العبّاس عليه السلام

السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم

العبّاس عليه السلام

المؤلف:

السيد عبد الرزاق الموسوي المقرّم


المترجم: الشيخ محمّد الحسّون
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: منشورات الإجتهاد
الطبعة: ١
ISBN: 964-95037-0-6
الصفحات: ٣٩١

٧ ـ واُمّها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خُزيمة.

٨ ـ واُمّها بنت جحدر بن ضبيعة الأغر بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نِزار.

٩ ـ واُمّها بنت ملك بن قيس بن ثعلبة.

١٠ ـ واُمّها بنت ذي الرأسين : وهو خشين بن أبي عصم بن سمح بن فزارة. وفي القاموس : خشين بن لاي (١). وفي تاج العروس : لاي بن عصيم (٢).

١١ ـ واُمّها بنت عمر بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان.

هذا ما ذكره أبو الفرج في المقاتل (٣) من جدّات اُمّ البنين والدة العبّاس عليه‌السلام ، ومنه عرفنا آباءها وأخوالها ، ويُعرّفنا التاريخ أنّهم فرسان العرب في الجاهليّة ، ولهم الذكريات المجيدة في المغازي بالفروسيّة والبسالة ، مع الزعامة والسّؤدد حتّى أذعن لهم الملوك ، وهم الذين عناهم عقيل بن أبي طالب بقوله : ليس في العرب أشجع من آبائها (٤) ولا أفرس.

وذلك مراد أمير المؤمنين عليه‌السلام من البناء على امرأة ولدتها الفحولة من العرب ؛ فإنّ الآباء لا بدّ وأنْ تُعرف في البنين ذاتيّاتها وأوصافها ، فإذا كان المولود ذكراً بانت فيه هذه الخصال الكريمة ، وإنْ كانت

__________________

(١) القاموس المحيط ٢ / ٢١٨.

(٢) تاج العروس ٨ / ٢٩٨ ، ولا خلاف بينهما بعد المراجعة.

(٣) مقاتل الطالبيين / ٥٣.

(٤) عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٥٧.

١٢١

اُنثى بانت في أولادها ، وإلى هذا أشار صاحب الشريعة الحقّة بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الخالُ أحدُ الضَّجيعين ؛ فتخيَّروا لِنُطفكُمْ» (١).

وقد ظهرت في أبي الفضل عليه‌السلام الشجاعتان ؛ الهاشمية التي هي الأربى والأرقى ، فمن ناحية أبيه سيّد الوصيّين عليه‌السلام ، والعامرية ، فمِن ناحية اُمّه اُمّ البنين.

فإنّ من قومها أبا براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ، جدّ ثمامة والدة اُمّ البنين ، وهو الجدّ الثاني لاُمّ البنين. قيل له : ملاعب الأسنّة ؛ لفروسيته وشجاعته ، لقّبه بذلك حسّان لما رآه يقاتل الفرسان وحده وقد أحاطوا به ، قال : ما هذا إلاّ ملاعب الأسنّة. وقيل : إنّ أوس بن حجر قال فيه : (٢)

يلاعبُ أطرافَ الأسنَّةِ عامرُ

فَراحَ لَهُ حظُّ الكتائِبِ أجمعُ

وهو الذي استعانه ابنُ أخيه عامر بن الطفيل على منافرة علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص ، لمّا تفاخرا على أنْ يسوق كُلّ منهما مئة ناقة تكون لمَن يحكم له ، ووضع كُلّ منهما رهناً لمنِّ أبنائهم على يد رجل من بني الوحيد ؛ فسُمّي الضمين إلى اليوم ، وهو الكفيل. ولما استعانه عامر دفع إليه نعليه ، وقال له : استعن بهما في منافرتك ؛ فإنّي قد ربعتُ بهما أربعين مِرْابعاً (٣).

والمِرْبَاع : ما يأخذه الرئيس من ربع الغنيمة دون أصحابه

__________________

(١) الكافي ٥ / ٣٣٢ ، ح ٢ ، والحديث : «اختاروا لِنُطفكُمْ ؛ فإنّ الخالَ أحدُ الضَّجيعين».

(٢) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٢٦ / ١٠١.

(٣) الأعلام للزرگلي ٣ / ٣٥٥ ، الإصابة ٣ / ٤٨٥.

١٢٢

خالصاً لنفسه ، وذلك عندما كانوا يغزون في الجاهليّة (١). وهذان النّعلان من مُختصات الرئيس التي يخرج بها في الأيام الخاصّة ، وإلاّ فلا مَزيّة لهما حتّى يستعين بهما على المنافرة.

ومنهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وهو أخو عمرة الجدّة الاُولى لاُمّ البنين. كان عامر أسود أهل زمانه ، وأشهر فرسان العرب بأساً ونجدة ، وأبعدها اسماً حتّى بلغ أنّ قيصر إذا قدم عليه قادم من العرب ، قال : ما بينك وبين عامر بن الطفيل؟ فإنْ ذكر نسباً عظم عنده وأرفده ، وإلاّ أعرض عنه.

وفد عليه علقمة بن علاثة فانتسب له ، قال له قيصر : أنت ابنُ عمّ عامر بن الطفيل؟ فغضب علقمة ، ثُمّ إنّه دخل على ملك الروم ، فقال له : انتسب. فانتسب له ، [فـ] قال الملك : أنت ابن عمّ عامر بن الطفيل؟ فغضب وخرج عنه (٢).

ومنهم عروة الرحّال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ، والد كبشة الجدّة الثانية لاُمّ البنين. كان وفّاداً على الملوك وله قدر عندهم ؛ ومن هنا سُمّي الرحّال ، وهو الذي أجاز لطيمة النّعمان التي كان يبعث بها كُلَّ عام إلى سوق عكاظ ، فقتله البراض بن قيس الكناني واستاق العير ؛ وبسببه هاجت حرب الفجّار بين حي خندف وقيس (٣).

ومنهم الطفيل فارس قرزل ، وهو والد عمرة الجدّة الاُولى

__________________

(١) لسان العرب ٧ / ٤١٥ ، تاج العروس ١١ / ١١٢.

(٢) قسم من الكلام موجود في الإصابة ٤ / ٤٥٨ ، وخزانة الأدب ٣ / ٨٠.

(٣) الطبقات الكبرى ١ / ١٢٧ ، الأعلام للزركلي ٢ / ٤٧.

١٢٣

لاُمّ البنين. كان معروفاً بالشجاعة والفروسية ، وهو أخو ملاعب الأسنّة وربيعة ، وعبيدة ومعاوية بنو جعفر بن كلاب ، يُقال لاُمّهم : اُمّ البنين. وإيّاها عَنى لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب لمّا وفد بنو جعفر على النّعمان بن المنذر ، وكان سميره الربيع بن زياد العبسي ، فاتّهموه بالسّعي عليهم ، فلمّا غدوا على النّعمان كان معهم لبيد ، وهو أصغرهم ، فرأوا النّعمان يأكل مع الربيع ، فقال لبيد :

يا واهبَ الخيرِ الجزيلِ مِنْ سَعَهْ

نَحنُ بَنو أُمِّ البَنينَ الأَربَعَهْ

ونحنُ خيرُ عامرِ بنِ صَعْصعهْ

المُطعِمونَ الجَفنَةَ المُدَعدَعَهْ

وَالضارِبونَ الهامَ تَحتَ الخَيضَعَهْ

إِلَيكَ جاوَزنا بِلاداً مُسبِعَهْ

يُخبِركَ عَن هَذا خَبيرٌ فَاِسمَعَهْ

ممَهلاً أَبَيتَ اللَعنَ لا تَأكُل مَعَهْ

إِنَّ اِستَهُ مِن بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ

وَإِنَّهُ يُولجُ فيها إِصبَعَهْ

يُولجُها حَتّى يُواري أَشجَعَهْ

كَأَنَّما يَطلُبُ شَيئاً ضَيَّعَهْ

فلم ينكر عليه النّعمان ولا أحد من العرب ; لأنّ لهم شرفاً لا يُدافع ؛ ولذلك طرد النّعمان الربيع عن مسامرته ، وقال له :

شَرّدْ برحلِكَ عَنِّي حَيثُ شئتَ وَلا

تَكثر عَليَّ وَدَعْ عَنكَ الأَباطيلا

قدْ قيل ذلكَ إنْ حقَّاً وإنْ كذباً

فما اعتذارُكَ في شيءٍ إذا قيلا (١)

__________________

(١) معجم البلدان ١ / ٣٨٦ ، خزانة الأدب ٤ / ١٠.

١٢٤

الزواج

تزوّج أمير المؤمنين عليه‌السلام من فاطمة ابنة حزام العامرية ، إمّا بعد وفاة الصديقة سيّدة النّساء عليها‌السلام كما يراه بعضُ المؤرّخين (١) أو بعد أنْ تزوّج باُمامة بنت زينب بنت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كما يراه البعضُ الآخر (٢). وهذا بعد وفاة الزهراء عليها‌السلام ; لأنّ اللّه قد حرّم النّساء على عليٍّ عليه‌السلام ما دامت فاطمةُ عليها‌السلام موجودة (٣).

فولدت أربعة بنين وأنجبت بهم : العبّاس وعبد اللّه ، وجعفر وعثمان ، وعاشت بعده مدّة طويلة ولم تتزوّج من غيره ، كما أنّ اُمامة وأسماء بنت عُميس وليلى النّهشلية لم يخرجنَ إلى أحد بعده ، وهذه الحرائر الأربع تُوفي عنهنّ سيّد الوصيين (ع) (٤).

وقد خطب المغيرة بن نوفل اُمامة ، ثُمّ خطبها أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث ، فامتنعت ، وروت حديثاً عن علي عليه‌السلام : أنّ

__________________

(١) جواهر المطالب في مناقب الإمام علي / ١٢١ ، الدر النّظيم للعاملي / ٤١١.

(٢) السّيرة النّبويّة لابن كثير ٤ / ٥٨١ ، السّيرة الحلبيّة ٢ / ٤٥٢ ، الكنى والألقاب للقمي ١ / ١١٥.

(٣) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ٣ / ١١٠ ، الأمالي للشيخ الطوسي / ٤٣ ، بشارة المصطفى للطبري / ٣٨١.

(٤) عمدة القارئ ٨ / ٤١ ، تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق / ٣٠٥.

١٢٥

أزواج النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوصيّ عليه‌السلام لا يتزوّجنَ بعده ؛ فلم يتزوّجنَ الحرائرُ واُمّهات الأولاد عملاً بالرواية (١).

وكانت اُمّ البنين من النّساء الفاضلات العارفات بحقّ أهل البيت عليهم‌السلام ، مُخلصة في ولائهم ، مُمحّضة في مودّتهم ، ولها عندهم الجاه الوجيه والمحلّ الرفيع ، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تُعزّيها بأولادها الأربعة ، كما كانت تزورها أيّام العيد.

وبلغ من عظمها ومعرفتها وتبصّرها بمقام أهل البيت عليهم‌السلام ، أنّها لمّا اُدخلت على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان الحسنان عليهما‌السلام مريضين ، أخذت تُلاطف القول معهما ، وتُلقي إليهما من طيب الكلام ما يأخذ بمجامع القلوب ، وما برحت على ذلك تُحسن السّيرة معهما وتخضع لهما كالاُمّ الحنون.

ولا بِدعَ في ذلك ؛ فإنّها ضجيعة شخص الإيمان ، قد استضاءت بأنواره ، وربت في روضة أزهاره ، واستفادت من معارفه ، وتأدّبت بآدابه ، وتخلّقت بأخلاقه.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٩٠.

١٢٦

الولادة

لقد أشرق الكون بمولد قمر بني هاشم يوم بزوغ نوره من اُفق المجد العلوي ، مُرتضعاً ثدي البسالة ، مُتربّياً في حِجر الخلافة ، وقد ضربت فيه الإمامةُ بعرقٍ نابضٍ ، فترعرع ومزيجُ روحه الشهامة والإباء ، والنّزوع عن الدَّنايا ، وما شُوهد مُشتدّاً بشبيبته الغضة إلاّ وملء إهابه إيمانٌ ثابت ، وحشوُ ردائه حلم راجح ، ولبّ ناضج ، وعلم ناجع.

فلم يزل يقتصّ أثر السّبط الشهيد عليه‌السلام الذي خُلق لأجله ، وكُوّن لأنْ يكون ردءاً له في صفات الفضل ومخائل الرفعة ، وملامح الشجاعة والسّؤدد والخطر. فإنْ خطى سلام اللّه عليه فإلى الشرف ، وإنْ قال فعَن الهُدى والرشاد ، وإنْ رمق فإلى الحقِّ ، وإنْ مال فعَن الباطل ، وإنْ ترفّع فعَن الضيم ، وإنْ تهالك فدون الدِّين.

فكان أبو الفضل جامع الفضل والمثل الأعلى للعبقرية ; لأنّه كان يستفيد بلجِّ هاتيك المآثر من شمسِ فَلَكِ الإمامة (حسينُ العلمِ والبأسِ والصلاحِ) ، فكان هو وأخوه الشهيد عليهما‌السلام من مصاديق قوله تعالى في التأويل : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا) (١). فلم يسبقه بقولٍ استفاده منه ، ولا بعملٍ أتبعه فيه ، ولا بنفسيَّةٍ هي ظلّ

__________________

(١) سورة الشمس / ١ ـ ٢.

١٢٧

نفسيَّته ولا بمنقبة هي شعاع نوره الأقدس المُنطبع في مرآة غرائزه الصقيلة.

وقد تابع إمامه في كُلّ أطواره حتّى في بروز هيكله القدسي إلى عالم الوجود ، فكان مولد الإمام السّبط عليه‌السلام في ثالث شعبان ، وظهور أبي الفضل العبّاس إلى عالم الشهود في الرابع منه (١) سنة ستٍّ وعشرين من الهجرة (٢).

وممّا لا شكّ فيه أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لمّا اُحضر أمامه ولدُهُ المحبوبُ ليُقيم عليه مراسيم السُّنّة النّبويّة التي تُقام عند الولادة ، ونظر إلى هذا الولد الجديد الذي كان يتحرّى البناء على اُمّه أنْ تكون من أشجع بيوتات العرب ; ليكون ولدها ردءاً لأخيه السّبط الشهيد يوم تحيط به عصب الضلال ، شاهد بواسع علم الإمامة ما يجري عليه من الفادح الجَلل ، فكان بطبع الحال يُطبّق على كُلِّ عضو

__________________

(١) أنيس الشيعة للعلاّمة السيّد محمّد عبد الحسين ابن السيّد محمّد عبد الهادي المُدارسي الهندي ، قال شيخنا الحجّة في الذريعة إلى مصنّفات الشيعة ٢ / ٤٥ : رأيت الكتاب في النّجف عند العالم السيّد آقا التستري من أحفاد السيّد نعمة اللّه الجزائري ، والكتاب في وقائع الأيّام من موجبات السّرور والأحزان ، من مواليد الأئمّة عليهم‌السلام ووفياتهم ومعاجزهم ... رتّبه على الأشهر ؛ بدأ بربيع الأوّل وختم في شهر صفر ، وله مُقدّمة في نسب النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسنة جلوس الوصيِّ عليه‌السلام ، وخاتمة في أحوال الحُجّة المُنتظر عليه‌السلام.

وذكر العلاّمة ميرزا محمّد علي الاُوردبادي أنّه قرأ بخطّ المؤلِّف على ظهر الكتاب : إنّه أهداه إلى السّلطان فتح علي شاه يوم الجُمعة أوّل شعبان سنة ١٢٤٤ هـ. وللمؤلِّف كتب منها : زاد المؤمنين ، وتذكرة الطريق ، وعناية الرّب.

(٢) المُجدي ، والأنوار النّعمانيّة / ١٢٤ ، وحكاه في كتاب قمر بني هاشم / ٢٢ عن وقائع الأيّام للشيخ محمّد باقر البيرجندي.

١٢٨

يُشاهده مصيبةً سوف تجري عليه ، يُقلّب كفّيه اللذين سيُقطعان في نُصرة حُجّة وقته فتهمل عيونُهُ.

ويُبصر صدرَه عيبةَ العلم واليقين ، فيُشاهده منبتاً لسهام الأعداء ، فتتصاعد زفرتُهُ ، وينظر إلى رأسه المُطهّر فلا يعزب عنه أنّه سوف يُقرع بعمد الحديد ؛ فتثور عاطفتُهُ وترتفعُ عقيرتُه ، كما لا يُبارح فاكرته حينما يراه يسقي أخاه الماء ما يكون غداً من تفانيه في سقاية كريمات النّبوّة ، ويحمل إليهنّ الماء على عطشه المرمض ، وينفض الماء حيث يذكر عطش أخيه عليه‌السلام ؛ تهالكاً في المواساة ، ومبالغة في المفادات ، وإخلاصاً في الاُخوّة ، فيتنفس الصعداء ، ويُكثر من قول : «مالي وليزيد!» (١). وعلى هذا فقس كُلَّ كارثةٍ يُقدّر سوف تلمّ به وتجري عليه.

فكان هذا الولد العزيز على أبويه وحامّته ، كُلّما سرّ أباه اعتدالُ خلقتِهِ ، أو ملامح الخير فيه ، أو سمة البسالة عليه ، أو شارة السّعادة منه ، ساءه ما يُشاهده هنالك من مصائب يتحمّلها ، أو فادحٍ ينوء به ؛ من جُرحٍ دامٍ ، وعطشٍ مُجهدٍ ، وبلاءٍ مُكرب.

وهذه قضايا طبيعيّة تشتدّ عليها الحالة في مثل هاتيك الموارد ، ممّن يحمل أقلّ شيء من الرّقّة على أقلّ إنسان ، فكيف بأمير المؤمنين عليه‌السلام الذي هو أعطف النّاس على البشر عامّة من الأب الرؤوف ، وأرقّ عليهم من الاُمّ الحنون.

إذاً فكيف به في مثل هذا الإنسان الكامل (أبي الفضل) الذي

__________________

(١) مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ١٢.

١٢٩

لا يقف أحدٌ على مدى فضله ، كما ينحسر البيان عن تحديد مظلوميّته واضطهاده.

وذكر صاحب كتاب (قمر بني هاشم) ص ٢١ : إنّ اُمّ البنين رأت أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض الأيّام أجلس أبا الفضل عليه‌السلام على فخذه ، وشمّر عن ساعديه ، وقبَّلهما وبكى ، فأدهشها الحال ; لأنّها لم تكنْ تعهد صبيّاً بتلك الشمائل العلويّة ينظر إليه أبوه ويبكي من دون سبب ظاهر ، ولمّا أوقفها أمير المؤمنين عليه‌السلام على غامض القضاء ، وما يجري على يديه من القطع في نصرة الحسين عليه‌السلام ، بكت وأعولت ، وشاركها مَن في الدار في الزفرة والحسرة ، غير أنّ سيّد الأوصياء عليه‌السلام بشّرها بمكانة ولدها العزيز عند اللّه جلّ شأنه ، وما حباه عن يديه بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة ، كما جعل ذلك لجعفر بن أبي طالب ، فقامت تحمل بشرى الأبد ، والسّعادة الخالدة.

١٣٠

صفاته

لقد كان من عطف المولى سبحانه وتعالى على وليّه المُقدّس ، سلالة الخلافة الكبرى ، سيّد الأوصياء عليه‌السلام ، أنْ جمع فيه صفات الجلالة ؛ من بأس وشجاعة ، وإباء ونجدة ، وخلال الجمال ؛ من سُؤدد وكرم ، ودماثة في الخلق وعطف على الضعيف ، كُلّ ذلك من البهجة في المنظر ، ووضاءة في المُحيّا من ثغر باسم ووجه طلق ، تتموّج عليه أمواه الحسن ، ويطفح عليه رواء الجمال ، وعلى أسرّة جبهته أنوارُ الإيمان ، كما كانت تعبق من أعراقه فوائحُ المجد ، متأرّجة من طيب العنصر.

ولمّا تطابق فيه الجمالان الصوري والمعنوي ، قيل له : (قمر بني هاشم) (١) ؛ حيث كان يشوء بجماله كُلَّ جميل ، وينذُّ بطلاوة منظره كُلّ أحد حتّى كأنّه الفذّ في عالم البهاء ، والوحيد في دنياه ، كالقمر الفائق بنوره أشعة النّجوم ، وهذا هو حديث الرّواة :

كان العبّاس رجلاً وسيماً جميلاً ، يركب الفرس المُطهّم

__________________

(١) كان يُقال لعبد مناف : (قمرُ البطحاء). ولعبد اللّه والد النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : (قمرُ الحَرَم).

١٣١

ورجلاه تخطّان في الأرض ، وكان يُقال له : قمر بني هاشم (١).

وقد وصفته الرواية المحكيّة في مقاتل الطالبيين ، بإنّ (بين عينيه أثرُ السّجود). ونصّها:

قال المدائني : حدّثني أبو غسّان هارون بن سعد ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة ، قال : رأيتُ رجلاً من بني أبان بن دارم ، أسود الوجه ، وكنتُ أعرفه جميلاً شديدَ البياض ، فقلت له : ما كدتُ أعرفك! قال : إنّي قتلتُ شابّاً أمردَ مع الحسين ، بين عينيه أثرُ السّجود ، فما نمتُ ليلةً ـ منذ قتلته ـ إلاّ أتاني ، فيأخذ بتلابيبي حتّى يأتي جهنّم فيدفعني فيها ، فأصيح فما يبقى في الحيِّ إلاّ سمع صياحي. قال : والمقتول هو العبّاس بن علي عليه‌السلام (٢).

وروى سبط ابن الجوزي عن هشام بن محمّد ، عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما اُتي بالرؤوس إلى الكوفة ، وإذا بفارس أحسن النّاس وجهاً قد علّق في لبب فرسه رأسَ غلامٍ أمردٍ كأنّه القمرُ ليلة تمّه ، والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأسُ بالأرض ، فقلتُ : رأسُ مَن هذا؟ قال : رأس العبّاس بن علي. قلتُ : ومَن أنت؟ قال : حرملة بن الكاهل الأسدي (٣).

قال : فلبثت أيّاماً وإذا بحرملة وجهه أشدّ سواداً من القار ، فقلتُ : رأيتك يوم حملت الرأس وما في العرب أنظر وجهاً منك ،

__________________

(١) مقاتل الطالبيين / ٥٥.

(٢) مقاتل الطالبيين / ٧٩. الأصبغ هنا ابن نباتة ; لأنّ بني مجاشع بطنٌ من حنظلة من تميم كما في نهاية الإرب للقلقشندي / ٣٣٤ ، والأصبغ بن نباتة حنظليٌّ تميميٌّ كما نصّ عليه ابن حجر في تهذيب التهذيب ١ / ٣٦٢.

(٣) في تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٩ : حرملة بن الكاهن ، وفي الفصول المُهمّة لابن الصباغ / ٨٤٥ : حرملة بن الكاهل. والأمر سهل.

١٣٢

وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجهاً منك؟! فبكى ، وقال : واللّه ، منذ حملت الرأس وإلى اليوم ما تمرّ عليَّ ليلةٌ إلاّ واثنان يأخذان بضبعي ، ثُمّ ينتهيان بي إلى نارٍ تُؤجّج ، فيدفعاني فيها وأنا أنكص ، فتسفعني كما ترى ، ثُمّ مات على أقبح حال (١).

ويمنع الإذعان بما في الروايتين من تعريف المقتول بأنّه العبّاس بن علي عليه‌السلام ، عدم الالتئام مع كونه شابّاً أمردَ ؛ فإنّ للعباس يوم قتله أربعاً وثلاثين سنة ، والعادة قاضية بعدم كون مثله أمردَ ، ولم ينصّ التاريخ على كونه كقيس بن سعد بن عبادة لا طاقة شعر في وجهه.

وفي دار السّلام للعلاّمة النّوري ج ١ ص ١١٤ ، والكبريت الأحمر ج ٣ ص ٥٢ ما يشهد للاستبعاد ، واصلاحه كما في كتاب (قمر بني هاشم) ص ١٢٦ ، بأنّه رأس العبّاس الأصغر ، بلا قرينة ، مع الشكّ في حضوره الطَّفِّ وشهادته ، وهذا كاصلاحه بتقدير المقتول : (أخ العبّاس) المنطبق على عثمان الذي له يوم قتله إحدى وعشرين سنة ، أو محمّد بن العبّاس المُستشهد على رواية ابن شهر آشوب ؛ فإنّ كُلّ ذلك من الاجتهاد البحت.

ولعلّ النّظرة الصادقة فيما رواه الصدوق ، مُنضمّاً إلى رواية ابن جرير الطبري ، تُساعد على كون المقتول حبيب بن مظاهر.

قال الصدوق : وبهذا الإسناد عن عمرو بن سعيد ، عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة ، قال : قدم علينا رجل من بني أبان بن دارم ممّن شهد قتل الحسين عليه‌السلام ، وكان رجلاً جميلاً شديد البياض ، فقلتُ له : ما كدت أعرفك لتغيّر لونك! قال : قتلتُ رجلاً من أصحاب الحسين

__________________

(١) تذكرة الخواصّ / ٢٩١.

١٣٣

يُبصَرُ بين عينيه أثرُ السّجود ، وجئت برأسه.

فقال القاسم : لقد رأيتُهُ على فرس له مرح وقد علّق الرأس بلبانه ، وهو يُصيبه بركبتيه ، قال : فقلت لأبي : لو أنّه رفع الرأس قليلاً ، أما ترى ما تصنع به الفرس بيديها؟! فقال : يا بُني ، ما يُصنع به أشدّ ؛ لقد حدّثني ، قال : ما نمتُ ليلةً منذ قتلتُهُ إلاّ أتاني في منامي حتّى يأخذ بكتفي فيقودني ، ويقول : انطلق. فيُنطَلق بي إلى جهنم فيُقذَف بي ، فأصيح. قال : فسمعتُ جارةً له قالت : ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه. قال : فقمتُ في شبابٍ من الحيِّ فأتينا امرأته فسألناها ، فقالت : قد أبدى على نفسه ، قد صدقكم (١).

وقد اتّفقت هذه الروايات الثلاث في الحكاية عن القاسم بن الأصبغ بن نباتة بما فُعل بالرأس الطاهر.

وتُفيدنا رواية الصدوق أنّ المقتول رجلٌ لا شابٌّ ، وأنّه من أصحاب الحسين عليه‌السلام ، ولا إشكال فيه ، وإذا وافقنا ابن جرير على أنّ الرأس المُعلّق هو رأس حبيب بن مظاهر ـ في حين أنّ المؤرّخين لم يذكروا هذه الفعلة بغيره من الرؤوس الطّاهرة ـ أمكننا أنْ ننسب الاشتباه إلى الروايتين السّابقتين ؛ خصوصاً بعد ملاحظة ذلك الاستبعاد بالنّسبة إلى العبّاس ، وتوقّفُ التصحيح فيهما على الاجتهاد بلا قرينة واضحة.

قال ابن جرير في ج ٦ ص ٢٥٢ من التاريخ : وقاتل قتالاً شديد ، فحمل عليه رجلٌ من بني تميم فضربه بالسّيف على رأسه فقتله ، وكان يُقال له : بديل بن صريم من بني عقفان ، وحمل عليه

__________________

(١) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق / ٢١٩.

١٣٤

آخر من بني تميم فطعنه فوقع ، فذهب ليقوم فضربه الحُصين بن تميم على رأسه بالسّيف فوقع ، ونزل إليه التميمي فاحتزّ رأسه ، فقال له الحُصين : إنّي لشريكك في قتله. فقال الآخر : واللّه ، ما قتله غيري. فقال الحُصين : أعطنيه أعقله في عُنق فرسي كيما يرى النّاس ويعلموا أنّي شركت في قتله ، ثُمّ خذه أنت بعدُ فامضِ به إلى عبيد اللّه بن زياد ، فلا حاجة لي فيما تُعطاه على قتلك إيّاه. فأبى عليه ، فأصلح قومه فيما بينهما على هذا ، فرفع إليه رأس حبيب بن مظاهر ، فجال به في العسكر ، قد علّقه في عُنق فرسه ، ثُمّ دفعه بعد ذلك إليه ، فلمّا رجعوا إلى الكوفة أخذ الآخرُ رأسَ حبيبٍ فعلّقه في لبان فرسه ، ثُمّ أقبل به إلى ابن زياد في القصر ، فبصر به ابنه القاسم بن حبيب ـ وهو يومئذ قد راهق ـ فأقبل مع الفارس لا يُفارقه ، كُلمّا دخل القصر دخل معه ، وإذا خرج خرج معه ، فارتاب به ، فقال : ما لك يا بُني تتبعني؟! قال : لا شيء. قال : بلى يا بُني أخبرني.

قال له : إنّ هذا الرأس الذي معك رأسُ أبي ، أفتُعطينيه حتّى أدفنه؟

قال : يا بُني ، لا يرضى الأمير أنْ يُدفن ، وأنا اُريد أنْ يُثيبني الأميرُ على قتله ثواباً حسناً.

قال له الغلام : لكنّ اللّه لا يُثيبك على ذلك إلاّ أسوأ الثواب. أما واللّه ، لقد قتلته خيراً منك. وبكى.

فمكث الغلام ، حتّى إذا أدرك لم تكنْ له همّةٌ إلاّ اتّباع أثر قاتل أبيه ليجد منه غرّة فيقتله بأبيه ، فلمّا كان زمان مصعب بن الزبير ، وغزا مصعب (باجمير) دخل عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه ، فأقبل يختلف في طلبه والتماس غرّته ، فدخل عليه وهو

١٣٥

قائل نصف النّهار ، فضربه بسيفه حتّى برد (١).

نعم ، في رواية الصدوق أنّ القاسم يسأل أباه عمّا يفعله الفرس بالرأس ، فيقول : قلتُ لأبي : لو أنّه رفع الرأس ... إلى آخره.

وهو يدلّ على حياة الأصبغ ذلك اليوم ، وعليه فلَم يعرف الوجه في تأخّره عن حضور المشهد الكريم ، مع مقامه العالي في التشيّع ، وإخلاصه في الموالاة لأمير المؤمنين وولده المعصومين عليهم‌السلام! ومشاهدتُه هذا الفعل من الطاغي يدلّ على عدم حبسه عند ابن زياد كباقي الشيعة الخُلّص ، ولا مخرج عنه إلاّ بالوفاة قبل تلك الفاجعة العظمى ، كما هو الظاهر ممّا ذكره أصحابنا عند ترجمته ؛ من الثناء عليه ، والمبالغة في مدحه ، وعدم الغمز فيه.

فتلك الجملة : (قلت لأبي). لا يُعرف من أين جاءت ، ولا غرابة في زيادتها بعد طعن أهل السُّنّة فيه كما في اللآلئ المصنوعة ج ١ ص ٢١٣ ؛ فإنّه بعد أنْ ذكر حديث الأصبغ بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري ، أنّهم اُمروا بقتال النّاكثين والقاسطين والمارقين مع علي عليه‌السلام ، قال : لا يصحّ الحديث ؛ لأنّ الأصبغ متروك ، لا يساوي فلساً (٢).

وفيه ص ١٩٥ ، ذكر عن ابن عباس حديثَ الرُّكبان يوم القيامة ؛ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وصالح ، وحمزة وعلي عليهم‌السلام ، قال : رجال الحديث بين مجهول ،

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣٣٥.

(٢) اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ١ / ٣٧٤ ، ونصّ العبارة : لا يصحُّ ، وأصبغ متروكٌ لا يساوي فلساً.

١٣٦

وبين معروفٍ بعدم الثّقة (١).

ولقد طعنوا في أمثاله من خواصّ الشيعة بكُلّ ما يتسنّى لهم ، وما ذُكر في تراجمهم يشهد لهذه الدعوى ، ولا يتحمّل هذا المختصر التبسّط في ذكره ، ومراجعة ما كتبه السيّد العلاّمة محمّد بن أبي عقيل في (العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل) ص ٤٠ ، في الباب الثاني فيه كفاية ؛ فإنّه ذكر جملةً من أتباع أهل البيت عليهم‌السلام طعنوا فيهم بلا سبب ، إلاّ لموالاة أمير المؤمنين وولده عليهم‌السلام.

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي ٤ / ٣٤٤ ، ونصّ العبارة : رجاله فيهم غير واحد مجهول ، وآخرون معروفون بغير الثّقة.

١٣٧

كُنيتُه

اشتهر أبو الفضل العبّاس عليه‌السلام بكُنى وألقاب ، وُصف ببعضها في يوم الطَّفِّ ، والبعض الآخر كان ثابتاً له من قبل ؛ فمِن كناه : أبو قَربة (١) لحمله الماء في مشهد الطَّفِّ غير مرّة ، وقد سُدّت الشرائع ومُنع الورود على ابن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله وعياله ، وتناصرت على ذلك أجلاف الكوفة ، وأخذوا الاحتياط اللازم ، ولكن أبا الفضلِ لم يرعهُ جمعُهم المُتكاثف ، ولا أوقفه عن الإقدام تلك الرِّماح المُشرَعة ، ولا السّيوف المُجرَّدة ، فجاء بالماء وسقى عيال أخيه وصحبه.

ولم ينصّ المؤرّخون وأهلُ النّسب على كُنيته بأبي القاسم ; إذ لم يذكر أحدٌ أنّ له ولداً اسمه القاسم.

نعم خاطبه جابر الأنصاري في زيارة الأربعين بها ، قال : السّلام عليك يا أبا القاسم ، السّلام عليك يا عباس بن علي (٢).

__________________

(١) تهذيب الكمال للمزي ٢٠ / ٤٧٩ ، شرح إحقاق الحقّ ٣٢ / ٦٧٩.

(٢) بحار الأنوار ٩٨ / ٣٣٠.

١٣٨

وبما أنّ هذا الصحابي الكبير المُتربّي في بيت النّبوّة والإمامة خبيرٌ بالسّبب الموجب لهذا الخطاب ، فهو أدرى بما يقول.

وقد اشتهر بكُنيتهِ الثالثة (أبي الفضل) ؛ من جهة أنّ له ولداً اسمه الفضل (١) ، وكان حريّاً بها ؛ فإنّ فضله لا يخفى ، ونورَه لا يطفى. ومن فضائله الجسام نعرف أنّه ممّن حُبس الفضل عليه ووقف لديه ؛ فهو رضيع لبانه ، وركنٌ من أركانه ، وإليه يُشير شارح ميمية أبي فراس :

بذلتَ أيا عباسُ نفساً نفيسةً

لنصرِ حُسينٍ عزَّ بالنّصر مِنْ مثلِ

أبيْتَ الْتِذاذَ المَاءِ قَبلَ الْتِذاذِهِ

فَحُسنُ فِعالِ المرْءِ فرعٌ عَنِ الأصلِ

فأنتَ أخُو السّبطينِ في يومِ مَفْخرٍ

وفي يومِ بذلِ الماءِ أنْتَ أبو الفضْلِ (٢)

__________________

(١) الجريدة في اُصول أنساب العلويّين / ٣١٨.

(٢) أعيان الشيعة ٩ / ٢٥٩.

١٣٩

اللَّقَب

اشتُهر بين العامّة والخاصّة بأنّه سلام اللّه عليه باب الحوائج ; لكثرة ما صدر منه من الكرامات وقضاء الحاجات ، ومن هنا قيل فيه (١) :

للشَّوسِ عبّاسٌ يُريهمْ وَجهَهُ

والوفدُ يَنظِرُ باسِماً مُحتاجَها

بابُ الحوائجِ مَا دَعتْهُ مروعةٌ

في حاجةٍ إلاّ ويقضِي حَاجَها

بأبِي أبي الفضْلِ الذِي مِنْ فَضلِهِ

الْسامِي تَعلَّمتِ الوَرَى مِنهاجَها

وقيل له : (قمر بني هاشم) (٢) لوضاءته وجمال هيئته ، وأنّ أسرّة وجهه تبرق كالبدر المنير ، فكان لا يحتاج في الليلة الظلماء إلى ضياء.

وأمّا (الشهيد) ، فلم ينصّ عليه أحدٌ إلاّ أنّه الظاهر من عبارات أهل النّسب ؛ ففي المُجدي لأبي الحسن العُمري ، قال ـ بعد ذكر

__________________

(١) من قصيدة لسيّد الذاكرين السيّد صالح الحلّي رحمه‌الله.

(٢) مقاتل الطالبيين / ٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٥٦ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٩.

١٤٠