أحكام القرآن - ج ٢

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

أحكام القرآن - ج ٢

المؤلف:

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٦
الجزء ١ الجزء ٢

وقال لنبيّه (١) صلى الله عليه وسلم : (وَأَنِ) (٢) (احْكُمْ بَيْنَهُمْ : بِما أَنْزَلَ اللهُ ؛ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) ؛ الآية (٣) : (٥ ـ ٤٩) ؛ وقال : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ : أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ : ٤ ـ ٥٨)

«قال الشافعي : فأعلم الله نبيّه (صلى الله عليه وسلم) : أنّ فرضا عليه ، وعلى من قبله ، والناس ـ : إذا حكموا. ـ : أن يحكموا بالعدل (٤) ؛ والعدل : اتّباع حكمه المنزل (٥).».

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٦) ـ فى قوله عز وجل : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ : ٥ ـ ٤٨ و ٤٩). ـ : «يحتمل : تساهلهم (٧) في أحكامهم ؛ ويحتمل : ما يهوون وأيّهما كان

__________________

(١) هذا قد ذكر فى الأم ، قبل قوله : فى أهل الكتاب. وهو أحسن.

(٢) كذا بالأم. وقد ورد فى الأصل : مضروبا عليه بمداد آخر ، ومضافا حرف الفاء إلى قوله : (احكم). وهو ناشىء عن ظن أن المراد آية المائدة : (٤٨).

(٣) ذكر فى الأم إلى : (إليك).

(٤) راجع فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٨٦ ـ ٨٩) ، حديث على ، وغيره : مما يتعلق بالمقام. ويحسن : أن تراجع فى الفتح (ج ١٣ ص ١١٨ و ١٢١) كلام عمر بن عبد العزيز ، وأبى على الكرابيسي ، وابن حبيب المالكي ؛ عن الآداب التي يجب أن تتوفر فيمن يتولى القضاء. فهو جليل الفائدة.

(٥) راجع ما ذكره بعد ذلك : فهو مفيد فى موضوع حجية السنة ؛ ذلك الموضوع الخطير : الذي يجب الاهتمام به ، والإلمام بتفاصيله. من أجل القضاء على الحرب الحقيرة التي يثيرها ضد الدين : جماعة الملحدين ، وطائفة المتنطعين ، وحثالة المأجورين. وقد وضعنا مؤلفا جامعا فيه : نرجو أن نتمكن قريبا من نشره ؛ إن شاء الله.

(٦) كما فى الأم (ج ٧ ص ٢٨).

(٧) أي : تسامحهم ، وعدم تطبيقهم أحكامهم على أنفسهم. فيكون المعنى الثاني :

١٢١

فقد نهى عنه ؛ وأمر : أن يحكم بينهم : بما أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم (١).».

(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٢). «قال الله جل ثناؤه : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ : إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ : إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ (٣) وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ * فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ؛ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً : ٢١ ـ ٧٨ ـ ٧٩)

«قال (٤) الشافعي : قال الحسن بن أبى الحسن : لو لا هذه الآية ، لرأيت : أنّ الحكّام قد هلكوا ؛ ولكنّ الله (تعالى) : حمد هذا : بصوابه (٥) ؛ وأثنى على هذا : باجتهاده (٦).».

__________________

خاصا بقوانينهم الوضعية. وعبارة الأصل : «تسهلهم» ؛ وهى محرفة عما ذكرنا. أو عن عبارة الأم ـ هنا ، وفى (ج ٥ ص ٢٢٥) ـ : «سبيلهم» ؛ أي : شرائعهم المنسوخة. وإنما سميت أهواء : لتمسكهم بها ، بعد نسخها وإبطالها.

(١) راجع ما ذكره بعد ذلك لارتباطه بكلامه الآتي قريبا عن شهادة الذمي.

(٢) كما فى الأم (ج ٧ ص ٨٥). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٤٢).

(٣) راجع فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١١٨) : ما روى فى ذلك عن ابن مسعود ومسروق ومجاهد ؛ وحكم النبي : فى حادثة ناقة البراء بن عازب. ثم راجع الفتح (ج ١٣ ص ١١٠ ـ ١٢١).

(٤) فى الأصل : «وقال» ؛ والظاهر أن الزيادة من الناسخ.

(٥) كذا بالأصل والسنن الكبرى. وفى الأم والمختصر : «لصوابه».

(٦) ثم ذكر حديث عمرو بن العاص وأبى هريرة : «إذا حكم الحاكم ، فاجتهد ، فأصاب : فله أجران. وإذا حكم ، فاجتهد ، فأخطأ : فله أجر.». قال (كما في المختصر) : «فأخبر : أنه يثاب على أحدهما أكثر مما يثاب على الآخر ؛ فلا يكون الثواب : فيما لا يسع ؛ ولا : فى الخطإ الموضوع.». قال المزني : «أنا أعرف أن الشافعي قال : لا يؤجر على الخطإ ؛ ـ

١٢٢

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (١) : «قال الله جل ثناؤه : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ : أَنْ يُتْرَكَ سُدىً.؟! : ٧٥ ـ ٣٦) ؛ فلم يختلف أهل العلم بالقرآن ـ فيما علمت ـ : أنّ (السّدى) هو (٢) : الذي لا يؤمر (٣) ، ولا ينهى».

* * *

وممّا أنبأنى أبو عبد الله الحافظ (إجازة) : أنّ أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٤) : «قال الله جل ثناؤه : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ : ٢ ـ ٢٨٢)

«فاحتمل أمر الله : بالإشهاد عند البيع ؛ أمرين : (أحدهما) : أن

__________________

وإنما يؤجر : على قصد الصواب. وهذا عندى هو الحق». وراجع الكلام على هذا الحديث ، وما يتعلق به من البحوث : فى إبطال الاستحسان (الملحق بالأم : ج ٧ ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥) ، والرسالة (ص ٤٩٤ ـ ٤٩٨) ، وجماع العلم (ص ٤٤ ـ ٤٦ و ١٠١ ـ ١٠٢) ، والسنن الكبرى (ج ١٠ ص ١١٨ ـ ١١٩) ، ومعالم السنن (ج ٤ ص ١٦٠) ، وشرح مسلم (ج ١٢ ص ١٣ ـ ١٤) ؛ وراجع الكلام عنه وعن أثر الحسن : في الفتح (ج ١٣ ص ١١٩ ـ ١٢٠ و ٢٤٧ ـ ٢٤٨).

(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٢٧١) : فى بيان أنه لا يجوز الحكم ولا الإفتاء بما لم يؤمر به. وقد ذكر فيما سبق (ج ص ٣٦) ، وذكره فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١١٣) ، وروى نحوه عن مجاهد. وراجع فيها (ص ١١٤ ـ ١١٦) ما ورد فى ذلك : من الأحاديث والآثار وانظر الرسالة (ص ٢٥) ، وطبقات السبكى (ج ١ ص ٢٦١) ، والفتح (ج ١١ ص ٤٠٤).

(٢) هذا ليس بالأم والرسالة والسنن الكبرى.

(٣) كذا بالأم والرسالة والسنن الكبرى. وفى الأصل : «يأمر» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٤) كما فى الأم (ج ٣ ص ٧٦ ـ ٧٧). وقد ذكر بعضه بتصرف : فى المختصر (ج ٥ ص ٢٤٦).

١٢٣

يكون (١) دلالة : على ما فيه الحظّ بالشهادة (٢) ؛ ومباح (٣) تركها. لا : حتما ؛ يكون من تركه عاصيا : بتركه. (واحتمل (٤)) : أن يكون حتما منه ؛ يعصى من تركه : بتركه.»

«والذي أختار : أن لا يدع المتبايعان الإشهاد ؛ وذلك : أنهما إذا أشهدا : لم يبق فى أنفسهما شىء ؛ لأنّ ذلك : إن كان حتما : فقد أدّياه ؛ وإن كان دلالة : فقد أخذا (٥) بالحظّ فيها.»

«قال : وكلّ ما ندب الله (عز وجل) إليه ـ : من فرض ، أو دلالة. ـ : فهو بركة على من فعله. ألا ترى : أنّ الإشهاد فى البيع ، إذا (٦) كان دلالة : كان فيه (٧) : [أنّ] المتبايعين ، أو أحدهما : إن أراد ظلما : قامت البيّنة عليه ؛ فيمنع من الظلم الذي يأثم به. وإن كان تاركا (٨) : لا يمنع منه. ولو

__________________

(١) عبارة الأم : «تكون الدلالة» ؛ ولعل فيها بعض التحريف. وعبارة المختصر : «يكون مباحا تركه».

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «بالشهاد» ؛ والنقص من الناسخ.

(٣) كذا بالأصل والأم ؛ وهو خبر مقدم. ولو قال : «ويباح ، أو فيباح» ، لكان أولى وأظهر.

(٤) هذا شروع فى بيان الأمر الثاني. ولو قال : «وثانيهما» ؛ أو : «والآخر» كما فى المختصر ؛ لكان أحسن.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «أخذنا لحط» ، وهو تصحيف.

(٦) عبارة الأم : «إن كان فيه» ؛ أي فى البيع. وما فى الأصل أولى.

(٧) فى الأصل : «قيمة» ؛ وهو محرف عما ذكرنا والتصحيح والزيادة من الأم. أو محرف عن : «قيمته» ؛ مرادا منه : الفائدة. وهو بعيد من حيث الاستعمال.

(٨) أي : للاشهاد ؛ لا يمنع من الظلم. وفى الأصل : «كارها» ؛ وهو تحريف. لتصحيح عن الأم.

١٢٤

نسى ، أو وهم ـ : فجحد. ـ : منع من المأثم على ذلك : بالبيّنة ؛ وكذلك : ورثتهما بعدهما.؟!.»

«أو لا تري : أنهما ، أو أحدهما (١) : لو وكّل وكيلا : [أن (٢)] يبيع ؛ فباع هو (٣) رجلا ، وباع وكيله آخر ـ : ولم يعرف : أىّ البيعين أوّل (٤)؟ ـ : لم يعط الأول : من المشتريين (٥) ؛ بقول البائع. ولو كانت بيّنة ، فأثبتت (٦) : أيّهما أوّل؟ ـ : أعطى الأول.؟!.»

«فالشهادة : سبب قطع المظالم ، وتثبيت (٧) الحقوق. وكلّ أمر الله (جل ثناؤه) ، ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : الخير (٨) الذي لا يعتاض منه من تركه (٩)

«قال الشافعي (١٠) : والذي (١١) يشبه ـ والله أعلم ؛ وإيّاه أسأل

__________________

(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «أو إحداهما» ؛ والزيادة من الناسخ.

(٢) زيادة حسنة عن الأم.

(٣) فى الأم : «هذا». وما فى الأصل أحسن.

(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «أوله» ؛ والزيادة من الناسخ.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «المشترى» ؛ والظاهر : أنه محرف عما ذكرنا ؛ فتأمل

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «فأثبت» ؛ ولعل النقص من الناسخ.

(٧) فى الأم : «وتثبت» ؛ وعبارة الأصل أحسن.

(٨) كذا بالأم. وفى الأصل : «الحير» ، وهو تصحيف.

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «بركة» ، وهو تصحيف.

(١٠) فى بيان : أي المعينين : من الوجوب والندب ؛ أولى بالآية؟. وقد ذكر ما سيأتى إلى آخر الكلام ـ باختصار وتصرف ـ : فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٤٥).

(١١) فى السنن الكبرى : بدون الواو. وعبارة الأم : «فإن الذي» ؛ وهى واقعة فى جواب سؤال ، كما أشرنا إليه.

١٢٥

التوفيق ـ : أن يكون أمره (١) : بالإشهاد فى البيع ؛ دلالة ؛ لا : حتما له (٢). قال الله عز وجل : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ، وَحَرَّمَ الرِّبا : ٢ ـ ٢٧٥) ؛ فذكر : أنّ البيع حلال ؛ ولم يذكر معه بيّنة.»

«وقال فى آية الدّين : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) (٣) : (٢ ـ ٢٨٢) ؛ والدّين : تبايع ؛ وقد أمر الله (٤) فيه : بالإشهاد ؛ فبيّن (٥) المعنى : الذي أمر له : به. فدلّ ما بيّن الله فى الدّين ، على (٦) أنّ الله أمر به : على النّظر والاختيار (٧) ؛ لا : على الحتم (٨) قال الله تبارك وتعالى : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : فَاكْتُبُوهُ) (٩) ؛ ثم قال فى سياق الآية : (وَإِنْ

__________________

(١) هذا إلى قوله : البيع ؛ ليس بالأم ، وموجود بالسنن الكبرى.

(٢) هذا ليس بالسنن الكبرى. وعبارة الأم : «يحرج من ترك الإشهاد. فإن قال [قائل] : ما دل على ما وصفت؟ قيل : قال الله» إلخ.

(٣) زيادة حسنة عن الأم ، ونجوز : أنها سقطت من الناسخ.

(٤) هذا ليس بالأم.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «فتبين» ، وهو تحريف : بقرينة ما سيأتى.

(٦) هذا فى الأصل قد ورد بعد قوله : فدل. وهو من عبث الناسخ. والتصحيح من الأم.

(٧) فى الأم : «والاحتياط» ، أي : بالنسبة للمستقبل ، وكل من اللفظين له وجه أحسنية كما لا يخفى.

(٨) فى الأم زيادة : «قلت». والظاهر : أنها جواب جملة شرطية قد سقطت من نسخ الأم ، تقديرها : فإن قيل : ما وجه ذلك من الآية (مثلا)؟ وما فى الأصل سليم مختصر.

(٩) ينبغى : أن تراجع فى السنن الكبرى ، آثار أبى سعيد الخدري ، وعامر الشعبي والحسن البصري : فى ذلك. لعظيم فائدتها.

١٢٦

كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ ، وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً : فَرِهانٌ (١) مَقْبُوضَةٌ ؛ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ ، أَمانَتَهُ : ٢ ـ ٢٨٣) ؛ فلمّا أمر ـ : إذا لم يجدوا (٢) كاتبا. ـ : بالرّهن ؛ ثم أباح : ترك الرّهن ؛ وقال : (فَإِنْ) (٣) (أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً : فَلْيُؤَدِّ الَّذِي) ـ : فدلّ (٤) : على [أنّ (٥)] الأمر الأوّل : دلالة على الحظّ ؛ لا : فرض (٦) منه ، يعصى من تركه ؛ والله أعلم (٧).».

ثم استدلّ عليه : بالخبر (٨) ؛ وهو مذكور فى موضع آخر.

* * *

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (٩) : «قال الله جل ثناؤه : (وَابْتَلُوا الْيَتامى ، حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً : فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ

__________________

(١) فى الأم : (فرهن).

(٢) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل. «يجد» ، والنقص من الناسخ.

(٣) الزيادة عن الأم.

(٤) فى الأم والسنن الكبرى : «دل» ؛ وهو أحسن.

(٥) زيادة متعينة ، عن الأم والسنن الكبرى.

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل والسنن الكبرى : «فرضا» ؛ وهو تحريف.

(٧) وقد تعرض لهذا المعنى (أيضا) : فى أول السلم (ص ٧٨ ـ ٧٩) : بتوسع وتوضيح ، فراجعه ، وانظر المناقب للفخر (ص ٧٣).

(٨) أي : خبر خزيمة المشهور ، وقد ذكر محل الشاهد منه ، وبينه ، حيث قال : «وقد حفظ عن النبي : أنه بايع أعرابيا فى فرس. فجحد الأعرابى : بأمر بعض المنافقين ؛ ولم يكن بينهما بينة ، فلو كان حتما : لم يبايع رسول الله بلا بينة.». وراجع ما قاله بعد ذلك ثم راجع السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٤٥ ـ ١٤٦).

(٩) كما فى الأم (ج ٧ ص ٧٤).

١٢٧

أَمْوالَهُمْ) (١) ؛ وقال تعالى : (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ ؛ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً : ٤ ـ ٦)

«ففى هذه الآية ، معنيان (٢) : (أحدهما) : الأمر بالإشهاد. وهو (٣) مثل معنى الآية التي قبلها (والله أعلم) : من أن [يكون الأمر] بالإشهاد (٤) : دلالة ؛ لا : حتما. وفى قول الله : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) ؛ كالدّليل : على الإرخاص فى ترك الإشهاد. لأنّ الله (عز وجل) يقول : (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) ؛ أي : إن لم يشهدوا (٥) ؛ والله أعلم.»

«(والمعنى الثاني) (٦) : أن يكون ولىّ اليتيم ـ : المأمور : بالدفع إليه ماله ، والإشهاد (٧) عليه. ـ : يبرأ بالإشهاد عليه : إن جحده اليتيم ؛ ولا يبرأ

__________________

(١) ذكر فى الأم إلى : (عليهم) ؛ ثم قال : «الآية». ولعل ما فى الأصل قصد به التنبيه على الحكمين.

(٢) أي : أنها تدل على كل منهما ؛ لا : أنها تتردد بينهما.

(٣) عبارة الأم : «وهو فى مثل معنى الآية قبله» ، أي : آية الاشهاد بالبيع السابقة. انظر هامش الأم.

(٤) فى الأصل : «الإشهاد». والظاهر : أنه محرف عما ذكرنا. والتصحيح والزيادة المتعينة عن الأم. وإلا : كان قوله : حتما ؛ محرفا.

(٥) فى الأم : «تشهدوا» ؛ وهو أنسب.

(٦) مراد الشافعي بهذا : أن يبين : أن فائدة الإشهاد قد تكون دنيوية وأخروية معا ؛ وذلك : فى حالة جحد اليتيم. وقد تكون أخروية فقط ؛ وذلك : فى حالة تصديقه. فتنبه ، ولا تتوهمن : أن فى كلامه تكرارا ، أو اضطرابا. ويحسن : أن تراجع تفسير البيضاوي (ص ١٠٣) : لتقف على أصل هذا الكلام.

(٧) فى الأم زيادة : «به» ؛ أي : بالدفع.

١٢٨

بغيره أو يكون مأمورا بالإشهاد عليه ـ : على الدّلالة. ـ : وقد يبرأ بغير شهادة : إذا صدّقه اليتيم. والآية محتملة المعنيين معا (١)

واحتجّ الشافعي (رحمه الله) ـ فى رواية المزنىّ عنه : فى كتاب الوكالة (٢). ـ : بهذه الآية ؛ فى الوكيل : إذا ادّعى دفع المال إلى من أمره الموكّل : بالدّفع إليه ؛ لم يقبل [منه (٣)] إلا ببيّنة : «فإنّ (٤) الذي زعم : أنه دفعه إليه ؛ ليس هو : الذي ائتمنه على المال ؛ كما أنّ اليتامى ليسوا : الذين ائتمنوه على المال. فأمر (٥) بالإشهاد.»

«وبهذا : فرق بينه ، وبين قوله لمن ائتمنه : قد دفعته إليك ؛ فيقبل (٦) : لأنه ائتمنه.».

وذكر (أيضا) فى كتاب الوديعة (٧) ـ فى رواية الربيع ـ : بمعناه.

* * *

وفيما أنبأنى أبو عبد الله (إجازة) : أن أبا العباس حدثهم ، قال : أنا الربيع ،

__________________

(١) راجع ما ذكره بعد ذلك : فى تسمية الشهود ، وحكم الشهادات. لفائدته.

(٢) من المختصر (ج ٣ ص ٦ ـ ٧).

(٣) زيادة حسنة ، عن المختصر.

(٤) فى المختصر : «وبأن» ، وكلاهما صحيح : وإن كان ما فى الأصل أحسن.

(٥) عبارة المختصر : «وقال الله .. : (فَإِذا دَفَعْتُمْ) ... ، وبهذا فرق بين قوله» إلخ «وبين قوله لمن لم يأتمنه عليه : قد دفعته إليك ، فلا يقبل : لأنه ليس الذي ائتمنه.».

(٦) فى المختصر : «يقبل». وما فى الأصل أحسن.

(٧) من الأم (ج ٤ ص ٦١). وقد تقدم ذكره (ج ١ ص ١٥١ ـ ١٥٢).

١٢٩

قال : قال الشافعي (١) : «قال الله تبارك وتعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ ـ : مِنْ نِسائِكُمْ. ـ : فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) (٢) : (٤ ـ ١٥).»

«فسمّى الله فى الشهادة : فى الفاحشة ـ والفاحشة هاهنا (والله أعلم) : الزّنا (٣). ـ : أربعة شهود. فلا (٤) تتمّ الشهادة : فى الزّنا ؛ إلّا : بأربعة شهداء ، لا امرأة فيهم : لأنّ الظاهر من الشهداء (٥) : الرجال خاصّة ؛ دون النساء (٦).». وبسط الكلام فى الحجّة على هذا (٧).

قال الشافعي (٨) : «قال الله عز وجل : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ، أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ؛ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ : ٦٥ ـ ٢)

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٧٥).

(٢) فى الأم زيادة : «فإن شهدوا ، الآية».

(٣) فى الأم زيادة : «وفى الزنا» ، أي : وفى القذف به ، كما فى آية النور : (٤) الآتية قريبا.

(٤) فى الأم : «ولا». وما فى الأصل أحسن.

(٥) كذا فى الأم. وفى الأصل «الشهد» ، وهو تحريف.

(٦) قال فى شرح مسلم (ج ١١ ص ١٩٢) : «وأجمعوا : على أن البينة أربعة شهداء ذكور عدول. هذا إذا شهدوا على نفس الزنا. ولا يقبل دون الأربعة : وإن اختلفوا فى صفاتهم ،».

(٧) حيث استدل : بآيتى النور : (٤ و ١٣) ، وحديث أبى هريرة ، وأثرى على وعمر ، والإجماع. فراجع كلامه ، وراجع المختصر (ج ٥ ص ٢٤٦) ، واختلاف الحديث (ص ٣٤٩) وشرح مسلم (ج ١٠ ص ١٣١) ، والسنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٣٠ و ٢٣٤ وج ١٠ ص ١٤٧ ـ ١٤٨).

(٨) كما فى الأم (ج ٧ ص ٧٦) وانظر المختصر.

١٣٠

«فأمر الله (جل ثناؤه) فى الطلاق والرّجعة : بالشهادة ؛ وسمّى فيها : عدد الشهادة ؛ فانتهى : إلى شاهدين.»

«فدلّ ذلك : على أنّ كمال الشهادة فى (١) الطلاق والرّجعة : شاهدان (٢) لا نساء فيهما (٣). لأنّ شاهدين لا يحتمل بحال (٤) ، أن يكونا إلا رجلين (٥)

«ودلّ (٦) أنى لم ألق مخالفا : حفظت عنه ـ : من أهل العلم. ـ أنّ (٧) حراما أن يطلّق : بغير بيّنة ؛ على : أنه (والله أعلم) : دلالة اختيار (٨). واحتملت الشهادة على الرّجعة ـ : من هذا. ـ ما احتمل الطلاق.».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «والاختيار (٩) فى هذا ، وفى غيره ـ : مما أمر فيه [بالشهادة (١٠)]. ـ : الإشهاد (١١).».

__________________

(١) فى الأم : «على» ؛ وكلاهما صحيح.

(٢) انظر ما قاله بعد ذلك.

(٣) فى الأم : «فيهم» ؛ وهو ملائم لسابق ما فيها : مما لم يذكر هنا.

(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «محال» ؛ وهو تصحيف.

(٥) فى الأم بعد ذلك : «فاحتمل أمر الله : بالإشهاد فى الطلاق والرجعة ؛ ما احتمل أمره : بالإشهاد فى البيوع. ودل» إلى آخر ما سيأتى.

(٦) فى الأصل : «وذاك» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٧) هذا مفعول لقوله : حفظت ؛ فتنبه.

(٨) فى الأم زيادة : «لا فرض : يعصى به من تركه ، ويكون عليه أداؤه : إن فات فى موضعه.».

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «واختيار» ؛ وهو محرف عما ذكرنا ، أو عن : «واختياري».

(١٠) زيادة متعينة عن الأم ؛ ذكر بعدها : «والذي ليس فى النفس منه شىء».

(١١) كذا بالأم. وفى الأصل : «بالإشهاد» ؛ والزيادة من الناسخ.

١٣١

وبهذا الإسناد ، قال الشافعي (١) : «قال الله تبارك : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى : فَاكْتُبُوهُ) ؛ الآية والتي بعدها : (٢ ـ ٢٨٢ ـ ٢٨٣) ؛ وقال فى سياقها : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ : مِنْ رِجالِكُمْ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ : فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) (٢) (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ. ـ : أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ، فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) (٣)

«قال الشافعي : فذكر الله (عز وجل) شهود الزّنا ؛ وذكر شهود الطلاق والرّجعة (٤) ؛ وذكر شهود الوصيّة» ـ يعنى (٥) : [فى] قوله تعالى : (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ : ٥ ـ ١٠٦). ـ «: فلم يذكر معهم امرأة.»

«فوجدنا شهود الزّنا : يشهدون على حدّ ، لا : مال ؛ وشهود الطلاق والرّجعة : يشهدون على تحريم بعد تحليل ، وتثبيت تحليل ؛ لا مال : فى واحد منهما.»

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٧٧). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٤٧) ، والسنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٤٨).

(٢) راجع فى السنن الكبرى (ص ١٤٨ و ١٥١) ، وشرح مسلم للنووى (ج ٢ ص ٦٥ ـ ٦٨) : حديث ابن عمر وغيره ، الخاص : بنقصان عقل النساء ودينهن ، وسببه. وانظر الفتح (ج ٥ ص ١٦٨).

(٣) فى الأم زيادة : «الآية».

(٤) يحسن : أن تراجع فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٧٣) ، أثرى ابن عمر وعمران بن الحصين.

(٥) فى الأصل : «بمعنى» ؛ والتصحيف والنقص من الناسخ. وهذا من كلام البيهقي.

١٣٢

«وذكر شهود الوصيّة : ولا مال للمشهود : أنه وصىّ.»

«ثم : لم أعلم أحدا ـ : من أهل العلم. ـ خالف : فى أنه لا يجوز فى الزّنا ، إلّا : الرجال. وعلمت أكثرهم (١) قال : ولا في طلاق (٢) ولا رجعة (٣) : إذا تناكر الزّوجان. وقالوا ذلك : فى الوصيّة. فكان (٤) ما حكيت (٥) ـ : من أقاويلهم. ـ دلالة : على موافقة ظاهر كتاب الله (عز وجل) ؛ وكان أولى الأمور : أن (٦) يقاس عليه ، ويصار إليه.»

«وذكر الله (عز وجل) شهود الدّين : فذكر فيهم النساء ؛ وكان الدّين : أخذ مال من المشهود عليه.»

«فالأمر (٧) ـ : على ما فرّق الله (عز وجل) بينه (٨) : من الأحكام في الشّهادات. ـ : أن ينظر : كلّ ما شهد به على أحد ، فكان لا يؤخذ منه بالشّهادة نفسها مال ؛ وكان : إنما يلزم بها حقّ غير مال ؛ أو شهد به لرجل :

__________________

(١) أخرج فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٤٨) عن الحسن البصري : عدم إجازة شهادة النساء على الطلاق ؛ وعن إبراهيم النخعي : عدم إجازتها أيضا على الحدود.

(٢) فى الأم : «الطلاق».

(٣) فى الأم : «الرجعة».

(٤) فى الأم : «وكان». وما فى الأصل أحسن.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «حكمت». وهو تصحيف.

(٦) فى الأم : «أن يصار ... ويقاس» وكذلك فى المختصر : بزيادة حرف الباء. وما فى الأصل أحسن.

(٧) فى الأم : «والأمر» ؛ وعبارة الأصل أظهر.

(٨) كذا بالأم. وهو الظاهر. وعبارة الأصل : «بينهم» ؛ ولعلها محرفة ، أو نقص بعدها كلمة : «فيه».

١٣٣

كان (١) لا يستحقّ به مالا (٢) لنفسه ؛ إنما يستحقّ به غير مال ـ : مثل الوصيّة ، والوكالة ، والقصاص ، والحدود (٣) ، وما أشبه ذلك. ـ : فلا يجوز فيه إلّا شهادة الرجال (٤)

«وينظر : كلّ (٥) ما شهد به ـ : ممّا أخذ به المشهود له ، من المشهود عليه ، مالا. ـ : فتجاز (٦) فيه شهادة النساء مع الرجال ؛ لأنه فى معنى الموضع الذي أجازهنّ الله فيه : فيجوز قياسا ؛ لا يختلف هذا القول ، ولا (٧) يجوز غيره. والله أعلم (٨).».

* * *

__________________

(١) فى الأم : «وكان» ؛ وكلاهما صحيح.

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «مال» ؛ والظاهر : أنه محرف.

(٣) عبارة الأم : «والحد وما أشبهه».

(٤) فى الأم زيادة : «لا يجوز فيه امرأة» وراجع الأم (٤٣ ـ ٤٤ وج ٦ ص ٢٦٧).

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «كلما» ؛ ولعله جرى على رسم بعض المتقدمين.

(٦) فى الأصل : بالحاء المهملة ؛ وهو تصحيف. وفى الأم : «فتجوز».

(٧) فى الأم : «فلا» ، وهو أحسن.

(٨) ثم قال : «ومن خالف هذا الأصل ، ترك عندى ما ينبغى أن يلزمه : من معنى القرآن. ولا أعلم لأحد خالفه ، حجة فيه : بقياس ، ولا خبر لازم.». ثم بين : أنه لا تجوز شهادة النساء منفردات ، وذكر الخلاف في ذلك وما يتصل به. فراجع كلامه (ص ٧٧ و ٧٩ ـ ٨٠). وانظر كلامه (ص ١٠) ، والمختصر (ج ٥ ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨). ثم راجع السنن الكبرى والجوهر النقي (ج ١٠ ص ١٥٠ ـ ١٥١) ، والفتح (ج ٥ ص ١٦٨ ـ ١٧٠). ويحسن أن تراجع كلام الشافعي فى اختلاف الحديث (ص ٣٤٩ و ٣٥٢ و ٣٥٤ ـ ٣٥٦) ، وفى الرسالة (ص ٣٨٥ ـ ٣٩٠) : فهو مفيد فى الموضوع عامة.

١٣٤

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (١) (رحمه الله) : «قال الله تبارك وتعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ـ : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ؛ وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تابُوا : ٢٤ ـ ٤ ـ ٥)

«فأمر (٢) الله (عز وجل) : بضربه (٣) ؛ وأمر : أن لا تقبل شهادته ؛ وسمّاه : فاسقا. ثم استثنى [له (٤)] : إلّا أن يتوب. والثّنيا (٥) ـ : فى سياق الكلام. ـ : على أول الكلام وآخره ؛ فى جميع ما يذهب إليه أهل الفقه ؛ إلّا : أن يفرّق بين ذلك خبر (٦)

وروى الشافعي (٧) قبول شهادة القاذف : إذا تاب ؛ عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، وعن (٨) ابن عباس (رضي الله عنه) ؛ ثم عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد (٩). قال (١٠) : «وسئل الشّعبىّ : عن القاذف ؛ فقال :

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٨١). وانظر (ص ٤١). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٤٨) ، والسنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٥٢).

(٢) عبارة الأم (ص ٤١) هى : «والحجة فى قبول شهادة القاذف : أن الله (عز وجل) أمر بضربه» إلى آخر ما فى الأصل. وراجع كلام الفخر فى المناقب (ص ٧٦) : لفائدته.

(٣) عبارة الأم (ص ٨١) هى : «أن يضرب القاذف ثمانين ، ولا تقبل له شهادة أبدا».

(٤) زيادة حسنة ، عن الأم (ص ٤١). وقوله : ثم استثنى ، غير موجود فى الأم (ص ٨١).

(٥) كذا بالسنن الكبرى. وهو اسم من «الاستثناء». وفى الأصل : «وأتينا» ، وهو تحريف عما ذكرنا. وفى الام (ص ٤١) : «والاستثناء». وهذا إلخ غير موجود بالأم (ص ٨١).

(٦) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «خير» ؛ وهو تصحيف.

(٧) كما فى الأم (ص ٤١ و ٨١ ـ ٨٢) وفى الأصل زيادة : «فى» وهى من الناسخ. وانظر المختصر.

(٨) فى الأصل : بدون الواو ، والنقص من الناسخ.

(٩) كما نقله ابن أبى نجيح ، وقال به.

(١٠) كما فى الأم (ص ٤١).

١٣٥

يقبل (١) الله توبته : ولا تقبلون شهادته.؟! (٢).».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد الله (إجازة) : أنّ أبا العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٣) (رحمه الله) : «قال الله جل ثناؤه : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ : إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ ، كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً : ١٧ ـ ٣٦) ؛ وقال تعالى : (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ : وَهُمْ يَعْلَمُونَ : ٤٣ ـ ٨٦) ؛ وحكى (٤) : أنّ إخوة يوسف (عليهم السلام) وصفوا : أنّ شهادتهم كما ينبغى لهم ؛ فحكى : أنّ كبيرهم قال : (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ ، فَقُولُوا : يا أَبانا ؛ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ؛ وَما شَهِدْنا إِلَّا : بِما عَلِمْنا ؛ وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ : ١٢ ـ ٨٩)

«قال الشافعي : ولا يسع شاهدا (٥) ، أن يشهد إلّا : بما علم (٦).

__________________

(١) كذا بالأصل والسنن الكبرى (ص ١٥٣) ، والمختصر. وفى الأم : «أيقبل»؟. والزيادة مقدرة فيما ذكرنا.

(٢) ثم رد على من خالف فى المسألة ـ : كالعراقيين. ـ بما هو الغاية فى الجودة والقوة. فراجع كلامه (ص ٤١ ـ ٤٢ و ٨١ ـ ٨٢) ؛ والسنن الكبرى والجوهر النقي (ص ١٥٢ ـ ١٥٥). ثم راجع حقيقة مذهب الشعبي ، والخلاف مفصلا : فى الفتح (ج ٥ ص ١٦٠ ـ ١٦٣). وانظر الأم (ج ٦ ص ٢١٤).

(٣) كما فى الأم (ج ٧ ص ٨٢). وقد ذكر متفرقا فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٥٦ ـ ١٥٧). وانظر المختصر (ج ٥ ص ٢٤٩).

(٤) هذا إلى قوله : بما علم ؛ ليس بالمختصر. وعبارة السنن الكبرى ـ وهى مقتبسة ـ : «وقال في قصة إخوة يوسف ... : (وَما شَهِدْنا)» إلخ.

(٥) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «شاهد» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(٦) راجع حديثى أنس وأبى بكرة ؛ فى شهادة الزور ؛ فى شرح مسلم للنووى

١٣٦

والعلم : من ثلاثة وجوه ؛ (منها) : ما عاينه الشاهد (١) فيشهد : بالمعاينة (٢). (ومنها) : ما سمعه (٣) ؛ فيشهد : بما (٤) أثبت سمعا من المشهود عليه (٥). (ومنها) : ما تظاهرت به الأخبار ـ : ممّا (٦) لا يمكن فى أكثره العيان (٧). ـ وثبتت (٨) معرفته : فى القلوب ؛ فيشهد (٩) عليه : بهذا الوجه (١٠).». وبسط الكلام فى شرحه (١١).

__________________

(ج ٢ ص ٨١ ـ ٨٢ و ٨٧ ـ ٨٨) ، والفتح (ج ٥ ص ١٦٥ ـ ١٦٦). وراجع أثر ابن عمر المتعلق بالمقام : فى السنن الكبرى (ص ١٥٦).

(١) عبارة المختصر : «ما عاينه ؛ فيشهد به».

(٢) قال فى السنن الكبرى (ص ١٥٧) : «وهى : الأفعال التي تعاينها ؛ فتشهد عليها بالمعاينة». ثم ذكر حديث أبى هريرة : فى سؤال عيسى الرجل الذي رآه [عليه السلام] يسرق. وراجع طرح التثريب (ج ٨ ص ٢٨٥).

(٣) عبارة المختصر : «ما أثبته سمعا ـ مع إثبات بصر ـ من المشهود عليه».

(٤) فى الأم : «ما» ؛ وما هنا أولى.

(٥) فى السنن الكبرى زيادة : «مع إثبات بصر». وهى زيادة تضمنها كلام الأم فيما بعد : مما لم يذكر فى الأصل. وراجع فى السنن ، حديث أبى سعيد : فى النهى عن بيع الورق بالورق ؛ وكلام البيهقي عقبه.

(٦) هذا إلى قوله : العيان ، ليس بالمختصر.

(٧) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «القان» ، وهو تصحيف.

(٨) فى الأم والسنن الكبرى : «وتثبت». وعبارة الأصل والمختصر أحسن.

(٩) كذا بالأم والسنن الكبرى ، والمختصر ؛ ولم يذكر فيه قوله : بهذا الوجه. وفى الأصل : «فشهد» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(١٠) راجع فى السنن الكبرى ، حديث ابن عباس : فى الأمر بمعرفة الأنساب ؛ وكلام البيهقي عنه.

(١١) ففصل القول في شهادة الأعمى ، وبين حقيقة مذهبه ، ورد على من خالفه. فراجع كلامه (ص ٨٢ ـ ٨٤ و ١١٤ و ٤٢) ، والمختصر ، والسنن الكبرى (ص ١٥٧ ـ ١٥٨). ثم راجع الفتح (ج ٥ ص ١٦٧ ـ ١٦٨).

١٣٧

وبهذا الإسناد ، قال : قال الشافعي (١) (رحمه الله) ـ : فيما يجب على المرء : من القيام بشهادته ؛ إذا شهد. ـ : «قال الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ ، شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) ؛ الآية (٢) : (٥ ـ ٨) ؛ وقال عز وجل : (كُونُوا (٣) قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ، شُهَداءَ لِلَّهِ : وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ ، أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) ؛ الآية (٤) : (٤ ـ ١٣٥) ؛ وقال : (وَإِذا قُلْتُمْ ، فَاعْدِلُوا : وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى : ٦ ـ ١٥٢) ؛ وقال تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) (٥) : (٧٠ ـ ٣٣) ؛ وقال : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ؛ وَمَنْ يَكْتُمْها : فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) ؛ الآية : (٢ ـ ٢٨٣) ؛ وقال عز وجل : (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ : ٦٥ ـ ٢)

«قال الشافعي : الذي (٦) أحفظ عن كلّ من سمعت منه : من أهل

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٧ ص ٨٤) ، والمختصر (ج ٥ ص ٢٤٩) : ولم يذكر فيه إلا آية البقرة. وانظر السنن الكبرى (ج ١٠ ص ١٥٨).

(٢) ذكر فى الأم إلى قوله : (للتقوى).

(٣) ذكر فى الأم من أول الآية إلى قوله : (شُهَداءَ لِلَّهِ) ، ثم قال : «إلى آخر الآية». وذكر فى السنن الكبرى نحو ذلك ، ثم ذكر آية البقرة فقط.

(٤) قد ورد فى الأصل : مضروبا عليه ؛ والظاهر أنه من عبث الناسخ : بقرينة ما فى الأم والسنن الكبرى. وراجع فيها أثرى ابن عباس ومجاهد : فى تفسيرها. ثم راجع الفتح (ج ٥ ص ١٦٥).

(٥) راجع فى معالم السنن (ج ٤ ص ١٦٨) ، وشرح مسلم (ج ٢ ص ١٧) : حديث زيد بن خالد الجهني : فى خير الشهود. وراجع أيضا فى السنن الكبرى (ص ١٥٩) : أثرى ابن عباس وعمر. وانظر الجوهر النقي.

(٦) هذا إلى قوله : الشهادة ؛ ذكر فى السنن الكبرى. وفى الأم والمختصر : «والذي». وقوله : منه ؛ ليس بالمختصر.

١٣٨

العلم ؛ فى (١) هذه الآيات ـ : أنه فى الشاهد : قد (٢) لزمته الشهادة ؛ وأنّ فرضا عليه : أن يقوم بها : على والديه (٣) وولده ، والقريب والبعيد ؛ و: للبغيض (٤) : [البعيد] والقريب ؛ و (٥) : لا يكتم عن أحد ، ولا يحابى بها (٦) ، ولا يمنعها أحدا (٧).».

* * *

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٨) (رحمه الله) : «قال الله تبارك وتعالى : (وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ : ٢ ـ ٢٨٢) ؛ يحتمل : أن يكون حتما على من دعي لكتاب (٩) ؛ فإن تركه تارك : كان عاصيا.»

__________________

(١) فى السنن الكبرى : «فى هذه الآية» ، وعبارة المختصر : «أن ذلك».

(٢) في الأم : «وقد». وما هنا أحسن.

(٣) كذا بالأم. وفى المختصر : «والده». وعبارة الأصل : «والدته ووالده» ، وهى ـ مع صحة معناها ـ مصحفة عما فى الأم.

(٤) هذا إلى قوله : والقريب ، ليس بالمختصر. وفى الأصل : «والبغيض» ، وهو تصحيف. والتصحيح والزيادة من عبارة الأم : «وللبغيض القريب والبعيد».

(٥) كذا بالأم. وفى المختصر : «لا تكتم» ، أي : الشهادة. وعبارة الأصل : «لا يكتم عن واحد» ، والظاهر ـ مع صحتها وموافقتها فى الجملة لعبارة المختصر ـ : أن تأخير الواو من الناسخ.

(٦) فى المختصر زيادة : «أحد».

(٧) كذا بالأم ، وفى الأصل والمختصر : «أحد». وهى ـ بالنظر لما فى الأصل ـ محرفة.

(٨) كما فى الأم (ج ٣ ص ٧٩ ـ ٨٠) ؛ وهو مرتبط أيضا بما تقدم (ص ١٢٧).

(٩) فى الأم : «الكتاب» ؛ وهو مصدر أيضا : كالكتابة.

١٣٩

«ويحتمل : أن يكون [على (١)] من حضر ـ : من الكتّاب. ـ : أن لا يعطّلوا كتاب حقّ بين رجلين ؛ فإذا قام به واحد : أجزأ عنهم. كما حقّ عليهم : أن يصلّوا على الجنائز ويدفنوها ؛ فإذا قام بها من يكفيها : أخرج ذلك من تخلّف عنها ، من المأثم (٢). وهذا : أشبه معانيه به ؛ والله أعلم.»

«قال : وقول الله عز وجل : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ : إِذا ما دُعُوا) (٣) : (٢ ـ ٢٨٢) ؛ يحتمل ما وصفت : من أن لا يأبى (٤) كلّ شاهد : ابتدئ (٥) ، فيدعى : ليشهد.»

«ويحتمل : أن يكون فرضا على من حضر الحقّ : أن يشهد منهم من فيه الكفاية للشهادة (٦) ؛ فإذا شهدوا : أخرجوا غيرهم من المأثم ؛ وإن ترك من حضر ، الشهادة : خفت حرجهم ؛ بل : لا أشكّ فيه ؛ والله (٧) أعلم.

__________________

(١) زيادة متعينة ، عن الأم ؛ ذكر قبلها : «كما وصفنا فى كتاب : جماع العلم.».

(٢) في الأم بعد ذلك : «ولو ترك كل من حضر الكتاب : خفت أن يأثموا ؛ بل : كأنى لا أراهم يخرجون من المأثم. وأيهم قام به : أجزأ عنهم.».

(٣) راجع فى السنن الكبرى (ج ١٠ ص ٤٦٠). أثرى ابن عباس والحسن ، وما لقله البيهقي عن جماعة من المفسرين فى هذه الآية ؛ وما عقب به عليه. لفائدته الكبيرة.

(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «يأتى». وهو تصحيف.

(٥) كذا بالأم. وفى الأصل : «ابسدى» ؛ وهو تصحيف. ولو قال بعد ذلك : فدعى ؛ لكان أحسن.

(٦) قال ـ كما فى المختصر (ج ٥ ص ٢٤٩) ـ : «وفرض القيام بها فى الابتداء ، على الكفاية : كالجهاد ، والجنائز ، ورد السلام. ولم أحفظ خلاف ما قلت ، عن أحد».

(٧) هذه الجملة ليست بالأم ؛ ولا يبعد أن تكون مزيدة من الناسخ.

١٤٠