الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

السيّد سامي البدري

الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: ياسين
الطبعة: ١
ISBN: 964-499-093-5
الصفحات: ٥٢٧

والبراءة منه ، فمَنْ يرفض لعن علي عليه‌السلام وسبّه كان نصيبه أن يسقط اسمه من ديوان العطاء ، بل كان نصيب كلّ متّهم بحبّ علي هو أن يسقط اسمه من ديوان العطاء. وليس من شك أنّ المخلصين والواعين من الشيعة لا تطيب نفوسهم بسبّ علي عليه‌السلام حتّى في حالات الضرورة المسموح بها ، فضلاً عن البراءة وهي غير مسموح بها ؛ لأنّها أمر قلبي. وقد كان هذا الاُسلوب الذي استخدمه معاوية أقوى اُسلوب لتصفية الجيش وقوى الأمن الداخلي من الشيعة ، بل من كلّ متّهم بحبّ عليٍّ عليه‌السلام.

إجراءات زياد بن عبيد الثقفي في الكوفة :

كان زياد بن عبيد الثقفي الذي غيَّرَ نَسَبَه معاوية في قصة معروفة إلى زياد بن أبي سفيان ، يعتبر بحقّ باني الجيش الاُموي في العراق وقوى الأمن الداخلي فيه. وكانت من أهم إجراءاته في هذا السبيل ـ إلى جنب صرامته في تطبيق السياسة العامّة التي أشرنا إليها آنفاً ـ أربعة اُمور أساسيّة هي :

الأوّل : إحياء الخروج الإلزامي للغزو ، وهو أوّل إجراء اتّخذه عند قدومه الكوفة. قال البلاذري : لمّا استعمل معاوية زياداً حين هلك المغيرة (١) على الكوفة جاء حتّى دخل المسجد ثمّ خطب ، فقال : … وأيّ رجل مكتبه بعيد فأجله سنتان ، ثمّ هو أمير نفسه ، وأيّ رجل مكتبه قريب فأجله سنة ، ثم هو أمير نفسه (٢).

__________________

(١) هلك سنة ٥٠ هجرية ، وقيل : سنة ٥١ هجرية.

(٢) أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ١٩٨. كان نظام التجنيد على عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله اختيارياً ، وكذلك في عهد أبي بكر ، وشطراً من عهد عمر ، ثمّ صيّره عمر إلزامياً ونقل الطبري (٣ / ٤٧٨) عن عمر قوله : ولا تدعو في ربيعة أحداً ، ولا مضر ولا حلفائهم أحداً من أهل النجدات ، ولا فارساً إلاّ اجتلبتموه ، فإن جاء طائعاً وإلاّ حشرتموه. وذكر المقريزي : أنّ الأمير قبل ذلك كان يقري البعوث على قدر المسافة ؛ إن كان بعيداً فسنة ، وإن كان دون ذلك فستّة أشهر ، فإذا أخلّ الرجل بثغره نزعت عمامته واُقيم في مسجد حيّه ، فقيل : هذا فلان قد أخلّ. (الإدارة في العصر الاُموي ـ نجدت خماش / ٢٦٨ ، عن المقريزي ١ / ١٧٢).

٨١

الثاني : تغيير نظام الأسباع الذي كان على عهد الإمام علي عليه‌السلام (١) إلى نظام الأرباع ، وفي هذا النظام جعل تعبئة قبيلة همدان مع قبيلة تميم ربعاً وعليهم خالد بن عرفطة (٢) ، وربيعة وكندة ربعاً وعليهم قيس بن خالد ، ومذحج وأسد ربعاً وعليهم أبو بردة بن أبي موسى الأشعري (٣) ، وأهل المدينة ربعاً وعليهم عمرو بن حريث

__________________

(١) كان ترتيب الأسباع على عهد علي عليه‌السلام كما يلي : ١ ـ همدان وحمير. ٢ ـ مذحج وأشعر ، ومعهم طي (ولكن رايتهم خاصة بهم). ٣ ـ قيس وعبس وذبيان ، ومعهم عبد القيس. ٤ ـ كندة وحضرموت وقضاعة ومهرة. ٥ ـ الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار. ٦ ـ بكر وتغلب وبقيّة بطون ربيعة (عدا عبد القيس). ٧ ـ قريش وكنانة وأسد وتميم وضبّة والرباب. (البلاذري في فتوح البلدان ، الطبري ٤ / ٣١٧ ، وأيضاً الدينوري في الأخبار الطوال ، ونصر بن مزاحم في وقعة صفين).

(٢) قال ابن حجر في الإصابة في ترجمته : خالد بن عرفطة (بضم المهملة والفاء بينهما راء ساكنة) ابن أبرهة (بفتح الهمزة والراء بينهما موحدة ساكنة) ابن سنان الليثي ، ويُقال : العذري ، وهو الصحيح. وهو حليف بني زهرة ، وولاّه سعد القتال يوم القادسية. أخرج حديثه الترمذي بإسناد صحيح ، روى عنه أبو عثمان النهدي ، وعبد الله بن يسار ، ومسلم مولاه ، وأبو إسحاق السبيعي وغيرهم. وكان خالد مع سعد بن أبي وقاص في فتوح العراق ، وكتب إليه عمر يأمره أن يؤمّره واستخلفه سعد على الكوفة. ولمّا بايع الناس لمعاوية ودخل الكوفة خرج عليه عبد الله بن أبي الحوساء بالنخيلة ، فوجّه إليه خالد بن عرفطة هذا فحاربه حتّى قتله. وعاش خالد إلى سنة ستين ، وقيل : مات سنة إحدى وستين. قال في تهذيب الكمال في ترجمته : وقال أبو القاسم الطبراني : كان خليفة سعد بن أبي وقاص على الكوفة ، ثمّ استعمله زياد على الكوفة. قال ابن حجر : وذكر بن المعلم المعروف بالشيخ المفيد الرافضي في مناقب علي من طريق ثابت الثمالي ، عن أبي إسحاق ، عن سويد بن غفلة ، قال : جاء رجل إلى علي عليه‌السلام فقال : إنّي مررت بوادي القرى فرأيت خالد بن عرفطة بها مات فاستغفر له. فقال : «إنّه لم يمت ولا يموت حتّى يقود جيش ضلالة ، ويكون صاحب لوائه حبيب بن حمار». فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّي لك محبٌّ ، وأنا حبيب بن حمار. فقال : «لتحملنّها وتدخل بها من هذا الباب» ، وأشار إلى باب المقبل. فاتفق أن ابن زياد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن علي عليه‌السلام ، فجعل خالداً على مقدّمته وحبيب بن حمار صاحب رايته ، فدخل بها المسجد من باب المقبل.

(٣) قال ابن سعد (في الطبقات ٦ / ٢٦٨) : أبو بردة بن أبي موسى الأشعري واسمه عامر بن عبد الله بن قيس ، قال : أخبرنا محمّد بن حميد العبدي ، عن معمر ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبي بردة ، قال : أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلّم منه ، فجئته فسألني : مَنْ أنت؟ فأخبرته فرحبّ بي ، فقلت : إنّ أبي أرسلني إليك لأسألك وأتعلّم منك. وقال أبو نعيم : قد ولي أبو بردة قضاء الكوفة بعد شريح. قال محمّد بن عمر : وقد

٨٢

المخزومي. ومن الواضح أنّ الهدف من هذا التغيير هو تطويق القبائل المعروفة بتشيّعها (١).

الثالث : تسيير خمسين ألف مقاتل عراقي مع عوائلهم إلى خراسان (٢) ، منهم خمس وعشرون ألف من الكوفة ، عيَّن عليهم عبد الله بن عقيل ، والباقون من البصرة ، عيَّن عليهم الربيع بن زياد الحارثي (٣) ، كما عيَّنه على الجميع (٤) ، وكان فيهم بريدة بن الحصيب الأسلمي ، وبمرو توفي أيّام يزيد بن معاوية ، وكان فيهم أيضاً أبو برزة الأسلمي عبد بن نضلة ، وبها مات وأسكنهم دون النهر (٥).

الرابع : اعتماد الحمراء مادة أساسية في قوى الأمن الداخلي ، والحمراء كانوا يعملون مع الجيش الفارسي ، وأصلهم من الديلم (٦) ، كان منهم مع رستم يوم القادسية

__________________

روى أبو بردة عن أبيه ، وقد ولي قضاء الكوفة. وقال محمّد بن عمر وغيره : توفي أبو بردة بالكوفة سنة ثلاث ومئة.

(١) وقد التفت إلى هذا الهدف أيضاً المستشرق (لامانس) المعروف بميوله للاُمويِّين. انظر خطط الكوفة للعلاّمة ماسينيون ، ترجمة المصعبي / ١٦.

(٢) قال الخربوطلي في كتابه العراق في العهد الاُموي في ص ٢٩٨ ، وهو رسالة دكتوراه : ولا شك أنّ معظمهم من الشيعة الذين أراد زياد التخلّص من معارضتهم الدائمة.

(٣) قال في الإصابة : الربيع بن زياد الحارثي ، قال أبو عمر : له صحبة ، ولا أعرف له رواية ، كذا قال. وقال أبو أحمد العسكري : أدرك الأيام النبويّة ولم يقدم المدينة إلاّ في أيام عمر. وذكره البخاري ، وابن أبي حاتم ، وابن حبّان في التابعين. وقال ابن حبّان : ولاّه عبد الله بن عامر سجستان سنة تسع وعشرين ففتحت على يديه. وقال المبرّد في الكامل : كان عاملاً لأبي موسى على البحرين ، وفد على عمر فسأله عن سنّه ، فقال : خمس وأربعون. وقصّ قصّة في آخرها أنّه كتب إلى أبي موسى أن يقرّه على عمله ، واستخلفه أبو موسى على حرب مناذر سنة تسع عشرة فافتتحها عنوة ، وقُتل بها أخوه المهاجر بن زياد ، وله مع عمر أخبار كثيرة ؛ منها : أنّ عمر قال لأصحابه : دلّوني على رجل إذا كان في القوم أميراً فكأنّه ليس بأمير ، وإذا لم يكن بأمير فكأنّه أمير. فقالوا : ما نعرفه إلاّ الربيع بن زياد. قال : صدقتم. ذكرها ابن الكلبي ، وكان الحسن البصري كاتبه ، وولي خراسان لزياد إلى أن مات.

(٤) إدارة العراق في صدر الإسلام لرمزية عبد الوهاب الخيرو / ١٤٣ و ٢٣٩ نقلاً عن الطبري ٤ / ١٧٠ ، عن المدائني.

(٥) فتوح البلدان / ٥٠٧.

(٦) فتوح البلدان / ٣٤٤.

٨٣

أربعة آلاف ، ويسمّون جند شاهنشاه ، فاستأمنوا على أن ينزلوا حيث أحبّوا ، ويحالفوا مَنْ أحبّوا ، فأعطاهم سعد ذلك ، وحالفوا زهرة بن حوية السعدي من بني تميم ونزلوا الكوفة (١).

قال المرحوم آية الله الشيخ راضي آل ياسين في كتابه صلح الحسن عليه‌السلام : والحمراء : شرطة زياد الذين فعلوا الأفاعيل بالشيعة سنة ٥١ وحواليها (٢).

ونقل الجاحظ عن زياد قوله : ينبغي أن يكون صاحب الشرطة زميتاً قطوباً ، أبيض اللحية ، أقنى ، أحنى ، ويتكلّم بالفارسية (٣).

وذكر الطبري : أنّ الشرطة في عهد زياد في البصرة قد بلغ عددهم أربعة آلاف (٤).

أقول : من المؤكد أنّ عددهم في الكوفة أكثر من ذلك.

وفي قصّة عبد الله بن خليفة الطائي من أصحاب حجر لمّا طلبه زياد ، قال الطبري : فبعث إليه الشُّرط وهم أهل الحمراء يومئذ فأخذوه (٥). وفي قصّة حجر بن عدي الكندي قال ابن سعد : فأرسل ابن زياد إلى حجر الشُّرط والبخارية ، وأُتي به إلى زياد وبأصحابه (٦).

قال عمر بن شبّة : وكان زياد أوّل مَنْ شدّ أمر السلطان ، وأكّد الملك لمعاوية ، وألزم الناس الطاعة ، وتقدّم في العقوبة ، وجرّد السيف ، وأخذ بالظنّة ، وعاقب على الشبهة ، وخافه الناس في سلطانه خوفاً شديداً (٧).

__________________

(١) فتوح البلدان / ٣٤٣ ـ ٣٤٤.

(٢) صلح الإمام الحسن / ٧٢.

(٣) العراق في العهد الاُموي / ٦٢ عن الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٩٥.

(٤) تاريخ الطبري ٥ / ٢٢٢.

(٥) تاريخ الطبري ٥ / ٢٨١.

(٦) الطبقات الكبرى ٦ / ٢١٧ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٦٤.

(٧) تاريخ الطبري ٥ / ٢٢٢.

٨٤

استعان زياد في البصرة بعدّة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، منهم : سمرة بن جندب (١) ، وأنس

__________________

(١) قال في تهذيب الكمال : سمرة بن جندب الفزاري ، صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزل البصرة ، حليف الأنصار ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن أبي عبيدة بن الجراح. روى عنه الحسن البصري ، وابناه سعد بن سمرة بن جندب ، وسليمان بن سمرة بن جندب ، وعامر الشعبي. قال أبو عمر بن عبد البر : وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر ، وعلى الكوفة ستة أشهر. وكان شديداً على الحرورية. كان إذا أُتي بواحد منهم قتله ولم يقله. فالحرورية ومَنْ قاربهم من مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه.

قال الطبري : فحدّثني عمر قال : حدّثني إسحاق بن إدريس قال : حدّثني محمّد بن سليم قال : سألت أنس بن سيرين : هل كان سمرة قتل أحداً؟ قال : وهل يُحصى مَنْ قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس. فقال له : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً؟ قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت ، أو كما قال. وروى أيضاً عن عمر قال : حدّثني موسى بن إسماعيل قال : حدّثنا نوح بن قيس ، عن أشعث الحداني ، عن أبي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً قد جمع القرآن. وروى أيضاً عن عمر قال : حدّثني علي بن محمّد ، عن جعفر الصدفي ، عن عوف قال : أقبل سمرة من المدينة ، فلمّا كان عند دور بني أسد خرج رجل من بعض أزقتهم ففجأ أوائل الخيل ، فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة. قال : ثم مضت الخيل ، فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحّط في دمه فقال : ما هذا؟ قيل : أصابته أوائل خيل الأمير ، قال : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنّتنا (تاريخ الطبري ٥ / ٢٣٧ سنة ٥٠). قال الطبري : فحدّثني عمر بن شبّة قال : حدّثني علي قال : مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له ، وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد ، فأقرّ معاوية سمرة على البصرة ثمانية عشر شهراً. قال عمر : وبلغني عن جعفر بن سليمان الضبعي قال : أقرّ معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ثمّ عزله ، فقال سمرة : لعن الله معاوية ، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً (تاريخ الطبري ٥ / ٢٩١). قال في تهذيب الكمال : وكان الحسن وابن سيرين وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويحملون عنه ، وقال عبد الله بن صبيح ، عن محمّد بن سيرين : كان سمرة فيما علمت عظيم الأمانة ، صدق الحديث ، يحبّ الإسلام وأهله. قال أبو عمر : وكان سمرة من الحفّاظ المكثرين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مات في آخر خلافة معاوية آخر سنة تسع وخمسين أو أول سنة ستين بالكوفة ، وقيل : بالبصرة سنة ثمان وخمسين. كان أصابه قزاز شديد وكان لا يكاد أن يدفأ فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء وأوقد تحتها ، واتّخذ فوقها مجلساً ، فكان يصعد إليه بخارها فيدفأه ، فبينا هو كذلك إذ خسف به (فسقط فيها) فمات ، فكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله له ولأبي هريرة وثالث معهما : «آخركم موتاً في النار». روى له الجماعة.

٨٥

بن مالك (١).

أمّا في الكوفة فقد استعان بالصحابي عمرو بن حريث المخزومي (٢) وغيره.

قال الطبري : وقيل : إنّ زياداً أوّل مَنْ سيّر بين يديه بالحراب ، ومشى بين يديه بالعمد ، واتّخذ الحرس رابطة خمسمئة ، واستعمل عليهم شيبان صاحب مقبرة شيبان من

__________________

(١) قال الطبري : حدّثني عمر بن شبّة قال : حدّثنا علي بن محمّد قال : استعان زياد بعدّة من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، منهم : عمران بن الحصين الخزاعي ولاّه قضاء البصرة ، والحكم بن عمرو الغفاري ولاّه خراسان ، وسمرة بن جندب ، وأنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن سمرة ، فاستعفاه عمران فأعفاه ، واستقضى عبد الله بن فضالة الليثي ، ثمّ أخاه عاصم بن فضالة ، ثمّ زرارة بن أوفى الحرشي ، وكانت اُخته لبابة عند زياد.

(٢) قال المزي في تهذيب الكمال : عمرو بن حريث القرشي المخزومي أبو سعيد الكوفي له صحبة. روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن أخيه سعيد بن حريث ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وعبد الله بن مسعود ، وعدي بن حاتم ، وعلي بن أبي طالب ، وعمر بن الخطاب ، وأبي بكر الصديق. روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ، ومولاه أصبغ ، وابنه جعفر بن عمرو بن حريث ، والحسن العرني ، وخلف بن خليفة ، ثمّ رآه رؤية وخليفة والد فطر بن خليفة ، وسعيد بن مردانبة ، وسوقة والد محمّد بن سوقة ، وأبو همام عبد الله بن يسار الكوفي ، وعبد الملك بن عمير ، وعطاء بن السائب ، وابن أخيه عمرو بن عبد الملك بن حريث ، والمغيرة بن سبيع ، ومولاه أبو موسى هارون بن سلمان الفراء الكوفي ، والوليد بن سريع ، وأبو الأسود المحاربي. قال الواقدي : توفي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو ابن اثنتي عشرة سنة. وعن محمّد بن سيرين : أنّ عمرو بن حريث تزوّج بنت عدي بن حاتم على حكم عدي ، فندمه الناس وقالوا : لعله يحكم فيكثر ، فحكم عدي اثنتي عشرة أوقية ، فأرسل إليه عمرو ببدرة فيها عشرة آلاف. قال البخاري وغيره : توفي سنة خمس وثمانين. روى له الجماعة. وقال ابن حجر في الإصابة : قال ابن حبان : ولد في أيام بدر. وقال غيره : قبل الهجرة بسنتين. وعند ابن أبي داود عنه : خطّ لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله داراً بالمدينة. وهذا يدلّ على أنّه كان كبيراً في زمانه. وقد روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي بكر وعمر ، وعلي عليه‌السلام ، وابن مسعود وغيرهم. روى عن أخيه سعيد بن حريث ، وله صحبة ، وروى عنه ابنه جعفر وآخرون من أهل الكوفة ، من أصغرهم فطر بن خليفة ، وكان قد ولي إمرة الكوفة نيابة لزياد ولابنه عبد الله بن زياد.

٨٦

بني سعد ، فكانوا لا يبرحون المسجد (١).

أقول : مراد مَنْ قال ذلك [في] العراق ، وإلاّ فإنّ أوّل مَنْ سيّر الحراب بين يديه هو معاوية في الشام.

__________________

(١) المصدر السابق.

٨٧

الفصل الثالث : مقتل حجر بن عدي وأصحابه (رضوان الله عليهم)

ترجمة حجر :

ذكر أصحاب التراجم عن حجر : أنّه وَفَدَ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو وأخوه هانئ بن عدي (١) ، وشهد واقعة القادسية ، وشهد مع مالك الأشتر موت أبي ذر بالربذة ، وأنّه شهد بعد ذلك حروب الجمل وصفين والنهروان ، وأنّه قُتل صبراً بمرج عذراء (٢) بأمر معاوية (٣). وكان له ابنان : عبد الله وعبد الرحمن ، كانا مع المختار ، قتلهما مصعب بن الزبير صبراً (٤). قال ابن عساكر : وكانا يتشيّعان (٥).

__________________

(١) وشهد حجر حجّة الوداع كما يظهر من رواية الحاكم : حدّثنا أبو علي الحافظ ، أنا محمّد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، ثنا محمّد بن مسكين اليمامي ، ثنا عباد بن عمر ، ثنا عكرمة بن عمار ، ثنا مخشي بن حجر بن عدي ، عن أبيه : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خطبهم فقال : «أيّ يوم هذا؟». قالوا : يوم حرام. قال : «فأيّ بلد هذا؟». قالوا : البلد الحرام. قال : «فأيّ شهر؟». قالوا : شهر حرام. قال : «فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، كحرمة شهركم هذا ، كحرمة بلدكم هذا. ليبلّغ الشاهد الغائب ، لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». أقول : ومعنى ذلك أنّه شهد حادثة الغدير.

(٢) مرج راهط : بمقربة من دمشق ، بينهما اثنا عشر ميلاً. (الروض المعطار ـ للحميري).

(٣) انظر الإصابة ـ لابن حجر.

(٤) المستدرك ٣ / ٥٣١ ، الإصابة.

(٥) تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة حجر.

٨٨

وقال ابن سعد : كان ثقة عيناً ، ولم يروِ عن غير علي شيئاً (١).

أقول : أي لم يرو عن الصحابة الآخرين ، فهو إمّا يروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو عن علي عليه‌السلام.

وقال ابن عبد البر : كان من فضلاء الصحابة ، وصغر سنه عن كبارهم ، وكان على كندة يوم صفين ، وكان على الميسرة يوم النهروان (٢).

وقال أحمد : قلت ليحيى بن سليمان : أبَلَغَك أنّ حجراً كان مستجاب الدعوة؟

قال : نعم ، وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

وقال ابن الأثير : وكان من فضلاء الصحابة وأعيانهم.

وقال ابن كثير : وفد إلى رسول الله وكان من عبّاد الله وزهّادهم ، وكان بارّاً باُمّه (٤) ، وكان كثير الصلاة والصيام ، وما أحدث إلاّ توضأ ، وما توضأ إلاّ صلّى.

وقال الذهبي : لحجر صحبة ووفادة ، وكان صالحاً عابداً. يلازم الوضوء ، ويكثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كان شريفاً مطاعاً ، من شيعة علي ، شهد صفين أميراً (٥).

سبب قتل حجر :

قال الحاكم النيسابوري : سمعت أبا علي الحافظ يقول : سمعت ابن قتيبة يقول : سمعت إبراهيم بن يعقوب (٦) يقول : قد أدرك حجر بن عدي الجاهليّة وأكل الدم فيها ، ثمّ صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع منه ، وشهد مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام الجمل وصفين ، وقُتل في موالاة علي (٧).

__________________

(١) الطبقات الكبرى ـ ترجمة حجر.

(٢) الاستيعاب ـ ترجمة حجر.

(٣) الاستيعاب ـ ترجمة حجر.

(٤) قال عبد الكريم بن رشيد : كان حجر يلمس فراش أمّه بيده ، فيتهم غلظ يده ، فينقلب على ظهره ، فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها. تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة حجر.

(٥) سير أعلام النبلاء ، وتاريخ الإسلام.

(٦) هو المعروف بالجوزجاني على الأكثر.

(٧) المستدرك ٣ / ٥٣٤.

٨٩

أقول : قوله (وقُتل في موالاة علي) يريد ما ورد في كتب التاريخ من أنّ جلاوزة معاوية قالوا لحجر وأصحابه : إنّا قد أُمِرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له ؛ فإن فعلتم تركناكم ، وإن أبيتم قتلناكم. فقالوا : إنّا لسنا فاعلي ذلك. فقُتِلوا.

أمّا قول الذهبي في حجر : إنّه (كان يكثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، فهو السبب المباشر الذي جعل معاوية وزياد لا يتورّعان عن قتل حجر. وملخّص ذلك ما رواه الطبري عن أبي مخنف قال :

كان المغيرة إذا لعن علياً عليه‌السلام على المنبر قام حجر ، وقال : بل إيّاكم فذمم الله ولعن. ثم قام فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يقول : (كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ). وأنا أشهد أنّ مَنْ تذمّون وتعيّرون لأحقُّ بالفضل ، وأنّ مَنْ تزكّون وتطرون أولى بالذمّ (١).

وكانت سياسة الدولة هي عدم استخدام العنف مع المنكرين في المرحلة الأولى من أجل تشخيص أبعاد ردود الفعل والقائمين بها ؛ ليتسنى تصفيتهم بشكل هادئ ومدروس ، ومن هنا لم يتورَّط المغيرة بأيّ ردّ فعل قاس إزاء حجر وأصحابه.

ومات المغيرة اُخريات سنة خمسين أو أوائل سنة ٥١ هجرية ، (والانقلاب الاُموي بعد وفاة الحسن في أيّامه الأولى) ، وضم معاوية الكوفة إلى زياد بعد ما أثبت كفاءة خاصّة في إدارة البصرة.

وجاء زياد واتّخذ إجراءاته التي ذكرناها آنفاً ، واستعد لخوض مرحلة المواجهة الحادة مع حجر وأصحابه المنكرين على بني اُميّة سياستهم.

ولم يسجّل حجر ولا أصحابه طوال هذه المدّة أي موقف يسوِّغ للسلطة قتلهم من قبيل خلع الحاكم وحمل السيف ضدّه ، واكتفوا بالمواجهة اللسانية والفكرية استجابة لتوجيه الإمام الحسين عليه‌السلام لهم كما سيأتي بيانه. ولم يكن أمام زياد والحالة هذه إلاّ أن

__________________

(١) الطبري ٤ / ١٨٨.

٩٠

يلفّق على حجر وأصحابه تهمة نكث بيعة معاوية ، والخروج عليه بشهادات الزور ، ولم يكن معاوية بعيداً عن مثل هذه الخطّة.

قال الطبري : حدّثنا مسلم الجرمي قال : حدّثنا مخلّد بن الحسن ، عن هشام ، عن محمّد بن سيرين قال : خطب زياد يوماً في الجمعة فأطال الخطبة ، وأخّر الصلاة ، فقال له حجر بن عدي : الصلاة. فمضى في خطبته ، ثمّ قال : الصلاة. فمضى في خطبته ، فلمّا خشي حجر فوت الصلاة ضرب بيده إلى كفّ من الحصا وثار إلى الصلاة وثار الناس معه. فلمّا رأى ذلك زياد نزل فصلى بالناس ، فلمّا فرغ من صلاته كتب إلى معاوية في أمره وكثَّر عليه ، فكتب إليه معاوية : أن شدّه في الحديد ثمّ احمله إليّ. فلمّا أن جاء كتاب معاوية أراد قوم حجر أن يمنعوه ، فقال : لا ، ولكن سمعاً وطاعةً. فشُدَّ في الحديد ثمّ حُمِل إلى معاوية (١).

قال هشام بن محمّد ، عن أبي مخنف ، وحدّثني المجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، وزكريا بن أبي زائدة ، عن أبي إسحاق : أنّ حجراً لمّا قُفِي به من عند زياد نادى بأعلى صوته : اللّهمّ إنّي على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. وكان عليه بُرْنُس في غداة باردة ، فحبس عشر ليال ، وزياد ليس له عمل إلاّ طلب رؤساء أصحاب حجر حتّى جمع اثني عشر رجلاً في السجن.

شهادة الزور وشهداء الزور :

ثمّ إنّه دعا رؤوس الأرباع فقال : اشهدوا على حجر بما رأيتم منه. وكان رؤوس الأرباع يومئذ :

عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة.

وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان.

وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ / ٢٥٧ سنة ٥١.

٩١

وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد.

فشهد هؤلاء الأربعة أنّ حجراً جمع إليه الجموع ، وأظهر شتم الخليفة ، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين ، وزعم أنّ هذا الأمر لا يصلح إلاّ في آل أبي طالب ، ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين ، وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه ، والبراءة من عدوّه وأهل حربه ، وأنّ هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره.

ونظر زياد في شهادة الشهود فقال : ما أظنّ هذه الشهادة قاطعة ، وإنّي لأحبّ أن يكون الشهود أكثر من أربعة.

قال المدائني : شهدوا أنّ حجراً وأصحابه شتموا عثمان ومعاوية وبرئوا منهما ، فقال : ما هذه بقاطعة. فقام أبو بردة فشهد أنّهم خلعوا الخليفة ، وفارقوا الجماعة ، ودعوا إلى الحرب ، وكفروا بالله ، وشهد رؤساء الأرباع على مثل شهادته.

وفي رواية أبي مخنف : فحدّثني الحارث بن حصيرة ، عن أبي الكنود ، وهو عبد الرحمن بن عبيد ، وأبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب ، وسليمان بن أبي راشد عن أبي الكنود بأسماء هؤلاء الشهود :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله ربّ العالمين ؛ شهد أنّ حجر بن عدي خلع الطاعة ، وفارق الجماعة ، ولعن الخليفة ، ودعا إلى الحرب والفتنة ، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة ، وخلع أمير المؤمنين معاوية ، وكفر بالله عزّ وجلّ كفرة صلعاء.

فقال زياد : على مثل هذه الشهادة فاشهدوا ، أما والله لأجهدنّ على قطع خيط عنق الخائن الأحمق ، فشهد رؤوس الأرباع الثلاثة الآخرون على مثل شهادته ، وكانوا أربعة.

ثمّ إنّ زياداً دعا الناس فقال : اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الأرباع. فقرأ عليهم الكتاب ، فقام أوّل الناس عناق بن شرحبيل بن أبي دهم التيمي تيم الله بن ثعلبة فقال : بيّنوا اسمي.

٩٢

فقال زياد : ابدؤوا بأسامي قريش ، ثمّ اكتبوا اسم عناق في الشهود ، ومَنْ نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة.

فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيد الله (التيمي) (١) ، وموسى بن طلحة (٢) ، وإسماعيل بن

__________________

(١) قال المزي (في تهذيب الكمال ٢ / ٣٦٢) : إسحاق بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي المدني أخو إسماعيل بن طلحة ويعقوب بن طلحة ، وأمّهم أمّ أبان بنت عتبة بن ربيعة ، خالة معاوية بن أبي سفيان. روى عن أبيه طلحة بن عبيد الله ، وعبد الله بن عباس ، وعائشة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. روى عنه ابنا أخيه إسحاق بن يحيى بن طلحة ، وطلحة بن يحيى بن طلحة ، وابنه معاوية بن إسحاق بن طلحة. ذكره محمّد بن سعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة ، وذكر محمّد بن جرير الطبري عن عمر بن شبة ، عن علي بن محمّد المدائني ، عن محمّد بن حفص : أنّ معاوية بن أبي سفيان ولّى سعيد بن عثمان بن عفان حرب خراسان ، وولّى إسحاق بن طلحة خراجها. قال : وكان إسحاق بن خالة معاوية ، فلمّا صار بالرّي مات إسحاق بن طلحة فولّي سعيد خراج خراسان وحربها ، وكان ذلك في سنة ست وخمسين على ما ذكر الطبري. وقال خليفة بن خياط في سنة ست وخمسين : وفيها مات إسحاق بن طلحة بن عبيد الله بخراسان ، وقال في موضع آخر : ولي سعيد بن عثمان إسحاق بن طلحة بن عبيد الله الخراج ، فمات إسحاق بالري. وذكر الزبير بن بكار أنّه بقي إلى زمن يزيد بن معاوية ، فالله أعلم. روى له الترمذي وابن ماجة.

(٢) قال ابن حجر (في تهذيب التهذيب ٦ / ٢٦٦) : موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي ، يُكنّى أبا عيسى ، وقيل : كنيته أبو محمّد ، نزل الكوفة ، واُمّه خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة. قال ابن عساكر : ولد في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمّاه. وأخرج البخاري في التاريخ الصغير من طريق العقدي عن إسحاق بن يحيى ، عن موسى بن طلحة قال : صحبت عثمان اثنتي عشرة سنة ، ولموسى رواية في الصحيح والسنن عن أبيه ، وعثمان ، وعلي ، والزبير ، وأبي ذر ، وأبي أيوب وغيرهم. روى عنه ابنه عمران وحفيده سليمان بن عيسى ، وابن أخيه إسحاق بن يحيى ، وابن أخيه الآخر موسى بن إسحاق. وروى عنه أبو إسحاق السبيعي ، وعبد الملك بن عمير ، وسماك بن حرب ، وآخرون. قال الزبير : كان من وجوه آل طلحة. وقال العجلي : تابعي ثقة ، وكان خياراً. قال المزي (في تهذيب الكمال ٢٩ / ٨٢) : وقال الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير : لمّا ظهر الكذّاب بالكوفة (يعني المختار بن أبي عبيد) هرب منه ناس من وجوه أهل الكوفة ، فقدموا علينا البصرة ، وكان فيمَنْ قدم موسى بن طلحة بن عبيد الله (وكان في زمانه يرون أنّه المهدي) ، فغشيه الناس ، وغشيته فيمَنْ يغشاه من الناس ، فغشينا رجلاً طويل السكوت ، شديد الكآبة والحزن. وقال عبد الملك بن عمير : كان فصحاء الناس (يعني في عصرهم) أربعة ،

٩٣

طلحة بن عبيد الله.

والمنذر بن الزبير بن العوام (١).

وعمارة بن عقبة بن أبي معيط (٢).

وعبد الرحمن بن هناد.

وعمر بن سعد بن أبي وقاص (٣).

__________________

فعدّ منهم موسى بن طلحة. قال بن أبي شيبة ، وابن أبي عاصم : مات سنة ست ومئة. وقال الهيثم بن عدي وابن سعد : مات سنة ثلاث. وقال أبو نعيم وأحمد : مات سنة أربع.

(١) قال ابن حجر (في تعجيل المنفعة ١ / ٤١١) : المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي أبو عثمان ، شقيق عبد الله وعروة. وروى عن أبيه ، وعنه ابنه محمّد وفليح بن محمّد بن المنذر. ذكره بن حبّان في ثقات ، التابعي. وذكر مصعب الزبيري : أنّ المنذر غاضب أخاه عبد الله فخرج عن مكة إلى معاوية ، فأجازه بجائزة عظيمة ، واقطعه أرضاً بالبصرة. وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : أنّ عائشة (رضي الله تعالى عنها) زوّجت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب ، فلمّا قدم أنكر ذلك ثمّ أقرّه ، وذكر الزبير أنّ المنذر فارقها وتزوّجها الحسن بن علي (رضي الله تعالى عنهما) ، فاحتال المنذر عليه حتّى طلّقها ، فتزوّجها عاصم بن عمر ، فاحتال عليه المنذر حتّى طلّقها ، فأعادها المنذر ، وأنّ المنذر بن الزبير كان عند عبيد الله بن زياد لمّا امتنع عبد الله بن الزبير من بيعة يزيد ، فكتب يزيد إلى عبيد الله أن يقبض على المنذر ، فبلغ المنذر فهرب إلى مكة ، فقُتل المنذر في الحصار الأول بعد وقعة الحرّة سنة أربع وستين.

(٢) قال ابن حجر : عمارة بن عقبة بن أبي معيط القرشي الاُموي ، أخو الوليد ، قال أبو عمر : كان هو وأخوه الوليد وخالد من مسلمة الفتح (الإصابة). وقال أبو مخنف : ولمّا قدم زياد الكوفة أتاه عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال : إنّ عمرو بن الحمق يجتمع إليه من شيعة أبي تراب. قال : ويُقال : إنّ الذي رفع على عمرو بن الحمق وقال له : قد أنغل المصرين يزيد بن رويم. فقال عمرو بن الحريث : ما كان قطّ أقبل على ما ينفعه منه اليوم. فقال زياد ليزيد بن رويم : أمّا أنت فقد أشطت بدمه ، وأمّا عمرو فقد حقن دمه ، ولو علمت أنّ مخّ ساقه قد سال من بغضي ما هجته حتّى يخرج عليّ (تاريخ الطبري ٥ / ٢٣٦ سنة ٥٠).

(٣) قال المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٣٥٦ : عمر بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري ، أبو حفص المدني ، سكن الكوفة ، أخو عامر بن سعد وإخوته. روى عن أبيه سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري ، روى عنه ابنه إبراهيم بن عمر بن سعد ، ويزيد بن أبي مريم السلولي ، وسعد بن عبيدة ، والعيزار بن حريث ،

٩٤

__________________

وقتادة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ويزيد بن أبي حبيب المصري ، وأبو إسحاق السبيعي ، وابن ابنه أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد ، قال خليفة بن خياط : اُمّه ماوية بنت قيس بن معدي كرب بن الحارث من كندة. وقال بعضهم : مارية (بالراء). وقال ابن البرقي : اُمّه رملة بنت أبي الأنياب من كندة. وذكره محمّد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل الكوفة. وقال أحمد بن عبد الله العجلي : كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه ، وهو الذي قتل الحسين عليه‌السلام ، وهو تابعي ثقة. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : سألت يحيى بن معين عن عمر بن سعد أثقة هو؟ فقال : كيف يكون مَنْ قتل الحسين عليه‌السلام ثقة؟! وقال الحاكم أبو أحمد : سمعت أبا الحسين الغازي يقول : سمعت أبا حفص عمرو بن علي يقول : سمعت يحيى بن سعيد يقول : حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : حدّثنا العيزار بن حريث ، عن عمر بن سعد ، فقال له رجل من بني ضبيعة (يُقال له : موسى) : يا أبا سعيد ، هذا قاتل الحسين عليه‌السلام؟ فسكت. فقال : عن قاتل الحسين تحدّثنا فسكت. وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : حدّثنا أبو حفص هو الفلاس ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان ، وحدّثنا عن شعبة وسفيان ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن عمر بن سعد ، فقام إليه رجل فقال : أما تخاف الله تروي عن عمر بن سعد؟! فبكى وقال : لا أعود أحدّث عنه أبداً. وقال الحميدي : حدّثنا سفيان ، عن (سالم إن شاء الله) قال : قال عمر بن سعد للحسين عليه‌السلام : إنّ قوماً من السفهاء يزعمون أنّي أقتلك! فقال الحسين عليه‌السلام : «ليسوا بسفهاء ، ولكنّهم حلماء». ثمّ قال : «والله إنّه ليقرّ بعيني أنّك لا تأكل برّ العراق بعدي إلاّ قليلاً». وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : حدّثنا عبد السلام بن صالح قال : حدّثنا بن عيينة ، عن عبد الله بن شريك قال : أدركت أصحاب الأردية المعلّمة ، وأصحاب البرانس من أصحاب السواري إذا مرّ بهم عمر بن سعد قالوا : هذا قاتل الحسين عليه‌السلام. وذلك قبل أن يقتله. وروي عن محمّد بن سيرين ، عن بعض أصحابه قال : قال علي عليه‌السلام لعمر بن سعد : «كيف أنت إذا قمت مقاماً تخيّر فيه بين الجنّة والنار فتختار النار؟!».

روى له النسائي ، قال ابن سعد (في الطبقات ٥ / ١٦٨) : فكان عمر بن سعد بالكوفة قد استعمله عبيد الله بن زياد على الري وهمذان ، وقطع معه بعثاً ، فلمّا قدم الحسين بن علي عليه‌السلام العراق أمر عبيد الله بن زياد عمر بن سعد أن يسير إليه ، وبعث معه أربعة آلاف من جنده ، وقال له : إن هو خرج إليّ ووضع يده في يدي وإلاّ فقاتله. فأبى عمر عليه ، فقال : إن لم تفعل عزلتك عن عملك ، وهدمت دارك. فأطاع بالخروج إلى الحسين عليه‌السلام ، فقاتله حتّى قتل الحسين عليه‌السلام ، فلمّا غلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة قتل عمر بن سعد وابنه حفصاً. (تهذيب التهذيب ـ لابن حجر ترجمة عمر بن سعد).

قال ابن حبان (في معرفة الثقاة ٢ / ١٦٦) : عمر بن سعد بن أبي وقاص ، مدني ثقة ، كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه. وهو الذي قتل الحسين عليه‌السلام. قال ابن حبان : كان أمير الجيش ولم يباشر

٩٥

وعامر بن مسعود بن اُميّة بن خلف (١).

ومحرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس.

وعبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي.

وعناق بن شرحبيل بن أبي دهم.

ووائل بن حجر الحضرمي (٢).

وكثير بن شهاب بن حصين الحارثي (٣).

__________________

قتله. وفي الجرح والتعديل (٦ / ١١١) قال بكر بن أبي خيثمة : سألت يحيى بن معين عن عمر بن سعد أثقة هو؟ فقال : كيف يكون مَنْ قتل الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنه) ثقة؟!

(١) قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : الترمذي ، عامر بن مسعود بن اُميّة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي ، مختلف في صحبته ، كان عاملاً لابن الزبير على الكوفة. قال في الإصابة : وكان عامر يلقّب دحروجة الجعل ؛ لأنّه كان قصيراً ، ثمّ اتفق عليه أهل الكوفة بعد موت يزيد بن معاوية فأقرّه ابن الزبير قليلاً ، ثمّ عزله بعد ثلاثة أشهر وولاّها عبد الله بن يزيد الخطمي ، ويقال : إنّه خطب أهل الكوفة فقال : إنّ لكل قوم شراباً فاطلبوه في مظانه ، وعليك بما يحلّ ويحمد ، واكسروا شرابكم بالماء. وفي ذلك يقول الشاعر :

مَنْ ذا يحرّم ماء المزن خالطهُ

في قعر خابيةٍ ماء العناقيدِ

إنّي لأكره تشديدَ الرواةِ لنا

فيها ويعجبني قولُ ابن مسعودِ

وكثير من الناس يظنّ أنّ الشاعر عنى عبد الله بن مسعود ، وليس كذلك ، وإنّما عنى هذا. وقال في ترجمة أبيه مسعود بن اُميّة بن خلف الجمحي : قُتل أبوه يوم بدر ، ولولده عامر بن مسعود رواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأكثرون قالوا : إنّ حديثه مرسل ، فتكون الصحبة لأبيه. وكان من مسلمة الفتح ، أو مات على كفره قبيل الفتح ، وولد له عامر قبل الفتح بقليل ؛ فلذلك لم يثبت له صحبة السماع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان معدوداً في الصحابة ؛ لأنّ له رؤية.

(٢) قال ابن حبان (في مشاهير علماء الأمصار ١ / ٤٤) : وائل بن حجر الحضرمي ، مات في آخر ولاية معاوية. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب : سكن الكوفة وعقبه بها ، وذكره بن سعد فيمَنْ نزل الكوفة من الصحابة.

(٣) قال ابن سعد (في الطبقات الكبرى ٦ / ١٤٩) : كثير بن شهاب بن الحصين ، ذي الغصة ، سمّي بذلك لغصة كانت في حلقه من مذحج ، وكان سيد مذحج بالكوفة ، وكان بخيلاً ، وقد روى عن عمر بن الخطاب ،

٩٦

وقطن بن عبد الله بن حصين الحارثي (١).

والسري بن وقاص الحارثي ، وكتب شهادته وهو غائب في عمله.

والسائب بن الأقرع الثقفي (٢).

وشبث بن ربعي (٣).

وعبد الله بن أبي عقيل الثقفي.

ومصقلة بن هبيرة الشيباني.

__________________

وولي الري لمعاوية بن أبي سفيان. وفي الطبري : كان من رجال عبيد الله بن زياد في التعبئة العامة ضدّ الحسين عليه‌السلام.

(١) ذكره الطبري ضمن المروانية في الكوفة الذين كتب إليهم عبد الملك (٦ / ١٥٦).

(٢) قال (في تاريخ بغداد ١ / ٢٠٢) : السائب بن الأقرع الثقفي ، ولاّه عمر قبض الأخماس من غنائم الفرس ، وورد المدائن والياً عليها.

(٣) قال ابن حجر في الإصابة : شبث (بفتح أوله والموحدة ثم مثلثة) ابن ربعي التميمي اليربوعي ، أبو عبد القدوس ، له إدراك ورواية عن حذيفة وعلي. روى عنه محمّد بن كعب القرظي ، وسليمان التيمي. قال الدار قطني : يُقال : إنّه كان مؤذن سجاح التي ادعت النبوّة ثمّ راجع الإسلام. وقال ابن الكلبي : كان من أصحاب علي ، ثمّ صار مع الخوارج ، ثمّ تاب ثمّ كان فيمَنْ قاتل الحسين. وقال المدائني : ولي بعد ذلك شرطة القباع بالكوفة. والقباع : هو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أخو عمر الشاعر. كان والياً على الكوفة لعبد الله بن الزبير قبل أن يغلب عليها المختار. وقال العجلي : كان أوّل مَنْ أعان على قتل عثمان ، وبئس الرجل هو. وقال معتمر ، عن أبيه ، عن أنس ، قال شبث : أنا أوّل مَنْ حرر الحرورية. ومات شبث في حدود السبعين.

أقول : وفي المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ، بكير بن عثمان البجلي قال : سمعت أبا إسحاق التميمي يقول : سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول : حججت وأنا غلام ، فمررت بالمدينة وإذا الناس عنق واحد ، فأتبعتهم فدخلوا على اُمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعتها تقول : يا شبث بن ربعي. فأجابها رجل جلف جاف : لبيك يا أمتاه. قالت : أيُسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ناديكم؟ قال : وأنّى ذلك؟! قالت : فعلي بن أبي طالب؟ قال : إنّا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا. قالت : فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : «مَنْ سبّ علياً فقد سبّني ، ومَنْ سبّني فقد سبّ الله تعالى».

قال أبو مخنف : جعله عمر بن سعد في واقعة الطفِّ على الرجّالة.

٩٧

والقعقاع بن شور الذهلي (١).

وحجار بن أبجر العجلي (٢).

وعمرو بن الحجاج الزبيدي (٣).

ولبيد بن عطارد التميمي (٤).

ومحمد بن عمير بن عطارد التميمي (٥).

وسويد بن عبد الرحمن التميمي من بني سعد.

وشمر بن ذي الجوشن العامري (٦).

__________________

(١) ذكره أبو مخنف في قصة مسلم من رجالات عبيد الله بن زياد.

(٢) أحد الستة الذين كتبوا للحسين عليه‌السلام ، وكان في جيش عمر بن سعد ، ثمّ كان أحد قادة الجيش الذي قاتل المختار ، ثمّ فرّ إلى مصعب وصار في جيشه ، وكان عبد الملك قد كاتبه واستجاب له.

(٣) قال في الإصابة : عمرو بن الحجاج الزبيدي ، ذكره وثيمة في كتاب الردّة وقال : كان مسلماً في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وله مقام محمود حين أرادت زبيد الردّة ؛ إذ دعاهم عمرو بن معد يكرب إليها ، فنهاهم عمرو بن الحجاج وحثّهم على التمسّك بالإسلام. وقال أبو مخنف : كان أحد الستة الذين كتبوا للحسين ، جعله عمر بن سعد في واقعة الطفِّ على ميمنة الجيش.

(٤) قال في الإصابة : لبيد بن عطارد بن حاجب التميمي. قال ابن عبد البر : كان أحد الوفد القادمين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من بني تميم ، وأحد وجوههم ، أسلم سنة تسع ، ولا أعلم له خبراً غير ذلك ، وذكر الآمدي في كتاب الشعراء : إنّ لبيد بن عطارد بن حاجب أدرك الجاهليّة ، وأنشد له في ذلك شعراً. وقال ابن عساكر : كان من وجوه أهل الكوفة ، ولم يذكر أنّ له صحبة.

(٥) أحد الستة الذين كتبوا إلى الحسين عليه‌السلام وكان آخر مَنْ كتب ، وزملاؤه الخمسة كانوا من قادة جيش عمر بن سعد. كان أحد المروانية في الكوفة الذين كتب إليهم عبد الملك وأجابه ، وشرط عليه ولاية أصفهان.

(٦) قال ابن حجر في لسان الميزان : شمر بن ذي الجوشن أبو السابغة الضبابي ، روى عن أبيه ، وعنه أبو إسحاق السبيعي ، ليس بأهل للرواية ؛ فإنّه أحد قتلة الحسين (رضي الله تعالى عنه) ، وقد قتله أعوان المختار. روى أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال : كان شمر يصلّي معنا ، ثمّ يقول : اللّهمّ إنّك تعلم أنّي شريف فاغفر لي. قلت : كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! قال : ويحك! فكيف نصنع؟ إنّ اُمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ، ولو خالفناهم كنّا شرّاً من هذه الحمر الشقاء.

٩٨

وشداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان.

ومحفز بن ثعلبة من عائذة قريش (١).

وعبد الرحمن بن قيس الأسدي.

والحارث وشداد ابنا الأزمع الهمدانيان ، ثمّ الوادعيان.

وكريب بن سلمة بن يزيد الجعفي.

وعبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي (٢).

وزحر بن قيس الجعفي (٣).

وقدامة بن العجلان الأزدي.

__________________

قال ابن حجر : قلت : إنّ هذا لعذر قبيح ؛ فإنّما الطاعة في المعروف. انتهى. قال أبو مخنف : جعله عمر بن سعد في واقعة الطفِّ على ميسرة الجيش.

(١) قال أبو مخنف : ثمّ إنّ عبيد الله أمر بنساء الحسين عليه‌السلام وصبيانه فجهّزن ، وأمر بعلي بن الحسين عليهما‌السلام فغلّ بغلٍّ إلى عنقه ، ثمّ سرّح بهم مع محفز بن ثعلبة العائذي ، عائذة قريش ، ومع شمر بن ذي الجوشن ، فانطلقا بهم حتّى قدموا على يزيد. (تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٠).

(٢) كان على ربع مذحج وأسد في معسكر عمر بن سعد يوم العاشر من المحرم.

(٣) قال أبو مخنف : ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين عليه‌السلام بالكوفة ، فجعل يُدار به في الكوفة ، ثمّ دعا زحر بن قيس فسرّح معه برأس الحسين عليه‌السلام ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية ، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي ، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي ، فخرجوا حتّى قدموا بها الشام على يزيد بن معاوية. قال هشام : فحدّثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي ، عن أبيه ، عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال : والله إنّا لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس حتّى دخل على يزيد بن معاوية ، فقال له يزيد : ويلك! ما وراءك وما عندك؟ فقال : أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره ؛ وردّ علينا الحسين بن علي عليه‌السلام في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شيعته ، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال ، فاختاروا القتال على الاستسلام ... (تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٠ سنة ٦١). وكان أحد المروانية في الكوفة الذين كاتبهم عبد الملك. وفي الإصابة : زحر بن قيس بن مالك بن معاوية بن سعنة (بمهملة ونون) الجعفي له إدراك وكان من الفرسان.

٩٩

وعزرة بن عزرة الأحمسي (١).

وعمر بن قيس ذي اللحية ، وهانئ بن أبي حية الوادعيان.

فشهد عليه سبعون رجلاً.

وكتبت شهادة هؤلاء الشهود في صحيفة ، ثمّ دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثي ، وبعثهما عليهم ، وأمرهما أن يخرجا بهم.

وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي ، وشريح بن هانئ الحارثي ؛ فأمّا شريح فقال : سألني عنه فأخبرته أنّه كان صوّاماً قوّاماً ؛ وأمّا شريح بن هانئ الحارثي فكان يقول : ما شهدت ، ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتي فأكذبته ولمته. وجاء وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأخرج القوم عشية ، وسار معهم صاحب الشرطة حتّى أخرجهم من الكوفة.

فلمّا انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسي إلى داره ، وهي في جبانة عرزم ، فإذا بناته مشرفات ، فقال لوائل وكثير : ائذنا لي فأوصي أهلي. فأذنا له ، فلمّا دنا منهنّ وهن يبكين سكت عنهنّ ساعة ، ثمّ قال : اسكتن. فسكتن ، فقال : اتقينَ الله عزّ وجلّ واصبرنَ ؛ فإنّي أرجو من ربّي في وجهي هذا إحدى الحسنيِّين ؛ إمّا الشهادة وهي السعادة

__________________

(١) في رواية البلاذري عن المدائني عزرة بن قيس الأحمسي وهو الصحيح. قال أبو مخنف : قال حبيب بن مظاهر : أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرّية نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته وأهل بيته عليهم‌السلام ، وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار ، والذاكرين الله كثيراً. فقال له عزرة بن قيس : إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت. فقال له زهير : يا عزرة ، إنّ الله قد زكّاها وهداها ، فاتق الله يا عزرة فإنّي لك من الناصحين. أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية. قال : يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، إنما كنت عثمانياً! قال : أفلست تستدل بموقفي هذا أنّي منهم؟ أما والله ما كتبت إليه كتاباً قط ، ولا أرسلت إليه رسولاً قط ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم ، فرأيت أن أنصره وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ؛ حفظاً لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وكان على الخيل في المعركة. (تاريخ الطبري ٥ / ٤١٧ سنة ٦١).

١٠٠