وَلَا الْإِيمانُ؟ الآية (١) : ٤٢ ـ ٥٢) ؛ وقال تعالى (٢) : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ : إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٣) * إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ : ١٨ ـ ٢٣ ـ ٢٤) (٤) ؛ وقال عز وجل (٥) : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ : ١٧ ـ ٣٦).».
وذكر سائر الآيات : التي وردت فى علم الغيب (٦) ؛ وأنه «حجب (٧) عن نبيه (صلى الله عليه وسلم) علم الساعة». [ثم قال (٨)] :
«فكان (٩) من جاوز (١٠) ملائكة الله المقرّبين ، وأنبياءه (١١) المصطفين ـ : من عباد الله. ـ : أقصر علما (١٢) ، وأولى : أن لا يتعاطوا حكما
__________________
(١) فى الأم زيادة : «لنبيه».
(٢) انظر ما تقدم (ص ٣٧).
(٣) فى الأم زيادة : «وقال لنبيه : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ... ٤٦ ـ ٩) ؛ ثم أنزل على نبيه : أن قد غفر له ... فعلم ما يفعل به» ؛ إلى آخر ما تقدم (ص ٣٧ ـ ٣٨) مع اختلاف أو خطأ فيه ؛ بسبب عدم تمكننا. ـ بالنسبة إليه وإلى كثير غيره ـ من بحثه وتأمله ، والرجوع إلى مصدره.
(٤) وهى قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ ، إِلَّا اللهُ : ٢٧ ـ ٦٥) ؛ وقوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية : ٣١ ـ ٣٤). وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها إلى مُنْتَهاها : ٧٩ ـ ٤٢ ـ ٤٤).
(٥) فى الأم : «فحجب». وقد ذكر عقب الآيات السابقة.
(٦) وهى قوله تعالى : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ ، إِلَّا اللهُ : ٢٧ ـ ٦٥) ؛ وقوله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ الآية : ٣١ ـ ٣٤). وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها إلى مُنْتَهاها : ٧٩ ـ ٤٢ ـ ٤٤).
(٧) زيادة لا بأس بها.
(٨) فى الأم : «فحجب». وقد ذكر عقب الآيات السابقة.
(٩) فى الأم : «وكان». وهو مناسب لقوله : «فحجب».
(١٠) فى الأم : «جاور». وهو تصحيف من الناسخ أو الطابع.
(١١) كذا بالأم. وفى الأصل : «وأنبيائه». وهو خطأ وتصحيف.
(١٢) فى الأم زيادة : «من ملائكته وأنبيائه : لأن الله (عز وجل) فرض على خلقه طاعة نبيه ؛ ولم يجعل لهم بعد من الأمر شيئا.».
على غيب أحد ـ : [لا (١)] بدلالة ، ولا ظنّ. ـ : لتقصير (٢) علمهم عن علم أنبيائه : الذين فرض (٣) عليهم الوقف عما ورد عليهم ، حتى يأتيهم أمره (٤).». وبسط الكلام فى هذا (٥).
__________________
(١) الزيادة عن الأم.
(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «ليقصر» ؛ وهو تحريف.
(٣) فى الأم زيادة : «الله تعالى».
(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «أمر» ؛ والنقص من الناسخ.
(٥) فراجعه (ص ٢٦٨) : فبعضه قد تقدم ذكره ، وبعضه لا يوجد فى غيره ؛ ويفيد فى بعض الأبحاث الآتية. ثم راجع كلامه : فى اختلاف الحديث (ص ٣٠٦ ـ ٣٠٧) والأم (ج ١ ص ٢٣٠ وج ٤ ص ٤١ وج ٥ ص ١١٤ وج ٧ ص ٩ ر ٧٤).
«ما يؤثر عنه فى الحدود» (١)
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (٢) : «قال الله جل ثناؤه : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ : مِنْ نِسائِكُمْ ؛ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ ؛ فَإِنْ شَهِدُوا : فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ (٣) ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (٤) * وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ : فَآذُوهُما ؛ فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا : فَأَعْرِضُوا عَنْهُما ؛ إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً : ٤ ـ ١٥ ـ ١٦).»
__________________
(١) راجع فى فتح الباري (ج ١٢ ص ٤٥) : الكلام عما يجب الحد به.
(٢) كما فى اختلاف الحديث (ص ٢٥٠). وقد ذكر باختلاف : فى السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١٠) ، والرسالة (ص ١٢٨ ـ ١٢٩ و ٢٤٥ ـ ٢٤٦). وقال فى اختلاف الحديث (ص ٢٤٩) : «كانت العقوبات فى المعاصي : قبل أن ينزل الحد ؛ ثم نزلت الحدود ، ونسخت العقوبات فيما فيه الحدود» ؛ ثم ذكر حديث النعمان بن مرة : «أن رسول الله قال : ما تقولون فى الشارب والسارق والزاني؟ ـ وذلك قبل أن تنزل الحدود ـ فقالوا : الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله : هن فواحش ، وفيهن عقوبات ؛ وأسوأ السرقة : الذي يسرق صلاته.». ثم ساق الحديث (فراجعه فى السنن الكبرى : ج ٨ ص ٢٠٩ ـ ٢١٠) وقال : «ومثل معنى هذا فى كتاب الله». ثم ذكر الآتي هنا.
(٣) فى اختلاف الحديث ، بعد ذلك : «الى آخر الآية».
(٤) انظر كلامه فى الأم (ج ٥ ص ١٧٩).
«قال : فكان (١) هذا أول عقوبة (٢) الزانيين (٣) فى الدنيا (٤) ؛ ثم (٥) نسخ هذا عن الزّناة كلّهم : الحرّ والعبد ، والبكر والثّيّب. فحدّ الله البكرين : الحرّين المسلمين ؛ فقال : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي (٦) : فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ : ٢٤ ـ ٢).» (٧).
واحتجّ (٨) : بحديث عبادة بن الصّامت ـ فى هذه الآية : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). ـ قال : «كانوا يمسكوهنّ حتى نزلت آية الحدود ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : خذوا عنى (٩) ؛
__________________
(١) هذا إلى قوله : الدنيا ؛ غير موجود بالرسالة (ص ١٢٩). وعبارته فيها (ص ٢٤٦) هى : «فكان حد الزانيين بهذه الآية : الحبس والأذى : حتى أنزل الله على رسوله حد الزنا». ثم ذكر آيتي النور والنساء الآتيتين ؛ ثم قال : «فنسخ الحبس عن الزناة ، وثبت عليهم الحدود».
(٢) فى اختلاف الحديث : «العقوبة للزانيين».
(٣) فى الأصل : «الزانين» ؛ وهو تحريف.
(٤) فى السنن الكبرى زيادة مبينة ، وهى : «الحبس والأذى».
(٥) عبارة الرسالة (ص ١٢٩) والسنن الكبرى ، هى : «ثم نسخ الله الحبس والأذى فى كتابه ، فقال». وراجع فى السنن ، ما روى فى ذلك عن ابن عباس ومجاهد والحسن : فهو مفيد.
(٦) يحسن أن تراجع فى اختلاف الحديث (ص ١٤ و ٤٦ و ٥٠) ، وجماع العلم (ص ٥٧ ـ ٥٨ و ١٢٠) : ما يتعلق بذلك ؛ لفائدته.
(٧) فى الرسالة (ص ١٢٩) ، بعد ذلك : «فدلت السنة على أن جلد المائة للزانيين البكرين» ؛ ثم ذكر حديث عبادة.
(٨) كما فى الأم (ج ٧ ص ٧٦). وانظر اختلاف الحديث (ص ٢٥٢).
(٩) وردت هذه الجملة مكررة للتأكيد : في رواية الأم (ج ٦ ص ١١٩) والرسالة (ص ١٢٩ و ٢٤٧).
قد جعل الله لهنّ سبيلا : البكر بالبكر : جلد مائة ونفى (١) سنة ؛ والثّيّب بالثّيب : جلد مائة والرّجم.».
واحتجّ (٢) ـ : فى إثبات الرّجم على الثّيب ، ونسخ الجلد عنه (٣). ـ : بحديث عمر (رضى الله عنه) فى الرجم (٤) ؛ وبحديث أبى هريرة ، وزيد ابن خالد [الجهنىّ (٥)] : «أن رجلا ذكر : أن ابنه زنى بامرأة رجل ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لأقضينّ بينكما بكتاب الله. فجلد ابنه مائة ، وغرّبه عاما ؛ وأمر أنيسا : أن يغدو على امرأة الآخر ؛ «فإن اعترفت : فارجمها (٦)». فاعترفت : فرجمها (٧).».
__________________
(١) رواية الرسالة : «وتغريب عام». وراجع هذا الحديث وما جاء فى نفى البكر : فى السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١٠ و ٢٢١ ـ ٢٢٣) ، والفتح (ج ١٢ ص ١٢٧ ـ ١٢٩). ثم راجع مناقشة الشافعي القيمة ـ مع من خالفه فى مسئلة النفي ـ : فى الأم (ج ٦ ص ١١٩ ـ ١٢٠).
(٢) كما فى اختلاف الحديث (ص ٢٥٠ ـ ٢٥١). وانظر الأم (ج ٦ ص ١٤٢ ـ ١٤٣).
(٣) راجع الخلاف فى ذلك : فى الفتح (ج ١٢ ص ٩٧) فهو مفيد فيما سيأتى.
(٤) راجع هذا الحديث : فى الفتح (ج ١٢ ص ١١٦ ـ ١٢٧) والسنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١١ ـ ٢١٣ و ٢٢٠). وراجع فيها (ص ٢١١) ما روى عن ابن عباس : مما يدل على أن حد الثيب الرجم فقط.
(٥) الزيادة عن رواية الأم (ج ٦ ص ١١٩). وراجع هذا الحديث : فى الرسالة (ص ٢٤٩) ، والفتح (ج ١٢ ص ١١١ ـ ١١٦) ، والسنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١٢ ـ ٢١٤ و ٢١٩ و ٢٢٢).
(٦) هذا اقتباس من كلام النبي الموجه إلى أنيس. وعبارة الشافعي فى الأم (ج ٦ ص ١١٩) ، والرسالة (ص ١٣٢) ؛ هى : «فإن اعترفت رجمها».
(٧) قال الشافعي في الأم (ج ٦ ص ١١٩) ـ بعد أن ذكر هذا الحديث ـ. «وبهذا
قال الشافعي (١) : «كان ابنه بكرا ؛ وامرأة الآخر : ثيّبا. فذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ـ عن الله جلّ ثناؤه ـ : حدّ البكر والثّيّب فى الزنا ؛ فدلّ ذلك : على مثل ما قال [عمر (٢)] : من حدّ الثّيّب فى الزنا.».
وقال فى موضع آخر (٣) (بهذا الإسناد) : «فثبت (٤) جلد مائة (٥) والنّفى : على البكرين الزانييين ؛ والرّجم : على الثّيّبين الزانييين.»
«فإن (٦) كانا ممن أريدا (٧) بالجلد : فقد نسخ عنهما الجلد (٨) مع الرجم.»
__________________
قلنا ؛ وفيه الحجة : فى أن يرجم من اعترف مرة : إذا ثبت عليها.» ؛ ثم رد على من زعم : أنه لا يرجم إلا من اعترف أربعا ؛ ومن زعم : أن الرجم لا بد أن يبدأ به الإمام ، ثم الناس. فراجعه (ص ١١٩ ـ ١٢١) ، وراجع المختصر (ج ٥ ص ١٦٦). وراجع فى ذلك كله السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١٩ ـ ٢٢٠ و ٢٢٤ ـ ٢٢٨) ، وما ذكره صاحب الجوهر النقي (ص ٢٢٦ ـ ٢٢٨). وراجع الفتح (ج ١٢ ص ١٣٠ و ١٥١).
(١) كما فى اختلاف الحديث (ص ٢٥١).
(٢) الزيادة عن اختلاف الحديث. أي : من الاقتصار على الرجم.
(٣) من الرسالة (ص ٢٥٠).
(٤) كذا بالرسالة. وفى الأصل : «فثيب» ؛ وهو تصحيف.
(٥) فى بعض نسخ الرسالة : «المائة».
(٦) فى الرسالة : «وإن». وما فى الأصل أحسن.
(٧) فى بعض نسخ الرسالة : «أريد». وكلاهما صحيح كما لا يخفى.
(٨) أي : الذي ذكر مصاحبا للرجم فى حديث عبادة. وراجع كلامه عن هذا البحث ، وإجابته عن ظاهر هذا الحديث ـ : فى اختلاف الحديث (ص ٢٥٢ ـ ٢٥٣) ، والأم (ج ٦ ص ١١٩ وج ٧ ص ٧٦) ، والسنن الكبرى (ج ٨ ص ٢١٢) ، والرسالة
«وإن لم يكونا أريدا (١) بالجلد ، وأريد به البكران (٢) ـ : فهما مخالفان للثّيّبين ؛ ورجم الثّيّبين ـ بعد آية الجلد ـ : [بما (٣)] روى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الله (عز وجل). وهذا : أشبه (٤) معانيه ، وأولاها به عندنا ؛ والله أعلم.».
* * *
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه الله) ، قال (٥) : «قال الله (تبارك وتعالى) فى المملوكات (٦) : (فَإِذا أُحْصِنَّ ، فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ : مِنَ الْعَذابِ : ٤ ـ ٢٥) (٧).»
__________________
ـ (ص ١٣١ ـ ١٣٢ و ٢٤٧ ـ ٢٥٠). ـ : ليتبين لك ما هنا.
(١) فى بعض نسخ الرسالة : «أريد». وهو خطأ وتحريف ؛ أو يكون قد سقط لفظ : «ممن».
(٢) فيكون لفظ الآية : عاما أريد به الخصوص ؛ على هذا الاحتمال ؛ دون الاحتمال الأول.
(٣) زيادة متعينة ، عن الرسالة. أي : ثبت بذلك.
(٤) كذا بالرسالة. وفى الأصل : «شبه» ؛ وهو خطأ وتحريف.
(٥) كما فى الرسالة (ص ١٣٣). وقد ذكر مختصرا فى اختلاف الحديث (ص ٢٥١ ـ ٢٥٢).
(٦) فى بعض نسخ الرسالة : «المملوكين» ؛ وهو تحريف. وفى اختلاف الحديث «الإماء».
(٧) قال فى اختلاف الحديث : «فعقلنا عن الله : أن على الإماء ضرب خمسين ، لأنه لا يكون النصف إلا لما يتجزأ. فأما الرجم فلا نصف له : لأن المرجوم قد يموت بأول حجر ، وقد لا يموت إلا بعد كثير من الحجارة».
«قال : والنّصف لا يكون إلا فى (١) الجلد : الذي يتبعّض. فأما الرّجم ـ : الذي هو (٢) : قتل. ـ : فلا نصف له (٣).».
ثم ساق الكلام ، إلى أن قال (٤) : «وإحصان الأمة : إسلامها. وإنما قلنا هذا ، استدلالا : بالسنة ، وإجماع أكثر أهل العلم.»
«ولمّا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «إذا زنت أمة أحدكم ، فتبيّن زناها : فليجلدها (٥).» ـ ولم يقل (٦) : محصنة كانت ، أو غير محصنة. ـ : استدللنا (٧) : على أن قول الله (عزّ وجلّ) فى الإماء : (فَإِذا
__________________
(١) فى الرسالة : «من». وكلاهما صحيح.
(٢) أي : نهايته القتل. وفى بعض نسخ الرسالة : «فيه» ؛ أي : فى نهايته القتل ، كما أن فى بدايته العذاب والألم. وهو أنسب للتعليل الذي سننقل بعضه. وإذن : فليس بخطأ كما زعم الشيخ شاكر.
(٣) قال فى الرسالة ، بعد ذلك : «لأن المرجوم قد يموت فى أول حجر يرمى به : فلا يزاد عليه ؛ ويرمى بألف وأكثر : فيزاد عليه حتى يموت. فلا يكون لهذا نصف محدود أبدا» إلخ. فراجعه (ص ١٣٤). وراجع كلامه عن هذا فى الرسالة (ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧) : فهو يزيد ما هنا وضوحا.
(٤) ص ١٣٥ ـ ١٣٦.
(٥) راجع فى الأم (ج ٦ ص ١٢١ ـ ١٢٢) : هذا الحديث ، ورد الشافعي على من خالفه : فى كون الرجل يحد أمته. فهو مفيد فى بعض المباحث السابقة.
(٦) كذا بالرسالة. وفى الأصل : «تقتل» ؛ وهو تحريف.
(٧) فى بعض نسخ الرسالة ، زيادة : «على أن الإحصان هاهنا : الإسلام ، دون النكاح والحرية والتحصين». وهى زيادة حسنة : إذا زيدت بعدها واو. ولعل الواو سقطت من الناسخ.
أُحْصِنَّ) : إذا أسلمن ـ لا : إذا نكحن فأصبن بالنكاح (١) ؛ ولا : إذا أعتقن. ـ : و [إن (٢)] لم يصبن.».
قال الشافعي (٣) : «وجماع الإحصان : أن يكون دون المحصن (٤) مانع من تناول المحرّم. والإسلام (٥) مانع ؛ وكذلك : الحرّيّة مانعة ؛ وكذلك : الزوجيّة (٦) ، والإصابة مانع ؛ وكذلك : الحبس فى البيوت مانع (٧) ؛ وكلّ ما منع : أحصن. قال الله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ : لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ : ٢١ ـ ٨٠) ؛ وقال عزّ وجل : (لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً ، إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ : ٥٩ ـ ١٤) ؛ أي (٨) : ممنوعة.»
«قال الشافعي : وآخر الكلام وأوّله ، يدلّان : على أن معنى
__________________
(١) كذا بالرسالة. وفى الأصل : «النكاح» ؛ والنقص من الناسخ.
(٢) زيادة متعينة ، عن الرسالة. وهذا متعلق بقوله : أسلمن ؛ أي : أن إحصان الإماء يتحقق بإسلامهن ، ولا يتوقف على إصابتهن. فتنبه. وهذا قول الشافعي المعتمد ؛ وسيأتى قوله الآخر فيما رواه يونس عنه.
(٣) كما فى الرسالة (ص ١٣٦ ـ ١٣٧). وعبارتها هى : «فإن قال قائل : أراك توقع الإحصان على معان مختلفة. قيل : نعم ، جماع الإحصان» الى آخر ما هنا.
(٤) فى الرسالة : «التحصين». وما فى الأصل أحسن.
(٥) عبارة الرسالة : «فالإسلام». وهى أحسن وأظهر.
(٦) فى الرسالة : «الزوج». وما فى الأصل أنسب.
(٧) قد تعرض لهذا فى الأم (ج ٥ ص ١٣٤) بأوضح من ذلك : فراجعه.
(٨) فى الرسالة : «يعنى».
الإحصان المذكور : عامّ (١) فى موضع دون غيره ؛ إذ (٢) الإحصان هاهنا : الإسلام ؛ دون : النكاح ، والحرّية ، والتّحصّن (٣) : بالحبس والعفاف. وهذه الأسماء : التي يجمعها اسم الإحصان (٤).».
__________________
(١) كذا بالرسالة (طبع بولاق). وهو الصحيح الظاهر. وفى الأصل : «عامة». وهو محرف عما أثبتنا. وفى نسخة الربيع وغيرها : «عاما» ؛ وهو خطأ وتحريف كما سنبين.
(٢) كذا بالرسالة (طبع بولاق) ونسخة ابن جماعة. وفى بعض النسخ : «لأن». وكلاهما صحيح. وفى الأصل كلمة مترددة بين : «إن» و «إذ». وفى نسخة الربيع : «أن» ؛ وهو خطأ وتحريف. فليس مراد الشافعي أن يقول (كما زعم الشيخ شاكر) : «إن آخر الكلام وأوله يدلان : على أن معنى الإحصان ـ الذي ذكر عاما فى موضع ، وخاصا فى آخر ـ يراد به الإسلام ، وأنه المراد بالإحصان هنا دون غيره.». فهذا ـ على تسليم صحة الإخبار والحمل ، وبصرف النظر عن التكلف المرتكب ـ غير مسلم : إذ كون الإحصان يراد به الإسلام ، وأنه المراد هنا ـ لا تتوقف معرفته على ذلك كله ؛ بل : عرف باول الكلام. وبدلالة الحديث السابق. على أنه لو كان ذلك مراده : لكان الظاهر والأخصر ، أن يقول : «... يدلان على أن الإحصان ... يراد به الإسلام إلخ».
وإنما مراده أن يقول : «إن الكلام كله قد دل : على أن معنى الإحصان قد يكون عاما ، وقد يكون خاصا. بدليل أنه فى الآية : الإسلام الذي هو عام ، دون غيره الذي هو خاص.». وأنت إذا تاملت السؤال الذي أجاب عنه الشافعي بقوله : جماع الإحصان إلخ ؛ وتاملت آخر كلامه ، وقوله الذي سننقله فيما بعد. ـ : تأكدت من أن هذا هو مراده ؛ وتيقنت : أن نسخة الربيع قد وقع فيها الخطأ والتحريف ، دون غيرها : وعلمت : أن الشيخ متأثر بان هذه النسخة معصومة عن شىء من ذلك.
(٣) فى الرسالة. «والتحصين».
(٤) راجع بهامش الرسالة ، ما نقله الشيخ شاكر عن اللسان ومفردات الراغب : فهو مفيد.
قال الشافعي (١) ـ فى قوله عز وجلّ : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ (٢) ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ : فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً الآية : ٢٤ ـ ٤) ـ : «المحصنات (٣) هاهنا : البوالغ الحرائر (٤) المسلمات (٥).».
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، قال : وقال الحسين بن محمد ـ فيما أخبرت عنه ، وقرأته فى كتابه ـ : أنا محمد بن سفيان بن سعيد أبو بكر ، بمصر ، نا يونس بن عبد الأعلى ، قال : قال الشافعي فى قوله عزّ وجلّ : (وَالْمُحْصَناتُ : مِنَ النِّساءِ ؛ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ : ٤ ـ ٢٤) : «ذوات الأزواج : من النساء» ؛ (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ : [مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ] : ٤ ـ ٢٤ ، مُحْصَناتٍ (٦) غَيْرَ مُسافِحاتٍ : ٤ ـ ٢٥) :
__________________
(١) كما فى الرسالة (ص ١٤٧).
(٢) قال فى الفتح (ج ١٢ ص ١٤٧) رميهن : «قذفهن ؛ والمراد : الحرائر العفيفات ؛ ولا يختص بالمزوجات ، بل حكم البكر كذلك : بالإجماع.».
(٣) فى نسخة الربيع : «فالمحصنات».
(٤) ذكر فى الرسالة إلى هنا ، ثم قال : «وهذا يدل : على أن الإحصان : اسم جامع لمعانى مختلفة.».
(٥) راجع كلامه عن هذا ، وعن الآية كلها : فى الأم (ج ٥ ص ١١٠ و ١١٧ و ٢٧٣ وج ٦ ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧ وج ٧ ص ٧٨ و ٨١) ؛ فهو مفيد أيضا فى بعض الأبحاث السابقة والآتية. ثم راجع السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٤٩ ـ ٢٥٣). وانظر ما تقدم (ص ٢٣٧)
(٦) قوله : (محصنات غير مسافحات) ؛ قد ورد فى الأصل : مشطوبا عليه ، ومكتوبا فوقه ما زدناه. ونرجح : أن كلا منهما مقصود بالذكر ، وأن ما حدث انما هو من تصرف الناسخ : لأنه ظن أن لفظ الآية الأولى هو المقصود فقط ؛ وفات عليه أن معنى اللفظين واحد ، وأن التفسير المذكور ـ من الناحية اللفظية
«عفائف (١) غير خبائث» ؛ (فإذا أحصنّ) قال : «فإذا نكحن» ؛ (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ : ٤ ـ ٢٥) : «غير ذوات الأزواج».
* * *
(أنا) أبو عبد الله ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (رحمه الله) ، قال (٢) : «قال الله تبارك وتعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما : جَزاءً بِما كَسَبا : ٥ ـ ٣٨).»
«ودلّت سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (٣) : أنّ المراد بالقطع فى السّرقة : من سرق من حرز (٤) ، وبلغت سرقته ربع دينار. دون غيرهما (٥) : ممن لزمه اسم سرقة (٦).».
__________________
ـ انما يلائم لفظ الآية الثانية [راجع القاموس : مادة عف] ، وأن النص هنا قد اكتفى بإثبات ما قصد شرحه : من الآيتين ؛ كما اكتفى بتفسير اللفظ الثاني. فتنبه. وراجع فى اواخر الكتاب ، ما رواه يونس أيضا عن الشافعي فى تفسير آية المائدة : (٥).
(١) قال ثعلب (كما فى المختار) : «كل امرأة عفيفة ، فهى : محصنة ومحصنة. وكل امرأة متزوجة فهى محصنة بالفتح لا غير. وقرىء : (فإذا أحصن) ـ على ما لم يسم فاعله ـ أي : زوجن.».
(٢) على ما يؤخذ من الرسالة (ص ٦٦ ـ ٦٧)
(٣) فى الرسالة زيادة : «على».
(٤) راجع كلامه المتعلق بالحرز : فى المختصر (ج ٥ ص ١٦٩ ـ ١٧٠).
(٥) كذا بالرسالة والأصل. والضمير فى كلام الرسالة ، عائد على السارق والزاني : لأن كلامها عام قد تناول أيضا آيتي النور والنساء. وأما هنا : فقد روعى فى تثنيته لفظ الآية ، أو الوصفان المذكوران. وإلا كان الظاهر إفراده. فتأمل.
(٦) قد تعرض لهذا البحث ـ بما تضمن فوائد جمة ، ومباحث هامة ـ : فى الرسالة
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (١) : «قال الله عز وجل : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً : أَنْ يُقَتَّلُوا ، أَوْ يُصَلَّبُوا ، أَوْ (٢) تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ : ٥ ـ ٣٣) (٣).»
«قال الشافعي (٤) : أنا إبراهيم (٥) ، عن صالح مولى التّوأمة ، عن ابن عباس ـ فى قطّاع الطريق ـ : إذا قتلوا وأخذوا المال : قتّلوا وصلّبوا ؛ وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال : قتّلوا ولم يصلّبوا ؛ وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا : قطّعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ؛ [وإذا هربوا : طلبوا ، حتى
__________________
ـ (ص ١١٢ و ٢٢٣ ـ ٢٢٤ و ٢٣٣ و ٥٤٧) ، واختلاف الحديث (ص ٤٤ و ٥٠) ، والأم (ج ٥ ص ٢٤ وج ٧ ص ٢٠). فراجعه ؛ ثم راجع السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٦ و ٢٥٩ و ٢٦٢ ـ ٢٦٦). وراجع فى الفتح (ج ١٢ ص ٧٩ ـ ٨٩) : الكلام على تفسير الآية ، وشرح الأبحاث المتعلقة بها. فهو فى غاية الجودة والشمول.
(١) كما فى الأم (ج ٦ ص ١٣٩ ـ ١٤٠).
(٢) فى الأم : «الآية».
(٣) راجع فيمن نزلت فيه هذه الآية ، ما روى عن قتادة وابن عباس وغيرهما : فى السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٨٢ ـ ٢٨٣). ثم راجع الخلاف فى ذلك : فى الفتح (ج ١٢ ص ٩٠ وج ٨ ص ١٩٠ وج ١ ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧). لفائدته فى بعض مسائل الجهاد الآتية.
(٤) كما فى السنن الكبرى أيضا (ص ٢٨٣). وقد ذكر فى المختصر (ج ٥ ص ١٧٢ ـ ١٧٣).
(٥) هو ابن أبي يحيي كما فى السنن الكبرى. وقد وقع خطأ فى اسم أبيه ، بهامش صفحة (٩٨) بسبب متابعتنا هامش الأم. فليصحح.
يوجدوا ؛ فتقام عليهم الحدود (١)] ؛ وإذا أخافوا (٢) السبيل ، ولم يأخذوا مالا : نفوا من الأرض (٣).»
«قال الشافعي : وبهذا نقول ؛ وهو : موافق معنى كتاب الله (عز وجل). وذلك : أن الحدود إنما نزلت : فيمن أسلم ؛ فأما أهل الشرك : فلا حدود لهم ، إلا : القتل ، والسبي (٤) ، والجزية.»
«واختلاف (٥) حدودهم : باختلاف أفعالهم ؛ على ما قال ابن عباس إن شاء الله عز وجل.»
«قال (٦) الشافعي (رحمه الله) : قال الله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ : ٥ ـ ٣٤) ؛ فمن تاب (٧) قبل أن يقدر عليه : سقط
__________________
(١) الزيادة عن الأم. وعبارة المختصر ، هى : «ونفيهم إذا هربوا : أن يطلبوا حتى يوجدوا ؛ فيقام عليهم الحدود». وهذه الزيادة قد وردت مختصرة ـ بلفظ : «ونفيه أن يطلب». ـ فى رواية ثانية عن ابن عباس بالسنن الكبرى. وهى مفيدة ومؤيدة لرأى الشافعي فى مسئلة التوبة الآتية. فراجعها.
(٢) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «خافوا» ؛ وهو خطا ؛ والنقص من الناسخ. وهذا إلخ لم يرد فى المختصر. وقد ورد بدله ـ فى رواية ثالثة مختصرة عن ابن عباس ، بالسنن الكبرى ـ قوله : «فإن هرب وأعجزهم : فذلك نفيه.».
(٣) انظر فى السنن الكبرى ، ما روى عن على وقتادة : فهو مفيد فى الموضوع.
(٤) فى الأم : «أو السباء» ؛ وهو أحسن.
(٥) هذا إلى آخره ذكر فى السنن الكبرى.
(٦) هذا إلى ابتداء الآية غير موجود بالأم.
(٧) قال فى الأم (ج ٤ ص ٢٠٣) : «فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم : سقط عنهم ما لله : من هذه الحدود ؛ ولزمهم ما للناس : من مال أو جرح أو نفس ؛ حتى يكونوا يأخذونه أو يدعونه.».
حدّ (١) الله [عنه (٢)] ، وأخذ بحقوق بنى آدم (٣).»
«ولا يقطع من قطّاع الطريق ، إلا : من أخذ قيمة ربع دينار فصاعدا. قياسا على السّنة : فى السارق (٤).».
(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٥) : «ونفيهم : أن يطلبوا ، فينفوا من بلد إلى بلد. فإذا ظفر بهم : أقيم (٦) عليهم أىّ هذه الحدود كان حدّهم (٧).».
قال الشافعي (٨) : «وليس لأولياء الذين قتلهم قطاع الطريق ، عفو :
__________________
(١) فى الأم : «حق».
(٢) الزيادة عن الأم.
(٣) حكى الشافعي عن بعض أصحابه ، أنه قال : «كل ما كان لله ـ : من حد. ـ سقط بتوبته ؛ وكل ما كان للادميين لم يبطل». ثم اختاره. انظر السنن الكبرى (ج ٨ ص ١٨٤). وراجع فيها : ما يؤيده : من قول على وأبى موسى ؛ وما يعارضه : من قول ابن جبير وعروة وإبراهيم النخعي.
(٤) قال فى الأم ، بعد ذلك : «والمحاربون الذين هذه حدودهم : القوم يعرضون بالسلاح للقوم ، حتى يغصبوهم (المال) مجاهرة ، فى الصحارى والطرق.» إلخ. فراجعه لفائدته. وقد ذكر نحوه فى المختصر (ج ٥ ص ١٧٣)
(٥) كما فى الأم (ج ٤ ص ٢٠٣) : بعد أن ذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس ، وقبل ما نقلناه عنه فى بحث التوبة.
(٦) فى الأم : «أقيمت». والتأنيث بالنظر إلى المضاف إليه.
(٧) راجع فى الفتح (ج ١٢ ص ٩٠) : الخلاف فى مسئلة النفي.
(٨) كما فى الأم (ج ٤ ص ٢٠٤). وراجع (ص ٢٠٣) : كلامه المتعلق : بأن لا عقوبة على من كان عليه قصاص فعفى عنه ؛ وأن إلى الوالي : قتل من قتل على المحاربة ، لا ينتظر به ولى المقتول. ورده على من زعم : أن للولى قتل القاتل غيلة ، كذلك.
لأن الله حدّهم : بالقتل ، أو : بالقتل والصّلب ، أو : القطع. ولم يذكر الأولياء ، كما ذكرهم في القصاص ـ فى الآيتين ـ فقال : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً : فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً : ١٧ ـ ٣٣) ؛ وقال في الخطإ : (وَدِيَةٌ (١) مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ؛ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا : ٤ ـ ٩٢). وذكر القصاص فى القتلى (٢) ، ثم قال : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ : فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ : ٢ ـ ١٧٨)».
فذكر ـ فى الخطإ والعمد ـ أهل الدم ، ولم يذكرهم فى المحاربة. فدلّ : على أن حكم قتل (٣) المحاربة ، مخالف لحكم قتل غيره. والله أعلم.».
(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي (٤) :
__________________
وتبيينه : أن كل مقتول قتله غير المحارب ، فالقتل فيه إلى ولى المقتول. وانظر أيضا السنن الكبرى (ج ٨ ص ٥٧). ليتضح لك الكلام ، وتلم بأطرافه.
(١) في الأصل والأم : «فدية». وهو تحريف ناشىء عن الاشتباه بما فى آخر الآية.
(٢) كذا بالأم. وهو الظاهر الموافق للفظ الآية. وفى الأصل : «القتل». وهو مع صحته ، لا نستبعد أنه محرف.
(٣) كذا بالأم. وفى الأصل : «قبل». وهو تصحيف.
(٤) كما فى الأم (ج ٧ ص ٨٦) : بعد أن ذكر قوله تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) الآيات الثلاث ؛ ثم حديث أبى رمثة : «دخلت مع أبى ، على النبي ، فقال له : من هذا؟ فقال : ابني يا رسول الله ، أشهد به. فقال النبي : أما إنه لا يجنى عليك ، ولا تجنى عليه.». هذا ؛ وقال فى اختلاف الحديث ـ فى آخر بحث تعذيب الميت ببكاء أهله : (ص ٢٦٩) ؛ عقب هذا الحديث ـ : «فأعلم رسول الله ، مثل ما أعلم الله : من أن
أنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمر بن أوس ؛ قال : كان الرجل يؤخذ بذنب غيره ، حتى جاء إبراهيم (صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله) : فقال الله عز وجل : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى : ٥٣ ـ ٣٧ ـ ٣٨).»
«قال الشافعي (١) (رحمه الله) : والذي سمعت (والله أعلم) ـ فى قول الله عز وجل : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). ـ : أن لا يؤخذ أحد بذنب غيره (٢) ؛ وذلك : فى بدنه ، دون ماله. فإن (٣) قتل (٤) ، أو كان (٥) حدا : لم يقتل به غيره (٦) ، ولم يحدّ بذنبه : فيما بينه وبين الله (عز وجلّ). [لأن الله (٧)] جزى العباد على أعمال (٨) أنفسهم ، وعاقبهم عليها.»
__________________
جناية كل امرئ عليه ، كما عمله له : لا لغيره ، ولا عليه.». وانظر السنن الكبرى (ج ٨ ص ٢٧ و ٣٤٥ وج ١٠ ص ٥٨).
(١) كما ذكر فى السنن الكبرى (أيضا) مختصرا : (ج ٨ ص ٣٤٥).
(٢) فى السنن الكبرى ، بعد ذلك : «لأن الله عز وجل جزى العباد» إلى قوله : «عاقلته».
(٣) فى الأم : «وإن». وما فى الأصل أحسن.
(٤) كذا بالأم. وفى الأصل : «قيل». وهو تصحيف.
(٥) أي : كان ذنبه يستوجب الحد.
(٦) فى الأم زيادة : «ولم يؤخذ».
(٧) زيادة متعينة : وعبارة الأم : «لأن الله جل وعز إنما جعل جزاء» إلخ. وهى أحسن.
(٨) كذا بالأم والسنن الكبرى. وفى الأصل : «أعمالهم» ، ولا نستبعد تحريفه.
«وكذلك أموالهم : لا يجنى أحد على أحد ، فى (١) مال ، إلا : حيث خصّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بأن جناية الخطإ ـ من الحر ـ على الآدميّين : على عاقلته (٢).»
«فأما [ما (٣)] سواها : فأموالهم ممنوعة من أن تؤخذ : بجناية غيرهم.»
«وعليهم ـ فى أموالهم ـ حقوق سوى هذا : من ضيافة ، وزكاة ، وغير ذلك. وليس من وجه الجناية.».
* * *
__________________
(١) كذا بالسنن الكبرى. وفى الأم : «فى ماله». وهو أظهر. وفى الأصل : «من مال» والظاهر أنه محرف.
(٢) راجع كلامه عن حقيقة العاقلة ، وأحكامها : في الأم (ج ٦ ص ١٠١ ـ ١٠٣) ، والمختصر (ج ٥ ص ١٤٠). فهو نفيس جيد. وانظر فتح الباري (ج ١٢ ص ١٩٩) ، والسنن الكبرى (ج ٨ ص ١٠٦ ـ ١٠٧).
(٣) زيادة حسنة ، عن الأم.
بعون الله سبحانه وتعالى وتوفيقه ـ تم طبع الجزء الأول ـ
من أحكام القرآن للامام الشافعى رضى الله عنه
ويليه الجزء الثاني وأوله: ما يؤثر عنه في السير والجهاد