ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة

الشيخ محمّد مهدي شمس الدّين

ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة

المؤلف:

الشيخ محمّد مهدي شمس الدّين


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: المؤسسة الدوليّة للدراسات والنشر
الطبعة: ٧
الصفحات: ٢٢٩

الازدواج الذي يرجع إليه سرّ المأساة الدامية الطويلة الأمد التي عاشها الثائرون على حكّام الجور من الاُمويِّين والعباسيين ، ومَنْ تلاهم من الظالمين ، هذا الازدواج الذي كان يعمل عمله في فضّ أعوان الثورة عنها بتأثير الشخصيّة الخارجيّة المُنسجمة الأخرى ، الشخصيّة التي تُطاردها السلطة وتُحاربها ، هذا الازدواج الذي صوّره الفرزدق للحسين عليه‌السلام حين لقيه في بعض الطريق ، فسأله عن أهل الكوفة :

«قلوبهم معك وسيوفهم عليك».

* * *

ولقد كانت هذه السياسة خليقة بأن تنتهي بالمجتمع الإسلامي إلى حالة تعسة من الذلّ والخنوع ، ومن تفاهة الحياة ، وأهداف تلك الحياة.

لقد كانت خليقة بأن تحوّل المسلم من إنسان يستبدّ به القلق لمصير الإنسانيّة كلّها ، ويُعبّر عن هذا القلق بالاهتمام المباشر والعمل الإيجابي المؤدّي إلى التخفيف من ويلات الإنسان في كلّ مكان إلى إنسان قبلي ضيّق الأفق ، يعيش داخل نطاق قوقعته القبلية التي كانت قبل الإسلام تغل الإنسان العربي داخل إطارها فتعوق شخصيّته عن النمو والامتداد خارج حدود كيانه القبلي ، والتي عادت في عهد معاوية تعمل عملها المُدمّر مرّة اُخرى.

ولقد كانت خليقة بأن تُحوّل من إنسان عقائدي تسير حياته على خطّ مستقيم ـ خطّ النضال من أجل العقيدة التي يحرّر بها غيره من الناس ، ويردّ إليهم اعتبارهم الإنساني المسلوب ـ إلى إنسان لا ترتكز حياته على عقيدة ، ولا يحفزه مطمح عظيم ، إنسان تستبدّ به النزوات الطارئة ، والمنافع القريبة ، وتجعله تارة هنا وتارة هناك.

ولقد كانت خليقة بأن تحوّله من إنسان يعي وعياً عميقاً أنّ حياته الشخصيّة ليست ملكاً له بقدر ما هي ملك للجماعة الإنسانيّة ، فإذا تعرضت

١٠١

الجماعة لتحدٍّ يهددها بذل حياته مغتبطاً في نضال هذا التحدّي إلى إنسان يحرص على هذه حرصاً شديداً مهما كانت ملفّعة بالذلّ ، ومجلّلة بالعار ، ومهما كانت مزيّفة وناصلة.

ولقد كانت خليقة بأن تحوّله من إنسان يحارب الظلم ويناجزه ، ويثور عليه أيّاً كان مصدره ـ فيكره الظلم من نفسه ويحملها على العدل ، ويكره الظلم من غيره ، ويحمله على العدل ـ إلى إنسان يُكافح من أجل أن يكون ظالماً إذا لم تقهره قوّة على أن يكون مظلوماً.

وكانت خليقة بأن تحوّله من إنسان يفهم أنّ الدين لا يجعل من المؤمنين به عبيد الطاغية يحكمهم باسم الدين إلى إنسان يؤيّد الطّغاة الحاكمين.

وكانت خليقة بأن تحوّله من إنسان يرى أنّ الثورة على سياسة التجويع والإرهاب حقّ إلى إنسان يُحارب الثائرين.

وتأريخ هذه الفترة من حياة المسلمين حافل بالشواهد على أنّ هذا التحوّل كان قد بدأ يظهر للعيان ، ويطبع المجتمع الإسلامي بطابعه ، ويمكننا أن نخرج بفكرة واضحة عن أثر هذه السياسة في المجتمع الإسلامي حين نُقارن بين ردّ الفعل الذي واجه به المسلمون سياسة عثمان وعمّاله ، وبين موقفهم من سياسة معاوية ؛ فقد كان ردّ الفعل لسياسة عثمان وعمّاله ثورة عارمة من معظم أقطار الأمّة المسلمة من المدينة ومكة ، والكوفة والبصرة ومصر وغيرها من حواضر المسلمين وبواديهم ، فهل نجد ردّ فعل جماعيّاً كهذا لتحدّيات معاوية في سياسته اللإنسانيّة للجماهير المسلمة ، مع ملاحظة أنّ الظلم على عهد معاوية أفدح ، والاضطهاد والقتل والإرهاب أعمّ وأشمل ، وحرمان الأمّة من حقوقها في ثرواتها وإنتاجها أظهر.

الحقّ إنّنا لا نجد شيئاً من ذلك أبداً ؛ لقد كانت الجماهير خاضعة خضوعاً أعمى.

١٠٢

نعم ، كانت ثمّة احتجاجات تنبعث من هنا تارة ومن هناك أخرى ، تدلّ على أنّ المجتمع يتململ تحت وطأة الاضطهاد والظلم ، كتلك التي عبّر عنها موقف حجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وأضرابهما (١) ، ولكنّها لم تأخذ مداها ، ولم تُعبّر عن نفسها في حركة فعلية عامّة بل كانت سرعان ما تهمد وتموت في مهدها حين كانت السلطة تأخذ طلائع هذه الحركات فيُقتلون دون أن يُحرك المجتمع ساكناً ، وإذا حدث وتحرّك إنسان اشتُري سكوته بالمال (٢).

* * *

ومُنذ بدأ الحكّام المسلمون يناوئون الننزعة الإنسانيّة في الإسلام ، ليحوّلوه إلى مؤسسة تخدم مآرب فئة خاصة ، بدأ علي وأبناؤه عليهم‌السلام وأصحابهم يدافعون عن الإسلام ، ويردّون عنه شرّ مَنْ يريد تحريفه وتزويره.

كان هذا هو عمل علي عليه‌السلام طيلة حياته ، حتّى إذا استشهد خلفه في الصراع ابنه الحسن ، وقضت عليه ظروف المجتمع الإسلامي ؛ الاجتماعيّة والنفسية أن يُهيئ هذا المجتمع للثورة على الحكم الأموي حتّى استشهد.

وبقي الحسين وحيداً.

وقد عاصر الحركة التي بدأها أعداء الإسلام ، الدخلاء فيه ، والمستورون والحاقدون ، وطلاّب المنافع العاجلة في حربهم ضدّ الإسلام وضدّ مبادئه الإنسانيّة. عاصر هذه الحركة منذ نشوئها ؛ عاصرها حيناً مع أبيه وأخيه عليهما‌السلام ، والصفوة من الأصحاب ، وعاصرها حيناً آخر مع أخيه ، وبقية السيف الاُموي من الأصحاب ، وها هو ذا الآن يقف وحيداً في ساحة الصراع ، إنّه يقف وحيداً ضدّ معاوية وجهاز حكمه

__________________

(١) ابن الأثير : الكامل ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٤٣ وغيره.

(٢) كما حدث من مالك بن هبيرة السكوني الذي بدا وكأنّه سيثور بسبب قتل حجر وأصحابه ؛ فقد أرسل إليه معاوية مئة ألف درهم «فأخذها وطابت نفسه» الكامل ٣ ـ ٢٤٢.

١٠٣

الإرهابي. ويرى بعينيه كيف يُراد للأمّة المسلمة أن تتحوّل عن الأهداف العظيمة التي كوّنت لأجلها ، وكيف تُزيّف حياتها ، وكيف يُراد لوجودها أن يضمر ويضيق لينحصر في لقمة العيش ، وفي حفنة من الدراهم يبيع المسلم بها حياته وضميره ، وحريته وكرامته الإنسانيّة للحاكمين الظالمين.

وقد رأى منهج معاوية وبطانته الذي اعتمدوه للوصول بالأمّة المسلمة إلى هذا المصير الكالح. رأى كيف يُطارد الناس ، ويجوعون ويُضطهدون ، ويُنكّل بهم ؛ لأنّهم يخالفون السلطة في الهوى السياسي ، ورأى كيف يُحرّف الإسلام وتزور مبادئه الإنسانيّة في سبيل المآرب السياسيّة ، ورأى حملة التخدير الديني والكذب على الله ورسوله ، ورصد عن كثب محاولة إفساد المجتمع بتشجيع الروح القبلية والنزعة العنصرية.

ولقد أراد الاُمويّون من الحسين عليه‌السلام أن يخضع لهم ؛ لأنّ خضوعه يؤمن لهم انقياد الأمّة المسلمة كلّها ، ويمكّنهم من ممارسة سياستهم دون خشية. أراد ذلك معاوية بن أبي سفيان حين عزم على أخذ البيعة بولاية العهد ليزيد من بعده ، وتوسّل إلى ذلك بالشدّة حيناً ، وباللين حيناً آخر فما نال بغيته (١). وأراد ذلك يزيد حين صار إليه الأمر بعد أبيه ، ولكنّ الحسين عليه‌السلام أبى أن يخضع ؛ لأنّه كان يعي أعمق الوعي دوره التأريخي الذي يفرض عليه أن يثور ؛ لتهزّ ثورته ضمير الأمّة التي اعتادت الانحناء أمام جبروت السلطة الحاكمة. اعتادت ذلك حتّى ليُخشى ألاّ يصلحها شيء.

إنّ المجتمع الذي خضع طويلاً لتأثير السياسة الاُمويّة والتوجيه الأموي لا يمكن أن يصلح بالكلام ؛ فهو آخر شيء يمكن أن يؤثر فيه ... إنّ الكلمة لا يمكن أن تؤثّر شيئاً في النفس الميّتة ، والقلب الخائر ، والضمير المخدّر. كان لا بدّ لهذا المجتمع المتخاذل من مثال يهزّه هزّاً عنيفاً ، ويظلّ

__________________

(١) ابن الأثير : الكامل : ٣ : ٢٤٩ ـ ٢٥٢.

١٠٤

يواليه بإيحاءاته الملتهبة ليقتلع الثقافة العفنة التي خدّرته ، وقعدت به عن صنع مصير وضّاء.

وهذا الواقع الكالح وضع الإمام الحسين عليه‌السلام وجهاً لوجه أمام دوره التاريخي ورسالته النضالية. هذا الدور الذي يفرض عليه أن يثور ، وأن يُعبّر بثورته عن شعور الملايين ، وأن يهزّ بثورته هذه الملايين نفسها ، ويضرب لها المثل والقدرة في حرب الظالمين.

وقد كان كلّ ذلك ، وكانت ثورة الحسين عليه‌السلام.

١٠٥
١٠٦

الفصل الثاني

دوافع الثورة وأسبابها

«إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي ؛ اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله بيني وبين القوم بالحقّ ، وهو خير الحاكمين».

الحسين بن علي عليهما‌السلام

١٠٧
١٠٨

كانت مبررات الثورة على الحكم الاُموي متوفّرة في عهد معاوية ، وقد كان الإمام الحسين عليه‌السلام يعرفها ، وقد عبّر عنها في عدّة كُتب وجّهها إلى معاوية جواباً عن كُتبه إليه ، وهي كثيرة ، نقتبس منها قوله في كتاب :

«وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدُّجى ، وبهرت الشمس أنوار السراج. ولقد فضّلت حتّى أفرطت ، واستأثرت حتّى أجحفت ، ومنعت حتّى بخلت ، وجُرت حتّى جاوزت ، وما بذلت لذي حقّ من اسم حقّه بنصيب حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل ...» (١).

وقوله في كتاب آخر :

«أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر أنّه انتهت إليك عنّي اُمور أنت لي عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ؛ فإنّ الحسنات لا يهدي إليها ولا يُسدد إليها إلاّ الله تعالى.

وأمّا ما ذكرت أنّه رقى إليك عنّي ، فإنّما رقاه إليك الملاّقون ، المشّاؤون بالنميم ، المفرّقون بين الجمع. وكَذَب الغاوون.

ما أرادت لك حرباً ، ولا عليك خلافاً ، وإنّي لأخشى

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ ـ ١٩٥ ـ ١٩٦.

١٠٩

الله في ترك ذلك منك ، ومن الأعذار فيه إليك ، وإلى أوليائك القاسطين الملحدين ؛ حزب الظلمة ، وأولياء الشياطين.

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه الصالحين المصلّين العابدين ، الذين كانوا ينكرون الظلم ، ويستفظعون البدع ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، ثمّ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلّظة ، والمواثيق المؤكّدة ألاّ تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ؛ جرأة على الله ، واستخفافاً بعهده؟

أوَلست قاتل ابن الحمق صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، العبد الصالح ، فقتلته بعدما آمنته؟

أوَلست المدّعي زياد بن سميّة المولود على فراش عُبيد بن ثقيف ، فزعمت أنّه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر. فتركت سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتبعت هواك بغير هُدى من الله ، ثمّ سلّطته على أهل الإسلام ؛ يقتّلهم ، ويقطع أيديهم وأرجلهم ، ويسمل عيونهم ، ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنّك لست من هذه الأمّة وليسوا منك؟

أوَلست صاحب الحضرمِيين الذين كتب فيهم ابن سميّة أنّهم على دين علي (صلوات الله عليه) ، فكتبت إليه أن اقتل كلّ مَنْ كان على دين علي ، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك ، ودينُ علي هو دين ابن عمّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك ، وبه جلست مجلسك الذي

١١٠

أنت فيه؟

وقُلت فيما قُلت : انظر لنفسك ولدينك ، ولأمّة محمد ، واتّقِ شقّ عصا هذه الأمّة ، وأن تردهم إلى فتنة. وإنّي لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمّة من ولايتك عليها ، ولا أعلم نظراً لنفسي ولديني ولأمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من أن اُجاهدك ...

وقُلت فيما قُلت : إن أنكرك تنكرني ، وإن أكدك تكدني ، فكد ما بدا لك ؛ فإنّي أرجو ألاّ يضرّني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك ؛ لأنّك قد ركبت جهلك ، وتحرّصت على نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان ، والعهود والمواثيق ، ولم تفعل ذلك إلاّ لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقّنا ، وليس الله بناس لأخذك بالطنّة ، وقتلك أولياءه على التهم ، ونفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة ...» (١).

ولذا ، فإنّ الباحث يتساءل عن السرّ في قعود الحسين عليه‌السلام عن الثورة في عهد معاوية مع وجود مبرّرات الثورة في عهده ، فلماذا لم تدفعه هذه المبرّرات إلى الثورة في أيّام معاوية ، وحملته على الثورة في أيّام يزيد؟

الذي نراه في الجواب على هذا التساؤل : هو أنّ قعود الحسين عليه‌السلام عن الثورة في عهد معاوية كانت له أسباب موضوعية لا يمكن تجاهلها ، ويمكن إجمالها فيما يلي :

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠ ، وأعيان الشيعة ٤ : قسم أول : ١٤٣ ـ ١٤٦.

١١١

ـ ١ ـ

أ ـ الوضع النفسي والاجتماعي

لقد كانت حروب الجمل وصفّين والنهروان ، والحروب الخاطفة التي نشبت بين القطع السورية وبين مراكز الحدود في العراق والحجاز واليمن بعد التحكيم قد ولّدت عند أصحاب الإمام عليه‌السلام حنيناً إلى السلم والموادعة ؛ فقد مرّت عليهم خمس سنين وهم لا يضعون سلاحهم من حرب إلاّ ليشهروه في حرب أخرى ، وكانوا لا يحاربون جماعات غريبة عنهم ، وإنّما يحاربون عشائرهم وإخوانهم بالأمس ، ومَنْ عرفهم وعرفوه ....

وما نشكّ في أنّ هذا الشعور الذي بدأ يظهر بوضوح في آخر عهد علي عليه‌السلام إثر إحساسهم بالهزيمة أمام مراوغة خصمهم في يوم التحكيم ، أفاد خصوم الإمام عليه‌السلام من زعماء القبائل ومن إليهم ممّن اكتشفوا أنّ السياسة لا يمكن أن تُلبّي مطامحهم التي تُؤججها سياسة معاوية في المال والولايات فحاولوا إذكاء هذا الشعور والتأكيد عليه ، وقد ساعد على تأثير هؤلاء الزعماء ونفوذهم في أوساط المجتمع الرّوح القبلية التي استفحلت في عهد عثمان بعد أن اُطلقت من عقالها بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ الإنسان ذا الرّوح القبلية عالمة قبيلته ، فهو ينفعل بانفعالاتها ، ويطمح إلى ما تطمح إليه ، ويُعادي مَنْ تُعادي ، وينظر إلى الأمور من الزاوية التي تنظر منها القبيلة ؛ وذلك لأنّه يخضع للقيم القبلية التي تخضع لها القبيلة ، وتتركّز مشاعر القبيلة كلّها في رئيسها ، فالرئيس في المجتمع القبلي هو المُهيمن ، والموجّه للقبيلة كلّها.

١١٢

وقد عبّر الناس عن رغبتهم في الدّعة وكراهيتهم للقتال ؛ بتثاقلهم عن الخروج لحرب الفرق السورية التي كانت تغير على الحجاز ، واليمن ، وحدود العراق ، وتثاقلهم عن الاستجابة للإمام عليه‌السلام حين دعاهم للخروج ثانية إلى صفّين.

فلمّا استشهد الإمام علي عليه‌السلام وبويع الحسن عليه‌السلام بالخلافة برزت هذه الظاهرة على أشدّها ، وبخاصّة حين دعاهم الحسن عليه‌السلام للتجهّز لحرب الشام ، حيث كانت الاستجابة بطيئة جدّاً.

وبالرغم من أنّ الإمام الحسن عليه‌السلام قد استطاع بعد ذلك أن يجهّز لحرب معاوية جيشاً ضخماً ، إلاّ إنّه كان جيشاً كُتبت عليه الهزيمة قبل أن يلاقي العدو بسبب التيارات المتعدّدة التي كانت تتجاذبه ، فقد.

«خفّ معه أخلاط من الناس : بعضهم شيعة له ولأبيه ، وبعضهم محكّمة ـ أي خوارج ـ يؤثرون قتال معاوية بكلّ حيلة ، وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم ، وبعضهم شكّاك وأصحاب عصبية اتّبعوا رؤساء قبائلهم» (١).

وقد كان رؤساء القبائل هؤلاء قد باعوا أنفسهم من معاوية الذي كتب إلى كثير منهم يُغريهم بالتخلّي عن الحسن عليه‌السلام والالتحاق به ، وأكثر أصحاب الحسن عليه‌السلام لم يستطيعوا مقاومة هذا الإغراء ، فكاتبوا معاوية واعدين بأن يسلّموه الحسن عليه‌السلام حيّاً أو ميّتاً. وحين خطبهم الإمام الحسن عليه‌السلام ليختبر مدى إخلاصهم وثباتهم ، هتفوا به من كلّ جانب : «البقيّة البقيّة» (٢) ، بينما هاجمته طائفة منهم تريد قتله. هذا في الوقت الذي أخذ الزعماء يتسلّلون تحت جنح الليل إلى معاوية بعشائرهم.

__________________

أعيان الشيعة ٤ ، ـ قسم أول : ٥٠ ـ ٥١.

١١٣

ولمّا رأى الإمام الحسن عليه‌السلام ـ أمام هذا الواقع السيِّئ ـ أنّ الظروف النفسية والاجتماعيّة في مجتمع العراق جعلت هذا المجتمع عاجزاً عن النهوض بتبعات القتال ، وانتزاع النصر ، ورأى أنّ الحرب ستكلّفه استئصال المخلصين من أتباعه بينما يتمتّع معاوية بنصر حاسم ، حينئذ جنح إلى الصلح بشروطٍ منها ألاّ يعهد معاوية لأحد من بعده ، وأن يكون الأمر للحسن ، وأن يترك الناس ويُؤمنوا.

ولقد كان هذا هو الطريق الوحيد الذي يستطيع الحسن عليه‌السلام أن يسلكه باعتباره صاحب رسالة قد اكتنفته هذه الظروف السيئة المُؤيسة.

ونحن حين نسمح لأنفسنا أن نندفع وراء العاطفة نحسب أنّه كان على الحسن عليه‌السلام أن يُحارب معاوية ولا يُهادنه ، وإنّ ما حدث له لم يكن إلاّ استسلاماً مُذلاً مكّن معاوية من أن يستولي على الحكم بسهولة ما كان يحلم بها. وقد انزلق في هذا الخطأ كثير من أصحابه المؤمنين المخلصين ، وقد عبّر بعضهم عن المرارة التي يحسّ بها بأنّ خاطب الحسن عليه‌السلام بقوله : (يا مُذلّ المؤمنين). هذا ، ولكن علينا أن نفكّر بمقاييس اُخرى إذا شئنا فهم موقف الإمام الحسن عليه‌السلام الذي يبدو محيّراً لأوّل وهلة ، فلا شك أنّ الإمام الحسن عليه‌السلام لم يكن مُغامراً ، ولا طالب ملك ، ولا زعيماً قبلياً يُفكّر ويعمل بالعقلية القبلية ، وإنّما كان صاحب رسالة ، وحامل دعوة ، وكان عليه أن يتصرّف على هذا الأساس. ولقد كان الموقف الذي اتّخذه هو الموقف الملائم لأهدافه كصاحب رسالة وإن كان ثقيلاً على نفسه ، مؤلماً لمشاعره الشخصيّة.

لقد كان من الممكن بالنسبة لقائد مُحاط بنفس الظروف السيئة التي كان الإمام الحسن عليه‌السلام مُحاطاً بها أن يتّخذ من الأحداث أحد ثلاثة مواقف :

الأوّل : أن يُحارب معاوية رغم الظروف السيئة ، ورغم النتائج المؤلمة التي تترتّب على هذا الموقف.

الثاني : أن يُسلّم السلطة إلى معاوية ، وينفض يده من الأمر ، ويتخلّى عن

١١٤

أهدافه ، ويقنع بالغنائم الشخصيّة.

الثالث : أن يخضع للظروف المعاكسة فيتخلّى مؤقّتاً عن الصراع الفعلي المسلّح ، لكن لا ليرقب الأحداث فقط ، وإنّما ليُكافح على صعيد آخر فيُوجّه الأحداث في صالحه وصالح أهدافه.

ما كان للحسن عليه‌السلام باعتباره صاحب رسالة أن يتّخذ الموقف الأوّل ؛ لأنّه لو حارب معاوية في ظروفه التي عرضناها ، وبقواه المُفككة المُتخاذلة ، لكانت نيتجة ذلك أن يُقتل ، ويُستأصل المخلصون من أتباعه. ولا شك أنّه حينئذ كان يُحاط بهالة من الإكبار ، والإعجاب لبسالته وصموده ، ولكنّ النتيجة بالنسبة إلى الدعوة الإسلاميّة ستكون سيئة إلى أبعد حدّ ؛ فإنّها كانت ستفقد فريقاً من أخلص حُماتها دون أن تحصل على شيء سوى أسماء جديدة تُضاف إلى قائمة شهدائها.

كذلك ما كان له باعتباره صاحب رسالة أن ينفض يده من كلّ شيء ويسترسل في حياة الدعة والرغد ، والخلو من هموم القيادة والتنظيم.

لقد كان الموقف الثالث ـ وهو الموقف الذي اتّخذه الإمام الحسن عليه‌السلام ـ هو الموقف الوحيد الصحيح بالنسبة إليه ، وذلك أن يعقد مع معاوية هدنة يعدّ فيها المجتمع للثورة.

وذلك لأنّنا نسمح لأنفسنا أن نقع في خطأ كبير حين ننساق إلى الاعتقاد بأنّ الإمام الحسن عليه‌السلام قد اعتبر الصلح خاتمة مريحة لمتاعبه ، فما صالح الإمام الحسن عليه‌السلام ليستريح ، وإنّما ليُكافح من جديد ، ولكن على صعيد آخر.

فإذا كان الناس قد كرهوا الحرب لطول معاناتهم لها ، ورغبوا في السلم انخداعاً بحملة الدعاية التي بثّها فيهم عملاء معاوية ، إذ مَنّوهم بالرخاء والأعطيات الضخمة ، والدعة والسكينة ، وطاعة لرغبات زعمائهم القبليين ، فإنّ عليهم أن يكتشفوا بأنفسهم مدى الخطأ الذي وقعوا فيه حين ضعفوا عن القيام بتبعات القتال ، وسمحوا للأماني تخدعهم ، ولزعمائهم

١١٥

بأن يظلّلوهم ، ولا يمكن أن يكتشفوا ذلك إلاّ إذا عانوا هذا الحكم بأنفسهم : عليهم أن يكتشفوا طبيعة هذا الحكم وواقعه ، وما يقوم عليه من اضطهاد وحرمان ، ومُطاردة مُستمرة ، وخنق للحريات ، وعلى الإمام الحسن عليه‌السلام وأتباعه المخلصين أن يفتحوا أعين الناس على هذا الواقع ، وأن يُهيّئوا عقولهم وقلوبهم لاكتشافه ، والثورة عليه ، والإطاحة به.

ولم يطل انتظار أهل العراق ، فقد قال لهم معاوية حين دخل الكوفة :

«يا أهل الكوفة ، أترون أنّي قاتلتكم على الصلاة ، والزكاة ، والحجّ ، وقد علمت أنّكم تُصلّون ، وتُزكّون ، وتحجّون؟! ولكنّي قاتلتكم لأأتمر عليكم ، وألي رقابكم ، وقد أتاني الله ذلك وأنتم كارهون. ألا إنّ كلّ دم اُصيب في هذه مطلول ، وكلّ شرط شرطته فتحت قدمي هاتين» (١).

ثمّ اتّبع ذلك طائفة من الإجراءات التي صدمت العراقيين ؛ أنقص من أعطيات أهل العراق ليزيد في أعطيات أهل الشام ، وحملهم على أن يُحاربوا الخوارج فلم يتح لهم أن ينعموا بالسلم الذي كانوا يحنّون إليه ، ثمّ طبّق منهاجه الذي شرحناه في الفصل السابق ؛ الإرهاب ، التجويع ، والمُطاردة ، ثمّ أعلن بسبّ أمير المؤمنين علي عليه‌السلام على منابر المسلمين.

وبيّنما راح الزعماء القبليون يجنون ثمرات هذا العهد ، بدأ العراقيون العاديون يكشفون رويداً طبيعة هذا الحكم الظالم الشرس الذي سعوا إليه بأنفسهم ، وثبّتوه بأيديهم.

«وقد جعل أهل العراق يذكرون حياتهم أيام علي فيحزنون عليها ، ويندمون على ما كان من تفريطهم في جنب خليفتهم ، ويندمون على ما كان من الصلح بينهم

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ١٦.

١١٦

وبين أهل الشام ، وجعلوا كلّما لقي بعضهم بعضاً تلاوموا فيما كان ، وأجالوا الرأي فيما يمكن أن يكون. ولم تكد تمضي أعوام قليلة حتّى جعلت وفودهم تفد إلى المدينة للقاء الحسن عليه‌السلام ، والقول له ، والاستماع منه».

وقد أقبل عليه ذات يوم وفد من أشراف أهل الكوفة فقال له متكلّمهم سليمان بن صرد الخزاعي :

«ما ينقضي تعجبنا من بيعتك معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة كلّهم يأخذ العطاء وهم على أبواب منازلهم ، ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم ، سوى شيعتك [من] أهل البصرة ، وأهل الحجاز ، ثمّ لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ، ولا حظّاً من العطية ، فلو كنت إذا فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب ، وكتبت عليه كتاباً بأنّ الأمر لك بعده ، كان الأمر علينا أيسر ، ولكنّه أعطاك شيئاً بينك وبينه ، ثمّ لم يفِ به ، ثمّ لم يلبث أن قال على رؤوس الناس إنّي كنت شرطت شروطاً ، ووعدت عدات ؛ إرادة لإطفاء نار الحرب ، ومداراة لقطع هذه الفتنة ، فأمّا إذ جمع الله لنا الكلمة والإلفة ، وأمّننا من الفرقة ، فإنّ ذلك تحت قدمي. فوالله ما اغترّني بذلك إلاّ ما كان بينك وبينه وقد نقض ، فإن شئت فأعد الحرب جذعة ، وأذّن في تقدمك إلى الكوفة ، فأخرج عنها عامله ، وأظهر خلعه ، وتنبذ إليهم على سواء إنّ الله لا يحبّ الخائنين».

وقال الآخرون مثل ما قال سليمان بن صرد ... فقال لهم فيما روى البلاذري :

«أنتم شيعتنا ، وأهل مودّتنا ، فلو كنتُ بالحزم في أمر

١١٧

الدنيا أعمل ، ولسلطانها أعمل وأنصب ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً ، ولا أشدّ شكيمة ، ولا أمضى عزيمة ، ولكنّي أرى غير ما رأيتم ؛ وما أردت فيما فعلت إلاّ حقن الدماء ، فارضوا بقضاء الله ، وسلّموا الأمر ، والزموا بيوتكم ، وامسكوا ، وكفّوا أيديكم حتّى يستريح برّ ، ويستراح من فاجر».

«فقد أعطاهم الحسن عليه‌السلام ـ كما ترى ـ الرضا حين أعلن إليهم أنّهم شيعة أهل البيت ، وذووا مودّتهم ، وإذن فمن الحقّ عليهم أن يستمعوا له ، ويأتمروا بأمره ، ويكونوا عندما يريد منهم. ثمّ طلب إليهم أن يرضوا بقضاء الله. يطيعوا السلطان ، ويكفّوا أيديهم عنه ، وأنبأهم بأنّهم لن يفعلوا ذلك آخر الدهر ، ولن يستسلموا لعدوهم بغير مقاومة ، وإنّما انتظار إلى حين ، هو انتظار إلى أن يستريح الأبرار من أهل الحقّ ، أو يريح الله من الفجّار من أهل الباطل».

«فهو إذن يهيئهم للحرب حين يأتي إبّانها ، ويحين حينها ، ويأمرهم بالسلم المؤقتة حتّى يستريحوا ويحسنوا الاستعداد. ومَنْ يدري لعلّ معاوية أن يريح الله منه ، فتستقبل الأمّة أمرها على ما يحبّ لها صالحوا المؤمنين» (١).

ولم يكن سليمان بن صرد ومَنْ معه منفردين في هذه الحركة ، فكثيراً ما جاء العراقيون إلى الحسن عليه‌السلام يطلبون منه أن يثور ، ولكنّه كان يعدهم المستقبل ويعدّهم للثورة. وها هو يجيب حجر بن عدي الكندي بقوله :

__________________

(١) الدكتور طه حسين : الفتنة الكبري : علي وبنوه ٢٠٦ ـ ٢٠٨.

١١٨

«إنّي رأيت هوى عظم الناس في الصلح ، وكرهوا الحرب ، فلم أحبّ أن أحملهم على ما يكرهون ؛ فصالحت بقياً على شيعتنا خاصّة من القتل ، ورأيت دفع هذه الحرب إلى يوم ما ؛ فإنّ الله كلّ يوم هو في شأن» (١).

وإذاً ، فهذه فترة إعداد وتهيؤ حتّى يأتي اليوم الموعود ، حين يكون المجتمع قادراً على الثورة مستعداً لها ، أمّا الآن فلم يبلغ المجتمع هذا المستوى من الوعي ، بل لا يزال أسير الأماني والآمال ، هذه الأماني والآمال التي بثّت فيه روح الهزيمة التي صوّرها الإمام الحسن عليه‌السلام لعلي بن محمد بن بشير الهمداني حين قال له :

«ما أردت بمصالحتي معاوية إلاّ أن أدفع عنكم القتل عندما رأيت من تباطؤ أصحابي عن الحرب ، ونكولهم عن القتال. ووالله لئن سرنا إليه بالجبال والشجر ما كان بدّ من إفضاء هذا الأمر إليه» (٢).

وإذاً فقد كان دور الحسن عليه‌السلام أن يُهيئ عقول الناس وقلوبهم للثورة على حكم الاُمويِّين ، هذا الحكم الذي كان يشكّل إغراءً قوياً للعرب في عهد أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، والذي غدا فتنة للعراقيين بعده حملتهم على التخلّي عن الإمام الحسن عليه‌السلام في أحلك الساعات ، وذلك بأن يدع لهم فرصة اكتشافه بأنفسهم ، مع التنبيه على ما فيه من مظالم ، وتعدٍّ لحدود الله.

* * *

ولم يكن الحسين عليه‌السلام أقلّ إدراكاً لواقع مجتمع العراق من أخيه الحسن عليه‌السلام ؛ لقد رأى من هذا المجتمع وتخاذله مثل ما رأى أخوه ، ولذلك

__________________

(١) الدينوري الأخبار الطوال : ٢٠٢.

(٢) الأخبار الطوال ٢٢١.

١١٩

فقد آثر أن يعدّ مجتمع العراق للثورة ، ويعبّئه لها بدل أن يحمله على القيام بها الآن.

كان هذا رأيه في حياة أخيه الإمام الحسن عليه‌السلام ، فقد قال لعلي بن محمد بن بشير الهمداني حين فاوضه في الثورة بعد أن يئس من استجابة الإمام الحسن عليه‌السلام :

«صدق أبو محمد ، فليكن كلّ رجل منكم حلساً من إحلاس بيته (١) ما دام هذا الإنسان حيّاً» (٢).

يعني معاوية بن أبي سفيان.

وكان هذا رأيه بعد وفاة الإمام الحسن عليه‌السلام ، فقد كتب إليه أهل العراق يسألونه أن يجيبهم إلى الثورة على معاوية ، ولكنّه لم يجيبهم إلى ذلك ، وكتب إليهم :

«أمّا أخي ، فأرجو أن يكون الله قد وفّقه وسدّده فيما يأتي ، وأمّا أنا فليس رأي اليوم ذلك ، فالصقوا رحمكم الله بالأرض ، واكمنوا في البيوت ، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّاً» (٣).

وإذاً ، فقد كان رأي الحسين عليه‌السلام ألاّ يثور في عهد معاوية ، وهو يأمر أصحابه بأن يخلدوا إلى السكون والهدوء ، وأن يبعدوا عن الشبهات. وهذا يوحي لنا بأنّ حركة منظمة كانت تعمل ضدّ الحكم الاُموي في ذلك الحين ، وأنّ دُعاتها هم هؤلاء الأتباع القليلون المخلصون الذين ضنّ بهم الحسن عليه‌السلام عن القتل فصالح معاوية ، وأنّ مهمّة هؤلاء كانت بعث روح الثورة في النفوس

__________________

(١) حلس بالمكان حلساً : لزمه.

(٢) الأخبار الطوال ٢٢١.

(٣) المصدر السابق ٢٢٢.

١٢٠