أحكام القرآن - ج ٢

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

أحكام القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٦
الجزء ١ الجزء ٢

من دونهم ، ودون النساء.». وبسط الكلام فيه (١).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (٢) : «قال الله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ : فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ، بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (٣) الآية : (٩ ـ ٢٨) ؛ فسمعت بعض أهل العلم ، يقول : المسجد الحرام : الحرم (٤) وسمعت عددا ـ : من أهل المغازي (٥). ـ يروون (٦) : أنه كان فى رسالة النبي (٧) (صلى الله عليه وسلم) : لا يجتمع مسلم ومشرك ، فى الحرم ، بعد عامهم هذا. (٨)»

__________________

(١) فراجعه (ص ٩٨ ـ ٩٩). وراجع السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٩٨)

(٢) كما فى الأم (ج ٤ ص ٩٩ ـ ١٠٠) : فى مسئلة إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله.

(٣) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ١٨٥ و ٢٠٦) : حديث أبى هريرة المتعلق بذلك ؛ وراجع الكلام عليه فى الفتح (ج ٣ ص ٣١٤ وج ٦ ص ١٧٥ وج ٨ ص ٢١٩ ـ ٢٢٣). وانظر ما تقدم (ج ١ ص ٨٣ ـ ٨٤).

(٤) فى الأم زيادة : «وبلغني أن رسول الله قال : لا ينبغى لمسلم : أن يؤدى الخراج ؛ ولا لمشرك : أن يدخل الحرم.».

(٥) فى الأم : «العلم بالمغازي».

(٦) فى الأصل : «يرون» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح من الأم ، والمختصر (ج ٥ ص ٢٠٠).

(٧) مع على إلى أهل مكة. راجع السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٠٧) ، والفتح (ج ٨ ص ٢٢٠ ـ ٢٢١).

(٨) راجع كلامه بعد ذلك (ص ١٠٠ ـ ١٠١) : فهو مفيد جدا. ثم راجع الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٦٥ ـ ١٦٦) : فهو مفيد فى بيان المذاهب فى هذه المسألة

٦١

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (١) : «فرض الله (عز وجل) : قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا ، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية وقال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها : ٢ ـ ٢٨٦). فبذا (٢) فرض على المسلمين ما أطاقوه ؛ فإذا عجزوا عنه : فإنما كلّفوا منه ما أطاقوه ؛ فلا بأس : أن يكفّوا عن قتال الفريقين : من المشركين ؛ وأن يهادنوهم.».

ثم ساق الكلام (٣) ، إلى أن قال : «فهادنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (٤) (يعنى (٥) : أهل مكة ، بالحديبية (٦).) فكانت (٧) الهدنة بينه وبينهم عشر سنين ؛ ونزل عليه ـ فى سفره ـ فى أمرهم : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (٨) * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ : ٤٨ ـ ١ ـ ٢). قال الشافعي : قال

__________________

والرد على بعض المخالفين : كأبي حنيفة. ويحسن أن تراجع فى الفتح (ج ٦ ص ١٠٣ و ١٧٠ ـ ١٧١) : ما ورد فى إخراج المشركين واليهود من جزيرة العرب.

(١) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٠٩ ـ ١١٠).

(٢) عبارة الأم هى : «فهذا فرض الله على المسلمين قتال الفرقين من المشركين ، وأن يهادنوهم». والظاهر : أنها ناقصة ومحرفة.

(٣) يحسن أن تراجع ما ذكره (ص ١٠٩ ـ ١١٠) : ليتضح لك كلامه تماما.

(٤) فى الأم زيادة : «إلى مدة ؛ ولم يهادنهم على الأبد : لأن قتالهم حتى يسلموا ، فرض : إذا قوى عليهم.».

(٥) هذا من كلام البيهقي.

(٦) فى الأصل : «بالحديث». وهو تصحيف. وراجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢١٨ ـ ٢٢٣) ، والفتح (ج ٧ ص ٣١٨ ـ ٣١٩ وج ٨ ص ٤١٢).

(٧) فى الأم ، والسنن الكبرى (ص ٢٢١) : «وكانت».

(٨) ذكر فى الأم إلى هنا.

٦٢

ابن شهاب : فما كان فى الإسلام فتح أعظم منه.». وذكر (١) : دخول الناس فى الإسلام : حين أمنوا (٢).

وذكر الشافعي (٣) ـ فى مهادنة من يقوى (٤) على قتاله ـ : أنه «ليس له مهادنتهم على النّظر : على غير جزية (٥) ؛ أكثر من أربعة أشهر. لقوله عز وجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ، إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا(٦) فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) الآية وما بعدها : (٩ ـ ١ ـ ٤).».

قال الشافعي (٧) : «لمّا قوى أهل الإسلام : أنزل الله (تعالى) على النبي (٨) (صلى الله عليه وسلم) مرجعه من تبوك : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ).».

ثم ساق الكلام (٩) ، إلى أن قال : «فقيل : كان الذين عاهدوا النبىّ

__________________

(١) أي : ابن شهاب ، فى بقية كلامه. وهذا من كلام البيهقي.

(٢) فى الأصل : «آمنوا» ؛ وهو خطأ وتصحيف. والتصحيح من الأم والسنن الكبرى (ص ٢٢٣). وراجع فيها (ص ١١٧ ـ ١٢٢) وفى الجوهر النقي ، والفتح (ج ٨ ص ٩ ـ ١١) بعض ما روى فى فتح مكّة ، والخلاف فى أنه كان صلحا أو عنوة.

(٣) كما فى الأم (ج ٤ ص ١١١). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٠١).

(٤) أي : الإمام.

(٥) فى الأم : «الجزية».

(٦) فى الأم : «إلى قوله : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) الآية وما بعدها».

(٧) كما فى الأم (ج ٤ ص ١١١). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٠١).

(٨) فى الأم : «رسوله».

(٩) حيث ذكر : إرسال النبي هذه الآيات ، مع على ؛ وقراءته إياها على الناس فى موسم الحج. وبين : أن الفرض : أن لا يعطى لأحد مدة ـ بعد هذه الآيات ـ إلا أربعة

٦٣

(صلى الله عليه وسلم) : قوما موادعين ، إلى غير مدّة معلومة. فجعلها الله (عز وجل) : أربعة أشهر ؛ ثم جعلها رسول (١) الله (صلى الله عليه وسلم) كذلك. وأمر الله نبيّه (صلى الله عليه وسلم) فى قوم ـ : عاهدهم إلى مدة ، قبل نزول الآية. ـ : أن يتمّ إليهم عهدهم ، إلى مدّتهم : ما (٢) استقاموا له ؛ ومن خاف منه خيانة ـ : منهم (٣) ـ نبذ إليه. فلم يجز : أن يستأنف مدّة ، بعد نزول الآية ـ : وبالمسلمين قوّة. ـ إلى أكثر من أربعة أشهر.»

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (٤) : «من (٥) جاء ـ : من المشركين. ـ : يريد الإسلام ؛ فحقّ على الإمام : أن يؤمّنه : حتى يتلو عليه كتاب الله (عز وجل) ، ويدعوه إلى الإسلام : بالمعنى الذي يرجو : أن يدخل الله به عليه الإسلام. لقول الله (عز وجل) لنبيه صلى الله عليه وسلم : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ؛ اسْتَجارَكَ. فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ (٦) ؛ ثُمَّ أَبْلِغْهُ

__________________

أشهر. واستدل : بحديث صفوان بن أمية. فراجعه ، وراجع السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٢٤ ـ ٢٢٥).

(١) فى الأم : «رسوله».

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «فاستقاموا» ؛ وهو خطأ وتصحيف. وراجع كلامه فى الأم (ج ٧ ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣) : لفائدته هنا وفيما بعده. وراجع الفتح (ج ٨ ص ٢٢١).

(٣) هذا ليس بالأم.

(٤) كما فى الأم (ج ٤ ص ١١١) : قبل ما تقدم بقليل.

(٥) فى الأم : «ومن».

(٦) راجع كلامه فى الأم (ج ٤ ص ١٢٥) ، والمختصر (ج ٥ ص ١٩٩) : ففيه مزيد فائدة.

٦٤

مَأْمَنَهُ : ٩ ـ ٦) (١). وإبلاغه مأمنه : أن يمنعه من المسلمين والمعاهدين : ما كان فى بلاد الإسلام ، أو حيث ما (٢) يتّصل ببلاد الإسلام.»

«قال : وقوله (٣) عز وجل : (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) ؛ [يعنى (٤)] ـ والله أعلم ـ : منك ، أو ممّن يقتله (٥) : على دينك ؛ [أو (٦)] ممّن يطيعك. لا : أمانه (٧) [من (٨)] غيرك : من عدوّك وعدوّه : الذي لا يأمنه ، ولا يطيعك (٩).».

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (١٠) : «جماع الوفاء بالنّذر ، والعهد (١١) ـ : كان بيمين ، أو غيرها. ـ فى قول (١٢) الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ : ٥ ـ ١) ؛ وفى قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ، وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً : ٧٦ ـ ٧).»

__________________

(١) فى الأم زيادة : «الآية». ثم قال : «ومن قلت : ينبذ إليه ؛ أبلغه مأمنه». وسيأتى نحوه قريبا.

(٢) هذا ليس بالأم.

(٣) هذا ليس بالأم.

(٤) الزيادة عن الأم.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «لعله» ؛ وكتب فوقه بمداد آخر : «معك». والأول مصحف عما فى الأم ؛ والثاني خطأ.

(٦) هذا ليس بالأصل ولا بالأم. وقد رأينا زيادته : ليشمل الكلام كل من يطيعه ؛ سواء أكان مؤمنا أم معاهدا. ويؤكد ذلك لا حق كلامه. وبدون هذه الزيادة يكون قوله : ممن يطيعك ؛ بيانا لقوله : ممن يقتله.

(٧) كذا بالأم. وفى الأصل : «أمانة» ؛ وهو تصحيف.

(٨) الزيادة عن الأم.

(٩) راجع كلامه بعد ذلك : لفائدته.

(١٠) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٠٦).

(١١) فى الأم : «وبالعهد» ؛ وهو أحسن.

(١٢) فى الأم : «قوله».

٦٥

«وقد ذكر الله (عز وجل) الوفاء بالعقود : بالأيمان ؛ فى غير اية : من كتابه ؛ [منها (١)] : قوله عز وجل : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ : إِذا عاهَدْتُمْ) ؛ ثم (٢) : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) ؛ إلى (٣) قوله : (تَتَّخِذُونَ (٤) أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) الآية : (١٦ ـ ٩١ ـ ٩٢) ؛ وقال (٥) عز وجل : (يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ ، وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ : ١٣ ـ ٢٠) (٦) ؛ مع ما ذكر به الوفاء بالعهد.»

«قال الشافعي : هذا (٧) من سعة لسان العرب الذي خوطبت به ؛ فظاهره (٨) عامّ على كل عقد. ويشبه (والله أعلم) : أن يكون الله (٩) (تبارك وتعالى) أراد : [أن (١٠)] يوفوا بكل عقد ـ : كان (١١) بيمين ، أو غير يمين. ـ وكلّ عقد نذر : إذا كان فى العقدين (١٢) لله طاعة ، أو لم (١٣) يكن له ـ فيما أمر بالوفاء منها ـ معصية (١٤).».

__________________

(١) الزيادة عن الأم.

(٢) هذا ليس بالأم. ولعله زائد من الناسخ ، أو قصد به التنبيه على أن كل جملة دليل على حدة.

(٣) فى الأم : «قرأ الربيع الآية».

(٤) كذا بالأصل. وقد ضرب على النون بمداد آخر ؛ وأبدلت ألفا ، وزيد : «ولا». وهذا ناشىء عن الظن : بأنه أراد الآية : (٩٤).

(٥) فى الأم : «وقوله». وهو أحسن.

(٦) فى الأصل زيادة : «الآية» ؛ وهى من عبث الناسخ.

(٧) فى الأم : «وهذا».

(٨) فى الأم : «وظاهره».

(٩) عبارة الأم : «أراد الله».

(١٠) زيادة متعينة ، عن الأم.

(١١) هذا إلى قوله : عقد ؛ ليس بالأم.

(١٢) فى الأم : «العقد».

(١٣) فى الأم : «ولم». وما فى الأصل أحسن.

(١٤) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٣٠ ـ ٢٣٢) : ما يدل لذلك وما قبله : من السنة.

٦٦

واحتجّ : «بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صالح قريشا بالحديبية : على أن يردّ من جاء منهم ؛ فأنزل الله (تبارك وتعالى) فى امرأة جاءته منهم : مسلمة ؛ (سمّاها (١) فى موضع آخر (٢) : أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط.) : (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ (٣) ؛ إلى : فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) الآية : إلى قوله : (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا : ٦٠ ـ ١٠). ففرض الله (عز وجل) عليهم : أن لا يردّوا (٤) النساء ؛ وقد أعطوهم : ردّ من جاء منهم ؛ وهنّ منهم فحبسهنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بأمر الله عز وجل (٥).».

قال (٦) : «عاهد (٧) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوما : من المشركين ؛ فأنزل الله (عز وجل) عليه : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ، إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ : ٩ ـ ١٠) (٨).».

قال الشافعي (٩) ـ فى صلح أهل الحديبية ، ومن صالح : من

__________________

(١) هذا من كلام البيهقي.

(٢) من الأم (ج ٤ ص ١١٢ و ١١٣). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٠١) ، وما تقدم (ج ١ ص ١٨٥)

(٣) ذكر فى الأم إلى : (إيمانهن).

(٤) فى الأم : «أن لا ترد».

(٥) راجع حديث عروة : فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ١٧٠ ـ ١٧١ وج ٩ ص ٢٢٨ ـ ٢٢٩) ، والفتح (ج ٧ ص ٣١٩ وج ٨ ص ٤٤٩).

(٦) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٠٦).

(٧) فى الأم : «وعاهد».

(٨) فى الأم زيادة : «الآية ؛ وأنزل : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ : ٩ ـ ٧) ؛ (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) الآية : (٩ ـ ٤).». ثم ذكر الآتي : على صورة سؤال وجواب.

(٩) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٠٦).

٦٧

المشركين. ـ : «كان صلحه لهم طاعة لله (١) ؛ إمّا : عن أمر الله : بما صنع ؛ نصّا ؛ وإما أن يكون الله (عز وجل) جعل [له : أن يعقد لمن رأى : بما رأى ؛ ثم أنزل قضاءه عليه : فصاروا إلى قضاء الله جل ثناؤه (٢)] ؛ ونسخ [رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣)] فعله ، بفعله : بأمر الله. وكلّ كان : طاعة (٤) لله ؛ فى وقته.». وبسط الكلام فيه (٥).

* * *

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (٦) (رحمه الله) : «وكان بيّنا فى الآية : منع المؤمنات المهاجرات ، من أن يرددن إلى دار الكفر ؛ وقطع العصمة ـ : بالإسلام. ـ بينهنّ ، وبين أزواجهنّ. ودلّت السنة : على أنّ قطع العصمة : إذا انقضت عددهنّ ، ولم يسلم أزواجهنّ : من المشركين (٧)

«وكان بيّنا فى (٨) الآية : أن يردّ على الأزواج نفقاتهم ؛ ومعقول فيها : أنّ نفقاتهم (٩) التي تردّ : نفقات اللّاتى (١٠) ملكوا عقدهنّ ؛ وهى : المهور ؛ إذا كانوا قد أعطوهنّ إيّاها.»

__________________

(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «الله». ولعل الزيادة من الناسخ.

(٢) هذه الزيادة عن الأم ، وبعضها متعين كما لا يخفى.

(٣) هذه الزيادة عن الأم ، وبعضها متعين كما لا يخفى.

(٤) عبارة الأم : «لله طاعة».

(٥) حيث شرع يبين : ما إذا كان لأحد أن يعقد عقدا منسوخا ، ثم يفسخه. فراجعه (ص ١٠٦) : فهو جليل الفائدة.

(٦) كما فى الأم (ج ٤ ص ١١٤) : بعد أن ذكر آية المهاجرات.

(٧) راجع كلامه فى الأم (ج ٤ ص ١٨٥ وج ٥ ص ٣٩ و ١٣٥ ـ ١٣٦) : فهو مفيد هنا وفى نهاية البحث.

(٨) فى الأم : «فيها».

(٩) فى الأصل زيادة : «غير» ؛ وهى من الناسخ.

(١٠) فى الأم : «اللائي».

٦٨

«وبيّن : أنّ الأزواج : الذين يعطون النفقات ـ : لأنهم الممنوعون من نسائهم. ـ وأنّ نساءهم : المأذون للمسلمين أن (١) ينكحوهنّ : إذا آتوهنّ أجورهنّ. لأنه لا إشكال عليهم : فى أن ينكحوا غير ذوات الأزواج ؛ إنما كان الإشكال : فى نكاح ذوات الأزواج ؛ حتى قطع الله عصمة الأزواج : بإسلام النساء ؛ وبيّن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أن ذلك : بمضىّ (٢) العدّة قبل إسلام الأزواج.»

«فلا يؤدّى أحد (٣) نفقة في (٤) امرأة فاتت ، إلا ذوات (٥) الأزواج (٦)

«قال الشافعي : قال (٧) الله (عز وجل) للمسلمين : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ٦٠ ـ ١٠). فأبانهنّ من المسلمين ؛ وأبان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنّ ذلك : بمضىّ العدّة. وكان (٨) الحكم فى إسلام الزوج ،

__________________

(١) فى الأم : «بأن».

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل هنا وفيما سيأتى : «بمعنى». وهو تصحيف. وبمناسبة ذلك ، نرجو : أن يثبت ـ فى آخر (س ٨ من ص ٢٥١ ج ١) كلمتان سقطتا من الطابع ، وهما : «أن العدة».

(٣) أي : من المسلمين للمشركين. وعبارة الأم ـ ولعلها أظهر ـ : «فلا يؤتى أحد» ؛ أي : من المشركين ؛ من جهة المسلمين.

(٤) عبارة الأم : «نفقته من».

(٥) فى الأصل : «ذات» ؛ ولعل النقص من الناسخ. فتأمل.

(٦) راجع المختصر (ج ٥ ص ٢٠٢) : لأهميته.

(٧) فى الأم : «وقد قال». ولعل ما فى الأصل أحسن.

(٨) عبارة الأم : «فكان». وهى أظهر.

٦٩

الحكم فى إسلام المرأة : لا يختلفان (١)

«وقال (٢) الله تعالى ؛ (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ ، وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا : ٦٠ ـ ١٠). يعنى (والله أعلم) : أنّ أزواج المشركات : من المؤمنين ؛ إذا منعهنّ (٣) المشركون إتيان أزواجهنّ (٤) ـ : بالإسلام (٥). ـ : أدّوا (٦) ما دفع إليهنّ الأزواج : من المهور ؛ كما يؤدّى المسلمون ما دفع أزواج المسلمات : من المهور. وجعله الله (٧) (عز وجل) حكما بينهم.»

«ثم حكم [لهم (٨)] ـ فى مثل ذلك المعنى ـ حكما ثانيا (٩) ؛ فقال : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ : مِنْ أَزْواجِكُمْ ؛ إِلَى الْكُفَّارِ ، فَعاقَبْتُمْ) ؛ كأنه (١٠) (والله أعلم) يريد (١١) : فلم تعفوا عنهم إذا (١٢) لم يعفوا عنكم مهور

__________________

(١) راجع أيضا فى الأم (ج ٧ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣) : رده القوى على من فرق بين المسألتين ، وقال : إذا أسلم الزوج قبل امرأته. وقعت الفرقة بينهما : إذا عرض عليها الإسلام فأبت.

(٢) فى الأم : «قال». وما في الأصل أولى كما لا يخفى.

(٣) كذا بالأصل. وقد ورد لفظ «أزواجهن» مكررا من الناسخ. وفى الأم : «منعهم ... أزواجهم» ؛ وهو أظهر : وإن كانت النتيجة واحدة.

(٤) كذا بالأصل. وقد ورد لفظ «أزواجهن» مكررا من الناسخ. وفى الأم : «منعهم ... أزواجهم» ؛ وهو أظهر : وإن كانت النتيجة واحدة.

(٥) أي : بسبب إسلام الأزواج.

(٦) أي : أدى المشركون للأزواج. وعبارة الأم : «أوتوا» ؛ أي : الأزواج. وهى أنسب بالكلام السابق ؛ وعبارة الأصل أنسب بالكلام اللاحق.

(٧) لفظ الجلالة غير موجود بالأم.

(٨) زيادة حسنة ، عن الأم.

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «ثابتا» ؛ وهو تصحيف.

(١٠) هذا ليس بالأم ؛ ولعله سقط من الناسخ أو الطابع. وفى الأصل : «كان» ، وهو تحريف.

(١١) كذا بالأم. وفى الأصل : «يرد» ؛ والنقص من الناسخ.

(١٢) كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «إذ». ولعله محرف فتأمل.

٧٠

نسائكم ؛ (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ ، مِثْلَ ما أَنْفَقُوا : ٦٠ ـ ١١). كانه يعنى : من مهورهم ؛ إذا فاتت امرأة مشرك (١) : أتتنا (٢) مسلمة ؛ قد أعطاها مائة فى مهرها ؛ وفاتت امرأة (٣) مشركة إلى الكفار ، قد أعطاها (٤) مائة ـ : حسبت مائة المسلم ، بمائة المشرك. فقيل : تلك : العقوبة.»

«قال : ويكتب بذلك ، إلى أصحاب عهود المشركين : [حتى (٥)] يعطى المشرك (٦) ما قصصناه (٧) ـ : من مهر امرأته. ـ للمسلم الذي فاتت امرأته إليهم : ليس (٨) له غير ذلك.».

ثم بسط الكلام فى التفريع : على (٩) [هذا] القول ؛ فى موضع دخول النساء فى صلح النبىّ (صلى الله عليه وسلم) بالحديبية (١٠).

وقال فى موضع آخر (١١) : «وإنما ذهبت : إلى أن النساء كنّ فى صلح

__________________

(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «مشركة» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «أتينا» ؛ وهو تصحيف.

(٣) أي : امرأة مسلم. ولو صرح به لكان أحسن.

(٤) أي : زوجها المسلم.

(٥) زيادة متعينة ، عن الأم.

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «المشركين» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٧) أي : قطعناه عنه. وعبارة الأم : «ما قاصصناه به» ؛ وهى أظهر. أي : جعلناه فى مقابلة مهر المسلم.

(٨) هذه الجملة حالية. وراجع ما ذكره بعد ذلك : فيما إذا تفاوت المهران.

(٩) فى الأصل : «وعلى القول». ولعل الصواب حذف ما حذفنا ، وزيادة ما زدنا.

(١٠) راجع الفصل الخاص بذلك (ص ١١٤ ـ ١١٧) : لاشتماله على فوائد مختلفة.

(١١) من الأم (ج ٤ ص ١١٣).

٧١

الحديبية ؛ بأنه لو لم يدخل ردّهنّ فى الصّلح : لم (١) يعط أزواجهنّ فيهنّ عوضا ؛ والله أعلم (٢).».

* * *

(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٣) : «قال الله عز وجل : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً : فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ؛ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ : ٨ ـ ٥٨). نزلت فى أهل هدنة (٤) : بلغ النبىّ (صلى الله عليه وسلم) عنهم ، شىء : استدلّ به على خيانتهم.»

«فإذا جاءت دلالة (٥) : على أنه لم يوف أهل الهدنة (٦) ، بجميع ما عاهدهم (٧) عليه ـ : فله أن ينبذ إليهم. ومن قلت : له أن ينبذ إليه ؛ فعليه : أن يلحقه بمأمنه ؛ ثم له : أن يحاربه ؛ كما يحارب من لا هدنة له (٨).».

__________________

(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «ولم» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٢) راجع ما ذكره بعد ذلك (ص ١١٣ ـ ١١٤) : ففيه تقوية لما هنا ، وفائدة فى بعض ما سبق.

(٣) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٠٧).

(٤) راجع كلامه (ص ١٠٨).

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «دلالته» ؛ وهو تحريف.

(٦) فى الأم : «هدنة».

(٧) فى الأم : «هادنهم». وهو أحسن.

(٨) راجع كلامه بعد ذلك ، وكلامه (ص ١٠٩) : لفائدته. وراجع المختصر (ج ٥ ص ٢٠٣).

٧٢

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (١) : «قال الله (تبارك وتعالى) لنبيّه (صلى الله عليه وسلم) فى أهل الكتاب : (فَإِنْ جاؤُكَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (٢) ؛ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ : فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً ؛ وَإِنْ حَكَمْتَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ : ٥ ـ ٤٢)

«قال الشافعي : فى (٣) هذه الآية ، بيان (والله أعلم) : أنّ الله (عز وجل) جعل لنبيّه (صلى الله عليه وسلم) الخيار : فى أن (٤) يحكم بينهم ، أو يعرض عنهم (٥). وجعل عليه (٦) ـ : إن حكم. ـ : أن يحكم بينهم بالقسط والقسط : حكم الله الذي أنزل على نبيّه (صلى الله عليه وسلم) : المحض الصادق ، أحدث الأخبار عهدا بالله (عز وجل). قال الله عز وجل : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ : بِما أَنْزَلَ اللهُ ؛ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (٧) الآية : (٥ ـ ٤٩). قال : وفى هذه الآية ، ما فى التي قبلها : من أمر الله (عز وجل)

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٦ ص ١٢٤). وقد ذكر باختصار فى السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٤٥ ـ ٢٤٦). وانظر المختصر (ج ٥ ص ١٦٧ ـ ١٦٨).

(٢) ذكر فى السنن الكبرى إلى هنا.

(٣) فى الأم والسنن الكبرى : «ففى».

(٤) فى السنن الكبرى : «الحكم». وما هنا أحسن.

(٥) راجع فى السنن الكبرى (ص ٢٤٧) : حديث أبي هريرة.

(٦) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «له». وهو خطأ وتحريف.

(٧) ذكر فى الأم إلى : (إليك). وراجع تفسيره الأهواء ، وكلامه المتعلق بهذا المقام ـ : فى الأم (ج ٥ ص ٢٢٥ وج ٧ ص ٢٨). وانظر ما سيأتى فى الأقضية.

٧٣

له ، بالحكم : بما أنزل الله إليه (١)»

«قال : وسمعت من أرضى ـ : من أهل العلم (٢). ـ يقول فى قول الله عز وجل : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) : إن حكمت ؛ لا : عزما أن تحكم (٣)

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال (٤) : «أنا إبراهيم بن سعد (٥) ، عن ابن شهاب ، عن عبيد (٦) الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ـ أنه قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شىء : وكتابكم الذي أنزل الله على نبيّه (صلى الله عليه وسلم) : أحدث الأخبار ، تقرءونه محضا : لم يشب (٧).؟!

__________________

(١) ذهب بعض الأئمة ـ : كابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدى ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وأبى حنيفة وأصحابه. ـ : إلى أن هذه الآية ناسخة للأولى. وهذا هو قول الشافعي الراجح (كما سيأتى). انظر السنن الكبرى (ص ٢٤٨ ـ ٢٤٩) ، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٢٩). ثم راجع رد الشافعي على هذا المذهب : في الأم (ج ٦ ص ١٢٥ وج ٧ ص ٣٩) ، فهو جيد مفيد. وسيأتى شىء منه.

(٢) كما لك : موافقا النخعي ، والشعبي ، وعطاء. انظر السنن الكبرى (ص ٢٤٦) ، والناسخ والمنسوخ (ص ١٢٨ ـ ١٢٩).

(٣) راجع أثرى على وعمر ، وتعليق الشافعي عليهما : فى الأم (ص ١٢٥ ـ ١٢٦) ، والسنن الكبرى (ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨). وانظر الفتح (ج ٦ ص ١٦٢ ـ ١٦٣)

(٤) كما فى (ص ١٢٩ ـ ١٣٠) ، والسنن الكبرى (ص ٢٤٩). وقد أخرج أثر ابن عباس ، البخاري ـ ببعض اختلاف فى اللفظ ـ : من طريقى ابن عتبة ، وعكرمة. راجع الفتح (ج ٥ ص ١٨٥ وج ١٣ ص ٢٦٠ و ٣٨٤).

(٥) كذا بالأم والسنن الكبرى وصحيح البخاري. وفى الأصل : «سعيد» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٦) كذا بالأم والسنن الكبرى وصحيح البخاري. وفى الأصل : «عبد» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٧) فى الأصل : «يسيب» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم وغيرها.

٧٤

ألم يخبركم الله (١) فى كتابه : أنهم حرّفوا كتاب الله (عز وجل (٢)) وبدّلوا ، وكتبوا كتابا (٣) بأيديهم ، فقالوا (٤) : (هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ؛ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) (٥) : (٢ ـ ٧٩).؟! ألا ينهاكم العلم الذي جاءكم ، عن مسألتهم؟! والله : ما رأينا رجلا (٦) منهم قطّ (٧) : يسألكم عما أنزل الله إليكم.».

هذا : قوله فى كتاب الحدود ؛ وبمعناه : أجاب فى كتاب القضاء باليمين مع الشاهد (٨) ؛ وقال فيه :

«فسمعت من أرضى علمه ، يقول : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) : إن حكمت ؛ على معنى قوله : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ). فتلك (٩) : مفسّرة ؛ وهذه : جملة.»

«وفى قوله عز وجل : (فَإِنْ تَوَلَّوْا : ٥ ـ ٤٩) ؛ دلالة : على أنهم إن تولّوا : لم يكن عليه الحكم بينهم. ولو كان قول (١٠) الله عز وجل : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ؛ إلزاما منه للحكم بينهم ـ :

__________________

(١) فى الأم زيادة : «عز وجل».

(٢) هذا ليس بالسنن الكبرى. وعبارة الأم : «تبارك وتعالى».

(٣) فى الأم : «الكتاب».

(٤) في الأم : «وقالوا».

(٥) ذكر فى الأم إلى آخر الآية.

(٦) فى الأم : «أحدا».

(٧) هذا ليس بالأم.

(٨) من الأم (ج ٧ ص ٣٨ ـ ٣٩). ويحسن أن تراجع أول كلامه.

(٩) كان الأولى أن يقول : فهذه. ولعله عبر بلام البعد : لأن الأولى هى المقصودة بالذات ، وشبهت بالأخرى.

(١٠) فى الأم : «قوله».

٧٥

ألزمهم الحكم : متولّين. لأنهم إنما يتولّون (١) : بعد الإتيان ؛ فأمّا : ما لم يأتوا ؛ فلا يقال لهم : تولّوا (٢)

وقد أخبرنا (٣) أبو سعيد ـ فى كتاب الجزية ـ : نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (٤) : «لم أعلم مخالفا ـ : من أهل العلم بالسّير. ـ : أنّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمّا نزل المدينة : وادع يهود كافّة على غير جزية ؛ [و (٥)] أنّ قول الله (عز وجل) : (فَإِنْ جاؤُكَ : فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) ؛ إنما نزلت : فى (٦) اليهود الموادعين : الذين لم يعطوا جزية ، ولم يقرّوا : بأن (٧) تجرى (٨) عليهم وقال بعضهم (٩) : نزلت فى اليهوديّين الّذين زنيا (١٠)

«قال : والذي (١١) قالوا ، يشبه ما قالوا ؛ لقول الله عز وجل : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ : وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها (١٢) حُكْمُ اللهِ؟! : ٥ ـ ٤٣) ؛

__________________

(١) فى الأم : «تولوا». وما فى الأصل أحسن.

(٢) راجع ما ذكره بعد ذلك : فهو مفيد فى بعض الأبحاث السابقة واللاحقة.

(٣) قد ورد فى الأصل بصيغة الاختصار : «أنا» ؛ فرأينا أن الأليق إثباته كاملا.

(٤) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٢٩). وقد ذكر بعضه فى المختصر (ج ٥ ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤).

(٥) زيادة متعينة ، عن الأم والمختصر.

(٦) عبارة المختصر : «فيهم».

(٧) فى المختصر : «أن».

(٨) عبارة الأم والمختصر : «يجرى عليهم الحكم».

(٩) فى الأم : «بعض».

(١٠) كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «رتبا» ؛ وهو تصحيف.

(١١) عبارة المختصر : «وهذا أشبه بقول الله». وهى أحسن.

(١٢) فى المختصر : «الآية». وما سياتي إلى قوله : وليس للامام ؛ غير مذكور فيه.

٧٦

وقال (١) : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ (٢) ... فَإِنْ تَوَلَّوْا) ؛ يعنى (والله أعلم) : فإن (٣) تولّوا عن حكمك [بغير رضاهم (٤)]. فهذا (٥) يشبه : أن يكون ممّن أتاك (٦) : غير مقهور على الحكم.»

«والذين حاكموا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ـ فى امرأة منهم ورجل : زنيا. ـ : موادعون (٧) ؛ فكان (٨) فى التوراة : الرّجم ؛ ورجوا : أن لا يكون (٩) من حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فجاؤا (١٠) بهما : فرجمهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم).». وذكر فيه حديث ابن عمر (١١).

قال الشافعي (١٢) : «فإذا (١٣) وادع الإمام قوما ـ : من أهل الشرك.

__________________

(١) عبارة الأم : «وقوله». وهى أحسن.

(٢) ذكر فى الأم إلى : (يفتنوك) ؛ ثم قال : «الآية».

(٣) فى الأم : «إن». وما فى الأصل أحسن.

(٤) زيادة جيدة ، عن الأم.

(٥) فى الأم : «وهذا».

(٦) عبارة الأم : «أتى حاكما».

(٧) كذا بالأم. وعبارة الأصل : «موادعين» ؛ وهى إما مصحفة ، أو ناقصة كلمة : «كانوا».

(٨) فى الأم : «وكان».

(٩) أي : الرجم. وقد صرح به فى الأم ، بعد صيغة الدعاء.

(١٠) كذا بالأم. وفى الأصل : «فجاءه» ؛ وهو تحريف.

(١١) مختصرا ؛ فى الحدود ، والقضاء باليمين والشاهد ، واختلاف العراقيين (ج ٦ ص ١٢٤ وج ٧ ص ٢٩ و ١٥٠) ولم يذكره فى كتاب الجزية : على ما نعتقد. وراجع هذا الحديث ، وحديثى البراء وأبى هريرة : فى السنن الكبرى (ص ٢٤٦ ـ ٢٤٧). ثم راجع الكلام عليه : فى الفتح (ج ١٢ ص ١٣٦ ـ ١٤١ وج ١٣ ص ٣٩٨) ، وشرح مسلم (ج ١١ ص ٢٠٨ ـ ٢١١) : فهو مفيد فى كثير من المباحث.

(١٢) كما فى الأم (ج ٤ ص ١٢٩ ـ ١٣٠).

(١٣) عبارة الأم : «وإذا». ولعل عبارة الأصل أظهر.

٧٧

ولم يشترط : أن يجرى عليهم الحكم ؛ ثم جاءوه متحاكمين ـ : فهو بالخيار : بين أن يحكم بينهم ، أو يدع الحكم. فإن اختار أن يحكم بينهم : حكم بينهم حكمه بين المسلمين (١). فإن (٢) امتنعوا ـ بعد رضاهم بحكمه ـ : حاربهم.»

«قال : و (٣) ليس للإمام الخيار فى أحد ـ : [من (٤)] المعاهدين : الذين يجرى عليهم الحكم. ـ : إذا جاءوه فى حدّ لله (عز وجل). وعليه : أن يقيمه.»

«قال (٥) : وإذا (٦) أبى (٧) بعضهم على (٨) بعض ، ما فيه [له (٩)] حقّ عليه (١٠) ؛ فأتى (١١) طالب الحقّ إلى الإمام ، يطلب حقّه ـ : فحقّ لازم للإمام (والله أعلم) : أن يحكم [له (١٢)] على من كان له عليه حقّ : منهم ؛

__________________

(١) قال فى الأم ـ بعد ذلك ـ : «لقول الله : (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ).». ثم فسر القسط بما تقدم (ص ٧٣).

(٢) هذا إلى قوله : حاربهم ؛ قد ذكر فى الأم بعد قوله : يقيمه ؛ بقليل ؛ وقبل ما بعده. ولعل تأخيره أولى.

(٣) هذا إلى قوله : يقيمه ؛ ذكر فى المختصر (ص ٢٠٤) ، والسنن الكبرى (ص ٢٤٨).

(٤) الزيادة عن الأم والمختصر والسنن الكبرى.

(٥) بعد أن ذكر آية الجزية ، وفسر الصغار بما ذكره هنا فى آخر الكلام.

(٦) فى الأم : «فإذا». وهو أحسن.

(٧) كذا بالأم. وفى الأصل : «أتى» ؛ وهو تصحيف.

(٨) كذا بالأم. وفى الأصل : «إلى» ؛ وهو تصحيف.

(٩) زيادة حسنة ، عن الأم.

(١٠) فى الأم تقديم وتأخير.

(١١) كذا بالأم. وفى الأصل : «فأبى» ؛ وهو تصحيف.

(١٢) زيادة حسنة ، عن الأم.

٧٨

وإن لم يأته المطلوب : راضيا بحكمه ؛ وكذلك : إن أظهر السخط (١) لحكمه. لما (٢) وصفت : من قول الله عز وجل : (وَهُمْ صاغِرُونَ : ٩ ـ ٢٩). فكان (٣) الصّغار (والله أعلم) : أن يجرى عليهم حكم الإسلام.».

وبسط الكلام فى التّفريع (٤) وكأنه وقف ـ حين صنّف كتاب الجزية ـ : أنّ اية الخيار وردت فى الموادعين ؛ فرجع عما قال ـ فى كتاب الحدود ـ فى المعاهدين : فأوجب الحكم بينهم بما أنزل الله (عز وجل). إذا ترافعوا إلينا (٥)

__________________

(١) فى الأم : «السخطة». وهو لم يرد إلا اسما لسيف الدين ابن فارس ؛ كما فى التاج ، فلعله مصحف عن «المسخطة» ؛ أو قياسى : للمرة.

(٢) هذا إلى قوله : (صاغرون) ؛ ذكر فى المختصر عقب قوله : يقيمه.

(٣) هذا إلخ ذكر فى السنن الكبرى. وراجع فيها حديث الحسن بن أبى الحسن ، وكلام البيهقي المتعلق به. وراجع كلام أبى جعفر فى الناسخ والمنسوخ (ص ١٢٩ ـ ١٣٠) : فهو فى غاية القوة والجودة.

(٤) راجع الأم (ص ١٣٠ ـ ١٣٣) ، والمختصر (ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥).

(٥) قال المزني فى المختصر (ص ٢٠٤) : «هذا أشبه من قوله فى الحدود : لا يحدون ، وأرفعهم إلى أهل دينهم.» ؛ وقال (ص ١٦٨) : «هذا أولى قوليه به : إذ زعم أن معنى قول الله تعالى : (وَهُمْ صاغِرُونَ) : أن تجرى عليهم أحكام الإسلام ؛ ما لم يكن أمر حكم الإسلام فيه : تركهم وإياه.».

٧٩

«ما يؤثر عنه فى الصّيد والذّبائح»

«وفى الطّعام والشّراب»

قرأت فى كتاب : (السّنن) ـ رواية حرملة بن يحيى ، عن الشافعي ـ : قال : «قال الله تبارك وتعالى : (يَسْئَلُونَكَ : ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ؟. قُلْ : أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ، وَما عَلَّمْتُمْ : مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ ؛ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ ؛ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ : ٥ ـ ٤) (١)

«قال الشافعي : فكان معقولا عن الله (عز وجل) ـ : إذ أذن فى أكل ما أمسك الجوارح. ـ : أنهم إنما اتّخذوا الجوارح ، لما لم ينالوه إلا بالجوارح ـ : وإن لم ينزل ذلك نصّا من كتاب الله عز وجل. ـ : فقال الله عز وجل : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ : مِنَ الصَّيْدِ ، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ : ٥ ـ ٩٤) (٢) ؛ وقال تعالى : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ : وَأَنْتُمْ حُرُمٌ : ٥ ـ ٩٥) ؛ وقال تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ : فَاصْطادُوا : ٥ ـ ٢)

«قال (٣) : ولمّا ذكر الله (عز وجل) أمره : بالذّبح ؛ وقال : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) (٤) : (٥ ـ ٣) ـ : كان معقولا عن الله (عز وجل) : أنه إنما أمر به : فيما يمكن فيه الذبح والذّكاة ؛ وإن لم يذكره.»

__________________

(١) راجع فى السنن الكبرى (ج ٩ ص ٢٣٥) : سبب نزول هذه الآية ؛ وحديث عدى بن حاتم ، وأثرى ابن عباس وقتادة المتعلقة بها.

(٢) راجع فى السنن الكبرى (ج ٥ ص ٢٠٢ وج ٩ ص ٢٣٥) ، تفسير مجاهد لهذه الآية.

(٣) فى الأصل : «وقال». ولعل الواو زائدة من الناسخ.

(٤) قد ورد فى الأصل مصحفا : بالزاي. وكذلك فيما سيأتى. وانظر فى أواخر الكتاب ، ما نقله يونس عن الشافعي فى ذلك.

٨٠