الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

السيّد سامي البدري

الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: ياسين
الطبعة: ١
ISBN: 964-499-093-5
الصفحات: ٥٢٧

لعنُ عليٍّ عليه‌السلام وسبّه على المنابر :

أوردت الصحاح ـ كتب الحديث المعتبرة ـ أحاديث نبويّة صحيحة تفرض حبّ علي عليه‌السلام وولايته ، وتنهى عن إيذائه وبغضه ، وتصف فاعل ذلك بالنفاق والحرب لله ولرسوله ، وفيما يلي بعضها :

روى الطبراني : عن أبي عبد الله الجدلي قال : قالت لي اُمّ سلمة : أيُسبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكم على رؤوس الناس؟ فقلت : سبحان الله! وأنّى يُسبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟! فقالت : أليس يُسبّ علي بن أبي طالب ومَنْ يُحبّه؟ فأشهد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يُحبّه (١).

وفي رواية قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «مَنْ سبّ علياً فقد سبّني» (٢).

روى أحمد في مسنده : عن عمرو بن شاس الأسلمي قال ، وكان من أصحاب الحديبية ، قال : خرجت مع علي إلى اليمن ، فجفاني في سفري ذلك ، حتّى وجدت في نفسي عليه ، فلمّا قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتّى بلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت المسجد ذات غدوة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ناس من أصحابه ، فلمّا رآني أبدني عينيه ، يقول : حدَّدَ إلي النظر حتّى إذا جلست ، قال : «يا عمرو ، والله لقد آذيتني». قلت : أعوذ بالله أن اُوذيك يا رسول الله! قال : «بلى ، مَنْ آذى علياً فقد آذاني» (٣).

وروى أبو يعلى : عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال : كنت جالساً في المسجد أنا ورجلين معي ، فنلنا من علي ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله غضبان يُعرف في وجهه الغضب ، فتعوذت بالله من غضبه ، فقال : «ما لكم وما لي؟! مَنْ آذى علياً فقد آذاني» (٤).

__________________

(١) المعجم الصغير ٢ / ٨٣ ، السنن الكبرى ٥ / ١٣٣ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٤٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، فضائل الصحابة ٢ / ٥٩٤.

(٣) مسند أحمد ٣ / ٤٨٣.

(٤) مسند أبي يعلى ٢ / ١٠٩.

٦١

وروى أحمد عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام فقال : «أنا حرب لمَنْ حاربكم ، وسلم لمَنْ سالمكم» (١).

ورواه الطبراني عن صبيح مولى اُمّ سلمة ، عن زيد بن أرقم (٢).

وروى مسلم عن عدي بن ثابت ، عن زر قال : قال علي عليه‌السلام : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبي الأمي إليَّ ، أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق» (٣).

وروى الطبراني عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل قال : سمعت اُمّ سلمة تقول : أشهد أنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «مَنْ أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومَنْ أحبّني فقد أحبّ الله ، ومَنْ أبغض علياً فقد أبغضني ، ومَنْ أبغضني فقد أبغض الله» (٤).

وروى أبو يعلى عن أبي الجارود ، عن الحارث الهمداني قال : رأيت علياً جاء حتّى صعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «قضاء قضاه الله على لسان نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله النبي الأمي ، أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق ، وقد خاب مَنْ افترى».

قال : قال النضر : وقال علي عليه‌السلام : «أنا أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وابن عمّه ، لا يقولها أحد بعدي» (٥).

وقد روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَنْ عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب» (٦).

وروى أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «قال الله عزّ وجلّ : مَنْ أذلّ لي ولياً فقد استحلّ محاربتي» (٧).

__________________

(١) مسند أحمد ٢ / ٤٤٢ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ٣ / ٤٠ ، ٥ / ١٨٤.

(٢) المعجم الصغير ٢ / ٥٣.

(٣) صحيح مسلم ١ / ٨٦ ، السنن الكبرى ٥ / ٤٧ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٥١.

(٤) المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠.

(٥) مسند أبي يعلى ١ / ٣٤٧.

(٦) الجامع الصحيح المختصر ٥ / ٢٣٨٤.

(٧) مسند أحمد ٦ / ٢٥٦.

٦٢

أقول :

وإذا ضممنا إلى هذه النصوص الأحاديث التي ترفع من شأن الصحابة ككل ، المنتشرة في كتب الحديث ، لم يكن من السهل على الكثير من المعاصرين أن يقبل ما يعتقده الشيعة في بني اُميّة من اُمور : منها : أنّهم كانوا قد سنُّوا سنّة لعن علي عليه‌السلام وسبِّه ، وغفل هؤلاء عن حقيقة : أنّ الأخبار والروايات في هذه القضية بالذّات من الكثرة بحيث لم يستطع أن يغفلها أصحاب الصحاح أنفسهم.

قال الدكتور عبد الحليم عويس : لا يُعقل ما يُشاع عن بني اُميّة من أنّهم كانوا يسبّون علياً على المنابر (١). وقد وافقه آخرون أمثال محبّ الدين الخطيب (٢) ، ومحمود شاكر (٣) ، وإبراهيم شعوط (٤) وغيرهم ، وزاد بعضهم قوله : ولم يردنا بطريق صحيح (٥).

وقد ردّ على هؤلاء أناس من غير الشيعة أيضاً (٦) بذكر أخبار من كتب الصحاح ، وفيما يلي بعضها :

روى البخاري قال : حدّثنا عبد الله بن مسلمة ، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه (سلمة بن دينار) ، أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال : هذا فلان لأمير المدينة يدعو علياً عند المنبر. قال : فيقول ماذا؟ قال : يقول له : أبو تراب! فضحك ، قال : والله ما سمّاه إلاّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما كان والله له اسم أحبّ إليه منه (٧).

__________________

(١) نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي حسن فرحان المالكي (٢٠عن صحيفة مرآة الجامعة العدد ١١٠).

(٢) في تعليقاته على كتاب العواصم من القواصم.

(٣) في موسوعته التاريخ الإسلامي المجلد الخاص بالخلفاء الراشدين والعهد الاُموي.

(٤) كقوله : فلم يصح أبداً عن معاوية أنّه سبّ علياً ، أو لعنه مرّة واحدة فضلاً عن التشهير به على المنابر. (أباطيل يجب أن تُمحى من التاريخ / ٢٠٤).

(٥) نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي / ٢٧.

(٦) منهم الاُستاذ حسن فرحان المالكي الحجازي ، وهو سنّي المذهب بالأحاديث التي أوردناها في المتن.

(٧) الجامع المختصر ٣ / ١٣٥٨ ، صحيح البخاري ٤ / ٢٠٧.

٦٣

وهذه الرواية عند مسلم في صحيحه أكثر وضوحاً ، قال سهل بن سعد : إنّ رجلاً أتاه فقال : هذا فلان ـ لأمير من أمراء المدينة ـ يدعوك غداً فتسبّ علياً على المنبر. قال : فأقول ماذا؟ قال : تقول : أبو تراب. فضحك سهل ، ثمّ قال : والله ما سمّاه إيّاه الاّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله ما كان من اسم أحبّ إليه منه (١).

قال في فتح الباري :

قوله : (هذا فلان لأمير المدينة) ، أي عنى أمير المدينة ، ولم أقف على اسمه صريحاً (٢).

وروى مسلم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً. قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا التراب. فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحبّ إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها (٣).

وقال في إرشاد الساري : إنّ هذا الوالي هو مروان بن الحكم (٤).

وروى مسلم أيضاً قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد،وتقاربا في اللفظ قالا:

__________________

(١) مسلم ٤ / ١٨٧١ ، المعجم الكبير ٦ / ١٥٠ ، الآحاد والمثاني ١ / ١٦٧ ، صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٦٨.

(٢) فتح الباري ٧ / ٧٢.

(٣) صحيح مسلم ٤ / ١٨٧٤ ، سنن البيهقي ٢ / ٤٤٦. وتكملة الرواية : فقال له : أخبرنا عن قصته ، لِمَ سمّي أبا تراب؟ قال : جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيت فاطمة عليها‌السلام فلم يجد علياً عليه‌السلام في البيت ، فقال : «أين ابن عمّك؟». فقالت : «كان بيني وبينه شيء فغاضبني فلم يقل عندي». فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لإنسان : «انظر أين هو؟». فجاء فقال : يا رسول الله ، هو في المسجد راقد. فجاءه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقّه فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسحه عنه ويقول : «قم أبا التراب ، قم أبا التراب». قال ابن حجر : وروى ابن أبي إسحاق من طريقه ، وأحمد من حديث عمّار بن ياسر قال : نمت أنا وعلي في غزوة العشيرة في نخل ، فما أفقنا إلاّ بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يحرّكنا برجله يقول لعلي عليه‌السلام : «قم يا أبا تراب» ؛ لما يرى عليه من التراب. (فتح الباري ٧ / ٧٢).

(٤) إرشاد الساري ٦ / ١١٢.

٦٤

حدّثنا حاتم وهو ابن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً (١) فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب؟ فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبّه (٢) ، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم ؛ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : «يا رسول الله ، خلّفتني مع النساء والصبيان؟!». فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ إنّه لا نبوّة بعدي؟». وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطين الراية رجلاً يحبّ اللهَ ورسولَه ، ويُحبّه اللهُ ورسولُه». قال : فتطاولنا لها ، فقال : «ادعو لي علياً». فأُتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه.

ولمّا نزلت هذه الآية : (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فقال : «اللّهمّ هؤلاء أهلي» (٣).

وروى أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا محمّد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم قال : خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي ، فخرج سعيد بن زيد فقال : ألا تعجب من هذا يسبّ علياً رحمه‌الله؟! (٤)

وروى النسائي عن شقيق بن أبي عبد الله قال : حدّثنا أبو بكر بن خالد بن عرفطة قال : رأيت سعد بن مالك بالمدينة فقال : ذُكر أنّكم تسبّون علياً؟ قلت : قد فعلنا. قال : لعلك سببته؟ قلت : معاذ الله! قال : لا تسبه ، فإن وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ علياً ما سببته بعد ما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما سمعت (٥).

__________________

(١) الذي يظهر أنّ هذا كان سنة خمسين لمّا حجّ معاوية بعد وفاة الحسن عليه‌السلام ، وهي السنة التي توفي فيها سعد أيضاً (انظر ابن الأثير ٣ / ٤٧١).

(٢) وفي مسند أبي يعلى ٢ / ١١٤ قال : والذي نفس سعد بيده ، لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في علي شيئاً لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّه ما سببته أبداً.

(٣) صحيح مسلم ٤ / ١٨٧١ ، الترمذي ٥ / ٦٣٨.

(٤) مسند أحمد بن حنبل ١ / ١٨٨ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ٥ / ٥٨.

(٥) السنن الكبرى ٥ / ١٣٣.

٦٥

أقول :

يتّضح من هذه الروايات الصحيحة وفق مسلك أهل السنّة في تصحيح الرواية ، وقد وردت في أهم مصادرهم الحديثية أنّ معاوية وولاته (مروان والمغيرة) كانوا يسبّون علياً عليه‌السلام على المنابر.

وفي المصادر التاريخيّة تفصيل أكثر نورد طرفاً منه فيما يلي :

قال ابن عبد ربه : لمّا مات الحسن بن علي حجّ معاوية (١) ، فدخل المدينة وأراد أن يلعن علياً على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقيل له : إنّ ها هنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا ، فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه وذكر له ذلك ، فقال : إن فعلت لأخرجنّ من المسجد ، ثمّ لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتّى مات سعد ، فلمّا مات لعنه على المنبر ، وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه ففعلوا ، فكتبت اُمّ سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومَنْ أحبّه ، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله. فلم يُلتفت إلى كلامها (٢).

وفي مقاتل الطالبيِّين : إنّ الحسن وسعد ماتا في نفس السنّة ، ويرى الناس أنّ معاوية سقاهما السمّ (٣).

وفي تاريخ ابن الأثير سنة ٥١ قال : وفيها توفي سعد بن أبي وقاص ، وقيل : توفي سنة أربع وخمسين ، وقيل : سنة خمس وخمسين (٤).

قال أبو عثمان الجاحظ (٥) : إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة : اللّهمّ إنّ أبا تراب ألحدّ في دينك ، وصدَّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذّبه عذاباً أليماً.

__________________

(١) قال المسعودي (٣ / ٢٥) : وقد كان معاوية حجّ سنة خمسين.

(٢) العقد الفريد ٤ / ٣٦٦.

(٣) مقاتل الطالبيِّين / ٤٨.

(٤) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٤٧١.

(٥) هو عمرو بن بحر الليثي البصري اللغوي النحوي ، كان مائلاً إلى النصب.

٦٦

وكتب بذلك إلى الآفاق ، فكانت هذه الكلمات يُشار بها على المنابر ، وصار ذلك سنّة في أيّام بني اُميّة إلى أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله (١).

وقال أيضاً : وما كان عبد الملك مع فضله وأناته وسداده ورجحانه ممّن يخفى عليه فضل علي ، وأنّ لعنه على رؤوس الأشهاد ، وفي أعطاف الخطب ، وعلى صهوات المنابر ممّا يعود عليه نقصه ، ويرجع إليه وهنه ؛ لأنّهما جميعاً من بني عبد مناف ، والأصل واحد ، ولكنّه أراد تشييد الملك ، وتأكيد ما فعله الأسلاف ، وأن يقرّر في أنفس الناس أنّ بني هاشم لا حَظَّ لهم في هذا الأمر ، وأنّ سيدهم الذي يصولون به ويجولون ، وبفخره يفخرون هذا حاله وهذا مقداره ، فيكون مَنْ انتمى إليه ويدلي به عن الأمر أبعد ، وعن الوصول إليه أشحط (٢).

وقد بلغ الأمر ببني اُميّة أنّهم لا يحتملون لشخص أن يجمع بين اسم علي وكنيته.

__________________

(١) شرح النهج ٤ / ٥٦ الخطبة ٥٧. قال كثير بن عبد الرحمن يمدح عمر ويذكر قطعه للسبّ :

وليتَ فلم تشتم عليّاً ولم تخف

بريّاً ولم تقبل إساءةَ مجرمِ

(الأغاني ٩ / ٢٥٨ طبعة الدار).

وقال الشريف الرضي :

ياِبنَ عَبدِ العَزيزِ لَو بَكَتِ

العَي نُ فَتىً مِن أُمِيَّةٍ لَبَكَيتُكْ

غَيرَ أَنّي أَقولُ إِنَّكَ قَد طِبتَ

وَإِن لَم يَطِب وَلَم يَزكُ بَيتُكْ

أَنتَ نَزَّهتَنا عَنِ السَبِّ وَالقَذفِ

فَلَو أَمكَنَ الجَزاءُ جَزَيتُكْ

(ديوانه).

وقد ذكر البلاذري في أنساب الأشراف ٨ / ١٩٥ رواية المدائني عن عمر بن عبد العزيز قوله : نشأت على بغض علي لا أعرف غيره ، وكان أبي يخطب فإذا ذكر علياً ونال منه تلجلج ، فقلت : يا أبه ، إنّك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر علي عرفت منّك تقصيراً! قال : أفطنت لذلك؟ قلت : نعم. قال : يابُني ، إنّ الذين من حولنا لو نعلّمهم من حال علي ما نعلم تفرّقوا عنّا. وفي ج ٨ / ١٨٤ قال : كتب عمر إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب عامله على الكوفة : أمّا بعد ، فقد بلغني أنّ من قبلك يسبّون الحجّاج فانههم عن ذلك.

(٢) شرح النهج ٤ / ٥٧.

٦٧

روى ابن سعد في ترجمة علي بن عبد الله بن عباس قال : ويُكنّى أبا محمّد ، ولد ليلة قُتل علي بن أبي طالب (رحمة الله عليه) في شهر رمضان سنة أربعين ، فسمّي باسمه وكنّي بكنيته أبي الحسن ، فقال له عبد الملك بن مروان : لا والله لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعاً ، فغيّر أحدهما. فغيّر كنيته فصيرها أبا محمد (١).

ثمّ تمادى بهم الأمر إلى أنّهم صغَّروا كلّ عَلِيٍّ فقالوا : عُلَيّ.

قال ابن حبان في ترجمة علي بن رباح اللخمي (٢) : وهو الذي يُقال له عُلَيّ بن رباح ، وكان يقول : مَنْ قال لي عَلِيّ ليس منّي في حلّ ؛ وذاك أنّ أهل الشام كانوا يصغِّرون كلّ علي ؛ لِما في قلوبهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٣).

ونقل العلاّمة ابن عقيل رحمه‌الله عن الحافظ السيوطي : أنّه كان في أيّام بني اُميّة أكثر من سبعين ألف منبر يُلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية من ذلك (٤).

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٥ / ٣١٢. أقول : كان هذا من عبد الملك في أيّام خلافته ، وتوفي علي بن عبد الله بن عباس سنة ١١٨.

(٢) علي بن رباح (بخ م ٤ البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة) روى عن عمرو بن العاص ، وسراقة بن مالك بن جعشم ، وفضالة بن عبيد ، والمستورد بن شداد ، وعتبة بن النذر ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومعاوية بن حديج. وفد على معاوية وعلى عبد الملك بن مروان ، ذكره خليفة بن خياط في الطبقة الأولى من أهل مصر ، وقال : عمّر : وذكره محمّد بن سعد في الطبقة الثانية وقال : كان ثقة. وقال سلمة بن شبيب : سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ يقول : كانت بنو اُميّة إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه ، فبلغ ذلك رباحاً ، فقال : هو عُلَيّ. وكان يغضب من عَلِيّ ويحرّج على مَنْ سمّاه به. وقال أبو سعيد بن يونس : ولد سنة خمس عشرة عام اليرموك ، وكان أعور ، ذهبت عينه يوم ذي الصواري في البحر مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة أربع وثلاثين ، وكان يفد لليمانية من أهل مصر على عبد الملك بن مروان ، وكانت له من عبد العزيز بن مروان منزلة ، وهو الذي زفّ أمّ البنين ابنة عبد العزيز بن مروان إلى الوليد بن عبد الملك. مات سنة ١١٤. (تهذيب التهذيب). أقول : والظاهر أنّ قوله : قتلوه ، مصحّف غيروه.

(٣) مشاهير علماء الأمصار ـ لابن حبّان.

(٤) النصائح الكافية / ١٠٤ ، وفيه : وفي ذلك يقول العلاّمة أحمد الحفظي الشافعي في اُرجوزته :

سبعون ألف منبرٍ وعَشَرَهْ

من فوقهنّ يلعنونَ حيدرهْ

٦٨

وقد بقيت أثار هذه التربية عند بعض أتباع بني اُميّة من حملة الحديث حتّى بعد زوال حكم بني اُميّة كما يذكر أصحاب التراجم عن حريز بن عثمان.

قال ابن حجر : حريز بن عثمان أبو عون الحمصي (١) (خ ٤ البخاري والأربعة). قال أحمد : حريز صحيح الحديث إلاّ إنّه يحمل على علي عليه‌السلام. وقال المفضل بن غسان : يُقال في حريز مع تثبته أنّه كان سفيانياً. وقال العجلي : شامي ، ثقة ، وكان يحمل على علي. وقال عمرو بن علي : كان ينتقص علياً وينال منه. وقال في موضع آخر : ثبت شديد التحامل على علي. وقال ابن عمار : يتّهمونه أنّه كان ينتقص علياً ، ويروون عنه ، ويحتجّون به ولا يتركونه. وقال أحمد بن سعيد الدارمي : عن أحمد بن سليمان المروزي : سمعت إسماعيل بن عياش ، قال : عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة ، فجعل يسبّ علياً ويلعنه. قال إسماعيل بن عياش : سمعت حريز بن عثمان يقول : هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لعلي : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» حقّ ، ولكن أخطأ السامع. قلت : فما هو؟ فقال : إنّما هو أنت منّي بمنزلة قارون من موسى. قلت : عمّن ترويه؟ قال : سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر! وقال ابن عدي : وحريز من الأثبات في الشاميين ، ويحدّث عن الثقات منهم ، وقد وثّقه القطان وغيره ، وإنّما وُضَع منه ببغضه لعلي. قال يزيد بن عبد ربه (٢) : قال ابن حجر : وحكى الأزدي في الضعفاء أنّ حريز بن عثمان

__________________

وهذه في جنبها العظائمُ

تصغر بل توجّه اللوائمُ

فهل ترى مَنْ سنّها يعادى

أم لا وهل يستر أم يهادى

أو عالمٌ يقولُ عنه نسكتُ

أجب فإنّي للجواب منصتُ

وليت شعري هل يقال اجتهدا

كقولهم في بغيه أم ألحدا

أليس ذا يؤذيه أم لا فاسمعنْ

إنّ الذي يؤذيه يؤذي مَنْ ومَنْ

بل جاء في حديث اُمّ سلمه

هل فيكم اللهُ يُسبّ مه لمه

عاون أخا العرفان بالجوابِ

وعاد مَنْ عادى أبا ترابِ

وقد حكى الشيخ السيوطي أنّه

قد كان فيما جعلوه سُنَّه

(١) ‏ولد سنة ٨٠ وتوفي في سنة ١٦٣.

(٢) ‏مولده سنة ٨٠ ومات سنة ١٦٣.

٦٩

روى أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أراد أن يركب بغلته جاء علي بن أبي طالب فحلّ حزام البغلة ليقع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال الأزدي : مَنْ كانت هذه حاله لا يُروى عنه. قال ابن حجر : لعله سمع هذه القصة أيضاً من الوليد. وقال غنجار : قيل ليحيى بن صالح : لِمَ لم تكتب عن حريز؟ فقال : كيف أكتب عن رجل صلّيت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتّى يلعن علياً سبعين مرّة! وقال ابن حبان : كان يلعن علياً بالغداة سبعين مرّة ، وبالعشي سبعين مرّة ، فقيل له في ذلك ، فقال : هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي ، وكان داعية إلى مذهبه يتنكب حديثه انتهى. قال ابن حجر : وإنّما أخرج له البخاري لقول أبي اليمان (١) أنّه رجع عن النصب كما مضى نقل ذلك عنه ، والله أعلم (٢).

أقول :

وقد بقيت آثار التربية أيضاً في بعض البلدان فلم يعد أهلها يتحمّلون سماع فضيلة لعلي عليه‌السلام حتّى من محدِّثيهم.

روى الذهبي في ترجمة ابن السقّاء : الحافظ الإمام محدِّث واسط أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان الواسطي ، وقال علي بن محمّد الطيّب الجلابي في تاريخه : ابن السقاء من أئمّة الواسطيين والحفّاظ المتقنين ، توفي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمئة. قال السلفي : سألت الحافظ خميساً الحوزي عن ابن السقاء؟ فقال : هو من مزينة مضر ، ولم يكن سقّاء بل لقب له من وجوه الواسطيين وذوي الثروة والحفظ ، رحَل به أبوه فأسمعه من أبي خليفة وأبي يعلى ، وابن زيدان البجلي والمفضل بن الجندي ، وبارك الله في سنّه وعلمه ، واتّفق أنّه أملى حديث الطير فلم تحتمله نفوسهم ، فوثبوا به وأقاموه وغسلوا

__________________

(١) أبو اليمان الحكم بن نافع البهراني الحمصي ، ولد في حمص سنة ٢٢١ وتوفي وهو ابن ٨٣ سنة ، قال الذهبي : روى عن إسماعيل بن عياش ، وحريز بن عثمان وآخرين ، وعنه البخاري والدارمي ، وأبو زرعة وأبو حاتم ، استقدمه المأمون ليوليه قضاء حمص. وروايته أنّ حريزاً رجع عن النصب من أجل أن يبرئ ساحة شيخه في الرواية ، وقد أثبتنا في كتابنا علم الرجال المقارن أنّه لم يرجع عن النصب.

(٢) تهذيب التهذيب ترجمة حريز.

٧٠

موضعه فمضى ولزم بيته ، فكان لا يحدّث أحداً من الواسطيين ؛ فلهذا قلّ حديثه عندهم ، وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمئة. قال الذهبي : حدّثني ذلك شيخنا أبو الحسن المغازلي (١).

وقد بقيت تربية الانحراف في دمشق عن علي عليه‌السلام بشكل ظاهر بعد أكثر من قرن ونصف من قيام الدولة العباسيّة. قال الإمام النسائي (٢) لمّا سُئل عن سبب تصنيف كتابه الخصائص ، قال : دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير. وصنف كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله (٣).

المنع من نشر حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حقِّ عليٍّ عليه‌السلام :

قال المدائني : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد وفاة الحسن عليه‌السلام سنة ٥١ :

ألا برئت الذمّة ممّن روى حديثاً في مناقب علي وأهل بيته (٤).

وروى سليم بن قيس قال : مرّ معاوية بحلقة من قريش ، فلمّا رأوه قاموا إليه غير عبد الله بن عباس ، فقال له : يابن عباس ، ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلاّ لموجدة عليّ بقتالي إيّاكم يوم صفين؟ يابن عباس ، إنّ ابن عمّي عثمان قُتل مظلوماً. قال ابن عباس : فعمر بن الخطاب قد قُتل مظلوماً ، فسلّم الأمر إلى ولده؟ وهذا ابنه. قال : إنّ عمر قتله مشرك. قال ابن عباس : فمَنْ قتل عثمان؟ قال : قتله المسلمون. قال : فذلك ادحض لحجّتك ؛ إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس إلاّ بحق. قال : فإنّا كتبنا إلى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته ، فكفّ لسانك يابن عباس.

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥.

(٢) كتابه في الحديث يعتبر أحد الكتب الستة المعتبرة عن أهل السنّة. توفي سنة ٣٠٣ هجرية.

(٣) ‏انظر ابن حجر في تهذيب التهذيب (ج ١ ص ٣٣) ترجمة النسائي.

(٤) شرح النهج ١١ / ٤٤.

٧١

قال : فتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال : لا. قال : فتنهانا عن تأويله؟ قال : نعم. قال : فنقرأه ولا نسأل عمّا عنى الله به؟ قال : نعم. قال : فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال : العمل به. قال : فكيف نعمل به حتّى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟

قال : سل عن ذلك من يتأوّله على غير ما تتأوّله أنت وأهل بيتك. قال : إنّما أنزل القرآن على أهل بيتي ، فأسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط؟!

قال : فاقرؤوا القرآن ولا ترووا شيئاً ممّا أنزل الله فيكم ، وممّا قال رسول الله ، وارووا ما سوى ذلك.

قال ابن عباس : قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأبَى اللَّهُ إِلاّ إنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ) التوبة / ٣٢.

قال معاوية : يابن عباس ، اكفني نفسك وكفّ عنّي لسانك ، وإن كنت لا بد فاعلاً فليكن سرّاً ، ولا تسمعه أحداً علانية (١).

اختلاق أخبار قبيحة في علي وأهل بيته عليهم‌السلام :

قال أبو جعفر الإسكافي (ت ٢٢٠) :

إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه‌السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جُعَلاً يُرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه ؛ منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير (٢).

__________________

(١) كتاب سليم بن قيس ٢ / ٧٨٢.

(٢) ومرة الهمداني ، والأسود بن يزيد ، ومسروق الأجدع ، وأبو وائل شقيق ابن سلمة ، وأبو عبد الرحمن السُّلمي

٧٢

أقول : وفيما يلي نماذج من هذه الأحاديث :

روى الزهري أنّ عروة بن الزبير حدّثه ، قال : حدّثتني عائشة ، قالت : كنت عند رسول الله عليه‌السلام إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة ، إنّ هذين يموتان على غير ملّتي ، أو قال : ديني.

وروى عبد الرزاق عن معمر ، قال : كان عند الزهري حديثان عن عروة ، عن عائشة في علي عليه‌السلام ، فسألته عنهما يوماً ، فقال : ما تصنع بهما وبحديثهما؟ الله أعلم بهما ، إنّي لأتهمهما في بني هاشم.

قال ابن أبي الحديد : فأمّا الحديث الأول فقد ذكرناه.

وأمّا الحديث الثاني فهو : إنّ عروة زعم أنّ عائشة حدّثته ، قالت : كنت عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة ، إنّ سَرَّكِ أن تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا. فنظرتُ فإذا العباس وعلي بن أبي طالب.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما مسنداً متّصلاً بعمرو بن العاص ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء ، إنّما وليي الله وصالح المؤمنين (١).

__________________

القارئ ، وقيس بن حازم ، وسعيد بن المسيب ، والزهري ، ومكحول ، وحريز بن عثمان وغيرهم ، انظر شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ٤ / ٦٧ ـ ١١٠.

(١) رواه البخاري ٥ / ٢٢٣٣ (ط الموسوعة الذهبية) ، مسلم ١ / ١٩٧ ، مسند أحمد ٤ / ٢٠٣ وفيها (آل أبي فلان) ، قال ابن حجر في فتح الباري ١٠ / ٤٢٣ قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين : كان في أصل حديث عمرو بن العاص أنّ آل أبي طالب ، فغيّر آل أبي فلان ، كذا جزم به. وتعقّبه بعض الناس وبالغ في التشنيع عليه ، ونسبه إلى التحامل على آل أبي طالب ، ولم يصب هذا المنكر ؛ فإنّ هذه الرواية التي أشار إليها ابن العربي موجودة في مستخرج أبي نعيم من طريق الفضل بن الموفق ، عن عنبسة بن عبد الواحد بسند البخاري عن بيان بن بشر ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص رفعه : أنّ لبني أبي طالب رحماً أبلهاً ببلالها. وقد أخرجه الإسماعيلي من هذا الوجه أيضاً ، لكن أبهم لفظ طالب ، وكأنّ الحامل لمَنْ أبهم هذا الموضع ظنّهم أنّ ذلك يقتضي نقصاً في آل أبي طالب ، وليس كما توهّموه كما سأوضحه إن شاء الله تعالى. قوله (ليسوا بأوليائي) كذا للأكثر ، وفي نسخة من رواية أبي ذر (بأولياء) ، فنقل ابن التين

٧٣

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة الحديث الذي معناه أنّ علياً عليه‌السلام خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسخطه ، فخطب على المنبر وقال : لاها الله ، لا تجتمع ابنة ولي الله وابنة عدو الله أبي جهل ؛ إنَّ فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها ، فإن كان علي يريد ابنة أبي جهل فليفارق ابنتي وليفعل ما يريد. (أو كلاماً هذا معناه) (١).

قال ابن أبي الحديد : هذا الحديث مخرَّج في صحيحي مسلم والبخاري عن المسور بن مخرمة الزهري.

ولشياع هذا الخبر وانتشاره ذكره مروان بن أبي حفصة (٢) في قصيدة يمدح بها الرشيد

__________________

عن الداودي أنّ المراد بهذا النفي مَنْ لم يسلم منهم ، أي فهو من إطلاق الكلّ وإرادة البعض ، والمنفي على هذا المجموع لا الجميع. وقال الخطّابي : الولاية المنفية ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين ، ورجّح ابن التين الأول وهو الراجح ، فإنّ من جملة آل أبي طالب علياً وجعفر ، وهما من أخصّ الناس بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما لهما من السابقة والقدم في الإسلام ونصر الدين ، وقد استشكل بعض الناس صحة هذا الحديث لما نسب إلى بعض رواته من النصب ، وهو الانحراف عن علي وآل بيته. قال ابن حجر : أمّا قيس بن أبي حازم فقال يعقوب بن شيبة : تكلّم أصحابنا في قيس ، فمنهم مَنْ رفع قدره وعظّمه ، وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد حتّى قال بن معين : هو أوثق من الزهري ، ومنهم مَنْ حمل عليه ، وقال : له أحاديث مناكير ، وأجاب مَنْ أطراه بأنّها غرائب وأفراده لا يقدح فيه ، ومنهم مَنْ حمل عليه في مذهبه وقال : كان يحمل على علي ؛ ولذلك تجنّب الرواية عنه كثير من قدماء الكوفيِّين. وأجاب مَنْ أطراه بأنّه كان يقدّم عثمان على علي فقط. قال ابن حجر : والمعتمد عليه أنّه ثقة ثبت مقبول الرواية ، وهو من كبار التابعين ، سمع من أبي بكر الصديق فمَنْ دونه. وقد روى عنه حديث الباب إسماعيل بن أبي خالد ، وبيان بن بشر ، وهما كوفيان ، ولم ينسبا إلى النصب ، لكن الراوي عن بيان وهو عنبسة بن عبد الواحد ، اُموي قد نسب إلى شيء من النصب ، وأمّا عمرو بن العاص وإن كان بينه وبين علي ما كان ، فحاشاه أن يتهم. وللحديث محمل صحيح لا يستلزم نقصاً في مؤمني آل أبي طالب ، وهو : أنّ المراد بالنفي المجموع كما تقدّم ، ويحتمل أن يكون المراد بآل أبي طالب أبو طالب نفسه ، وهو إطلاق سائغ.

(١) انظر البخاري المختصر ٤ / ١٣٦٤ ، مسلم ٤ / ١٩٠٣.

(٢) مروان بن أبي حفصة ، ولد سنة ١٠٥ هجرية ، شاعر ، كان جدّه أبو حفصة مولى لمروان بن الحكم أعتقه يوم الدار ، أدرك زمناً من العهد العباسي ، فقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد. توفّي ببغداد سنة ١٨٢ هجرية.

٧٤

ويذكر فيها ولد فاطمة عليها‌السلام وينحى عليهم ويذمّهم ، وقد بالغ حين ذمّ علياً عليه‌السلام ونال منه ، وأوّلها :

ويا حبذا جُمْلٌ وإن صُرِمَتْ حبلي

سلام على جُمْلٍ وهيهات من جُمْلِ

ثم يقول فيها :

أباه ذوو الشورى وكانوا ذوي عدلِ

أبوكمُ عليٌّ كان أفضلَ منكمُ

وساء رسولَ الله إذ ساء بنتَهُ

بخطبته بنتَ اللعين أبي جهلِ

أراد على بنت النبي تزوُّجاً

ببنت عدوِّ الله يا لك من فعلِ

فذمَّ رسولُ الله صهرَ أبيكمُ

على منبر الإسلام بالمنطق الفصلِ

وحكَّم فيها حاكمَيْنِ أبوكُمُ

هما خلعاه خلع ذي النعل للنعلِ

وقد باعها من بعده الحسنُ ابنُهُ

فقد أُبطلت دعواكم الرثة الحبلِ

وخلَّيتموها وهي في غير أهلِها

وطالبتموها حين صارت إلى أهلِ (١)

__________________

(١) الأغاني ـ لأبي الفرج الأصفهاني ٢٣ / ٢١٤ ـ ٢١٥ ، والأصفهاني يرويها لمروان بن أبي حفصة الأصغر ، وهو مروان بن أبي الجنوب بن مروان الأكبر بن أبي حفصة ، وأنّه أنشدها للمتوكّل العباسي ، وأنّها من مشهور شعره. أمّا ابن أبي الحديد في شرح النهج ٤ / ٦٣ ـ ٦٤ ، فيرويها لجدّه مروان الأكبر ، والذي يظهر أنّها للجدّ ؛ إذ إنّ الحفيد كان يروي شعر جدّه ويتشبه به في الشعر ، ويتقرّب إلى المتوكّل بهجاء آل أبي طالب كما ذكر الأصفهاني ، ولمّا أفضت الخلافة إلى المنتصر تجنّب مذهب أبيه وطرد مروان الأصغر ، وقال : والله لا أذنت للكافر ابن الزانية ، أليس هو القائل : وحكّم فيها حاكمَين أبوكُمُ هما خلعاه خلع ذي النعلِ للنعل؟! الأغاني ٢٣ / ٢١٤ و ٢١٩. قال المسعودي في مروج الذهب ٤ / ٥١ ـ ٥٢ : وكان آل أبي طالب قبل خلافة المنتصر في محنة عظيمة وخوف على دمائهم ، قد مُنعوا زيارة قبر الحسين والغري من أرض الكوفة ، وكذلك مُنع غيرهم من شيعتهم حضور هذه المشاهد ، وكان الأمر بذلك من المتوكِّل سنة ست وثلاثين ومئتين ، وفيها أمر المعروف باذيريج بالسير إلى قبر الحسين بن علي (رضي الله تعالى عنهما) وهدمه ومحو أرضه وإزالة أثره ، وأن يعاقب مَنْ وجد به. فبذل الرغائب لمَنْ تقدّم على هذا القبر ، فكلٌّ خشي العقوبة وأحجم ، فتناول الباذيريج مسحاة وهدم أعالي قبر الحسين عليه‌السلام ، فحينئذ أقدم الفعلة فيه ... ولم تزل الاُمور على ما ذكرنا إلى أن استخلف المنتصر سنة ٢٤٧ هجرية ، فأمن الناس وتقدَّم بالكفِّ عن آل أبي طالب ، وترك البحث عن أخبارهم ،

٧٥

اختلاق الفضائل في الخلفاء الأوائل وفي بني اُميّة :

قال ابن أبي الحديد : قد روى ابن عرفة المعروف بـ (نفطويه) (١) ، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم في تاريخه ، قال : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني اُميّة (٢).

قال المدائني :

كتب معاوية إلى عمّاله : انظروا من قبلكم من شيعة عثمان الذين يروون فضائله ومناقبه ، فادنوا مجالسهم ، وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه واسم أبيه وعشيرته.

ففعلوا ذلك حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ؛ لِما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكُسا ، والحباء والقطائع ، ويفضيه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمّال

__________________

وأن لا يمنع أحد زيارة الحيرة لقبر الحسين (رضي الله تعالى عنه) ، ولا قبر غيره من آل أبي طالب ، وأمر بردِّ فدك إلى ولد الحسن والحسين ، وأطلق أوقاف آل أبي طالب ، وترك التعرُّض لشيعتهم ودفع الأذى عنهم ، .... وفي ذلك يقول يزيد بن محمّد المهلبي ، وكان من شيعة آل أبي طالب ، وما كان امتحن به الشيعة في ذلك الوقت ، وأغريت بهم العامة :

ولقد بررتَ الطالبيةَ بعدما

ذمّوا زماناً بعدها وزمانا

ورددتَ اُلفةَ هاشمٍ فرأيتهم

بعد العداوةِ بينهم إخوانا

آنستَ ليلهمُ وجدتَ عليهمُ

لرأوك أثقل مَنْ بها ميزانا

لو يعلمُ الأسلافُ كيفَ بررتهمْ

حتّى نسوا الأحقادَ والأضغانا

(١) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ / ٧٥ : هو الإمام الحافظ النحوي العلاّمة الإخباري إبراهيم بن محمّد بن عرفة بن سليمان العتكي الأزدي الواسطي ، ولد سنة ٢٤٤ وتوفي سنة ٣٢٣ هجـ ، صاحب التصانيف ، وكان ذا سنّة ودين ، من تصانيفه (تاريخ الخلفاء).

(٢) شرح النهج ١١ / ٤٤.

٧٦

معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه وقرّبه وشفّعه ، فلبثوا في ذلك حيناً.

قال المدائني :

ثمّ كتب إلى عمّاله : إنّ الحديث في عثمان قد كثر ، وفشا في كلّ مصر ، وفي كلّ وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة ، والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ واتوني بمناقض له في الصحابة ؛ فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان وفضله.

فقُرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجرى الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتّى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم … ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة (١).

أقول : وممّا وضع في فضل معاوية :

ما رواه أحمد قال : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا علي بن بحر ، ثنا الوليد بن مسلم (ت سنة ١٩٥) ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدي ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ذكر معاوية وقال : اللّهمّ اجعله هادياً مهديّاً واهدِ به (٢).

__________________

(١) المصدر نفسه ..

(٢) مسند أحمد ٤ / ٢١٦ ، جامع الترمذي ٥ / ٦٨٧ ، المعجم الأوسط ١ / ٣٨٠ ، الآحاد والمثاني ٢ / ٣٥٨ ، مسند الشاميين ١ / ١٨١.

٧٧

ترويع شيعة عليٍّ عليه‌السلام :

قال المدائني : كتب معاوية إلى قضاته وولاته في الأمصار أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي الذين يروون فضله ويتحدّثون بمناقبه شهادة.

ثمّ كتب أيضاً : انظروا مَنْ قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان.

ثمّ كتب كتابا آخر : مَنْ اتهمتموه ولم تقم عليه بيّنة فاقتلوه (١).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ١١ / ٤٥.

٧٨

الفصل الثاني : خطّة معاوية لتصفية التشيّع في الكوفة

عقبتان أمام مخطّط معاوية بعد وفاة الحسن عليه‌السلام :

كان للكوفة في نظر معاوية أكثر من جُرم ، فقد انطلقت منها الشرارة الأولى في الاعتراض على سياسة ولاة عثمان ، ثمّ هي مركز أنصار علي وشيعته ، وهي القاعدة الصلبة التي استند إليها الحسن عليه‌السلام لتحقيق أهدافه في الصلح ، وجعلت معاوية يعاني جهداً نفسياً كبيراً مدّة تسع سنوات ليظهر بمظهر الحليم ، ويتحمّل انتشار أحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ علي عليه‌السلام ، وانتشار سيرته المشرقة في الشام وغيرها ، ويكرم وجوه أصحابه وهم ألدّ أعدائه.

وضع معاوية في حسابه أن يبذل كلّ جهده لتغيير وجهة الولاء الفكري والسياسي في الكوفة الذي كان لصالح علي وولده الطاهرين عليهم‌السلام ، وتحويلها إلى مدينة موالية لبني اُميّة ، وليس من شك أنّه أمر عسير جداً ، ودونه عقبات كؤود أهمّها عقبتان اثنتان بعد أن تخلّص من الحسن عليه‌السلام ، وهما :

١ ـ الجيش (١) والشرطة ؛ فإنّ النسبة الغالبة منهم إن لم يكونوا كلّهم شيعة علي عليه‌السلام.

٢ ـ الوجوه البارزة في المجتمع ، واغلبهم من الشيعة ، وفيهم رموز العلم والتقوى ؛ أمثال : حجر بن عدي الكندي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وغيرهما من الصحابة والتابعين.

__________________

(١) كانت مجموع المقاتلة ستّين ألف ، وكان المقاتلة الفعليّون كلّ سنة عشرة آلاف.

٧٩

الجيش والشرطة :

اعتمد معاوية في خطته لغربلة الجيش وقوى الأمن الداخلي في الكوفة من كلّ شيعي فيه ، واستبداله بشيعة بني اُميّة بمرحلتين أساسيتين :

المرحلة الأولى : في حياة الإمام الحسن عليه‌السلام :

ويبدو أنّ أهم وسيلة اعتمدها معاوية في هذه المرحلة هي مقاتلة الخوارج وملاحقتهم ؛ فإنّ المخلصين والواعين من الشيعة كانوا يمتنعون من مقاتلة الخوارج ؛ للكلام المأثور عن علي عليه‌السلام : «لا تقاتلوا الخوارج بعدي ؛ فإنّه ليس مَنْ طلب الحقّ فأخطأه كمَنْ عرف الباطل وأصابه» (١). وقال عليه‌السلام : «إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم ، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم ؛ فإنّ لهم بذلك مقالاً» (٢).

المرحلة الثانية : بعد وفاة الإمام الحسن عليه‌السلام :

وكان اُسلوب الغربلة في هذه المرحلة يعتمد على سياسة الدولة في لعن علي عليه‌السلام

__________________

(١) قال ابن عبد البر في الاستيعاب بترجمة خالد بن عرفطة : لمّا سلّم الأمر الحسن لمعاوية خرج عليه عبد الله بن أبي الحوساء في جمادى سنة ٤١ بالنخيلة ، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة (أيضاً تاريخ خليفة بن خياط / ٢٠٣) ، ثمّ خرج حوثرة بن وداع ، فسرح إليه معاوية عبد الله بن عوف بن أحمر في ألف ، فقُتل حوثرة في جمادي الآخرة سنة ٤١ (تاريخ ابن خياط / ٢٠٤). ثمّ خرج فروة بن نوفل على المغيرة بعد رحيل معاوية ، فوجّه إليه المغيرة شبث بن رِبعي ، ويُقال : معقل بن قيس ، فقتله ، ثمّ خرج شبيب بن بَجَرَة ، خرج على المغيرة بالقُفِّ قريب الكوفة ، فبعث إليه المغيرة خالد بن عرفطة فقتله (وفي رواية ابن خياط وجّه إليه كثير بن شهاب الحارثي فقتله في أذربيجان). ثمّ خرج أبو مريم مولى بني الحارث بن كعب ، فوجّه إليه المغيرة جابراً البجلي فقتله ، ثمّ خرج أبو ليلى ومعه ثلاثون من الموالي ، بعث إليه المغيرة معقل بن قيس الرياحي فقتله (ابن الأثير ٣ / ٤١١ ـ ٤١٢) ، ثمّ خرج المستورد بن عُلِّفَة غرة شعبان سنة ٤٣ ، فبعث إليه المغيرة معقل بن قيس فقتله (ابن الأثير ٣ / ٤٢١) ، ثمّ خرج سهم بن غالب الهجيمي ومعه زياد بن مالك الخطيم بناحية البصرة ، فخرج إليهم عبد الله بن عامر (تاريخ ابن خياط / ٢٠٤).

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٨ / ٧٣٨.

٨٠