منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

الأظهر ، ولكن الأحوط أن يتصدق به عن مالكه.

مسألة ٧٦٨ : إذا كانت للقطة علامة يمكن أن يصفها بها من يدعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها على الأقرب ، وفي جواز تملكها للملتقط إشكال والأحوط أن يتصدق بها عن مالكها.

مسألة ٧٦٩ : اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب التعريف بها والفحص عن مالكها ، فإن لم يظفر به فإن كانت لقطة الحرم ـ أي حرم مكة ـ وجب عليه إن يتصدق بها عن مالكها على الأحوط ، وأما إذا كانت في غير الحرم تخير الملتقط بين أن يحفظها لمالكها ولو بالإيصاء ما لم ييأس من إيصالها إليه وله حينئذ أن ينتفع بها مع التحفظ على عينها ، وبين أن يتصدق بها عن مالكها ، والأحوط وجوباً عدم تملكها.

مسألة ٧٧٠ : المراد من الدرهم ما يساوي ( ٦ ، ١٢ ) حمصة من الفضة المسكوكة ، فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع مثقال.

مسألة ٧٧١ : المدار في القيمة على مكان الالتقاط وزمانه في اللقطة وفي الدرهم دون غيرهما من الأمكنة والأزمنة.

مسألة ٧٧٢ : يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقط يخاف من التهمة والخطر إن عرف باللقطة ، كما يسقط مع الاطمئنان بعدم الفائدة وفي تعريفها ـ ولو لأجل إحراز أن مالكها قد سافر إلى مكان بعيد غير معروف لا يصله خبرها وإن عرفها ـ وفي مثل ذلك فالأحوط أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من الوصول إليه ـ ولو لاحتمال أنه بنفسه يتصدى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى الملتقط خبره ـ ومع حصول اليأس من ذلك يتصدق بها عن المالك ، ولو صادف مجيئه كان بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين

٢٤١

أن يطالبه ببدلها.

مسألة ٧٧٣ : تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط ، فإن لم يبادر إليه كان عاصياً إلا إذا كان لعذر ، ولا يسقط عنه وجوبه على كل تقدير ، بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلا إذا كان التأخير بحد لا يرجى معه العثور على مالكها وإن عرف بها ، وهكذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط ولكن تركه بعد فترة ولم يستمر فيه فإنه يجب العود إليه إلا مع اليأس من الوصول إلى المالك.

مسألة ٧٧٤ : مدة التعريف سنة كاملة ، والأحوط مراعاة التتابع فيها مع الإمكان فلا يلفقها من عدة سنين ولو مع تتابعها كأن يعرف في كل سنة ثلاثة أشهر ثم يترك التعريف بالمرة إلى السنة التالية حتى يكمل مقدار السنة في أربع سنوات مثلاً.

ويلزم صدق كونه في هذه المدة معرفاً ومعلناً عنه بحيث لا يعد في العرف متسامحاً ومتساهلاً في إيصال خبره إلى مالكه ، ولا يعتبر فيه كيفية خاصة ولا عدد معين بل العبرة بالصدق العرفي ، فكما يتحقق بالنداء في مجامع الناس ولو في كل ثلاثة أيام مرة بل ولو في كل أسبوع مرة فكذا يتحقق بغيره من وسائل النشر والإعلام مما يفيد فائدته بل ربما يكون أبلغ منه كالإعلان المطبوع في الجرائد المحلية ، أو المكتوب على أوراق ملصقة في الأماكن المعدة لها بالقرب من مجامع الناس ولمواقع أبصارهم كما هو المتعارف في زماننا.

مسألة ٧٧٥ : لا تعتبر مباشرة الملتقط للتعريف فيجوز له الاستنابة فيه مجاناً أو بأجرة مع الاطمئنان بوقوعه ، والأقوى كون الأجرة عليه لا على المالك وإن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك ، ويسقط وجوب التعريف عن الملتقط بتبرع غيره به.

٢٤٢

مسألة ٧٧٦ : إذا عرفها سنة كاملة ولم يعثر على مالكها جاز له التصدق بها ـ كما مر ـ ولا يشترط في ذلك حصول اليأس له من الوصول إليه ، بخلاف الحال في غيرها من المجهول مالكه فإنه لا يتصدق به إلا بعد اليأس من الوصول إلى المالك.

مسألة ٧٧٧ : إذا يأس من الظفر بمالكها قبل تمام السنة لزمه التصدق بها بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط ولا ينتظر بها حتى تمضي السنة.

مسألة ٧٧٨ : إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة فالأحوط لولم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ وعدم جواز التصدق.

مسألة ٧٧٩ : إذا تعذر التعريف في أثناء السنة انتظر رفع العذر وليس عليه بعد ارتفاع العذر استئناف السنة بل يكفي تتميمها.

مسألة ٧٨٠ : لو كانت اللقطة مما لا تبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ بها لأطول فترة تبقى محتفظة لصفاتها الدخيلة في ماليتها ، والأحوط أن يعرف بها خلال ذلك فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقومها على نفسه ويتصرف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها ، ولا يسقط عنه بذلك ما سبق من التعريف فعليه أن يحفظ خصوصياتها وصفاتها ويتم تعريفها سنة كاملة فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه وإلا عمل فيه بما تقدم في المسألة (٧٦٩).

هذا فيما إذا اختار الملتقط أن يقومها على نفسه أو تيسر بيعها فباعها ، ومع عدم الأمرين فيجب عليه أن يتصدق بها ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك ولو عثر على مالكها لم يضمن له قيمتها على الأظهر ، والأحوط وجوباً أن يكون التقويم والبيع والتصدق في مواردها بإجازة الحاكم الشرعي أو وكيله أن أمكنت.

٢٤٣

مسألة ٧٨١ : إذا ضاعت اللقطة من الملتقط قبل الشروع في التعريف أو قبل تكميله فالتقطها آخر وعلم بالحال ولم يعرف الملتقط الأول ولا المالك وجب عليه التعريف بها أو تكميله سنة ، فإن وجد المالك دفعها إليه وإن لم يجده ووجد الملتقط الأول دفعها إليه إذا كان واثقاً بإنه يعمل بوظيفته ، وعليه إكمال التعريف سنة ولو بضميمة تعريف الملتقط الثاني وإن لم يجد أحدهما حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التصدق أو الإبقاء للمالك.

مسألة ٧٨٢ : يجب أن يعرف اللقطة في المكان الذي يظن أو يحتمل وصول خبرها إلى المالك بسبب التعريف فيه ، ولا يتعين أن يكون موضع الالتقاط ، بل ربما يكون غيره كما إذا التقطها في بلد وعلم أن مالكها مسافر قد غادره إلى بلد آخر بحيث لا يجدي معه التعريف في بلد الالتقاط فإنه يجب في مثله التعريف بها في البلد الثاني مع الإمكان.

وكذا لو التقطها في البراري أو الطرق الخارجية وعلم أن مالكها قد دخل بلداً معيناً بحيث لو عرف فيه لاحتمل وصول خبرها إليه فإنه يلزمه التعريف في ذلك البلد مع الإمكان دون موضع الالتقاط إذا لم يكن كذلك.

وبالجملة : العبرة في مكان التعريف بما تقدم من كونه بحيث لو عرف باللقطة فيه لاحتمل احتمالاً معتداً به وصول خبرها إلى المالك ـ مع تقديم ما هو الأقوى احتمالاً على غيره عند عدم تيسر الاستيعاب ـ وعلى هذا ينزل ما قيل : من أنه لو كان الالتقاط في مكان متأهل من بلد أو قرية ونحوهما وجب التعريف فيه ، وإن كان في البراري والقفار ونحوهما فإن كان فيها نزال عرفهم وإن كانت خالية عرفها في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.

مسألة ٧٨٣ : إذا التقط في موضع الغربة أو في بلده وأراد السفر جاز له ذلك ، ولكن لا يسافر بها بل يضعها عند أمين ويستنيب في التعريف من يوثق

٢٤٤

به في ذلك ، ولو التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها والتعريف بها في بلد المسافرين وقوافلهم.

مسألة ٧٨٤ : يعتبر في التعريف أن يكون على نحولو سمعه المالك لاحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ أن يكون المال المعثور عليه له ، وهذا يختلف بحسب اختلاف الموارد ، فقد يكفي أن يقول : ( من ضاع له شيء أو مال ) وقد لا يكفي ذلك بل لابد أن يقول : ( من ضاع له ذهب ) أو نحوه ، وقد لا يكفي هذا أيضاً بل يلزم إضافة بعض الخصوصيات إليه كأن يقول : ( من ضاع له قرط ذهب ) مثلاً ، ولكن يجب على كل حال الاحتفاظ بإبهام اللقطة ، فلا يذكر جميع صفاتها حتى لا يتعين ، بل الأحوط عدم ذكر ما لا يتوقف عليه التعريف.

مسألة ٧٨٥ : لو ادعى اللقطة أحد وعلم صدقه وجب دفعها إليه ، وإلا سئل عن أوصافها وعلاماتها ، فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها وحصل الاطمئنان بأنها له ـ كما هو الغالب ـ أعطيت له ، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالباً ، وأما مع عدم حصول الاطمئنان فلا يجوز دفعها إليه ، ولا يكفي فيه مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضاً.

مسألة ٧٨٦ : إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه وسقط التعريف سواء أكان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده ، نعم إذا كان ذلك بعد التصدق بها ولم يرض المالك بالصدقة ضمنها كما تقدم.

مسألة ٧٨٧ : إذا التقط شيئاً وبعدما صار في يده ادعاه شخص حاضر وقال : ( إنه مالي ) يشكل دفعه إليه بمجرد دعواه بل يحتاج إلى الإثبات ، إلا إذا كان بحيث يصدق عرفاً أنه تحت يده فيحكم بكونه ملكاً له ويجب دفعه إليه.

مسألة ٧٨٨ : إذا وجد مقداراً من الأوراق النقدية مثلاً وأمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص والزمان

٢٤٥

الخاص والمكان الخاص وجب التعريف ولا تكون حينئذٍ مما لا علامة له الذي تقدم جواز تملكه من غير تعريف.

مسألة ٧٨٩ : إذا التقط الصبي أو المجنون فإن كانت اللقطة غير ذات علامة بحيث يمكن تعريفها بها جاز للولي أن يقصد تملكها لهما ، وأما إن كانت ذات علامة وبلغت قيمتها درهماً فما زاد فللولي أن يتصدى لتعريفها ـ بل يجب عليه ذلك مع استيلائه عليها ـ وبعد التعريف سواء أكان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم بين الإبقاء للمالك والتصدق.

مسألة ٧٩٠ : إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة وليس له الرجوع بالعين إن كانت موجودة ولا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة ، هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة ، وإلا فلا رجوع له على أحد وكان له أجر التصدق.

مسألة ٧٩١ : اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط بها ـ ومن التفريط إرجاعها إلى موضع التقاطها أو وضعها في مجامع الناس ـ ولا فرق في ذلك بين مدة التعريف وما بعدها ، نعم يضمنها إذا أخل بوظيفته في المبادرة إلى التعريف بها متوالياً ـ على ما مر ـ كما يضمنها بالتصدق بها على ما عرفت.

مسألة ٧٩٢ : إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة بأن لم يخل بالمبادرة إلى التعريف ولم يكن تعد أو تفريط سقط التعريف وإذا كانت مضمونة لم يسقط ، وكذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الأولى يسقط التعريف وفي الصورة الثانية يجب إكماله فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.

مسألة ٧٩٣ : يجوز دفع اللقطة إلى الحاكم الشرعي ولكن تبقى أمانة في يده ولا يسقط وجوب التعريف بذلك عن الملتقط ، وإذا انتهت سنة

٢٤٦

التعريف ولم يجد المالك فإن شاء استرجع اللقطة من الحاكم واحتفظ بها للمالك وإن شاء تصدق بها بنفسه أو أذن للحاكم في ذلك.

مسألة ٧٩٤ : إذا حصل للقطة نماء متصل أو منفصل بعد الالتقاط ، فإن عرف المالك دفع إليه العين والنماء ، وأما إن لم يعرفه وقد عرف اللقطة سنة فلا إشكال في كون النماء المتصل تابعاً للعين ، وأما المنفصل فهل هو كذلك أي يكون الملتقط مخيراً فيه بين إبقائه للمالك ما لم يحصل اليأس من الوصول إليه مع جواز الانتفاع منه بما لا يؤدي إلى تلفه ـ إن كان قابلاً لذلك ـ وبين التصدق به ولو مع عدم حصول اليأس من الوصول إلى المالك ، أم يجري عليه حكم مجهول المالك وهو ـ كما تقدم ـ لزوم الاستمرار في الفحص ما دام يحتمل الفائدة فيه مع الاحتفاظ بالعين من دون الاستفادة منها إلى حين حصول اليأس من الوصول إلى المالك فيتصدق به حينئذٍ؟ وجهان ، أحوطهما الثاني.

مسألة ٧٩٥ : لو عرف المالك قبل التعريف أو بعده ولم يمكن إيصال اللقطة إليه ولا إلى وكيله المطلق ولا الاتصال بأحدهما للاستئذان منه في التصرف فيها ولو بمثل الصدقة بها أو دفعها إلى الأقارب أو غيرهم فاللازم أن يحتفظ بها للمالك أو وارثه ما لم ييأس من الوصول إليه ، وأما مع حصول اليأس فيتصدق بها بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط.

مسألة ٧٩٦ : إذا مات الملتقط وعنده اللقطة فإن كان بعد التعريف بها واختيار إبقائها لمالكها قام الوارث مقامه في الاحتفاظ بها له ما لم ييأس من الوصول إليه وإلا تصدق بها بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط ، وإن كان قبل ذلك فالأحوط إجراء حكم مجهول المالك عليها.

مسألة ٧٩٧ : لو أخذ من شخص مالاً ثم علم أنه لغيره قد أخذ منه بغير وجه شرعي وعدواناً ولم يعرف المالك يجري عليه حكم مجهول المالك

٢٤٧

لا اللقطة ، لما مر أنه يعتبر في صدقها الضياع عن المالك ولا ضياع في هذه الصورة.

مسألة ٧٩٨ : إذا التقط اثنان لقطة واحدة فإن لم تكن ذات علامة يمكن أن يصفها بها من يدعيها جاز لهما تملكها وتكون بينهما بالتساوي ، وإن كانت ذات علامة كذلك وبلغت قيمتها درهماً فما زاد وجب عليهما تعريفها وإن كانت حصة كل منهما أقل من درهم ، فإن تصدى له أحدهما أو كلاهما ولو بتوزيع الحول بينهما ـ بالتساوي أو بالتفاضل ـ فقد تأدى الواجب ، ولو تبرع به الغير سقط عنهما كما مر ، وحينئذ يتخيران فيها بين الإبقاء أمانة والتصدق ، والأحوط إن يتفقا في ذلك فلا يختار أحدهما غير ما يختاره الآخر ، وأما مع ترك التعريف لا لعذر ـ لأي سبب كان ـ فيضمنان اللقطة ولا يسقط وجوب التعريف عنهما على ما تقدم.

مسألة ٧٩٩ : إذا وجد مالاً في صندوقه ولم يعلم أنه له أو لغيره فهو له ، إلا إذا كان غيره يدخل يده فيه أو يضع فيه شيئاً فإنه يعرفه إياه فإن ادعاه دفعه إليه وإن أنكره فهو له ، وإن قال لا أدري فإن أمكن التصالح معه فهو وإلا فلا يبعد الرجوع إلى القرعة كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين.

هذا إذا كان الغير واحداً ، وإن كان متعدداً فإن كان محصوراً عرفه لهم فإن أنكروه كان له وإن ادعاه أحدهم فقط فهو له وإن ادعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو وإلا تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم النزاع ، وإن قال الجميع لا ندري جرى فيه ما تقدم ، وأما إذا لم يكن الغير محصوراً جرى عليه حكم مجهول المالك ، نعم إذا كان احتمال كونه لنفسه معتداً به كخمسة في المائة فلا يبعد الرجوع إلى القرعة ويجعل عدد السهام حينئذٍ بنسبة الاحتمال كعشرين في المثال فإن خرجت القرعة باسمه كان له وإن خرجت باسم غيره عمل فيه بإحكام مجهول المالك.

٢٤٨

مسألة ٨٠٠ : إذا وجد مالاً في دار سكناه ولم يعلم أنه له أو لغيره فإن لم يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل فهو له ، وإن كان يدخلها كثير كما في المضائف ونحوها جرى عليه حكم اللقطة.

مسألة ٨٠١ : لو وجد مالاً في دار معمورة يسكنها الغير ، سواء كانت ملكاً له أو مستأجرة أو مستعارة بل أو مغصوبة عرفه الساكن ، فإن ادعى ملكيته فهو له فليدفعه إليه بلا بينة ، وكذا لو قال لا أدري ، وإن سلبه عن نفسه فإن أحرز كونه ضائعاً عن مالكه جرى عليه حكم اللقطة وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك.

مسألة ٨٠٢ : إذا اشترى دابة أو سمكة أو حيواناً غيرهما فوجد في جوفها مالاً فقد تقدم حكمه في كتاب الخمس المسألة (١١٩٧).

مسألة ٨٠٣ : ما يوجد مدفوناً في الخربة الدارسة التي باد أهلها وفي المفاوز وفي كل أرض لا رب لها فقد تقدم حكمه في مبحث الكنز من كتاب الخمس. وأما ما يوجد فيها مطروحاً غير مستتر في الأرض ونحوها فإن علم بشهادة بعض العلائم والخصوصيات أنه لأهل الأزمنة القديمة جداً بحيث عد عرفاً ـ بلحاظ تقادم السنين ـ مالاً بلا مالك فالظاهر جواز تملكه إذا كان كذلك شرعاً ، وإن علم بملاحظة العلائم والشواهد أنه ليس لأهل زمن الواجد ولكن من دون أن يعد مالاً بلا مالك بل مالاً مجهول المالك فاللازم حينئذ الفحص عن مالكه فإن عرفه رده إلى وارثه إن كان وإلا كان للإمام عليه‌السلام لأنه وارث من لا وارث له ، وإن لم يعرف المالك تصدق به مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط ، وإن علم بملاحظة العلائم والقرائن أنه لأهل زمن الواجد فإن أحرز كونه ضائعاً عن مالكه جرى عليه حكم اللقطة وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك.

مسألة ٨٠٤ : إذا انكسرت سفينة في البحر فتركها أصحابها وأباحوا ما

٢٤٩

فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها فهو له سواء أكان ذلك بغوص أم بغيره.

مسألة ٨٠٥ : إذا تبدل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرف فيه بكل نحو يحرز رضا صاحبه به ، ولو علم أنه قد تعمد التبديل ظلماً وعدواناً جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلاً عن حذاء نفسه بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك على قيمة المأخوذ ، وإلا فالزيادة من مجهول المالك وتترتب عليه أحكامه ، وهكذا الحكم فيما لو علم أنه قد اشتبه أولاً ولكنه تسامح وتهاون في الرد بعد الالتفات إلى أشباهه ، وأما في غير هاتين الصورتين ـ سواء علم باشتباهه حدوثاً وبقاءاً أم احتمل الاشتباه ولم يتيقنه ـ فتجري على المتروك حكم مجهول المالك.

هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي بدل ماله بمال غيره ـ عمداً أو اشتباهاً ـ وإلا فلا يجوز له التقاص منه بل يجب عليه رده إلى مالكه.

٢٥٠
٢٥١
٢٥٢

الغصب هو : ( الاستيلاء عدواناً على مال الغير أو حقه ) ، وقد تطابق العقل والنقل كتاباً وسنة على حرمته ، فعن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله : من غصب شبراً من الأرض طوقه الله من سبع أرضين يوم القيامة ، وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها.

مسألة ٨٠٦ : المغصوب أما عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين ، وأما عين بلا منفعة ، وأما منفعة مجردة ، وأما حق مالي متعلق بالعين ، فالأول كغصب الدار من مالكها ، وكغصب العين المستأجرة إذا غصبها غير المؤجر والمستأجر ، فهو غاصب للعين من المؤجر وللمنفعة من المستأجر ، والثاني كما إذا غصب المستأجر العين المستأجرة من مالكها مدة الإجارة ، والثالث كما إذا غصب العين المؤجرة وانتزعها من يد المستأجر واستولى على منفعتها مدة الإجارة ، والرابع كما إذا استولى على أرض محجرة أو عين مرهونة بالنسبة إلى المرتهن الذي له فيها حق الرهانة.

مسألة ٨٠٧ : المغصوب منه قد يكون شخصاً كما في غصب الأعيان والمنافع المملوكة للأشخاص والحقوق كذلك ، ونظيره غصب الأعيان والحقوق العائدة للكعبة المشرفة والمساجد ونحوها ، وقد يكون هو النوع كما في غصب مال تعين خمساً أو زكاة قبل أن يدفع إلى المستحق وغصب الرباط المعد لنزول القوافل والمدرسة المعدة لسكنى الطلبة.

مسألة ٨٠٨ : للغصب حكمان تكليفيان وهما : الحرمة ووجوب الرد إلى المغصوب منه أو وليه ، وحكم وضعي وهو الضمان بمعنى كون

٢٥٣

المغصوب على عهدة الغاصب وكون تلفه وخسارته عليه فإذا تلف أو عاب يجب عليه دفع بدله أو أرشه ، ويقال لهذا الضمان ( ضمان اليد ).

مسألة ٨٠٩ : يجري الحكمان التكليفيان في جميع أقسام الغصب ، ففي الجميع الغاصب آثم ويجب رد المغصوب إلى المغصوب منه ، وأما الحكم الوضعي وهو الضمان فيجري فيما إذا كان المغصوب من الأموال مطلقاً عيناً كان أو منفعة ، وأما إذا كان من الحقوق فيجري في بعض مواردها كحق الاختصاص ولا يجري في البعض الآخر كحق الرهانة.

مسألة ٨١٠ : لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه ولا بالنسبة إلى منفعته وإن أثم بذلك وظلمه ، سواء أكان كبيراً أو صغيراً فليس عليه ضمان اليد الذي هو من أحكام الغصب ، فلو أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استيلائه من غير استناد إليه لم يضمن ، وكذا لا يضمن منافعه إلا إذا كان كسوباً لم يتمكن من الاشتغال بكسبه في الحبس فإنه يضمن أجرة مثله ضمان تفويت على الأقوى ، وكذا لو كان أجيراً لغيره فتعطل عن عمله فإنه يضمن منفعته الفائتة للمستأجر ضمان تفويت أيضاً ، ولو استوفى منه بعض منافعه ـ كما إذا استخدمه ـ ضمن أجرة مثل عمله ضمان استيفاء ، إلا إذا كان كسوباً فاستخدمه في غير ما هو عمله فإنه يضمن حينئذ من أجرة مثل المنفعتين ـ المنفعة المستوفاة والمنفعة المفوتة ـ أعلاهما ، ولو تلف الحر المحبوس بتسبيب من الحابس مثل ما إذا حبسه في دار فيها حية فلدغته أو قصر في تأمين الوسائل اللازمة لحفظه من مرض أصابه فأدى ذلك إلى موته ضمن من جهة سببيته للتلف لا لأجل الغصب واليد.

مسألة ٨١١ : لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من القعود على فراشه أو عن الدخول في داره أو عن بيع متاعه لم يكن غاصباً لعدم وضع اليد على ماله وإن كان عاصياً وظالماً له من جهة منعه ، فلو هلكت الدابة أو تلف

٢٥٤

الفراش أو انهدمت الدار أو نقصت القيمة السوقية للمتاع بعد المنع لم يكن على المانع ضمان من جهة الغصب واليد ، وهل عليه ضمان من جهة أخرى أم لا؟ أقواهما العدم في الأخير وهو ما إذا تنقصت القيمة السوقية ، وأما في غيره فإن كان الهلاك والتلف والانهدام غير مستند إلى منعه ـ بأن كانت بآفة سماوية وسبب قهري لا تفاوت في ترتبها بين ممنوعية المالك وعدمها ـ لم يكن عليه ضمان قطعاً ، وأما إذا كان مستنداً إليه كما إذا كانت الدابة ضعيفة أو في موضع السباع وكان المالك يحفظها فلما منعه المانع ولم يقدر على حفظها وقع عليها الهلاك فلا يبعد ثبوت الضمان.

مسألة ٨١٢ : يتقوم الغصب ـ كما عرفت ـ باستيلاء الغاصب على المغصوب وصيرورته تحت يده عرفاً ، ويختلف ذلك باختلاف المغصوبات فيتحقق في المتاع والطعام ونحوهما من المنقولات بأخذها باليد مثلاً ، وكذا بنقلها إلى ما تحت يده من بيت أو دكان أو مخزن أو نحوها ولولم يكن ذلك بمباشرته بل بأمر الغير به كأن ينقل الحمال بأمره متاعاً للغير بدون إذنه إلى بيته أو طعاماً منه إلى مخزنه فإنه يكون بذلك غاصباً للمتاع والطعام.

ويتحقق في مثل الفرس والبغل والجمل من الحيوانات بالركوب عليها وأخذ مقودها وزمامها ، كما يتحقق في مثل الغنم بسوقها بعد طرد المالك أو عدم حضوره إذا كانت تمشي بسياقه وتكون منقادة لسائقها ، فلو كانت قطيع غنم في الصحراء معها راعيها فطرده واستولى عليها بعنوان القهر والانتزاع من مالكها وجعل يسوقها وصار بمنزلة راعيها يحافظ عليها ويمنعها عن التفرق والتشتت فالظاهر كفاية ذلك في تحقق الغصب لصدق الاستيلاء ووضع اليد عرفاً.

هذا في المنقول وأما في غيره فيكفي في غصب الدار أن يسكنها أو يسكن غيره ممن يأتمر بأمره فيها بعد إزعاج المالك عنها أو عدم حضوره ،

٢٥٥

وكذا لو أخذ مفاتحها من صاحبها قهراً وكان يغلق الباب ويفتحه ويتردد فيها ، وكذا الحال في الدكان والخان ومثلها البستان إذا لم يكن لها باب وحيطان وأما إذا يكن لها باب وحيطان فيكفي دخولها والتردد فيها ـ بعد طرد المالك ـ بعنوان الاستيلاء وبعض التصرفات فيها ، وكذا الحال في غصب القرية والمزرعة.

هذا كله في غصب الأعيان ، وأما غصب المنافع فإنما هو بانتزاع العين ذات المنفعة عن مالك المنفعة وجعلها تحت يده ، كما في العين المستأجرة إذا أخذها المؤجر أو شخص ثالث من المستأجر واستولى عليها في مدة الإجارة سواء استوفى تلك المنفعة التي ملكها المستأجر أم لا.

مسألة ٨١٣ : لو دخل الدار وسكنها مع مالكها ، فإن كان المالك ضعيفاً غير قادر على مدافعته وإخراجه فإن اختص استيلاؤه وتصرفه بطرف معين منها اختص الغصب والضمان بذلك الطرف دون الأطراف الأخر ، وإن كان استيلاؤه وتصرفاته وتقلباته في عامة أطراف الدار وأجزائها فالأظهر كونه غاصباً وضامناً لتمام الدار لا ضامناً لها بالنسبة ، فلو انهدم بعضها ضمن تمام ذلك البعض كما يضمن منافعها المستوفاة بل والمفوتة دون ما استوفاها المالك بنفسه.

هذا إذا كان المالك ضعيفاً ، وأما لو كان الساكن ضعيفاً ـ بمعنى أنه لا يقدر على مقاومة المالك وأنه كلما أراد أن يخرجه من داره أخرجه ـ فالظاهر عدم تحقق الغصب بل ولا اليد فليس عليه ضمان اليد ، نعم عليه بدل ما استوفاه من منفعة الدار ما دام كونه فيها.

مسألة ٨١٤ : لو أخذ بمقود الدابة فقادها وكان المالك راكباً عليها ، فإن كان في الضعف وعدم الاستقلال بمثابة المحمول عليها كان القائد غاصباً لها بتمامها ويتبعه الضمان ، ولو كان بالعكس ـ بأن كان المالك

٢٥٦

الراكب قوياً قادراً على مقاومته ومدافعته ـ فالظاهر عدم تحقق الغصب من القائد أصلاً فلا ضمان عليه لو تلفت الدابة في تلك الحال ، نعم لا إشكال في ضمانه لها لو اتفق تلفها بسبب قوده لها ، كما يضمن السائق لها لو كان لها جماح فشردت بسوقه فوقعت في بئر أو سقطت عن مرتفع فتلفت.

مسألة ٨١٥ : إذا اشترك اثنان في الغصب فإن اشتركا في الاستيلاء على جميع المال كان كل منهما ضامناً لجميعه سواء أكان أحدهما أو كلاهما متمكناً لوحده من الاستيلاء على جميعه أم كان بحاجة في ذلك إلى مساعدة الآخر وتعاونه ، فيتخير المالك في الرجوع إلى أيهما شاء كما في الأيادي المتعاقبة.

مسألة ٨١٦ : إذا غصب شيئاً من الأوقاف العامة فإن كان من قبيل التحرير لم يستوجب الضمان لا عيناً ولا منفعة وإن كان عمله محرماً ويجب رفع اليد عنه ، فلو غصب مسجداً لم يضمن ما يصيب عرصته تحت يده من الأضرار كالخسف ونحوه ، كما لا يضمن أجرته مدة استيلائه عليه ، نعم إذا انهدم بناؤه تحت يده ضمنه لأنه ليس تحريراً بل ملك غير طلق للمسجد على الأظهر.

وأما إذا لم يكن الوقف العام من قبيل التحرير سواء أكان وقف منفعة أم وقف انتفاع فالأظهر كونه ضامناً لكل من العين والمنفعة ، فلو غصب مدرسة أو رباطاً أو بستاناً موقوفةً على الفقراء أونحو ذلك فتلفت تحت يده كان ضامناً لعينها ، ولو استولى عليها مدة ثم ردها كان عليه أجرة مثلها كما هو الحال في غصب الأعيان غير الموقوفة.

مسألة ٨١٧ : يلحق بالغصب في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد وما يشبهه ، فالمبيع الذي يأخذه المشتري والثمن الذي يأخذه البائع في البيع الفاسد يكون في ضمانهما كالمغصوب سواء أعلما بالفساد أم جهلا

٢٥٧

به ، أم علم أحدهما وجهل الآخر ، وكذلك الأجرة التي يأخذها المؤجر في الإجارة الفاسدة ، والمهر الذي تأخذه المرأة في النكاح الفاسد ، والفدية التي يأخذها الزوج في الطلاق الخلعي الفاسد ، والجعل الذي يأخذه العامل في الجعالة الفاسدة وغير ذلك مما لا يكون الأخذ فيه مبنياً على التبرع.

وأما المقبوض بالعقد الفاسد غير المعاوضي وما يشبهه فليس فيه الضمان ، فلو قبض المتهب ما وهب له بالهبة الفاسدة ليس عليه ضمان ، وكذا يلحق بالغصب على المشهور بين الفقهاء ( رض ) المقبوض بالسوم ، والمراد به ما يأخذه الشخص لينظر فيه أو يضع عنده ليطلع على خصوصياته لكي يشتريه إذا وافق نظره ، فإن المشهور أنه يكون في ضمان آخذه فلو تلف عنده ضمنه ، ولكنه محل إشكال.

مسألة ٨١٨ : يجب رد المغصوب إلى مالكه ما دام باقياً وإن كان في رده مؤنة ، بل وإن استلزم رده الضرر عليه ، حتى أنه لو أدخل الخشبة المغصوبة في بناء لزم عليه إخراجها وردها لو أرادها المالك وإن أدى إلى خراب البناء ، وكذا إذا أدخل اللوح المغصوب في سفينة يجب عليه نزعه فورا إلا إذا خيف من قلعه الغرق الموجب لهلاك نفس محترمة أو مال محترم ، وهكذا الحال فيما إذا خاط ثوبه بخيوط مغصوبة ، فإن للمالك إلزامه بنزعها ويجب عليه ذلك وإن أدى إلى فساد الثوب ، وإن ورد نقص على الخشب أو اللوح أو الخيط بسبب إخراجها ونزعها يجب على الغاصب تداركه ، هذا إذا كان يبقى للمخرج من الخشبة والمنزوع من الخيط قيمة وأما إذا كان بحيث لا يبقى له قيمة بعد الإخراج فللمالك المطالبة ببدله من المثل أو القيمة وعلى تقدير بذل البدل تكون عينه للغاصب ، وهل له ـ أي المالك ـ المطالبة بالعين دون البدل فيلزم الغاصب نزعها وردها إليه وإن لم تكن لها ماليه؟ الظاهر أن له ذلك.

٢٥٨

مسألة ٨١٩ : لو مزج المغصوب بما يمكن تميزه عنه ولكن مع المشقة ـ كما إذا مزج الشعير المغصوب بالحنطة أو الدخن بالذرة ـ يجب عليه أن يميزه ويرده.

مسألة ٨٢٠ : يجب على الغاصب مع رد العين دفع بدل ما كانت لها من المنافع المستوفاة بل وغيرها على تفصيل تقدم في المسألة (٧٨) ، فلو غصب الدار مدة وجب عليه أن يعوض المالك عن منفعتها ـ أي السكنى ـ خلال تلك المدة سواء استوفاها أم تلفت تحت يده كأن بقيت الدار معطلة لم يسكنها أحد.

مسألة ٨٢١ : إذا كان للعين منافع متعددة وكانت معطلة فالمدار على المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين ، ولا ينظر إلى مجرد قابليتها لبعض المنافع الأخرى ، فمنفعة الدار بحسب المتعارف هي السكنى وإن كانت قابلة في نفسها بأن تجعل محرزاً أو مسكناً لبعض الدواب وغير ذلك ، ومنفعة بعض الدواب كالفرس بحسب المتعارف الركوب ، ومنفعة بعضها الحمل وإن كانت قابلة في نفسها لأن تستعمل في إدارة الرحى والدولاب أيضاً ، فالمضمون في غصب كل عين هو المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين ، ولو فرض تعدد المتعارف منها فيها ـ كبعض الدواب التي يتعارف استعمالها في الحمل تارة وفي الركوب أخرى ـ فإن لم تتفاوت أجرة تلك المنافع ضمن تلك الأجرة ، فلو غصب يوماً دابة تستعمل في الركوب والحمل معاً وكانت أجرة كل منهما في كل يوم ديناراً كان عليه دينار واحد ، وإن كانت أجرة بعضها أعلى ضمن الأعلى ، فلو فرض أن أجرة الحمل في كل يوم ديناران وأجرة الركوب دينار كان عليه ديناران. والظاهر أن الحكم كذلك مع الاستيفاء أيضاً ، فمع تساوي المنافع في الأجرة كان عليه أجرة ما استوفاه ، ومع التفاوت كان عليه أجرة الأعلى ، سواءً استوفى الأعلى أو الأدنى.

٢٥٩

مسألة ٨٢٢ : إن كان المغصوب منه شخصاً يجب الرد إليه أو إلى وكيله إن كان كاملاً وإلى وليه إن كان قاصراً ، كما إذا كان صبياً أو مجنوناً ، فلو رد في الثاني إلى نفس المالك لم يرتفع منه الضمان ، وإن كان المغصوب منه هو النوع كما إذا كان المغصوب وقفاً على الفقراء وقف منفعة أو وقف انتفاع فإن كان له متولٍ خاص يرده إليه وإلا فيرده إلى الولي العام وهو الحاكم الشرعي ، وليس له أن يرده إلى بعض أفراد النوع بأن يسلمه في المثال المذكور إلى أحد الفقراء ، نعم في مثل المساجد والشوارع والقناطر بل الربط إذا غصبها يكفي في ردها رفع اليد عنها وإبقاؤها على حالها ، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في المدارس فإذا غصب مدرسة يكفي في ردها رفع اليد عنها والتخلية بينها وبين الطلبة التي كانوا فيها عند الغصب مع انطباق عنوان الموقوف عليهم عند الرد ، ولكن الأحوط لزوماً الرد إلى الناظر الخاص لو كان وإلا فإلى الحاكم.

مسألة ٨٢٣ : إذا كان المغصوب والمالك كلاهما في مكان الغصب فلا إشكال ، وكذا إن نقل المال إلى مكان آخر وكان المالك في مكان الغصب ، فإنه يجب عليه إعادة المال إلى ذلك المكان وتسليمه إلى المالك ، وأما إن كان المالك في غير مكان الغصب فإن كان في مكان وجود المال فله إلزام الغاصب بأحد الأمرين : أما بتسليمه له في ذلك المكان وأما بنقله إلى مكان الغصب ، وأما إن كان في مكان آخر فلا إشكال في أن له إلزامه بنقل المال إلى مكان الغصب ، وهل له إلزامه بنقله إلى مكانه الذي هو فيه؟ فيه إشكال وإن كان لا يبعد ذلك في بعض الموارد.

مسألة ٨٢٤ : لو حدث في المغصوب نقص وعيب وجب على الغاصب أرش النقصان ـ وهو التفاوت بين قيمته صحيحاً وقيمته معيباً ـ ورد المعيوب إلى مالكه ، وليس للمالك إلزامه بأخذ المعيوب ودفع تمام القيمة ،

٢٦٠