأ القرآن؟! قال الله تبارك وتعالى (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) (٤) الآية فقال : كلّ الناس أفقه من عمر ، حتّى المخدّرات في البيوت (٥).

ومنه : أنّه أعطى عائشة وحفصة في كلّ سنة عشرة آلاف درهم من بيت المال ، وأخذ أيضاً مائتي درهم فأنكر عليه الصحابة ، فقال : «أخذتها من جهة القرض» (٦).

ومنه : أنّه تسوّر على قوم فوجدهم على منكر ؛ فقالوا له : أخطأت من جهات :

__________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٣٦ كتاب العلم ، باب كتابة العلم ، مسند أحمد ١ : ٣٢٤ ، ٣٣٦ ، الملل والنحل ١ : ٢٢ ، الطبقات الكبرى ٢ : ١٨٨ ، البداية والنهاية ٥ : ٢٢٧ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٤ : ٤٥١ ، السيرة النبويّة للذهبي : ٣٨٤ ، الأُنس الجليل ١ : ٢١٦.

(٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٩ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٣٣ ، العقد الفريد ٤ : ٢٥٩ ، أعلام النساء ٤ : ١١٦ ، المختصر في أخبار البشر ١ : ١٥٦ ، نهج الحقّ : ٢٧١.

(٣) مستدرك الحاكم ٤ : ٣٨٩ ، مسند أحمد ١ : ١٤٠ ، ١٥٤ ، المناقب للخوارزمي : ٨٠ ح ٦٥ ، فيض القدير ٤ : ٣٥٧ ، إرشاد الساري ١٠ : ٩ ، ذخائر العقبى : ٨١ ، تذكرة الخواص : ١٣٧ ، الرياض النضرة ٢ : ٢٥٩ ، شرح المواقف للجرجاني ٨ : ٣٧٠ ، نهج الحق : ٢٧٧. وليس في بعضها : لولا عليّ لهلك عمر.

(٤) النساء : ٢٠.

(٥) الدر المنثور ٢ : ٤٦٦ ، التفسير الكبير للرازي ١٠ : ١٣ ، مستدرك الحاكم ٢ : ١٧٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٩٩ ، روح المعاني ٤ : ٢٤٤ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٣٣ ، ٢٣٤ ليس فيه «حتّى المخدّرات في البيوت» ، الكشّاف ١ : ٤٩١ ، مجمع الزوائد ٤ : ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، فتح القدير ١ : ٤٤٣.

(٦) الكامل في التاريخ ٢ : ٣٥١ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ١٥٣ ، نهج الحق : ٢٧٩.

١٣٠

التجسّس وقد نهى الله عنه ، والدخول من غير الباب وقد نهى الله عنه ، والدخول من غير إذن وقد نهى الله عنه ؛ فدخله الخجل (١).

ومنه : أنّه منع خُمس أهل البيت وكان عليه ثمانون ألف درهم (٢).

ومنه : أنه عطّل حدود الله في المغيرة بن شعبة ، ولقّن الشاهد الرابع فامتنع ، حتّى كان عمر يقول إذا رآه : قد خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء (٣).

وكان يتلوّن في أحكامه لجهله (٤) حتّى قضى في الحدّ سبعين قضيّة (٥) ، وروى مائة قضيّة.

وكان يفضّل في العطاء والغنيمة (٦) ، ويعوّل على الظنون في إقامة الحدود.

ومنه : أنّه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ، وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما (٧).

وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من عدّة طرق عن جابر وغيره : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله وأبي بكر ، حتّى نهانا عنها عمر (٨) ، وقد روي في الجمع بين الصحيحين نحو ذلك من عدّة طرق (٩).

__________________

(١) الدر المنثور ٧ : ٥٦٨ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٨٢ ، كنز العمال ٣ : ٨٠٨ ح ٨٨٢٧.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٦ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٤٤ ، الخلفاء الراشدون لأبي عثمان الذهبي : ١٤.

(٣) سنن البيهقي ٨ : ٢٣٥ ، وفيات الأعيان ٦ : ٣٦٤ ، المسترشد للطبري : ١٥٩.

(٤) تفسير الطبري ٦ : ٣٠ ، ذخائر العقبى : ٨٢ ، سنن البيهقي ٧ : ٤٤٢ ، وج ٨ : ٢٧٤ ، المناقب للخوارزمي : ٨٠ ح ٦٤ و ٦٥ ، مجمع الزوائد ١ : ٢٦٦.

(٥) سنن البيهقي ٦ : ٢٤٥.

(٦) فتوح البلدان : ٤٣٥ ٤٤٧.

(٧) مسند أحمد ١ : ٥٢ بتفاوت ، التفسير الكبير للرازي ١٠ : ٥٠ ، البيان والتبيين للجاحظ ٢ : ٢٢٣ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ : ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، وج ٢ : ١٨٤ ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢ : ٢٧٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٤٤.

(٨) صحيح البخاري ٧ : ١٦ كتاب النكاح ، وفيه أصل الجواز ، صحيح مسلم ٣ : ١٩٤ ح ١٤٠٥ من كتاب النكاح ، وأُنظر فتح الباري ٩ : ٢١١ ، ومسند أحمد ٣ : ٣٢٥.

(٩) صحيح مسلم ٣ : ١٩٤ ، كتاب النكاح باب نكاح المتعة ح ١٤٠٥ ، مسند أحمد ٣ : ٣٠٤ ، المصنّف ٧ : ٥٠٠ ح ١٤٠٢٨ ، ١٤٠٢٩ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٣٧.

١٣١

وروى أحمد بن حنبل في مسنده ، عن عمران بن حصين قال : نزلت متعة النساء في كتاب الله ، وعلمناها وفعلناها مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ ولم ينزل قران بحرمتها ولم ينهَ عنها حتّى قبض رسول الله (١).

وروى الترمذي في صحيحه قال : سئل ابن عمر عن متعة النساء ؛ فقال : هي حلال ، فقيل له : إنّ أباك قد نهى عنها وقال : دعوا نكاح هذه النساء ، فإنّي لن أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة ، فقال : سبحان الله إن كان أبي قد حرّمها فقد صنعها رسول الله ، فنترك سنّة رسول الله ونتّبع قول أبي (٢).

ومنه : قضيّة الشورى ، ونصّه على ذمّ الستّة ، وجعل الأمر إلى ستّة ، ثمّ إلى أربعة ، ثمّ إلى واحد ، وفيها من الأمر المخترع المبتدع ما الله أعلم به (٣).

ومنه : صلاة التراويح جماعة ،وقد أجمع على أنّها بدعة حتّى هو ، فإنّه قال : بدعة ونعم البدعة (٤). وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار» (٥) ؛ إلى غير ذلك.

وأمّا ما صدر من الثالث :

فقد كان يولّي شرّاب الخمور ، كالوليد بن عقبة الذي دُعي فاسقاً ؛ (٦) بقوله تعالى :

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٤٢٩.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ١٨٥ ح ٨٢٤ بتفاوت يسير ، الطرائف : ٤٦٠.

(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٤٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٠ ، أنساب الأشراف ٥ : ١٦.

(٤) كنز العمال ٨ : ٤٠٩ ح ٢٣٤٦٦ ، ٢٣٤٦٩ ، الإمامة والسياسة ١ : ٢٤ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٤٦١ ، الإصابة ٢ : ٤٦٣.

(٥) كنز العمال ١ : ٢٢٣ ح ١٢٢٥ ، ١٢٢٦ ، الكافي ١ : ٥ باب البدع والمقاييس ح ١٢ ، الموطّأ ١ : ١٤ ، الطرائف : ٤٥٥ ، وفي صحيح مسلم ٢ : ٢٦٩ ح ٨٦٧ باب تخفيف الصلاة ، وسنن أبي داود ٢ : ٦١١ ح ٤٦٠٧ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٦ المقدّمة ، ومسند أحمد ٣ : ٣١٠ وج ٤ : ١٢٦ و ١٢٧ صدر الحديث وهو كلّ بدعة ضلالة.

(٦) أسد الغابة ٥ : ٩٠ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٠١ ، مروج الذهب ٢ : ٣٤٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٥ ، الإمامة والسياسة ١ : ٣٢ ، ٣٤ ، الخلفاء الراشدون : ١١ ، الإصابة ٣ : ٦٣٨ ، المعارف لابن قتيبة : ٢٤٢ ، المناقب لابن المغازلي : ٣٢٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ١١ ، الأخبار الطوال : ١٣٩ ، نهج الحقّ : ٢٩٠.

١٣٢

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١) الآية ، وبقوله تعالى (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) (٢).

وكتب إلى عدوّ الله عبد الله بن أبي سرح بقتل محمّد بن أبي بكر ، وكان ذلك سبب حصره وقتله (٣).

ومنه : ردّ الحَكَم بن أبي العاص طريد رسول الله إلى المدينة ، وكان عثمان قد كلّم الأوّل والثاني في ردّه فلم يقبلاه وزبراه (٤) ، ولمّا ردّه جاء عليّ وطلحة والزبير وأكابر الصحابة وخوّفوه من الله فلم يسمع (٥).

وإنّه كان يؤثر أهل بيته بالأموال ، حتّى زوّج أربعة أنفس من قريش ببناته ، ودفع إليهم أربعمائة ألف دينار من بيت مال المسلمين (٦). وأعطى مروان بن الحكم مائة ألف دينار (٧) وروى الواقدي ثلاثمائة ألف دينار ، وهي صدقات قضاعة (٨).

وروى الواقدي أيضاً أنّ عثمان قسّم أموالاً بعثها إليه أبو موسى الأشعري من البصرة بين أهله وولده بالصحاف (٩).

ومنه : أنّه ضرب أبا ذرّ مع تقدّمه في الإسلام ، وعلوّ شأنه عند النبيّ ، ونفاه

__________________

(١) السجدة : ١٨.

(٢) الحجرات : ٦.

(٣) الطبقات الكبرى ٣ : ٤٨ ، تجارب الأمم ١ : ٢٨٨ ، نور الأبصار : ١٥٠ ، مروج الذهب ٢ : ٣٥٣ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ١٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٧٥ ، الإمامة والسياسة ١ : ٣٧ ، نهج الحقّ : ٢٩١.

(٤) أي نهراه وزجراه. المصباح المنير ١ : ٢٥٠.

(٥) انظر الإصابة ١ : ٣٤٥ ، الاستيعاب بهامش الإصابة ١ : ٣١٧ ، أسد الغابة ٢ : ٣٣ ٣٥ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ٢٩ ٣٣ ، السيرة الحلبيّة ٢ : ٧٦ ، العقد الفريد ٤ : ٣٠٥ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٤٣ ، الجمل : ١٨٠ ، نهج الحق : ٢٩٤.

(٦) لاحظ العقد الفريد : ٣٩٢ ، دائرة المعارف لفريد وجدي ٦ : ١٦٦ ، تاريخ الخلفاء : ١٥٦ ، بحار الأنوار ٣١ : ٢١٨.

(٧) تذكرة الخواص : ٢٠٩ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٩٩ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٦ وفيه : مائتي ألف دينار.

(٨) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٨ ، وحكاه في أنساب الأشراف ٥ : ٢٨ عن الواقدي وفيه : ثلاثمائة ألف درهم ، شرح نهج البلاغة ١ : ٢٢٤ ، نهج الحق : ٢٩٤ وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٥٦ كتب له بخمس إفريقيّة.

(٩) حكاه في نهج الحق : ٢٩٤ عن الواقدي ، وأُنظر شرح نهج البلاغة ١ : ١٩٩. والصحاف جمع صحفة وهي إناء كالقصعة ، كما في مصباح المنير ١ : ٣٣٤.

١٣٣

إلى الربذة (١).

ومنه : ضرب عبد الله بن مسعود حتّى كسر بعض أضلاعه ، فعهد أن لا يصلّي عليه عثمان ، وقال عثمان لمّا عاده في مرض موته : استغفر لي ، فقال عبد الله : أسأل الله أن يأخذ لي حقّي منك (٢).

ومنه : ضرب عمّار بن ياسر حتّى حدث به فتق بغير جرم ، إلا أنّه نهاه عن بعض المناكر (٣). وكان عمّار بن ياسر من المؤلّبين على قتله هو ومحمّد بن أبي بكر ، وكانا يقولان : قتلناه كافراً (٤).

وكان عمّار يقول : ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر ، وأنا الرابع (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٥) (٦).

وقيل لزيد بن أرقم : بأيّ شي‌ء كفّرتم عثمان؟ فقال : بثلاث : جعل المال دولة بين الأغنياء ، وجعل المهاجرين والأنصار من الصحابة بمنزلة من حارب الله ورسوله ، وعمل بغير كتاب الله (٧).

وكان حذيفة اليماني يقول : ما في كفر عثمان بحمد الله شكّ (٨).

ومن عطّل الحدّ الواجب على عبيد الله بن عمر (٩) حيث قتل الهرمزان مسلماً ، وكان قد أوصى عمر بقتله ، فدافع عنه وحمله إلى الكوفة ، وأقطعه بها داراً وأرضاً ،

__________________

(١) مسند أحمد ٥ : ١٩٧ و ٣٢٥ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٣٤٢ ، شرح نهج البلاغة ١ : ١٩٩ ، المعارف لابن قتيبة : ١٩٥.

(٢) أسد الغابة ٣ : ٢٥٩ ، تاريخ ابن كثير ٧ : ١٦٣ ، السيرة الحلبيّة ٢ : ٧٨ ، تاريخ الخلفاء : ١٥٧ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ٤٣.

(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٣٢ ، السيرة الحلبيّة ٢ : ٧٨ ، أنساب الأشراف ٥ : ٤٨ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ٥٠ ، أمالي المفيد : ٧١.

(٤) شرح نهج البلاغة ٣ : ٥٠.

(٥) المائدة : ٤٤.

(٦) شرح نهج البلاغة ٣ : ٥٠.

(٧) شرح نهج البلاغة ٣ : ٥١ ، نهج الحقّ : ٢٩٧.

(٨) الإصابة ١ : ٦١٩ ، شرح نهج البلاغة ٣ : ٥١.

(٩) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٣ ، نهج الحق : ٣٠١.

١٣٤

ونقم عليه المسلمون في ذلك.

ومن تبرّأ منه كلّ الصحابة ، فكانوا بين قاتل له وراض ، حتّى تركوه بعد قتله ثلاثة أيّام بغير دفن ، ومنعوا من الصلاة عليه.

وحكمه بغير ما أنزل الله وبدعه أكثر من أن تُحصى (١).

وأمّا معاوية فإنّه سمّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأس الفئة الباغية بإخبار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قتل عمّار ، أنّه يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار (٢)! ومن سُمّي دعيّاً ابن دعيّ.

روى هشام بن السائب الكلبي ، قال : كان معاوية لأربعة : لعمارة بن الوليد ، ولمسافر بن أبي عمر ، ولأبي سفيان ، ولرجل سمّاه (٣).

وكانت أمّه من المغتلمات ، وكان أحبّ الرجال إليها السودان ، وكانت إذا ولدت أسود قتلته.

وحمامة جدّة معاوية كانت من ذوات الرايات في الزنا.

ومن دعا عليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «لا أشبع الله بطنه» (٤). واستجيبت ، واشتهر ذلك ، فكان لا يشبع.

ومن لم يزل مشركاً مدّة كون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبعوثاً يكذّب الوحي ، ويهزأ بالشرع ، فالتجأ إلى الإسلام لمّا هدر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دمه

__________________

(١) انظر صحيح البخاري ٢ : ٥٣ باب الصلاة بمنى ، صحيح مسلم ٢ : ١٤٢ ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ح ٦٩٤ ، مسند أحمد ١ : ٣٧٨ ، ٤٢٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٤٣ ، الموطأ ١ : ٤٠٣ ح ٢٠١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦١ ، ١٧٤.

(٢) مسند أحمد ٢ : ١٦٤ ، المناقب للخوارزمي : ١٠٥ ح ١١٠ ، صحيح البخاري ١ : ١٢٢ باب التعاون في بناء المسجد ، صحيح مسلم ٥ : ٤٣٠ ح ٢٩١٦ كتاب الفتن ، وفيهما بعض الحديث ، مناقب الإمام أمير المؤمنين لابن سليمان ٢ : ٣١٠ وفيه : أنت مفتاح الفتنة ورأس الغيّ.

(٣) ربيع الأبرار ٣ : ٥٥١.

(٤) صحيح مسلم ٥ : ١٧٢ ح ٢٦٠٤ كتاب البرّ والصلة ، وقعة صفّين : ٢٢٠ ، ربيع الأبرار ٢ : ٦٨٢ ، الاستيعاب بهامش الإصابة ٣ : ٤٠١ ، العمدة لابن البطريق : ٤٥٦.

١٣٥

ولم يجد ملجأً قبل موت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسة أشهر.

ومن روى عبد الله بن عمر في حقّه فقال : أتيتُ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : «يطلع عليكم رجل يموت على غير سنّتي» ؛ فطلع علينا معاوية (١).

وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد وخرج ولم يسمع الخطبة ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لعن الله القائد والمقود» (٢).

ومن حارب عليّاً عليه‌السلام الذي جاء فيه ما تلوناه طلباً لزهرة الحياة الدنيا ، وزهداً في الله والدار الآخرة ، وتعظيم عليّ ثَبَتَ بضرورة الدين ، ووجوب طاعته ثَبَتَ لكونه مولى المؤمنين (٣).

ومن قتل أربعين ألفاً من الأنصار والمهاجرين وأبناءهم.

ومن سنّ السبّ على عليّ عليه‌السلام ، وقد ثبت تعظيمه بالكتاب والسنة.

وسبّه بعد موته يدلّ على غِلّ كامنٍ وكفرٍ باطنٍ (٤).

ومن سمّ الحسن عليه‌السلام على يد زوجته بنت الأشعث ، ووعدها على ذلك مالاً جزيلاً وأن يزوّجها يزيد ، فوفى إليها بالمال فقط (٥).

ومن جعل ابنه يزيد الفاسق وليّ عهده على المسلمين ، حتّى قتل الحسين عليه‌السلام وأصحابه ، وسبى نساءهم ، وتظاهر بالمناكر والظلم ، وشرب الخمر ، وهدم الكعبة ، ونهب المدينة وأخاف أهلها وأباح نساءها ثلاثة أيّام ، حتّى (٦) : إنّ دم الأبكار سال في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المختار ، وأنّه تولّد من الزنا ما لا حصر له (٧).

__________________

(١) وقعة صفّين : ٢٢٠ ، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) لابن سليمان ٢ : ٣١١ ، نهج الحق : ٣١٠ ، الإيضاح للفضل بن شاذان : ٨٨.

(٢) شرح نهج البلاغة ٤ : ٧٩ بتفاوت ، ربيع الأبرار ٤ : ٤٠٠ ، مجمع الزوائد ٧ : ٢٤٧ وفيه : لعن الله السائق والراكب.

(٣) في «ح» : وليّ.

(٤) مروج الذهب ٣ : ٣٥ ٤١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٠٨ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٣٨ ح ٣٧٢٤.

(٥) مروج الذهب ٣ : ٥ ، الجوهرة : ٣٠ ، الاستيعاب في هامش الإصابة ١ : ٣٧٥ ، أنساب الأشراف ٣ : ٥٥.

(٦) في «ح» زيادة : قيل.

(٧) انظر البداية والنهاية ٦ : ٢٣٤ وج ٨ : ٢٢٥ ٢٣٣ ، مروج الذهب ٣ : ٧٧ ٨١ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٤٥٩ ، تذكرة الخواص : ٢٥٩ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٠ ، تاريخ الطبري ٣ : ٣٥٤ ٣٥٧.

١٣٦

وكسر أبوه ثنية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأكلت أُمّه كبد حمزة.

ومن قتل حُجراً وأصحابه بعد أن أعطاهم العهود والمواثيق ، وقتل عمرو بن الجموح (١) حامل راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أبلت العبادة وجهه ، بغير جرم ؛ إلا خوف أن ينكروا عليه منكراً ، وغير ذلك (٢).

وأمّا عائشة : فهي التي خرجت إلى قتال عليّ عليه‌السلام ومن معه من الأنصار والمهاجرين بعد أن بايعه المسلمون ، وخالفت الله تعالى في قوله (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (٣) فخالفت أمر الله ، وهتكت حجاب رسول الله ، وتبرّجت في جيش عظيم ، واعتلّت بدم عثمان ، وليست هي وليّة الدم ، ولا لها حكم الخلافة ، مع أنّها من ؛ (٤) أكبر المؤلّبين على قتل عثمان ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلاً قتله الله (٥) ولمّا بلغها قتله فرحت بذلك.

فلمّا بايعوا عليّاً عليه‌السلام أسندت القتل إليه ، وقامت تطالب بدمه ، لبغضها عليّاً عليه‌السلام ، وتبعها على ذلك ما يزيد على ستّة عشر ألفاً ، حتّى قتل الأنصار والمهاجرين ، وقد قال الله تبارك وتعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) (٦).

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقي الله يوم القيامة مكتوباً على وجهه أيس من رحمة الله» (٧). وهذا نصّ في الشمول لكاتب الوحي ، وأُمّ المؤمنين.

__________________

(١) والظاهر أنّه تصحيف من عمرو بن الحمق لأنّ عمرو بن الجموح استشهد يوم أحد. راجع أسد الغابة ٤ : ٩٣ ، ١٠٠ ، ١٠١.

(٢) البداية والنهاية ٨ : ٥٢ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٣٣٤ ، تاريخ الطبري ٣ : ٢٢٠ ، ٢٢١ ، مروج الذهب ٣ : ١٢.

(٣) الأحزاب : ٣٣.

(٤) «من» ليست في «ح».

(٥) النهاية لابن الأثير ٥ : ٨٠.

(٦) النساء : ٩٣.

(٧) التاج الجامع للأُصول ٥ : ٣١١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٧٤ ح ٢٦٢٠ ، سنن البيهقي ٨ : ٢٢ ، الجامع الصغير ٢ : ٥٧٤ ح ٨٤٧١ ، الفقيه ٤ : ٦٨ ح ٢٠١.

١٣٧

وروى البخاري في صحيحه عن نافع بن عمر ، قال : قام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة وقال : «الفتنة تطلع من هنا ، ثلاثاً ، حيث يطلع قرن الشيطان» (١).

وروى فيه أيضاً قال : خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيت عائشة وقال : «رأس الكفر من هنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان» (٢).

ورووا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نباح كلاب الحوأب ، وغير ذلك. وكتبهم مملوءة من (٣) ذمّها وذمّ أبيها بأحاديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

ورووا : أنّ عائشة لمّا حضرتها الوفاة جزعت ، فقيل لها : تجزعين يا أُمّ المؤمنين وأنتِ زوجة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبنت الصديق فقالت : إنّ يوم الجمل معترض في حلقي ، ليتني متّ وكنت نسياً منسيّاً (٥).

ونقل في ربيع الأبرار ، قال جميع بن عمر : دخلت على عائشة ، فقلت لها : من كان أحبّ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالت : فاطمة ، قلت لها : إنّما أسألك عن الرجال؟ قالت : زوجها عليّ بن أبي طالب ، وما يمنعه ، فوالله إنّه كان صوّاماً قوّاماً ، وقد سالت نفس رسول الله بيده فردّها إلى فيه وأيّ رجل يماثله؟ قلت : فما حملكِ على ما كان؟ فأرسلت خمارها على وجهها وبكت ، وقالت : أمر قُضي

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ١٠٠ باب ما جاء في بيوت أزواج النبيّ (ص) وأُنظر مسند أحمد ٢ : ٢٣ ، ٢٦ ، وصحيح مسلم ٥ : ٤٢٣ كتاب الفتن ح ٢٩٠٥ ، ونهج الحق : ٣٧٢.

(٢) وجدناه في مسند أحمد ٢ : ٢٣ ، ٢٦ وج ٦ : ٩٧ ، وصحيح مسلم ٥ : ٤٢٤ ، كتاب الفتن ح ٢٩٠٥ ، ومستدرك الحاكم ٣ : ١٢٠ ، ونهج الحقّ : ٣٧٢.

(٣) في «س» ، «م» : في.

(٤) صحيح البخاري ٧ : ٥٧ كتاب الطلاق ، صحيح مسلم ٣ : ٢٦٠ كتاب الرضا ح ١٤٢٦ ، مسند أحمد ١ : ٣٣ ، مناقب الإمام أمير المؤمنين لابن سليمان ٢ : ٢٤٦.

(٥) البداية والنهاية ٦ : ٢١٢ ، تاريخ الطبري ٣ : ١١ ، الكامل في التاريخ ٣ : ١٠٣ ، مروج الذهب ٢ : ٣٦٦ ، المناقب للخوارزمي : ١٨٢ ح ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ربيع الأبرار ٣ : ٣٤٥ بتفاوت فيهما ، تاريخ بغداد ٩ : ١٨٥ وفيه : أصل الندم. مسند أحمد ١ : ٢٧٦ ، المنتظم لابن الجوزي ٥ : ٩٥ بتفاوت.

١٣٨

عليّ (١) ، وغير ذلك (٢).

وما كفاهم فعلهم بذرّيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى جعلوا بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبرة لأبي بكر وعمر وهما أجنبيّان ، فإن كان البيت ميراثاً ، وجب استئذان كلّ الورثة ، وإن كان صدقة ، وجب استئذان المسلمين جميعهم ، وإن كان ملك عائشة كذّبها أنّها لم يكن لها ولأبيها في المدينة دار.

وقد روى في الجمع بين الصحيحين أنّ النبيّ قال ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنّة (٣). وروى الطبري أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال إذا غسّلتموني وكفّنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري (٤). ولم يقل في الموضعين وغيرهما «بيت عائشة» ، وغير ذلك ممّا ذكر لهم (٥).

فبالله عليك تأمّل في الحالين ، واستعمل جادّة الإنصاف في البين ، والله الهادي إلى الصواب (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٦). وصن نفسك عن متابعة الهوى ، وموافقة الأُمّهات والإباء.

وَ خَيّل النبيّ كأنّه قبض الان ، وكأنّ قد قامت تلك الغوغاء التي صدرت في ذلك الزمان ، وأحضِر أحوال القوم بين يديك ، وتوجّه لإبصارها بكلتا عينيك ، وتَفَكّر في الفروع والأتباع ؛ لِتَعلم حال الأُصول وينقطع النزاع.

لعلّ البصرة تذكّرك ، وَجَمَلها يُنذرك ، وصفّين تصفيك ، ووقعة كربلاء تكفيك ، واختلاف ذات البين وحصول الشقاق في الجانبين أبين شاهد على أنّ الحقّ في جانب

__________________

(١) ربيع الأبرار ١ : ٨٢٠ ، وأُنظر مناقب الإمام أمير المؤمنين لابن سليمان ٢ : ١٩٤ ح ٦٦٦.

(٢) حلية الأولياء ٢ : ٤٨ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١١٩.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٢٩ ، كتاب الحج باب حرم المدينة ، اللؤلؤ والمرجان ٢ : ٨٦ ح ٨٧٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٤٧ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٦ ، ٢٧٦ ، وج ٣ : ٤.

(٤) تاريخ الطبري ٢ : ٢٢٨.

(٥) مسند أحمد ١ : ٤٨ ، صحيح البخاري ٦ : ١٩٥ كتاب التفسير ، سنن البيهقي ٧ : ٣٥٣ ، تذكرة الخواص : ٦٦.

(٦) الحج : ٤٦.

١٣٩

واحد ، وأن الحكم بحقّيّة الطرفين اعتقاد فاسد. وفّقنا الله لإصابة اليقين والموافقة لرضا ربّ العالمين (١).

__________________

(١) وهناك كتب استدلاليّة في مبحث الخلافة والإمامة نُشير إلى بعضها لمراجعة القرّاء الأعزاء : الإيضاح للفضل بن شاذان ، الإفصاح للشّيخ المفيد ، الشافي في الإمامة للشّريف المرتضى ، تلخيص الشافي لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي ، العمدة لابن البطريق ، الطرائف في معرفة المذاهب لعلي بن موسى بن طاوس ، وبناء المقالة الفاطميّة لسيد أحمد بن موسى بن طاوس ، كشف المراد للطوسي ، الألفين ونهج الحق وكشف اليقين للعلامة الحلّي ، حقّ اليقين للمجلسي ، إثبات الهداة للمحدّث الحرّ العاملي ، الفصول المهمّة ، والنص والاجتهاد ، والمراجعات للسيّد شرف الدين العاملي ، عبقات الأنوار لحامد حسين الكهنوي ، الغدير للعِمة الأميني ، وإحقاق الحقّ للتستري.

١٤٠