علي بن الحسين الهاشمي الخطيب
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة المفيد للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: مؤسسة المفيد للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٩
ولم نر مغلوباً على كلِّ أمره |
|
يغالب بالقول العدو فيغلبُ |
وإنّ وقوع القول فوق نفوسِهمْ |
|
أشدّ عليهم من سهامٍ وأصعبُ |
تجنبت الشيء المخلّ بشأنها |
|
وإنّ الكريم الحرَّ مَن يتجنبُ |
وكم أغلظت بالقول دون تريّبٍ |
|
أمام الذي من أمرها متريّبُ |
أمام عبيدِ الله طوراً وتارةً |
|
أمام يزيدٍ حين قامت تؤنّبُ |
فيالَ مقامٍ لو يقوم مقامها |
|
سواها قضى رعباً به حين يرعبُ |
فتلهب باللفظ النفوسِ حماسةً |
|
وما هي إلا جمرة تتلهبُ |
لقد أنشبت حرباً عليهم طويلةً |
|
مداها وما زالت مدى الدهر تنشبُ |
ولو لم يكن إقدامُها وجهادُها |
|
لما كان شيء للوقيعة ينسبُ |
ويعجب من إقدامها كلُّ معشرٍ |
|
ولا عجبٌ منه إذا منه يعجبُ |
تقلّبت الأحداثُ نصب عيونِها |
|
وما أعظم الأحداث إذ تتقلّبُ |
فمنظر قتلاها أمام عيونِها |
|
وهل منظرٌ منه أشدّ وأرهبُ |
فهذا على وجه الصعيدِ |
|
معفّرٌ تريبٌ وهذا بالدماء مخضبُ |
وما برحت طول الحياة حزينةً |
|
تنوح على قتلى الطفوف وتندبُ |
فما الرزء ينسى لا ولا الحزن ينتهي |
|
ولا النفس تسلو لا ولا الدمع ينضبُ |
ففي كلِّ يوم في السماء مآتمٌ |
|
وفي كلِّ عينٍ عبرةٌ تتصبّبُ |
وإنّ بعين الله كلَّ وقيعةٍ |
|
يطيح بها آلُ الرسول ويعطبوا |
فتطعن بالسمر العوالي صدورها |
|
وأعناقها بالمشرفية تضربُ |
وإنّ بعين الله كلَّ عقيلةٍ |
|
لهمُ في يد الأعداء تُسبى وتسلبُ |
* * * *
فطوبى لأرضِ الشام حيث تنزّلت |
|
بها بركاتٌ تربها ليس يجدبُ |
تحلّ بها من نسوةِ الوحي حرّةٌ |
|
مباركةٌ ميمونةٌ هي «زينبُ» |
تطيّب تُربُ الأرضِ من طيبها وكمْ |
|
تضوّع طيباً تربُها المتطيّبُ |
فمرقدُها في كلِّ قلبٍ معظّمٍ |
|
ومشهدُها في كلِّ نفسٍ محببُ |
وتختلف الزوّارُ نحو مزارِها |
|
تجيء إليه كلَّ يوم وتذهبُ |
فلا فاته روحٌ من الله طيّبٌ |
|
ولا جازه قطرٌ من السحب صيّبُ |
* * * *
تحقيق حول مشهدها الشريف في الشام أو في مصر
لا ريب أنّ الفاطميِّين هم من السلالة الطاهرة ، ومن أبناء العلويِّين الذين ينتمون إلى الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وعلى رغم ما فعلته السلطة الجائرة من إنكار نسبهم الشريف ، وقد قيل :
ولا تضرّ كلابُ السود أن نبحتْ |
|
على الاُسود وأبدت كامنَ الضغنِ |
فهذا ابن عمهم الشريف الرضي (رضوان الله عليه) يصدّق نسبهم بقوله :
أَلبَسُ الذُلَّ في دِيارِ الأَعادي |
|
وَبِمِصرَ الخَليفَةُ العَلَوِيُّ |
مَن أَبوهُ أَبي وَمَولاهُ مَولا يَ |
|
إِذا ضامَني البَعيدُ القَصِيُّ |
لَفَّ عِرقي بِعِرقِهِ سَيِّدا النا سِ |
|
جَميعاً مُحَمَّدٌ وَعَلِيُّ (*) |
وقد جهد الفاطميّون في عهدهم على أن يجعلوا مصر شيعية محضة موالية لآل الرسول (صلّى الله عليه وآله) ومَن وجبت على الخلق محبتهم ، وقاموا بأشياء توطئة لقصدهم ، منها جلبهم
__________________
(*) وردت الأبيات هنا في غير هذا النحو ، وفيها من الأخطاء العروضية والتغيير والتبديل الشيء الكثير ، وقد أثبتنا ما هو موجود من أصل الديوان. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
الصندوق الذي فيه رأس الحسين (عليه السّلام) من عسقلان (١) إلى مصر ، وبنو عليه مسجداً فخماً ، وحتّى اليوم يزار مسجد رأس الحسين (عليه السّلام).
ذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني في طبقات الأولياء عند ترجمته للحسين (عليه السّلام) ، قال : دفنوا رأسه ببلاد المشرق ، ثمّ رشى عليه طلايع بن رزيك بثلاثين ألف دينار ونقله على مصر ، وبنى عليه المشهد الحسيني ، وخرج هو وعسكره حفاة إليه نحو الصالحية من طريق الشام ينقلون الرأس الشريف ، ثمّ وضعه طلايع في كيس من الحرير أخضر على كرسي آبنوس وفرشوا تحته المسك والعنبر والطيب قدر وزنه مراراً.
وممن قال : إنّ الرأس الشريف بالمشهد الذي بالقاهرة اليوم ، نقل إليها من عسقلان ، علي بن أبي بكر المشهور بالسائح الهروي ، المتوفّى سنة ٦١١ هـ ، قال [في] الإشارات إلى أماكن الزيارات عند كلامه على عسقلان : وبها مشهد الحسين (رضي الله عنه) ، كان رأسه بها ، فلما أخذتها الفرنج نقله المسلمون إلى مدينة القاهرة سنة ٥٤٩ هـ. وذكر مجير
__________________
(١) عسقلان : مدينة كانت على ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين ، وكان يقال لها : عروس الشام ؛ لحسنها ، وهي ذات بساتين وضياع ، بها مشهد رأس الحسين (عليه السّلام) ، وهو مشهد عظيم ، وفيه ضريح الرأس والناس يتبركون به ، وقد نقل الفاطميّون رأس الحسين منها إلى مصر.
الدين الحنبلي في (الأنس الجليل) عند ذكر ه لعسقلان ، قال : وبها ـ أي بعسقلان ـ مشهد عظيم بناه بعض الفاطميِّين من خلفاء مصر على مكان زعموا أنّ فيه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام).
كما وأنّهم شيّدوا مرقد السيدة نفيسة ، ونوهوا بنسبها وعظم شأنها ، وهو يزار حتّى اليوم ، وكذلك شيدوا أيضاً قبر اُمّ كلثوم الملقّبة بزينب الصغرى ، ونوّهوا بأنّ هذا هو مرقد السيدة زينب عقيلة بني هاشم.
وهاك ما كتب على باب المرقد : بسم الله الرحم الرحيم ، (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) ، هذا ما أمر به عبد الله ووليه أبو تميم أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله (صلوات الله تعالى عليه وعلى آبائه الطاهرين ، وأبنائه المكرمين) ، أمر بعمارة هذا المشهد على مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول ، زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله تعالى عليها وعلى آبائها الطاهرين ، وأبنائها المكرمين).
وقد أخذ المؤرّخون على ما وجدوا من الكتابات على جدران مرقدها ، والتي رقمت في أيام الفاطميِّين بعين الاعتبار ، وجاء مؤلف كتاب (العدل الشاهد في تحقيق المشاهد) ، مشاهد مصر ، فذكر أنّ هذا هو قبر زينب الكبرى ، وتبعه
المتأخّرون وأثبتوا ذلك في مؤلفاتهم ، وهذا المقريزي (١) لم يذكر لزينب الكبرى مشهداً في مصر ، وجلّ قوله في ما كان يعمل في يوم عاشوراء من سنة ثلاث وستين وثلاثمئة ، قال : انصرف خلق من الشيعة وأشياعهم إلى المشهدين ؛ قبر اُمِّ كلثوم ونفيسة ، ومعهم جماعة من فرسان المغاربة ورجالاتهم بالنياحة والبكاء على الحسين (عليه السّلام) ... إلخ.
وعند ذكره للشيعة (٢) ، وقد كانت مصر لا تخلو منهم في أيام الإخشيدية والكافورية في يوم عاشوراء عند قبر اُمّ كلثوم وقبر نفيسة ... إلخ ، ذكر واقعة الطفِّ ومقتل الحسين في نفس المصدر ، ويذكر زينب الكبرى ومواقفها يوم عاشوراء.
فالحقيقة هي أنّ المشهد الذي في مصر هو مشهد اُمّ كلثوم بنت علي (عليه السّلام) ، والمشهد الذي بالشام هو مشهد زينب الكبرى ، وقد تسلمته الشيعة عن بعيد ، وجيلاً عن جيل ، إذاً لا يرتاب أحد في ذلك أبداً.
وهذا الحجة الأكبر وإمام عصره سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين ، فإنّ رأيه الصواب ، وقوله الفصل يرى أنّ هذا هو مشهد العقيلة زينب الكبرى ، وله مقالة مسهبة بمناسبة وصول الضريح الأثري الذي تبرّع به المرحوم محمّد حبيب الباكستاني ، ونصب
__________________
(١) انظر الخطط المقريزيّة ٢ / ٢٨٩.
(٢) المصدر نفسه / ٢٩٠.
على قبر السيدة زينب في قرية الست من ضواحي الشام ، وذلك بعد أن ذكر (عطّر الله مرقده) طرفاً من ترجمتها ، والمقالة ذات فصول ، وهذا عنوان مشهدها (مشهد العقيلة).
وهذه اُمّ المصائب عقيلة الوحي والنبوة ، وخفرة علي وفاطمة (عليهما السّلام) ، زينب ، بلغ من عناية الله تعالى بها وكرامتها عليه أن كان مشهدها هذا منذ حلّت رمسه ، كلّ سنة هو أفخم وأعظم منه في سابقتها ، حتّى بلغ اليوم أوج العظمة والعلاء ، يطوف المسلمون بهذا المشهد ، ويعتصمون به ، فإذا هو على الدوام أمل الراغب الراجي عفو ربّه [عن] ذنوبه ، وأمن الراهب التائب الراجي في ستر عيوبه ، ويقضي حوائجه ، متوسلاً إليه تعالى باُمّ المصائب في سبيله (عزّ وجلّ).
هذا شأن المخلصين لله تعالى في حفظ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في عترته من بعده ، يعظمون شعائر الله تعالى : (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (١).
__________________
(١) سورة الحج / ٣٢.
وذكر المغفور له الحجة السيد حسن الصدر (نوّر الله رمسه) ، في كتاب (نزهة أهل الحرمين) ، زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وكنيتها اُمّ كلثوم ، قبرها قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف.
جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ، ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتّى تنقضي المجاعة ، فماتت زينب هناك ، ودُفنت في بعض تلك القرى.
قلت : واليوم تعرف القرية التي فيها مرقدها باسمها ، قرية الست زينب. انتهى.
وجاء في كتاب (لواقح الأنوار) : توفيت زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) بدمشق الشام في سنة أربع وسبعين هجرية. انتهى.
وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان ٤ / ٢١٦ عند ذكر (راوية) : قرية من غوطة دمشق ، بها قبر اُمّ كلثوم ... إلخ.
وجاء في رحلة ابن بطوطة عند سرده للقبور التي حوالي دمشق الشام ، قال : وبقربه قبلي البلد ، وعلى فرسخ منها مشهد اُمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة (عليهم السّلام) ، ويقال : إنّ اسمها زينب ، وكنّاها النبي (صلّى الله عليه وآله) اُمّ كلثوم ؛ لشبهها بخالتها اُمّ كلثوم بنت
رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وعليه مسجد كريم ، وحوله مساكن ، وله أوقاف ، ويسمّيه أهل دمشق قبر الست اُمّ كلثوم .... إلخ.
وذكر ابن جبير في رحلته عند عرض ذكره للمشاهد والقبور في دمشق الشام ، قال : ومن مشاهد أهل البيت (رضي الله عنهم) مشهد اُمّ كلثوم ابنة علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) ، ويقال لها : زينب الصغرى ، واُمّ كلثوم كنية أوقعها عليها النبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ لشبهها بابنته اُمّ كلثوم (رضي الله عنها) ، والله أعلم بذلك.
ومشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تُعرف بـ (راوية) ، على مقدار فرسخ ، وعليه مسجد كبير ، وخارجه مساكن ، وله أوقاف ، وأهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست اُمّ كلثوم. مشينا إليه وبتنا به ، وتبرّكنا برؤيته نفعنا الله بذلك.
وذكر الشيخ الشبلنجي في كتابه القيّم (نور الأبصار / ٢٣٨) ط العثمانية ، في مناقب السيدة رقية المدفونة بدمشق الشام ، قال : وقد أخبرني بعض الشوام أنّ للسيدة رقية بنت الإمام علي (كرّم الله وجهه) ضريحاً بدمشق الشام ، وأنّ جدران قبرها كانت قد تعيبت ، فأرادوا إخراجها منه لتجديده ، فلم يتجاسر أحد أن ينزل من الهيبة ، فحضر شخص من أهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى ، فنزل في
قبرها ، ووضع عليها ثوباً لفّها فيه ، وأخرجها فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ. وقد ذكرت ذلك لبعض الأفاضل ، فحدّثني به ناقلاً عن أشياخه. انتهى كلام الشبلنجي.
قلت : لم يذكر التاريخ أن رقية بنت علي (عليه السّلام) مدفونة بالشام ، وإنّما المأثور والمنقول أنّ هذه هي الطفلة رقية بنت الحسين بن علي (عليه السّلام) التي توفيت بالخربة ، والذي يؤكّد ذلك قول الشبلنجي نفسه : (إذاً هي بنت صغيرة) ، وقبرها اليوم في سوق الشام في الجامع المعروف باسمها ، يزار ويتبرك به ، وقد جدّدوا ضريحه قبل أعوام ، وأرّخت عام تجديده (حول ضريح رقية).
وأمّا السيد [الذي] نزل في قبرها وأخرجها ، ووضع عليها ثوباً لفّها فيه ثمّ دفنها بمكانها ، هو جد الأسرة السادة آل مرتضى ، وهم سدنة مرقد السيدة زينب بنت الإمام علي (عليه السّلام) المدفونة في قرية (راوية) ، وتُعرف اليوم بقرية الست زينب (عليها السّلام).
وسدانة هذا المرقد تقوم به اليوم هذه الأسرة العلوية والدوحة الهاشمية منذ مئات الأعوام ، السادة أل مرتضى يتوارثون هذه السدانة وخدمة هذه العتبة المشرفة يداً عن يد ، ويتسلّم مفاتيح هذه الروضة المباركة الخلف بعد السلف.
ولقد وفّق الله تعالى في الآونة الأخيرة حضرة الوجيه ، والتاجر الشهير ، المحب للخير ، والقائم بشعائر الدين الحاج مهدي البهبهاني فكرّس أوقاته لتشييد وتعمير هذه العتبة ،
وأمره مطاع لدى أرباب الخير وأبناء الإسلام ، وتلّمذ عليه بهذه الخدمة الشريفة السيد الجليل السيد رضا الكاظمي ، فحيّا الله منه هذه الشهامة الهاشمية ، ووفّقه إلى أعمال البر والخير.
موالاة آل البيت (عليهم السّلام) :
قال أبو الأسود الدؤلي (رضي الله عنه) :
اُحبّ محمّداً حبّاً شديداً |
|
وعباساً وحمزة والوصيّا |
هوىً اُعطيته منذ استدارت |
|
رحى الإسلام لم يعدل سويّا |
بنو عمِّ النبي وأقربوه |
|
أحب الناس كلهمُ إليّا |
فإن يك حبُّهم رُشداً اُصبه |
|
ولست بمخطئٍ إن كان غيّا |
حواست جمع كن |
|
حواست جمع كن |
وقال الكعبي (رحمة الله عليه) :
آلُ الرسول ونعم أكفاء |
|
ال علا آلُ الرسولِ |
خيرُ الفروع فروعُهم |
|
واُصولُهم خيرُ الاُصولِ |
هم حبل الله ، مَن اعتصم بهم نجا ، وهم سفن النجاة لمحبيهم ، يصل المحب لهم إلى شاطئ السعادة ، وقد قال (صلّى الله عليه وآله) : «مثلُ أهل بيتي كسفينة نوح ؛ مَن ركبها نجا ، ومَن تخلّف عنها غرق وهوى ، وزجّ في النار زجاً».
وهم الذين مدحوا بآية التطهير ، قال (جلَّت آلآؤه) : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) ، والمراد بأهل البيت فاطمة وبعلها علي ،
__________________
(١) سورة الأحزاب / ٣٣.
وولداهما الحسن والحسين (عليهم السّلام).
ولقد ذكر أرباب التفسير أن آية التطهير نزلت على الرسول الأعظم وهو في بيت اُمِّ سلمة ، ويروى عن اُمّ سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية الشريفة على النبي (صلّى الله عليه وآله) جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءً ، وقال : «اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي ، اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً».
فقلت : يا رسول الله ، وأنا معهم؟
قال (صلّى الله عليه وآله) : «أنت مكانك ، وأنت على خير».
وذكر الفخر الرازي في تفسيره قال : إنّ أهل بيته (صلّى الله عليه وآله) ساووه في خمسة أشياء ؛ في الصلاة عليه وعليهم في التشهّد ، وفي السّلام ، يقال في التشهد : السلام عليك أيها النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وقال تعالى : (سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) ، وفي الطهارة ، قال تعالى : (طه) ، أي طاهر ، وقال تعالى : (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وفي تحريم الصدقة ، وفي المحبة ، قال تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ) ، وقال تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (١).
وقال (صلّى الله عليه وآله) : «أحبوا الله لما يغذوكم به ، وأحبوني لحبِّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي».
وقال (صلّى الله عليه وآله) : «لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضنا إلاّ منافق شقي».
__________________
(١) سورة الشورى / ٢٣.
ولقد كان (صلّى الله عليه وآله) يمرّ بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول : «الصلاة يا أهل البيت ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».
وقد قال علي (عليه السّلام) في بعض خطبه : «نحن شجرة النبوة ، ومحط الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم ؛ ناصرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة ، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة».
وإليك ما نظمه الشافعي محمّد بن إدريس (رحمه الله) :
يا آل بيت رسولِ الله حبكمُ |
|
فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ |
كفاكمُ من عظيم الفخر أنّكمُ |
|
مَن لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ |
* * * *
وله أيضاً :
همُ القوم مَن أصفاهم الودَّ مخلصاً |
|
تمسّك في اُخراه بالسبب الأقوى |
موالاتهمُ فرضٌ وحبُّهم هدىً |
|
محاسنهمْ تُحكى وآياتهم تُروى |
وله أيضاً :
يا راكباً قفْ بالمحصبِّ من منى |
|
واهتف بساكنِ خيفها والناهضِ |
سحراً إذا فاض الحجيجُ إلى منى |
|
فيضاً كملتطم الفراتِ الفائضِ |
إنْ كان رفضاً حبُّ آل محمّدٍ |
|
فليشهد الثقلان أنّي رافضي |
* * * *
ولزبينا بن إسحاق النصراني :
عديٌ وتيم لا اُحاول ذكرها |
|
بسوءٍ ولكنّي محبٌّ لهاشمِ |
وما يعتريني في عليٍّ ورهطه |
|
إذا ذكروا في الله لومةُ لائمِ |
يقولون ما بال النصارى تحبُّهمْ |
|
وأهلُ النهى من أعربٍ وأعاجمِ |
فقلتُ لهم إنّي لأحسبُ حبّهمْ |
|
سرى في قلوب الخلق حتّى البهائمِ |
* * * *
وهذا ابن عباس حبر الاُمّة ، جاء من طريقه أنه لمّا نزل قوله تعالى : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ، قالوا : يا رسول الله ، مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال : «عليٌّ وفاطمة وابناهما».
وقد قال (صلّى الله عليه وآله) : «إنّ الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي ، وإنّي سائلكم غداً عنهم».
وقال (صلّى الله عليه وآله) : «الزموا
مودتنا أهل البيت ؛ فإنّه مَن لقي الله (عزّ وجلّ) وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده ، لا ينفع عبداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا».
وللشيخ محي الدين بن عربي (قدّس سره) :
رأيت ولائي آلَ طه فريضةً |
|
على رغمِ أهل البُعد يورثني القُربا |
فما طلب المبعوث أجراً على الهدى |
|
بتبليغه إلاّ المودة في القربى |
* * * *
والحديث المأثور ذكره أرباب الحديث والصحاح ، «مَن حفظني في أهل بيتي فقد اتّخذ عند الله عهداً».
وقال (صلّى الله عليه وآله) : «استوصوا بأهل بيتي خيراً ؛ فإني اُخاصمكم عنهم غداً ، ومَن أكن خصمه أخصمه ، ومَن أخصمه دخل النار».
هؤلاء هم آل رسول الله الذين وجبت على الناس محبتهم وولاؤهم والصلاة عليهم.
كان جابر بن عبد الله الأنصاري (رحمه الله) يقول : لو صلّيت صلاةً لم اُصلِّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنها تُقبل.
وقد سُئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كيف الصلاة على أهل البيت ، قال (صلّى الله عليه وآله) : «قولوا : اللهمَّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، وبارك على محمّد وعلى آل
محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
فسلام الله على آل رسول الله الطيّبين الطاهرين ، وسلام الله على عقيلة آل النبي الأمين ، وابنة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أمير المؤمنين ، زينب الكبرى ورحمة الله وبركاته.
تاريخ الباب الذهبي لحرم العقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام)
حرمُ العقيلة زينبٍ حرمُ الهدى |
|
بفنائهِ زمرُ الملائك عكّفُ |
والناسُ تلثم منه عتبةَ بابِه |
|
وجميعهم أرّخ «به تتشرفُ» |
الكاظمية
علي الهاشمي الخطيب
فهرس
ولادتها....................................................................... ٥
أبوها........................................................................ ٦
أمها......................................................................... ٨
نشأتها....................................................................... ٩
شرف نسبهاوفضلها......................................................... ١٠
عبادتها..................................................................... ١٣
تهجدها وعبادتها............................................................. ١٤
من غرر كلامها............................................................. ١٩
كلامها مع ابن زياد.......................................................... ٢٣
خطبها في مجلس يزيد........................................................ ٢٤
جوابها ليزيد في مجلسه يزيد................................................... ٢٩
شعرها..................................................................... ٣٠
زواجها..................................................................... ٣١
زوجها..................................................................... ٣٢
وفاته....................................................................... ٣٦
أولاده وأولادها............................................................. ٣٦
أسفهارها................................................................... ٤٣
بعض ما قيل فيها شعراً
فصيدة السيد محمود الحبوبي.................................................. ٤٥
قصيدة السيد محمد مهدي الخراسان........................................... ٤٧
كلمة أحمد فهمي محمد المصري وشعره........................................ ٥٣
قصيدة الشيخ حسن سبتي.................................................... ٥٤
قصيدة الشيخ أحمد الكناني................................................... ٥٤
من قصيدة السيد مسلم الحلي................................................. ٥٨
من قصيدة الشيخ حسن الكاظمي............................................. ٥٨
تحقيق حول مشهدها الشريف
في الشام أو مصر............................................................ ٦٤
مولاة أهل البيت............................................................ ٧٢
فهرست.................................................................... ٧٩