الحسين (ع) والوهّابيّة

جلال معاش

الحسين (ع) والوهّابيّة

المؤلف:

جلال معاش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٥

قولنا (السّلام عليكم) ، والتحيّة بها مستحبّة استحباباً مؤكّداً ، أمّا ردّها فهو واجب شرعاً وعقلاً بمثلها (وعليكم السّلام) ، أو بأحسن منها بأن تزيد (ورحمة الله وبركاته) وما أشبه ذلك. وهي سواء للزائر الداخل ، أو للمودّع الخارج ، فالتحيّة هي السّلام (١).

والسَّلام : هو علامة انتهاء الصلاة والخروج من الحضرة المقدّسة لله تعالى ، والتي تدخلها بتكبيرة الإحرام استئذاناً ، فلا بدّ من السّلام عند الانتهاء والخروج ، فتسلّم على الوسيلة إلى الله وهو الرسول وآله الأطهار عليهم‌السلام. وتسلّم على نفسك تحيّة من الله مباركة طيّبة ، وتسلّم على الملأِ الملائكي والإيماني من حولك ؛ ليكون كلّ ما أنت فيه سلاماً وهدوءاً واطمئناناً ، فالسّلام بالنسبة للإسلام هدف استراتيجي حضاري (٢).

القرآن الكريم وحقيقة السّلام

وردت هذه الكلمة (سلم) ومشتقاتها المختلفة أكثر من (٨٠) مرّة في القرآن الكريم ، وذلك بألفاظ عدّة (٢٦ لفظاً) أكثرها هي : سلام ، سلاماً ، أسلم ، السلم.

كما إنّه وردت مادة الإسلام ومشتقاته أكثر من (٥٧) مرّة في الكتاب الكريم. والإسلام هو مشتق وباب من أبواب السّلام كما هو معروف.

فالطرح الإسلامي لهذا الشعار نابع من صميمه العقيدي ، وأصوله الفكريّة

__________________

١ ـ السبيل إلى إنهاض المسلمين ص ١٤٣.

٢ ـ للتفصيل راجع موسوعة الفقه ص السلم والسّلام.

٢٢١

كما هو بيِّن في كتاب الله ، النبع القيّم ، والفضائل والتشريعات الإسلاميّة كلّها.

والملفت للنظر هنا أنّ المتتبّع لآيات القرآن الكريم ، سوف يرى أنّه لا يوجد فيها ما يعبّر عن العنف ، أو أيّ مشتقّ من مشتقاته أبداً. وهذا يزيد التأكيد على أنّ الدين الإسلامي يرفض العنف ويدعو إلى السّلام مع الجميع.

هذا وقد تمّ اختبار هذا الشعار على أرض الواقع فأعطى نتائج رائعة حقّاً ، فقد أعطى حضارة كانت وما زالت فخراً للإنسانيّة جمعاء ، بعلومها وآدابها ، وعمرانها رجالاتها ، وتاريخها الناصع كلّه.

النبيّ محمد رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله السّلام

وأمّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي كان خُلقه القرآن ، وحياته تطبيق وتجسيد لآيات وأحكام القرآن الحكيم ، فقد عاش في مكّة أربعين عاماً واسمه الصادق الأمين ، وعندما نزل عليه الوحي المقدّس ، وأُمِر بالتبليغ لرسالة السماء ؛ لكي ينقذ أهل الأرض من الظلام والجهل والتخلّف إلى النور والعلم والحضارة ، راح الجهلاء وأبناء الجاهليّة يرمونه بكلّ ما يمكن أن يُرمى به من كذب ودجل ، وسحر وشعوذة ، وجنون وهوس ، وغيرها الكثير من الألفاظ ، ولم يكتفوا بذلك ، بل كانوا يضربونه ويؤذونه ، بل يرضخونه بالحجارة حتّى أدموا كعبيه وآذوه. وصدق حين قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما أوذي نبيٌ مثلَ ما أوذيت» (١).

حتى إنّهم لم يتركوا شيئاً يمكن أن يؤذوه به إلاّ وفعلوه ؛ من قتل ربيبته ، ومحاولة اغتياله شخصيّاً ولعدّة مرّات ، فاضطروه إلى الالتجاء إلى شعب أبي

__________________

١ ـ موسوعة بحار الأنوار ٣٩ ص ٥٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ ص ٢٤٧.

٢٢٢

طالب عليه‌السلام لمدّة ثلاث سنوات ، وتهجير أصحابه مرّتين إلى الحبشة ، ولم يزالوا به حتّى هاجر إلى بلد هجرته مكرهاً (١).

لكنّه وبعد فتح مكة ، وبعد حروب طاحنة خاضها ضدّ جيش الكفر والشرك المكي وهو في دار غربته ، وعندما أسرهم وتمكّن منهم قال لهم : «اذهبوا فأنتم الطُّلقاء» (٢).

فالأذى لا يُقابل بالأذى في شريعتنا ، بل يُقابل بالإحسان والامتنان ، والإطلاق لوجه الله تعالى ، وكذلك فعل أمير المؤمنين علي عليه‌السلام الذي قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنت المظلوم من بعدي».

فلقد ظلموه وانتهكوا حرمته ، واقتحموا عليه داره ، وقتلوا زوجته سيّدة نساء العالمين ، وطفلها الجنين (محسن) ، وساقوه كالأسير ، وفعلوا أفعالاً يندى لها جبين الإنسانيّة ، إلاّ أنّه كان كثيراً ما يقول عليه‌السلام : «لأُسالمنَّ ما سلمتْ أمورُ المسلمين ، ولم يكن بها جورٌ إلاّ عليَّ خاصةً» (٣).

ويقول عليه‌السلام : «سلامةُ الدِّين أحبُّ إلينا من غيره» (٤).

هذا هو الشعار ، وهذه هي الممارسة العمليّة له ، فالسّلام عند أمير المؤمنين علي عليه‌السلام هو السبيل إلى بقاء الدين الإسلامي ، والطريق الأفضل لانتشاره. علينا أن نستفيد من هذا الدرس العظيم من الإمام علي عليه‌السلام على طول المدى.

__________________

١ ـ لأوّل مرّة في تاريخ العالم ١ ص ١٤٣.

٢ ـ الكافي ٣ ص ٥١٢ ، وسائل الشيعة ٩ ص ١٨٢ ، بحار الأنوار ١٩ ص ١٨٠.

٣ ـ بحار الأنوار ٢٩ ص ٦١٢ ، نهج البلاغة ص ١٠٢.

٤ ـ بحار الأنوار ٢٨ ص ٣٥٣ ، شرح نهج البلاغة ٦ ص ٢١.

٢٢٣

أمّا الإمام الحسن السبط المجتبى عليه‌السلام فإنّه دفع الحكومة والإمارة كلّها لمعاوية حقناً لدماء المسلمين ، ولوحدتهم وحفظ كلمتهم ، فهو رمز الوحدة والجماعة إلى هذا اليوم.

قدّمنا هذه المقدّمات ؛ لنصل إلى شواطئ النور لبحر الحسين السبط عليه‌السلام سيّد الشهداء ، وسيّد شباب أهل الجنّة الذي قتلته هذه الأُمّة ظلماً وعدواناً ، وجرأة على الله ورسوله ما بعدها جرأة ، ولكن كيف ، ولماذا؟!

الحسين عليه‌السلام ورسالة السّلام والإصلاح

طال البحث حول حركة الإمام الحسين عليه‌السلام ، فهل هي ثورة حقيقيّة كان الهدف منها قلب نظام الحكم في الدولة الإسلاميّة ، والسيطرة بالتالي على مقاليد الأمور السلطويّة؟ أم إنّها كانت نهضة شعبيّة محدودة دون تأييد جماهيري ؛ ولذا أُبيدت؟

أم إنّها كانت حركة إصلاحيّة سلميّة جوبهت بقسوة عجيبة ، وعنف غريب لم يسجّل التاريخ له مثيلاً؟!

إنّ الإمام الحسين عليه‌السلام كان ابن الإسلام البار ، بل أصل الإسلام الحقيقي في عصره ، وهو الذي يُعطي الشرعيّة للحكومة التي تحكم باسم الإسلام ، وإذا لم يعطِ الشرعيّة (بالبيعة) فهذا يعني أنّ الحكومة غير معترف بها دينيّاً وعقائديّاً ، فهي تسير إلى الفشل بلا شك.

الإمام الحسين عليه‌السلام ومنذ اليوم الأوّل كان يردّ الاعتداء والعنف عن نفسه ، وذلك حين دخل دار الإمارة وحاولوا أن يضربوا عنقه ، كما أشار مروان بن

٢٢٤

الحكم على والي يزيد بن معاوية على المدينة ، إلاّ إنّ الإمام عليه‌السلام كان قد اصطحب معه فتيان بني هاشم احتياطاً لمثل هذا العمل الدنيء من الحاكم وأعوانه ، وكان في كلّ مسيرته النهضويّة مسالماً ، لم يبدأ أحداً بعدوان ، ولم يشنّ على أحد حرباً.

أمّا عن أهداف الحركة (أو النهضة) الحسينيّة ، فإنّ الإمام عليه‌السلام قال منذ البداية :

«إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا مُفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أريدُ أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ، ومَنْ ردّ عليَّ أصبر حتّى يحكم الله بيني وبين القوم الظالمين» (١).

فالحركة لطلب الإصلاح في الأُمّة. وهذا لا يأتي إلاّ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ وذلك لأنّ بني أُميّة غيّروا قواعد الإسلام ، وحرفوا الأُمّة عن المحجّة البيضاء والصراط المستقيم ، حتّى فشا المنكر وقلّ المعروف بكثرة أنصار الأوّل وخذلان الثاني ، حتّى صار الإسلام بحالة من التقهقر والرجوع إلى العهد الجاهلي ، وهذا لا يمكن السكوت عنه.

فنهض الإمام الحسين عليه‌السلام ، وتحرّك لإصلاح منظومة القيم الإسلاميّة ، وإنقاذ الإسلام من الجاهليّة ، وبالتالي إعادة المجتمع المسلم إلى أخلاقيّات الإسلام وأحكام القرآن ، وسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسنّته الشريفة ، ولكن كيف؟

__________________

١ ـ موسوعة البحار ٤٤ ص ٣٢٩.

٢٢٥

أرادوا أن يعيدوها جاهليّة جهلاء ، فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل.

أرادوا أن يطمسوا معالم الدين الحنيف ، ويسلّموه للأجيال اللاحقة مشوّهاً ومنفّراً.

أرادوا أن يُطفئوا نور الله بأفواههم وأعمالهم ، وبكلّ ما توفّر لديهم من معطيات.

أرادوا أن ينتقموا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإبادة ذريّته وقتل ريحانته وأبنائه عليهم‌السلام.

أرادوا أن يحكموا بالباطل ، وهم لا يعترفون بالحقّ تعالى.

فكيف السبيل إلى دفع إرادتهم السيئة الخبيثة بإرادة نورانيّة رحمانيّة ربّانيّة؟ فهل هناك إلاّ إمام ذاك الزمان ، المكلّف برعاية وحفظ الدين وتسديد الأُمّة ، وإعادتها إلى جادة الصواب إذا مالت بها الطريق في أثناء مسيرتها؟!

لقد كان الإمام الحسين سبط رسول الله ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، فأنعم به وأكرم من قائد حقّ ، وناطق بالصدق ، تتجسّد فيه أخلاقيّات الإسلام والقرآن ورسول الله ، وشجاعة والده علي بن أبي طالب ، ورقّة ولطافة ومحبّة أُمّه فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

فحركة الإمام منذ البداية وحتى النهاية ـ وهي لما تنته إلى الآن ـ كانت تهدف إلى إبطال كلّ ما أراده اُولئك الرهط اللعناء بحقّ الدين الحنيف.

فأراد الإمام عليه‌السلام أن يؤكّد الإسلام ويرسّخه في الأُمّة كوحي منزل من السماء.

٢٢٦

وأراد أن يبيّن معالم الدين ، ويوضّح أحكامه ، ليسلّمه إلى الأجيال صحيحاً ناصعاً جميلاً.

وأراد أن يستنير الجميع بنور الله الأعظم بالقول والعمل حتّى الشهادة.

وأراد أن يؤكّد مكانة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله ويمكّن دينه حتّى ولو كلّفه ذلك نفسه القدسيّة ، وجميع مَنْ معه من الأهل والأصحاب الكرام.

نعم ، أراد أن يزهق الباطل ، ويثبت الحقّ لوجه الحقّ تعالى ، ويسجّل ذلك كلّه بدمه الطاهر الزكي على تراب كربلاء ، ليبقى شعاراً تتناقله الأجيال المؤمنة ، ويذكره الرجال الطامحون إلى الإصلاح بالسلم والعلم. وهذا المهاتما غاندي الذي حرّر الهند من الاستعمار البريطاني بحركته السلميّة يقول : (تعلّمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر).

والمهاتما غاندي ، هذا الرجل الذي دحر الاستعمار البريطاني من بلاده ، بعد استعمار واحتلال دام قروناً عدّة ، ونهب طال كلّ خيرات الهند ، بماذا حرّر بلاده؟

حرّرها بشعاراته السِّلميّة ، وحركته السِّلميّة الإصلاحيَّة التي شهد لها التاريخ الحديث بالحكمة والحنكة والشجاعة. وغاندي هذا تعلّم من الإمام الحسين عليه‌السلام ، وتعلّم من الإسلام الأخلاق الفاضلة الكريمة ، من حلم وصبر ، وشجاعة ووفاء ، ومحبّة وإخاء ، وثبات على الحقّ الذي يعتقد به ، فحرَّر بلاده وصار مثالاً يُحتذى به ، وعَلماً يُشار إليه بالبَنان كلّما ذُكر السَّلام ، وما هو إلاّ تلميذ في مدرسة المولى أبي عبد الله الحسين سيّد الشهداء.

نحن إذا نظرنا في التاريخ وفي الواقع فسنجد أنّ البعض يحاول أن يبني

٢٢٧

إمبراطوريّة سياسيّة ، والبعض الآخر يحاول أن يبني إمبراطوريّة عالميّة ، وبعض يحاول أن يبني إمبراطوريّة إعلاميّة ، ولكن الأنبياء وأوصيائهم عليهم‌السلام وحدهم كانوا يريدون أن يبنوا إمبراطوريّة سلام (إنسانيّة) ، وقد سجّل التاريخ بأحرف من نور أنّ الحسين السبط عليه‌السلام قد قُتل من أجل أن يسود السَّلام.

يبدأ السَّلام من إحساس نزيه يتحوّل إلى فكرة مقدّسة بمرور الزمن ؛ والإحساس بالكرامة والسَّلام يتطلب كرامة وسلامة الإحساس ، وكما يحوم الضباب حول القمم العالية ، فإنّ كلّ فكرة تدعو للسّلام لا بدّ وأن تحوم حولها الشبهات ، تماماً مثل السَّلام الحسيني.

لقد قُتل الحسين بن علي الشهيد عليه‌السلام في معركة من أجل السَّلام ، غير أنّه لم يُهزَم كرجل عمل في سبيل السَّلام والكرامة ، والحرية والعدالة والإصلاح. إنّ مَنْ يريد أن يُصبح رجل سلام عليه أن يفكّر كما يفكّر رجال السَّلام ، وأن يتصرّف ويتحمّل مثلهم ، ومَثَلهم الأعلى هو الإمام الحسين عليه‌السلام.

قلنا بأنّ الله سبحانه هو السَّلام ، ومنه السَّلام ، وإليه السَّلام ، ويدعو إلى دار السَّلام ، ورسوله محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الإسلام والسَّلام ، وهو يقول : «حسين منّي وأنا من حسين». ومعنى هذا أنّ الإمام الحسين عليه‌السلام هو رائد السَّلام الإلهي والعالمي ، وأنّ ظلامته تكمن في اغتيال نيّة وجهود السَّلام الحسيني.

إنّ الإمام الحسين عليه‌السلام كان يبحث عن أيّ فرصة سلام للأُمّة ، ولم يكن يبحث عن فرصة هروب إلى الأمام ، وكيف يكون ذلك وهو القائل : «إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياةَ مع الظّالمين إلاّ برماً» (١).

__________________

١ ـ موسوعة بحار الأنوار ٤٤ ص ١٩٢ ، كشف الغمة ٢ ص ٣٢ ، المناقب ٤ ص ٦٨.

٢٢٨

وأن تحمل مشعلاً كبيراً للسّلام حتّى ولو لم تنجح في وضعه على قمم الجبال ، أفضل من أن تحمل شمعة صغيرة يمكن أن تضعها في أيّ مكان ، وأن تحمل شمعة خير لك من أن تعيش في الظلام.

كان أبو عبد الله الحسين عليه‌السلام يبحث عن السَّلام بقوّة الرفق ، وصلابة الإرادة الإيمانيّة ، ومهما كانت إرادتك صلبة فلا بدّ لك من أن تعتمد اللّين والسَّلام في تنفيذها. وكلمات الإمام ما زالت تردّدها الأجيال في أصداء الزمن باحثة برفقٍ ولين عن السَّلام ، وحفظ الذمام قائلةً : «إذا كرهتُموني فدعوني أنصرف عنكم ـ إلى مأمن من الأرض ـ» (١).

وهو الذي خرج في ليلة العاشر من المحرَّم قاصداً قيادة جيش العدوّ (عمرو بن سعد) ؛ ليبحث معه فرص السَّلام الممكنة ، وفرص الحياة الآمنة بعيداً عن الدماء وقعقعة السّلاح.

نعم ، كان الإمام يبحث عن سلام البطولة والرجولة وليس عن بطولة السَّلام ، ولأن تكاليف البطولة كبيرة وغالية فإنّ أغلب الناس يحبّذون القيام بتمثيل دور بطل السَّلام ، بدل أن يقوموا بأداء دور سّلام البطولة.

وكم مرّة حاول الإمام الحسين عليه‌السلام نزع فتيل الصاعقة المدمِّرة ، وإيقاف السيل أو تحويله إلى أماكن أكثر أمناً وفائدة ، وأقلّ ضرراً وأذيّة ، حتّى أنّه طلب منهم أن يتركوه ليسير أو يسيروا معه إلى الشام.

وفي يوم عاشوراء خاطبهم ونصحهم حتّى أنّه بكى عليهم رحمة وشفقة ؛

__________________

١ ـ روضة الواعظين ١ ص ١٨١ ، المناقب لآل أبي طالب ٤ ص ٩٧.

٢٢٩

لأنّهم سوف يدخلون النار بسببه ، وهو لا يريد لهم إلاّ الرحمة والجنّة ، إلاّ أنّ إبليس ركبهم وساقهم إلى ما فيه هلاكهم في الدنيا والآخرة.

إنّه إذا كان جلب المنفعة هو أكبر دوافع التّجار إلى العمل ، ودفع المضرّة هو أكبر دوافع الحكماء ، فإنّ مسؤوليّة السَّلام هي أكبر دوافع العظماء إلى ذلك ؛ ولذلك كان الإمام عليه‌السلام يرى أن السَّلام وحده هو الكفيل بإخراج الأُمّة من شرنقة الضياع والانحراف.

وكما كانت حروب الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله دفاعيّة ـ دفعاً للاعتداء ، وبحثاً عن السَّلام في الأرض ـ فإنّ دفاع الإمام الحسين عليه‌السلام عن نفسه وعياله ، لهو أكبر دليل على أنّه لم يرد الحرب ، بل كان دائماً يقول : «إنّي أكرهُ أن أبدأهم بقتالٍ» (١).

حتى حين تمكن من طلائعهم ـ جيش الحرّ الرياحي ـ وكانوا على شفا حفرة من الهلاك بالعطش هم ودوابهم ، فإنّه أنقذهم وسقاهم الماء حتّى أنعشهم ولم يبدأهم بالقتال ، وكان من السهل أن يبيدهم عن بكرة أبيهم ، أو لا أقل أن يتركهم يموتون عطشاً في تلك الصحراء ، وتلسعهم سياط الشمس المحرقة حتّى يهلكوا ، إلاّ أنّ أخلاق الحسين بن علي عليه‌السلام أرفع من ذلك بكثير.

فالإمام لم يكن أبداً يريد القتال ولا الحرب ، ولم يكن يسمح لعسكره ببدء المعركة بعد أن تحتّمت في صباح اليوم العاشر ، إذ لم تستعر نيرانها إلاّ بعد أن تقدّم (عمر بن سعد) ووضع نبلاً في كبد قوسه ، ورماه إلى جهة معسكر

__________________

١ ـ مستدرك الوسائل ١١ ص ٨٠ ، بحار الأنوار ٤٥ ص ٤.

٢٣٠

الحسين عليه‌السلام وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَنْ رمى ؛ فانهالت السّهام على جيش الإيمان كالمطر كما يذكر المؤرّخون وأرباب السير (١).

فالمولى أبو عبد الله عليه‌السلام لم يكن يريد أن يقاتلهم ويقتلهم ، بل كان يريد أن يهديهم ويحميهم ، وينقذهم من شياطين الإنس والجنّ ، كان يفكر بسعادتهم وعيالاتهم ، وإصلاح جميع شؤونهم الخاصّة والعامّة ، ولا يفكّر بقتلهم وإبادتهم ، ولو أراد ذلك لدعا عليهم دعوة واحدة فيغرقهم الفرات ، أو تبلعهم الصحراء ، أو تلعنهم السماء وترميهم بحجارة من سجّيل لتجعلهم كأصحاب الفيل.

إنّ الإمام الحسين عليه‌السلام قد أبى أن يعيش إلاّ عزيزاً كريماً بكلّ شموخه وعظمته ، وأبى أعداؤه إلاّ الإصرار على أخذه بالذلّة : «إنّ الدّعيَ ابن الدعي قد ركز بين اثنين ؛ بين السِّلة والذلّة» (٢) ؛ وذلك لأنّ العدوّ ينظر إلى تحقيق مصالحه وأهدافه غير منقوصة ، ولذا تراه لم يعطِ للإمام أيّ فرصة لتحقيق المصلحة العامّة للإسلام المتمثلة في السَّلام.

وقد نجح شمر بن ذي الجوشن في إفشال عدّة حوارات بين الإمام الحسين عليه‌السلام وعمرو بن سعد من أجل السَّلام.

والحقيقة أنّه لا شك في ضرورة امتلاك القوّة من القوّة ، ولكنّ استخدامها في غير وقتها ومحلّها من الضعف. وسبحان الله الذي يملك القوّة جميعاً ، ولا يستخدمها إلاّ بقدر وحكمة!

__________________

١ ـ مقتل الحسين ـ للمقرّم ص ٢٣٧.

٢ ـ مثير الأحزان ص ٥٤ ، شرح نهج البلاغة ٣ ص ٢٤٩.

٢٣١

ولو كانت القوّة يمكن أن يُكتب لها البقاء من غير أن يرافقها السَّلام الحسيني لما انقرضت الإمبراطوريّات ، ولو كان السَّلام يمكن أن يُكتب له البقاء والانتصار من غير القوّة لما كانت أسماء الشهداء تملأ صفحات التاريخ النيّرة ، وفي مقدّمتهم سيّد الشهداء الحسين بن علي عليهما‌السلام.

أراد الإمام السَّلام بشروطه هو ، وليس بشروط يزيد بن معاوية أو عبيد الله بن زياد ؛ ولذا فلن يكون الاستسلام للباطل قاعدة للسَّلام بين الأُمم ، إذ كيف يمكن الجمع بين الهزيمة والطمأنينة؟ ولذلك قال أبو الأحرار الحسين بن علي عليهما‌السلام : «هيهاتَ منّا الذّلة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون» (١).

أقسام السَّلام

ينقسم السَّلام إلى ثلاث مستويات متتاليات ، هي :

١ ـ السَّلام الذاتي : الذي يعيشه كلّ واحد منّا ويتمنّاه في حياته كلّها.

٢ ـ السَّلام المجتمعي : الذي يشمل المجتمع كلّه من الأسرة وحتى الأُمّة.

٣ ـ السَّلام العالمي : وهو الذي لا يتحقّق إلاّ في آخر الزمان ، ولكن لا بدَّ من السعي وراءه في كلّ زمان ، وخصوصاً في هذا الزمن الأغبر الذي تتكالب فيه الأقوياء لأكل وهضم الضعفاء.

فلكي يكون الإنسان في سلام مع نفسه ، يجب عليه أن يؤدّي حقّ ربّه وحقّ نفسه ، ولكي يكون في سلام مع أسرته يجب أن يعطي لكلٍّ حقّه ؛ أبويه وإخوته ، وأقربائه وزوجته وأبنائه.

__________________

١ ـ موسوعة البحار ٤٥ ص ٨٣ ، الاحتجاج ص ٢٣٦ ، المناقب ٤ ص ١١٠.

٢٣٢

أمّا الذي يتطلّع إلى سلام الأُمّة فعليه تأدية الحقوق المرتبطة بها ، من الجار المؤمن إلى المسلم إلى أهل الكتاب وأهل الذمّة ، إلى المعلّم والقاضي ، إلى أن يصل إلى الحاكم الشرعي ، فلكلٍّ حقّه ، وعليه أن يراعيه ما أمكنه ذلك ، ويؤدّيه عن طيب خاطر وهدوء نفس.

أمّا الذي يدنو ويتفاءل في سلام العالم (السَّلام الكوني) ، فعليه أن يؤدّي حقوق العالم عليه ، فللأرض حقّ وللسماء حقّ ، وللبحار والأنهار والمياه حقّ ، وللبهائم والحيوانات البريّة والبحريّة والطيور حقوق ، وهي شريكة لنا في هذا الكون الفسيح ، ولا ننسى حقوق الأجيال المقبلة من هذه الثروات ، كما إنّ الهواء وطبقات الجو والأوزون ، وبقيّة الكواكب والنجوم والأكوان كلّها لها مواقعها وحقوقها ، وعلى الإنسان أن يعي ويؤدّي بعض هذه الحقوق.

لأنّ الله سبحانه يقول وقوله حقّ وصدق : (كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (١) و (كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ) (٢) و (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) (٣). فالكون مركّب من حقوق وواجبات ، فصاحب الحقّ سلطان ، ومَنْ عليه الواجب فهو مطالب به أيّ لتأديته ، وهذا أمر بديهي وفطري وعقلاني ، ولا يستطيع أحد أن ينكر ضرورة تأدية الواجب.

ومن حقوق الأجيال القادمة أن تعيش وتتنعّم بهذه النعم حسب حاجتها وطاقتها ، وواجبنا الحفاظ على هذه الثروات وألاّ نستهلك منها ما يزيد عن حاجتنا ، وذلك بهدر هذا المخزون الكوني فيما يدمّر الكون ولا يعمّره ، وفيما

__________________

١ ـ سورة القمر : الآية ٤٩.

٢ ـ سورة الرعد : الآية ٨.

٣ ـ سورة الحجر : الآية ١٩.

٢٣٣

يبيد البشر ولا يسعدهم.

ومن يعِ كلّ هذا أو بعضه يمكن أن يعيش في سلام ذاتي يشعر فيه بالسعادة والأمن والاطمئنان ، وبقدر الوعي والعمل تكون النتائج إيجاباً أو سلباً.

فالسَّلام : ضرورة حضاريّة حقّاً ، طرحه الإسلام منذ أربعة عشر قرناً من الزمن ، وهو ضرورة لكلّ مناحي الحياة البشريّة اعتباراً من الفرد مروراً بالمجتمع وانتهاءً بالعالم أجمع.

والسَّلام : هو الذي يبني ويعلّي ويعلّم ويطوّر المجتمع.

والحرب أو العنف : هو الذي يدمِّر ويهدم ويقتل ويشرّد ، ولا يقي ولا يذر ، بل يدفع بالبشر إلى التخلّف والجهل والرذيلة.

ولأنّ سيّد الشهداء كان يعيش السَّلام في داخله ، فقد حمل مسؤوليّة تحقيق المشروع على عاتقه ، غير أنّ الطرف الآخر كان يريد من الحسين الاستسلام دون السَّلام ، ولا معنى لتحقيق السّلام مع الآخرين من دون أن تحقّقه مع نفسك ، فلا أحد أولى به منك.

ويفقد السَّلام قدسيته عندما تحمل اليد الملوثة رايته ، ذلك أنّ اللوث نجاسة مسرية وستسري إلى الراية من اليد. وقد كان يزيد بن معاوية يريد سلام السيف ، وقد رفع له راية بيد عمر بن سعد كُتب عليها (عجّلوا في قتل الحسين حتّى نصلّي جماعة)!

وإذا كان السَّلام ممنوعاً عنك فلا تتردّد في قبول خيار الدفاع عنه ؛ حتّى تصبح معركتك مقدّسة ، وهكذا كان الحسين يدافع عن الطهارة والسَّلام ، وهو الذي أنشد يقول :

٢٣٤

الموتُ أولى من ركوبِ العارِ

والعارُ أولى من دخولِ النارِ

والله ما هذا وهذا جاري

بين الدم والسيف صراع علني أحياناً وخفي حيناً آخر ، فإذا كان في العلن انتصر الدم على السيف ، وإذا كان في الخفاء انتصر السيف على الدم. ومن هنا فإنّ كلّ أعداء السَّلام في التاريخ يريقون الدماء في الظلام ، ويغسلون عنها أيديهم في العلن ، وماذا سيبقى من الضمير العالمي إذا كان السَّلام يُذبح كلّ يومٍ بمنظرٍ وبمسمعٍ من كلّ الناس في كلّ مكان.

إنّ الحسين عليه‌السلام وقّع على وثيقة استشهاده ؛ لينقذ السَّلام المذبوح ، وشتان بين مَنْ يقبل التوقيع على وثيقة إعدامه لينقذ الأُمّة المُحبطة ، وبين مَنْ يوقّع على وثيقة إعدام أُمّته وسلامها لينقذ نفسه أو حزبه. فالأوّل موقف الشهداء والحسين سيّدهم ، والثاني موقف قاتلي الشهداء ويزيد رئيسهم.

وعندما بحث الحسين عليه‌السلام عن السَّلام كان يريده للجميع ، فهو ليس من الذين يتحدّثون عن خلاص الأُمّة وهم يتاجرون بآلامها.

وإذا أقمنا الحزن على سيّد الشهداء كلّ سنة فهو تقصير ، أمّا إذا أقمنا عليه الحزن كلّ ساعة فهذا توقير ، كلّ ذلك لأنّ السَّلام يُذبح كلّ ساعة ، فالحزن على فقد قلب الحسين الذي بحث عن السَّلام ، فهل نبحث عن السَّلام في قلب الحسين من جديد؟

ويبقى الحسين هو الشهيد الشاهد على اغتيال السَّلام بسيوف البغي (١).

__________________

١ ـ مجلة النبأ ص ٨٥ عدد ٦٦ (بتصرّف).

٢٣٥

إستراتيجيّة السَّلام

الإسلام دين الحكمة والقرآن الحكيم هو دستوره ، وهو منزل من حكيم عليم. ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أحكم العلماء على مدى العصور والدهور ، باعتراف العدوّ والصديق ، والقاصي والداني ، وكلّ مَنْ اطّلع على حياته الشريفة وأخلاقه العظيمة لا بدّ أن يأخذه العجب العجاب من حكمته وخلقه العظيم ، وحنكته السياسيّة الفريدة.

الحكمة : هي وضع الشيء في موضعه المناسب له كما قالوا في تعريفها ، فهل من الحكمة أن نجبر الخلق على الإسلام أو الإيمان؟

وهل من الحكمة أن يُقاتَل كلّ مَنْ يخالفنا الرأي؟!

وهل من الحكمة أن نُبيد أهل الأديان السابقة ؛ لأنّها قد نُسخت بالإسلام؟!

وهل من الأخلاق أن نقتل مَنْ نشاء ، كيف نشاء ، ومتى نشاء ، دون أيّة ضوابط شرعيّة ، أو أيّة قيود عقليّة ، أو شروط منطقيّة لذلك؟!

لا هذا ولا كلّ ما يمتّ إليه بصلة من الإسلام في شيء ، بل الإسلام أمر بعكسه تماماً ، والإسلام هو دين المحبّة والأخوّة والسَّلام ، وأخلاقيّاته معروفة للجميع ومشهود لها بالطهارة.

(إنّما الأصل الذي يدعو إليه الإسلام هو السَّلام ، وليست الحروب والمقاطعة ، وما أساليب العنف ، إلاّ وسائل اضطرارية وشاذّة ، وهي على خلاف الاُصول الأوّليّة الإسلاميّة ، حالها حال الاضطرار لأكل الميتة وما أشبه ،

٢٣٦

والحروب تقدّر بقدرها في الإسلام) (١).

فالإسلام يقول مقابل ذلك :

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (٢) ، ويقول : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٣) ، ويقول : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(٤) ، ويقول : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٥) ، ويقول : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا) (٦) ، ويقول : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) (٧) ، ويقول : (لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ) (٨) ، ويقول : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (٩).

فالإسلام واحة غنّاء من الحبّ والسَّلام والتعاون ، وهو يرفض رفضاً قاطعاً جميع أشكال وأنواع العنف النفسي والجسدي ، والاجتماعي والسياسي ، والاقتصادي والثقافي ، حتّى أنّه يرفض العنف ولو بالكلمة ؛ شعراً أو نثراً ، سبّاً أو لعناً ، قذفاً أو غيبةً ، فالأخلاقيّات الإسلاميّة ترفض جميع هذه الأنواع من السلوكيّات المنحرفة.

__________________

١ ـ السبيل إلى إنهاض المسلمين ص ١٤٣.

٢ ـ سورة القصص : الآية ٥٦.

٣ ـ سورة يونس : الآية ٥٩.

٤ ـ سورة الكافرون : الآية ٦٦.

٥ ـ سورة سبأ : الآية ٢٤.

٦ ـ سورة آل عمران : الآية ٦٤.

٧ ـ سورة النساء : الآية ١٧.

٨ ـ سورة الإسراء : الآية ٣٣.

٩ ـ سورة البقرة : الآية ٢٠٨.

٢٣٧

والتقديم والتقويم عنده هو قوله تعالى الموجّه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلينا جميعاً : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١).

فالحكمة بالمواقف والمواجهات والموعظة الحسنة للأهل والأقارب والمحيط الاجتماعي ، والجدل بالتي هي أحسن لأهل الإنكار والجحود وللمخالفين في الآراء.

فأين دعاة التكفير للأُمّة الإسلاميّة كلّها من أخلاقيّات الإمام الحسين عليه‌السلام؟! وأين أصحاب منهج السبّ والتشهير بالأُمّة من أخلاق الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!

وأين رعاة المفسّدين في الدنيا ولا سيما في الأُمّة الإسلاميّة من أخلاق القرآن الكريم؟!

__________________

١ ـ سورة النحل : الآية ١٢٥.

٢٣٨

الفصل الحادي عشر

رؤية أُخرى في التوحيد الإلهي والتربوي

٢٣٩
٢٤٠