عقيلة بني هاشم

علي بن الحسين الهاشمي الخطيب

عقيلة بني هاشم

المؤلف:

علي بن الحسين الهاشمي الخطيب


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة المفيد للطباعة والنشر والتوزيع
المطبعة: مؤسسة المفيد للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٩

وأمّا اُمّ كلثوم بنت زينب فهي التي خطبها معاوية لولده يزيد كما ذكر ذلك ابن شهر آشوب (١) ، وذلك لمّا طلب معاوية بن أبي سفيان من مروان بن الحكم ـ وكان والياً على المدينة من قبله ـ أن يخطب اُمّ كلثوم بنت زينب ، فقال أبوها عبد الله بن جعفر ؛ إنّ أمرها ليس إليّ ، إنّما هو إلى سيدنا الحسين (عليه السّلام) ، وهو خالها.

فأخبر الحسين (عليه السّلام) بذلك ، فقال : «استخير الله تعالى. اللهمَّ وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد».

فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين (عليه السّلام) ، وقال : إن أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ أمرني بذلك ، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، مع صلح ما بين هذين الحيِّين ، مع قضاء دينه.

واعلم أنّ من يغبطكم بيزيد [أكثر ممّن يغبطه بكم. والعجب كيف يستمهر يزيد] (*) وهو كفؤ من لا كفؤ له ، وبوجهه يستسقى الغمام! فرد خيراً يا أبا عبد الله.

فقال الحسين (عليه السّلام) : «الحمد لله الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ... إلى آخر كلامه (عليه السّلام) ، ثمّ قال : يا مروان ، قد قلت فسمعنا ؛ أمّا قولك : مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بناته ونسائه وأهل بيته ، وهو اثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمئة وثمانين درهماً.

__________________

(١) انظر المناقب لابن شهر آشوب ٢ / ١٧١ ، الطبعة الاُولى.

(*) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ، وقد جئنا به من المناقب نفسها. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٤١

وأمّا قولك : مع قضاء دين أبيها ، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؟!

وأمّا قولك : صلح ما بين هذين الحيِّين ، فإنّا قوم عاديناكم في الله ، ولم نكن نصالحكم للدنيا ؛ فلعمري لقد أعيا النسب ، فكيف السبب؟!

وأمّا قولك : والعجب كيف يستمهر يزيد! فقد استمهر مَن هو خير من يزيد ، ومن أبِ يزيد ، ومن جدِّ يزيد.

وأمّا قولك : إنّ يزيد كفؤ مَن لا كفؤ له ، فمَن كان له كفؤ قبل اليوم فهو كفؤه اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً.

وأمّا قولك : وجهه يستسقى به الغمام ، فإنما كان ذلك وجه رسول الله.

وأمّا قولك : مَن يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا ، فإنّما يغبطنا به أهلُ الجهل ، ويغبطه بنا أهلُ العقل».

ثمّ قال (عليه السّلام) : «فاشهدوا جميعاً أني قد زوّجت اُمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمِّها القاسم بن جعفر على أربعمئة وثمانين درهماً ، وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة ـ أو قال : أرضي بالعقيق ـ ، وإنّ غلتها بالسنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لها غنى إن شاء الله تعالى» (١).

قال الراوي : فتغيّر وجه مروان ، وقال : أغدراً يا بني هاشم؟ تأبون إلاّ العداوة!

فذكّره الحسين (عليه السّلام) خطبة الحسن عائشة وفعله ، ثمّ قال : «فأين موضع الغدر يا مروان؟».

__________________

(١) وروي أنّه أنحلها (البغيبغات) ، وهي ثلاث عيون في ينبع ، يقال لإحداها : خيف ليلى ، وللثانية : خيف الأراك ، وللثالثة : خيف البعاس.

٤٢

فقال مروان :

أردنا ودّكمْ لنجدّ ودّاً

قد اخلقهُ به حدثُ الزمانِ

فلمّا جئتكمْ فجبهتموني

وبحتم بالضمير من الشنانِ

فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :

أماط اللهُ عنهم كلَّ رجسٍ

وطهّرهم بذلك في المثاني

فمالهمُ سواهم من نظيرٍ

ولاكفؤٍ هناك ولا مداني

أتجعل كلَّ جبّارٍ عنيدٍ

إلى الأخيار من أهل الجنانِ

فتزوّج اُمَّ كلثوم القاسمُ بن محمّد بن جعفر وأولدها فاطمة. قال أحمد بن طيفور (١) : فاطمة بنت القاسم تزوجت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر فولدت له رملة ، تزوّجها هشام بن عبد الملك فلم تلد له ، فقال لها هشام : أنت بغلة لا تلدين. فقالت له رملة : يأبى كرمي أن يدنّسه لؤمك.

أسفارها :

أجمع المؤرّخون على أنّ السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) سافرت أوّلاً مع أبيها أمير المؤمنين (عليه السّلام) من المدينة إلى عاصمة حكمه الكوفة (العراق) ، ورجعت إلى مسقط رأسها المدينة المنورة مع أخيها

__________________

(١) انظر أحمد بن أبي طاهر بن طيفور ـ بلاغات النساء / ١٤٣ ، طبع مصر.

٤٣

الحسن سيد شباب أهل الجنة وأول السبطين (عليهما السّلام).

وفي عام ستّين للهجرة سافرت مع أخيها الحسين (عليه السّلام) ريحانة رسول الله إلى كربلاء ـ العراق ـ للمرة الثانية ، واُخذت من العراق بعد واقعة الطفِّ إلى الكوفة أسيرة مع السجاد زين العابدين (عليه السّلام) ، وعيالات الحسين ومَن معهنّ من نساء الهاشميِّين والأنصار ، ومنها سيّرت إلى دمشق الشام ، ومكثت بالشام أسيرة ، وبعدها رجعت إلى العراق مع السجاد زين العابدين (عليه السّلام) ـ إلى كربلاء ـ لتجديد العهد بزيارة أخيها الحسين والشهداء معه من آل رسول الله (صلوات الله عليهم أجمعين) ، ورجعت منها إلى المدينة في حالة مشجية.

والسفرة الأخيرة كانت مع زوجها عبد الله بن جعفر (رحمه الله) حين جاء بها إلى دمشق ليتعاهد اُمور ملكه في قرية راوية ، وفي هذه السفرة توفّيت ودفنت في راوية من أعمال دمشق ، والتي تبعد عنها من الجهة الشرقية الجنوبية ما يقرب من سبعة كيلو مترات ، وتُعرف اليوم بقرية قبر الست ، ولم يحدّثنا التاريخ عن غير هذه السفرات للسيدة زينب (عليها السّلام).

٤٤

بعض ما قيل فيها شعراً

قصيدة للاُستاذ الكبير الشاعر الفحل السيد محمود الحبوبي

نظمها أثناء طوافه حول ضريح السيدة الجليلة عقيلة

الهاشميِّين زينب

ابنة أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) ، وذلك عام ١٩٥٠ مـ.

ـ أمام ضريح زينب ابنة علي (ع) :

هذا ضريحكِ يابنتِ الزهراءِ

أم روضةٌ قدسيةُ الأشذاءِ

جئنا له متبرّكين بلثمهِ

وبه حططنا اليوم كلَّ رجاءِ

حرمٌ عليه من النبوة هيبةٌ

تحنى لديها أرؤسُ العظماءِ

مهما سعينا حوله فكأننا

نسعى حيال الكعبةِ الغرّاءِ

ولقد نجا المتمسكون ببابهِ

من كلِّ شرٍّ طارقٍ وبلاءِ

٤٥

غمرت جوانبَه القداسةُ

فاعتلى شرفاً تجاوز موطن الجوزاءِ

نورُ الرسالة والإمامة ساطعٌ

منه سطوعُ الكوكب الوضّاءِ

طفنا به فأعاد ذكرى كربلا

مخضوبة منكم بخير دماءِ

لله يوم الطفِّ قلبك بعدما

شاهدتِ مصرع سيّدَ الشهداءِ

وبجنبه أبناؤه وصحابه

كالبدر حاطته نجوم سماءِ

وحُملتِ بعدُ إلى دمشق أسيرةً

وأجلّ من اُنجبن من حواءِ

ولقيتِ صابرةً أمضّ فجيعة

بالإخوة الأطهار والأبناءِ

خُلقٌ من الهادي الأمينِ ورثتِهِ

ومن الوصي وآلك الاُمناءِ

فتركتِ يا فخر العقائلِ في الملا

أسمى فخارٍ خالدٍ وعلاء

ترعاه عينُ الله فهو على المدى

باقٍ بروعته بقاء ذُكاءِ

وعليك منه صلاتُه وسلامُه

في كلِّ صبحٍ مشرق ومساءِ

٤٦

تيهي جلالاً يا بقاع الراوية

للعلامة المحقق السيد محمد مهدي الخراسان

تيهي جلالاً يا بقاع (الراويه)

وتطاولي شرفاً بمثوى (الزاكيه)

أدريتِ مَن حلّت رباكِ فطهّرتْ

منك الربوعَ من الكلابِ العاويه

تلك من حلت العقيلة «زينب» تنمى إلى

شرف يطول على السماء الساميه (*)

فلَبضعة الزهراء كانت اُمّها

حدبت عليها وهي تُدعى الحانيه

وإلى عليٍّ وهو خيرُ اُرومةٍ

نسبٌ تبلّج كالسماء الضاحيه

والجدّ أحمدُ من أتى بشريعةٍ

تهدي البرايا للقيامة باقيه

__________________

(*) هكذا ورد البيت في النسخة التي بين أيدينا ، ولا يخفى ما فيه من خلل عروضي واضح. (موقع معهد الإمامين الحسنَين)

٤٧

اِروي الحديث وأنت بعضُ شهودِه

فالقول منك مصدّق يا «راويه»

وتحدّثي للجيل عن قومٍ مضوا

فالجيل هذا العصر اُذنٌ صاغيه

كم بالشئام عجائبٌ مرت بها

بالنافعات عن القرون الماضيه

تلك اللظات تقصّ بعض حديثها

عن زمرةٍ حكمت فكانت طاغيه

قرن من الأعوام أثقل كاهلي

بالفادحات فعدتُ منها خاويه

كم ذا لقيت من الإساءة والعنا

من صبية ذرئت لنار حاميه

فالخمرة الصهباء ملءُ بطونِها

وأكفّها خضبت دماءً زاكيه

نزو القرود على منابر أحمدٍ

جهدت تعيد الشرك فيهم ثانيه

قصرت بها الأنساب أقصى فخرها

شيخٌ كفور أو عجوزٌ زانيه

صخر وهند والفروع بأصلِها

هذا النجار وذي الاُصول كما هيه

يا «راوية» فاروي الحديثَ لاُمّةٍ

مكبوتةٍ وتعيش ظمأى صاديه

٤٨

وتحدّثي عن ذي القصور ولهوِها

أين القصورُ مضت وأين اللاهيه

قالت معالمها دوينك ما ترى

يكفيك منّي ما تراها باقيه

فاضرب بطرفك أين بانيَ مجدها

ثاوٍ بأيةِ حفرة أو زاويه

فإذا القصور ولا بقاء لرسمها

وإذا الرؤوس ولا رميم باليه

وانظر إلى القبر المشيد ضريحه

سامي الضراح علا بمثوى الزاكيه

ذيّاك حكمُ الله يأبي عدله

إلاّ الإطاحة بالعروش الخاويه

وتكون عقبى الدار تبقى دائماً

للمتّقين وللعتاة الهاويه

* * * *

يا «راوية» والقلب ماضٍ جرحُه

بالفادحاتِ من المآسي القاسيه

وأشدها وقعاً مصائب كربلا

شمُّ الجبال لهولها متداعيه

شاد الحسينُ صروح دين هُدّمت

٤٩

و (لزينب) أوصى تتم الباقية

فشقيقة السبطين خفّت بالذي

عن حمله كلُّ الرواسي واهيه

قد قابلت كلَّ الخطوب بصبرها

مهما تحيط بها الظروف العاتيه

وأتمّت الصرح الذي لبناتهُ

قامت عليها فهي اُسُّ الزاويه

بدماء زمرتها تشيّد اُسّه

وتشيد أعلاه دموعٌ جاريه

فمحت بها أثار ملك أميةٍ

من دارها طرّاً فأضحت خاليه

كم موقفٍ بالشام لم تضرع به

صكّت به أسماع ذاك الطاغيه

وأذلّت النفر اللئام بقيلها

فعنت لها بالذلِّ تلك الناصيه

وسمتهمُ العار الشنار بسبّةٍ

حتّى هووا أعجاز نخلٍ خاويه

فصل الخطاب ويا له من حجةٍ

صعقت لها تلك الجباه العاتيه

فحروف خطبتِها حروفٌ زاهية

وبليغ حجتها صواعقُ داويه

٥٠

إيها ربوع الشام هذي زينبٌ

وطئت ثراك وهي ليست راضيه

فتعجّلت كفُّ المنون بقبضها

لمّا دعت أن لا تراكِ ثانيه

فتُعيدي للنفس الجريحة مشهداً

يحكي لها ذكرى المآسي الداميه

لكنّ ربّك وهو عدلٌ حاكمٌ

يقضي لتقضي في جوارك ناحيه

كم حكمةٍ لله في تقديرِه

فتبين واضحة واُخرى خافيه

فأسيرة الماضي تحطّم هيكلاً

ذرّ الرماد فماله من باقيه

وتقيم قبّتها برغمِ اُنوفهمْ

في أرضهم حيث القطوف الدانيه

وتدرّ زينب حيث يهمي فضلها

ثرّاً عليك فعدت منها «راويه»

وتخط زينبُ للخلود سطورَها

ومدادها تلك الدموع الغاليه

وطوت يدٌ بيضاء كلَّ صحيفةٍ

لاُميةٍ قد سوّدتها عاصيه

هذا هو الفتح المبين بنصرةِ

الدين الحنيف وتلك عقبى الباقيه

٥١

وختامُ شعري في نشيد القافيه

تيهي جلالاً يا بقاع «الراويه»

* * *

٥٢

كلمة الاُستاذ الكبير أحمد فهمي محمّد المصري وشعره

السيدة زينب بنت علي (عليهما السّلام) ، العقيلة الطاهرة ، والزهرة الناضرة ، والكريمة الباتعة ، والروضة اليانعة ، سبطة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وبضعة البتول ، ونجيبة سيف الله المسلول ، السيدة المباركة زينب بنت علي بن أبي طالب (عليهم السّلام).

هي زينب المفاخر والعلا (*)

وكريمةٌ آباؤها كُرماءُ

هي ربّة الشورى وغوث ضريعها

وهي العياذ وللعفاة رجاءُ

وله أيضاً :

لذ بالعقيلة بضعة الزهراءِ

متوسّلاً بكريمة الآباءِ

فهناك مهبطُ رحمة تحظى بها

وهناك ما ترجو من الآلاءِ

__________________

(*) لا يخفى ما في المصراع من خلل عروضي بيّن. (موقع معهد الإمامين الحسنين)

٥٣

وافتح بفاتحةِ الكتاب ضريحَها

واقرأ سلامك ضارعاً بدعاءِ

حتّى تنال الخير من نفحاتها

وترى شعاعَ جلالةٍ وبهاءِ

فمزارها حرمٌ ومهبطها حمىً

وهي اللياذ لنا من اللأواءِ

فجوارحي تصبو لزورة قبرِها

وجوانحي تهفو لها بولاءِ

فالله شرّف قدرها ومقامَها

والله يوفي الخير للسعداءِ

وله أيضاً :

نورُ العقيلة في الآفاق وضّاءُ

حلّت دمشق فعم القطر أضواءُ

نورُ النبوّة موصولٌ بمهبطها

والنور في جنبات القبرِ لألاءُ

حفّت به بركاتٌ فاض صيّبها

ونفحةُ الله بالروضات فيحاءُ

يا ساكني الشام بشراكمْ بمهبطِها

ففي حفافيه للعافين آلاءُ

وقبرُها حرمٌ من يستجير به

تنجاب عنه بفضلِ الله لأواءُ

* * * *

٥٤

(ولبعضهم)

هذا ضريح شقيقةِ القمرينِ

بنتِ الإمامِ شريفة الأبوينِ

وسليلةِ الزهراء بضعة أحمدٍ

نورُ الوجود وسيّد الثقلينِ

نسبٌ كريم للفصيحة زينبٌ

شمس الضحى وكريمة الدارينِ

* * * *

للمرحوم الشيخ حسن سبتي :

عيبةُ علمٍ غير أنّ علمَها

غريزةٌ ولم يكن مكتسبا

عالمةٌ عاملةٌ لربِّها

طول المدى سوى التقى لن تصحبا

تقيةٌ من أهل بيت عصمةٍ

شقيقةُ السبط الحسينِ المجتبى

صدّيقةٌ كبرى وجمّ علمِها

طاشت بها الألبابُ والفكر لبا

فيا لها داعيةٌ إلى الهدى

في حلِّ كلِّ مشكلٍ قد صعبا

ذات فصاحةٍ إذا ما نطقتْ

حيناً تخال المرتضى قد خطبا

٥٥

سل مجلس الشام وما حلَّ به

مُذ خطبت ماج بهم واضطربا

* * * *

وللمرحوم الشيخ أحمد الكناني من مقطوعة :

لذ في الشدائد بابنةِ الزهراءِ

واقصد حماها فوق كلِّ عناءِ

هي زينبٌ ذات المقامات العلا

وكريمةُ الأجداد والآباءِ

هي ربةُ الشورى وغوث مَن التجى

بنت الإمام وفارس الهيجاءِ

اُخت الحسين وجدُّها خيرُ الورى

وهمُ إذا عزَّ الرجاءُ رجائي

* * * *

للمغفور له الشيخ حسن سبتي :

لمّا أصابت (يثرباً) مجاعةٌ

وشدةٌ وعامهم قد قطبا

فسار عبد الله ينحو الشام في

عياله يحملهم و (زينبا)

لكنّ وعثاءَ الطريق أثّرت

بها فكابدت عناءً نصبا

٥٦

وعندما تذكّرت دخولَها

للشام حسرى وهي في أسر السبا

حمت وما زالت تعاني سقماً

وسقمها في جسمها قد نشبا

وعام خمسةٍ وخمسين قضت

صابرةً بالصبر حازت رتبا

وقد قضت في رجب بنصفِه

ياليت أنّا لم نشاهد رجبا

* * * *

ولبعضهم :

نفسي الفداء لمشهدٍ أسرارُه

من دونها سترُ النبوّة مسبلُ

ورواقُ عزٍّ فيه أشرف بقعةٍ

ظلت تحار لها العقولُ وتُذهلُ

تغضي لبهجته النواظر هيبةً

ويردّ عنه طرفه المتأمّلُ

حسدت مكانته النجوم فودّ لو

أمسى يجاوره السماك الأعزلُ

وسما علوّاً أن تقبّل تربَه

شفةٌ فأضحى بالجباه يُقبّلُ

٥٧

(للعلامة السيد مسلم الحلي)

أيّده الله

أزينب هذي ندبةٌ عزّ وقعها

على منطقي إذ موقع الرزء هائلُ

أذاقكِ أنواعَ المصائب موقفٌ

به السبط مثكولٌ وإنك ثاكلُ

فيا موقفاً ما كان أسماه موقفاً

به لذوي الألباب لاحت دلائلُ

جهادُ لسانٍ قد حكى في جلالِه

جهادَ سنان والجهادُ مراحلُ

رميت بني حرب بحرب صواعقٍ

قنابلُ قولٍ دونهنّ القنابلُ

تحطّم فيه عرشُهم وعريشهمْ

وهُدّت حصونٌ منهمُ ومعاقلُ

كذا فليكن مَن كان للدين ناصراً

تهونُ عليه نفسه والعواملُ

* * * *

للعلامة الشيخ حسن نجل الحجة الشيخ مرتضى أسد الله الكاظمي :

زينب بنت علي (عليهما السّلام)

تسيل دموعُ العين حزناً وتسكبُ

إذا ذُكرت اُمُّ المصائب زينبُ

٥٨

هي المثل الأعلى لكلِّ فضيلةٍ

وفي فضلها الأمثال في الناس تضربُ

تقوم لها العليا وتقعد كلّما

تبين لها الذكر الحميد وتعربُ

وكم حيّرت في ذكرها كلَّ كاتبٍ

ومَن أخذته حيرةٌ كيف يكتبُ

وكم أعجزتْ في مدحها كلَّ شاعرٍ

وإن كان يحلو الشعر فيه ويعذبُ

فمَن جدّها أو مَن أبوها واُمّها

ومَن أخواها حين تنمى وتنسبُ

قد اكتسبت أخلاقها وتأدّبتْ

بآدابهم يا نعم هذا التأدّبُ

مباركةٌ في كلِّ أرض تحلّها

فتخضرّ منها الأرض يمناً وتخصبُ

وعالمةٌ لكن بغيرِ تعلّمٍ

وذا خبرٍ يروى وليس يُكذّبُ

لقد أودعت أسرار آل محمّدٍ

فتأخذ منها كلَّ علم وتكسبُ

وتحبو بها علماً وتوهب حكمةً

وطوبى لمن يُحبا بهذا ويوهبُ

تفوق نساء العالمين شجاعةً

ومنها رجال العالمين تعجبّوا

٥٩

فما ترتاب البلايا جميعها!

ولا هي من أعيائها تتهيبُ

تشقّ على الناس الصعاب وإنّما

يهون عليها ما يشقّ ويصعبُ

ألمّت بها الأرزاء وهي كثيرةٌ

كقطر السما ليست تُعدّ وتحسبُ

ولله من قلبٍ تحمّل ثقلَها

ولو حلّ قلباً دونه يتشعبُ

وما حُصرت في خطبة يوم روعِها

ويحصر يوم الروعِ مَن فيه يخطبُ

لقد حملت يوم الطفوفِ رسالةً

ينوء بها حملاً سواها وينصبُ

فأعطت جميعَ الواجبات حقوقَها

وما قصرت فيها يحقُّ ويوجبُ

فقامت بأعباء الرعاية كلِّها

وما فاتها في الأمر ما يتطلّبُ

لها وقفاتٌ صامداتٌ صليبةٌ

أشد من الطود العظيم وأصلبُ

وليست تبالي لو تلوم عدوَّها

ولو هو مغتاظ عليها ومغضبُ

وما أظهرت شكوى إلى أحد ولو

ألمّ بها ما لا يظن ويحسبُ

٦٠