السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم
المترجم: الشيخ محمّد الحسّون
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: منشورات الإجتهاد
الطبعة: ١
ISBN: 964-95037-0-6
الصفحات: ٣٩١
ولمْ يكُنْ مخصوصاً بذلك الحكم ، وممنوعاً عن إظهاره لسائر النّاس ، فلا مندوحة حينئذ من إظهار هذا الذي أطَّلع عليه بصورة الاتّفاق عليه والتَّسالم ، وهذا هو الأصل في كثير من الزيارات والآداب والأعمال المعروفة التي تداولت بين الإماميّة ، ولا مُستند ظاهر من أخبارهم ، ولا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار الأئمّة عليهمالسلام وأسرارهم.
ومن ذلك ما رواه والد العلاّمة الحلّي والسيّد ابن طاووس عن السيّد الكبير العابد رضي الدِّين محمّد بن محمّد الأزدي الحسيني ، المجاور بالمشهد الأقدس الغروي ، عن صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه) في طريق الاستخارة بالسّبحة ، وكما سمعه منه صلوات اللّه عليه ابن طاووس في السّرداب ، وكدعاء العلوي المصري المعروف الذي علّمه محمّد بن علي العلوي الحسني المصري في حائر الحسين عليهالسلام وقد أتاه في خمس ليال حتّى تعلّمه (١).
وهذا هو الأصل في كثير من الأقوال المجهولةِ القائل ، فيكون المُطّلع على قول الإمام عليهالسلام لمّا وجده مُخالفاً لما عليه الإماميّة أو معظمهم ، ولم يتمكّن من إظهاره على وجهه ، وخشي أنْ يضيع الحقُّ جعله قولاً من أقوالهم ، واعتمد عليه ، وأفتى به من دون تصريح بدليله.
فتحصّل من ذلك : إنّ العلماء لم يدّعوا في كتبهم حكماً من الأحكام من دون أنْ يعثروا عليه عن أئمّتهم ، وقد يكون بطريق المشافهة من إمام العصر أرواحنا له الفداء ، فما ذكره المشايخ المُتقدّمون في مزاراتهم من صلاة ركعتي الزيارة بعد الفراغ من زيارة
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ / ٣٠٧ ، مُعجم أحاديث المهدي / ٤٨٧.
أبي الفضل لا ينبغي الوقفة في رجحانه عند أهل البيت عليهمالسلام ؛ إذ لعلّه وصل إليهم بالخصوص وإنْ جهلنا طريق الوصول إليهم.
ولو تنازلنا عن ذلك ، لدلّنا حديث أبي حمزة الثمالي المروي في كامل الزيارات ص ٢٤٠ عن الإمام الصادق عليهالسلام الواردة في زيارة الحسين عليهالسلام ، المشتملة على المُقدّمات والمقارنات الكثيرة ، وفيه قال الصادق عليهالسلام : «فإذا فرغتَ فصلِّ ما أحببت ، إلاّ أنّ ركعتي الزيارة لا بدّ منهما عند كُلِّ قبرٍ» (١). فإنّه أثبت بعمومه رجحان ركعتي الزيارة عند كُلِّ مزور ، وليس له مُخصّص يدفع العموم.
وخلوّ بعض الروايات الواردة في زيارة غير المعصومين عليهمالسلام من التعرّض لركعتي الزيارة لا ينهض لمصادمة العموم ، فالعامّ مُحكم في موارده حتّى يجيء المُخصِّص المُخرّج.
كما أنّ خلوّ رواية أبي حمزة الثمالي الواردة في زيارة العبّاس عليهالسلام عن ذكر صلاة الزيارة لا يدلّ على عدم المشروعية.
والتنصيص في زيارة المعصومين عليهمالسلام لا يدلّ على عدم المشروعية في غيرهم.
فهذا العموم ، وما ذُكر في مزارات مَن تقدّم ذكرهم من النّص عليها ، كافٍ في المشروعية والرجحان.
فما حُكي عن بعض معاصري العلاّمة المجلسي من منع صلاة الزيارة لغير المعصومين عليهمالسلام (٢) ، مستدلاّ ً بخلوِّ الأخبار الواردة في زياراتهم عنها ، في غير محلّه ؛ لِما عرفتَ من الدليل عليه.
__________________
(١) كامل الزيارات / ٤١٧ ، بحار الأنوار ٩٧ / ١٣٣.
(٢) بحار الأنوار ٩٨ / ٣٧٨.
مضافاً إلى ما حكاه المجلسي في مزار البحار ص ١٨٠ ، عن مؤلّف المزار الكبير ، عن صفوان الجمّال ، عن الصادق عليهالسلام من الأمر بصلاة ركعتي الزيارة بعد الفراغ من زيارة علي الأكبر (١) ، ويتمّ في أبي الفضل بعدم القول بالفصل.
وفيه : عن المزار الكبير (٢) ومزار الشهيد (٣) ، بعد ذكر زيارة مسلم بن عقيل ، قال : ثُمّ انحرف إلى عند الرأس فصلِّ ركعتين ، ثُم صلِّ بعدهما ما بدا لك. وظاهره أنّ الركعتين للزيارة ، ولكنّه نقل عن مزار السيّد ابن طاووس التصريح بذلك ؛ فإنّه بعد الفراغ من الزيارة قال : ثُمّ تُقبّل الضريح وتُصلِّي صلاة الزيارة ، وتهدي ثوابها له ، ثمّ تُودّعه وتنصرف (٤).
وفي مزار البحار عند ذكره زيارة هاني بن عروة ، قال : ثُمّ صلِّ صلاة الزيارة وأهدها له ، وادعُ لنفسك بما شئت ، وودّعه وانصرف (٥).
وعلى ما تقدّم من أنّ هؤلاء الأعلام لم يدعوا في مزاراتهم إلاّ ما رووه عن أئمّتهم ، أو وجدوه مرويّاً واعتمدوا عليه.
ويتضح لنا رجحان ركعتّي الزيارة لمسلم وهانئ ، على أنّ الإطلاق المذكور يشملهم.
فإذاً في أبي الفضل عليهالسلام بطريق أولى.
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ / ٩٨.
(٢) المزار للمشهدي / ١٧٩.
(٣) المزار للشهيد الأوّل / ٢٨٠.
(٤) بحار الأنوار ٩٧ / ٤٢٨.
(٥) بحار الأنوار ٩٧ / ٤٢٩.
تقبيلُ القبر
ممّا يدلّ على رجحان تقبيل قبر العبّاس بن أمير المؤمنين عليهماالسلام ما رواه في مزار البحار ص ١٨٠ ، عن مؤلّف المزار الكبير ، عن صفوان الجمّال ، عن الصادق عليهالسلام ... وساق الزيارة للحسين إلى أنّ قال :
«ثُمّ تأتي إلى قبرِ العبّاس بنِ عليٍّ ، وتقول : السّلامُ عليكَ أيُّها الوليُّ ... إلى أنْ قال : ثُمّ تنكبُّ على القبرِ وتُقبّلهُ ، وتقول : بأبي واُمِّي يا ناصر دين اللّه! السّلام عليك يابن أمير المؤمنين ، السّلام عليك يا ناصر الحُسينِ الصدِّيق ، السّلام عليك يا شهيدُ ابنُ الشَّهيدِ ، السّلامُ عليكَ منِّي أبداً ما بقيتُ ، وصلّى اللهُ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ» (١).
وفيه كفاية لمَن يتطلّب النّصّ على المشروعية والرجحان ، ويضاف إليه ما ذكره المفيد وابن المشهدي وابن طاووس في مزاراتهم ؛ فإنّهم قالوا بعد الاستئذان : ثُمّ ادخل وانكبّ على القبر ، وقُلْ : السّلام عليك أيّها العبد الصالح ... إلى آخره.
ولهذا وأمثاله كان شيخ المُحقّقين ونخبة المُرتاضين ، مُجدّد المذهب في المئة الثانية عشر محمّد باقر البهبهاني إذا دخل إلى حرم أبي الفضل عليهالسلام يُقبّل عتبة الباب كما يفعل في حرم سيّد الشُّهداء عليهالسلام (٢) ، وفعلُ هذا المُتبحّرِ حُجّةٌ ، وعملهُ أكبر برهان لمَن يتَّبع الحقّ : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) (٣).
__________________
(١) المزار للمشهدي / ٤٣٣ ، بحار الأنوار ٩٨ / ٢٦١.
(٢) أسرار الشهادة / ٦٦.
(٣) سورة يونس / ٣٥.
أولادُه وأحفادُه
كان للعباس من الأولاد خمسة : عبيد اللّه (١) ، والفضل (٢) ، والحسن (٣) ، والقاسم (٤) ، وبنتان.
وعدّ ابن شهر آشوب من الشُّهداء في الطَّفِّ ولد العبّاس محمّد (٥).
فأمّا عبيد اللّه والفضل فاُمّهما لبابة بنت عبيد اللّه بن العبّاس بن عبد المُطّلب ، واُمّها اُمّ حكيم جويرية بنت خالد بن قرظ الكنانية.
كانت من أجمل النّساء وأوفرهنّ عقلاً ، ولمّا قتل بسر بن أرطأة ولديها عبد الرحمن وقثم ، وكانا صبيِّين صغيرين ، وهي تنظر إليهما ، فقدتْ الصبر وأخذها الوجد ، فكانت تدور في البيت ناشرة شعرها ، وتقول في رثائهما (٦) :
__________________
(١) مستدركات علم الرجال للنمازي ٦ / ٢١٦.
(٢) الجريدة في أنساب العلويّين ٤ / ٣١٨.
(٣) الجوهرة في نسب الإمام علي / ٥٧.
(٤) الجريدة في أنساب العلويّين ٤ / ٣٥١.
(٥) الجريدة في أنساب العلويّين / ٥٨٨.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٠ / ١٥٣ ، بلاغات النّساء لابن طيفور / ٢٠٢ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٨٤.
يا مَن أَحسَّ بِإبنيَّ اللّذين هُما |
|
كالدرّتينِ تَشظّى عنهُما الصَّدفُ |
يا مَن أَحسّ بإبنيَّ اللّذين هُما |
|
سَمْعي وقلبي فمُخِّي اليومَ مُختَطَفُ |
نُبئتُ بُسراً وَما صدّقت ما زَعموا |
|
مِن قَولِهمْ وَمنَ الإفكِ الّذي اقترفوا |
أَنحى عَلى وَدَجي إبنيَّ مُرهَفة |
|
مَشحوذةً وَكذاك الإفكُ يُقترفُ |
حتّى لَقيتَ رِجالاً مِن اُرومتهِ |
|
شمّ الاُنوفِ لهُمْ في قومِهمْ شرفُ |
فَالآنَ أَلعنُ بُسراً حقَّ لعنَتهِ |
|
هَذا لَعمر أبي بُسرٍ هو السَّرفُ |
مَن دلَّ والهةً حرّى مُولَّهة |
|
عَلى صبيَّينِ ضلاّ إذْ غدا السّلف |
فسمع قولها هذا رجلٌ من أهل اليمن فرقَّ لها ، واتَّصل ببسرٍ حتّى وثق به ، ثُمّ احتال لقتل ابنَي بسرٍ ، فخرج بهما إلى وادي أوطاس فقتلهما وهرب ، وقال (١) :
يا بُسرُ بُسرَ بني أرطأةَ ما طَلعتْ |
|
شمسُ النَّهارِ ولا غابتْ على النّاسِ |
خيرٌ مِنَ الهاشميِّينِ الذينَ هُمُ |
|
عينُ الهُدَى وسمامُ الأسوقِ القاسِي |
__________________
(١) الأغاني ١٥ / ٤٥.
ماذا أردْتَ إلى طِفلَيْ مُولَّهةٍ |
|
تبكِي وتُنشدُ مَنْ أثكلتَ في النّاسِ |
أمَّا قتلتَهُما ظُلماً فقدْ شَرقتْ |
|
مِنْ صاحِبَيكَ قناتي يومَ أوطاسِ |
فاشرَبْ بكأسِهمَا ثُكْلىً كما شَربتْ |
|
اُمُّ الصَّبيَّينِ أو ذاقَ ابنُ عبّاسِ |
ولمّا بلغ قتلهما أمير المؤمنين عليهالسلام دعا على بُسر ، فقال : «اللهمَّ ، اسلبهُ دينَهُ وعقلَهُ» (١). فخرف بُسر حتّى كان يلعب بخرئه ، ويقول لمَن حضر : انظروا كيف يُطعمني هذان الغلامان ابنا عبيد اللّه هذا الخرء. فشدّوا يديه إلى ورائه ليُمنع من ذلك ، فانجا يوماً في مكانه وأهوى بفمه ليتناول منه ، فمُنع منه ، فقال : أنتم تمنعوني وعبد الرحمن وقثم يُطعماني؟! وبقي على هذا حتّى مات في سنة ٨٦ هجرية أيّام الوليد بن عبد الملك (٢).
خلف على لبابة بعد أبي الفضل عليهالسلام زيد بن الحسن بن أمير المؤمنين عليهالسلام ، فأولدها نفيسة ، تزوّجها الوليد بن عبد الملك بن مروان (٣).
فولدت له ولداً. فكان زيد بن الحسن يفد إلى الوليد ويجلس معه على السّرير ويُكرمه ؛ لمكان ابنته عنده ، ووهب له ثلاثين ألف دينار دفعة واحدة (٤).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ١٨ ، أنساب الأشراف / ٤٦٠ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٨٥.
(٢) مروج الذهب ٢ / ١٥٥.
(٣) تذكرة الخواصّ ٢ / ٧١.
(٤) سرّ السّلسلة العلويّة للبخاري / ٢٩.
وخلف عليها بعد زيد بن الحسن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان فولدت له القاسم (١).
واتَّفق أرباب النّسب على انحصار عقب العبّاس بن أمير المؤمنين عليهماالسلام في ولده عبيد اللّه ، وزاد الشيخ الفتوني العقب للحسن بن العبّاس ، وكان عبيد اللّه من كبار العلماء ، موصوفاً بالجمال والكمال والمروءة ، مات سنة ١٥٥ هجرية (٢).
تزوّج من ثلاث عقائل كرام : رقيّة بنت الحسن بن علي عليهالسلام ، وبنت معبد بن عبد اللّه بن عبد المُطّلب ، وبنت المُسوّر بن مخرمة الزُّبيري (٣).
ولعبيد اللّه هذا منزلة كبيرة عند السّجاد عليهالسلام كرامة لموقف أبيه (قمر بن هاشم) ، وكان إذا رأى عبيد اللّه رقَّ واستعبر باكياً ، فإذا سُئل عنه ، قال : «إنِّي أذكرُ موقفَ أبيهِ يومَ الطَّفِّ ، فما أملك نفسي».
وانحصر عقب عبيد اللّه في وَلده الحسن ، وكان لاُمّ ولد ، عاش سبعاً وستّين سنة ، أولد الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس خمسة :
١ ـ الفضل.
٢ ـ حمزة.
٣ ـ إبراهيم.
٤ ـ العبّاس.
٥ ـ عبيد الله.
__________________
(١) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣١.
(٢) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣١.
(٣) سرّ السّلسلة العلويّة / ٩٠ وذكر أنهنّ أربعة بإضافة اُمِّ عليِّ بن الحسين بن علي.
وكُلّهم أجلاّء فُضلاء اُدباء (١).
فأمّا الفضل فكان لسناً مُتكلّماً فصيحاً ، شديد الدِّين ، عظيم الشجاعة ، مُحتشماً عند الخلفاء (٢) ، ويُقال له : (ابن الهاشميّة). أعقب من ثلاثة : جعفر ، والعبّاس الأكبر ، ومحمّد ، ولكُلٍّ منهم أولادٌ فيهم الاُدباء.
فمنهم أبو العبّاس الفضل بن محمّد بن الفضل بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس ، كان خطيباً شاعراً ، وقع عقبه إلى قم وطبرستان ، وله أبيات في موقف جدّه العبّاس يوم الطَّفِّ نذكرها في فصل المديح (٣).
وأمّا حمزة فيُشبه جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام ، خرج توقيع المأمون بخطّه ، وفيه : يُعطَى لحمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس بن أمير المؤمنين مئة ألف درهم ؛ لشبهه بجدّه أمير المؤمنين عليهالسلام.
تزوّج (٤) زينب بنت الحسين بن علي بن عبد اللّه بن جعفر الطيّار المعروف بـ (الزينبي) ، نسبة إلى اُمّه زينب بنت أمير المؤمنين عليهماالسلام. وكان حفيده محمّد بن علي بن حمزة متوّجاً شاعراً ، نزل البصرة ، وروى الحديث عن الرِّضا عليهالسلام وغيره ، مات سنة ٢٨٦ هـ (٥).
وسيأتي في ترجمة ابن أخيه الحمزة صاحب المشهد بقرب الحلّة : إنّ اُمَّ صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) التجأت إلى بيته.
وترجمه الخطيب في تاريخ بغداد ج ٢ ص ٦٣ ، وقال : كان
__________________
(١) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣١.
(٢) سرّ السّلسلة العلويّة / ٩٠ ، المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣٢.
(٣) المُجدي في أنساب الطالبيِّين.
(٤) سرّ السّلسلة العلويّة / ٩١.
(٥) عمدة الطالب / ٣٥٨.
راوية للأخبار ، وهو صدوقٌ ، وله الرواية عن جماعة كثير (١).
وفي تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٣٥٢ وصفه بالعلوي البغدادي ، ونقل عن ابن أبي حاتم : أنّه صدوق ثقة (٢).
وأمّا إبراهيم ويُعرف بـ (جردقة) كان من الفُقهاء الاُدباء والزُّهاد ، وابنه عليٌّ أحد الأجواد ، له جاه وشرف ، مات سنة ٢٦٤ هـ ، أولد تسعة عشر ولداً. ومن أحفاده : أبو الحسن عليُّ بن يحيى بن عليِّ بن إبراهيم جردقة ، كان خليفة أبي عبد اللّه بن الداعي على النّقابة ببغداد (٣).
وعبد اللّه بن عليِّ بن إبراهيم جردقة جاء إلى بغداد ، ثُمّ سكن مصر ، وكان يمتنع من التحدّث بها ثُمّ حدّث ، وعنده كُتب تُسمّى (الجعفريّة) فيها فقه على مذهب الشيعة ، توفّي في مصر ، في رجب سنّة ثلاثمئة واثني عشر (٤).
وقال أبو نصر البخاري في سرّ السّلسلة ، في العبّاس بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس السّقا : ما رُؤي هاشميٌّ أعضب لساناً منه ولا أجرأ (٥).
قدم بغداد في أيّام الرشيد وأقام في صحبته ، ثُمّ صحب المأمون بعده ، وكان من رجال بني هاشم فصاحة وشعراً (٦)
__________________
(١) تاريخ بغداد ٣ / ٣٢٨.
(٢) تهذيب التهذيب ٩ / ٣١٤.
(٣) عمدة الطالب / ٣٢٤.
(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ٣٤٥.
(٥) سر السّلسلة العلويّة / ٩٠ ، عمدة الطالب / ٣٥٩.
(٦) تاريخ الإسلام للذهبي ١٣ / ٢٤٦ ، الوافي بالوفيات ١٦ / ٣٧٠.
ولجلالته وفضله وبلاغته وفصاحته يُكنّى عند الرشيد (١). ومن شعره في إخاء أبي طالب لعبد اللّه والد الرسول الأقدس صلىاللهعليهوآله :
إنّا وإنَّ رسولَ اللّهِ يجمَعُنا |
|
أبٌ واُمٌّ وجدٌّ غيرُ مَوصومِ |
جاءتْ بِنا ربَّةٌ مِنْ غيرِ اُسرتِهِ |
|
غرَّاءُ مِنْ نسلِ عُمرانَ بنِ مَخزُومِ |
حزناً يهادونَ مَنْ يسعَى ليُدرِكهَا |
|
قرابةَ مَن حَواها غيرُ مسهومِ |
رزقاً مِنَ اللّهِ أعطانَا فضيلتَهُ |
|
والنّاسُ مِنْ بينِ مرزوقٍ ومحرُومِ (٢) |
وفي المجدي ممّا رثى به أخاه محمداً :
وارَى البَقيعُ محمّداً |
|
للّهِ ما وارَى البقِيعُ |
مِن نائلٍ ونَدَى ومعْ |
|
رُوفٍ إذا ظنَّ المنوعُ |
وَحياً لأيتام وأرْ مَلةٍ |
|
إذا جفَّ الرَّبيعُ |
ولَّى فولَّى الجودُ والْ معروفُ |
|
والحسبُ الرَّفيعُ (٣) |
__________________
(١) عمدة الطالب / ٣٥٩.
(٢) تاريخ بغداد ١٢ / ١٢٦ ، أعيان الشيعة ٧ / ٤١٣.
(٣) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣٦.
وقال : وله أيضاً :
وقالتْ قُريشٌ لنَا مَفْخرٌ |
|
رفيعٌ على النّاسِ لا يُنكَرُ |
بنا تفْخَرونَ على غَيرِنا |
|
فأمّا علينا فلا تفْخَروا (١) |
أولد العبّاس عشرة ذكور : منهم عبد اللّه ، واُمّه أفطسيّة ، كان أديباً شاعراً. فمِن شعره ما في المُجدي :
وإنّي لاَستَحْيي أخِي أنْ أبرَّهُ |
|
قريباً وأنْ أجفوهُ وهوَ بعيدُ |
عليَّ لإخواني رقيبٌ مِنَ الهوى |
|
تَبيدُ اللّيالي وهو ليسَ يَبيدُ (٢) |
وفي سرّ السّلسلة : قدم على المأمون فتقدّم عنده ، ولمّا سمع بموته ، قال : استوى النّاس بعدك يابن عبّاس. ومشى في جنازته ، وكان يُسمِّيه : الشيخ ابن الشيخ (٣).
وفي العُمدة : كان من أحفاد العبّاس السّقا أبو الطيّب محمّد بن حمزة بن عبد اللّه بن العبّاس بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس السّقا ، من أكمل النّاس مروءة وسماحة ، وصلة رحم وكثرة معروف ، مع فضل كثير وجاه واسع. اتّخذ بمدينة الأردن ـ وهي طبرية ـ ضياعاً وأموالاً ، فحسده طغج بن جفِّ الفرغاني ، فدسّ إليه جُنداً قتلوه في بُستان له بطبرية ، في صفر سنة ٢٩١ هـ. ورثته
__________________
(١) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣٦.
(٢) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣٧ ، عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٥٩.
(٣) عمدة الطالب / ٣٥٩.
الشعراء فمِن ذلك ما في المُجدي :
أيُّ رُزءٍ جَنَى على الإسلامِ |
|
أيُّ خَطبٍ مِن الخُطوبِ الجِسامِ (١) |
ويُقال لعقبه : بنو الشهيد.
وترجمه المُرزباني في مُعجم الشعراء ص ٤٣٥ ، وقال : شاعر الافتخار بآبائه ، وكان في أيّام المتوكّل وبعده ، وهو القائل :
وإنِّي كريمٌ مِنْ أكارِمِ سادةٍ |
|
أكفُّهُمُ تَندَى بجزلِ المواهِبِ |
هُمُ خيرُ مَنْ يَحفَى وأفضلُ ناعلٍ |
|
وذروةُ هضبِ العُربِ مِنْ آلِ غالبِ |
هُمُ المَنُّ والسّلوى لِدانٍ بودِّهِ |
|
وكالسُّمِّ في حَلقِ العدوِّ المُجانبِ (٢) |
وترجم له شيخنا الجليل العلاّمة ميرزا عبد الحسين الأميني في شعراء الغدير ج ٣ ص ٣ ، طبع النّجف.
وأمّا عبيد اللّه بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس السّقا عليهالسلام ، ففيه يقول محمّد بن يوسف الجعفري : ما رأيتُ أحداً أهيباً ولا أهيأً ولا أمرَأً من عبيد اللّه بن الحسن. تولّى إمارة الحرمين مكّة والمدينة والقضاء بهما أيّام المأمون سنة ٢٠٤ هجرية (٣).
وفي سنة ٢٠٤ هـ ، وسنة ٢٠٦ هـ ولاّه إمارة الحاجّ (٤). مات
__________________
(١) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣٧.
(٢) الوافي بالوفيات ٢ / ٢٢٠ ، الغدير ٣ / ٢.
(٣) تاريخ بغداد ١٠ / ٣١٣.
(٤) تاريخ الطبري ٧ / ١٥٦.
ببغداد في زمن المأمون ، وكانت اُمّه واُمُّ أخيه العبّاس اُمَّ ولد (١). وقع عقب عليِّ بن عبيد اللّه قاضي الحرمين إلى دمياط ، ويُقال لهم : بنو هارون ، وإلى فسا ويُقال لهم : بنو الهدهد ، وإلى اليمن.
وأمّا الحسن بن عبيد اللّه الأمير القاضي ، فأولد عبد الله. كان له إحدى عشر ذكراً لهم أعقابٌ ، منهم : القاسم بن عبد الله بن الحسن بن عبيد الله ، قاضي الحرمين ، ابن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس الشهيد السّقا. له خطر بالمدينة ، وأحد أصحاب الرأي ، لسناً مُتكلّماً ، سعى بالصلح بين بني علي وجعفر ، وهو صاحب أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام (٢).
فأحفاد العبّاس كُلّهم أجلاّء ، لهم المكانة العالية بين النّاس ؛ لأنّهم بين فقهاء ومُحدّثين ، ونسّابين واُمراء واُدباء ، ولا بدع بعد أنْ عرق فيهم (أبو الفضل) ، فحووا عنه المزايا الحميدة والصفات الجميلة ، فكانت ملامح الشرف والسّؤدد تلوح على أسارير جبهاتهم ، وملء أهابهم علم وعمل ، وحشو الرَّدى هيبة ومنعة.
ومنهم السيّد الجليل صاحب الحرم المنيع والقبة السّامية (الحمزة) ، المدفون بالمدحتية قرب الحلّة.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٣١٣.
(٢) عمدة الطالب / ٣٤٩.
الحمزة
من أحفاد أبي الفضل السيّد الجليل أبو يعلى الحمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن العبّاس بن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد كتب الشيخ الجليل العلاّمة ميرزا محمّد علي الاُوردبادي صحائفَ غُرٍّ في حياته ، نذكرها بنصِّها قال :
كان أبو يعلى أحد علماء العترة الطاهرة ، وفذّاً من أفذاذ بيت الوحي ، وأوحدي من سروات المجد من هاشم.
روى الحديث فأكثر ، واختلف إليه العلماء للأخذ منه ، منهم : الشيخ الأجل أبو محمّد هارون بن موسى التلعكبري ، وأحد أعاظم الشيعة ومن حملة علومهم ، توفِّي سنة ٣٨٥ هـ.
والحسين بن هاشم المؤدِّب ، وعلي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق ، وكلاهما من مشايخ الصدوق ابن بابويه القمّي.
وعلي بن محمّد القلانسي ، من مشايخ الشيخ المُبجّل أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري.
وأبو عبد الله الحسين بن علي الخزاز القمّي (١).
ويظهر من هذا أنّه كان في طبقة ثقة الإسلام الكُليني ، قد أدرك القرنين : آخر الثالث وأواخر الرابع ؛ ولأجله عقد له الشيخ العلاّمة
__________________
(١) رجال النّجاشي / ١٤٠ ، نقد الرجال للتفرشي ٢ / ١٦٧ ، رجال العلاّمة / ١٢١ ، رجال ابن داود / ٨٥.
الشيخ آقا بزرگ الرازي في كتابه (نابغة الرواة في رابعة المئات) ترجمة ضافية ، فهو من علماء الغَيبة الصغرى.
وله من الآثار والمآثر : كتاب التوحيد ، وكتاب الزيارات والمناسك ، وكتاب الرّد على محمّد بن جعفر الأسدي ، وكتاب مَن روى عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام من الرجال ، استحسنه النّجاشي والعلاّمة ، ولهذا ترجمه شيخنا الرازي في مصفّى المقال في مُصنِّفي علماء الرجال ، وأسند النّجاشي إلى هذه الكتب عن ابن الغضائري عن القلانسي عن سيّدنا المُترجَم.
وإليك كلمات العلماء في الثناء عليه :
قال النّجاشي والعلاّمة : إنّه ثقة جليل القدر من أصحابنا ، كثير الحديث (١).
وقال المجلسي في الوجيزة : ثقة (٢).
وفي تنقيح المقال للعلاّمة المامقاني : السيّد [الجليل] حمزة ، ثقةٌ جليل القدر ، عظيم المنزلة (٣).
وفي الكنى والألقاب لشيخنا المُحدّث الشيخ عبّاس القُمّي : إنّه أحد علماء الإجازة وأهل الحديث ، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم وأثنوا عليه بالعلم والورع (٤).
إنّ دون مقام سيّدنا المُترجَم أنْ نقول فيه : إنّه من مشايخ الإجازة الذين هُم في غنى عن أيِّ تزكية وتوثيق ، كما نصّ به الشهيد الثاني ، وتلقّاه من بعده بالقبول ؛ فإنّ ذلك شأن مَن لا يُعرف وجُهلت
__________________
(١) رجال النّجاشي / ١٤٠ ، ٣٦٤.
(٢) بحار الأنوار ٥٣ / ٢٨٧.
(٣) تنقيح المقال ١ / ٣٧٦.
(٤) الكنى والألقاب للقُمّي ١ / ١٨٧.
شخصيته ، وإنّ مكانة سيّدنا أبي يعلى فوق ذلك كُلِّه على ما عرفته من نصوص علماء الرجال.
ومن كراماته المُريبة على حدِّ الإحصاء ، المشهودة من مرقده المُطهّر ، فهو من رجالات أهل البيت عليهمالسلام ، المعدودين من أعيان علمائهم بكُلّ فضيلة ظاهرة ومأثرة باهرة :
والشَّمسُ معروفةٌ بالعينِ والأثرِ.
فليس هو ممّن نتحرّى إثبات ثقته حتّى نتشبّث بأمثال ذلك. نعم ، كثرة روايته للحديث تنمّ عن فضل كثار من غزارة علمه ؛ ومِن قولهم عليهمالسلام : «اعرفوا منازلَ الرِّجال منّا بقَدر روايتهم عنّا». فإنّ ذلك يشفّ عن التصلّب في أمرهم ، والتضلّع بعلومهم ، والبثِّ لمعارفهم ، وبطبع الحال إنّ كُلاً من هذه يُقرّب العبد إلى اللّه تعالى وإليهم عليهمالسلام زلفى ، فكيف بمَن له الحظوة بها جمعاء ، كسيّدنا المُترجَم ، على نسبه المُتألِّق المُتَّصل بدوحهم القُدسيِّ اليانع؟!
أمّا مشايخه في الرواية فجماعة عرفناهم بعد الفحص في المُعجم وكتب الحديث ؛ كرجال الطوسي ، وفهرست النّجاشي ، وإكمال الدِّين للصدوق ، منهم :
١ ـ الشيخ الثّقة الجليل سعد بن عبد الله الأشعري.
٢ ـ محمّد بن سهل بن ذارويه القُمّي.
٣ ـ الحسن بن ميثل.
٤ ـ عليُّ بن عبد بن يحيى.
٥ ـ جعفر بن مالك الفزاري الكوفي.
٦ ـ أبو الحسن عليُّ بن الجنيد الرازي.
٧ ـ وأجلّ مشيخته عمّه مستودع ناموس الإمامة ، والمؤتمن على وديعة المهيمن سبحانه ، أبو عبد الله ـ أو عبيد اللّه ـ محمّد بن
علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العبّاس عليهالسلام.
ومن جلالته ، أنّه لمّا وقعت الفتنة بعد وفاة أبي محمّد العسكري عليهالسلام ، وكثر الفحص والطلب من زبانية الإلحاد وطواغيت الوقت على بيت الإمامة ونسائه ، وجواريه وإمائه ؛ حذار وجود البقيّة منه أو وجود حامل منهم تلده ، لِما بلغ الطاغية أنّ الخلف بعد أبي محمّد العسكري عليهالسلام يُدمّر دولة الباطل ، فحسبه في العاجل وهو آجل ، فعند ذلك انتقلت الكريمة الطاهرة اُمّ الإمام المنتظر عجّل الله فرجه (نرجس) سلام الله عليه وعليها إلى بيت أبي عبد الله هذا ، كما نصّ به النّجاشي ؛ للحفظ من عادية المُرجفين (١).
وإنّ الاعتبار لا يدعنا إلاّ أنْ نقول : بأنّ بيتاً يحوي اُمّ الإمام عليهالسلام لا بُدّ أنْ يكون مُختلف وليِّ الدهر وصاحب العصر ، النّاهض بعبء خلافة الله الكبرى ، ومحطّ أسراره ومرتكز أمره ، ومجرى علومه ومصبّ معارفه ، ليتعاهد الحُرّة الطيِّبة اُمّه نرجس ، ويكون عليهالسلام هو المجتبى في صدر ذلك الدست ، والمُتربّع على منصّة عزّه.
ولا شكّ أنّ أبا عبد الله هذا يقتبس من علومه ويستضيء بأنواره ، وحينئذٍ فدون مقامه إطراء العلماء له ، كقول النّجاشي والعلاّمة : ثقة جليل ، وكقول ابن داود : عين في الحديث ، صحيح الاعتماد (٢) ، كتوثيقات الوجيزة ، والبلغة ، والمشتركات ، وحاوي الأقوال.
__________________
(١) رجال النّجاشي / ٣٤٧ ، ولكنْ في كمال الدِّين وتمام النّعمة للصدوق / ٤٥٩ ، ح ٧ ، قال : فماتت [يعني اُمّ الإمام الحُجّة] في حياة أبي محمّد عليهالسلام.
(٢) رجال النّجاشي / ٣٤٧ ، ٩٣٨ ، وهذه عبارته وليست عبارة ابن داود ، وارجع إلى رجال الحلّي / ٣٦٠ ، ١٠٦ ، ونقد الرجال ٤ / ٢٧٤ ، ٤٩٢٦ ، ٥٧٠ ، وغيرها.
وقال ابن عنبة في العمدة : نزل البصرة ، وروى الحديث عن علي بن موسى الكاظم عليهالسلام وغيره ، بها وبغيرها ، وكان مُتوجّهاً عالماً شاعراً. وقال النّجاشي : له رواية عن أبي الحسن وأبي محمّد عليهماالسلام ، وإنّ له مكاتبة ، وله مقاتل الطالبيِّين (١).
فحسبُ سيّدنا المُترجَم أبو يعلى من الشرف أنْ يكون معماً بمثله ، وناهيه من الفضيلة أنْ يكون خرِّيجاً لمدرسته.
ووالد أبي عبد اللّه هذا فهو علي بن حمزة بن الحسن ، نصّ النّجاشي والعلاّمة الحلّي وفي الوجيزة والبلغة على ثقته.
وأبو حمزة الشبيه بجدّه أمير المؤمنين عليهالسلام جليل القدر عظيم المنزلة ، خرج توقيع المأمون بخطهِ : يُعطى لحمزة بن الحسن لشبهه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مئة ألف درهم. قاله ابن عنبة في العمدة (٢).
وأبو حمزة هذا [هو] الحسن بن عبيد اللّه ، فذكر النّسّابة العمري في المجدي : أنّه كان لاُمّ ولد ، روى الحديث ، وعاش سبعاً وستِّين سنة (٣).
ووافقه على عمره أبو نصر البخاري في سرّ السّلسلة ، وذكر أنّ العدد والثروة في ولده ، وأنّ اُمّه واُمَّ شقيقه عبد اللّه بنت عبد اللّه بن معبد بن العبّاس بن عبد المُطّلب (٤).
قلتُ : والظاهر أنّ في النّسخة غلط نسياني ؛ فإنّ أبا نصر نفسه ذكر أنّ التي كانت تحت عبيد اللّه بن العبّاس عليهالسلام هي اُمّ أبيها بنت
__________________
(١) مُعجم رجال الحديث للخوئي ١٧ / ٣٥١ ، ١١٣٢١ ت.
(٢) عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٥٨.
(٣) المُجدي في أنساب الطالبيِّين / ٢٣١.
(٤) سرّ السّلسلة العلويّة للبخاري / ٩٠.
معبد بن العبّاس لا ابنة ابنه.
وعبيد اللّه بن العبّاس أبو الحسن ، ذكر الشيخ العلاّمة علي بن يوسف بن المُطهّر ـ أخو آية اللّه العلاّمة الحلّي ـ في العدد القويّة ، عن الزبير بن بكار : أنّه من العلماء.
وقال أبو نصر البخاري : تزوّج أربع عقائل كرام : رقية بنت الإمام الحسن السّبط عليهالسلام ، واُمّ عليٍّ بنت السّجاد عليهالسلام لم تلد منه ، واُمّ أبيها بنت معبد بن العبّاس بن عبد المُطّلب ، وابنة المُسوّر بن مخزوم الزُّبيري (١).
وأمّا سيّدنا أبو الفضل العبّاس قمر بني هاشم ، الذي هو بمنقطع الفضل ومنتهى الشرف ، وغاية الجلالة وقصارى السّؤدد ، فالبيان يتقاعس ؛ إنّه جاء ممدوحاً بلسان أئمّة الدِّين عليهمالسلام كابن أخيه الإمام السّجاد عليهالسلام ، ثُمّ الإمام الصادق عليهالسلام.
ولسيّدنا المُترجَم أبي يعلى في أرض الجزيرة بين الفرات ودجلة من جنوب الحلّة السّيفيّة مشهدٌ معروف في قرية تُعرف باسمه (قرية الحمزة) ، بالقرب من قرية المزيديّة ؛ يُقصد بالزيارة ، وتُساق إليه النّذور ، ويُتبرّك به ، وتُعزى إليه الكرامات ، تتناقلها الألسن ويتسالم عليها المشاهدون وتخبت بها النّفوس ، وكان في ذي قبل يُعرف بمشهد (حمزة بن الإمام موسى الكاظم).
وبمّا أنّ الثابت في التاريخ والرجال أنّ قبر حمزة المذكور في الرَّي ، إلى جنبِ مشهد السيّد الأجلّ عبد العظيم الحسني سلام اللّه عليهما.
كان سيّد العلماء والفقهاء المُجاهدين سيّدنا المهدي القزويني
__________________
(١) سرّ السّلسلة العلويّة للبخاري / ٩٠.