الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

السيّد سامي البدري

الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام

المؤلف:

السيّد سامي البدري


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: ياسين
الطبعة: ١
ISBN: 964-499-093-5
الصفحات: ٥٢٧

ابن سالم ، عن هاشم بن البريد ، عن بيان بن أبي بشر ، عن زاذان ، عن عبد الله قال : قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين سورة ، وختمت القرآن على خير النّاس عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه).

الكامل في الضعفاء : حدّثنا جعفر بن أحمد بن عليّ بن بيان الغافقي ، ثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إسحاق الكوفي الأنصاري ، ثنا أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي ، عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان بن عمر ، عن سلمان الفارسي قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضرب فخذ عليّ بن أبي طالب وصدره ، وسمعته يقول : «محبّك محبّي ، ومحبّي محبّ الله ، ومبغضك مبغضي ، ومبغضي مبغض الله».

المعجم الكبير ٦ / ٢٤١ : ، حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي والحسين بن إسحاق التستري قال : ثنا يحيى الحماني ، ثنا قيس بن الربيع ، عن محمّد بن رستم ، عن زاذان ، عن سلمان (رضي الله تعالى عنه) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَنْ أحب الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومَنْ أبغضهما أبغضته ، ومَنْ أبغضته أبغضه الله».

الحسكاني ٢ / ١٧ بسنده عن أبي اليقظان (١) ، عن زاذان ، عن الحسن بن عليّ قال : «لمّا

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٧ / ١٣٢ : عثمان بن عمير البجلي ، أبو اليقظان الكوفي الأعمى ، ويُقال : ابن قيس ، ويُقال : ابن أبي حميد. روى عن أنس وزيد بن وهب ، وأبي الطفيل وأبي وائل ، وعدي بن ثابت وأبي حرب بن الأسود وغيرهم. وعنه حصين بن عبد الرّحمن ، وهو من أقرانه ، والأعمش وشعبة ، والثوري وشريك ، ومهدي بن ميمون وآخرون. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال أبي عثمان بن عمير (أبو اليقظان) ، ويُقال : عثمان بن قيس ضعيف الحديث. كان ابن مهدي ترك حديثه ، وقال أبي : خرج في الفتنة مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن. وقال عمرو بن عليّ : لم يرضَ يحيى ولا عبد الرّحمن أبا اليقظان. وقال الدوري عن ابن معين : ليس حديثه بشيء ، وقال ابن أبي حاتم : ثنا أبي سألت محمّد بن عبد الله بن نمير عن عثمان بن عمير فضعّفه. قال : وسألت أبي عنه ، فقال : ضعيف الحديث ، منكر الحديث ، كان شعبة لا يرضاه ، وذكر أنّه حضره فروى عن شيخ ، فقال له شعبة : كم سنّك؟ فقال : كذا ، فإذا قد مات الشيخ وهو ابن سنتين. وقال إبراهيم بن عرعرة ، عن أبي أحمد الزبيري : كان الحارث بن حصين ، وأبو اليقظان يؤمنان بالرجعة ، ويُقال : كان يغلو في التشيّع. قلت : نسبه أحمد بن حنبل فقال : هو عثمان بن عمير بن

٤٤١

نزلت جمعنا رسول الله وإياه في كساء خيبري ، ثمّ قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم وطهّرهم تطهيراً».

الحسكاني ٢ / ١٤٣ ، تاريخ إصبهان ٢ / ١٦٥ بسنده عن أبي هاشم الرماني ، عن زاذان ، عن عليّ قال : «إنّه لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن». ثمّ قرأ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).

روايات زر بن حبيش (ت ٨١) وهو ابن مئة واثنتان وعشرون سنة :

صحيح مسلم ١ / ٨٦ : بقي بن مخلّد (١٣٢٥) ، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا وكيع وأبو معاوية ، عن الأعمش ح ، وحدّثنا يحيى بن يحيى واللفظ له ، أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر قال : قال عليّ : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النّبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليَّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق».

المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٨ : حدّثنا أبو سعيد عمرو بن محمّد بن منصور العدل ، ثنا السري بن خزيمة ، ثنا عثمان بن سعيد المري ، ثنا عليّ بن صالح ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله (رضي الله تعالى عنه) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «الحسن والحسين

__________________

عمرو بن قيس البجلي ، وقد ينسب إلى جدّ أبيه. ذكره البخاري في الأوسط في فصل مَنْ مات ما بين العشرين ومئة إلى الثلاثين. وقال : منكر الحديث ، ولم يسمع من أنس. وقال في الكبير : كان يحيى وعبد الرّحمن لا يحدّثان عنه ، وهو ابن قيس البجلي ، وهو عثمان بن أبي حميد الكوفي. وقال الجوزجاني ، عن أحمد : منكر الحديث ، وفيه ذلك الداء. قال : وهو على المذهب منكر الحديث. وقال البرقاني ، عن الدارقطني : متروك. وقال الحاكم ، عن الدارقطني : زائغ لم يحتج به. وقال ابن عبد البر : كلّهم ضعفه. وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوي عندهم. وقال ابن حبان : اختلط حتّى كان لا يدري ما يقول ، لا يجوز الاحتجاج به. وقال ابن عدي : رديء المذهب ، غال في التشيّع ، يؤمن بالرجعة ، ويكتب حديثه مع ضعفه. تقريب التهذيب ١ / ٦٦٣ : عثمان بن عمير بالتصغير ، ويُقال : ابن قيس ، والصواب أنّ قيساً جدّ أبيه ، وهو عثمان بن أبي حميد أيضاً البجلي ، أبو اليقظان الكوفي الأعمى ، ضعيف واختلط ، وكان يدلّس ويغلو في التشيّع ، من السادسة ، مات في حدود الخمسين ومئة د ت ق.

٤٤٢

سيدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما خير منهما». هذا حديث صحيح بهذه الزيادة ولم يخرجاه.

الإصابة ٢ / ١٥ : حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي له ولأبيه ولأخيه عبد الله صحبة. ذكره بن شاهين في الصّحابة ، وروى حديثه ابن عقدة في كتاب الموالاة بإسناد ضعيف من رواية أبي مريم ، عن زر بن حبيش قال : قال عليّ : «مَنْ ها هنا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟». فقام اثنا عشر رجلاً ، منهم : قيس بن ثابت ، وحبيب بن بديل بن ورقاء فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «مَنْ كنت مولاه فعلى مولاه». قال في الإصابة في ترجمة الحسن : وعند أبي يعلى من طريق عاصم ، عن زر ، عن عبد الله كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فإذا قضى الصلاة وضعهما في حجره ، فقال : «مَنْ أحبّني فليحبّ هذين».

روى ابن الأثير في اُسد الغابة ١ / ٣٦٨ عن كتاب الموالاة لابن عقدة بإسناده ، عن أبي مريم زر بن حبيش قال : خرج عليّ بن القصر فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف ، فقالوا : السّلام عليّك يا أمير المؤمنين ، السّلام عليّك يا مولانا ، ورحمة الله وبركاته. فقال عليّ عليه‌السلام : «مَنْ ها هنا من أصحاب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟». فقام اثنا عشر ، منهم : قيس بن ثابت بن شماس ، وهاشم بن عتبة ، وحبيب بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا أنّهم سمعوا النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «مَنْ كنت مولاه فعليّ مولاه».

روايات عبد الله بن الحارث بن نوفل (ت ٨٤) :

السنن الكبرى ٥ / ١٥١ : أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال : حدّثنا عليّ بن ثابت قال : حدّثنا منصور بن أبي الأسود ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عبد الله بن الحارث ، عن جدّه ، عن عليّ قال : «مرضت فعادني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخل عليّ وأنا مضطجع ، فاتّكأ إلى جنبي ، ثمّ سجاني بثوبه ، فلمّا رآني قد هديت

٤٤٣

قام إلى المسجد يصلّي ، فلمّا قضى صلاته جاء فرفع الثوب عنّي وقال : قم يا عليّ فقد برئت. فقمت كأنّما لم أشتك شيئاً قبل ذلك ، فقال : ما سألت ربّي شيئاً في صلاتي إلاّ أعطاني ، وما سألت لنفسي شيئاً إلاّ وقد سألت لك».

خالفه جعفر بن زياد الأحمر فقال : عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عليّ.

أقول : في كتاب السنّة ـ لبقي بن مخلّد / ١٣٢٣ عن محمّد بن عبد الرحيم أبي يحيى وسليمان بن عبد الجبار قال : حدّثنا عليّ بن قادم ، عن جعفر بن زياد الأحمر ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن الحارث … وفي آخره قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إلاّ أعطانيه ، إلاّ أنّه قال لي : لا نبي بعدك». قال القاضي : لا أعرف في فضيلة عليّ حديثاً أفضل منه.

مصنف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٣ : معاوية بن هشام قال : ثنا عمار ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عليّ قال : «إنّما مثلنا في هذه الأمّة كسفينة نوح ، وكباب حطّة في بني إسرائيل».

تاريخ الطبري ٢ / ٣٢٠ : حدّثنا ابن حميد قال : حدّثنا سلمة قال : حدّثني محمّد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عبّاس ، عن عليّ بن أبي طالب قال : «لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأْقْرَبِينَ) دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا عليّ ، إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعاً ، وعرفت أنّي متى اُباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت عليه حتّى جاءني جبرئيل فقال : يا محمّد ، إنّك إلاّ تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك. فاصنع لنا صاعاً من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عساً من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطلب حتّى اُكلّمهم واُبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ، ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه : أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب. فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي

٤٤٤

صنعت لهم فجئت به ، فلمّا وضعته تناول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حذية من اللحم فشقّها بأسنانه ، ثمّ ألقاها في نواحي الصحفة ، ثمّ قال : خذوا بسم الله ، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء حاجة ، وما أرى إلاّ موضع أيديهم. وأيم الله الذي نفس عليّ بيده ، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم ، ثمّ قال : اسق القوم. فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتّى رووا منه جميعاً. وأيم الله ، إنّ كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله. فلمّا أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكلّمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لهدّ ما سحركم صاحبكم! فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. قال : الغد يا عليّ ، إنّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرّق القوم قبل أن اُكلّمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثمّ اجمعهم إليّ». قال : «ففعلت ثمّ جمعتهم ، ثمّ دعاني بالطعام فقرّبته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتّى ما لهم بشيء حاجة ، ثمّ قال : اسقهم. فجئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا منه جميعاً ، ثمّ تكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بني عبد المطلب ، إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟». قال : «فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت ، وإنّي لأحدثهم سنّاً ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثمّ قال : إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا». قال : «فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لأبنك وتطيع» (١).

المعجم الكبير ٢٢ / ٤٠٥ ، حدّثنا محمّد بن حيان المازني ، ثنا كثير بن يحيى ، ثنا سعيد بن عبد الكريم بن سليط وأبو عوانة ، عن داود بن أبي عوف أبي الجحاف ، عن عبد الرّحمن بن أبي زناد أنّه سمع عبد الله بن الحارث بن نوفل يقول : ثنا أبو سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على فاطمة ذات يوم وعليّ نائم ، وهي مضطجعة وأبناؤها إلى

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ / ٣٢١.

٤٤٥

جنبها ، فاستسقى الحسن فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى لقحة فحلب لهم فأتى به ، فاستيقظ الحسين فجعل يعالج أن يشرب قبله حتّى بكى ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ أخاك استسقى قبلك». فقالت فاطمة : «كأنّ الحسن آثر عندك!». قال : «ما هو بآثر عندي منه ، وإنّما هما عندي بمنزلة واحدة ، وإنّي وإياكِ وهما وهذا النائم لفي مكان واحد يوم القيامة».

روايات عبد الرّحمن بن أبي ليلى (قُتل ٨٢) :

الدّرّ المنثور ٥ / ١٧٨ : أخرج ابن أبي حاتم ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى رضي‌الله‌عنه في قوله (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) قال : نزلت في علي بن أبي طالب رحمه‌الله والوليد بن عقبة.

السنن الكبرى ٥ / ١٠٨ : أخبرنا أحمد بن سليمان قال : حدّثنا عبيد الله قال : أخبرنا بن أبي ليلى ، عن الحكم والمنهال ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه : أنّه قال لعليّ وكان يسير معه : إنّ النّاس قد أنكروا منك أنّك تخرج في البرد في الملاءتين ، وتخرج في الحرّ في الحشو والثوب الغليظ. قال : «أوَ لم تكن معنا بخيبر؟». قال : بلى. قال : «فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر وعقد له لواء فرجع ، وبعث عمر وعقد له لواء فرجع بالناس ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، ليس بفرار. فأرسل إليّ وأنا أرمد ، قلت : إنّي أرمد. فتفل في عيني وقال : اللّهمّ اكفه أذى الحرّ والبرد ، فما وجدت حرّاً بعد ذلك ولا برداً».

المستدرك ٢ / ٥٢٤ : أخبرني عبد الله بن محمّد الصيدلاني ، حدّثنا محمّد بن أيوب ، أنبأ يحيى بن المغيرة السعدي ، حدّثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال : قال عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي ؛ آيّة النجوى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ

٤٤٦

آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً). قال : «كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فناجيت النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكنت كلّما ناجيت النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قدّمت بين يدي نجواي درهماً ، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد ، فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ). هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

السنن الكبرى ٦ / ٢٠٤ : أخبرنا أحمد بن سليمان قال : حدّثنا يزيد قال : حدّثنا العوام قال : حدّثني عمرو بن مرة ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن عليّ (رضي الله تعالى عنه) قال : «أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى وضع قدمه بيني وبين فاطمة ، فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضجعنا : ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وثلاثاً وثلاثين تحميدة ، وأربعاً وثلاثين تكبيرة». قال عليّ : «فما تركتها بعد». قال له رجل : ولا ليلة صفين؟ قال : «ولا ليلة صفين».

المعجم الكبير ٧ / ٧٧ : حدّثنا عليّ بن عبد العزيز ، ثنا ضرار بن صرد أبو نعيم ، ثنا عليّ بن هشام ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي فروة ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله». فدعا عليّاً ، فأعطاه إيّاها.

مسند أحمد ١ / ١١٩ : حدّثنا عبد الله ، حدّثني عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يونس بن أرقم ، ثنا يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال : شهدت عليّاً (رضي الله تعالى عنه) في الرحبة ، ينشد النّاس : «أنشد الله مَنْ سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم : مَنْ كنت مولاه فعلى مولاه لما قام». فشهد قال عبد الرّحمن : فقام اثنا عشر بدريّاً كأنّي أنظر إلى أحدهم فقالوا : نشهد إنّا سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجي اُمّهاتهم؟». فقلنا : بلى يا رسول الله. قال : «فمَنْ كنت مولاه فعلى مولاه ، اللّهمّ والِ مَنْ والاه ، وعادِ مَنْ عاداه».

مسند أحمد ١ / ١١٩ : حدّثنا عبد الله ، ثنا أحمد بن عمر الوكيعي ، ثنا زيد بن الحباب ، ثنا

٤٤٧

الوليد بن عقبة بن نزار العنسي ، حدّثنا سماك بن عبيد بن الوليد العبسي قال : دخلت على عبد الرّحمن بن أبي ليلى فحدّثني أنّه شهد عليّاً (رضي الله تعالى عنه) في الرحبة قال : «أنشد الله رجلاً سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وشهده يوم غدير خم إلاّ قام ، ولا يقوم إلاّ مَنْ قد رآه». فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا : قد رأيناه وسمعناه ، حيث أخذ بيده يقول : «اللّهمّ والِ مَنْ والاه ، وعادِ مَنْ عاداه ، وانصر مَنْ نصره ، واخذل مَنْ خذله». فقام إلاّ ثلاثة لم يقوموا ، فدعا عليهم فأصابتهم دعوته.

شرح نهج البلاغة ١٤ / ١١ : قال أبو مخنف : فحدّثني موسى بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : … لمّا دخل الحسن وعمّار الكوفة اجتمع إليهما النّاس ، فقام الحسن فاستنفر النّاس ، فحمد الله وصلّى على رسوله ، ثمّ قال : «أيّها النّاس ، إنّا جئنا ندعوكم إلى الله وإلى كتابه وسنّة رسوله ، وإلى أفقه مَنْ تفقّه من المسلمين ، وأعدل مَنْ تعدلون ، وأفضل مَنْ تفضّلون ، وأوفى مَنْ تبايعون. مَنْ لم يعبه القرآن ، ولم تجهله السنّة ، ولم تقعد به السابقة إلى مَنْ قرّبه الله تعالى إلى رسوله قرابتين ؛ قرابة الدين وقرابة الرحم ، إلى مَنْ سبق النّاس إلى كلّ مأثرة ، إلى مَنْ كفى الله به رسوله والنّاس متخاذلون ، فقرب منه وهم متباعدون ، وصلّى معه وهم مشركون ، وقاتل معه وهم منهزمون ، وبارز معهم وهم محجمون ، وصدَّقه وهم يكذِّبون. إلى مَنْ لم ترد له رواية ، ولا تُكفا له سابقة ، وهو يسألكم النصر ، ويدعوكم إلى الحقّ ، ويأمركم بالمسير إليه لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته ، وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ، ومثلوا بعمّاله ، وانتهبوا بيت ماله ، فاشخصوا إليه رحمكم الله ، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، واحضروا بما يحضر به الصالحون».

شرح نهج البلاغة ١٩ / ٣٠٥ : وروى ابن جرير الطبري في تاريخه ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى الفقيه ، وكان ممّن خرج لقتال الحجّاج مع ابن الأشعث ، إنّه قال فيما كان يحضّ به النّاس على الجهاد : إنّي سمعت عليّاً رفع الله درجته في الصالحين ، وأثابه ثواب الشهداء والصديقين يقول يوم لقينا أهل الشام : «أيّها المؤمنون ، إنّه مَنْ رأى عدواناً يُعمل به ، ومنكراً يُدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم وبريء ، ومَنْ أنكره بلسانه فقد أجر وهو أفضل من

٤٤٨

صاحبه ، ومَنْ أنكره بالسيف لتكون كلمة الله هي العليّا وكلمة الظالمين السفلى ، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ، وقام على الطريق ، ونُوّر في قلبه اليقين» (١).

تفسير الطبري ٢٦ / ١٢٦ : حدّثنا محمّد بن بشار قال : ثنا عبد الرّحمن قال : ثنا سفيان ، عن هلال الوزان ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى في قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات / ٦) ، قال : نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

روايات قيس بن عبّاد (قتله الحجاج ٨٣) :

البخاري ٤ / ١٤٥٨ : حدّثني محمّد بن عبد الله الرقاشي ، حدّثنا معتمر قال : سمعت أبي يقول : حدّثنا أبو مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) أنّه قال : «أنا أوّل مَنْ يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة». وقال قيس بن عباد : وفيهم اُنزلت : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ ...). قال : هم الذين تبارزوا يوم بدر : حمزة ، وعليّ ، وعبيدة (أو أبو عبيدة بن الحارث) ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة.

روايات زيد بن وهب الجهني (ت ٨٤ ، وقيل : ٩٦) :

السنن الكبرى : أخبرني زكريا بن يحيى قال : حدّثنا عثمان قال : حدّثنا عبد الله بن نمير قال : حدّثنا مالك بن مغول (المصنف لابن أبي شيبة ١٢ / ٦٢ الحديث رقم

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٩ / ٣٠٦ قال ابن أبي الحديد : وقال عليه‌السلام في كلام له غير هذا يجري هذا المجرى : «فمنهم المنكر للمنكر بيده ولسانه وقلبه فذلك المستكمل لخصال الخير ، ومنهم المنكر بلسانه وقلبه والتارك بيده فذلك متمسّك بخصلتين من خصال الخير ومضيّع خصلة ، ومنهم المنكر بقلبه والتارك بيده ولسانه فذاك الذي ضيع أشرف الخصلتين من الثلاث وتمسّك بواحدة ، ومنهم تارك لإنكار المنكر بلسانه وقلبه ويده فذلك ميّت الأحياء. وما أعمال البرّ كلّها والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلاّ كنفثة في بحر لجيّ ، وإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقرّبان من أجل ، ولا ينقصان من رزق ، وأفضل من ذلك كلّه كلمة عدل عند إمام جائر».

٤٤٩

/ ١٢١٢٨ عبد الله بن نمير) عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي سليمان الجهني قال : سمعت عليّاً على المنبر يقول : «أنا عبد الله ، وأخو رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يقولها إلاّ كذّاب مفتري». فقال رجل : أنا عبد الله وأخو رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخُنق فحُمل.

السنن الكبرى ٥ / ١٦٣ : أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سلمة بن كهيل قال : حدّثنا زيد بن وهب أنّه كان في الجيش الذين كانوا مع عليّ الذين ساروا إلى الخوارج ، فقال عليّ : «أيّها النّاس ، إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : سيخرج قوم من اُمّتي يقرؤون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم شيئاً ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئاً ، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئاً. يقرؤون القرآن يحسبون أنّه لهم وهو عليهم ، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لو يعلمون الجيش الذي يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله لاتكلوا عن العمل ، وآية ذلك أنّ فيهم رجلاً له عضد وليست له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة ثدي المرأة ، عليه شعرات بيض ، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم. والله إنّي لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ؛ فإنّهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح النّاس ، فسيروا على اسم الله». قال سلمة : فنزلني زيد منزلاً منزلاً حتّى مررنا على قنطرة ، فلمّا التقينا على الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي ، فقال لهم : ألقوا الرماح ، وسلّوا سيوفكم من جفونها ؛ فإنّي أخاف أن يناشدوكم. قال : فسلّوا السيوف وألقوا جفونها ، وشجرهم النّاس (يعني برماحهم) ، فقتل بعضهم على بعض ، وما أُصيب من النّاس يومئذ إلاّ رجلان. قال عليّ : «التمسوا فيهم المخدّج». فلم يجدوه ، فقام عليّ بنفسه حتّى أتى ناساً قتلى بعضهم على بعض ، قال : «جرّدوهم». فوجدوه ممّا يلي الأرض ، فكبّر عليّ وقال : «صدق الله ، وبلّغ صلى‌الله‌عليه‌وآله». فقام إليه عبيدة السلماني فقال : يا أمير المؤمنين ، والله الذي لا إله إلاّ هو سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : «أي والله الذي لا إله إلاّ هو ،

٤٥٠

لسمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» ، حتّى استحلفه ثلاثاً وهو يحلف له.

شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٧٦ : روى إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب قال : لمّا شجرهم علي عليه‌السلام بالرماح قال : «اطلبوا ذا الثدية». فطلبوه طلباً شديداً حتّى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى ، فاُتي به وإذا رجل على ثديه مثل سبلات السنور ، فكبّر علي عليه‌السلام وكبّر النّاس معه سروراً بذلك.

المعجم الكبير ١٠ / ١٨٣ : حدّثنا عبدان بن أحمد ، ثنا يحيى بن حاتم العسكري ، ثنا بشر بن مهران ، ثنا شريك ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب ، عن بن مسعود قال : أوّل شيء علمت من أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قدمت مكّة في عمومة لي ، فاُرشدنا على العباس بن عبد المطلب ، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فجلسنا إليه ، فبينا نحن عنده إذ (أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة ، له وفرة جعد إلى أنصاف أذنيه ، أشم ، أقنى ، أذلف ، براق الثنايا ، أدعج العينين ، كث اللحية ، دقيق المسربة ، شثن الكفين والقدمين ، عليه ثوبان أبيضان كأنّه القمر ليلة البدر). يمشي على يمينه غلام أمرد حسن الوجه ، مراهق أو محتلم ، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها ، حتّى قصد نحو الحجر فاستلمه ، ثمّ استلم الغلام ، ثمّ استلمت المرأة ، ثمّ طاف بالبيت سبعاً والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثمّ استلم الركن ورفع يديه وكبّر ، وقام الغلام عن يمينه ورفع يديه ، وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبّرت ، وأطال القنوت ، ثمّ ركع فأطال الركوع ، ثمّ رفع رأسه من الركوع فقنت وهو قائم ، ثمّ سجد وسجد الغلام والمرأة معه ، يصنعان مثل ما يصنع ويتبعانه. قال : فرأينا شيئاً لم يكن نعرفه بمكة ، فأنكرنا ، فأقلبنا على العباس فقلنا : يا أبا الفضل ، إنّ هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم ، أشيء حدث؟ قال : أجل والله ، أما تعرفون هذا؟ قلنا : لا. قال : هذا ابن أخي محمّد بن عبد الله ، والغلام عليّ بن أبي طالب ، والمرأة خديجة بنت خويلد. أمّا والله ، ما على ظهر الأرض أحد يعبد الله على هذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة.

المعجم الكبير ٥ / ١٧١ : حدّثنا إبراهيم بن نائلة الإصبهاني ، ثنا إسماعيل بن

٤٥١

عمرو البجلي ، ثنا أبو إسرائيل الملائي ، عن الحكم ، عن أبي سليمان زيد بن وهب ، عن زيد بن أرقم قال : ناشد عليّ النّاس في الرحبة مَنْ سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول الذي قال له ، فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «اللّهمّ مَنْ كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ والِ مَنْ والاه ، وعادِ مَنْ عاداه». قال زيد بن أرقم : فكنت فيمَنْ كتم فذهب بصري ، وكان عليّ (رضي الله تعالى عنه) دعا على مَنْ كتم.

فتح الباري ١٣ / ٥٧ : أخرج البزّار من طريق زيد بن وهب قال : بينا نحن حول حذيفة إذ قال : كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيّكم فرقتين يضرب بعضكم وجوه بعض بالسيف؟ قلنا : يا أبا عبد الله ، فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك؟ قال : انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر عليّ بن أبي طالب ؛ فإنّها على الهدى.

تاريخ الطبري ٥ / ١٦ : قال أبو مخنف : حدّثني مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب الجهني أنّ ابن بديل قام في أصحابه فقال : ألا إنّ معاوية ادّعى ما ليس أهله ، ونازع هذا الأمر مَنْ ليس مثله ، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب ، قد زيّن لهم الضلالة ، وزرع في قلوبهم حبّ الفتنة ، ولبس عليهم الأمر ، وزادهم رجساً إلى رجسهم. وأنتم على نور من ربّكم وبرهان مبين ؛ فقاتلوا الطغاة الجفاة ولا تخشوهم ، فكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب الله عزّ وجلّ طاهراً مبروراً؟ أَتَخْشَوْنَهُمْ؟ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ ، يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وقد قاتلناهم مع النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مرّة ، وهذه ثانية ، والله ما هم في هذه بأتقى ولا أزكى ولا أرشد ، قوموا إلى عدوّكم بارك الله عليكم. فقاتل قتالاً شديداً هو وأصحابه.

تاريخ الطبري ٥ / ٢٥ : قال أبو مخنف : حدّثني مالك بن أعين الجهني ، عن زيد بن وهب أنّ عليّاً لمّا رأى ميمنته قد عادت إلى مواقعها ومصافها ، وكشفت مَنْ بإزائها من عدوّها حتّى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم ، أقبل حتّى انتهى إليهم ، فقال : «إنّي قد رأيت

٤٥٢

جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ، يحوزكم الطغاة الجفاة ، وأعراب أهل الشام ، وأنتم لهاميم (١) العرب ، والسنام الأعظم ، وعمّار الليل بتلاوة القرآن ، وأهل دعوة الحقّ إذ ضلّ الخاطئون. فلولا إقبالكم بعد إدباركم ، وكرّكم بعد انحيازكم ، وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره وكنتم من الهالكين. ولكن هوّن وجدي وشفى بعض اُحاح نفسي أنّي رأيتكم باُخرة حزتموهم كما حازوكم ، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، تحسّونهم بالسيوف ، تركب أُولاهم أُخراهم كالإبل المطردة إليهم ، فالآن فاصبروا ، نزلت عليكم السكينة ، وثبّتكم الله عزّ وجلّ باليقين ؛ ليعلم المنهزم أنّه مسخط ربّه وموبق نفسه. إنّ في الفرار موجدة الله عزّ وجلّ عليه ، والذلّ اللازم ، والعار الباقي ، واعتصار الفيء من يده ، وفساد العيش عليه. وإنّ الفار منه لا يزيد في عمره ولا يرضي ربّه ، فموت المرء محقّاً قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتأنيس لها والإقرار عليها».

تاريخ الطبري (٤ / ٣٧) قال الطبري : حدّثت عن هشام بن الكلبي ، عن أبي مخنف قال : حدّثني مالك بن أعين الجهني ، عن زيد بن وهب الجهني أنّ عمّار بن ياسر رحمه‌الله قال يومئذ : أين مَنْ يبتغي رضوان الله عليه ، ولا يؤوب إلى مال ولا ولد؟ فأتته عصابة من النّاس فقال : أيّها النّاس ، اقصدوا بنا نحو هؤلاء الذين يبغون دم ابن عفّان ، ويزعمون أنّه قُتل مظلوماً ، والله ما طلبتهم بدمه ولكنّ القوم ذاقوا الدنيا فاستحبّوها واستمرؤوها ، وعلموا أنّ الحقّ إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرّغون فيه من دنياهم ، ولم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقّون بها طاعة النّاس والولاية عليهم ، فخدعوا أتباعهم أن قالوا : إمامنا قُتل مظلوماً ؛ ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً ، وتلك مكيدة بلغوا بها ما ترون ، ولولا هي ما تبعهم من النّاس رجلان. اللّهمّ إن تنصرنا فطالما نصرت ، وإن تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم. ثمّ مضى ومضت تلك العصابة التي أجابته حتّى دنا من عمرو ، فقال : يا عمرو ، بعت دينك بمصر؟! تباً لك تباً! طالما بغيت في الإسلام عوجاً.

__________________

(١) لهاميم : جمع لهميم ، وهو السابق الجواد من الخيل.

٤٥٣

وقال لعبيد الله بن عمر بن الخطاب : صرعك الله! بعت دينك من عدوّ الإسلام وابن عدوّه!

الحسكاني ١ / ٣٦ بسنده عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، أنّ اُناساً تذاكروا فقالوا : ما نزلت آية في القرآن فيها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلاّ في أصحاب محمّد ، فقال حذيفة : ما نزلت في القرآن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلاّ كان لعليّ لُبُّها ولُبابها.

الحسكاني ٢ / ٢٥٩ بسنده عن زيد بن وهب ، عن حذيفة في قوله (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) قال : هو علي بن أبي طالب.

تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٤٢ : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن المسلم ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو بكر محمّد بن عمر بن سليمان النصيبي ، نا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد ، نا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المهوي ، نا بشر بن مهران الفرّاء ، أنا شريك ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة قال : قال رسول الله : «مَنْ أحبّ أن يحيا حياتي ويموت موتي … وليتول عليّ بن أبي طالب بعدي».

روايات مسلم بن صبيح (ت ١٠٠) :

المستدرك ٣ / ١٦٠ : حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن مصلح الفقيه بالرّي ، ثنا محمّد بن أيوب ، ثنا يحيى بن المغيرة السعدي ، ثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الحسن بن عبد الله النخعي ، عن مسلم بن صبيح ، عن زيد بن أرقم (رضي الله تعالى عنه) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثّقلين ؛ كتاب الله وأهل بيتي ، وإنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض». هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

المستدرك ٣ / ١٩٧ : حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه ، ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ، ثنا حجّاج بن نصير ، ثنا قرّة بن خالد ، ثنا عامر بن عبد الواحد ، عن أبي الضحى ، عن بن عبّاس (رضي الله تعالى عنهما) قال : ما كنّا نشك وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين بن عليّ يُقتل بالطفّ.

٤٥٤

الفصل الرابع : حركة الأئمّة من ذرية الحسين عليهم‌السلام

أهل البيت عليهم‌السلام يُعرضون على الأمّة من جديد :

بانتشار حديث الغدير ، وحديث الثقلين ، وحديث المباهلة ، وحديث الكساء وغيرها من الأحاديث النبويّة الصحيحة في أهل البيت.

عرفت الأجيال الجديدة من الأمّة موقع أهل البيت عليهم‌السلام في الإسلام ، وأنّهم امتداد رسالي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأئمّة هدى ، وحجج على الناس. وتحرّك الناس لموالاتهم ، واتّجهوا عملياً نحو ذريّة الحسن والحسين عليهما‌السلام بصفتهم البقيّة الباقية عملياً من ذريّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ابنته الزهراء عليها‌السلام ، ولم يكن آنذاك غير شخصيتين بارزتين هما : الحسن المثنى بن الحسن بن علي ، وعلي بن الحسين بن علي عليه‌السلام ، وكلاهما كان بقيّة ملحمة كربلاء ؛ ارتثّ الأوّل وأخذه أخواله فنجا من القتل ، ومرض علي بن الحسين عليه‌السلام قبل المعركة بالذَّرَب (١) فتعذّر عليه أن يُقاتل ، وصار العدو يرثي لحاله ؛ لشدّة مرضه ، وبذلك أنجاه الله تعالى من القتل.

__________________

(١) الذرب : وهو الإسهال.

٤٥٥

وكانت ذريّة الحسن عليه‌السلام من الحسن المثنى ، من وُلْده : عبد الله المحض ، وإبراهيم الغمر ، والحسن المثلث ، وداود ، وجعفر ، ومن زيد من ولده الحسن (١).

وكانت ذريّة الحسين عليه‌السلام من علي بن الحسين عليه‌السلام ، من ستة من ولده ، وهم : محمد الباقر عليه‌السلام ، وعبد الله الباهر ، وعمر الأشرف ، وزيد ، والحسين الأصغر ، وعلي.

__________________

(١) قال السيد علي بن محمد العلوي العمري النسابة في المجدي من أعلام القرن الخامس في أنساب الطالبيِّين / ٢٠٢ : العقب من ولد الحسن بن علي من أربعة رجال ، وهم : الحسن وزيد ، وعمر والحسين الأثرم ، انقرض اثنان ، وهما : عمر والحسين. وقال في / ٢٠٣ : وما وجدت أنا لزيد بن الحسن إلاّ بنتاً ، وأمّا محمد الحسن الذي منه عقبه ، وهم سبعة رجال ، وهم : القاسم وعلي ، وإسماعيل وإبراهيم ، وزيد وعبد الله وإسحاق.

٤٥٦

ذرّية الحسن بن علي عليه‌السلام

من المفيد جدّاً أن نورد ترجمة لكلّ من الحسن بن الحسن ، وزيد بن الحسن.

الحسن المثنى بن الحسن عليه‌السلام :

أورد العلامة الأبطحي في موسوعته الرجالية (١) ترجمة وافية للحسن المثنى نورد أكثرها فيما يلي : قال :

أبو محمد الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، أمّه خولة بنت منظور الفزاريّة ، ذكرها بنسبها مع قصّة تزويج الإمام الحسن السبط عليه‌السلام بها أرباب السير والتراجم والنسب (٢).

قال المفيد (٣) : وأمّا الحسن عليه‌السلام فكان جليلاً ، رئيساً ، فاضلاً ، ورعاً ، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه‌السلام في وقته ... ومضى الحسن بن الحسن عليه‌السلام ولم يدّعِ الإمامة ، ولا ادّعاها له مدّعٍ كما وصفناه من حال أخيه زيد رحمه‌الله.

وقال ابن زهرة الحسيني في غاية الاختصار : وأمّا الحسن المثنى الجليل ، أمّه

__________________

(١) تهذيب المقال ـ السيد محمد علي الأبطحي ٢ / ٣٠١.

(٢) منهم الشيخ المفيد في الإرشاد ، وابن عنبة في عمدة الطالب ، والبخاري في سرّ السلسلة ، وابن زهرة في غاية الاختصار ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ، وابن سعد في الطبقات ٥ / ٣١٥.

(٣) الإرشاد ٢ / ٢٥.

٤٥٧

خولة بنت منظور .... وكان الحسن المثنى من رواة الحديث في الفقه وغيره. روى عنه أصحابنا والعامّة بطرقهم ، وروى عن أبيه الإمام أبي محمد الحسن عليه‌السلام (١).

وروى الحسن المثنى عن فاطمة بنت الحسين عليها‌السلام ، وعبد الله بن جعفر ، وجماعة. روى عنه ابنه عبد الله ، وابن عمّه الحسن بن محمد بن الحنفيّة ، وإبراهيم بن الحسن ، وسهل بن أبي صالح ، وحنان بن سدير الكوفي ، وجماعة ذكره ابن عساكر وابن حجر.

وقد روى ابن عساكر وغيره أخباراً مكذوبة مفتعلة موضوعة ممّا نسب إليه ، كما وضع الكذابون أخباراً فيما ينافي مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ثمّ نسبوها بأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ممّا لا يخفى على المتتبع في أخبارهم ، ولا يسع المقام لتحقيق ذلك.

ذكر المؤرّخون وأصحاب السير والحديث والأنساب وغيرهم (٢) : أنّ الحسن بن الحسن أبا محمد حضر مع عمّه الحسين عليه‌السلام يوم الطفّ ، وشهد المعركة ، وواسى عمّه في الصبر على السيوف والرماح حتّى اُثخن بالجراح ووقع على الأرض بين القتلى ، وكان به رمق فبرئ. وهم بين مَنْ ذكر أنّه اُسر مع السبايا وحمل معهم (٣) ، وبين مَنْ ذكر أنّه انتزع منهم ولم يحمل معهم ، وبين مَنْ أهمل ذلك. واتفقوا على أنّه برئ ولحق بالمدينة وعاش مدّة.

قال أبو الفرج (٤) : وحُمل أهله عليه‌السلام أسرى وفيهم عمرو وزيد والحسن بنو الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وكان الحسن بن الحسن بن علي قد أرتثّ جريحاً فحُمل معهم.

__________________

(١) قال الأبطحي ذكره ابن عساكر في التاريخ ، وابن حجر في تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٢ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٦٤ ، وغيرهم. وروى الصدوق قدس‌سره في الخصال ٢ / ٩٤ باب (١٦) بإسناده عنه عليه‌السلام في حقّ العالم. وروى الأربلي في كشف الغمة ٢ / ١٧٥ عن الحسن المثنى ، عن أبيه عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ من واجب المغفرة إدخالك السرور على أخيك المسلم». ورواه بطريق آخر عنه عليه‌السلام في ٢ / ٢٠٣. وقد ذكرناه في طبقات أصحاب أبيه عليه‌السلام ، وأصحاب عمّه الحسين عليه‌السلام ، وأصحاب السجّاد عليه‌السلام.

(٢) انفرد أبو مخنف من بين الرواة وأصحاب السير حين ذكر أنّ الحسن بن الحسن يوم الطفّ كان طفلاً.

(٣) قال أبو مخنف : واستُصغر الحسن بن الحسن فلم يقتل. الطبري ٤ / ٣٥٩.

(٤) في مقاتل الطالبيِّين / ٧٩.

٤٥٨

وقال الشيخ المفيد (١) : وكان الحسن بن الحسن عليه‌السلام حضر مع عمّه الحسين عليه‌السلام الطفّ. فلمّا قُتل الحسين عليه‌السلام واُسر الباقون من أهله ، جاءه أسماء بن خارجة فانتزعه من بين الاُسارى ، وقال : والله لا يصل إلى ابن خولة أبداً. فقال عمر بن سعد : دعوا لأبي حسان ابن أخته. ويُقال : إنّه اُسر ، وكان به جراح قد اُشفي منها.

وقال ابن عنبة (٢) : وكان الحسن بن الحسن عليه‌السلام شهد الطفّ مع عمّه الحسين عليه‌السلام واُثخن بالجراح ، فلمّا أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقاً ، فقال أسماء بن خارجة بن عيينة بن خضر بن حذيفة بن بدر الفزاري : دعوه لي ؛ فإن وهبه الأمير عبيد الله بن زياد (لعنه الله) لي ، وإلاّ رأى رأيه فيه. فتركوه له ، فحمله إلى الكوفة ، وحكوا ذلك لعبيد الله بن زياد فقال : دعوا لأبي حسان ابن اُخته. وعالجه أسماء حتّى برئ ، ثمّ لحق بالمدينة.

وقال السيد ابن طاووس صاحب اللهوف : كان الحسن بن الحسن المثنى قد واسى عمّه في الصبر على السيوف ، وطعن الرماح ، وكان قد نُقل من المعركة وقد اُثخن بالجراح وبه رمق فبرئ.

وقال ابن حمزة الحسيني النقيب في غاية الاختصار : وشهد الحسن بن الحسن الطفّ مع عمّه الحسين عليه‌السلام فأفلت.

وقال الذهبي (٣) : ولم يفلت من أهل بيت الحسين عليه‌السلام سوى ولده علي الأصغر ، فالحسينية من ذريته ، وكان مريضاً ، وحسن بن حسن بن علي عليه‌السلام وله ذريّة.

قال المفيد (٤) : روي أنّ الحسن بن الحسن عليه‌السلام خطب إلى عمّه الحسين عليه‌السلام إحدى ابنتيه ، فقال له الحسين عليه‌السلام : «اختر يا بُني أحبّهما إليك». فاستحيى الحسن ولم يحر جواباً ،

__________________

(١) الإرشاد ٢ / ٢٥.

(٢) عمدة الطالب / ١٠٠.

(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٠٣.

(٤) الإرشاد ٣ / ٢٥.

٤٥٩

فقال له الحسين عليه‌السلام : «فإنّي قد اخترت لك ابنتي فاطمة ، فهي أكثرهما شبهاً باُمّي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (١).

وكان الحسن المثنى رحمه‌الله يتولّى صدقات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في عصره ، وكان تولّى صدقاته وصدقات فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أيضاً من بعد علي عليه‌السلام للحسن ، ثمّ للحسين ، ثمّ من بعده لأكبر ولدها إذا كان يرضى بهديه وإسلامه وأمانته كما في أخبارها.

وقد ذكره أصحابنا وجمهور المخالفين بتولّي صدقاته عليه‌السلام (٢) ، وكان تولّيه الصدقات أيام عبد الملك بن مروان كما صرّحوا بذلك.

قال المفيد (٣) بإسناده عن عبد الملك بن عبد العزيز قال : لمّا ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ردّ إلى علي بن الحسين عليهما‌السلام صدقات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصدقات علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

__________________

(١) قال الأبطحي : ورواه نحوه ابن زهرة الحسيني في (غاية الاختصار / ٤١) وفيه : فهي أكبرهما سنّاً ، وأكثرهما شبهاً الخ. وفي عمدة الطالب / ٩٩ نحوه مع تفاوت يسير. وقال البخاري في سر السلسلة / ٦ : خطب الحسن بن الحسن بن علي عليه‌السلام إلى عمّه الحسين عليه‌السلام إحدى بناته ، فأبرز إليه فاطمة وسكينة ، وقال : «يابن أخي ، اختر أيّتهما شئت». فاختار فاطمة بنت الحسين عليه‌السلام ، وكانت أشبه الناس بفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فزوّجه ... وأشار إلى قوله هذا ابن عنبة في العمدة. وقال في غاية الاختصار / ٤١ : وكان الحسن بن الحسن عليه‌السلام خطب إلى عمّه الحسين عليه‌السلام ، فقال الحسين عليه‌السلام : «يابن أخي ، قد كنت انتظر هذا منك ، انطلق معي». فجاء به حتّى أدخله منزله ، فخيّره في ابنتيه فاطمة وسكينة ، فاختار فاطمة ، فزوّجه إيّاها. قال المؤلِّف : وفي التبيين في أنساب القرشيين ـ تأليف المقدسي (ت ٦٢٠) هجرية / ١٠٦ : إنّ الحسن بن الحسن لمّا توفي أبوه أخذه عمّه الحسين إلى منزله ، فأخرج له ابنتيه فاطمة وسكينة ، فاختار فاطمة وزوّجه إيّاها.

(٢) كما في إرشاد الشيخ المفيد ، وغاية الاختصار ـ لابن زهرة ، وعمدة الطالب ، وأنساب الأشراف ـ لأحمد بن يحيى البلاذري ١ ق ١ / ٢٢٦ ، وتاريخ ابن عساكر ١١ / ١٠٦ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٣.

(٣) الإرشاد ٢ / ١٤٩.

٤٦٠