الدّرر النجفيّة - ج ١

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]

الدّرر النجفيّة - ج ١

المؤلف:

الشيخ يوسف بن أحمد البحراني [ صاحب الحدائق ]


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٢

ابن حمامة قال : طلع علينا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم ووجهه مشرق كدائرة القمر ، فقام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما هذا النور؟ فقال : «بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي ، وإن الله تعالى زوّج عليا من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقا ـ يعني صكاكا ـ بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ (١) تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكّا ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق ، فلا تلقى محبا لنا أهل البيت إلّا رفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار ، فأخي وابن عمي وابنتي بهم فكاك رقاب رجال ونساء من أمّتي من النار» (٢).

إلى غير ذلك من الأخبار التي يطول بنقلها الكلام. وقد أتينا على كثير منها في مقدمة كتابنا (سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد) ، وفق الله تعالى لإتمامه.

قال الفاضل الشيخ إبراهيم بن سليمان الخطي أصلا ، الحلّي منشأ ومسكنا في كتاب (الفرقة الناجية) بعد نقل كلام المحقق الدواني ما صورته : (أقول : كلامه هذا بأجمعه ليس شي‌ء منه بصحيح ولا تام ؛ لأنه فسره بكونهم في النار من حيث الاعتقاد ، وغرضه من ذلك أن المراد : العذاب عليه بها في الجملة لا الخلود ؛ معللا بأنه خلاف الاجماع ؛ لأن المؤمنين لا يخلدون. وفيه نظر ؛ لأن كون ذلك من حيث الاعتقاد غير مسلم لجواز أن يكون منه ومن العمل معا ، قال الله تعالى :

(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلّا أَيّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ. بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣).

سلمنا لكن نفيه الخلود غير مسلّم ، والإجماع الذي نقله ممنوع ، فإن جماعة

__________________

(١) في «ح» : بعدها : من.

(٢) مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام : ١٠١ / ٢٥.

(٣) البقرة : ٨٠ ـ ٨١.

٤٠١

من العلماء (١) ذهبوا إلى أن غير الطائفة المحقة كفار ، وأنهم مخلدون في النار.

وقوله : (لأن المؤمنين لا يخلدون) مسلم لكن خلاف في (المؤمنين) ، فالشيعة تزعم أن الإيمان إنما يصدق على معتقد الحق من الاصول الخمسة ومنها عندهم إمامة الاثني عشر عليهم‌السلام.

وقوله : (إن مجرد الدخول مشترك) ممنوع.

وقوله : (ما من فرقة إلّا وبعضها عصاة) مسلّم إلّا إن قوله : (والقول بأن معصية الفرقة الناجية مطلقا مغفورة بعيد) ممنوع أشد المنع ، بل الظاهر ذلك : فإنما البعيد استبعاده ؛ فإن ظاهر الخبر يقتضيه.

وقوله : (لا يبعد أن يكون المراد : استقلال لبثهم بالنسبة إلى سائر الفرق ترغيبا في تصحيح الاعتقاد) أشد بعدا ؛ لأنه خلاف ما يتبادر إليه الفهم من الحديث.

والحق أن معنى الحديث أن الفرقة الناجية لا تمسها النار أبدا ، وغيرها في النار إما خلودا أو مكثا من غير خلود في الجميع أو في بعض الخلود وفي بعض بالمكث من غير خلود ، وهو ظاهر من غير تكلف) (٢) انتهى المراد من نقل كلامه أفاض الله تعالى عليه (٣) شآبيب إكرامه.

وهو جيد ، إلّا إن قوله في آخر كلامه : (إن ما عدا الفرقة الناجية في النار إما خلودا أو مكثا) ـ إلى آخره ـ محل نظر ، فإن الخبر في افتراق الامة على ثلاث وسبعين فرقة وإن أجمل في بعض رواياته تعيين الفرقة الناجية ، إلّا إنه عين في بعض آخر بكونها هي التابعة لوصي ذلك النبي كما تقدم لك ذكره ، وطريق حمل المطلق على المقيد ، والمجمل على المبين يقتضي الحكم بخلود غير تلك الفرقة

__________________

(١) مرآة العقول ١١ : ١١٠ ، ١١٣.

(٢) الفرقة الناجية : ٨ ـ ٩.

(٣) سقط في «ح».

٤٠٢

الناجية من تلك الفرق ؛ لأنه متى خالفت الوصي بالخروج عن دين ذلك النبي فهي مستحقة للخلود في النار ، كما لا يخفى على ذوي البصائر والافكار.

تتمّة مهمّة : في الجمع بين أخبار دخول الشيعة الجنّة

فإن قيل : إن (١) ما نقلتموه من الأخبار الدالة على دخول الشيعة الجنة وعدم دخولهم النار على ما هم عليه من ارتكاب الذنوب والكبائر الموبقة معارض بما دل من الأخبار على أن الشيعي المستحق لذلك إنما هو من كان متصفا بالعلم والورع (٢) والتقوى والملازمة على الصيام والقيام بين يدي الملك العلام سيما في جنح الظلام.

قلنا : لا ريب في ورود الأخبار بما ذكر ، ومقتضى الجمع بينها وبين ما قدمنا من الأخبار أحد وجهين :

أوّلهما : وهو المشهور بين أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ حمل هذه الأخبار على كمّل الشيعة ، والبالغين المرتبة العليا من التشيع ، والأخبار الاولى على من سواهم. وهذا شائع في الكلام حتى في كلام الملك العلّام ، قال سبحانه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٣).

وثانيهما ـ وهو ما جادت به القريحة الجامدة ، ولعله الأقرب أن يكون مرادهم عليهم‌السلام بهذه الأخبار الأخيرة ـ هو زجر الشيعة ومنعهم [عن] (٤) المعاصي ؛ فإنهم ـ صلوات الله عليهم ـ حكماء القلوب ، فيوقفون شيعتهم العاصين بين حدي الخوف والرجاء ؛ إذ لو تركوهم وتلك الأخبار الدالة على الرجاء خاصة لربما

__________________

(١) ليست في «ح».

(٢) ليست في «ح».

(٣) الأنفال : ٢.

(٤) في النسختين : من.

٤٠٣

انهمكوا في المعاصي وضربوا صفحا عن الطاعات اعتمادا على ذلك ، وربّما انجر ذلك ـ والعياذ بالله ـ إلى الطبع على القلب ، فلا يرجع صاحبه إلى خير ويحصل له بسبب ذلك ما يخرجه عن أصل الإيمان كما ورد في الخبر عنهم عليهم‌السلام من أن كل مؤمن «في قلبه نكتة بيضاء ؛ فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة البيضاء نكتة سوداء ، فإذا (١) تاب انمحى ذلك السواد ، وإن تمادى في المعاصي وتوغل فيها تزايد ذلك السواد حتى يغطي البياض ، فلا يرجع صاحبه إلى خير أبدا ، وذلك قوله تعالى : (كَلّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٢)» (٣).

وحينئذ ، فإذا زجروهم بهذه الأخبار انزجروا وادّكروا وتابوا وأنابوا. وفي بعض الأخبار المشار إليها عن الباقر عليه‌السلام : «ما معنا براءة من النار ، من كان لله مطيعا كان لنا وليا ، ومن كان عاصيا كان لنا عدوّا» (٤).

وفي آخر : «لا تتّكلوا على حبّ عليّ فإنه لو أحب أحد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ورسول الله خير من علي ـ لما نفعه حبّه (٥) شيئا إذا لم يعمل بطاعة الله تعالى» (٦).

فإن هذه الأخبار إنما تنطبق على الوجه الثاني دون الأوّل ، وبه يظهر وجه أولويّته وقربه ، والله العالم.

تذنيب في بيان من هي الفرقة الناجية من كلام المعصوم عليه‌السلام

روي في (كتاب سليم بن قيس) : قال أبان : قال سليم : وسمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : «إن الأمّة تفرقت (٧) على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة

__________________

(١) في «ح» : فإن.

(٢) المطففين : ١٤.

(٣) الكافي ٢ : ٢٧٣ / ٢٠ ، باب الذنوب.

(٤) الكافي ٢ : ٧٤ ـ ٧٥ / ٣ ، باب الطاعة والتقوى ، بحار الأنوار ٦٧ : ٩٧ ـ ٩٨ / ٤ ، باختلاف.

(٥) في «ح» بعدها : إياه.

(٦) الكافي ٢ : ٧٤ / ٣ ، باب الطاعة والتقوى ، بحار الأنوار ٦٧ : ٩٧ ـ ٩٨ / ٤ ، باختلاف.

(٧) في المصدر : ستفترق.

٤٠٤

في النار وفرقة في الجنة ، وثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين تنتحل مودتنا أهل البيت واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة في النار.

وأما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة فهي المؤتمة بي ، المسلّمة لأمري ، المطيعة لي ، المتبرئة من عدوي ، المحبة لي ، المبغضة لعدوي ، التي (١) قد عرفت حقي ، وإمامتي ، وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم ترتد ولم تشكّ ؛ لما قد نوّر الله في قلبها [من] (٢) معرفة حقنا ، وعرفها من فضلنا ، وألهمها وأخذ بنواصيها ، فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها ، واستيقنت يقينا لا يخالطه شك.

إني أنا وأوصيائي بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في آي من كتاب الله كثيرة ، وطهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته على أرضه ، وخزّانه على علمه ، ومعادن حكمه ، وتراجمة وحيه ، وجعلنا مع القرآن ، والقرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا (٣) حتى نرد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حوضه كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤). وتلك الفرقة الواحدة من الثلاث والسبعين فرقة هي الناجية من النار من جميع الفتن والضلالات والشبهات ، هم من أهل الجنة حقا يدخلون الجنة بغير حساب.

وجميع تلك الفرق الاثنتي (٥) والسبعين فرقة هم [المتدينون] (٦) بغير الحق ، الناصرون دين الشيطان الآخذون عن إبليس ، وأولياؤه هم أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء المؤمنين ، يدخلون في النار بغير حساب ، برآء من الله ومن رسوله ، وأشركوا بالله وكفروا به ، وعبدوا غير الله من حيث لا يعلمون (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)

__________________

(١) في «ح» : الذي.

(٢) من المصدر ، وفي النسختين : في.

(٣) ليست في «ح».

(٤) ليست في «ح».

(٥) في «ح» : وجمع تلك الفرق اثنا ، بدل : وجميع تلك الفرق الاثنتي.

(٦) من المصدر ، وفي النسختين : المدينون.

٤٠٥

(١) ، يقولون يوم القيامة : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ) (٢) ، يحلفون بالله (كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ‌ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) (٣)».

قال : قيل : يا أمير المؤمنين ، أرأيت من قد وقف فلم يأتمّ بكم ، ولم يضادّكم ، ولم ينصب لكم ، ولم يتولّكم ولم يبرأ من عدوكم. وقال : لا أدري وهو صادق؟

قال : «ليس اولئك من الثلاث والسبعين فرقة ، إنما عنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالثلاث والسبعين فرقة : الباغين النصابين الذين قد شهروا أنفسهم ، ودعوا إلى دينهم ، ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن ، واثنتان وسبعون تدين بدين الشيطان ، وتتولى على قبولها ، وتتبرّأ ممّن (٤) خالقها ، فأما من وحد الله وآمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يعرف ولم يتناول ضلالة عدونا ولم ينصب شيئا ولم يحلّ ولم يحرّم [وأخذ بجميع ما ليس بين المختلفين من الامّة فيه خلاف في أن الله عزوجل أمر به ، وكفّ عمّا بين المختلفين من الامّة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه فلم ينصب شيئا ولم يحلل ولم يحرّم] ولا يعلم ، ورد علم ما أشكل عليه إلى الله ، فهذا ناج. وهذه الطبقة بين المؤمنين وبين المشركين هم أعظم الناس وجلهم ، وهم أصحاب الحساب والموازين والأعراف ، والجهنميون الذين يشفع لهم الأنبياء والملائكة والمؤمنون ، ويخرجون من النار فيسمون الجهنميين.

فأما المؤمنون ، فينجون ويدخلون الجنة بغير حساب ، وإنما الحساب على أهل هذه الصفات بين المؤمنين والمشركين ، و (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) والمقترفة ، والذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، والمستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لا يستطيعون حيلة الكفر والشرك ولا يحسنون أن ينصبوا ، ولا يهتدون سبيلا إلى أن

__________________

(١) إشارة إلى الآية : ١٠٤ من سورة الكهف.

(٢) إشارة إلى الآية : ٢٣ من سورة الأنعام.

(٣) إشارة إلى الآية : ١٨ من سورة المجادلة.

(٤) كذا في النسختين والمصدر.

٤٠٦

يكونوا مؤمنين عارفين ، فهم أصحاب الأعراف ، وهؤلاء كلهم لله فيهم المشيئة إن أدخل أحدهم النار فبذنبه ، وإن تجاوز عنه فبرحمته».

قلت : أيدخل النار المؤمن العارف الداعي؟ قال : «لا». قلت : أيدخل الجنة من لا يعرف إمامه؟ قال : «لا ، إلّا أن يشاء الله». قلت : أيدخل الجنة كافر أو مشرك؟

قال : «لا يدخل النار إلّا كافر إلّا أن يشاء الله». قلت : فمن لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه مطيعا له ، من أهل الجنة هو؟ قال : «نعم ، إذا لقي الله وهو مؤمن ، من الذين قال الله عزوجل (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ) (١) ، (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٢) ، (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٣)».

قلت : فمن لقي الله (٤) على الكبائر؟ قال : «هو في مشيئة الله إن عذبه فبذنبه ، وإن تجاوز عنه فبرحمته». قلت : فيدخله النار وهو مؤمن؟ قال : «نعم ، بذنبه ؛ لأنه ليس من المؤمنين الذين عنى الله أنه لهم ولي ، وأنه (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٥) ، هم المؤمنون الذين يتقون الله والذين يعملون الصالحات والذين (لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)» (٦) انتهى.

__________________

(١) البقرة : ٢٥ ، وغيرها كثير.

(٢) يونس : ٦٣ ، وغيرها كثير.

(٣) الأنعام : ٨٢.

(٤) في «ح» بعدها : منهم.

(٥) إشارة إلى الآية : ٦٢ من سورة يونس.

(٦) كتاب سليم بن قيس : ٩٦ ـ ٩٨.

٤٠٧
٤٠٨

(١٨)

درّة نجفيّة

في توجيه رضا الأئمَّة عليهم‌السلام بما نزل فيهم من البلاء

قد كثر السؤال من جملة من الأخلّاء الأعلام والأجلّاء الكرام عن الوجه في رضا الأئمَّة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وإعطائهم بأيديهم لما أوقعه بهم مخالفوهم من القتل بالسيف أو السم ، حيث إنهم عالمون بذلك لما استفاضت به الأخبار من أن الإمام عليه‌السلام يعلم انقضاء أجله ، وأنه هل يموت حتف أنفه أو بالقتل أو بالسم.

وحينئذ ، فقبوله ذلك وعدم تحرزه من الامتناع ، يستلزم الإلقاء باليد إلى التهلكة ، مع أن الإلقاء باليد إلى التهلكة محرم نصا ؛ قرآنا (١) وسنّة (٢). وقد أكثر المسؤولون من الأجوبة في هذا الباب ، بل ربما أطنبوا فيه أي إطناب ، بوجوه لا يخلو أكثرها من الإيراد ، ولا تنطبق على المقصود والمراد. وحيث إن بعض الإخوان العظام ، والخلان الكرام سألني عن ذلك في هذه الأيّام ، رأيت أن أكتب في المقام ما استفدته من أخبارهم ـ عليهم الصلاة والسلام ـ فأقول وبه (٣) سبحانه الثقة لإدراك المأمول ، وبلوغ كل مسئول : يجب أن يعلم :

أولا : أن التحليل والتحريم أحكام (٤) توقيفية من الشارع عزّ شأنه ، فما وافق

__________________

(١) البقرة : ١٩٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٧٧ / ١٦٢٦ ، كمال الدين : ٢٦٤ / ١٠.

(٣) في «ح» : بالله.

(٤) سقط في «ح».

٤٠٩

أمره ورضاه فهو حلال ، وما خالفهما [فهو] (١) حرام ، وليس للعقل ـ فضلا عن الوهم ـ مسرح في ذلك المقام.

وثانيا : أن مجرد الإلقاء باليد إلى التهلكة على إطلاقه غير محرم وإن أشعر ظاهر الآية بذلك ، إلّا إنه يجب تقييده وتخصيصه بما قام الدليل على جوازه ، وذلك فإن الجهاد متضمّن للإلقاء باليد إلى التهلكة مع أنه واجب نصا (٢) وإجماعا ، وكذلك الدفاع عن النفس والأهل والمال. ومثله أيضا وجوب الإعطاء باليد إلى القصاص وإقامة الحد عليه متى استوجبه.

وثالثا : أنهم ـ صلوات الله عليهم ـ في جميع أحوالهم وما يتعلق بمبدئهم وحالهم يجرون على ما اختارته لهم الأقدار السبحانية ورضيته لهم الاقضية الربانية ، فكل ما علموا أنه مختار لهم (٣) تعالى بالنسبة إليهم وإن اشتمل على غاية الضرر والبؤس ترشفوه ولو ببذل المهج والنفوس.

إذا تقررت (٤) هذه المقدمات الثلاث ، فنقول : إن رضاهم ـ صلوات الله عليهم ـ بما ينزل بهم من القتل بالسيف والسم ، وكذا ما يقع بهم من الهوان على أيدي أعدائهم والظلم مع كونهم عالمين به وقادرين على دفعه ، إنما هو لما علموه من كونه مرضيا له سبحانه وتعالى ، ومختارا له بالنسبة إليهم ، وموجبا للقرب من حضرة قدسه والجلوس على بساط انسه.

وحينئذ ، فلا يكون من قبيل الإلقاء باليد الّذي حرمته الآية ؛ إذ هو ما اقترن بالنهي من الشارع نهي تحريم ، وهذا مما علم رضاه به واختياره له فهو على النقيض من ذلك ، ألا ترى أنه ربما نزل بهم شي‌ء من تلك المحذورات قبل الوقت

__________________

(١) في النسختين : فهما.

(٢) الفرقان : ٥٢ ، التوبة : ٤١ ، الحج : ٧٨. وغيرها.

(٣) في «ح» : له.

(٤) من «ح».

٤١٠

المعدود والأجل المحدود ، فلا يصل إليهم منه شي‌ء من الضرر ، ولا يتعقبه المحذور والخطر؟ فربما امتنعوا منه ظاهرا ، وربما احتجبوا منه باطنا ، وربما دعوا الله سبحانه في رفعه فيرفعه عنهم ؛ وذلك لما علموا أنه غير مراد له سبحانه في حقهم ولا مقدر لهم.

وبالجملة ، فإنهم ـ صلوات الله عليهم ـ يدورون مدار ما علموه من الأقضية والأقدار ، وما اختاره لهم القادر المختار. ولا بأس بإيراد بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار ، ليندفع بها الاستبعاد ، ويثبت بها المطلوب والمراد ، فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام ـ عطر الله مرقده ـ في (الكافي) بسنده عن الحسن بن الجهم ، قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن أمير المؤمنين عليه‌السلام قد عرف قاتله ، والليلة التي يقتل فيها ، والموضع الذي يقتل فيه ، وقوله لما سمع صياح الإوز : «صوائح تتبعها نوائح» وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار ، وأمرت غيرك يصلي بالناس. فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح ، وقد عرف عليه‌السلام أن ابن ملجم ـ لعنه الله ـ قاتله بالسيف ، وكان هذا مما لم يجز تعرضه ، فقال عليه‌السلام : «ذلك كان ، ولكنه خيّر تلك الليلة لتمضي مقادير الله تعالى» (١).

وحاصل سؤال السائل المذكور : أنه مع علمه عليه‌السلام بوقوع القتل ، فلا يجوز له أن يعرض نفسه [له] ؛ لأنه من قبيل الإلقاء باليد إلى التهلكة الذي حرمه الشارع ، فأجاب عليه‌السلام بما هذا تفصيله وبيانه من أنه وإن كان الأمر كما ذكرت من علمه عليه‌السلام بذلك ، لكنه ليس من قبيله الإلقاء باليد إلى التهلكة ، الذي هو محرّم ؛ لأنه عليه‌السلام خيّر في تلك الليلة بين لقاء الله تعالى على تلك الحال أو البقاء في الدنيا ، فاختار عليه‌السلام اللقاء على الوجه المذكور ؛ حيث علم أنه مختار ومرضيّ له عند ذي الجلال ، كما

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٥٩ / ٤ ، باب أن الأئمَّة عليهم‌السلام يعلمون متى يموتون ...

٤١١

يدلّ عليه قوله عليه‌السلام لما ضربه اللعين ابن ملجم ـ ملجّم بلجام جهنّم ، عليه ما يستحقه ـ : «فزت وربّ الكعبة» (١). وهذا معنى قوله : «لتمضي مقادير الله تعالى» ، يعني أنه سبحانه قدّر وقضى في الأزل (٢) أنه عليه‌السلام لا يخرج من الدنيا الا على هذه الحال باختياره ورضاه بها.

ومن ذلك ما رواه في الكتاب المذكور عن عبد الملك بن أعين عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «أنزل الله تعالى النصر (٣) على الحسين عليه‌السلام حتى كان ما بين السماء والأرض ، ثم خير النصر أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله» (٤). والتقريب ما تقدم.

ومن ذلك ما رواه أيضا في الكتاب المذكور (٥) عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث قال فيه : فقال له حمران : جعلت فداك ، أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم‌السلام ، وخروجهم وقيامهم بدين الله ، وما اصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم ، حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «يا حمران ، إن الله تعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ، ثم أجراه. فبتقدّم علم إليهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صمت من صمت منا. ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم [ما نزل] من أمر الله تعالى وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله تعالى أن يدفع ذلك عنهم ، وألحّوا عليه في إزالة ملك (٦) الطواغيت وذهاب ملكهم ، إذن لأجابهم ودفع ذلك عنهم.

ثم (٧) كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ١٣٧ ، بحار الأنوار ٤١ : ٢ / ٤.

(٢) في «ح» : الأول.

(٣) في «ح» : نزل النصر ، بدل : أنزل الله تعالى النصر.

(٤) الكافي ١ : ٤٦٥ / ٧ ، باب مولد الحسين عليه‌السلام.

(٥) في الكتاب المذكور ، ليس في «ح».

(٦) في «ح» : تلك.

(٧) في «ح» بعدها : إن.

٤١٢

فتبدّد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم» (١).

أقول : وهو صريح في المطلوب على الوجه المحبوب.

وروى الصدوق ـ نوّر الله مرقده ـ في (المجالس) في حديث طويل يتضمّن حبس الإمام الكاظم عليه‌السلام عند الفضل بن الربيع مدّة ، وأنه أمره بقتله مرة فلم يفعل ، ثمّ حوّل عليه‌السلام إلى حبس الفضل بن يحيى البرمكي ، فحبس عنده أياما ، فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كلّ ليلة مائدة ومنع أن يدخل عليه من عند غيره ، فكان لا يأكل ولا يفطر إلّا على المائدة التي يولى بها ، حتى مضى على تلك الحال ثلاثة أيام ولياليها فلمّا كانت الرابعة قدّمت إليه مائدة الفضل بن يحيى ، فرفع يده إلى السماء ، فقال : «يا ربّ ، إنّك تعلم أني لو أكلت قبل اليوم كنت قد أعنت على نفسي» ، قال فأكل فمرض (٢).

وساق تتمة الحديث مما يدلّ على موته بسبب ذلك.

ومثله روى في (عيون أخبار الرضا عليه‌السلام) ، فانظر إلى قوله عليه‌السلام : «يا ربّ إنّك تعلم» (٣) انتهى.

وما فيه من الدلالة على أن أكله عليه‌السلام مع علمه بالسمّ حين علم أن ذلك تمام الأجل المضروب وآخر العمر المكتوب ، ليس بإعانته على نفسه ، ولا بالقاء اليد إلى التهلكة المحرّم ، وأنه لو أكل قبل ذلك لكان قد أعان على نفسه وألقى بيده إلى التهلكة ، حيث إنه قبل الوقت المذكور غير مختار له في الأقضية السبحانيّة ولا مرضيّ له من الأقدار الربانيّة ؛ وذلك لأن الرشيد ـ لعنه الله ـ قد دسّ إليه السمّ

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / ٤ ، باب أن الأئمَّة عليهم‌السلام يعلمون علم وما كان ....

(٢) الامالي : ٢١٠ ـ ٢١١ / ٢٣٥.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٠٦ ـ ١٠٨ / ب ٨ ، ح ١٠.

٤١٣

غير مرّة وهو عليه‌السلام يدفعه عن نفسه ، كما يدلّ عليه حديث الكلبة (١) التي للرّشيد وغيره.

وممّا يدل على زوال القتل بهم عليهم‌السلام من أعدائهم واحتجابهم منه وعدم تأثيره فيهم ، حيث كانوا قبل الأجل المضروب لهم ، وغير مقضي ولا مرضي له سبحانه بالنسبة إليهم ما رواه في كتاب (ثاقب المناقب) من أن الدوانيقي ـ لعنه الله ـ أمر رجلا بقتل الصادق عليه‌السلام وابنه إسماعيل ـ وكانا في حبسه ـ فأتى أبا عبد الله عليه‌السلام ليلا وأخرجه وضربه بسيفه حتى قتله ، ثم أخذ إسماعيل ليقتله فقاتله ساعة ثم قتله ، ثم جاء إليه فقال : ما صنعت؟ فقال : قتلتهما وأرحتك منهما. فلما أصبح فإذا (٢) أبو عبد الله عليه‌السلام وإسماعيل جالسان ، فاستأذنا ، فقال أبو الدوانيق للرجل : ألست زعمت أنك قتلتهما؟ فانظر فيه. فذهب فإذا بجزورين منحورين (٣). الحديث.

وما رواه في الكتاب المذكور (٤) ، ورواه أيضا السيّد الجليل ذو المناقب والمفاخر رضي الدين عليّ بن طاوس قدس‌سره في كتاب (المهج) (٥) وكتاب (الأمان من أخطار الأسفار والأزمان) (٦) من حديث الجواد مع المأمون ودخول المأمون وهو سكران على الجواد عليه‌السلام حين شكت إليه ابنته زوجة الجواد عليه‌السلام أنه أغارها وتزوّج عليها ـ وكان في حال سكره ـ فقام والسيف في يده حتى دخل على الإمام عليه‌السلام ، فما زال يضربه بسيفه حتى قطّعه ، وذلك بمحضر من الزوجة المذكورة وياسر الخادم.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٠٠ ـ ١٠٤ / ب ٨ ، ح ٦ ، بحار الأنوار ٤٨ : ٢٢٢ ـ ٢٢٤ / ٢٦.

(٢) ليست في «ح».

(٣) الثاقب في المناقب : ٢١٨ / ١٩٢.

(٤) الثاقب في المناقب : ٢١٩ ـ ٢٢٠ / ١٩٣.

(٥) مهج الدعوات : ٥٣ ـ ٥٤.

(٦) الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : ٣٨ ـ ٣٩.

٤١٤

ثم إن المأمون بعد أن أصبح وأفاق من سكره أخبرته ابنته بما فعل ليلا بالإمام عليه‌السلام ، فاضطرب وأرسل ياسرا (١) الخادم يكشف له الخبر ، قال في الحديث : فما لبث ياسر أن عاد إليه ، فقال : البشرى يا أمير المؤمنين. فقال : ولك البشرى ، ما عندك؟ قال : دخلت عليه ، فإذا هو جالس وعليه قميص وهو يستاك ، فسلّمت عليه وقلت : يا بن رسول الله ، أحبّ أن تهب لي قميصك هذا أصلّي فيه وأتبرّك به ، وإنما أردت أن أنظر إلى جسده هل به أثر جراحة وأثر السيف.

إلى أن قال : فقلعه ونظرت إلى جسده كأنه العاج مسّته صفرة وما به أثر.

ثم ساق الحديث إلى أن قال : قال عليه‌السلام : «يا ياسر ، هكذا كان العهد [بيننا] (٢) وبينه ، حتى يهجم عليّ بالسيف ، اعلم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه» (٣) الحديث.

وفي جملة من الأخبار المرويّة في كتاب (المهج) (٤) وغيره (٥) أن أبا الدوانيق قد همّ غير مرّة بقتل الصادق عليه‌السلام ، وكذلك الرشيد بالكاظم عليه‌السلام ، فيدعون الله سبحانه في دفع ذلك عنهم ويحتجبون بالحجب المرويّة عنهم (٦) عليهم‌السلام كما تضمّنه كتاب (مهج الدعوات) وغيره ، فيظهر الله تعالى من عظيم قدرته لذينك الطاغوتين ما يرهبهما به ، حتّى وقع كل منهما مغشيّا عليه غير مرّة. والوجه فيه ما عرفت.

__________________

(١) ليست في «ح».

(٢) من المصدر ، وفي النسختين : بين أبي.

(٣) انظر مدينة معاجز الأئمَّة عليهم‌السلام ٧ : ٣٥٩.

(٤) مهج الدعوات : ٣٨ ـ ٤٥ ، ٢٢٠ ـ ٢٥٨ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦.

(٥) البلد الأمين : ٦٣١ ـ ٦٤٠ ، المصباح (الكفعمي) : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، بحار الأنوار ٩١ : ٢٧٠ ـ ٣٠٦ / ١ ، و ٩١ : ٣٣١ ـ ٣٣٧ / ٤ ـ ٥.

(٦) سقط في «ح».

٤١٥
٤١٦

فهرس الموضوعات

٤١٧
٤١٨

فهرس الموضوعات

مقدمة التحقيق................................................................. ١١

ترجمة المؤلَّف رحمه‌الله.............................................................. ١٤

نسبه.......................................................................... ١٤

ولادته ووفاته رحمه‌الله.............................................................. ١٤

نشأته العلميّة.................................................................. ١٥

شاعريته....................................................................... ١٨

أخلاقه رحمه‌الله وزهده وورعه....................................................... ١٩

أقوال العلماء فيه وإطراؤهم عليه................................................. ٢٠

كراماته....................................................................... ٢١

تقريظ كتبه................................................................... ٢٣

والده رحمه‌الله..................................................................... ٢٤

أبناؤه......................................................................... ٢٥

بين الأخباريين والأصوليين...................................................... ٢٥

مشايخه ومن روى عنهم......................................................... ٢٦

تلامذته ومن يروى عنه......................................................... ٢٦

مؤلَّفاته........................................................................ ٢٨

تأبينه......................................................................... ٣١

الكتاب....................................................................... ٣٢

موضوعه...................................................................... ٣٢

منهجيّة المؤلف في الكتاب....................................................... ٣٢

٤١٩

بين الحدائق والدرر............................................................. ٣٥

ضرورة التنويع................................................................. ٣٥

أقوال العلماء في كتاب الدرر.................................................... ٣٧

منهج التحقيق.................................................................. ٣٧

النسخ الخطية.................................................................. ٣٧

عملنا في الكتاب............................................................... ٣٩

مقدّمة المؤلَّف.................................................................. ٦١

(١) درّة نجفيّة في معنى رواية : «الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر».................. ٦٣

تتميم قبول قول المالك في الطهارة والنجاسة....................................... ٧١

(٢) درّة نجفيّة في معذورية الجاهل............................................... ٧٧

الفائدة الأولى : الاحتياط إنما يكون عند الجهل بالحكم الشرعي.................... ١٠١

الفائدة الثانية : بعض صور الاحتياط............................................ ١٠٣

الصورة الأولى :.............................................................. ١٠٤

الصورة الثانية :.............................................................. ١٠٥

الصورة الثالثة :.............................................................. ١٠٥

الفائدة الثالثة : المراد من الجاهل المعذور......................................... ١٠٨

الفائدة الرابعة : ماهيّة تكليف الجاهل........................................... ١١٢

الفائدة الخامسة : وجوب تعليم الجاهل على العالم ابتداء........................... ١١٤

(٣) درّة نجفيّة فيما لو ادّعى ولي الطفل مالا للطفل على ميّت..................... ١٢١

(٤) درّة نجفيّة في اشتراط بقاء مبدأ الاشتقاق في صدق المشتق حقيقة............... ١٣١

(٥) درّة نجفيّة لو رأى المصلي في ثوب إمامه نجاسة غير معفو عنها................. ١٤٧

(٦) درّة نجفية في تحقيق معنى البراءة الأصليّة وبيان أقسامها وحجيتها............... ١٥٥

معنى الأصل اصطلاحا......................................................... ١٥٥

المناقشة في معاني الأصل....................................................... ١٥٦

أقسام البراءة الأصلية.......................................................... ١٥٩

٤٢٠