منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

وجوب الاختبار بمجرد الاحتمال إشكال بل لا يبعد عدمه.

مسألة ١٠٩٦ : يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم ، وفي النساء بشهادة الرجال ، وفي ثبوته بشهادة رجل وأمرأتين أو بشهادة النساء منفردات إشكال.

٤ ـ الفلس :

المفلس هو الذي حجر عليه أي منع من التصرف بماله لقصوره عن ديونه.

مسألة ١٠٩٧ : من كثرت عليه الديون ولو كانت أضعاف أمواله يصح له التصرف فيها بأنواعه وينفذ أمره فيها بأصنافه ولو بإخراجها جميعاً عن ملكه مجاناً أو بعوض ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي ، نعم لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلاً لأجل الفرار من أداء الديون تشكل الصحة ، خصوصاً فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب ونحوه.

مسألة ١٠٩٨ : لا يجوز الحجر على المفلس إلا بشروط أربعة :

الأول : أن تكون ديونه ثابتة شرعاً.

الثاني : أن تكون أمواله من عروض ونقود ومنافع وديون على الناس ما عدا مستثنيات الدين قاصرة عن ديونه.

الثالث : أن تكون الديون حالة ، فلا يحجر عليه لأجل الديون المؤجلة وإن لم يف ماله بها لو حلت ، ولو كان بعضها حالاً وبعضها مؤجلاً فإن قصر ماله عن الحالة يحجر عليه والا فلا.

الرابع : أن يرجع الغرماء كلهم أو بعضهم إلى الحاكم ويطلبوا منه الحجر عليه ، فليس للحاكم أن يتبرع بالحجر عليه أو عند طلبه نفسه ، نعم إذا كان الدين لمن يكون الحاكم وليهم كاليتيم والمجنون جاز له الحجر عليه مع مراعاة مصلحتهم.

مسألة ١٠٩٩ : يعتبر في الحجر عليه بطلب بعض الغرماء أن يكون

٣٤١

دينه بمقدار يجوز الحجر به عليه وإن عم الحجر حينئذٍ له ولغيره من ذي الدين الحال الذي يستحق المطالبة به.

مسألة ١١٠٠ : إذا حجر الحاكم على المفلس تعلق حق الغرماء بأمواله عيناً كانت أم ديناً ، ولا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع والإجارة وبغير عوض كالوقف والهبة والإبراء إلا بإذنهم أو إجازتهم.

مسألة ١١٠١ : إذا اشترى شيئاً بخيار ثم حجر عليه جاز له إسقاط خياره وأما جواز فسخه فمحل إشكال.

مسألة ١١٠٢ : إنما يمنع الحجر عن التصرف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه دون الأموال المتجددة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث أو باختياره بمثل الاحتطاب والاصطياد وقبول الوصية والهبة ونحو ذلك ، نعم لا إشكال في جواز تجديد الحجر عليها إذا كانت مع الأموال السابقة قاصرة عن ديونه والا بطل الحجر.

مسألة ١١٠٣ : لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض والبائع الغرماء ، ولو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء وكذا لو أقر بدين سابق أو بعين ، نعم ينفذ الإقرار في حق نفسه فلو سقط حق الغرماء عن العين وإنفك الحجر لزمه تسليمها إلى المقر له أخذاً بإقراره.

مسألة ١١٠٤ : إذا حكم الحاكم بحجر المفلس أمره ببيع أمواله بالاتفاق مع غرمائه وقسمتها بينهم بالحصص وعلى نسبة ديونهم ، فإن أبى باعها عليه بالاتفاق معهم وقسمها كذلك ويزول الحجر عنه بالتقسيم والأداء ، ويستثنى من أمواله مستثنيات الدين وقد مرت في كتاب الدين ، وكذا أمواله المرهونة عند الديان لو كانت ، فإن المرتهن أحق باستيفاء حقه من العين المرهونة ولا يحاصه فيها سائر الغرماء إلا في المقدار الزائد منها على

٣٤٢

دينه كما مر في كتاب الرهن.

مسألة ١١٠٥ : إذا كان من جملة مال المفلس عين اشتراها وكان ثمنها في ذمته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع ويأخذ عين ماله وبين الضرب مع الغرماء بالثمن ولولم يكن له مال سواها.

مسألة ١١٠٦ : الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور ، فله أن لا يبادر بالفسخ والرجوع في العين ، نعم ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث يعطل أمر التقسيم على الغرماء ، فإذا وقع منه ذلك خيره الحاكم بين الأمرين ، فإن امتنع عن اختيار أحدهما ضربه مع الغرماء بالثمن.

مسألة ١١٠٧ : يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدين فلا رجوع لو كان مؤجلاً ولم يحل قبل القسمة وأما مع حلوله قبلها فله ذلك على الأقرب.

مسألة ١١٠٨ : لو كانت العين من مستثنيات الدين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر.

مسألة ١١٠٩ : المقرض كالبائع في أن له الرجوع في العين المقترضة لو وجدها عند المقترض ، وأما المؤجر فهل له فسخ الإجارة إذا حجر على المستأجر قبل استيفاء المنفعة؟ فيه إشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.

مسألة ١١١٠ : لو باع شقصاً وفلس المشتري كان للشريك الأخذ بالشفعة ويضرب البائع مع الغرماء في الثمن.

مسألة ١١١١ : لو وجد البائع أو المقرض بعض العين المبيعة أو المقترضة كان لهما الرجوع إلى الموجود بحصته من الدين والضرب بالباقي مع الغرماء كما إن لهما الضرب بتمام الدين معهم.

مسألة ١١١٢ : لو حصلت العين المبيعة أو المقترضة زيادة منفصلة كالولد ونحوه فهي للمشتري والمقترض وليس للبائع والمقرض إلا الرجوع إلى الأصل ، وأما لو حصلت لها زيادة متصلة فإن كانت غير قابلة للإنفصال

٣٤٣

كالسمن والطول فهي تابعة للعين فيرجع البائع أو المقترض إلى العين كما هي إلا إذا كانت كثيرة كما سيأتي ، وإن كانت قابلة له كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال والأظهر عدمها.

مسألة ١١١٣ : إذا زرع الحب أو استفرخ البيض لم يكن للبائع أو المقرض الرجوع إلى الزرع أو الفرخ ، وكذا في كل مورد حصل تغير في المبيع أو المال المقترض بحيث لا يصدق أنه عين ماله وإن كان ذلك بسبب حصول نماء متصل فيه غير قابل للانفصال كما لو باعه الفرخ في أول خروجه من البيض فصار دجاجاً فإن ذلك يمنع من الرجوع فيه ، نعم لا يمنع منه حدوث صفة أو ما بحكمها فيه وإن أوجبت زيادة قيمته السوقية.

مسألة ١١١٤ : لو اشترى ثوباً فقصره وصبغه لم يبطل حق البائع في العين ، وأما لو اشترى غزلاً فنسجه أو دقيقاً فخبزه فالأظهر بطلان حقه فيهما.

مسألة ١١١٥ : لو تعيبت العين عند المشتري مثلاً ، فإن كان بآفة سماوية أو بفعل المشتري فللبائع أن يأخذها كما هي بدل الثمن وإن يضرب بالثمن مع الغرماء ، وكذا لو كان بفعل البائع أو الأجنبي على الأقرب.

مسألة ١١١٦ : لو اشترى أرضاً فأحدث فيها بناء أو غرساً ثم فلس كان للبائع الرجوع إلى أرضه لكن البناء والغرس للمشتري فإن تراضيا على البقاء مجاناً أو بعوض جاز وإن لم يرض البائع بالبقاء قيل : إن له إجبار المشتري على القلع والهدم وليس للمشتري إجباره على البقاء ولو بأجرة ، ولكنه لا يخلو عن إشكال ، ولو أراد المشتري القلع أو الهدم فليس للبائع إجباره على البقاء ولو مجاناً بلا إشكال.

مسألة ١١١٧ : إذا خلط المشتري ما اشتراه بمال آخر على نحو يعد معه تالفاً أو موجباً للشركة في الخليط فالأظهر سقوط حق البائع في العين فيضرب مع الغرماء في الثمن.

٣٤٤

مسألة ١١١٨ : غريم الميت كغريم المفلس ، فإذا وجد عين ماله في تركته كان له الرجوع إليه ، لكن بشرط أن يكون ما تركه وافياً بدين الغرماء ، والا فليس له ذلك بل هو كسائر الغرماء يضرب بدينه معهم وإن كان الميت قد حجر عليه.

مسألة ١١١٩ : إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس وأذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

مسألة ١١٢٠ : يجري على المفلس إلى يوم قسمة ماله نفقته وكسوته ونفقة وكسوة من يجب عليه نفقته وكسوته على ما جرت عليه عادته ، ولو مات قدم كفنه بل وسائر مؤن تجهيزه من السدر والكافور وماء الغسل ونحو ذلك على حقوق الغرماء ويقتصر على الواجب على الأحوط ، وإن كان القول باعتبار المتعارف بالنسبة إلى أمثاله لا يخلو من قوة.

مسألة ١١٢١ : لو قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر نقضت القسمة وشاركهم.

٥ ـ مرض الموت :

مسألة ١١٢٢ : المريض إذا لم يتصل مرضه بموته فهو كالصحيح يتصرف في ماله بما شاء وكيف شاء وينفذ جميع تصرفاته في جميع ما يملكه إلا فيما أوصى بأن يصرف شيء بعد موته فإنه لا ينفذ فيما زاد على ثلث ما يتركه ، كما أن الصحيح أيضاً كذلك وسيأتي تفصيل ذلك في محله.

وأما إذا اتصل مرضه بموته فلا إشكال في عدم نفوذ وصيته بما زاد على الثلث كغيره ، كما أنه لا إشكال في جواز انتفاعه بماله بالأكل والشرب والإنفاق على نفسه ومن يعوله والصرف على أضيافه وفي حفظ شأنه وأعتباره وغير ذلك مما يليق به ولا يعد سرفاً وتبذيراً أي مقدار كان ، وكذا لا إشكال في نفوذ تصرفاته المعاوضية المتعلقة بماله إذا لم تكن مشتملة على المحاباة

٣٤٥

كالبيع بثمن المثل والإجارة بأجرة المثل ، وإنما الإشكال في تصرفاته الأخرى المبنية على المحاباة والمجانية أو على نحومنها كالوقف والصدقة والإبراء والهبة والصلح بغير عوض أو بعوض أقل من القيمة والبيع بأقل من ثمن المثل والإجارة بأقل من أجرة المثل ونحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله ، وهي المعبر عنها بـ ( المنجزات ) فقد وقع الإشكال في أنها هل هي نافذة من الأصل ـ بمعنى نفوذها وصحتها مطلقاً وإن زادت على ثلث ماله بل وإن تعلقت بجميع ماله بحيث لم يبق شيء للورثة ـ أو هي نافذة بمقدار الثلث ، فإذا زادت يتوقف صحتها ونفوذها في الزائد على إمضاء الورثة ، والأقوى هو الثاني.

مسألة ١١٢٣ : الواجبات المالية التي يؤديها المريض في مرض موته كالخمس والزكاة والكفارات تخرج من الأصل.

مسألة ١١٢٤ : الصدقة وإن كانت من المنجزات كما تقدم لكن الظاهر أنه ليس منها ما يتصدق المريض لأجل شفائه وعافيته مما يليق بشأنه ولا يعد سرفاً.

مسألة ١١٢٥ : يقتصر في المرض المتصل بالموت على ما يكون المريض معه في معرض الخطر والهلاك ، فمثل حمى يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف مجاري العادة لا يمنع من نفوذ المنجزات من أصل التركة ، وكذا يقتصر فيه على المرض الذي يؤدي إلى الموت ، فلو مات لا بسبب ذلك المرض بل بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو لدغ حية ونحو ذلك لم يمنع من نفوذها من الأصل ، وأيضاً يقتصر في المرض الذي يطول بصاحبه فترة طويلة على أواخره القريبة من الموت فالمنجزات الصادرة منه قبل ذلك نافذة من الأصل.

مسألة ١١٢٦ : لا يبعد أن يلحق بالمرض كون الإنسان في معرض الخطر

٣٤٦

والهلاك كأن يكون في حال المراماة في الحرب أو في حال إشراف السفينة على الغرق.

مسألة ١١٢٧ : لو أقر بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبي ، فإن كان مأموناً غير متهم نفذ إقراره في جميع ما أقر به ، وإن كان زائداً على ثلث ماله بل وإن استوعبه ، والا فلا ينفذ فيما زاد على ثلثه.

هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت وأما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض غير مرض الموت نفذ في الجميع وإن كان متهماً.

والمراد بكونه متهماً وجود أمارات يظن معها بكذبه ، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظن معها بأنه يريد بذلك إضرارهم ، أو كان له محبة شديدة مع المقر له يظن معها بأنه يريد بذلك نفعه.

مسألة ١١٢٨ : إذا لم يعلم حال المقر وإنه كان متهماً أو مأموناً ففي الحكم بنفوذ إقراره في الزائد على الثلث وعدمه إشكال ، فالأحوط التصالح بين الورثة والمقر له.

مسألة ١١٢٩ : إنما يحسب الثلث في مسألتي المنجزات والإقرار بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال عيناً أو ديناً أو منفعة أو حقاً مالياً يبذل بأزائه المال كحق التحجير ، وهل تحسب الدية من التركة وتضم إليها ويحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع أم لا؟ وجهان أوجههما الأول.

مسألة ١١٣٠ : ما تقدم من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصية وفي المنجزات إنما هو فيما إذا لم يجز الورثة والا نفذتا بلا إشكال ، ولو أجاز بعضهم نفذ بمقدار حصته ، ولو أجازوا بعضاً من الزائد عن الثلث نفذ بقدره.

مسألة ١١٣١ : لا إشكال في صحة إجازة الوارث بعد موت المورث ، وهل تصح منه في حال حياته بحيث تلزم عليه ولا يجوز له الرد بعد ذلك أم

٣٤٧

لا؟ قولان أقواهما الأول خصوصاً في الوصية ، وأذا رد في حال الحياة يمكن أن يلحقه الإجازة بعد ذلك على الأقوى وإن رده بعد الموت لم تنفع الإجازة بعده.

٣٤٨

كتاب الضمان

٣٤٩
٣٥٠

الضمان هو : ( التعهد بمال لآخر ) ويقع على نحوين :

تارة على نحو نقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له ، وأخرى على نحو التزام الضامن للمضمون له بأداء مال إليه فليست نتيجته سوى وجوب الأداء عليه تكليفاً ، فالفرق بين النحوين : أن الضامن على النحو الأول ـ وهو المقصود بالضمان عند الإطلاق ـ تشتغل ذمته للمضمون له بنفس المال المضمون ، فلو مات قبل وفائه أخرج من تركته مقدماً على الإرث ، وأما الضامن على النحو الثاني فلا تشتغل ذمته للمضمون له بنفس المال بل بأدائه إليه فلو مات قبل ذلك لم يخرج من تركته شيء إلا بوصية منه.

مسألة ١١٣٢ : يعتبر في الضمان : الإيجاب من الضامن والقبول من المضمون له بلفظ أو فعل دال ـ ولو بضميمة القرائن ـ على تعهد الأول بالمال ورضا الثاني بذلك.

مسألة ١١٣٣ : يعتبر في الضامن والمضمون له : البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم السفه ، وعدم التفليس أيضاً في خصوص المضمون له ، وأما في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

مسألة ١١٣٤ : الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فلو علقه على أمر كأن يقول : أنا ضامن لما على فلان إن أذن لي أبي ، أو أنا ضامن إن لم يف المديون إلى زمان كذا أوإن لم يف أصلاً لم يصح على الأحوط ، نعم لا يعتبر التنجيز في الضمان على النحو الثاني فيصح أن يلتزم بأداء الدين مثلاً

٣٥١

على تقدير خاص كعدم قيام المدين بوفائه فيلزمه العمل بالتزامه وللدائن مطالبته بالأداء على ذلك التقدير.

مسألة ١١٣٥ : يعتبر في الضمان كون الدين الذي يضمنه ثابتاً في ذمة المضمون عنه سواء كان مستقراً كالقرض والثمن أو المثمن في البيع الذي لا خيار فيه أو متزلزلاً كأحد العوضين في البيع الخياري أو كالنصف الثاني من المهر قبل الدخول ونحو ذلك ، فلو قال أقرض فلاناً أو بعه نسيئة وإنا ضامن لم يصح ، نعم لو قصد الضمان على النحو الثاني المتقدم صح ، فلو تخلف المقترض عن أداء القرض أو تخلف المشتري عن أداء الثمن المؤجل وجب على الضامن أداؤه.

مسألة ١١٣٦ : يعتبر في الضمان تعين الدين والمضمون له والمضمون عنه فلا يصح ضمان أحد الدينين ولو لشخص معين على شخص معين ، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو لواحد معين ، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو على واحد معين.

مسألة ١١٣٧ : إذا كان الدين معيناً في الواقع ولو يعلم جنسه أو مقداره أو كان المضمون له أو المضمون عنه متعيناً في الواقع ولم يعلم شخصه صح على الأقوى ، خصوصاً في الأخيرين ، فلو قال ضمنت ما لفلان على فلان ولم يعلم أنه درهم أو دينار أو انه دينار أو ديناران صح على الأصح ، وكذا لو قال ضمنت الدين الذي على فلان لمن يطلبه من هؤلاء العشرة ، ويعلم بأن واحداً منهم يطلبه ولم يعلم شخصه ثم قبل بعد ذلك الواحد المعين الذي يطلبه ، أو قال ضمنت ما كان لفلان على المديون من هؤلاء ولم يعلم شخصه صح الضمان على الأقوى.

مسألة ١١٣٨ : إذا تحقق الضمان الجامع للشرائط انتقل الحق ـ كما تقدم ـ من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن وبرئت ذمته ، فإذا أبرء

٣٥٢

المضمون له ـ وهو صاحب الدين ـ ذمة الضامن برئت الذمتان الضامن والمضمون عنه ، وأذا أبرء ذمة المضمون عنه كان لغواً لأنه لم تشتغل ذمته بشيء حتى يبرئه.

مسألة ١١٣٩ : عقد الضمان لازم فلا يجوز للضامن فسخه ولا المضمون له.

مسألة ١١٤٠ : يشكل ثبوت الخيار لأي من الضامن والمضمون له بالاشتراط أو بغيره.

مسألة ١١٤١ : إذا كان الضامن حين الضمان قادراً على أداء المضمون فليس للدائن فسخ الضمان ومطالبة المديون الأول وإن عجز الضامن عن الأداء بعد ذلك ، وكذلك إذا كان الدائن عالماً بعجز الضامن ورضي بضمانه ، وأما إذا كان جاهلاً بذلك ففي ثبوت حق الفسخ له إشكال.

مسألة ١١٤٢ : إذا ضمن من دون إذن المضمون عنه وطلبه لم يكن له الرجوع عليه بالدين والا فله الرجوع عليه ولو قبل وفائه على الأظهر ، نعم إذا أبرء المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين لم يستحق على المضمون عنه شيئاً وأذا أبرء ذمته عن بعضه لم يستحق عليه ذلك البعض ، ولو صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل لم يستحق الضامن على المضمون عنه إلا ذلك المقدار دون الزائد ، وكذا الحال لو ضمن الدين بأقل منه برضا المضمون له ، والضابط أن الضامن لا يستحق على المضمون عنه بالمقدار الذي يسقط من الدين بغير أدائه ، ومنه يظهر أنه ليس له شيء في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

مسألة ١١٤٣ : لو دفع المضمون عنه الدين إلى المضمون له من دون إذن الضامن برئت ذمته وليس له الرجوع عليه.

مسألة ١١٤٤ : إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمساً

٣٥٣

أو زكاة بإجازة من الحاكم الشرعي ، أو صدقة ، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك وكذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها ، وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمته.

مسألة ١١٤٥ : يجوز ضمان الدين الحال حالاً ومؤجلاً ، وكذا ضمان الدين المؤجل مؤجلاً وحالاً ، وكذا يجوز ضمان الدين المؤجل مؤجلاً بأزيد من أجله وبأنقص منه.

مسألة ١١٤٦ : إذا كان الدين حالاً وضمنه الضامن مؤجلاً كان الأجل للضمان لا الدين ، فلو أسقط الضامن الأجل سقط فيكون للمضمون له مطالبته حالاً كما كان له مطالبة المضمون عنه كذلك ، وهكذا الحال ما لو مات الضامن قبل انقضاء الأجل.

مسألة ١١٤٧ : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص بإذن المضمون عنه كذلك ثم أسقط الأجل فليس له مطالبة المضمون عنه به قبل حلول الأجل ، وكذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالا ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

مسألة ١١٤٨ : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص حالاً بإذن المضمون عنه جاز له الرجوع إليه كذلك لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

مسألة ١١٤٩ : إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه بإذن المضمون عنه بأقل من أجله كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً وضمنه بمدة شهر فله مطالبة المضمون عنه بالدين عند حلول الأجل الثاني وهو أجل الضمان.

وإذا ضمنه بأكثر من أجله ثم أسقط الزائد فله مطالبة المضمون عنه بذلك وكذلك الحال ما إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء

٣٥٤

المدة الزائدة.

مسألة ١١٥٠ : إذا أدى الضامن الدين من غير جنسه لم يكن له إجبار المضمون عنه بالأداء من خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن.

مسألة ١١٥١ : يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون له على الضامن فيرهن بعد الضمان ، ولولم يفعل ففي ثبوت الخيار للمضمون له إشكال.

مسألة ١١٥٢ : إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان إلا إذا اشترط عدمه فلا ينفك حينئذٍ.

مسألة ١١٥٣ : يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن مثلاً عمرو عن زيد ، ثم يضمن بكر عن عمرو ثم يضمن خالد عن بكر وهكذا ، فتبرأ ذمة الجميع ويستقر الدين على الضامن الأخير ، فإن كان جميع الضمانات بغير إذن من المضمون عنه لم يرجع واحد منهم على سابقه ، وإن كان جميعها بالإذن يرجع الضامن الأخير على سابقه وهو على سابقه إلى أن ينتهي إلى المديون الأصلي ، وإن كان بعضها بالإذن وبعضها بدونه فإن كان الأخير بدون الإذن كان كالأول لم يرجع واحد منهم على سابقه وإن كان بالإذن رجع هو على سابقه وهو على سابقه لو ضمن بإذنه والا لم يرجع وإنقطع الرجوع عليه.

مسألة ١١٥٤ : لا إشكال في جواز ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك بأن يكون على كل منهما بعض الدين فتشتغل ذمة كل منهما بمقدار منه على حسب ما عيناه ولو بالتفاوت ، ولو أطلقا يقسط عليهما بالنصف وإن كانوا ثلاثة فبالثلث وهكذا ، ولكل منهما أداء ما عليه وتبرأ ذمته ولا يتوقف على أداء الآخر ما عليه ، وللمضمون له مطالبة كل منهما بحصته ومطالبة أحدهما أو إبراؤه دون الآخر ، ولو كان ضمان أحدهما بالإذن دون الآخر رجع هو إلى المضمون عنه بما ضمنه دون الآخر ، والظاهر أنه لا فرق في جميع ما ذكر

٣٥٥

بين أن يكون ضمانهما بعقدين ـ بأن ضمن أحدهما عن نصف الدين ثم ضمن الآخر عن نصفه الآخر ـ أو بعقد واحد كما إذا ضمن عنهما وكيلهما في ذلك فقبل المضمون له ، هذا كله في ضمان اثنين عن واحد بالاشتراك ، وأما ضمانهما عنه بالاستقلال ـ بأن يكون كل منهما ضامناً لتمام الدين ـ فهو محل إشكال بل منع.

مسألة ١١٥٥ : إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلاً أم لا.

مسألة ١١٥٦ : إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاةً صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

مسألة ١١٥٧ : إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان ، فإن كان بإذن المضمون عنه فلا إشكال في خروجه من أصل التركة ، وإن لم يكن بإذنه فالأقوى خروجه من الثلث.

مسألة ١١٥٨ : يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية ، وأما ضمانه لنفقاتها الآتية فلا يصح إلا على النحو الثاني المتقدم كما لا يصح ضمان نفقة الأقارب إلا على ذلك النحو.

مسألة ١١٥٩ : كما يجوز الضمان عن الأعيان الثابتة في الذمم يجوز الضمان عن المنافع والأعمال المستقرة في الذمم ، فكما أنه يجوز أن يضمن عن المستأجر ما عليه من الأجرة كذلك يجوز أن يضمن عن الأجير ما عليه من العمل ، نعم لو كان ما عليه يعتبر فيه مباشرته ـ كما إذا كان عليه خياطة ثوب مباشرة ـ لم يصح ضمانه.

مسألة ١١٦٠ : يصح ضمان الأعيان الخارجية على النحو الثاني المتقدم أي الالتزام بردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو

٣٥٦

القيمة عند تلفها ، ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة أخرى.

مسألة ١١٦١ : في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو غرس أونحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال ، ولكن الأقوى صحته على النحو الثاني المتقدم.

مسألة ١١٦٢ : لو ادعى شخص على شخص ديناً فقال ثالث للمدعي عليّ ما عليه فرضي به المدعي صح الضمان ، بمعنى انتقال الدين إلى ذمته على تقدير ثبوته ، فيسقط الدعوى عن المضمون عنه ويصير الضامن طرف الدعوى ، فإذا أقام المدعي البينة على ثبوته يجب على الضامن أداؤه ، وكذا لو ثبت إقرار المضمون عنه قبل الضمان بالدين ، وأما إقراره بعد الضمان فلا يثبت به شيء على الضامن لكونه إقراراً على الغير.

مسألة ١١٦٣ : إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان ، كما إذا ادعى المديون الضمان وإنكره الدائن فالقول قول الدائن ، وهكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين وإنكره المضمون له في بعضه.

مسألة ١١٦٤ : إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر ، وأذا اعترف بالضمان وأختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلاً ، فالقول قول الضامن ، وأذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالاً ، أو في وفائه للدين ، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

مسألة ١١٦٥ : إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن وعدمه ، أو في مقدار الدين المضمون ، أو في اشتراط شيء على المضمون عنه ، قدم قول المضمون عنه ما لم يكن مخالفاً للظاهر وكذا الحال في الموارد المتقدمة.

مسألة ١١٦٦ : من ادعى عليه الضمان فأنكره ، ولكن استوفى

٣٥٧

المضمون له الحق منه بإقامة بينة ، فليس له مطالبة المضمون عنه ، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

مسألة ١١٦٧ : لو كان على أحد دين فطلب من غيره أداءه فأداه بلا ضمان عنه للدائن جاز له الرجوع على المدين.

مسألة ١١٦٨ : إذا قال شخص لآخر إلق متاعك في البحر وعليّ ضمانه فألقاه ضمنه ، سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أخرى من خفتها أو نحوها ، وهكذا لو أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

٣٥٨

كتاب الحوالة

٣٥٩
٣٦٠