عاشوراء بين الصّلح الحسني والكيد السّفياني

السيد جعفر مرتضى العاملي

عاشوراء بين الصّلح الحسني والكيد السّفياني

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المركز الإسلامي للدّراسات
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٦

أتباع السفياني يبرؤون يزيد (لعنه الله)

ثمّ إنّ هذا المنشور قد زعم أنّ يزيد بن معاوية (لعنه الله) لم يأمر ابن زياد (لعنه الله) بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام ..

وهذه الدعوى قد سبقه إليها أناس سعوا إلى تبرئة يزيد (لعنه الله) من هذه الجريمة النكراء ، فأنكروا أن يكون (لعنه الله) قد رضي بقتله عليه‌السلام ، أو أنه أمر به. ومن هؤلاء ابن حجر الهيثمي (١) ، ومحمّد كرد علي ، وتقي الدين ابن الصلاح ، والغزالي ، وابن العربي ، وابن تيمية وأضرابهم (٢).

بل إن بعضهم كابن خلدون وابن العربي قالوا : إنّ الحسين قُتل

____________________

(١) راجع الفتاوى الحديثية / ١٩٣.

(٢) راجع رسالة ابن تيمية ، سؤال في يزيد بن معاوية (لعنه الله) / ١٤ ، ١٥ ، ١٧ ، والعواصم من القواصم / ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، وإحياء علوم الدين ٣ / ١٢٥ ، والإتحاف بحب الأشراف / ٦٧ ، ٦٨ ، والصواعق المحرقة / ٢٢١ ، وخطط الشام ١ / ١٤٥ ، وقيد الشريد / ٥٧ ، ٥٩.

٨١

بسيف جده (١)!

بل صرّح محمّد أبو اليسر عابدين ، مفتي الشام ، بقوله : «بيعة يزيد شرعيّة ، ومَن خرج عليه كان باغياً» (٢)!

واعتبره أبو الخير الشافعي القزويني إماماً مجتهداً (٣)!

وقال محمّد الخضري : الحسين أخطأ خطأً عظيماً في خروجه هذا الذي جرّ على الاُمّة وبال الفرقة ، وزعزع اُلفتها إلى يومنا هذا. إلى غير ذلك من أقواله التي تنضح باللؤم والتجنّي على الإمام الحسين عليه‌السلام ، فراجع كلامه (٤).

بل ادّعى بعضهم أن يزيد (لعنه الله) من الصحابة ، أو من الخلفاء الراشدين المهديِّين ، أو من الأنبياء (٥)!

____________________

(١) الضوء اللامع ٤ / ١٤٧ دار الجيل ، وفيض القدير بشرح الجامع الصغير ١ / ٢٦٥ ، وج٥ / ٢١٣ ، ولكنهم قالوا : إنّ ذلك لم يوجد في تاريخ ابن خلدون ، فلعله كان في النسخة الأولى لذلك الكتاب ، ثمّ حذفها منه في النسخة الثانية. وكلام ابن العربي نقله عنه أيضاً ابن خلدون في المقدمة / ١٨١ ط سنة ١٣٩١ هـ ، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ لبنان.

(٢) أغاليط المؤرّخين / ١٢٠.

(٣) تراجم رجال القرنين السادس والسابع / ٦.

(٤) محاضرات في تاريخ الاُمم الإسلاميّة ٢ / ١٢٩.

(٥) راجع منهاج السنة ـ لابن تيمية ٤ / ٥٤٩ فما بعدها.

٨٢

ونقول لهؤلاء :

قُتل بسيف جدّه!! :

وبعد ، فإنّ الإمام الحسين عليه‌السلام لم يُقتل بسيف جده ، بل قُتل بسيف يزيد (لعنه الله) الباغي على إمامه ، والظالم لنفسه ، وللاُمّة ، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ..

لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قرّر إمامة الحسنين عليهما‌السلام في كثير من النصوص العامة والخاصة ..

ولأن يزيد (لعنه الله) كان فاقد الشرعيّة بنص واعتراف من أبيه معاوية.

ولأنه قد أمر بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام بمجرد موت أبيه ، وقبل أن يبايعه الناس ، خصوصاً في العراق والحجاز واليمن ، و .. و ..

ولأنّ الإمام الحسين عليه‌السلام وآخرون من كبار صحابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم أهل الحل والعقد ، قد رفضوا تأمّره عليهم بالقوة ، وهو المعروف بفسقه وجوره ، إلى غير ذلك ممّا ألمحنا إليه في هذه الدراسة ، وألمح إليه علماء الاُمّة في مؤلفاتهم وبحوثهم.

إنّ يزيد (لعنه الله) هو القاتل

ليس من الضروري أن يكون يزيد هو الذي مارس قتل الإمام الحسين عليه‌السلام بيده .. إذ إنّ الملوك يُنسب إليهم الانتصار والهزيمة في الحروب ، ويُنسب إليهم أيضاً قتل أعدائهم مع أنهم لا يباشرون قتل أعدائهم بأنفسهم إلاّ بعض الشذاذ منهم ، يقدمون على ذلك بهدف

٨٣

التشفي والانتقام.

وإنّ ممّا لا شك فيه ولا شبهة تعتريه هو أن يزيد بن معاوية (لعنه الله) هو قاتل الإمام الحسين عليه‌السلام بسيف ابن زياد والشمر وعمر بن سعد.

ولبيان ذلك نقول :

إنّ هناك ثلاثة أنواع من النصوص :

الأوّل : ما دلّ على أن يزيد (لعنه الله) قد أمر ابن زياد وغيره بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام ، ويدخل في ذلك ما ورد فيه التصريح بأنه هو القاتل.

الثاني : ما صرّح برضاه بقتله عليه‌السلام.

الثالث : أفعاله الدالّة على فرحه بما جرى عليه وعلى أهل بيته وصحبه (سلام الله عليهم).

ونحن نتكلم حول هذه الاُمور الثلاثة ، كل على حدة ، فنقول :

ألف : أوامر يزيد (لعنه الله) بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام

إنّ ممّا دل على أن يزيد بن معاوية (لعنه الله) قد أمر بقتل سيد الشهداء عليه‌السلام وصحبه :

١ ـ قال ابن زياد لمسافر بن شريح اليشكري : أمّا قتلي الحسين فإنه أشار عليَّ يزيد بقتله أو قتلي ، فاخترت قتله (١).

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ / ٣٢٤.

٨٤

٢ ـ كتب ابن زياد (لعنه الله) إلى الإمام الحسين عليه‌السلام : قد بلغني نزولك كربلاء ، وقد كتب إليَّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ، ولا أشبع من الخمير أو اُلحقك باللطيف الخبير ، أو تنزل على حكمي وحكم يزيد. والسلام (١).

قال اليعقوبي : إنّ يزيد قد كتب إلى ابن زياد : قد بلغني أنّ أهل الكوفة قد كتبوا إلى الحسين في القدوم عليهم ، وأنه قد خرج من مكّة متوجّهاً نحوهم ، وقد بُلي به بلدك من بين البلدان ، وأيامك من بين الأيام ، فإن قتلته وإلاّ رجعت إلى نسبك وأبيك عبيد ، فاحذر أن يفوتك (٢).

٣ ـ إنّ يزيد (لعنه الله) قد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر على الحاج ، وولاّه أمر الموسم ، وأوصاه بالفتك بالإمام الحسين عليه‌السلام أينما وُجد (٣).

٤ ـ إنّ يزيد (لعنه الله) كتب إلى الوليد بن عتبة : «خذ الحسين ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الرحمان بن أبي بكر ، وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً ، ومَن أبى فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه (٤).

____________________

(١) البحار ٢٤ / ٣٨٣ ، ومقتل العوالم / ٢٤٣ ، الفتوح ـ لابن الأعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ٨٥.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٤٢ ط صادر.

(٣) المتنخب / ٣٠٤.

(٤) مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ١ / ١٧٨ ـ ١٨٠ ، ومناقب آل أبي طالب ٤ / ٨٨ ط مكتبة مصطفوي ـ قم ـ إيران ، والفتوح ـ لابن أعثم ٥ / ١٠.

٨٥

وحسب نص اليعقوبي : «إذا أتاك كتابي فاحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ، فخذهما بالبيعة ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليَّ برأسيهما ، وخذ الناس بالبيعة ، فمَن امتنع فانفذ فيه الحكم وفي الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير. والسّلام» (١).

٥ ـ كتب إلى عامله على المدينة بكتاب قال له فيه : «وعجّل عليَّ بجوابه ، وبيّن لي في كتابك كلّ مَن في طاعتي أو خرج عنها ، وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي» (٢).

٦ ـ وفي نص آخر أنّ الوليد بن عتبة أخبر يزيد (لعنه الله) بما جرى له مع الإمام الحسين عليه‌السلام وابن الزبير ، فغضب يزيد (لعنه الله) وكتب إليه :

إذا ورد عليك كتابي هذا فخذ بالبيعة ثانياً على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم ، وذر عبد الله بن الزبير ، فإنه لن يفوتنا ، ولن ينجو منّا أبداً ما دام حيّاً. وليكن مع جوابك إليَّ رأس الحسين بن علي ، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل ، ولك عندي الجائزة والحظ الأوفر ... إلخ (٣).

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٤١.

(٢) الأمالي للصدوق / ١٣٤ ، ١٣٥ ط سنة ١٣٨٩ ـ النجف الأشرف ـ العراق ، والبحار ٤٤ / ٣١٢.

(٣) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٨.

٨٦

٧ ـ وقد كتب يزيد (لعنه الله) إلى ابن عباس ، وإلى مَن بمكة والمدينة من قريش أبياتاً منها :

أبلغ قريشاً على نأي المزار بها

بيني وبين حسين اللهُ والرحمُ

إلى أن قال :

إني لأعلم أو ظنّاً كعالمه

والظنُّ يصدق أحياناً فينتظمُ

أن سوف يترككم ما تدَّعون بها

قتلى تهاداكم العقبانُ والرخمُ (١)

٨ ـ قال ابن عساكر : بلغ يزيد خروجه ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد ، وهو عامله على العراق ، يأمره بمحاربته وحمله إليه إن ظفر به ... (٢).

وحسب نص ابن أعثم أن ابن زياد قال لأهل الكوفة : «كتب إليَّ يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار ، ومئتي ألف درهم» أفرقها عليكم ، وأخرجكم لحرب عدوه الحسين بن علي ، فاسمعوا له وأطيعوا ... (٣).

ونحو ذلك ما في نص آخر عنه : «وقد زادكم في أرزاقكم مئة مئة» (٤).

____________________

(١) تاريخ دمشق ١٤ / ٢٠٦ ، وفي هامشه عن بغية الطالب ٦ / ٢١٠ ، وراجع البداية والنهاية ٨ / ١٧٧ ط دار إحياء التراث ، والفتوح ـ لابن أعثم ٥ / ٦٨ ، ٦٩ ، وتذكرة الخواص / ٢٣٨.

(٢) تاريخ دمشق ١٤ / ٢٠٨ ، وفي هامشه عن بغية الطالب ٦ / ١٤ ، ٢٦.

(٣) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ٨٩.

(٤) الأخبار الطوال / ٢٥٣.

٨٧

وقال السيوطي : «فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله» (١).

والأمر بالحرب هل يعني إلاّ السعي لقتل الطرف الآخر وبذل الجهد لإزهاق نفسه أو أسره؟!

٩ ـ ولما وضع رأس الإمام الحسين عليه‌السلام بين يدي يزيد (لعنه الله) ، صار (لعنه الله) ينكت ثناياه بقضيب ، ويقول :

أبى قومُنا أن ينصفونا فأنصفتْ

قواضبُ في إيماننا تقطر الدما

نفلّقُ هاماً من رجالٍ أعزّةٍ

علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما (٢)

فهو يعترف بالبيت الثاني بأنه هو فاعل ذلك.

١٠ ـ وقد نقل الآلوسي عن تاريخ ابن الوردي ، وكتاب الوافي بالوفيات :

أنّه لما ورد على يزيد نساء الحسين عليه‌السلام وأطفاله ، والرؤوس على الرماح ، وقد أشرف على ثنية جيرون ، ونعب الغراب ، قال :

____________________

(١) تاريخ الخلفاء / ١٩٣ ط دار الفكر سنة ١٣٩٤ هجري ـ بيروت.

(٢) راجع مروج الذهب ٣ / ٦١ ، والأخبار الطوال / ٢٦١ ، والفتوح ـ المجلد الثالث ٥ / ١٢٨ ، والنجوم الزاهرة ١ / ٢٠٣ ط دار الكتب العلمية ، والفصول المهمة ـ لابن الصباغ / ٢٠٥ ، ومرآة الجنان ـ لليافعي ١ / ١٣٥ ، ومقاتل الطالبيِّين / ١١٩ ، والإرشاد ـ للمفيد ٢ / ١١٩ ، ومناقب آل أبي طالب ٤ / ١١٤ ط مكتبة مصطفوي ـ قم ـ إيران ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣٩.

٨٨

لمّا بدت تلك الحمولُ وأشرفت

تلك الرؤوسُ على رُبى جيرونِ

نعب الغرابُ فقلت نح أو لا

تنح فلقد قضيتُ من النبيِّ ديوني (١)

إلى أن قال :

وهذا كفر صريح ، فإذا صحّ فقد كفر به. ومثله تمثّله بقول ابن الزبعرى قبل إسلامه :

(ليت أشياخي) الأبيات ... انتهى (٢).

١١ ـ كما أنّ الغزالي قد ذكر أن يزيد قد كاتب ابن زياد وحثّه على قتل الحسين عليه‌السلام (٣).

١٢ ـ وتمثّل وهو ينكت ثنايا الإمام الحسين عليه‌السلام بقضيب ، بهذه الأبيات

ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا

جزعَ الخزرجِ من وقع الأسلْ

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثمّ قالوا لي هنيئاً لا تشلْ

حين حكّت بفناءٍ بركها

واستحرّ القتلُ في عبد الأسلْ

قد قتلنا الضعفَ من أشرافكمْ

وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدلْ

لعبت هاشمُ بالملك فلا

خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزلْ

____________________

(١) روح المعاني ٢٦ / ٧٢ ، وتذكرة الخواص / ٢٦١ ، ٢٦٢ ، ومنهاج السنة ٤ / ٥٤٩ فما بعدها.

(٢) روح المعاني ٢٦ / ٧٣.

(٣) تذكرة الخواص / ٦٣ ، وراجع الصواعق المحرقة ٢ / ٦٣١.

٨٩

وفي نص آخر :

فجزيناهم ببدرٍ مثلَها

وأقمنا ميلَ بدرٍ فاعتدلْ

لستُ من عتبةَ إن لم أنتقم

من بني أحمدَ ما كان فعل (١)

وفي هذه الأبيات اعتراف صريح بأنه هو فاعل ذلك.

١٣ ـ ويذكرون أيضاً أن يزيد (لعنه الله) قد عهد إلى عمرو بن سعيد الأشدق أن يناجز الإمام الحرب ، وإن عجز عن ذلك اغتاله. وقدم الأشدق في جند كثيف إلى مكّة ، فلمّا علم الإمام خرج منها (٢).

مواجهة يزيد (لعنه الله) بجريمته

وهناك نصوص كثيرة تجد فيها مواجهة يزيد (لعنه الله) بأنه هو قاتل الإمام الحسين عليه‌السلام ، من دون أن ينكر هو ذلك أو أن ينحي باللائمة على غيره. فمن ذلك :

١ ـ ما كتب به ابن عباس إلى يزيد (لعنه الله) في رسالة جاء فيها :

«وسألتني أن أحثّ الناس عليك ، واُخذّلهم عن ابن الزبير ، فلا ولا

____________________

(١) راجع البداية والنهاية ٨ / ١٨٧ ط دار إحياء التراث ، ومناقب آل أبي طالب ٤ / ١١٤ ط مكتبة مصطفوي ـ قم ـ إيران ، والفتوح ـ المجلد الثالث ٥ / ١٢٩ ، والمنتظم ٥ / ٣٤٣ ، وتذكرة الخواص / ٢٦١ ، ٢٦٢ ، وآثار الجاحظ / ١٣٠ ، وسؤال في يزيد / ١٤ فما بعدها ، ومصادر ذلك لا تكاد تحصى.

(٢) حياة الإمام الحسين بن علي عليه‌السلام ـ للقرشي ٣ / ٤٦ عن مرآة الزمان / ٦٧ نسخة مصورة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ النجف الأشرف ـ العراق.

٩٠

سروراً ولا حبوراً ، وأنت قتلت الحسين بن علي ، بفيك الكِثكِث» (١).

إلى أن قال :

«لا تحسبني ـ لا أباً لك! ـ نسيت قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطلب».

إلى أن قال أيضاً :

«وما أنس من الأشياء فلست بناسٍ إطرادك الحسين بن علي من حرم رسول الله إلى حرم الله ، ودسّك إليه الرجال تغتاله».

إلى أن قال :

«قد سقت إليه الرجال فيها ليقاتل».

إلى أن قال :

«ثمّ إنك الكاتب إلى ابن مرجانة أن يستقبل حسيناً بالرجال ، وأمرته بمعالجته وترك مطاولته ، والإلحاح عليه حتّى يقتله ومن معه من بني عبد الملطب».

إلى أن قال :

«فلا شيء عندي أعجب من طلبك ودّي ونصري وقد قتلت بني أبي ، وسيفك يقطر من دمي ...» إلخ.

إلى أن قال أيضاً :

«ولا يستقرّ بك الجدل ، ولا علم (٢) يمهلك الله بعد قتلك عترة

____________________

(١) الكِثِكث (بكسر الكاف المكررة) : التراب أو فتات الحجارة.

(٢) لعل الصحيح «ولا أعلم».

٩١

رسول الله إلاّ قليلاً» (١).

٢ ـ إنّ ولده معاوية بن يزيد قد أكّد في خطبة توليه الخلافة بعهد من أبيه يزيد (لعنه الله) ، أكَّد على أن أباه هو القاتل ، فقد جاء في تلك الخطبة :

«... إنّ من أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبئيس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأباح الحرم ، وخرّب الكعبة ...» إلخ (٢).

٣ ـ وقال يزيد (لعنه الله) للإمام السجاد عليه‌السلام حينما اُدخل عليه : أنت ابن الذي قتله الله؟

فقال عليه‌السلام : «أنا علي ، ابنُ مَن قتلته أنت».

ثم قرأ : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا (٣)) (٤).

٤ ـ وقالت له [زينب بنت علي عليهما‌السلام] : يا يزيد ، حسبك من دمائنا (٥).

٥ ـ وروى ابن أعثم أنّ الإمام السجاد عليه‌السلام قال ليزيد (لعنه الله) : «إنّك لو تدري ما صنعت ، وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي ،

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، وراجع الكامل في التاريخ ٤ / ١٢٨.

(٢) الصواعق المحرقة ٢ / ٦٤١.

(٣) الآية ٩٣ من سورة النساء.

(٤) تذكرة الخواص / ٦٣ عن الغزالي.

(٥) مقاتل الطالبيِّين / ١٢٠.

٩٢

وأخي وعمومتي ، إذاً لهربت في الجبال ، وفرشت الرماد ، ودعوت بالويل والثبور. أن يكون رأس الحسين بن فاطمة وعلي رضي‌الله‌عنهما منصوباً على باب المدينة وهو وديعة الله فيكم!» (١).

٦ ـ وقال عليه‌السلام مخاطباً يزيد (لعنه الله) في خطبته الشهيرة بدمشق : «محمّد هذا جدّي أم جدّك؟ فإن زعمت أنه جدّك فقد كذبت وكفرت ، وإن زعمت أنه جدّي فلِمَ قتلت عترته؟» (٢).

٧ ـ وقالت له السيدة زينب عليها‌السلام في خطبتها المعروفة : «... وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرّيّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ...» (٣).

ب : رضا يزيد (لعنه الله) بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام

وحول رضا يزيد (لعنه الله) بقتل الإمام الحسين عليه‌السلام نقول : إنّ من المستحسن أن نشير أولاً إلى موقف علماء أهل السنة من هذا الأمر ، ثمّ نتكلم حول ما يرتبط برضاه (لعنه الله) بقتل سيد الشهداء عليه‌السلام ، فلاحظ ما يلي :

____________________

(١) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٣٢.

(٢) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٣٣ ، ومقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ٢ / ٢٤٢.

(٣) الخطبة في بلاغات النساء / ٢١ ، ومقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ٢ / ٦٤ ، وأعلام النساء ٢ / ٥٠٤ ، واللهوف / ٧٩ ـ ٨٠ ، والحدائق الوردية ١ / ١٢٩ ـ ١٣١.

٩٣

إدانة علماء أهل السنة ليزيد (لعنه الله)

لقد ردَّ هذا الأمر علماء أهل السنة أنفسهم فضلاً عن غيرهم ، وكلماتهم كثيرة حول هذا الأمر :

فالجاحظ مثلاً قد قال عن لعن يزيد (لعنه الله) بعد أن ذكر قتله الإمام الحسين عليه‌السلام وغير ذلك : «فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون» (١).

ويقول : «على أنهم مجمعون على أنه ملعون من قتل مؤمناً متعمداً أو متأوّلاً ، فإذا كان القاتل سلطاناً جائراً ، أو أميراً عاصياً ، لم يستحلوا سبّه ولا خلعه ، ولا نفيه ولا عيبه ...» إلخ (٢).

ويقول : «على أنه ليس مَن استحقّ اسم الكفر بالقتل كمن استحقّه بردّ السنة وهدم الكعبة» (٣).

وراجع ما قاله البرهان الحلبي ، وعلي بن محمّد الكياهراسي ، والذهبي ، والشيخ محمّد عبده (٤) ، وابن جرير وغيرهم.

____________________

(١) آثار الجاحظ / ١٢٩ ، الرسالة الحادية عشرة في بني اُميّة.

(٢) آثار الجاحظ / ٣٠.

(٣) آثار الجاحظ / ١٢٩ ، ١٣٠.

(٤) السيرة الحلبية ١ / ٢٦٧ ، وتاريخ ابن خلكان ١ / ٣٥٥ ط إيران ـ ترجمة الكياهراسي علي بن محمد ، وعن سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ، وعن الروض الباسم ٢ / ٣٦ ، وعن تفسير المنار ١ / ٣٦٧ ، وج٢ / ١٨٣ ، ١٨٥ ، وشذرات الذهب ١ / ٦٩.

٩٤

وقد حكم أحمد بن حنبل بكفر يزيد (لعنه الله) (١).

وضرب عمر بن عبد العزيز الذي وصف يزيد بـ «أمير المؤمنين» عشرين سوطاً (٢).

وقال السيوطي : «لعن الله قاتله ، وابن زياد ، ومعه يزيد» (٣).

وسُئل ابن الجوزي عن لعن يزيد (لعنه الله) ، فقال : قد أجاز أحمد لعنه ، ونحن نقول : لا نحبه لما فعل بابن بنت نبيّنا ، وحمله آل رسول الله سبايا إلى الشام على أقتاب الجمال (٤).

وراجع كلام الآلوسي حول ما فعله يزيد (لعنه الله) بعترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه كلام جيد ، وقد نقل عن البرزنجي في الإشاعة ، وأبي يعلى ، وابن الجوزي ، والتفتازاني ، والسيوطي جواز لعن يزيد (لعنه الله) ، فراجع (٥).

____________________

(١) الإتحاف بحب الأشراف / ٦٨ ، ٦٣ ، وراجع البداية والنهاية ٨ / ٢٤٥ ط دار إحياء التراث العربي.

(٢) الصواعق المحرقة ٢ / ٦٣٣ ، ٦٣٤ ، ٦٤٢ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٤٠ ، وتاريخ الخلفاء / ١٩٤ ط دار الفكر سنة ١٣٩٤ هجري.

(٣) تاريخ الخلفاء / ٢٠٧.

(٤) مرآة الزمان ٨ / ٤٩٦ ـ حوادث سنة ٥٩٧ ، وراجع الصواعق المحرقة ٢ / ٦٣٤ ، ٦٣٥ ، وراجع منهاج السنة ٤ / ٥٦٥ ـ ٥٧٣.

(٥) روح المعاني ٢٦ / ٧٢ ، ٧٣ ، وراجع المنتظم ـ لابن الجوزي ٥ / ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، والصواعق المحرقة ٢ / ٥٨٠ ، ٦٣٤ ، ٦٣٥.

٩٥

وقال الذهبي : «كان ناصبياً غليظاً ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر ، فتح دولته بقتل الحسين ، وختمها بوقعة الحرة» (١).

ويقول ابن خلدون عن قتل يزيد للإمام الحسين عليه‌السلام : «إنّ قتله من فعلاته المؤكدة لفسقه ، والحسين فيها شهيد» (٢).

فهذا غيض من فيض ، والحر تكفيه الإشارة.

سيرته (لعنه الله) تشهد عليه :

أمّا فيما يرتبط برضا يزيد (لعنه الله) بقتله عليه‌السلام ، وسروره بذلك ، فنقول :

قد صرّح يزيد (لعنه الله) نفسه برضاه ، وبسروره بهذا الأمر ، فقد قال للنعمان بن بشير : «الحمد لله الذي قتل الحسين» (٣).

كما أن أفعاله (لعنه الله) تدل على هذا الرضا والسرور .. فقد قال السيوطي ، وابن جرير : لمّا قُتل الحسينُ سُرَّ يزيد بمقتله ، وحسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ووصله ، وسرّه ما فعل ، ثمّ بعد ذلك ندم ، فمقته المسلمون وأبغضه الناس (٤).

____________________

(١) شذرات الذهب ١ / ٦٩.

(٢) مقدمة ابن خلدون / ١٨١ عند ذكره ولاية العهد.

(٣) راجع مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ٢ / ٥٩.

(٤) راجع الكامل في التاريخ ٤ / ٨٧ ط دار صادر ، وتاريخ الخلفاء / ١٩٥ ط دار الفكر ، وراجع سير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٧.

٩٦

وقال الجاحظ ما ملخّصه : «المنكرات التي اقترفها يزيد ، من قتل الحسين ، وحمله بنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسين بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ، تدل على القسوة والغلظة ، والنصب وسوء الرأي ، والحقد والبغضاء ، والنفاق والخروج عن الإيمان ...» إلخ (١).

وقال التفتازاني : «الحق إن رضا يزيد بقتل الحسين ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّا تواتر معناه ، وإن كان تفاصيله أحاداً ، فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه» (٢).

وقال سبط [ابن] الجوزي : إنّ الغزالي قال : وادّعوا أن قتله كان غلطاً.

قال : وكيف يكون هذا وحال الحسين لا يحتمل الغلط ، لمّا جرى من قتاله ، ومكاتبة يزيد إلى ابن زياد بسببه ، وحثّه على قتله ، ومنعه من الماء ، وقتله عطشاً ، وحمل رأسه وأهله سبايا عرايا على أقتاب الجمال إليه ، وقرع ثناه بالقضيب ...؟!» إلخ (٣).

وقال ابن الجوزي عن بيعة يزيد (لعنه الله) : «ظهرت منه اُمور كلّ منها يوجب فسخ ذلك العقد ، من نهب المدينة ، ورمي الكعبة بالمنجنيق ،

____________________

(١) آثار الجاحظ / ١٢٨ ، ١٢٩.

(٢) راجع شذرات الذهب ١ / ٦٨ ، ٦٩ ، وشرح العقائد النسفية ـ للتفتازاني / ١٨٨.

(٣) تذكرة الخواص / ٦٣ ، وراجع الصواعق المحرقة ٢ / ٦٣١.

٩٧

وقتل الحسين وأهل بيته ، وضربه على ثناياه بالقضيب ، وحمل رأسه على خشبة» (١).

وقال يزيد (لعنه الله) للإمام السجاد عليه‌السلام : «كيف رأيت صنع الله بأبيك يا علي بن الحسين؟ ...

وشاور مَن كان حاضراً في أمره ، فأشاروا عليه بقتله ...» (٢) فسكت.

وقد واجهت السيدة زينب عليها‌السلام يزيد (لعنه الله) بالتقريع من أجل ذلك (٣).

وقال للإمام السجاد عليه‌السلام أيضاً : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٤).

وقال يزيد (لعنه الله) للإمام السجاد عليه‌السلام أيضاً : أراد أبوك وجدك أن يكونا أميرين ، فالحمد لله الذي أذلّهما وسفك دماءهما (٥).

____________________

(١) مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للمقرّم / ١١ عن الفروع ٣ / ٥٤٨ ـ باب قتل أهل البغي ، ط المنار سنة ١٣٤٥.

(٢) إثبات الوصية / ١٤٣ ، وراجع الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٣٠.

(٣) بلاغات النساء ـ لأحمد بن أبي طاهر / ٢١ ، ومقتل الحسين عليه‌السلام ـ للخوارزمي ٢ / ٦٢ ، وأخبار الزينبات ـ للعبيدلي / ٨٦ ، واللهوف / ٧٩ ط سنة ١٣٦٩ هـ.

(٤) راجع الكامل في التاريخ ٤ / ٨٧ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٣٥٢ ، ٣٥٥ ، وتفسير القمي ٢ / ٣٥٢ في تفسير الآية في سورة الشورى ، وتذكرة الخواص / ٢٦٢ ، ومقاتل الطالبيِّين / ١٢٠ ، والإرشاد ـ للمفيد ٢ / ١٢٠ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣٢٠.

(٥) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٣١.

٩٨

ودعا يزيد (لعنه الله) برأس الإمام الحسين عليه‌السلام ، وجعل يضرب أو ينكت (والنكت : هو الضرب) ثغر الإمام الحسين عليه‌السلام بقضيب في يده (١) ، وجعل يقول : قد لقيت بغيك يا حسين (٢).

جوائز يزيد (لعنه الله) لابن زياد

ولمّا قتل ابنُ زياد الإمامَ الحسين عليه‌السلام أوصله يزيد (لعنه الله) بألف ألف درهم جائزة (٣).

وقال لسلم بن زياد ، أخي عبيد الله بن زياد ، حينما قدم عليه بعد قتل الإمام الحسين عليه‌السلام : لقد وجبت محبّتكم يا بني زياد على آل سفيان (٤).

____________________

(١) مقتل الحسين عليه‌السلام ـ للمقرّم / ٤٥٤ عن الإتحاف بحبِّ الأشراف / ٢٣ ، والكامل في التاريخ ٤ / ٨٥ ط دار صادر ، وتذكرة الخواص / ١٤٨ ، والصواعق المحرقة ٢ / ٥٨٠. ونقل أيضاً عن الفروع ـ لابن مفلح ٣ / ٥٤٩ ، وعن شرح مقامات الحريري ـ للشربشي ١ / ٩٣.

وراجع مجمع الزوائد ٩ / ١٩٥ ، والفصول المهمة ـ لابن الصباغ / ٢٠٥ ، والخطط للمقريزي ٢ / ٢٨٩ ، والبداية والنهاية ٦ / ٢٦٠ ط دار إحياء التراث.

وراجع مناقب ابن شهر آشوب ٣ / ٢٦١ المطبعة الحيدريّة ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣١٩ ، ٣٢٠ ، ٣٠٩.

(٢) الكواكب الدرية ـ للمناوي ١ / ٥٦.

(٣) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ١٣٥.

(٤) الفتوح ـ لابن أعثم ـ المجلد الثالث ٥ / ٣٦ ، وينابيع المودة ٣ / ٣١ ط دار الاُسوة ، والصراط السوي في مناقب آل النبي / ٨٥.

٩٩

وكتب يزيد (لعنه الله) بعد مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام إلى ابن زياد : أمّا بعد ، فإنك قد ارتفعت إلى غاية أنت فيها كما قال الأوّل :

رفعتَ فجاوزت السحابَ وفوقَه

فما لك إلاّ مرتقى الشمس مقعدا

أفد عليَّ لأجازيك على ما فعلت

ولما جاء استقبله يزيد (لعنه الله) ، وقبّل ما بين عينيه ، وأجلسه على سرير ملكه ، وأدخله على نسائه.

وقال للمغني : غنِّ.

وللساقي : اسق.

ثمّ قال :

اسقني شربةً اُروّي فؤادي

ثمَّ صلْ فاسق مثلها ابنَ زيادِ

موضعَ السر والأمانة عندي

وعلى ثغر مغنمي وجهادي

زاد ابن الجوزي :

قاتلَ الخارجي أعني حسيناً

ومبيدَ الأعداءِ والحسّادِ

وأوصله ألف ألف درهم ، ومثلها لعمر بن سعد ، وأطلق له خراج العراق سنة (١).

كما أنه حين وافاه النبأ بمقتل الإمام الحسين عليه‌السلام ، وكان في

____________________

(١) راجع شرح الأخبار ٣ / ٢٥٣ ط جماعة المدرسين ـ قم ـ إيران ، ومرآة الزمان في تواريخ الأعيان / ١٠٦ ، وتذكرة الخواص / ٢٩٠ ، وراجع مروج الذهب ٣ / ٦٧.

١٠٠