منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

على الأظهر ، نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمنى ببلل اليد اليسرى الناشئ من الاستمرار في غسل اليسرى بعد الانتهاء من غسلها ، أما احتياطاً ، أو للعادة الجارية.

مسألة ٩٣ : لو جف ما على اليد من البلل لعذر ، أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه دون غيرها على الأحوط ، وإن كان الأظهر جواز الأخذ من المسترسل أيضاً ، إلا ما خرج عن المعتاد.

مسألة ٩٤ : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالأحوط ـ استحباباً ـ الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم ، والأظهر جواز الاكتفاء بالأول.

مسألة ٩٥ : لا يجوز المسح على العمامة ، والقناع ، أو غيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.

الرابع : يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين ، والكعب هو : المفصل بين الساق والقدم على الأظهر. والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى ، وإن كان الأظهر جواز مسحهما معا ، كما أن الأحوط أن يكون مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى وإن كان لا يبعد جواز مسح كليهما بكل منهما. وحكم العضوالمقطوع من الممسوح حكم العضوالمقطوع من المغسول ، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس ، وحكم البلة وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.

مسألة ٩٦ : لا يجب المسح على خصوص البشرة ، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً إذا عد من توابع البشرة بأن لم يكن خارجاً عن المتعارف ، وإلا وجب المسح على البشرة.

مسألة ٩٧ : لا يجزي المسح على الحائل ـ كالخف ـ لغير ضرورة ، أو تقية ، بل يشكل الاجتزاء به مع الضرورة أيضاً فلا يترك الاحتياط حينئذٍ

٤١

بضم التيمم ، نعم لا يبعد الاجتزاء مع التقية وإن كان الاحتياط في محله.

مسألة ٩٨ : لو دار الأمر بين المسح على الخف والغسل للرجلين للتقية ، اختار الثاني إذا كان متضمناً للمسح ولو بماء جديد ، وأما مع دوران الأمر بين الغسل بلا مسح وبين المسح على الحائل فلا يبعد التخيير بينهما.

مسألة ٩٩ : يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية على الأقوى ، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم المخالفة لم تشرع التقية ، بل يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية وزمانها أيضاً ، ولا يترك الاحتياط ببذل المال لرفع الاضطرار وإن كان عن تقية ما لم يستلزم الحرج.

مسألة ١٠٠ : إذا زال السبب المسوغ لغسل الرجلين أوالمسح على الحائل من تقية أو ضرورة ولم يمكن إكمال الوضوء على الوجه الصحيح شرعاً لفوات الموالاة مثلاً فالأقوى وجوب إعادته.

مسألة ١٠١ : لو توضأ على خلاف التقية فلا يبعد عدم وجوب الإعادة.

مسألة ١٠٢ : يجوز في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح إلى الكعبين بالتدريج ، ويجوز أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرها قليلاً بمقدار صدق المسح ، بل يجوز النكس على الوجهين بأن يبتدئ من الكعبين وينتهي بأطراف الأصابع.

الفصل الثاني

أحكام الجبائر

من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة ـ لكسر أو قرح أو جرح ـ فإن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء وجب ، ولا يلزم في

٤٢

الصورة الثانية أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل على الأقرب ، وإن لم يتمكن من الغسل ـ بأن كان ضررياً أو حرجياً ولومن جهة كون النزع كذلك ـ اجتزأ بالمسح على الجبيرة ، ولا يجزيه غسل ما حولها ولا غسلها عن مسحها على الأحوط ، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة ، كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها ، هذا إذا كانت الجبيرة في بعض مواضع الغسل ، وأما إذا كانت في بعض مواضع المسح فمع عدم إمكان نزعها والمسح على البشرة يتعين المسح عليه بلا إشكال.

مسألة ١٠٣ : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم. وأما الجروح والقروح المكشوفة فإن كانت في أحد مواضع الغسل وجب غسل ما حولها ، والأحوط ـ استحباباً ـ المسح عليها إن أمكن ، ولا يجب وضع خرقة عليها ومسحها ، وإن كان ذلك أحوط استحبابا.

وأما الكسر المكشوف في مواضع الغسل أوالمسح فالمتعين فيه التيمم كما هوالمتعين في القروح والجروح المكشوفة في مواضع المسح.

مسألة ١٠٤ : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي ولو كان عن ألم أو ورم أو نحوهما يجري عليها حكم الجبيرة. وأما الحاجب اللاصق اتفاقاً ـ كالقير ونحوه ـ فإن أمكن رفعه وجب ، وإلا وجب التيمم إن لم يكن الحاجب في مواضعه ، وإلا جمع بين الوضوء والتيمم.

مسألة ١٠٥ : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة على الموضع في موارد الجرح أو القرح أو الكسر ، وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو ـ لألم ، أو ورم ، ونحو ذلك ـ فلا يجزئ المسح عليها بل يجب التيمم إن لم يمكن غسل المحل لضرر ونحوه.

وإذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو ـ كما إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين أو الرجلين مجبراً ـ جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على

٤٣

الأظهر ، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء أو معظمها فالأحوط الجمع بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.

وأما الجبيرة النجسة التي لا يصلح أن يمسح عليها فإن أمكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزءً منها وجب ذلك ، فيمسح عليها ويغسل أطرافها ، وإن لم يمكن اكتفى بغسل أطرافها.

هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف.

وأما لو زادت عليه فإن أمكن رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليه الجبيرة الطاهرة ، أو طهرها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم أن لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بين الوضوء والتيمم.

مسألة ١٠٦ : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء ، ولكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل إذا كان قرحاً أو جرحاً ـ سواء أ كان المحل مجبوراً أم مكشوفاً ـ تخير المكلف بين الغسل والتيمم ، وإذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفا فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها ، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه. وأما إذا كان المانع كسراً فإن كان محل الكسر مجبوراً تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة ، وأما إذا كان المحل مكشوفا ، أو لم يتمكن من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.

مسألة ١٠٧ : لو كانت الجبيرة على العضوالماسح مسح ببلتها ، والأحوط الأولى فيما إذا لم تكن مستوعبة له أن يمسح بغير موضع الجبيرة.

مسألة ١٠٨ : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم ، وإن أمكن غسل ما حول العين فالأحوط ـ وجوباً ـ له الجمع بين الوضوء والتيمم.هذا إذا لم تكن العين مستورة بالدواء وإلا فيلزمه الوضوء جبيرة.

٤٤

مسألة ١٠٩ : إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوؤه ، سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده ، قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها ، ولا تجب عليه إعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية ، وكذلك الحال لو برئ في السعة بعد إتمام الوضوء على الأظهر دون ما إذا برئ في أثنائه.

مسألة ١١٠ : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أوالمسح في فواصلها.

مسألة ١١١ : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة ، فإن كان بالمقدار المتعارف مسح عليها ، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح ، وإن لم يتمكن من رفعه ـ أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه ـ سقط الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا جمع بينه وبين الوضوء. ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم أو مسحه يستلزم ضرراً على نفس الموضع المصاب فالأظهر عدم سقوط الوضوء ووجوب المسح على الجبيرة.

مسألة ١١٢ : تقدم في المسألة ١٠٣ أنه يجزي في الجرح المكشوف غسل ما حوله ولا يجب وضع طاهر عليه ومسحه وإن كان ذلك أحوط ، فإذا أراد الاحتياط وتمكن من وضع ما لا يزيد على الجرح بحيث لا يستر بعض الأطراف التي يجب غسلها تعين ذلك وإلا وجب أولاً أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثم يضعه ويمسح عليه.

مسألة ١١٣ : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها ، وأما إن كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه ، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.

٤٥

مسألة ١١٤ : إذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء ، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه ، فالمتعين التيمم. وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحوه في جزء من مواضع الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقا دون أن يكون مما يستلزمه عادة ـ كما إذا كان الجرح في إصبعه واتفق أنه يتضرر بغسل الذراع ـ فإنه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضا.

مسألة ١١٥ : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح ، أو نحوه حدث باختياره ـ على وجه العصيان أو غيره ـ وبين أن لا يكون كذلك.

مسألة ١١٦ : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً ، لا يضره نجاسة باطنها.

مسألة ١١٧ : محل الفصد داخل في الجروح ، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على الوصلة التي عليه ، إن لم تكن أزيد من المتعارف ، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها. وأما إذا لم يمكن غسل المحل ـ لا من جهة الضرر ، بل لأمر آخر ، كعدم انقطاع الدم مثلا ـ فلا بد من التيمم ، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.

مسألة ١١٨ : إذا كان ما على الجرح من الجبيرة مغصوباً لا يجوز المسح عليه ، ولو مسح لم يصح وضوؤه على الأحوط. وإن كان ظاهره مباحا ، وباطنه مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر تصرفاً فيه فلا يضر ، وإلا لزم رفعه وتبديله ، أو استرضاء مالكه ، وإن لم يتمكن منهما فالأحوط الجمع بين الوضوء بالاقتصار على غسل أطرافه وبين التيمم.

مسألة ١١٩ : لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه ، فلو كانت حريراً ، أو ذهباً ، أو جزء حيوان غير مأكول ، لم يضر بوضوئه ، فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها ، أو غصبيته على ما مر.

مسألة ١٢٠ : ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة وإن

٤٦

احتمل البرء ، وإذا زال الخوف وجب رفعها.

مسألة ١٢١ : إذا أمكن رفع الجبيرة ، وغسل المحل لكن كان موجباً لفوات الوقت ، فالأظهر العدول إلى التيمم.

مسألة ١٢٢ : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم ، وصار كالشيء الواحد ، ولم يمكن رفعه بعد البرء ـ بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم ـ فلا يجري عليه حكم الجبيرة ، بل تنتقل الوظيفة إلى التيمم.

مسألة ١٢٣ : إذا كان العضو صحيحاً لكن كان نجساً ، ولم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح ، بل يتعين التيمم.

مسألة ١٢٤ : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة إن كانت على النحوالمتعارف ، كما أنه لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع عدم الحاجة ، إلا أن يحسب جزءاً منها بعد الوضع.

مسألة ١٢٥ : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث ، وكذلك الغسل.

مسألة ١٢٦ : يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت ولا يجب عليه إعادتها ، وإن ارتفع عذره في الوقت على الأظهر.

مسألة ١٢٧ : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة ـ لاعتقاده الكسر مثلا ـ فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع ، لم يصح الوضوء ولا الغسل. وأما إذا تحقق الكسر فجبره ، واعتقد الضرر في غسله فمسح على الجبيرة ، ثم تبين عدم الضرر ، فالظاهر صحة وضوئه وغسله. وا ذا اعتقد عدم الضرر فغسل ، ثم تبين أنه كان مضراً ، وكان وظيفته الجبيرة ففي الصحة إشكال ، وكذا الحال فيما لو اعتقد الضرر ، ولكن ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ، ثم تبين عدم الضرر وأن وظيفته غسل البشرة.

مسألة ١٢٨ : في كل مورد يعلم إجمالا أن وظيفته الوضوء الجبيري أو

٤٧

التيممم ولا يتيسر له تعيينها يجب عليه الجمع بينهما.

الفصل الثالث

شرائط الوضوء

وهي أمور :

منها : طهارة الماء ، وإطلاقه. وكذا عدم استعماله في رفع الحدث الأكبر على الأحوط استحباباً ، على ما تقدم. وفي اعتبار نظافته ـ بمعنى عدم تغيره بالقذارات العرفية كالميتة الطاهرة وأبوال الدواب والقيح ـ قول وهو أحوط.

ومنها : طهارة أعضاء الوضوء.

ومنها : إباحة الماء ، والأظهر عدم اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه الوضوء ، ولا إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به ، بل مع الانحصار أيضا ، وإن كانت الوظيفة مع الانحصار التيمم لكنه لو خالف وتوضأ بماء مباح من إناء مغصوب أثم وصح وضوؤه ، من دون فرق بين الاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ـ والصب منه والارتماس فيه على الأظهر. كما أن الأظهر أن حكم المصب ـ إذا كان وضع الماء على العضو مقدمة للوصول إليه ـ حكم الإناء مع الانحصار وعدمه.

مسألة ١٢٩ : يكفي طهارة كل عضو حين غسله ، ولا يلزم أن تكون جميع الأعضاء ـ قبل الشروع ـ طاهرة ، فلو كانت نجسة وغسل كل عضو بعد تطهيره ، أو طهره بغسل الوضوء ـ فيما يكون الماء عاصماً ـ كفى ، ولا يضر تنجس عضو بعد غسله ، وإن لم يتم الوضوء.

مسألة ١٣٠ : إذا توضأ من إناء الذهب ، أو الفضة ، بالاغتراف منه ـ دفعة ، أو تدريجاً ، أو بالصب منه ، أو الارتماس فيه ـ فالأظهر صحة وضوئه ،

٤٨

من دون فرق بين صورة الانحصار وعدمه.

ومنها : عدم المانع من استعمال الماء لمرض يتضرر معه باستعماله. وأما في موارد سائر مسوغات التيمم فالأظهر صحة الوضوء ، حتى فيما إذا خاف العطش على نفسه أوعلى نفس محترمة.

مسألة ١٣١ : إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء ، فإن تمشى منه قصد القربة ـ كأن قصد الكون على الطهارة ـ صح وضوؤه وإن كان عالماً بضيق الوقت.

مسألة ١٣٢ : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف ، أو النجس ، أومع الحائل ، بين صورة العلم ، والعمد ، والجهل ، والنسيان. وكذلك الحال إذا كان استعمال الماء مضراً ، فإنه يحكم ببطلان الوضوء به حتى مع الجهل. وأما إذا كان الماء مغصوباً فيختص البطلان بصورة العلم والعمد فلو توضأ به نسيانا أو جهلاً فانكشف له الحال بعد الفراغ صح وضوؤه إذا لم يكن هو الغاصب ، وأما الغاصب فلا يصح منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسياً على الأحوط.

مسألة ١٣٣ : إذا توضأ غير الغاصب بالماء المغصوب والتفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء ، صح ما مضى من أجزائه ، ويجب تحصيل الماء المباح للباقي. ولكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات وقبل المسح ، فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلومن قوة ، وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ إعادة الوضوء.

مسألة ١٣٤ : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف ويجري عليه حكم الغصب ، فلا بد من العلم بإذن المالك ، ولو بالفحوى أو شاهد الحال. نعم مع سبق رضاه بتصرف معين ـ ولو لعموم استغراقي بالرضا بجميع التصرفات ـ يجوز البناء على استمراره عند الشك إلى أن يثبت

٤٩

خلافه.

مسألة ١٣٥ : يجوز الوضوء والشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة ، سواء أ كانت قنوات ، أو منشقة من شط ، وإن لم يعلم رضا المالكين ، بل وإن علم كراهتهم أو كان فيهم الصغار أوالمجانين ، وكذلك الحال في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً فإنه يجوز الوضوء والجلوس والصلاة والنوم ونحوها فيها ، ولا يناط ذلك برضا مالكيها. نعم في غيرها من الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب الأحوط لزوماً الاجتناب عن التصرف فيها بمثل ما ذكر إذا ظن كراهة المالك أو كان قاصراً.

مسألة ١٣٦ : الحياض الواقعة في المساجد والمدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها ، أو الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها ، إلا مع جريان العادة بوضوء صنف خاص أوكل من يريد ، مع عدم منع أحد ، فإنه يجوز الوضوء للغير حينئذ إذا كشفت العادة عن عموم الإذن.

مسألة ١٣٧ : إذا علم أو احتمل أن حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر. ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر ، فالأظهر صحة وضوئه ، وكذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد ، ولكنه لم يتمكن وكان يحتمل أنه لا يتمكن ، وكذا إذا كان قاطعاً بالتمكن ، ثم انكشف عدمه ، وكذلك يصح لو توضأ غفلة ، أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلي فيه ، وإن كان هو الأحوط استحبابا.

مسألة ١٣٨ : إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته ، صح وضوؤه. وكذا إذا دخل عصيانا وخرج وتوضأ في حال الخروج ، فإنه يصح وضوؤه أيضا على الأظهر.

٥٠

ومنها : النية ، وهي أن يقصد الفعل متعبداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذللية ، ويكفي في ذلك أن يكون الباعث إلى القصد المذكور أمر الله تعالى ، من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه ، أو رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب. ويعتبر فيها الإخلاص فلو ضم إليها الرياء بطل ، ولو ضم إليها غيره من الضمائم الراجحة ، كالتنظيف من الوسخ ، أوالمباحة كالتبريد ، فإن كانت الضميمة تابعة ، أو قصد بها القربة أيضاً لم تقدح ، وفي غير ذلك تقدح. والأظهر عدم قدح العجب المقارن ، إلا إذا كان منافيا لقصد القربة ، كما إذا وصل إلى حد الإدلال بأن يمن على الرب تعالى بالعمل.

مسألة ١٣٩ : لا تعتبر نية الوجوب ، ولا الندب ، ولا غيرهما من الصفات والغايات الخاصة. ولو نوى الوجوب في موضع الندب ، أو العكس ـ جهلاً أو نسيانا ـ صح. وكذا الحال إذا نوى التجديد وهو محدث أو نوى الرفع وهو متطهر.

مسألة ١٤٠ : لا بد من استمرار النية بمعنى صدور تمام الأجزاء عن النية المذكورة ولو بالعود إلى النية الأولى بعد التردد قبل فوات الموالاة مع إعادة ما أتى به بلا نية.

مسألة ١٤١ : لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد ، ولو اجتمعت عليه أغسال متعددة أجزأ غسل واحد بقصد الجميع وكذا لو قصد الجنابة فقط ولو قصد غير الجنابة فلا إشكال في إجزائه عما قصده وفي إجزائه عن غيره كلام والأظهر هو الإجزاء ، نعم في إجزاء أي غسل عن غسل الجمعة من دون قصده ولو إجمالاً إشكال ، ولو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع تفصيلاً ولا واحد بعينه فالظاهر الصحة ، إذ يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً ، ثم أن ما ذكر من إجزاء غسل واحد عن أغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة ـ مكانية أو زمانية أو لغاية أخرى ـ ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض الأفعال كمس الميت بعد غسله مع تعدد

٥١

السبب نوعاً لا يخلو عن إشكال.

ومنها : مباشرة المتوضئ للغسل والمسح ، فلو وضأه غيره أو شاركه فيه بطل. نعم إذا لم يتمكن من المباشرة إلا مع الاستعانة بغيره بأن يشاركه في الغسل أوالمسح جاز ذلك وهو الذي يتولى النية حينئذ ، وإن لم يتمكن من المباشرة ولوعلى هذا النحو طلب من غيره أن يوضأه ، والأحوط حينئذ أن يتولى النية كل منهما.

ومنها : الموالاة ، وهي التتابع العرفي في الغسل والمسح ، ويكفي في الحالات الطارئة ـ كنفاد الماء وطرو الحاجة والنسيان ـ أن يكون الشروع في غسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن تجف الأعضاء السابقة عليه فإذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء ، ولا بأس بالجفاف من جهة الحر والريح أو التجفيف إذا كان الموالاة العرفية متحققة.

مسألة ١٤٢ : الأحوط ـ وجوباً ـ عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن المعتاد.

ومنها : الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس ثم الرجلين. والأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى وإن كان الأظهر جواز مسحهما معا ولا يجب الترتيب بين اجزاء كل عضو ، نعم يجب مراعاة ان يكون الغسل من الاعلى فالأعلى على ما تقدم ..

ولو عكس الترتيب بين الأعضاء سهواً أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة ، والا استأنف ، وكذا لو عكس عمداً ، إلا أن يكون قد أتى بالجميع عن غير الأمر الشرعي فيستأنف.

٥٢

الفصل الرابع

أحكام الخلل

مسألة ١٤٣ : من تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر ، وكذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً. ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على الطهارة ، وإن ظن الحدث ظناً غير معتبر شرعاً. وتستثنى من ذلك صورة واحد ستأتي في المسألة (١٥٧).

مسألة ١٤٤ : إذا تيقن الحدث والطهارة وشك في المتقدم والمتأخر تطهر ، سواء علم تاريخ الطهارة ، أو علم تاريخ الحدث ، أو جهل تاريخهما جميعا.

مسألة ١٤٥ : إذا شك في الطهارة بعد الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بنى على صحة العمل وتطهر لما يأتي ، حتى فيما إذا تقدم منشأ الشك على العمل ، بحيث لو التفت إليه قبل العمل لشك ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضي حال الغفلة.

مسألة ١٤٦ : إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة ـ مثلاً ـ قطعها وتطهر ، واستأنف الصلاة.

مسألة ١٤٧ : لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسحه أتى به وبما بعده ، مراعيا للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط ، وكذا لو شك في الإتيان بفعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه ، وأما لو شك في ذلك بعد الفراغ أو شك في تحقق شرط بعض الأفعال بعد الفراغ من ذلك الفعل لم يلتفت ، وإذا شك في الإتيان بالجزء الأخير فإن كان ذلك مع تحقق الفراغ العرفي ـ كما لو شك بعد الدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات

٥٣

الموالاة ـ لم يلتفت ، والا أتى به.

مسألة ١٤٨ : ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك فيما إذا كان الشك أثناء الوضوء ، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب أو قبله ، ولكنه يختص بغير كثير الشك ، وأما هو فلا يعتني بشكه مطلقا.

مسألة ١٤٩ : إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي شكه وصلى ، فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فتجب عليه الإعادة إن تذكر في الوقت ، والقضاء إن تذكر بعده.

مسألة ١٥٠ : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلى ، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين ولم يعلم أيهما ، فلا إشكال في صحة صلاته ، ولا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً ..

مسألة ١٥١ : إذا توضأ وضوءين وصلى بعدهما ، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما ، يجب الوضوء للصلاة الآتية ، وأما الصلاة فيبني على صحتها ، وإذا كان في محل الفرض قد صلى بعد كل وضوء صلاة ، أعاد الوضوء كما يعيد الصلاتين إن مضى أو بقى وقتهما معا ، أما إذا بقي وقت إحداهما فقط فالأظهر أنه لا يجب حينئذ إلا إعادتها كما إذا صلى صلاتين أدائيتين ومضى وقت إحداهما دون الأخرى ، أو صلى صلاة قضائية وأخرى أدائية ومضى وقت الثانية ، هذا مع اختلافهما في العدد ، والا فيكتفي بإتيان صلاة واحدة بقصد ما في الذمة مطلقا.

مسألة ١٥٢ : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنه ترك جزءاً منه ولا يدري أنه الجزء الواجب أوالمستحب ، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

مسألة ١٥٣ : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح على الحائل ، أو مسح في موضع الغسل ، أو غسل في موضع المسح ، ولكن شك في أنه

٥٤

هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة ، أو تقية أولا بل كان على غير الوجه الشرعي فالأظهر عدم وجوب الإعادة.

مسألة ١٥٤ : إذا تيقن أنه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ولكن شك في أنه أتمه على الوجه الصحيح أولا ، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً ، فالأظهر صحة وضوئه مع إحراز إيجاد مسمى الوضوء الجامع بين الصحيح والفاسد ، وكون الشك بعد تحقق الفراغ العرفي بالدخول في عمل آخر كالصلاة أو بعد فوات الموالاة.

مسألة ١٥٥ : إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب ، أو شك في حاجبيته كالخاتم ، أو علم بوجوده ولكن شك بعده في أنه أزاله ، أوإنه وصل الماء تحته ، بنى على الصحة. وكذا إذا علم بوجود الحاجب ، وشك في أن الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

مسألة ١٥٦ : إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ وشك ـ بعده ـ في أنه طهرها ثم توضأ أم لا ، بنى على بقاء النجاسة إذا لم يكن الغسل الوضوئي كافيا في تطهيره ، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأما الوضوء فمحكوم بالصحة ، وكذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك ـ بعد الوضوء ـ في أنه طهره قبله أم لا ، فإنه يحكم بصحة وضوئه ، وبقاء الماء نجسا ، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه.

الفصل الخامس

نواقض الوضوء

يحصل الحدث بأمور :

الأول والثاني : خروج البول والغائط ، سواء أ كان خروجهما من الموضع الأصلي ـ للنوع أو لفرد شاذ الخلقة من هذه الجهة ـ أم من غيره مع

٥٥

انسداد الموضع الأصلي ، وأما مع عدم انسداده فلا يكون ناقضاً إلا إذا كان معتاداً له أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة ، وإن كان الأحوط الانتقاض به مطلقا. والبلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهراً.

الثالث : خروج الريح من مخرج الغائط ـ المتقدم بيانه ـ إذا صدق عليها أحد الإسمين المعروفين ، ولا عبرة بما يخرج من القبل ولومع الاعتياد.

الرابع : النوم الغالب على العقل ، ويعرف بغلبته على السمع من غير فرق بين أن يكون قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً. ومثله كل ما غلب على العقل من جنون ، أو إغماء ، أو سكر ، أو غير ذلك ، دون البهت ونحوه.

الخامس : الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ١٥٧ : إذا شك في طرو أحد النواقض بنى على العدم ، وكذا إذا شك في أن الخارج بول ، أو مذي ، فإنه يبني على عدم كونه بولاً ، إلا أن يكون قبل الاستبراء ، فيحكم بأنه بول ، فإن كان متوضئاً انتقض وضوؤه.

مسألة ١٥٨ : إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء ، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه.

مسألة ١٥٩ : لا ينتقض الوضوء بخروج المذي ، أو الودي ، أو الوذي ، والأول ما يخرج بعد الملاعبة ، والثاني ما يخرج بعد خروج البول ، والثالث ما يخرج بعد خروج المني.

٥٦

الفصل السادس

حكم دائم الحدث

من استمر به الحدث في الجملة ـ كالمبطون ، والمسلوس ، ونحوهما ـ له أحوال ثلاث :

الأولى : أن يجد فترة من الوقت يمكنه أن يأتي فيها بالصلاة متطهراً ـ ولومع الاقتصار على واجباتها ـ ففي هذه الصورة يجب ذلك ويلزمه التأخير سواء أ كانت الفترة في أثناء الوقت أم في آخره ، نعم إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في أثنائه ولم يصل حتى مضى زمان الفترة صحت صلاته إذا عمل بوظيفته الفعلية وإن أثم بالتأخير.

الثانية : أن لا يجد فترة أصلاً أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ، ففي هذه الصورة يتوضأ ـ أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي ـ ثم يصلي ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها وهو باق على طهارته ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلي به أو نفس هذا الحدث غير مستند إلى مرضه ولو قبل حصول البرء ، وتصح منه الصلوات الأخرى أيضا الواجبة والمستحبة ، والأحوط الأولى أن يتطهر لكل صلاة وإن يبادر إليها بعد الطهارة.

الثالثة : أن تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة والأحوط في هذه الصورة تحصيل الطهارة والإتيان بالصلاة في الفترة ولكن لا يجب تجديد الطهارة إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة أو بعدها إلا أن يحدث حدثاً آخر بالتفصيل المتقدم. في الصورة الثانية ، والأحوط ولا سيما للمبطون أن يجدد الطهارة كلما فاجأه الحدث أثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيراً بحيث يكون موجباً للحرج نوعا أو لفوات الموالات المعتبرة بين أجزاء الصلاة

٥٧

ـ بسبب استغراق الحدث المفاجئ أو تجديد الطهارة أو الأمرين معا زماناً طويلاً ـ كما أن الأحوط إذا أحدث بعد الصلاة أن يجدد الطهارة لصلاة أخرى.

مسألة ١٦٠ : الأحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم على المحدث ، وإن كان الأظهر عدم وجوبه ، فيما إذا جاز له الصلاة.

مسألة ١٦١ : يجب على المسلوس والمبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه وثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه ، ولا يجب تغييره لكل صلاة ، وإن وجب ـ على الأحوط ـ تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه ، كما في غير الحالة الثانية من الحالات المتقدمة.

الفصل السابع

أحكام الوضوء

لا يجب الوضوء لنفسه ، وتتوقف صحة الصلاة ـ واجبة كانت ، أو مندوبة ـ عليه ، وكذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهوعلى الأحوط استحباباً. ومثل الصلاة الطواف الواجب ، وهوما كان جزءاً من حجة أو عمرة ، دون المندوب وإن وجب بالنذر ، نعم يستحب له.

مسألة ١٦٢ : الوضوء الرافع للحدث الأصغر لم يثبت كونه مستحباً نفسياً ، بل المستحب هو الكون على الطهارة الحاصلة بالوضوء ، فيجوز الإتيان به بقصد حصولها كما يجوز الإتيان به بقصد أي غاية من الغايات المترتبة عليها ، بل بأي داع قربي وإن كان هو الاجتناب عن محرم كمس كتابة القرآن. وأما الوضوء التجديدي للمتطهر من الحدث الأصغر فهو مستحب نفسي ولكن القدر المتيقن من استحبابه التجديد لصلاتي الصبح

٥٨

والمغرب وإن كان لا يبعد استحبابه لكل صلاة ، وأما في غير ذلك فيؤتى به رجاءً.

مسألة ١٦٣ : لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن ، حتى المد والتشديد ونحوهما ، ولا مس اسم الجلالة وسائر أسمائه وصفاته على الأحوط وجوبا ، والأحوط الأولى إلحاق أسماء الأنبياء والأوصياء وسيدة النساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين به.

مسألة ١٦٤ : لا فرق في جريان الحكم المذكور بين أنواع الخطوط حتى المهجورة منها ، ولا بين الكتابة بالمداد ، والحفر ، والتطريز ، وغيرهما ، كما لا فرق في الماس ، بين ما تحله الحياة وغيره ، نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر إذا كان الشعر غير تابع للبشرة.

مسألة ١٦٥ : المناط في الألفاظ المشتركة بين القرآن وغيره بكون المكتوب ـ بضميمة بعضه إلى بعض ـ مما يصدق عليه القرآن عرفاً والا فلا أثر له سواء أ كان الموجد قاصداً لذلك أم لا ، نعم لا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط مع طرو التفرقة عليه بعد الكتابة.

مسألة ١٦٦ : الطهارة من الحدث الأصغر قد تكون شرطاً لصحة عمل كما مر بعض أمثلته ، وقد تكون شرطاً لكماله وسيأتي بعض موارده ، وقد تكون شرطاً لجوازه كمس كتابة القرآن ـ كما تقدم ـ ويعبر عن الأعمال المشروطة بها بـ ( غايات الوضوء ) نظراً إلى جواز الإتيان به لأجلها ، وإذا وجبت إحدى هذه الغايات ولو لنذر أو شبهه يتصف الوضوء الموصل إليها بالوجوب الغيري ، وإذا استحبت يتصف بالاستحباب الغيري ، ومما تكون الطهارة شرطاً لكماله الطواف المندوب وجملة من مناسك الحج ـ غير الطواف وصلاته ـ كالوقوفين ورمي الجمار ، ومنه أيضاً صلاة الجنائز وتلاوة القرآن والدعاء وطلب الحاجة وغيرها.

٥٩

مسألة ١٦٧ : يجوز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة ولو قبل دخول وقتها على الأظهر كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة وكذا بقصد ما مر من الغايات.

مسألة ١٦٨ : سنن الوضوء على ما ذكره العلماء رضي الله عنهم : وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين ، والتسمية ، والدعاء بالمأثور ، غسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما في الإناء الذي يغترف منه ـ لحدث النوم ، أو البول مرة ، وللغائط مرتين ـ والمضمضة ، والاستنشاق ، وتثليثهما وتقديم المضمضة ، والدعاء بالمأثور عندهما ، وعند غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس ، والرجلين ، وتثنية الغسلات ، والأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطا للمسح بها ، وكذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى ، وكذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد ، ويستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى والثانية والمرأة تبدأ بالباطن فيهما ، ويكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة.

٦٠