أحكام القرآن - ج ١

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي

أحكام القرآن - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

ومجاهد (١)].

وقال ـ فى رواية الزّعفرانىّ عنه ـ : «وسمعت من أرضى ، يقول : الذي بيده عقدة النكاح : الأب فى ابنته البكر ، والسيد فى أمته (٢) ؛ فعفوه جائز (٣).».

* * *

(وأنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، قال : قال الشافعي (٤) : «قال الله عز وجل : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ : حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ : ٢ ـ ٢٤١) ؛ وقال عز وجل : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ وَمَتِّعُوهُنَّ) الآية (٥)

«فقال عامة من لقيت ـ : من أصحابنا ـ : المتعة [هى (٦)] : للتى [لم (٧)] يدخل بها [قطّ (٨)] ، ولم يفرض لها مهر ، وطلّقت (٩). وللمطلقة

__________________

(١) الزيادة عن المختصر. وقد روى هذا أيضا : عن طاوس ، والشعبي ، ونافع بن جبير ، ومحمد بن كعب. كما فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٥١).

(٢) انظر الأم (ج ٥ ص ١٩١).

(٣) انظر فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٥٢) : ما ورد فى ذلك عن ابن عباس وغيره ؛ وما حكاه عن الشافعي فى القديم.

(٤) كما فى الأم (ج ٧ ص ٢٨).

(٥) تمامها : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ، وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ؛ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ ، حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) : (٢ ـ ٢٣٦).

(٦) الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.

(٧) الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.

(٨) الزيادة عن الأم ؛ وبعضها ضروري ، وبعضها حسن كما لا يخفى.

(٩) فى الأم : «فطلقت». وراجع الأم (ج ٥ ص ٦٢) : ففيها فوائد كثيرة.

٢٠١

المدخول (١) بها : المفروض لها ؛ بأن الآية (٢) عامة على المطلقات (٣).» ورواه عن ابن عمر (٤).

وقال فى كتاب الصّداق (٥) (بهذا الإسناد) ـ فيمن نكح امرأة بصداق فاسد ـ : «فإن (٦) طلقها قبل أن يدخل بها : فلها نصف مهر مثلها ؛ ولا متعة [لها (٧)] فى قول من ذهب : إلى أن لا متعة للتى (٨) فرض لها : إذا طلقت قبل (٩) أن تمسّ ولها المتعة فى قول من قال : المتعة لكل مطلقة.».

وروى (١٠) القول الثاني عن ابن شهاب الزّهرىّ (١١) ؛ وقد ذكرنا إسناده فى ذلك ، فى كتاب : (المعرفة)

__________________

(١) كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «الدخول». وهو تحريف.

(٢) كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «بالآية».

(٣) قال فى الأم بعد ذلك : «لم يخصض منهن واحدة دون أخرى ، بدلالة : من كتاب الله (عز وجل) ولا أثر.». وراجع بقية كلامه فهو مفيد جدا ؛ وراجع الأم (ج ٧ ص ٢٣٧).

(٤) أخرج الشافعي عنه ـ من طريق مالك عن نافع ـ أنه قال : «لكل مطلقة متعة ؛ إلا التي تطلق : وقد فرض لها الصداق ولم تمس ؛ فحسبها ما فرض لها.». انظر الأم (ج ٧ ص ٢٣٧ و ٢٨) ، والمختصر (ج ٤ ص ٣٨) وقال فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٥٧) ـ بعد أن رواه من هذا الطريق أيضا ـ : «وروينا هذا القول : من التابعين ؛ عن القاسم بن محمد ، ومجاهد ، والشعبي.».

(٥) من الأم (ج ٥ ص ٦١).

(٦) فى الأم : «وإن».

(٧) زيادة حسنة ، عن الأم.

(٨) كذا بالأم. وفى الأصل : «التي». وهو تحريف.

(٩) فى الأم : «قبل تمس».

(١٠) فى كتاب : (اختلاف مالك والشافعي) ؛ الملحق بالأم (ج ٧ ص ٢٣٧).

(١١) ورواه أيضا فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٥٧) عن أبى العالية ، والحسن.

٢٠٢

وحمل المسيس المذكور فى قوله : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ : وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ؛ فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ : ٢ ـ ٢٣٧). ـ : على الوطء (١). ورواه عن ابن عباس ، وشريح (٢). وهو بتمامه ، منقول فى كتاب : (المعرفة) و (المبسوط) ؛ مع ما ذهب إليه فى القديم.

* * *

(أنا) أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (٣) : قال الله عز وجل : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ : ٤ ـ ١٩) (٤) ؛ وقال : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ : ٢ ـ ٢٢٩)

«قال : وجماع (٥) المعروف : إتيان ذلك بما يحسن لك ثوابه ؛ وكفّ المكروه.».

وقال فى موضع آخر (٦) (فيما هو لى : بالإجازة ؛ عن أبى عبد الله) : «وفرض الله : أن يؤدى كلّ ما عليه : بالمعروف.»

__________________

(١) انظر المختصر والأم (ج ٥ ص ١٦ و ١٩٧).

(٢) راجع ما روى عنهما فى الأم ، والمختصر ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥). وراجع أيضا الأم (ج ٧ ص ١٨).

(٣) كما فى الأم (ج ٥ ص ٩٥).

(٤) انظر الأم (ج ٥ ص ١٠١).

(٥) قال قبل ذلك ـ فى الأم (ص ٩٥) ـ : «وأقل ما يجب فى أمره : بالعشرة بالمعروف. ـ : أن يؤدى الزوج إلى زوجته ، ما فرض الله لها عليه : من نفقة وكسوة ؛ وترك ميل ظاهر : فإنه يقول جل وعز : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ : ٤ ـ ١٢٩).

(٦) من الأم (ج ٥ ص ٧٧).

٢٠٣

وجماع المعروف : إعفاء صاحب الحق من المئونة فى طلبه ، وأداؤه إليه : بطيب النفس. لا : بضرورته (١) إلى طلبه ؛ ولا : تأديته : بإظهار الكراهية لتأديته.»

«وأيّهما ترك : فظلم ؛ لأن مطل الغنىّ ظلم ؛ ومطله (٢) تأخير (٣) الحق. قال : وقال (٤) الله عز وجل : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ والله أعلم ؛ [أي (٥)] : فما لهنّ مثل ما عليهنّ (٦) : من أن يؤدّى إليهنّ بالمعروف.».

وفى رواية المزنىّ ، عن الشافعي (٧) : «وجماع المعروف بين الزوجين : كفّ المكروه ، وإعفاء صاحب الحق من المئونة فى طلبه. لا : بإظهار الكراهية فى تأديته. فأيّهما مطل بتأخيره : فمطل الغنىّ ظلم.».

وهذا : مما كتب إلىّ أبو نعيم الأسفراينىّ : أن أبا عوانة أخبرهم عن المزني ، عن الشافعي. فذكره.

* * *

__________________

(١) أي : باضطراره. وفى الأصل : «بضرورية». وهو تحريف ، والتصحيح عن الأم.

(٢) كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «ومظلمة». وهو تحريف.

(٣) فى الأم «تأخيره» ولا فرق فى المعنى

(٤) كذا بالأصل. وهو الظاهر. وفى الأم : «فى قوله».

(٥) الزيادة عن الأم.

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «لهن ما لهن عند ما عليهن» ، وهو محرف وغير ظاهر.

(٧) كما فى المختصر (ج ٤ ص ٤١ ـ ٤٢) ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٩١).

٢٠٤

(أنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (١) : «قال الله عز وجل : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً : ٤ ـ ١٢٨)

«(أنا) ابن عيينة ، عن الزهريّ ، عن ابن المسيّب ـ : أن بنت (٢) محمد بن مسلمة ، كانت عند رافع بن خديج ، فكره منها أمرا ؛ إما كبرا أو غيره ؛ فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقنى ، وأمسكنى ؛ واقسم لى ما بدا لك (٣). فأنزل الله عز وجل : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) (٤) الآية (٥)

* * *

(أخبرنا) أبو سعيد بن أبى عمرو ، نا أبو العباس الأصمّ ، أنا الربيع ، نا الشافعي ، قال : «وزعم (٦) بعض أهل العلم بالتفسير : أن قول الله عز وجل : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ : ٤ ـ ١٢٩) :

__________________

(١) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٧١).

(٢) فى الأم ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٩٦) : «ابنة».

(٣) كذا بالأم والسنن الكبرى ، وفى الأصل : «ما بداك». وهو تحريف.

(٤) راجع فى السنن الكبرى ، ما رواه عن ابن المسيب : فهو مفيد.

(٥) تمامها : (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ؛ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ؛ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا : فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).

(٦) عبارته فى الأم (ج ٥ ص ٩٨) ـ بعد أن ذكر الآية الكريمة ـ : «فقال ... لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء بما فى القلوب». وعبارة المختصر (ج ٤ ص ٤٢) قريب منها. وانظر السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٩٧ ـ ٢٩٨).

٢٠٥

أن تعدلوا بما فى القلوب (١) ؛ لأنكم لا تملكون ما فى القلوب (٢) : حتى يكون مستويا.»

«وهذا ـ إن شاء الله عز وجل ـ : كما قالوا ؛ وقد تجاوز الله (عز وجل) لهذه الأمّة ، عما حدّثت به نفسها : ما لم تقل أو تعمل (٣) ؛ وجعل المأثم : إنما هو فى قول أو فعل.»

«وزعم بعض أهل العلم بالتفسير : أن قول الله عز وجل : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ (٤) : ٤ ـ ١٢٩) : ـ إن تجوّز (٥) لكم عما فى القلوت ـ : فتتّبعوا أهواءها (٦) ، فتخرجوا إلى الأثرة بالفعل : (فتذروها

__________________

(١) عبارته في الأم (ج ٥ ص ١٧٢) ـ وهى التي ذكر بقيتها فيما سيأتى قريبا ـ : «لن تستطيعوا إنما ذلك فى القلوب» ؛ ولا فرق فى المعنى.

(٢) عبارة الأم (ص ٩٨) : «فإن الله تجاوز للعباد عما فى القلوب». وذكر معناها فى المختصر. ثم إن ما ذكر فى الأصل ـ من هنا إلى قوله الآتي : وعنه فى موضع آخر. ـ غير موجود فى كتب الشافعي التي بأيدينا على ما نعتقد.

(٣) هذا موافق لحديث أبى هريرة : «تجاوز الله لأمتى ما حدثت به أنفسها : ما لم تكلم به ، أو تعمل به.». وانظر السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٠٩ و ٢٩٨) ، وفتح الباري (ج ١١ ص ٤٤٠). وأنظر أيضا ما ذكر فى سنن الشافعي (ص ٧٣)

(٤) لكل من الطبري والنيسابورى ـ فى التفسير (ج ٥ ص ٢٠٣) ـ كلام واضح جيد ، يفيد فى المقام. فارجع إليه. ولو لا خشية الخروج عن غرضنا لنقلناه.

(٥) فى الأصل : «يجوز». وهو تحريف.

(٦) فى الأصل : «فتتبعوها أهواها». وهو تحريف. وعبارة الأم (ص ٩٨) : «(فلا تميلوا) : تتبعوا أهواءكم ؛ (كل الميل) : بالفعل مع الهوى.». وقال فيها ـ بعد أن ذكر : أن على الرجل أن يعدل فى القسم لنسائة ؛ بدلالة السنة والإجماع. ـ : «فدل ذلك : على أنه إنما أريد به ما فى القلوب : مما قد تجاوز الله للعباد عنه ، فيما هو أعظم من الميل على النساء.».

٢٠٦

كالمعلّقة). وهذا ـ إن شاء الله تعالى (١) ـ عندى (٢) : كما قالوا.»

وعنه في موضع آخر (٣) : «فقال (٤) : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) : لا تتبعوا أهواءكم ، أفعالكم (٥) : فيصير الميل بالفعل الذي ليس لكم : (فتذروها كالمعلّقة).»

«وما أشبه ما قالوا ـ عندى ـ بما قالوا ؛ لأن الله (تعالى) تجاوز عما فى القلوب ، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل. وإذا (٦) مال بالقول والفعل : فذلك كلّ الميل (٧).».

* * *

(أنبأنى) أبو عبد الله الحافظ (إجازة) : أن أبا العباس (محمد بن يعقوب) حدثهم : أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، قال (٨) : «قال الله عز وجل : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ : بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) إلى قوله (٩)

__________________

(١) فى الأصل : «لعله». وهو محرف عما أثبتنا على ما يظهر.

(٢) فى الأصل : «وعندى». والزيادة من الناسخ.

(٣) من الأم (ج ٥ ص ١٧٢)

(٤) هذا غير موجود فى الأم

(٥) كذا بالمختصر أيضا.

(٦) فى الأم ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٩٨) : «فإذا». وقال فى المختصر : «فإذا كان الفعل والقول مع الهواء : فذلك كل الميل.» إلخ ؛ فراجعه.

(٧) انظر ما ذكره فى الأم بعد ذلك ؛ وراجع فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩) ما ورد فى ذلك : من الأحاديث والآثار.

(٨) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٠٠)

(٩) فى الأم : «إلى قوله سبيلا». وتمام المحذوف : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ؛ فَالصَّالِحاتُ : قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ).

٢٠٧

(وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ (١) : فَعِظُوهُنَّ ، وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ (٢). فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ : فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً (٣) : ٤ ـ ٣٤)

«قال الشافعي : [قوله (٤)] : (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) ؛ يحتمل : إذا رأى الدلالات ـ فى أفعال المرأة وأقاويلها (٥) ـ على النشوز ، وكان (٦) للخوف موضع ـ : أن يعظها ؛ فإن أبدت نشوزا : هجرها ؛ فإن أقامت عليه : ضربها.»

__________________

(١) قال فى الأم (ج ٥ ص ١٧٦) : «وأشبه ما سمعت فى هذا القول ـ : أن لخوف النشوز دلائل ؛ فإذا كانت : فعظوهن ؛ لأن العظة مباحة. فإن لججن ـ : فأظهرن نشوزا بقول أو فعل. ـ : فاهجروهن فى المضاجع. فإن أقمن بذلك ، على ذلك : فاضربوهن. وذلك بين : أنه لا يجوز هجرة فى المضجع ـ وهو منهى عنه ـ ولا ضرب : إلا بقول ، أو فعل ، أو هما. ويحتمل فى (تخافون نشوزهن) : إذا نشزن ، فأبن النشوز ـ فكن عاصيات به ـ : أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب.» ؛ ثم قال بعد ذلك بقليل : «ولا يجوز لأحد أن يضرب ، ولا يهجر مضجعا : بغير بيان نشوزها.» ا ه باختصار يسير. وانظر ما قاله بعد ذلك.

(٢) انظر كلامه عن ضرب النساء خاصة ، فى الأم (ج ٦ ص ١٣١) فهو مفيد فى المقام.

(٣) ارجع في ذلك ، إلى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٠٣ ـ ٣٠٥) ؛ وقف على أثر ابن عباس.

(٤) فى الأم (ج ٥ ص ١٠٠) : «قال الله عز وجل». ولعل «قال» محرف عما زدناه للايضاح.

(٥) فى الأم : «فى إيغال المرأة وإقبالها». وما فى الأصل هو الظاهر ، ويؤكده قوله فى المختصر (ج ٤ ص ٤٧) : «فإذا رأى منها دلالة على الخوف : من فعل أو قول ؛ وعظها» إلخ.

(٦) فى الأم : «فكان». وما فى الأصل أحسن.

٢٠٨

«وذلك : أن العظة مباحة قبل فعل (١) المكروه ـ : إذا رؤيت (٢) أسبابه ، وأن لا مؤنة فيها عليها تضرّ بها (٣). وإن العظة غير محرمة [من المرء (٤)] لأخيه : فكيف لامرأته؟!. والهجر لا يكون (٥) إلا بما (٦) يحل به : لأن الهجرة محرمة ـ فى غير هذا الموضع ـ فوق ثلاث (٧). والضرب لا يكون إلا ببيان الفعل»

«[فالآية فى العظة ، والهجرة ، والضرب على بيان الفعل (٨)] : تدل (٩) على أن حالات المرأة فى اختلاف ما تعاتب فيه وتعاقب ـ : من العظة ، والهجرة ، والضرب. ـ : مختلفة. فإذا اختلفت : فلا يشبه معناها إلا ما وصفت.»

«وقد يحتمل قوله تعالى : (تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ) : إذا نشزن ، فخفتم

__________________

(١) فى الأم : «الفعل». والمؤدى واحد.

(٢) كذا بالأم. وفى الأصل : «وإذا رأيت». وهو خطأ وتحريف.

(٣) كذا بالأم. وعبارة الأصل : «فإن الأمور به فيها كلها بضربها». وهى محرفة خفية.

(٤) زيادة حسنة ، عن الأم.

(٥) فى الأم : «والهجرة لا تكون». ولا فرق بينهما.

(٦) كذا بالأم. وفي الأصل : «فيما». وهو تحريف.

(٧) كما يدل عليه حديث الصحيحين المشهور : «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث : يلتقيان ، فيعرض هذا ، ويعرض هذا. وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».

(٨) زيادة عن الأم : يتوقف عليها ربط الكلام ، وفهم المقام.

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «يدل». وهو تحريف. وقال فى المختصر (ج ٤ ص ٤٦ ـ ٤٧) ـ بعد أن ذكر الآية الشريفة ـ : «وفى ذلك ، دلالة : على اختلاف حال المرأة فيما تعاقب فيه ، وتعاقب عليه.» إلى آخر ما ذكرناه قبل ذلك.

٢٠٩

لجاجتهن (١) فى النشوز ـ : أن يكون لكم جمع العظة ، والهجرة ، والضرب (٢).».

* * *

وبإسناده ، قال : [قال] : الشافعي (٣) (رحمه الله) : «قال الله تبارك وتعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ؛ إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً : يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) (٤) الآية (٥)

«الله أعلم بمعنى ما أراد : من خوف الشقاق الذي إذا بلغاه : أمره أن يبعث حكما من أهله ، وحكما من أهلها.»

«والذي يشبه (٦) ظاهر الآية (٧) : فما عمّ الزوجين [معا ، حتى يشتبه

__________________

(١) كذا بالأم والمختصر. وفى الأصل : «إذا نشزت فخفتم لحاجتهن». وهو تحريف.

(٢) انظر ما ذكره فى الأم بعد ذلك ، وما ذكره فيها (ج ٥ ص ١٧٣) : فهو مفيد فى بحث القسم للنساء.

(٣) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٠٣).

(٤) راجع فى ذلك ، السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٠٥ ـ ٣٠٧) : ففيها فؤائد كثيرة.

(٥) تمامها : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً : ٤ ـ ٣٥).

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «يشير». وهو تحريف.

(٧) قال فى الأم (ج ٥ ص ١٧٧) : «فأما ظاهر الآية : فإن خوف الشقاق بين الزوجين : أن يدعى كل واحد منهما على صاحبه منع الحق ؛ ولا يطيب واحد منهما لصاحبه : بإعطاء ما يرضى به ؛ ولا ينقطع ما بينهما : بفرقة ، ولا صلح ، ولا ترك القيام بالشقاق. وذلك أن الله (عز وجل) أذن فى نشوز المرأة : بالعظة والهجرة والضرب ؛ ولنشوز الرجل : بالصلح.» إلخ فراجعه : فإنه مفيد ، ومعين على فهم ما هنا.

٢١٠

فيه حالاهما ـ : من (١) الإباية (٢).]»

«[وذلك : أنى وجدت الله (عز وجل) أذن فى نشوز الزوج (٣)] : بأن (٤) يصطلحا (٥) ؛ وأذن فى نشوز المرأة : بالضرب ؛ وأذن ـ فى خوفهما (٦) : أن لا يقيما حدود [الله] (٧) ـ : بالخلع (٨).».

ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : «فلما أمر فيمن خفنا الشقاق بينه (٩) : بالحكمين ؛ دل (١٠) ذلك : على أن حكمهما [غير حكم الأزواج غيرهما (١١)] : أن يشتبه (١٢) حالاهما فى الشقاق : فلا (١٣) يفعل (١٤) الرجل : الصلح (١٥)

__________________

(١) عبارة الأم (ج ٥ ص ١٠٣) : «الآية». وفيها تحريف ونقص ؛ ويدل على صحة ما أثبتناه ما سننقله قريبا عن الأم.

(٢) الزيادة عن الأم.

(٣) الزيادة عن الأم.

(٤) فى الأم : «أن».

(٥) فى الأم زيادة : «وسن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك».

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «خوفها». وهو تحريف ،

(٧) الزيادة عن الأم.

(٨) انظر ما ذكره بعد ذلك ، فى الأم.

(٩) فى المختصر (ج ٤ ص ٤٨) : «بينهما». ولا فرق : فقد روعى هنا لفظ «من».

(١٠) فى الأصل : «وذلك» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.

(١١) الزيادة حسنة ، عن الأم والمختصر. وقال بعد ذلك ، فى الأم : «وكان يعرفهما بإباية الأزواج : أن يشتبه» إلى اخر ما فى الأصل. وهو تفسير للاباية والحكم.

(١٢) فى المختصر : «فإذا اشتبه».

(١٣) فى المختصر «فلم».

(١٤) كذا بالأم والمختصر ، وفى الأصل : «يصل». وهو تحريف.

(١٥) كذا بالأصل والمختصر. وفى الأم : «الصفح».

٢١١

ولا الفرقة ؛ ولا المرأة : تأدية الحق ولا الفدية (١) ؛ ويصيران (٢) ـ : من القول والفعل. ـ إلى ما لا يحل لهما ، ولا يحسن (٣) ؛ ويتماديان (٤) فيما ليس لهما : فلا (٥) يعطيان حقا ، ولا يتطوعان [ولا واحد منهما ، بأمر : يصيران به فى معنى الأزواج غيرهما (٦).].»

«فإذا كان هكذا : بعث حكما من أهله ، وحكما من أهلها. ولا يبعثهما (٧) : إلا مأمونين ، وبرضا (٨) الزوجين. ويوكلهما (٩) الزوجان : بأن يجمعا ، أو يفرّقا : إذا رأيا ذلك (١٠).».

__________________

(١) قال فى الأم ، بعد ذلك : «أو تكون الفدية لا تجوز : من قبل مجاوزة الرجل ماله : من أدب المرأة ؛ وتباين حالهما فى الشقاق. والتباين هو ما يصيران فيه» إلى آخر ما فى الأصل.

(٢) فى المختصر : «وصارا».

(٣) فى الأم زيادة : «ويمتنعان كل واحد منهما ، من الرجعة».

(٤) فى المختصر : «وتماديا ، بعث الإمام حكما» إلخ.

(٥) فى الام : «ولا». وما فى الأصل أحسن وأظهر.

(٦) الزيادة عن الأم.

(٧) فى الأم : «ولا يبعث الحكمان».

(٨) فى الأصل : «ورضى». وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم والمختصر.

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «وتوكيلهما». وهو تحريف. وفى المختصر : «وتوكيلهما إياهما» ؛ أي : الحكمين.

(١٠) نقل فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٠٧) عن الحسن ، أنه قال : «إنما عليهما : أن يصلحا ، وأن ينظرا فى ذلك. وليس الفرقة فى أيديهما» ؛ ثم قال البيهقي : «هذا خلاف ما مضى (أي : من أن لهما الفرقة.) وهو أصح قولى الشافعي رحمه الله. وعليه يدل ظاهر ما رويناه عن على (رضى الله عنه) : إلا أن يجعلاها إليهما. والله أعلم» ا هـ. وقال فى الأم (ج ٥ ص ١٧٧) تعليلا لذلك : «وذلك : أن الله (عز وجل) إنما ذكر : أنهما (إن يريدا إصلاحا : يوفق الله بينهما) ؛ ولم يذكر تفريقا.».

٢١٢

وأطال الكلام فى شرح ذلك (١) ، ثم قال فى آخره (٢) : «ولو قال قائل : يجبرهما السلطان على الحكمين ؛ كان مذهبا (٣)».

* * *

وبإسناده ، قال : قال الشافعي (٤) : «قال الله عز وجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ : كَرْهاً ؛ وَلا تَعْضُلُوهُنَّ : لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ ؛ إِلَّا (٥) : أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : ٤ ـ ١٩)

«يقال (٦) (والله أعلم) : نزلت فى الرجل : يكره المرأة ، فيمنعها ـ : كراهية لها. ـ حقّ الله (عز وجل) : فى عشرتها بالمعروف ؛ ويحبسها (٧) ـ : مانعا حقها. ـ : ليرثها ؛ عن (٨) [غير (٩)] طيب نفس منها ، بإمساكه إياها على المنع.»

«فحرّم الله (عز وجل) ذلك : على هذا المعنى ؛ وحرّم على الأزواج :

__________________

(١) انظر الأم (ج ٥ ص ١٠٣ ـ ١٠٤) ، والمختصر (ج ٤ ص ٤٨ ـ ٥٠).

(٢) ص ١٠٤

(٣) كذا بالأم. وفى الأصل : «مذهبنا». وهو تحريف.

(٤) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٠٤ ـ ١٠٥).

(٥) فى الأم : إلى كثيرا».

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «قال». وهو تحريف.

(٧) عبارته فى الأم (ج ٥ ص ١٧٨) ـ بعد أن ذكر قريبا مما تقدم ـ : «ويحبسها لتموت : فيرثها ، أو يذهب ببعض ما آتاها.».

(٨) فى الأم : «من».

(٩) زيادة متعينة ، عن الأم.

٢١٣

أن يعضلوا النساء : ليذهبوا ببعض ما أوتين (١) ؛ واستثنى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)

«[وإذا أتين بفاحشة مبيّنة (٢)] ـ وهى : الزنا. ـ فأعطين بعض (٣) ما أوتين ـ : ليفارقن. ـ : حل ذلك إن شاء الله. ولم يكن (٤) معصيتهن الزوج ـ فيما يجب له ـ بغير فاحشة : أولى أن يحل (٥) ما أعطين ، من : أن يعصين الله (عز وجل) والزوج ، بالزنا.»

«قال : وأمر الله (عز وجل) ـ فى اللائي (٦) : يكرههن (٧) أزواجهن ، ولم يأتين بفاحشة. ـ : أن يعاشرن بالمعروف. وذلك : تأدية (٨) الحق ، وإجمال العشرة.»

«وقال (٩) تعالى : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ : فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً ،

__________________

(١) قال فى الأم (ص ١٧٨) : «وقيل : فى هذه الآية ، دلالة : على أنه إنما حرم عليه حبسها ـ مع منعها الحق ـ : ليرثها ، أو يذهب ببعض ما آتاها.».

(٢) زيادة عن الأم : متعينة ، ويتوقف عليها ربط الكلام الآتي.

(٣) فى الأم : «ببعض» والظاهر أن الزيادة من الناسخ أو الطابع.

(٤) فى الأم : «تكن». ولا فرق.

(٥) فى الأم : «تحل». ولا فرق أيضا.

(٦) فى الأم : «اللاتي».

(٧) كذا بالأم. وفي الأصل : «يكرهن» ؛ وهو خطأ وتحريف. ويؤكد ذلك قوله فى الأم (ج ٥ ص ١٧٨) : «وقيل : لا بأس بأن يحبسها كارها لها : إذا أدى حق الله فيها ؛ لقول الله عز وجل : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ؛ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ)» الآية.

(٨) فى الأم : «بتأدية» ؛ والمؤدى واحد.

(٩) كذا بالأم ؛ وهو الظاهر. وفى الأصل : «قال». ولعل الحذف من الناسخ.

٢١٤

وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً : ٤ ـ ١٩)

«فأباح عشرتهن ـ على الكراهية ـ : بالمعروف ؛ وأخبر : أن الله (عز وجل) قد يجعل فى الكره خيرا كثيرا.»

«والخير الكثير : الأجر فى الصبر ، وتأدية الحق إلى من يكره ، أو التطوّل عليه.»

«وقد يغتبط ـ : وهو كاره لها. ـ : بأخلاقها ، ودينها ، وكفاءتها (١) ، وبذلها ، وميراث : إن كان لها. وتصرف حالاته إلى الكراهية لها ، بعد الغبطة [بها (٢)].».

وذكرها (٣) فى موضع اخر (٤) ـ هو : لى مسموع عن أبى سعيد ، عن [أبى] العباس ، عن الربيع ، عن الشافعي. ـ وقال فيه :

«وقيل : «إن هذه الآية نسخت (٥) ، وفى معنى : (فَأَمْسِكُوهُنَ (٦) فِي الْبُيُوتِ ، حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ، أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً : ٤ ـ ١٥) نسخت (٧) بآية الحدود (٨) : فلم يكن على امرأة ، حبس : يمنع (٩) [به (١٠)]

__________________

(١) كذا بالأم ؛ وفى الأصل : «كفايتها». ولعله محرف أو أن الهمزة سهلت.

(٢) زيادة حسنة عن الأم.

(٣) أي : آية العضل السابقة كلها

(٤) من الأم (ج ٥ ص ١٧٨ ـ ١٧٩).

(٥) فى الأم (ص ١٧٩) : «منسوخة».

(٦) ذكر فى الأم الآية من أولها.

(٧) فى الأم : «فنسخت».

(٨) الآية الثانية من سورة النور. وقد ذكرها فى الأم ، وذكر من السنة : ما سياتى فى أول الحدود. فراجعه ، وراجع الأم (ج ٧ ص ٧٥ ـ ٧٦) ، والرسالة (ص ١٢٨ ـ ١٢٩ و ٢٤٦ ـ ٢٤٧).

(٩) كذا بالأم. وفى الأصل : «بمنع» ؛ وهو خطأ وتحريف.

(١٠) زيادة حسنة عن الأم.

٢١٥

حقّ الزوجة على الزوج ؛ وكان عليها الحدّ.».

وأطال الكلام فيه (١) ؛ وإنما أراد : نسخ الحبس على منع حقها : إذا أتت بفاحشة ؛ والله أعلم.

* * *

(أنا) أبو سعيد محمد بن موسى ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي (رحمه الله) ، قال (٢) : «قال الله عز وجل : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ؛ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً : فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٣) : ٤ ـ ٤)

«فكان فى [هذه (٤)] الآية : إباحة أكله : إذا طابت به (٥) نفسا ؛ ودليل : على أنها إذا لم تطب به نفسا : لم يحل أكله.»

«[وقد] (٦) قال الله عز وجل : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ ، وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً (٧) ـ : فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً ؛ [أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٨)؟!] : ٤ ـ ٢٠)

__________________

(١) انظر الأم (ج ٥ ص ١٧٩).

(٢) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٧٨).

(٣) راجع ما تقدم (ص ١٣٩ ـ ١٤٠) ، والأم (ج ٣ ص ١٩٢ ـ ١٩٣).

(٤) زيادة حسنة ، عن الأم.

(٥) فى الأم : «نفسها».

(٦) هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون كلها أو بعضها متعينا ؛ فتامل.

(٧) انظر فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٢٣٣) : ما ورد فى تفسير القنطار.

(٨) زيادة حسنة ، عن الأم.

٢١٦

«وهذه الآية : فى معنى الآية التي [كتبنا (١)] قبلها. فإذا (٢) أراد الرجل الاستبدال بزوجته ، ولم ترد هى فرقته ـ : لم يكن له أن يأخذ من مالها شيئا ـ : بأن يستكرهها عليه. ـ ولا أن يطلّقها : لتعطيه فدية منه.». وأطال الكلام فيه (٣).

قال الشافعي (٤) (رحمه الله) : «قال الله عز وجل : (وَلا (٥) يَحِلُّ لَكُمْ : أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ؛ إِلَّا : أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ ؛ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ : فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ : ٢ ـ ٢٢٩)

«فقيل (٦) (والله أعلم) : أن تكون المرأة تكره الرجل : حتى تخاف أن لا تقيم (٧) حدود الله ـ : بأداء ما يجب عليها له ، أو أكثره ، إليه (٨). ويكون الزوج غير مانع (٩) لها ما يجب عليه ، أو أكثره.»

«فإذا كان هذا : حلت الفدية للزوج ؛ وإذا لم يقم أحدهما حدود الله : فليسا معا مقيمين حدود الله (١٠)

__________________

(١) الزيادة عن الأم لدفع الإيهام.

(٢) فى الأم : «وإذا». وما فى الأصل أحسن.

(٣) انظر الأم (ج ٥ ص ١٧٨).

(٤) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٧٩).

(٥) ذكر فى الأم ، الآية من أولها.

(٦) فى الأصل : «فقيد» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.

(٧) كذا بالأم. وفى الأصل : «يقيم». وهو خطأ وتحريف.

(٨) فى الأصل : «أو أكثر وإليه» ؛ وهو تحريف. والتصحيح عن الأم.

(٩) كذا بالأم : وفى الأصل : «دافع» ؛ وهو تحريف يخل بالمعنى المراد ، ويعطى عكسه.

(١٠) أي : فيصدق بهذا ، كما يصدق بعدم إقامة كل منهما الحدود.

٢١٧

«وقيل (١) : و [هكذا قول الله عز وجل : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢).] : إذا حل ذلك للزوج : [فليس بحرام على المرأة ؛ والمرأة فى كل حال : لا يحرم عليها ما أعطت من مالها. وإذا حل له (٣)] ولم يحرم عليها : فلا جناح عليهما معا. وهذا كلام صحيح». وأطال الكلام فى شرحه (٤) ؛ ثم قال (٥) :

«وقيل (٦) : أن تمتنع المرأة من أداء الحق ، فتخاف على الزوج : أن لا يؤدّى الحقّ ؛ إذا منعته حقا. فتحل الفدية.»

«وجماع ذلك : أن تكون المرأة : المانعة لبعض ما يجب عليها له ، المفتدية (٧) : تحرّجا من أن لا تؤدى حقّه ، أو كراهية له (٨). فإذا كان هكذا : حلت الفدية للزوج (٩).».

* * *

__________________

(١) كذا بالأم. وفى الأصل : «قال» ؛ وهو تحريف ، أو أن ما أثبتناه ساقط من الأصل بدليل قوله فيما بعد : وهذا كلام صحيح.

(٢) هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون أكثرها متعينا. وعلى كل فالكلام قد اتضح بها وظهر.

(٣) هذه الزيادة عن الأم ؛ وقد يكون أكثرها متعينا. وعلى كل فالكلام قد اتضح بها وظهر.

(٤) انظر الأم (ج ٥ ص ١٧٩).

(٥) ص ١٧٩.

(٦) كذا بالأم. وفى الأصل : «وقل». وهو تحريف.

(٧) فى الأصل : «الفذية» ؛ وهو خطأ وتحريف. والتصحيح عن الأم.

(٨) كذا بالأم. وعبارة الأصل : «أو كراهيته» ؛ وهى محرفة.

(٩) راجع فى هذا المقام ، السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣١٢ ـ ٣١٥).

٢١٨

 «ما يؤثر عنه فى الخلع ، والطّلاق ، والرّجعة»

قرأت فى كتاب أبى الحسن العاصمىّ :

«(أخبرنا) عبد الرحمن بن العباس الشافعىّ ـ قرأت عليه بمصر ـ قال : سمعت يحيى بن زكريا ، يقول : قرأ علىّ يونس : قال الشافعي ـ : فى الرجل : يحلف بطلاق المرأة ، قبل أن ينكحها (١). ـ قال : «لا شىء عليه ؛ لأنى رأيت الله (عز وجل) ذكر الطلاق بعد النكاح.» ؛ وقرأ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ : ٣٣ ـ ٤٩) (٢).».

__________________

(١) راجع شيئا من تفصيل ذلك ، فى كتاب : (اختلاف أبى حنيفة وابن أبى ليلى) ؛ الملحق بالأم (ج ٧ ص ١٤٧ و ١٤٩). ومن الغريب المؤسف : أن يطبع هذا الكتاب بالقاهرة : خاليا من تعقيبات الشافعي النفيسة ؛ ولا يشار إلى أنه قد طبع مع الأم. ومثل هذا قد حدث فى كتاب : (سير الأوزاعى).

(٢) قال الشافعي (كما فى المختصر : ج ٤ ص ٥٦) : «ولو قال : كل امرأة أتزوجها طالق ، أو امرأة بعينها ؛ أو لعبد : إن ملكتك فأنت حر. ـ فتزوج ، أو ملك ـ : لم يلزمه شىء ؛ لأن الكلام ـ الذي له الحكم ـ كان : وهو غير مالك ؛ فبطل.». وقال المزني : «ولو قال لامرأة لا يملكها : أنت طالق الساعة ؛ لم تطلق. فهى ـ بعد مدة ـ : أبعد ؛ فإذا لم يعمل القوى : فالضعيف أولى أن لا يعمل.» ؛ ثم قال (ص ٥٧) : «وأجمعوا : أنه لا سبيل إلى طلاق من لم يملك ؛ للسنة المجمع عليها. فهى ـ من أن تطلق ببدعة ، أو على صفة ـ : أبعد.» ا هـ.

هذا ؛ وقد ذكر الشافعي فى بحث من يقع عليه الطلاق من النساء (كما فى الأم : ج ٥ ص ٢٣٢) : أنه لا يعلم مخالفا فى أن أحكام الله تعالى ـ فى الطلاق والظهار والإيلاء ـ لا تقع إلا على زوجة : ثابتة النكاح ، يحل للزوج جماعها. ومراده : إمكان ثبوت نكاحها ، وصحة العقد عليها. ليكون كلامه متفقا مع اعترافه بخلاف أبى حنيفة وابن أبى ليلى فى أصل المسألة ، فتامل.

٢١٩

قال الشيخ : وقد روينا عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه احتج في ذلك (أيضا) : بهذه الآية (١).

* * *

(أنا) أبو سعيد ، نا أبو العباس ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، قال (٢) : «قال الله تبارك وتعالى : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ : ٦٥ ـ ١). قال : وقرئت (٣) : (لقبل عدّتهنّ (٤)) ؛ وهما لا يختلفان فى معنى (٥).». وروى [ذلك (٦)] عن ابن عمر رضي الله عنه.

قال الشافعي (رحمه الله) : «(٧) وطلاق السّنّة ـ فى المرأة : المدخول

__________________

(١) راجع فى السنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٢٠ ـ ٣٢١) : أثر ابن عباس ، وغيره : من الأحاديث والآثار التي تؤيد ذلك. وانظر ما علق به صاحب الجوهر النقي ، على أثر ابن عباس ؛ وتأمله.

(٢) كما فى الأم (ج ٥ ص ١٦٢).

(٣) فى المختصر (ج ٤ ص ٦٨) : «وقد قرئت».

(٤) أو : (فى قبل عدتهن) ؛ على شك الشافعي فى الرواية. كما فى الأم (ج ٥ ص ١٦٢ و ١٩١).

(٥) كذا بالأصل والأم ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٢٣). وعبارة المختصر : «والمعنى واحد».

(٦) الظاهر تعين مثل هذه الزيادة ؛ أي : روى الشافعي القراءة بهذا الحرف عنه. وقد روى أيضا : عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وابن عباس ، ومجاهد. انظر الأم ، والسنن الكبرى (ج ٧ ص ٣٢٣ و ٣٢٧ و ٣٣١ ـ ٣٣٢ و ٣٣٧)

(٧) قال فى الأم (ج ٥ ص ١٦٢ ـ ١٦٣) : «فبين (والله أعلم) فى كتاب الله (عز وجل) ـ بدلالة سنة النبي صلي الله عليه وسلم ـ : أن طلاق السنة [ما فى الأم : أن القرآن والسنة. وهو محرف قطعا] ـ فى المرأة المدخول بها التي تحيض ، دون من سواها :

٢٢٠